البناء
زيلينسكي في واشنطن… وبوتين يعلن الجهوزية… وأول التحوّل في باخموت
ملف العسكريين على الطاولة: تقاعد القادة وترقيات الضباط… والمأزق نيابي حكومي
الدولار يندفع بسرعة نحو الـ 50 ألف ليرة… والحاكم يواصل ضخّ الليرات المطبوعة
فيما أنهى نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديميتري ميدفيديف زيارته إلى الصين بنجاح معلناً عن شراكة استراتيجية وتعاون عسكري واقتصادي بين روسيا والصين، بعد لقاءاته بالقيادة الصينية وعلى رأسها الرئيس الصيني شي جين بينغ، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعلن افتتاح آبار غاز جديدة في سيبيريا مخصصة لضخ الغاز إلى الصين، قبل أن يترأس اجتماعاً عسكرياً نوعياً موسعاً خصص لتقييم الأوضاع الخاصة بالحرب في أوكرانيا، وانتقال المواجهة من يد الجيش الأوكراني الى قيادة الناتو كما قال وزير الدفاع سيرغي شويغو، الذي كشف عن مشاركة 500 قمر صناعي غربي منها 70 قمراً مخصصاً للاستخبارات العسكرية في الحرب، وعن قرابة 100 مليار دولار أميركي أنفقت على السلاح من دول حلف الناتو، معلناً نهاية مراحل تموضع وجهوزية ربع مليون جندي روسي في جبهات القتال، ونقل أسلحة نوعية جديدة الى خطوط المواجهة، وتفعيل معادلات الردع النووي، بينما كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يصل إلى واشنطن ويلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أعلن عن حزمة مساعدات عسكرية بقرابة ملياري دولار إضافي مكلفاً وزير خارجيته أنتوني بلينكن بالإشراف على تحريك مليار دولار منها، وسط إشارات بالموافقة على تسليم أوكرانيا صواريخ باتريوت، التي اعتبرت موسكو دخولها الى أوكرانيا تصعيداً أميركياً يقارب إعلان حالة الحرب مهدّدة باستهدافها فور دخولها الأراضي الأوكرانية، ووفق مصادر عسكرية فإن زيارة زيلينسكي وحزمة المساعدات الأميركية الجديدة والكلام الروسي عن الجهوزية، تأتي على خلفية متغيرات نوعية كشفها الاعتراف الأوكراني عبر وزارة الدفاع ورئاسة الأركان عن انتقال زمام المبادرة في جبهات المواجهة البرية الى اليد الروسية بعدما توقفت النجاحات الأوكرانية البرية منذ ثلاثة شهور تقريباً. ومعيار هذا التحول جاء من الجبهة التي قال عنها زيلينسكي أنها الأخطر، وهي جبهة مدينة باخموت، التي تقدمت فيها القوات الروسية. وقالت المصادر العسكرية إنها تشهد حرب شوارع في وسطها.
لبنانياً، تحرك ملف العسكريين في زمن الفراغ الرئاسي والالتباسات الحكومية والشلل النيابي عن التشريع، في ظل رفض كتل كبرى لما يُعرف بـ تشريع الضرورة، والملف الساخن مكوّن من عناصر لا تحتمل التأخير وتحتاج قراراً من مجلس الوزراء، منها ترقيات الضباط، وتأجيل تسريح عدد من القادة، وفقاً لمقترح رفعه قائد الجيش العماد جوزف عون الى وزير الدفاع موريس سليم، وسط أزمة بين وزير الدفاع ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بعد رفض سليم توقيع صيغة مرسوم وصلته من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، تخصّ صرف المساعدات الاجتماعية للعسكريين، وتسجيله اعتراضاً عليها، ما استدعى رداً من ميقاتي طلب فيه من سليم «ضرورة تعجيل السير وإصدار مشروع المرسوم الموافق عليه من قبل مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 5/12/2022، وليس بالصيغة التي أعدّها وزير الدفاع، خاصةً في ضوء أهميته على مستوى إعطاء الأسلاك العسكرية على اختلافها وتنوّعها الحدّ الأدنى المتاح من حقوقها، ما يوجب جعلها بمنأى عن التجاذب السياسي في البلاد استناداً إلى حجج دستورية واهية مع ما يترتب على ذلك من مسؤوليات». وفي ملف العسكريين ما يطال تمديد مهام عدد من القادة منهم الذين يبلغون سن التقاعد خلال عام 2023، وآخرهم قائد الجيش العماد جوزف عون مطلع العام 2024، وأولهم رئيس الأركان اللواء أمين العرم الذي يبلغ سنّ التقاعد آخر العام، وكان اقتراح القانون الذي يمدّد ولاية الضباط القادة لسنتين قد تجمّد في مجلس النواب بسبب رفض كتل كبرى للتشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
مالياً، قفز الدولار الى سعر 46600 ليرة قبل أن يتراجع إلى 45500 بعد الظهر، ووفقاً لمصادر مالية تتابع سوق الصرف فإن تدفقات الليرات اللبنانية عبر شركات الوساطة لشراء الدولارات مستمرة والى تصاعد، وسط تأكيد المصرف المركزي على مواصلة العمل بالتعاميم التي تنظم الدفع عبر منصة صيرفة والتي يعتبرها عدد من الخبراء أحد أسباب ارتفاع سعر الصرف.
وخطف الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار الأضواء عن الملفات السياسية وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي الذي يبدو أنه وضع على رصيف الانتظار الدولي والإقليمي وسط غياب أي معلومات مؤكدة عن اهتمام الدول المشاركة في قمة بغداد بالملف اللبناني أو أي لقاء وحديث جماعي أو ثنائي بإجراءات تسهل انتخاب رئيس الجمهورية، ما يعني وفق مصادر سياسية أن على لبنان التعايش والتأقلم مع شغور طويل في سدة الرئاسة الأولى والاستعداد لأوضاع اقتصادية واجتماعية وربما أمنية أكثر صعوبة مطلع العام المقبل.
وانشغل اللبنانيون بمتابعة ورصد تحليق الدولار المتدرّج الى معدلات قياسية لامست ظهر أمس الـ 47 ألف ليرة للدولار الواحد. وكانت التوقعات بأن يبلغ الخمسين ألف ليرة قبل أن يحلّ الليل لولا قرار مصرف لبنان بالتمديد للتعميمين 151 و161.
وأشار خبراء اقتصاديون لـ»البناء» إلى أن لا سقف للدولار وبخاصة في ظل السياسات التي تتبعها الحكومة وحاكمية مصرف لبنان، فضلاً عن غياب أي توافق سياسي حول انتخاب رئيس الجمهورية وإقرار الإصلاحات الضرورية واستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ما ينعكس سلباً على أسواق الصرف والاستهلاك.
وأوضح الخبراء أن هناك أسباباً عدة لهذا الارتفاع، أهمها التوتر السياسي في البلد، والطلب الكبير على الدولار من المصارف المحلية التي تعمل على زيادة مؤنتها 3 في المئة من العملة الصعبة، إضافة الى زيادة الطلب على الدولار من التجار والمستوردين، وطباعة مصرف لبنان المستمرة لكميات كبيرة من الليرة لشراء الدولار من السوق، علاوة على المشهد التصعيدي بين المودعين والمصارف.
واستغرب الخبراء عدم تأثير الدولارات الوافدة من الخارج مع المغتربين والسياح الذين بدأوا يتوافدون الى لبنان لقضاء فترة الأعياد، على سوق الصرف، متوقعين بأن تؤدي التدفقات الخارجية للدولار الى لجم سعر الصرف بنسبة معينة. وأوضحوا بأن لا إمكانية للمصرف المركزي بظل قيمة احتياطاته الحالية بتثبيت سعر صرف الدولار أو لجمه الى ما دون الـ 40.
ولفتت مصادر نيابية متابعة للملفات المالية لـ»البناء» الى أن «الطلب على الدولار أكثر من العرض، وهناك غياب للأدوات النقدية للتخفيف من الكتلة النقدية بالعملة اللبنانية»، كاشفة أن «المصرف المركزي يعمد الى زيادة الطبع لتلبية إنفاق الحكومة لا سيما سلفة الكهرباء، إذ أنها أي الحكومة لم تحصل على إيرادات كافية، فقبل الأزمة كانت الكتلة النقدية بالليرة 9 آلاف مليار أما الآن فأصبحت 74 الف مليار ليرة»، مشيرة الى أن «الموازنة العامة لهذا العام تضمنت إيرادات وهمية لا يمكن تحقيقها، كما أن زيادة الضرائب بلا تعديل للشطور وقرارات وزير المال الأخيرة زادت من تحكم الاقتصاد غير المنظم ونسبة التضخم وسعر الصرف».
وأفادت مصادر إعلامية في هذا السياق، بأن «الإجراءات القانونية للطلب من مصرف لبنان فتح اعتماد لشراء مشتقات النفط من إحدى الشركات الثلاث التي ربحت مناقصة شراء الغاز اويل لزوم تشغيل مؤسسة كهرباء لبنان ستنتهي اليوم بعد مراسلات ولقاءات مستمرة بين المعنيين».
وسارع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الى اصدار قرار بتمديد العمل بالتعميم 161 حتى 31 كانون الثاني 2023، والتعميم 151 لغاية 30 حزيران 2023.
وبعد صدور قرار المركزي لوحظ البدء بانخفاض سعر الدولار في السوق الموازية، فبعدما وصل الى ارقام قياسية بتسجيل 46 الف ليرة، انخفض سعر الصرف مساء أمس الى حدود 45800 و45900 ليرة لبنانيّة.
وفي موازاة ذلك، ارتفع أمس سعر صفيحة البنزين بنَوعيه 95 و98 أوكتان 20 ألف ليرة، وصفيحة المازوت 21 ألفاً، وقارورة الغاز 13 ألفاً.
وفي ما لم تتخذ الحكومة أو رئيسها أو وزير المالية أي إجراء لضبط سعر الصرف، شهدت السراي الحكومي سلسلة اجتماعات لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لمتابعة بعض الملفات المالية والاقتصادية والمعيشية، بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي الذي أوضح أن «الجميع يدركون أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو ممر إلزامي للإصلاح حتى يعود لبنان إلى الأسواق العالمية وتأتي المساعدات التي نحن في أشد الحاجة إليها من الدول والمنظمات الدولية الأخرى التي تُجمع كلها على ضرورة الاتفاق مع الصندوق، وإلا فإن فلساً واحداً لن يأتي إلى لبنان. فالقول إننا لسنا بحاجة إلى الصندوق ينمّ عن جهل متعمًد للواقع وللظروف التي نعيشها. فالاتفاق مع الصندوق ليس محبة به بل محبة بلبنان». وأضاف: «الوضع صعب وصعب جدًا ويحتاج إلى مواجهة الواقع بشجاعة واتباع سياسات وتدابير قد تكون صعبة ومؤلمة للخروج من هذه الأزمة غير المسبوقة في التاريخ المعاصر. فهل يعقل أن توجد حلول بهذه البساطة التي يدعيها البعض ويقرر الذين أعدوا برنامج الإصلاح اللجوء إلى حلول صعبة وتدابير قاسية»؟.
وأطلق نقيب صيادلة لبنان، نداء الى السياسيين في الداخل والمجتمع الدولي «لإنقاذ المريض والقطاع الصحي الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة»، مشيراً من السراي بعد لقائه ميقاتي الى أن «الإنقاذ يبدأ بانتخاب رئيس للبلاد، لتأمين الحد الأدنى من الاستقرار المالي والاقتصادي، وإعادة انتظام الحياة الدستورية والتشريعية لتذهب الأمور في اتجاه التعافي ووضع الخطط التنفيذية، ولا سيما الصحية، وإلا الانهيار الحتمي والتوقف القسري لكل القطاع الدوائي في غضون أيام».
وفي خطوة ستزيد من وطأة الأزمة الحكومية والتوتر بين التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة، وتشكل اختباراً لقدرة اللجنة الوزارية – القضائية على التفاهم على آلية إدارة البلد والعمل الحكومي بظل الشغور الرئاسي، وقع وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، مرسوم مساعدات العسكريين وأحاله بصيغة أربعة وعشرين توقيعاً على الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وأكد انه لن يقبل «بالتمديد للواءين العرم واسحق اللذين يتقاعدان في 24 و25 كانون الأول وسيسيّر الأعمال الضابط الأعلى رتبة في كل مؤسسة ولا خلفية سياسية لموقفي بل لم أكن لأمانع لو أن التمديد أقرّ بقانون في مجلس النواب».
في المقابل وجّهت رئاسة مجلس الوزراء كتاباً جوابياً إلى وزير الدفاع الوطني طلبت فيه توقيع مشروع المرسوم الرامي إلى إعطاء الأسلاك العسكرية مساعدة اجتماعية المُرسل إليه سابقاً، كما هو دون أي تعديل والإعادة بالسرعة القصوى.
وأكد مصدر مطلع في التيار الوطني الحر لـ»البناء» أن وزراء التيار لن يحضروا أي جلسة لمجلس الوزراء يدعو اليها ميقاتي إلا في حالات استثنائية وطارئة، كاشفاً أن اللجنة الوزارية القضائية التي اجتمعت في السراي الحكومي لم تتوصل الى تفاهم بظل معارضة رئيس حكومة تصريف الأعمال المراسيم الجوالة وتوقيع كل الوزراء وإصراره على توقيعه والوزير المعني ووزير المالية في إطار سعيه للاستفراد بالقرارات الحكومية ومصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية وممارسة عمله بشكل عادي وكأن لا شغور رئاسياً. وحذّر المصدر من أن التيار بصدد استخدام كافة الخيارات المتاحة لوقف مسلسل الاعتداء على صلاحيات رئاسة الجمهورية بالطرق القانونية بداية وصولاً الى وسائل أخرى سياسية وشعبية.
وأبدت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر بعد اجتماعها الدوري في المقر المركزيّ برئاسة النائب جبران باسيل، رفضها التام «للاجتماع اللاشرعي واللادستوري واللاميثاقي الذي عقده مجلس الوزراء وتعتبر الاجتماع كأنه لم يكن، وتدعو إلى التراجع عنه شكلاً ومضموناً وتصحيح الخطأ بإصدار القرارات عن طريق المراسيم الجوّالة التي يجب أن يوقّع عليها جميع الوزراء تنفيذًا للمادة 62 من الدستور التي تنصّ على أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية تناط وكالة بمجلس الوزراء، والوكالة لا يمكن أن تتجزّأ بين الوزراء. وهذا ما جرى تطبيقه في خلال حكومة تمام سلام فما الذي تغيّر لمخالفته، ومن هي الجهات التي تكون قد خالفت ما تمّ الاتفاق عليه بالإجماع في العام 2014 وتمّت ممارسته على مدى سنتين ونصف».
على صعيد آخر، اتهم القاضي في القضاء العدلي شادي قردوحي، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود بأنه قرّر «تصفيته معنوياً».
وتابع القاضي قردوحي «ما شادي قردوحي يلي عم يضرب هيبة القضاء… يلي عم يضربها هو من حرّض القضاة على الاعتكاف وعاملهم مظلّة حماية ومانع تشكيل عشرات القضاة الجدد وسمح لبعض الدول بالاطلاع على ملفات محاكم بكاملها وجعل القضاة يوقعون بالموافقة». وتابع «كل ذلك كرمال كرسي رئاسة الجمهورية». وقال قردوحي: «نيرون القضاء».
الأخبار
اجتماع فرنسي – أميركي – سعودي – قطري: الرئاسة في «لقاء باريس»
يتوقع أن تنشَط الحركة الخارجية حول لبنان وفي اتجاهه بداية العام المُقبل، وسطَ تقديرات متباينة لما قد ينتج منها لجهة القدرة على تأمين نِصاب داخلي وخارجي يُتيح إنهاء الشغور الرئاسي المستمر منذ حوالي شهرين. وعلمت «الأخبار» أنه يجري التحضير لاجتماع أميركي – فرنسي – سعودي – قطري في العاصمة الفرنسية، قبل نهاية السنة، للبحث في حصيلة النقاشات والاتصالات التي قادتها باريس والدوحة في الأشهر الماضية مع القوى السياسية اللبنانية حول أسماء مرشحين محتملين لرئاسة الجمهورية وإمكانية تسويقهم.
ومع ترحيل استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية إلى العام الجديد، لا يزال التدقيق جارياً في نتائج زيارتي كل من النائب جبران باسيل وقائد الجيش العماد جوزيف عون إلى الدوحة، وسطَ معطيات تؤكّد أن رئيس التيار الوطني الحر أبلغ القطريين بوضوح رفضه لترشيح عون بالدرجة نفسها التي يرفض فيها ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، مشدداً على أن الحل لا يُمكن أن يكون في معزل عن التيار الوطني الحر وحزب الله.
ويتمّ التعامل في بيروت مع «لقاء باريس» انطلاقاً من مقاربتين، هما: الاعتقاد السائد بأن الاجتماع هو استمرار لمشاورات الدوحة ولعرض النتائج واستطلاع إمكان توظيفها لتحقيق اختراق في جدار الأزمة، من خلال وضع خطة عمل مشتركة بين الدول المشاركة. والمقاربة الثانية تتعاطى مع الحركة الديبلوماسية على أنها بلا بركة، نظراً إلى أن مصير الأزمة يرتبِط بشكل وثيق ببقية أزمات المنطقة، والتي من السابِق لأوانه توقع أي تطور حاسم بشأنها، خصوصاً أن جهات إقليمية، وتحديداً المملكة العربية السعودية، تتعامل مع الملف اللبناني كجزء من الكل وتضعه في أسفل أولوياتها، ولم تُقدِم حتى الآن على إعلان موقف واضح يخدم خيارات الدول الأخرى التي تسعى إلى تحويل مبادراتها إلى تسويات، لا سيما فرنسا التي عمِلت ولا تزال على وضع سقف زمني محدد يقود للوصول إلى تسوية سياسية تشمل انتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة وإرفاق ذلك بخطة اقتصادية اجتماعية لمنع لبنان من الانهيار.
وفي إطار هذه المقاربة، قالت مصادر مطلعة إن «باريس لا تزال تُصرّ على جذب الرياض ودفعها أكثر فأكثر للانخراط في التفاصيل اللبنانية، إلا أن موقف المملكة حتى الآن لم يتبدل. فهي لم تدخل في أسماء مرشحين بل تمسكت ببرنامج شروط يتوافق مع سياستها ومصلحتها، ولم تظهر أي نية للسير في تسوية قريبة». لا بل تبلِغ كل من يحاول إقحامها في الحل، وآخرهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي التقى الأمير محمد بن سلمان أخيراً مرة على هامش افتتاح بطولة كأس العالم في قطر ومرة أخرى على هامش القمة العربية – الصينية في السعودية بأن تعاملها مع لبنان محصور بالصندوق السعودي – الفرنسي المشترك لمساعدة لبنان.
وعليه، ليسَ في الكواليس السياسية سوى توقعات أكثر مما هي وقائع على صلة بمسار تتحكم به المتغيرات الإقليمية والدولية. ومن الصعب، في ضوء ذلك، التكهن بأي خطوات من شأنها تعزيز حظوظ التوافق قريباً على انتخاب رئيس. فالمبادرة الفرنسية والحراك القطري لا يزالان مرهونين بانحسار الاهتمام السعودي والأميركي بالملف اللبناني، وهو ما تجلى في إسقاط أي إشارة إلى لبنان، ولو على سبيل الدعم، من البيان الختامي لـ«قمة بغداد 2» التي انعقدت في العقبة الأردنية أول من أمس.
وفيما شهد سعر صرف الدولار ارتفاعاً غير مسبوق وغير مفهوم أمس، وسط أكبر عملية مضاربة تجري بالتضامن بين مصرف لبنان وبعض المصارف وعدد كبير من الصيارفة المرخصين وغير الشرعيين، غاب أي موقف رسمي في هذا الشأن في ظل فوضى أسعار وتسعير تطاول كل ما له علاقة بحياة المواطنين. وفي هذه الأجواء، عاد موضوع عقد جلسة جديدة لمجلس الوزراء ليكون موضع جدال، خصوصاً بعد إعلان الرئيس ميقاتي رفضه المراسيم الجوالة، وإشارة مصادر قريبة منه إلى أن هناك ملفات مستعجلة قد تفرض عقد جلسة جديدة للحكومة. علماً أن كل الجهات السياسية الرئيسية لا تزال تعتقد بأنه لا يوجد ما يوجب عقد جلسة للحكومة تفاقم التوترات السياسية التي بدأت تأخذ بعداً طائفياً بعد انضمام البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى موقف التيار الوطني لجهة رفض المس بصلاحيات رئاسة الجمهورية.
اللواء
سلطة الدولار فوق السلطات.. و«نكبة صحية» بفقدان الأدوية
واشنطن: لبنان يواجه أخطر أزماته.. وقرار عوني بعرقلة تصريف الأعمال
قرر حاكم مصرف لبنان ضخ ما لا يقل عن 100 مليون دولار في السوق، بعد تمديد العمل بالتعميم رقم 161، الذي يتيح للمصارف حتى نهاية كانون الثاني 2023، إجراء السحوبات النقدية على سعر صيرفة، من دون ان يؤثر ذلك على استقرار التوازن في الاسواق، وعلى خلافه، سجل سعر صرف الدولار قفزات هستيرية تجاوزت الـ3 آلاف ليرة لبنانية في يوم واحد.
وعزت أوساط الصرافين هذا الاضطراب الكبير إلى خلافات داخل جسم الصيارفة بين شرعيين وغير شرعيين وكبار وصغار، وتوقف عن العمل، وتفرد بالتلاعب بسعر الصرف في السوق السوداء، بلا أي تدخل من اية سلطة نقدية او رسمية او مصرفية، من دون ان يفلح لقاء السراي بين الرئيس نجيب ميقاتي ووزيري المال والصحة ووزراء ومسؤولين ونقابيين من تجاوز نكبة الدواء والاستشفاء على حدّ سواء، مع تمرُّد المصانع وشركات الادوية، عن تسليم الادوية للصيدليات.
واذا كان المعنيون بالاستحقاقات الدستورية والسياسية ماضيتين في سلوك «انعدام الوزن» مع اصرار التيار الوطني الحر على التلطي وراء «كليشهات» مثل الدستورية والميثاقية، ورفض اي اجتماع او جلسة لمجلس الوزراء، بصرف النظر عن «الضرورة القصوى» او الضرورة العادية، مع وضع الخطط لشل حتى تصريف الاعمال، والامور الحياتية للمواطنين الذين ينوؤون تحت ضربات الدولار والاسعار، والانهيارات المتلاحقة.
سمع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بو حبيب كلاماً اميركياً، لا يحمل في طياته اية تطمينات ما خلا «استمرار المساعدة للجيش اللبناني وللقوات الامنية اللبنانية في ظل الوضع الاقتصادي غير المسبوق» على حد تعبير بو حبيب.
فخلال اللقاء في مقر الخارجية الاميركية بواشنطن التقى الوزير بو حبيب مع مساعدة وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى باربارا ليف، والتي شددت خلال الاجتماع على ضرورة تحمل اصحاب القرار في لبنان مسؤولياتهم الوطنية والمضي قدماً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية كخطوة اساسية للبدء بمعالجة الازمات المتراكمة «واصفة الازمات اللبنانية بالأشد تعقيداً بين الازمات الاقليمية في الشرق الاوسط».
وتوقعت مصادر سياسية أن يشتد الكباش السياسي بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وحلفائه بالحكومة مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في الأسابيع المقبلة، على خلفية دستورية انعقاد جلسات الحكومة، او لجهة المراسيم والقرارات الصادرة عنها حسب ادعاءات وفذلكات الاخير الدستورية، كما حصل من خلال تعطيل اجتماعات اللجنة الوزارية الرباعية التي تم الاتفاق عليها، للتفاهم على الملفات والمواضيع الملحّة والضرورية التي تستوجب انعقاد جلسات مجلس الوزراء، بايعاز من رئيس التيار الوطني الحر، ومن خلال المواجهة المحتدمة مع وزير الدفاع الوطني موريس سليم بخصوص صيغة مرسوم ترقيات الضباط.
وقالت: ان واجهة الاشتباك السياسي ظاهريا، الخلاف حول دستورية انعقاد جلسات مجلس الوزراء، والصيغ المعتمدة لاصدارالمراسيم بعدما تم افشال وتعطيل كل محاولات باسيل للاستئثار وامساك قرارات الحكومة بيده، الا ان خلفياته، تتعدى هذه الصورة، الى الملف الاهم، وهو انتخابات رئاسة الجمهورية التي ادى الخلاف بخصوصها الى تردي العلاقات مع حليفه التيار الوحيد، حزب الله، لتبنيه دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهو ما يرفضه باسيل كليا بالرغم من كل محاولات الحزب اقناعه بتاييد هذا الخيار، لاعتبارات لها علاقة بتماسك التحالف بينهما، ولمنع وصول رئيس للجمهورية من خارج صفوفه، في حال استفحل الخلاف الحاصل.
واشارت المصادر إلى انه كلما تسارعت الاتصالات والمشاورات خارجيا لانضاج صيغة ما، حول الانتخابات الرئاسية، كلما تصاعد الاشتباك والصدام السياسي الداخلي تحت عناوين مزيفة ومختلقة لتجهيل السبب الاساس، والسعي لاثبات الوجود، والمشاركة بالطبخة الرئاسية، مباشرة او بالواسطة، لتحصيل ما يمكن من مكاسب أو حصص ولو محدودة بالعهد الجديد، لتفادي انكشاف ملفات فساد العهد المشؤوم الفضائحية بنهب المال العام وتهديم مرتكزات الدولة.
ولاحظت المصادر ان استحضار رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في اطلالته الحزبية الهزيلة مؤخرا، ومطالبته بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يكمل مسيرته، وهي مسيرة غير مشرفة وفاشلة بكل المقاييس، تؤشر الى رفض التيار للأسماء المطروحة للرئاسة، من قبل حليفه والخصوم على حد سواء، ولاظهار اعتراض فاقع عليها، ومحاولة لاستلحاق السيناريوهات التي تحضر لاختيار وانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، اما بترشيح محتمل للوريث السياسي، يكرّس القطيعة مع الحزب، او لافساح المجال بالمشاركة باختيار الرئيس الجديد.
فعلى بعد يومين او اكثر من عيد الميلاد المجيد، سارعت البلاد الخطى نحو مزيد من الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي والصحي- الاستشفائي والتربوي،بعدما تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء الـ 45 الف ليرة وتبعته اسعار معظم السلع الاستهلاكية والغذائية، في وقت يتلهى المسؤولون في تقاذف كرة الاتهامات بالمسوؤلية عن تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وعمل مجلس الوزراء، بحيث بات الفراغ الدستوري والاداري يهدد مؤسسات اخرى ومنها واهمها مؤسسة الجيش عدا بعض المؤسسات الرسمية الاخرى.
وحول هذا الموضوع، أعلن وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم أنني «لن أقبل بالتمديد لرئيس الأركان اللواء أمين العرم والمفتش العام في المجلس العسكري اللواء ميلاد اسحق اللذين يتقاعدان في 24 و25 كانون الأول، وسيسيّر الأعمال الضابط الأعلى رتبة في كل مؤسسة، ولا خلفية سياسية لموقفي بل لم أكن لأمانع لو أن التمديد أقرّ بقانون في مجلس النواب» .
اضاف: أنني قمت بواجبي الدستوري ووقعت مرسوم مساعدات العسكريين وأحلته بصيغة أربعة وعشرين توقيعاً على الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وسأوقع كلّ مراسيم ترقيات الضباط وأحيلها بصيغة مرسوم بـ 24 توقيعاً والأمر يعالج بنقاش في الحكومة ونعوّل على حكمة الرئيس ميقاتي لكنّني لم أتسلم المراسيم بل جداول القيد ووقعتها كلها ويجب اقرار الترقيات دفعة واحدة مع 2020 و2021 و2022.
لكن رئاسة مجلس الوزراء وجهت كتاباً جوابياً الى الوزير سليم طلبت فيه توقيع مشروع المرسوم الرامي الى إعطاء الاسلاك العسكرية مساعدة اجتماعية المُرسل اليه سابقاً كما هو دون أي تعديل والإعادة بالسرعة القصوى.
واشارت الى «ضرورة تعجيل السير وإصدار مشروع المرسوم الموافق عليه من قبل مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 5/12/2022، وليس بالصيغة التي اعدها وزير الدفاع، خاصةً في ضوء أهميته على مستوى إعطاء الاسلاك العسكرية على اختلافها وتنوعها الحدّ الأدنى المتاح من حقوقها ما يوجب جعلها بمنأى عن التجاذب السياسي في البلاد استناداً الى حجج دستورية واهية مع ما يترتب على ذلك من مسؤوليات».
توازياً، اعلن نقيب الصيادلة جو سلوم في نداء الى المعنيين، أن «الارتفاع المطرد والسريع للدولار، أدى الى توقف الشركات عن تسليم الأدوية والحليب الى الصيدليات، وبالتالي فقدانها تدريجياً والمخزون سينفد خلال يومين، ناهيك عن انعكاساته السلبية على الواقع الصحي والافلاسات التي تنتظر كل قطاعات الدواء وفي مقدمتها الصيدليات، وبالتالي الاقفال».
وقال: لا أحد يختلف، أن المواطنين عاجزون عن تحمّل المزيد من الأعباء وارتفاع الأسعار، وكذلك الصيدليات وشركات الأدوية والمصانع الدوائية عاجزة عن الاستمرار، في حين ان وزارة الصحة تقوم بأكثر من واجبها في هذه الظروف الصعبة وضيق الموارد والخيارات، ونقابة صيادلة لبنان لا تألو جهداً في مكافحة كل أشكال المخالفات والتهريب والتلاعب بصحة المواطن .
وختم: من هنا أتوجه كنقيب صيادلة لبنان، المؤتمن على القطاع الدوائي وصحة المواطن، الى السياسيين في الداخل والمجتمع الدولي لانقاذ المريض والقطاع الصحي الذي يلفظ أنفاسه الاخيرة ، فالانقاذ يبدأ بانتخاب رئيس للبلاد، لتأمين الحد الأدنى من الاستقرار المالي والاقتصادي، واعادة انتظام الحياة الدستورية والتشريعية لتذهب الأمور في اتجاه التعافي ووضع الخطط التنفيذية، ولا سيما الصحية، والا الانهيار الحتمي والتوقف القسري لكل القطاع الدوائي في غضون أيام.
وشهد السراي الحكومي امس،اجتماعات لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أولها خصص للبحث في أوضاع القطاع الصحي والمستشفيات، وشارك فيه الوزراء في حكومة تصريف الاعمال المالية يوسف الخليل، الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض، والعمل مصطفى بيرم، نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون، المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي، ومدير مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت جوزف عتيق.
وقال الوزير بيرم بعد الاجتماع: تم النقاش في الأمور الصحية وفي إعادة النظر بالتعرفات الطبية ومسائل الأدوية ومدى توافرها، وتوفير الأموال والسلف اللازمة للمستشفيات من أجل مساعدة المرضى. وتم الإتفاق على متابعة القضايا، فهناك أمور سيتابعها الرئيس ميقاتي مع حاكم مصرف لبنان تتعلق بتسهيل دفع المستحقات عبر البنوك، وهناك أمور لدى وزير المالية تتعلق بتوفير السلفات والتدوير في الأوقات المناسبة وتسهيل عمليات الدفع، أيضا تم الإتفاق على عقد اجتماع بين وزراء العمل والصحة والمدير العام للضمان والمدير العام لتعاونية موظفي الدولة من أجل إعادة النظر باللائحة الدوائية الواسعة جدا، وسيتم اعتماد الأدوية الاساسية لدعمها، فبدلا من أن يدفع المواطن مبالغ كبيرة على كل الأدوية ويحصل على دعم صغير، سيتم اعادة النظر بهذه اللائحة لتلبية اكثر الأمراض المتداولة، وسيعقد لقاء قريب لبحث هذا الأمر.
والتقى الرئيس ميقاتي المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في البنك الدولي جان كريستوف كاريه، وتم خلال اللقاء عرض لمشاريع البنك الدولي في لبنان.
الشامي ينتقد الاقتصاديين الجدد
وفي سياق الوضع الاقتصادي – المالي، أوضح نائب رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي في بيان، أنه «من مفارقات الأزمة التي يمرّ بها لبنان أنها أنتجت طبقة من «الاقتصاديين الجدد» الذين هم، إمّا دخلاء على علم الإقتصاد وأما اقتصاديون تنكروا لما تعلموه لمآرب شخصية وآنية. هؤلاء ينظّرون في كل شاردة وواردة ويسرحون وَيمرحون على مسارح شاشات التلفزة ويتكلمون بثقة كبيرة وكأنهم ختموا العلم والمعرفة، ويتهجمون على الذين يعملون بصمت ويتسمون بالتواضع الذي هو من سمة الذين يحترمون الرأي الآخر، وهو دليل رقي، وليس كما يظن البعض دليل ضعف. أما تعالي البعض وعجرفتهم فهي، إما دليل جهل أو مصدر رزق. لقد أعمت المصالح الخاصة وتضاربها بصيرة بعض الذين يدعون المعرفة المطلقة بكل شيء، وانحدر مستوى تحليلاتهم إلى ما دون الصفر، إلى حدٍّ يثير الشفقة والحزن الى ما وصلوا إليه.
اضاف: هذا الجنس من «الخبراء» هم الأسوأ لأنهم ربما يدرون ماذا يفعلون». اضاف «الجميع يدركون أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو ممر إلزامي للإصلاح حتى يعود لبنان إلى الأسواق العالمية وتأتي المساعدات التي نحن في أشد الحاجة إليها من الدول والمنظمات الدولية الأخرى التي تُجمع كلها على ضرورة الاتفاق مع الصندوق، وإلا فإن فلسأً واحداً لن يأتي إلى لبنان. فالقول إننا لسنا بحاجة إلى الصندوق ينم عن جهل متعمًد للواقع وللظروف التي نعيشها، فالاتفاق مع الصندوق ليس محبة به بل محبة بلبنان». وأضاف: «الوضع صعب وصعب جدًا وًيحتاج إلى مواجهة الواقع بشجاعة واتباع سياسات وتدابير قد تكون صعبة وًمؤلمة للخروج من هذه الأزمة غير المسبوقة في التاريخ المعاصر. فهل يعقل أن توجد حلول بهذه البساطة التي يدعيها البعض ويقرر الذين أعدوا برنامج الإصلاح اللجوء إلى حلول صعبة وتدابير قاسية»؟
التيار والقوات
اما في السياسة، فقد اصدرت «الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر» بعد إجتماعها الدوري برئاسة النائب جبران باسي بياناً قالت فيه: ترفض الهيئة رفضاً تامّاً الاجتماع اللاشرعي واللادستوري واللاميثاقي الذي عقده مجلس الوزراء، وتعتبر الاجتماع كأنه لم يكن وتدعو إلى التراجع عنه شكلًا ومضموناً، وتصحيح الخطأ بإصدار القرارات عن طريق المراسيم الجوّالة التي يجب أن يوقّع عليها جميع الوزراء تنفيذاً للمادة 62 من الدستور التي تنصّ على أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية تناط وكالة بمجلس الوزراء والوكالة لا يمكن أن تتجزّأ بين الوزراء. وهذا ما جرى تطبيقه في خلال حكومة الرئيس تمام سلام فما الذي تغيّر لمخالفته، ومن هي الجهات التي تكون قد خالفت ما تم الاتفاق عليه بالإجماع في العام 2014 وتمّت ممارسته على مدى سنتين ونصف.
وإستغربت الهيئة «كيف أن الكلام حول رئاسة الجمهورية لا يزال محصوراً بطرح الأسماء ويغفل تماماً المشروع الذي على أساسه يجب أن يتقرّر اختيار اسم الرّئيس. ومع التّأكيد على أولوية إجراء الانتخابات الرئاسية فإن الرئاسة كلٌّ لا يتجزّأ فلا يمكن فصل الرئيس عن مشروعه وعن رئيس الحكومة والوزراء الذين سيشاركون معه في الحكم.
بالمقابل، صدر عن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بيان قال فيه: تدهورٌ جديد في الوضع المعيشي للبنانيين اليوم، وذلك بفعل غياب أي معالجات جدّية للأزمة الراهنة على خلفية الانسداد السياسي الذي نعيشه. اضاف: لا يمكن تصوّر أي وقف لهذا التدهور إلا بمعالجات جذرية تتطلّب سلطة سياسية فعلية، وما يحول دون قيام هذه السلطة هو تعطيل محور الممانعة بكل أطرافه للانتخابات الرئاسية. إن محور الممانعة، بدءاً من «حزب الله» وليس انتهاءً بـ«التيار الوطني الحر» يتحمّل مسؤولية كل تدهور إضافي في الوضع العيشي لأنه سبب الانسداد السياسي القائم.
تابع: المطلوب منا كلبنانيين، خصوصا الذين اقترعوا مرة من جديد لصالح أطراف محور الممانعة، المطلوب منا الضغط بكل قوانا على أطراف هذا المحور لوقف تعطيل الانتخابات الرئاسية والذهاب في أسرع وقت ممكن لانتخاب رئيس جديد، فعلاً جديد، للجمهورية اللبنانية، تبدأ معه مسيرة الانقاذ الفعلي للبلد، ماذا وإلا سنشهد مزيداً من التدهور والبطالة والفقر والعوز، وذلك في ذمة أطراف محور الممانعة.. إذا بقيت لهم ذمة.
الحزب يسلم احد عناصره
على صعيد آخر، لم تحصل اي مستجدات في التحقيق حول حادثة بلدة العاقبية، لكن ترددت معلومات مفادها ان حزب الله يتجه خلال الساعات المقبلة الى تسليم مخابرات الجيش احد المطلوبين في اطلاق النار الذي استهدف قوات اليونيفيل وادى الى مقتل جندي ايرلندي.وذلك من باب التعاون مع الجهات اللبنانية الرسمية التي تتولى التحقيق.
ad
كماترددت معلومات عن احتمال مازال قيد التدقيق بأن يكون جهاز تحديد المواقع والطرقات الموجود في السيارة الايرلندية «جي بي أس» قد اخطأ في تحديد وجهة سير الالية الايرلندية وقاد السيارة الى طريق فرعية داخل البلدة فحصل ما حصل.
وعلى الصعيد ذاته، نقلت بعثة عسكرية طبية ايرلندية الجندي الإيرلندي الذي أصيب في الحادثة من مستشفى حمود الجامعي الى مطار رفيق الحريري الدولي، بمؤازرة من الجيش اللبناني، وجرى نقله الى بلاده لمتابعة علاجه هناك. وهو كان في حالة حرجة وشبه فاقد للوعي.
الدولاروالبنزين والآتي اعظم
وفي حين سجل سعر الدولارقفزة جنونية وخطيرة امس ببلوغه سعر 45 الف ليرة، وارتفع معه سعر منصة «صيرفة» الى 31200 ليرة ما ادى الى زيادة في الفواتيرالتي يتم تسعيرها على سعر صيرفة كفواتير الهاتف الخلوي، من دون ان ترف شعرة لدى المسؤولين المعنيين وحيث يبشر الخبراء بأن الآتي اعظم اذا استمر الوضع على ما هو عليه من دون معالجات، ارتفع سعر صفيحة البنزين بنَوعيه 95 و98 أوكتان 20 ألف ليرة، وصفيحة المازوت 21 ألفاً، وقارورة الغاز 13 ألفاً.
وأصبحت الأسعار على الشّكل الآتي:
– البنزين 95 أوكتان: 755000 ليرة لبنانيّة
– البنزين 98 أوكتان: 775000 ليرة لبنانيّة
– المازوت: 830000 ليرة لبنانيّة
– الغاز: 489000 ليرة لبنانيّة
كوليرا: صفر
كورونا:72
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة في تقرير نشرته مساء أمس، عن حالات الكوليرا في لبنان « عدم تسجيل أي إصابة جديدة ، وعليه استقر العدد التراكمي للحالات المثبتة على 663 ، كما لم يتم تسجيل اي حالة وفاة ، كما استقر العدد التراكمي للوفيات 23».
وفي تقرير منفصل، أعلنت الصحة عن حالات كورونا تسجيل» 72 إصابة جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 1221874 ، ولم يتم تسجيل أي حالة وفاة «.
الرياضي يهزم بطل إيران ويخسر عرقجي
فاز فريق النادي الرياضي بيروت على ضيفه غورغان بطل إيران بفارق 7 نقاط وبنتيجة (81-74)، في انطلاق مبارياته ببطولة غرب آسيا للأندية لكرة السلة، والتي أجريت مساء الأربعاء على أرض قاعة الرئيس صائب سلام في المنارة.
ويخوض ممثل لبنان الثاني فريق بيروت فرست اولى مباريات مجموعته في مواجهة إيرانية أيضا أمام زوب آهان وذاك عند الرابعة والنصف عصر اليوم الخميس في مجمع فؤاد نوفل في الزوق.
ويلعب الرياضي بيروت مباراته المقبلة امام مضيفه النفط العراقي في بغداد يوم الاربعاء المقبل، والتي قد يغيب النجم وائل عرقجي عنها بعد طرده اخر 23 ثانية من اللقاء عقب احتكاكه مع لاعب الفريق الإيراني فيري بتي، وسط أجواء مشحونة شهدتها الثواني الأخيرة.
ووجد الفريق اللبناني صعوبة بحسم المواجهة أمام فريق يضم 6 من لاعبي منتخب ايران، وكان افضل مسجل في صفوفه وباللقاء نجمه وائل عرقجي برصيد 27 نقطة واضاف 6 متابعات مع 7 تمريرات حاسمة، ومن الفريق الإيراني برز بهنام يحشاني بـ26 نقطة بينها 5 ثلاثيات.
الجمهورية
الدولار يُشعل الأسعار ويهدد الدواء.. الرئاسة خلف المتاريس.. وتحذير أميركي
لا يخطىء المواطن اللبناني إن قاربَ الأزمة الرئاسية الراهنة، بوصفها مستنقعاً ملوثاً تجمعت فيه كائنات مفترسة تريد أن تأكل بعضها البعض، ووحول حاقدة وسياسات آسنة وكمّ هائل من الموبقات. والسؤال الكبير الذي يفرض نفسه أمام هذه الصورة: كيف يمكن اصطياد رئيس للجمهورية من هذا المستنقع؟
المشهد الرئاسي بات شديد الوضوح، وكل الاطراف خلف متاريسها، وأخطر ما في هذا المشهد هو انّ لكل شيء بيئة حاضنة لدى مكونات الانقسام الداخلي؛ فللحقد بيئة حاضنة، وللتوتير بيئة حاضنة، وللمكائد بيئة حاضنة، وللفتنة والافتراق بيئة حاضنة، ولإرادة القهر والالغاء بيئة حاضنة، وللحسابات السياسية والحزبية والشخصضية بيئة حاضنة، وللرهانات والارتهانات بيئة حاضنة، وللمنطق الطائفي والمذهبي والمناطقي بيئة حاضنة… وحده هذا البلد وشعبه، وسلامه وأمانه ورخاؤه واستقراره واستمراره ومصيره، بلا بيئة حاضنة، وثَبت للقاصي والداني انّ بكائيات مكونات الانقسام عليه ومطوّلاتها الشعرية والانشائية التي تنظمها عليه، لا تعدو اكثر من احتضانٍ كاذب ومُخادع لهذا البلد، ولعبة عبث عقيم بحاضره ومستقبله، قطعت الامل بالكامل في إمكان تلمّس نافذة فرج داخلية، تفتح الافق السياسي المسدود على تفاهمات وانفراجات تنهي الفراغ في رئاسة الجمهورية.
واذا كان عيدا الميلاد ورأس السنة يشكلان عطلة سنوية طبيعية، الا انهما يتزامنان مع فترة هي الاكثر حساسية وخطورة على لبنان، يتفق الذين ما زالوا يَتحلّون بحرص صادق على البلد في الداخل، كما الأشقاء والاصدقاء، على ان الوقت يلعب في غير مصلحة لبنان، وكلّ دقيقة تُهدر منه تضيع من عمره وتعمّق ازمته أكثر، ما يوجب مقاربات استثنائية ومسؤولة، وصناعة الفرص حتى ضمن هذه العطلة، لتوجيه البوصلة الداخلية نحو الإنفراج.
صورة قاتمة
القراءات السياسية للملف الرئاسي، وربطاً بمواقف مكونات الانقسام الداخلي، أكثر من تشاؤمية، وعلى حدّ ما قاله مرجع مسؤول لـ«الجمهورية» فإنّ «الوضع نزول لتحت، ويمكن لتحت التحت، والله ينجينا من الأعظم».
وردا على سؤال عما اذا كانت ثمة مشاورات جارية حول الملف الرئاسي، قال المرجع: كما ترى، ما حدا عم يحكي مع حدا، وما حدا بدو يحكي مع حدا، كنا نعوّل على لحظة توافق مَدخلها الحوار المسؤول بين المكونات السياسية، قلنا لهم إن جلسنا وتحاورنا بمسؤولية وبصفاء نية قد نتوافق في ساعة، ولكنّهم رفضوا هذا المنحى وهم مدركون انّه سيُدفّع البلد اثماناً باهظة، وأولى هذه الاثمان اللعبة الخبيثة بالدولار وبلقمة الناس.
وتابع المرجع قائلاً: «عمق الازمة التي نمر بها، وما قد ينشأ عنها من تداعيات وارتدادات سلبية على البلد والناس، انتظرنا راهناً على انه قد يشكّل فائضاً في المسؤولية لدى الاطراف، خصوصا اولئك المعنيون مباشرة برئاسة الجمهورية، ولكن مع الأسف، تبدّى امامنا فائضاً من النكايات والعنتريات الفارغة من قبل بعض المصرّين على البقاء خلف متاريس الاشتباك».
ولدى سؤاله اذا كان الحوار ما يزال ممكناً؟ اجاب: الحوار هو السبيل الوحيد، ولا مخرج من هذه الازمة من دون هذا الحوار، ولكنهم لا يريدونه. هناك استسلام اكيد لمنطق التعطيل، وهذا الامر سيسحب حتماً الاهتراء الراهن الى مسافات زمنية ابعد من السنة الجديدة.
وعن السبب الحقيقي لرفض الحوار، قال المرجع: ثمة اطراف تريد الاستيلاء على رئاسة الجمهورية، وتعتبرها حقاً حصرياً لها، وترفض ان تصدّق انها غير قادرة على ذلك، ولذلك تعطّل، وهذه مغامرة بالرئاسة وموقعها. وثمة بعض آخر يعتقد أنه بتصعيده وهروبه من الحوار يدفع الى تدخّل خارجي يفرض حلاً في الداخل. وهذه ايضا مغامرة وتضييع للوقت بِرهانٍ على وهم. فعلى حد ما نعلم، لا الخارج في وارد أي مبادرة إكراهية لأنه يعلم انها ستفجّر البلد، كما انه ليس في وارد اي مبادرة من نوع آخر تهدف الى التوافق على مرشح، قالوا لنا: انتخبوا رئيسكم كي لا يخرب بلدكم اكثر.
بين الثنائي والثنائي
الى ذلك، اكدت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» انّ العقدة الاساس المعطّلة للملف الرئاسي كامِنة ما بين «الثنائي الماروني» المتمثّل بـ«القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، اولاً، وثانياً بين هذا الثنائي و«الثنائي الشيعي»، حول المرشّحين الاساسيين لرئاسة الجمهورية. فثنائي حركة «أمل» و«حزب الله» متمسّكان بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، و«القوات» حسمت خيارها لناحية رفض ترشيح فرنجية وتزكية ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، اما التيار الوطني الحر فقد حسم رئيسه النائب جبران باسيل خياره بالسعي الى قطع الطريق على فرنجية وقائد الجيش.
وفي رأي المصادر انّ العقدة بين هذه الاطراف شديدة الاستعصاء، وثمة استحالة في إمكان فَكفكتها وبلوغ قاسم مشترك بينها، وهذا يؤشر الى ازمة طويلة الأمد. فالحل ممكن في 4 حالات:
الاولى، أن يتراجع الثنائي الشيعي عن ترشيح فرنجية ويترك للتيار والقوات تقرير مصير الاستحقاق الرئاسي ووجهته، وهذا الحل غير واقعي.
الثانية، أن يتراجع «التيار الوطني الحر» وينسجم مع موقف «أمل» و«حزب الله» بتزكية ترشيح الوزير فرنجية، وهذا ايضا حل غير واقعي ولا يبدو وارداً حتى الآن.
يُشار هنا الى انّ البيان الذي اصدرته الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر بعد اجتماعها الدوري برئاسة باسيل، لفتت فيه الى «استمرار مسلسل استهداف التيار على أكثر من مستوى»، واستغربت «كيف أن الكلام حول رئاسة الجمهورية لا يزال محصورًا بطرح الأسماء ويغفل تمامًا المشروع الذي على أساسه يجب أن يتقرّر اختيار اسم الرئيس. ومع التأكيد على أولوية إجراء الانتخابات الرئاسية فإن الرئاسة كلٌّ لا يتجزّأ، فلا يمكن فصل الرئيس عن مشروعه وعن رئيس الحكومة والوزراء الذين سيشاركون معه في الحكم، وهذا ما عبّرت عنه ورقة الأولويات الرئاسية التي أصدرها التيار لتحديد الموقف من المرشحين بمقتضى درجة تجاوبهم وتناغمهم مع هذه الأولويات، فضلًا عن أنّ هذه الورقة تسمح بفتح حوار مع الخارج لتأمين إطار داعم للبنان يجعل الاستحقاق الرئاسي مناسبة لاحتضان دولي لمشروع بناء الدولة. وعليه، تعتبر الهيئة السياسية أن عهد الرئيس سيكون أقدر وأفعل إذا اقترن بمشروع واضح ومدعّم داخليًّا وخارجيًّا، إذ انّ شخص الرئيس لا يعوّض فراغ المشروع.
الثالثة، أن تتراجع «القوات اللبنانية» وتسلّم بترشيح فرنجية، وهذا ايضا حل غير واقعي يطيح بمسلّمات «القوات»، على اعتبار انّ فرنجية في نظرها هو جزء من الخط الآخر الذي يُناقض توجهات القوات ومبادئها. يُشار في هذا السياق الى ما أعلنه رئيس حزب القوات سمير جعجع امس، حيث حمّل محور الممانعة مسؤولية التدهور، وقال في بيان: «المطلوب منّا كلبنانيين، خصوصا الذين اقترعوا مرة من جديد لصالح أطراف محور الممانعة، الضغط بكل قوانا على أطراف هذا المحور لوَقف تعطيل الانتخابات الرئاسية والذهاب في أسرع وقت ممكن لانتخاب رئيس جديد، فعلاً جديد، للجمهورية اللبنانية، تبدأ معه مسيرة الانقاذ الفعلي للبلد، ماذا وإلا سنشهد مزيداً من التدهور والبطالة والفقر والعوز، وذلك في ذمة أطراف محور الممانعة.. إذا بقيت لهم ذمة».
الرابعة، ان يسلّم الجميع بترشيح قائد الجيش، وهذا من باب المستحيل، فما خلا «القوات»، لا يحظى ترشيحه بمقبولية لدى حركة «أمل» و»حزب الله» لالتزامهما النهائي بفرنجية، وكذلك لدى التيار لأسباب مرتبطة بباسيل تحديداً، الذي بلغَ به الامر مؤخراً الى حد اتهام قائد الجيش بالشراكة في الانقلاب. فضلاً عن انّ هذه الاطراف ترى ان هناك مانعا قانونيا ودستوريا امام ترشيح قائد الجيش، يتجلى بتعديل الدستور، وهذا التعديل يتطلب ثلث اعضاء المجلس النيابي، وبالتالي هو مستحيل في ظل الخريطة النيابية القائمة. حيث انه اذا كانت ثمة اكثرية نيابية تؤيد تعديل الدستور لمصلحة قائد الجيش فإنها لا ترقى الى الـ86 نائبا، حيث ان معارضي هذا التعديل يفوق عددهم الثلث المعطل (43 نائبا) لتعديل الدستور بكثير.
وتنتهي المصادر الى القول: الصورة معقدة، وطالما انّ منافذ الحل الداخلية مقفلة، وطالما انّ الخارج حسم قراره بعدم وجود مبادرات توجِّه المسار الداخلي الى التوافق على رئيس، فإنّ الوقت وحده كفيل بأن يرسم ما ستؤول اليه الحال في نهاية المطاف. ولأنّ الارض اللبنانية متحركة، ومعها مواقف القوى المتصارعة، فإنّ ما قد يشهده الواقع اللبناني من وقائع وتطورات، قد تحدث انقلاباً في الصورة، ينزل كل الاطراف عن اشجار الشروط والعنتريات ويجعلها محكومة بالبحث عن مخرج.
مقاربات قلقة
الى ذلك، كشفت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» عن مقاربات غربية يعتريها قلق بالغ حيال مستقبل الوضع في لبنان في ظل الافق الرئاسي المسدود، وعدم تمكّن الاطراف اللبنانيين من اختيار رئيس للجمهورية.
وجزمت المصادر بأنّ المجتمع الدولي يُقارب الملف الرئاسي في لبنان من كونه مسؤولية اللبنانيين من دون غيرهم، وبالتالي لا ينبغي توقّع انطلاق اي مبادرات، وبمعنى ادق لا ينبغي الرهان على شيء غير موجود، بل أن يقوم اللبنانيون بما تُمليه عليه أزمة بلدهم من واجب اكيد على معالجتها وانتخاب رئيس للجمهورية قبل فوات الاوان».
ما اوردته المصادر الديبلوماسية، اكدت عليه مساعدة وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى باربارا ليف، لوزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب خلال استقبالها له في مقر وزارة الخارجية الاميركية في واشنطن، حيث شدّدت على ضرورة تَحمّل أصحاب القرار في لبنان مسؤولياتهم الوطنية والمضي قدماً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية كخطوة أساسية للبدء بمعالجة الأزمات المتراكمة.
وقالت: إنّ ما يواجهه لبنان هو مختلف واشد خطورة من ازماته السابقة، وحتى أشد تعقيداً من الازمات الاقليمية في المنطقة التي تتولى متابعتها بحُكم نطاق عملها.
إهتراء… ولا دواء
داخلياً، الصورة في منتهى الاهتراء، فمافيا الدولار دأبت على جريمة التلاعب حيث قفز الدولار الى ما فوق الـ46 الف ليرة، وهو الامر الذي احدثَ بلبلة في الاسواق وارتفاعا جنونيا في اسعار المواد الحياتية والاستهلاكية، فيما كان وفد البنك الدولي الذي يزور لبنان حالياً يقدم قراءة مأساوية لما آل اليه الوضع في لبنان، محذّرا من مصاعب ومخاطر مالية كارثية اذا ما استمر التأخير في المعالجات الضرورية للازمة الاقتصادية، مؤكدا انّ مسار الانقاذ انطلاقه رهن بإعادة انتظام المؤسسات في لبنان، وفي مقدمها انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تَشرع فوراً في تنفيذ خطة تَعاف صحيحة ومتينة، وبناء الركائز الموضوعية للتفاهمات والاتفاقات مع المؤسسات المالية الدولية، وعلى وجه الخصوص مع صندوق النقد الدولي».
ولفت في هذا السياق، هجوم نائب رئيس حكومة تصريف الاعمال سعادة الشامي على من سمّاهم «طبقة الاقتصاديين الجدد»، حيث قال: الجميع يدرك أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي هو ممر إلزامي للإصلاح حتى يعود لبنان إلى الأسواق العالمية وتأتي المساعدات التي نحن في أشد الحاجة إليها من الدول والمنظمات الدولية الأخرى التي تُجمع كلها على ضرورة الاتفاق مع الصندوق، وإلا فإنّ فلساً واحداً لن يأتي إلى لبنان. فالقول إننا لسنا بحاجة إلى الصندوق ينمّ عن جهل مُتعمّد للواقع وللظروف التي نعيشها، فالاتفاق مع الصندوق ليس محبة به بل محبة بلبنان». وأضاف: «الوضع صعب وصعب جدًا ويحتاج إلى مواجهة الواقع بشجاعة واتّباع سياسات وتدابير قد تكون صعبة ومؤلمة للخروج من هذه الأزمة غير المسبوقة في التاريخ المعاصر. فهل يعقل أن توجَد حلول بهذه البساطة التي يدّعيها البعض ويقرر الذين أعدوا برنامج الإصلاح اللجوء إلى حلول صعبة وتدابير قاسية»؟
الدواء مهدد
وفي موازاة الفلتان في ارتفاع الدولار وجنون الاسعار، أطلقت نقابة الصيادلة صرخة تحذير من فقدان الدواء، حيث وجّه نقيب الصيادلة جو سلوم نداء الى المعنيين، لفت فيه الى انّ «الارتفاع المضطرد والسريع للدولار، أدى الى تَوقّف شبه كامل عن تسليم الأدوية والحليب الى الصيدليات، وبالتالي فقدانها تدريجاً، ناهيك عن انعكاساته السلبية على الواقع الصحي والافلاسات التي تنتظر كل قطاعات الدواء وفي مقدمتها الصيدليات، وبالتالي الاقفال».
وقال: «لا أحد يختلف أن المواطنين عاجزون عن تحمّل المزيد من الأعباء وارتفاع الأسعار، وكذلك الصيدليات وشركات الأدوية والمصانع الدوائية عاجزة عن الاستمرار، في حين انّ وزارة الصحة تقوم بأكثر من واجبها في هذه الظروف الصعبة وضيق الموارد والخيارات، ونقابة صيادلة لبنان لا تألو جهداً في مكافحة كل أشكال المخالفات والتهريب والتلاعب بصحة المواطن. من هنا أتوجّه الى السياسيين في الداخل والمجتمع الدولي لإنقاذ المريض والقطاع الصحي الذي يلفظ أنفاسه الاخيرة، فالانقاذ يبدأ بانتخاب رئيس للبلاد، لتأمين الحد الأدنى من الاستقرار المالي والاقتصادي، واعادة انتظام الحياة الدستورية والتشريعية لتذهب الأمور في اتجاه التعافي ووضع الخطط التنفيذية، لا سيما الصحية، والّا الانهيار الحتمي والتوقّف القسري لكل القطاع الدوائي في غضون أيام».
النهار
تصعيد حكومي متجدّد وتحذير أميركي من الأخطر
وسط جمود سياسي مرشح لان يطول الى ابعد من عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة، تمضي البلاد تحت وطأة الهاجس المتجدد الذي يتمثل باندفاع مؤشرات انهيارية تنذر بتسارع تداعيات الازمة المالية بكل ما يمكن ان تنعكس عبره على الأوضاع المزرية للاكثرية الساحقة من اللبنانيين. ولعل تصاعد “أجراس الإنذارات” مجددا من القطاعات الأشد حيوية والحاحا في حياة اللبنانيين كقطاع الاستشفاء او الدواء، لم يكن الا الدليل على ان ما تخوف منه كثيرون حيال السباق بين تداعيات الازمة السياسية وتداعيات الانهيار المتدحرج، بدأت ترخي بكل اثقالها على مجمل الوضع. علما ان تمدد الازمة السياسية الى كل ما يمت بصلة الى عمل حكومة تصريف الاعمال يخلف المزيد من التداعيات السلبية على مصالح المواطنين.
ذلك انه “استكمالاً للصراع المنفجر بين “التيار الوطني الحر” من جهة ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وسائر مكونات الحكومة الأخرى من جهة مقابلة حول انعقاد جلسات مجلس الوزراء، برز امس جانب جديد في ممارسات الوزراء المحسوبين على “التيار” من خلال تصرف وزير الدفاع الوطني موريس سليم بمرسوم المساعدة الاجتماعية للاسلاك العسكرية بسبب عمله على تعديل مشروع المرسوم كما اقره مجلس الوزراء. واستتبع ذلك توجيه رئاسة مجلس الوزراء كتابا الى وزير الدفاع طلبت فيه توقيع مشروع المرسوم المرسل اليه سابقا كما هو من دون تعديل والاعادة بالسرعة القصوى مشيرة الى ضرورة السير بإصدار مشروع المرسوم الموافق عليه من مجلس الوزراء وليس بالصيغة التي اعدها الوزير داعية الى “جعل حقوق الاسلاك العسكرية في منأى عن التجاذب السياسي استنادا الى حجج دستورية واهية”. وجاء الخلاف الجديد فيما لم تبرز أي مؤشرات لمعالجة ملف ترقيات الضباط العسكريين والامنيين المهددة بالتجميد.
وتفيد المعطيات ان ثمة اشكاليتين مختلفتين في وزارة الدفاع حيث يرفض وزير الدفاع التمديد المقترح والمرفوع من قائد الجيش العماد جوزف عون لكل من رئيس الأركان اللواء أمين العرم الذي يتقاعد في 24 كانون الأول الجاري والمفتش العام في المجلس العسكري اللواء ميلاد إسحق الذي يخرج للتقاعد في 25 الجاري .
والاشكالية الثانية تتمثل برفض الوزير سليم التوقيع على مرسوم المساعدات الاجتماعية للعسكريين الا بالصيغة التي يعتبرها دستورية اي بمرسوم يوقع عليه الوزراء الاربعة والعشرون وليس بالصيغة المقترحة من رئيس الحكومة والمتمثلة بالمرسوم الموقع عليه من ميقاتي ووزير المال ووزير الدفاع. وهذا القرار للوزير سليم يأتي انسجاماً مع موقف باقي الوزراء المحسوبين على “التيار الوطني الحر” والقائل بأن رئيس الحكومة لا يحق له ان يحل مكان رئيس الجمهورية في التوقيع على المراسيم بل تناط هذه الصلاحيات بمجلس الوزراء مجتمعاً أي بتوقيع كل اعضاء مجلس الوزراء الـ24.
المشهد المأزوم
تصرف وزير الدفاع جاء كما يبدو ترجمة لموقف الهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر” التي رفضت امس “رفضا تامًّا الاجتماع اللاشرعي واللادستوري واللاميثاقي الذي عقده مجلس الوزراء” واعتبرت “الاجتماع كأنه لم يكن، ودعت إلى التراجع عنه شكلًا ومضمونًا وتصحيح الخطأ بإصدار القرارات عن طريق المراسيم الجوّالة التي يجب أن يوقّع عليها جميع الوزراء تنفيذًا للمادة 62 من الدستور التي تنصّ على أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية تناط وكالة بمجلس الوزراء والوكالة لا يمكن أن تتجزّأ بين الوزراء. وهذا ما جرى تطبيقه في خلال حكومة الرئيس تمام سلام فما الذي تغيّر لمخالفته، ومن هي الجهات التي تكون قد خالفت ما تم الاتفاق عليه بالإجماع في العام 2014 وتمّت ممارسته على مدى سنتين ونصف السنة”.
وفي المقابل حمل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع محور الممانعة تبعة التدهور الجديد في الوضع المعيشي للبنانيين معتبرا انه “لا يمكن تصوّر أي وقف لهذا التدهور إلا بمعالجات جذرية تتطلّب سلطة سياسية فعلية، وما يحول دون قيام هذه السلطة هو تعطيل محور الممانعة بكل أطرافه للانتخابات الرئاسية”. وقال “إن محور الممانعة، بدءً من “حزب الله” وليس انتهاءً بـ”التيار الوطني الحر” يتحمّل مسؤولية كل تدهور إضافي في الوضع العيشي لأنه سبب الانسداد السياسي القائم.
والمطلوب منا كلبنانيين الضغط بكل قوانا على أطراف هذا المحور لوقف تعطيل الانتخابات الرئاسية والذهاب في أسرع وقت ممكن لانتخاب رئيس جديد، فعلاً جديد، للجمهورية اللبنانية، تبدأ معه مسيرة الانقاذ الفعلي للبلد”.
تحذيرات واشنطن
في غضون ذلك برز موقف أميركي جديد يحذر من خطورة الازمة في لبنان وتبلغه وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب من مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الادنى السيدة باربارا ليف التي استقبلته في مقر وزارة الخارجية في واشنطن ، حيث تم البحث في آخر المستجدات على الساحة اللبنانية، سيما الانتخابات الرئاسية، والاصلاحات المنتظرة بالاضافة الى ابرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وملف النازحين السوريين. وشددت ليف خلال الاجتماع على “ضرورة تحمل أصحاب القرار في لبنان مسؤولياتهم الوطنية والمضي قدما بانتخاب رئيس جديد للجمهورية كخطوة أساسية للبدء بمعالجة الأزمات المتراكمة”. وأكدت “أن ما يواجهه لبنان هو مختلف، وأشد خطورة من ازماته السابقة، وحتى أشد تعقيدا من الازمات الاقليمية في المنطقة التي تتولى متابعتها بحكم نطاق عملها”.
بدوره، أكد بوحبيب “ضرورة استمرار المساعدة الأميركية للبنان خصوصا الدعم للجيش وللقوات الامنية اللبنانية في ظل الوضع الاقتصادي غير المسبوق، والأزمة السياسية التي تنعكس على الاستحقاق الرئاسي، والخطر الذي يهدد لبنان بهويته بسبب عدم إيجاد الحلول المستدامة لإعادة النازحين السوريين الى بلدهم وضرورة تغيير المجتمع الدولي مقاربته لهذا الملف”.
اما في المشهد الاجتماعي والمالي المأزوم وفيما واصل الدولار الأميركي ارتفاعه متجاوزا سقف الـ 45700 الف ليرة في ظل الشلل السياسي التام ووسط غياب مريب عن معالجة هذا التفلّت، اطلق نقيب الصيادلة جو سلوم نداء حذر فيه من أن “الارتفاع المطرد والسريع للدولار، أدى الى توقف شبه كامل عن تسليم الأدوية والحليب الى الصيدليات، وبالتالي فقدانها تدريجياً، ناهيك عن انعكاساته السلبية على الواقع الصحي والافلاسات التي تنتظر كل قطاعات الدواء وفي مقدمتها الصيدليات، وبالتالي الاقفال”. واكد “ان المواطنين عاجزون عن تحمّل المزيد من الأعباء وارتفاع الأسعار، وكذلك الصيدليات وشركات الأدوية والمصانع الدوائية عاجزة عن الاستمرار، في حين ان وزارة الصحة تقوم بأكثر من واجبها في هذه الظروف الصعبة وضيق الموارد والخيارات، ونقابة صيادلة لبنان لا تألو جهداً في مكافحة كل أشكال المخالفات والتهريب والتلاعب بصحة المواطن”. وناشد السياسيين “انقاذ المريض والقطاع الصحي الذي يلفظ أنفاسه الاخيرة ، فالانقاذ يبدأ بانتخاب رئيس للبلاد، لتأمين الحد الأدنى من الاستقرار المالي والاقتصادي، واعادة انتظام الحياة الدستورية والتشريعية لتذهب الأمور في اتجاه التعافي ووضع الخطط التنفيذية، ولا سيما الصحية، والا الانهيار الحتمي والتوقف القسري لكل القطاع الدوائي في غضون أيام”.
وشهدت السرايا الحكومية سلسلة اجتماعات لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي خصصت للبحث في أوضاع القطاع الصحي والمستشفيات . يشار الى ارتفاع سجل امس أيضا في أسعار المحروقات اذ ارتفع سعر صفيحة البنزين 20 ألف ليرة، وصفيحة المازوت 21 ألفاً، وقارورة الغاز 13 ألفاً.
COMMENTS