اللواء
صندوق النقد ينسف المعالجات.. ويُحرِّر المركزي من ضغوطات الحكومة
مجلس وزراء مالي الاثنين ومساعدتان للقطاع العام وميقاتي يستنجد ببري
عدا عن إعادة النظر بالتوقيت الصيفي، الذي كان سيبدأ عملياً ليل السبت – الأحد لمدة شهر كامل، هو شهر رمضان المبارك، طغى الهم المعيشي والمطالب القطاعية، فضلاً عن احتواء تداعيات الملاحظات والتحذيرات الحادة والخطيرة لصندوق النقد الدولي، الذي غادر وفده بعد لقاءات مكثفة في بيروت، شملت مسؤولين كباراً وهيئات اقتصادية ودبلوماسية، على ما عداه، وكانت هذه المواضيع ابرز ما بحثه الرئيس نجيب ميقاتي في عين التينة مع الرئيس نبيه بري، وأعلن قبل ذلك عن جلسة لمجلس الوزراء قبل ظهر الاثنين المقبل لبحث جدول اعمال مالي حافل، لجهة اعطاء موظفي اوجيرو بعضاً من المطالب الملحة، بعد اعلان الاضراب المفتوح اليوم، فضلاً عن اضافة مساعدتين لموظفي القطاع العام في الخدمة والمتقاعدين ليتمكن هؤلاء من مواجهة الأعباء الحياتية في شهر رمضان مع الارتفاعات الجنونية للاسعار والدولار.
كل ذلك على وقع خلافات حادة بين مكونات القطاع العام سواء العسكريين المتقاعدين او قدامى اساتذة الجامعة اللبنانية، الذين يطالبون بتثبيت سعر صيرفة للقطاع العام على مبلغ لا يتعدى الـ30 الف ليرة لبنانية اضافة الى تغذية التعاونيات والصناديق الضامنة.
وفي السياق، توقفت مصادر سياسية عندما اسفر عنه لقاء الرئيسين بري وميقاتي عن قرار اصدره الاخير بوقف العمل بالتوقيت الصيفي مؤقتا طيلة شهر رمضان المبارك، بالتزامن مع تسريب صوتي، بينما كان المواطنون،يتطلعون الى مواقف ،تحاكي اوجاعهم ومعاناتهم،جراء الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي الذي لم يعهده لبنان من قبل ، ولاسيما بعد المواقف الزلزالية لرئيس صندوق النقد الدولي،الذي كشف عن وضع مالي خطير مقدم عليه لبنان، اذا لم تستدرك الحكومة والسلطات اللبنانية باتخاذ القرارات اللازمة والسريعة،على صعيد اتمام الاصلاحات المطلوبة في الوزارات والمؤسسات العامة، وتعديل مشروع قانون الكابيتال كونترول وخطة الاصلاح المالي وهيكلة المصارف وغيرها.
وقالت المصادر ان هذا القرار الحكومي يعبر عن مستوى الانحدار والفشل الذي بلغته الحكومة والمجلس النيابي معا ، بالاهتمام بمطالب الناس واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لوقف الانهيار الحاصل، واستبدالها بقرار «اخراج لبنان من التوقيت العالمي» ،وما تسبب به من ارباكات غير مسبوقة لدى شركات الطيران المحلية والعربية والدولية، وكأن هناك إياد خفية ،لاتمام الاشكالات الحاصلة في مؤسسات الدولة واداراتها والقطاعات الاقتصادية والمالية،لتشمل العبث بقطاع الطيران عموما.
لذا، فالانظار شاخصة بقوة الى الجلسة الحكومية، لمعرفة مسار الأمور، قبل ايام قليلة من تحويل وزارة المال رواتب الموظفين والمتقاعدين الى المصارف.
ولعل ما ورد في بيان صادر عن العسكريين المتقاعدين عشية الجلسة ابلغ تعبير عن حالة الاحتقان «فيوم انعقاد الجلسة المقبلة للحكومة سيكون يوماً غير اعتيادي كون الجوع سيقلب الموازين عند عدم التجاوب، وغداً لناظره قريب».
وفي الوقت الذي وصلت فيه مساعدة وزير الخارجية الاميركية بربارة ليف الى بيروت، من ضمن جولة في المنطقة، تشمل لبنان، حيث تلتقي عدداً من المسؤولين في مقدمهم الرئيسان بري وميقاتي ووزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بو حبيب، استأثرت الخلاصات المفصلية والحادة التي انتهت اليها جولة بعثة صندوق النقد الدولي لبضعة ايام في بيروت، التقى خلالها المسؤولين والهيئات القطاعية والاقتصادية وناقش خطة الحكومة للتعافي ومشروع الكابيتال كونترول وحزمة الاصلاحات والعلاقة بين الحكومة والمصرف المركزي… وخضعت لتقويم في السراي الكبير، وأدت الى ارجاء جلسة مجلس النواب، وإحالة المشاريع المطروحة الى اللجان المشتركة التي تجتمع الاثنين، بعد تأجيل اجتماع هيئة مكتب المجلس النيابي.
واجتمع ميقاتي، في حضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، مع وفد من صندوق النقد الدولي برئاسة راميريز، وضم الوفد الممثل المقيم للصندوق في لبنان فريدريكو ليما والأعضاء: روبير تشيدز، غوف كيم، سفيلتانا شيروفيك، اتيلا اردا ونتاليا سالازار واندر أيمري وشارك في الاجتماع مستشار الرئيس ميقاتي النائب السابق نقولا نحاس.
وتم خلال اللقاء عرض نتيجة المشاورات التي قامت بها بعثة الصندوق في لبنان بعد جولة قامت على المسؤولين المعنيين تمهيدا لوضعها التقرير التقييمي الذي سيصدر عنها.
وقال راميريز في مؤتمر صحفي عقده في ختام زيارته للبنان أن «لبنان في وضع خطير للغاية. وتقدّم الإصلاحات في لبنان بطيء للغاية بالنظر إلى درجة تعقيد الموقف.
أضاف: كنا نتوقع المزيد من حيث إقرار وتنفيذ التشريعات الخاصة بالإصلاحات المالية في لبنان. مشيراً إلى أن «المسودة النهائية لقانون الـ»كابيتال كونترول» لا تلبّي الأهداف وتحتاج إلى تعديلات».
كما أشار إلى أنّ «معالجة الخسائر قبل إعادة إطلاق الإتفاق ضروريّ، والاتفاق على مستوى الخبراء الذي وقّعته الحكومة نهائيّ»، وحثّ السلطات اللبنانيّة على «تسريع تنفيذ الإصلاحات للحصول على حزمة الإنقاذ».
وقال: لا تقديرات جديدة للخسائر في القطاع المالي اللبناني، ونطالب الحكومة اللبنانية بـالتوقف عن الاقتراض من البنك المركزي، وسيتعين على الجميع تحمل خسائر نتيجة الأزمة المالية في لبنان.
وفي السياق، طالب الحزب التقدمي الاشتراكي برهن املاك الدولة الشاسعة عوض الهروب الى الامام وتلزيم زهيد لرصيف مرفأ بيروت أو مناقصة توسيع للمطار نحن بغنى عنها في الوقت الحاضر، فهل يخرج «كبار القوم من المستنقع الذي اغرق كل مؤسسات الدولة في شلل كبير».
وتوقف عند الثمن الذي تدفعه الفئات المهمشة في القطاع العام، وستكون النتيجة على شاكلة ما حصل امس من مشهد دراماتيكي حيث كان العسكر يواجه العسكر والفقير يواجه الفقير.
رسالة خرازي
الى ذلك، سجلت مصادر متابعة ملاحظات مهمة عدة، في اللقاء الذي عقده الوفد الايراني الذي زار لبنان مؤخرا برئاسة كمال خرازي مع عدد من الصحفيين اهمها، ان زيارة الوفد الى لبنان، حصلت بعد ايام معدودة على توقيع الاتفاق السعودي الايراني في بكين برعاية صينية، لاعطاء انطباع وتاكيدات،بأن مضمون الاتفاق لن يؤثر على وجود حزب الله وسلاحه ودوره ألذي فرضه بقوة السلاح، وكأنه تكريس لدور الحزب على هذا النحو مستقبلا.
واشارت المصادر إلى ان رئيس الوفد الذي كان مقتضبا في اجاباته،حاول بداية اللقاء ان يستمع الى انطباعات ووجهات نظر الصحفيين المدعويين،وغالبيتهم من صحافيي الممانعة والمنضويين في خطها،الا ان مطالبة البعض بطرح الأسئلة لسماع اجوبة ومواقف المسؤول الايراني،اسفرت عن إجراء حوار،تكشفت من خلاله اهداف زيارته الى لبنان،بعد ان زار سوريا قبلها.
وقالت المصادر ان خرازي شدد في بداية اللقاء على ان حزب الله، لا يتلقى اوامره من ايران ،ويتصرف بمعزل عن السياسة الايرانية،ويتخذ قراراته بمفرده،وبماينسجم مع مصلحته ومصلحة لبنان،وبالتالي لاصحة لمن يربط وجود الحزب ودوره وسلاحه،بنتائج الاتفاق السعودي الايراني.
وشددت على ان خرازي لم يكتف بذلك،وحاول مرارا،باجاباته على تبرير وجود سلاح الحزب،وضرورة عدم المساس به،متسائلا من يحمي الحدود الجنوبية للبنان، واتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل،متجاهلا بالكامل دور الدولة والجيش اللبناني في حفظ الامن والسيادة على كل الاراضي اللبنانية.
ما خلص اليه المتابعون ان زيارة المسؤول الايراني للبنان،هدفها الاساسي اعطاء ضمانات وتطمينات للحزب بأن نتائج الاتفاق السعودي الايراني، لا تشمل وجود الحزب ودور سلاحه داخل لبنان، بعد تطبيق مضمون الاتفاق،في ظل استمرار وجود التهديدات الإسرائيلية للبنان.
بري وميقاتي
حكوميا تقرر أن تنعقد جلسة لمجلس الوزراء قبل ظهر الاثنين المقبل في السرايا لبحث بند وحيد تم توزيعه على الوزراء ويتعلّق بـ «عرض وزير المالية الوضعَين المالي والنقدي وانعكاساتهما على القطاعات المختلفة لاسيما على رواتب واجور وتعويضات العاملين والمتقاعدين في القطاع العام، اضافة الى عرض وزير العمل لتلك لإنعكاسات على المستخدمين والعاملين الخاضعين لقانون العمل».
وعقد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اجتماعا مع وزير المال يوسف خليل والمدير العام للمالية جورج معراوي، جرى في خلاله البحث في التحضيرات لعقد جلسة للحكومة الاسبوع المقبل تخصص لبحث موضوع رواتب القطاع العام ولبحث هذه المسألة، زار ميقاتي امس رئيس المجلس نبيه بري، وتم في بداية اللقاء التوافق بين الرئيسين على تأجيل اعتماد التوقيت الصيفي من آخر سبت في اذار الى آخر سبت في نيسان. وفعلاً صدر عن أمين عام مجلس الوزراء محمود مكية،امس، قرارٌ جاء فيه: عملاً بقرار مجلس الوزراء رقم (5) تاريخ 20/8/1998 المتعلق بتقديم التوقيت المحلي ساعة واحدة خلال فصل الصيف، وإستناداً إلى الموافقة الإستثنائية الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء بتعديل هذا القرار إستثنائياً لهذا العام، يُعلن أمين عام مجلس الوزراء عن تأجيل تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم (5) المتعلق بتقديم التوقيت المحلي، بحيث يتمّ تقديم الساعة ساعة واحدة اعتباراً من منتصف ليل 20 ــــ 21 نيسان 2023، تاريخ بدء العمل بالتوقيت الصيفي لهذا العام إستثنائياً.
وقال ميقاتي بعد اللقاء مع برّي: وتحدثنا في الامور العامة وخاصة ما ننوي التطرق اليه خلال جلسة مجلس الوزراء المنوي عقدها مطلع الاسبوع المقبل. كما ناقشت مع دولة الرئيس الأوضاع الصعبة التي يمر بها البلد وواقع المالية العامة، والواردات والمصاريف المطلوبة وزيادة الأجور للقطاع العام والمتقاعدين وبحثنا في هذا الموضوع بإسهاب. وهذا الامر يجب أن يكون موازيا مع إقرار القوانين الاصلاحية الموجودة في أدراج مجلس النواب في أسرع وقت».
وأضاف :» لقد تم تأجيل إنعقاد هيئة مكتب مجلس النواب لمزيد من البحث وللافساح في المجال لإحالة بعض مشاريع واقتراحات القوانين على اللجان النيابية لدرسها ، لتكون الجلسة المقبلة لمجلس النواب جلسة منتجة على صعيد إقرار القوانين».
وتابع ميقاتي :« كانت وجهات النظر متفقة ونحن نتابع هذا الموضوع، ولكنني كنت صريحا جدا مع دولة الرئيس بأن الاوضاع تقتضي ورشة طوارئ سريعة لإنقاذ البلد لا نستطيع ان نبقى على ما هي عليه الاوضاع راهنا، ولا تستطيع الحكومة أن تقوم بدورها مع مجلس نيابي معطل ومع عدم إنتخاب رئيس للجمهورية».
وقال ميقاتي: إن إنتخاب الرئيس مسألة ضرورية والمدخل الى الحل. ومن ينتقد ما نقوم به اليوم على حسناته أو مساوئه فليذهب وينتخب رئيسا للجمهورية. فإنتخاب الرئيس ضروري وإنعقاد مجلس النواب لإقرار المشاريع الإصلاحية ، وايضا عقدت صباحاً إجتماعا مع صندوق النقد الدولي وبحثنا في هذه المواضيع ومشاريع القوانين الموجودة في مجلس النواب يجب إقرارها.
وختم ميقاتي: لقد ارسلنا هذه المشاريع الى مجلس النواب، وقد لا تكون بالضرورة مثالية، ولكن علينا ان نتفق. اليوم نحن امام ثلاثة خيارات إما الاتفاق مع صندوق النقد، أو أن نتفق مع بعضنا البعض أو الا نتفق بتاتا. وبدا واضحا اننا اخترنا الخيار الاسوأ، وهو الا نتفق بتاتا ، فمن هو المستفيد من هذا الواقع؟ المواطن هو الذي يدفع الثمن وكل الطبقة السياسية مسؤولة عن ذلك.
وكان ميقاتي قد زار قبل عين التينة، دار الفتوى حيث قدم التهنئة لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بحلول شهر رمضان المبارك.في حضور اركان الدار.
وقال ميقاتي بعد اللقاء: تحدثناعن المواضيع العامة وشؤون الطائفة. توجد بعض الأفكار للقيام بلقاء في هذا الدار الكريم لأركان الطائفة والمجلس الشرعي. كذلك، تحدثنا أيضاً عن المواضيع التي تهم المواطن بشكل خاص، ونحن نعلم ونعي تماماً الوضع المعيشي الصعب الذي يمر به كل لبنان
وأضاف: شرحت بأسهاب الواقع الذي نحن فيه، فنحن كحكومة نقوم بواجبنا كاملاً، وقد أرسلنا كل مشاريع القوانين الى مجلس النيابي لاقرارها من أجل ان يكون ذلك بداية ورشة عملية واصلاحات كبيرة على صعيد الدولة اللبنانية من أجل إعادة الحركة الاقتصادية الناشطة لكي نستطيع إنقاذ ما نتمكن من إنقاذه رغم هذه الظروف الصعبة.
مولوي والإنتخابات البلدية
وفيما البحث مازال قائماً لتوفير تمويل اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية تلافياً لمحظور التمديد لها سنة اضافية، في وقت ما زالت بعض الكتل المسيحية ترفض عقد اي جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، على امل ان يحقق لقاء حريصا الروحي الديني للكتل المسيحية في 5 نيسان المقبل انفتاحاً للحوار والتوافق بين هذه الكتل. اكد وزير الداخلية واليلديات بسام مولوي «أنّ الانتخابات البلديّة والاختياريّة حاصلة في موعدها، من دون تأجيل.
واوضح إنّ الأجواء توحي حتى الآن بصعوبة انعقاد جلسة تشريعية، ولكن إن عُقدت وصدر قانون بتأجيل الانتخابات فسيلتزم به.
وأضاف مولوي: لا تأجيل للانتخابات إلا عبر قانون صادر من مجلس النواب، من دون أن يصدر أيّ اقتراح من الحكومة أو وزارة الداخليّة، ولن نقبل بأي فتوى أخرى تجيز استمرار المجالس البلديّة والمخاتير بعملهم بحجّة تسيير المرفق العام.
وكشف مولوي الى أنّ الصعوبات اللوجستيّة والماديّة التي قد تعترض حصول الانتخابات يمكن تجاوزها، «فالدولة تدفع هنا وهناك ويمكنها أن تدفع تكاليف الانتخابات، وأن تعطي القضاة والأساتذة ما يستحقّون للمشاركة في تنظيم الانتخابات»، مستبعداً حصول عرقلة من وزارة المال في هذا المجال.
وبناءً على ما سبق، أكد مولوي أنّه سيدعو الهيئات الناخبة بعد ظهر الإثنين ٣ نيسان، في حال لم تُعقد قبل هذا التاريخ جلسة تشريعيّة للتمديد للمجالس البلديّة والمخاتير.
وفي خطوة كانت متوقعة بعد التلويح بها في الساعات الـ24 الاخيرة، اعلن المجلس التنفيذي لنقابة موظفي هيئة «اوجيرو» المفتوح اعتباراً من صباح اليوم «لتجاهل مطالبنا بتعديل رواتب اصبحت تعادل 1 في المئة من قيمتها» وفي خطوة قد تهدد بعزل لبنان عن العالم، علماً ان خدمة الانترنت في لبنان سجلت تراجعاً ملحوظا في الفترة الاخيرة بسبب ارتفاع كلفة تشغيل الشبكة واصلاح الاعطال وتحديث الآلات… ليس بعيدا طمأن وزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال جوني القرم الى ان موظفي اوجيرو يعلمون جيدا المسؤولية الملقاة على عاتقهم ولا يقبلون بعزل لبنان عن العالم، لكن في الوقت ذاته لديهم مطالب محقة التي اسعى بشكل حثيث منذ فترة الى تحقيقها. ودعا القرم وزارة المال الى «تنفيذ قرارات مجلس الوزراء المتخذة في هذا الشأن، لا ان تكون مجرد حبر على ورق». وقال «اطالب وزارة المال منذ نحو اسبوعين بتطبيق تلك القرارات، ولا ازال انتظر تجاوبها الذي لم نتلمسه حتى الان. واذا ما تم تنفيذ القرارات المشار اليها نكون قد خطونا الخطوة الاولى في اتجاه معالجة الازمة.
استجواب الحواط
قضائياً، مَثُلَ امس، عضو تكتل الجمهورية القوية النائب زياد الحواط، أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور في قصر العدل، بعدما ادعت عليه القاضية غادة عون بتهمة القدح والذم والتشهير وتهديد قاضٍ.
ورافق الحواط نواب التكتل جورج عقيص ورازي الحاج، وغادة أيوب وعدد من المناصرين.
وقال حواط من أمام قصر عدل بعبدا، بعد مثوله أمام قاضي التحقيق: أن البعض نصحني بعدم الحضور لعدم إعطاء شرعيّة لما يحصل، ولكنّني أردتُ أن أكون تحت سقف القانون وهذا ليس ضعفاً إنّما قوّة .
وأضاف: أنا نائب أقوم بدوري الوطني، أمّا القاضية عون فلا تحترم القانون ولا تحضر إلى التفتيش القضائي عندما يستدعيها.
كما أكد الحواط أنه بعد مثوله أمام القاضي نقولا منصور في الشكوى المقدمة من القاضية غادة عون، «تخليت عن حصانتي المكرسة دستورياً لأواجه القضاء المسيس في عقر داره» .
وصدرت مواقف متضامنة مع حواط عن عدد من النواب في المعارضة.
البناء
نتنياهو يعترف بمأزق حكومته أمام تمرّد العسكر… والشاباك يجبر بن غفير على الصفقة مع الأسرى
الرياض تستأنف النشاط القنصلي مع سورية… والسفارات مع نهاية رمضان
الحكومة الاثنين للملف المالي… وتأجيل التوقيت الصيفي… وليف لنهاية الحلف مع السعودية
للمرة الأولى منذ بدء الاحتجاجات التي عصفت بالكيان رداً على محاولات حكومة بنيامين نتنياهو السيطرة على النظام القضائي، وبعدما انشطر الكيان الى نصفين متقابلين، بما يهدّد بحرب أهلية وفقاً لرئيس الكيان، ظهرت التداعيات المرعبة التي فرضت على نتنياهو الاعتراف بـ المأزق من جهة، والحاجة للحوار مع المعارضة من جهة مقابلة، فقد تراجع الشيكل أمام الدولار بنسبة قاربت 10%، وأبلغ خمسمئة من الضباط الكبار في الاحتياط رفض الخدمة ما لم تتراجع الحكومة عن مشروعها للسيطرة على القضاء، وقام جهاز الأمن العام الشاباك بإبرام صفقة مع الأسرى لبتّ جميع مطالبهم، بصورة مغايرة لما كان يدعو إليه وزير الأمن الداخلي ايتمار بن غفير وفرض الشاباك على بن غفير قبول الصفقة.
بالتوازي مع تضعضع حال الكيان، كانت الساحة الإقليمية تمضي بالمزيد من الانفراجات البينية، على إيقاع فشل المشروع الأميركي وتراجعه، وفيما تستعدّ موسكو لاستضافة اللقاء الرباعي الروسي الإيراني السوري التركي على مستوى نواب وزراء الخارجية كإطار للتفاوض حول الصيغة السياسية للعلاقات التركية السورية في ضوء الشروط التي أعلنها الرئيس السوري بشار الأسد، ولقي تأييد كل من روسيا وإيران، أعلن التلفزيون السعودي عن قرار استئناف النشاط القنصليّ بين سورية والسعودية، فيما نقلت وكالة رويترز وعدد من الوكالات الإعلامية العالمية ما وصفته بالمعلومات المتطابقة من عدد من المصادر الرفيعة عن اتخاذ القرار بعودة العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وطهران، على أن يترجم ذلك خلال زيارة لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى دمشق نهاية شهر رمضان، ووفقاً لمصادر متابعة للعلاقات السعودية السورية، التي تحدث عنها الرئيس الأسد بلغة إيجابية واضحة، فإن الانفتاح السعودي على سورية يأتي في قلب التموضع الجديد الجاري إقليمياً على خلفية التراجع الأميركي وفشل الحروب الأميركية. وقد عبر عن الوزير بن فرحان عن التوجه السعودي نحو سورية وفقاً لمقاربة مخالفة للمرات السابقة التي قامت على السعي لمقايضة الانفتاح على دمشق بابتعادها عن إيران وقوى المقاومة، ليقوم على السعي لعلاقة قائمة على احترام الخيارات السورية في زمن الانفتاح السعودي على إيران، وتمسك سورية بخياراتها كما قال الرئيس الأسد باعتباره العلاقة مع إيران غير مطروحة للتفاوض مع أحد فهي علاقة استراتيجية تستند الى قراءة واحدة لمفهوم الأمن القومي القائم على مواجهة الهيمنة الأميركية والمشروع الصهيوني وتبني خيار المقاومة.
لبنانياً، وصلت معاونة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف إلى بيروت، ووصفت مصادر سياسية متابعة الزيارة بالاستطلاعيّة لمعرفة حدود الانهيار الذي بلغه الوضع الاقتصادي والمالي وفقاً لرهان ليف نفسها على أن الأسوأ للبنان يجب أن يأتي وأنه يمكن له أن يحسن شروط واشنطن في مواجهة حزب الله، وهو ما سوف تحاول ليف استكشافه بعد تهديدات الأمين العام لحزب الله بمواجهة خطر الفوضى الأميركية بإشهار خيار الحرب على كيان الاحتلال، وبالتوازي سوف تقوم ليف باحتساب الأوراق الأميركية الخالصة في المستوى السياسي اللبناني إذا ما قرّرت الرياض سلوك طريق منفصل في مقاربة الملفات اللبنانية على خلفية تفاهمها مع إيران.
حكومياً، ينعقد الاثنين اجتماع للحكومة مخصص للوضعين المالي والاقتصادي، للتوقف أمام كيفية إدارة الأزمة في ظل مخاطر انهيارات إضافية في سعر الصرف، وفي ظل تحذيرات صندوق النقد الدولي من اللحظة الحرجة التي بلغها الوضع المالي في لبنان، بينما انشغل الوسط السياسي بالتعليقات غير المفهومة على قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، بما يسهل أمور الصائمين وعدم إرباكهم بالانتقال بين توقيتين، خصوصاً أن بعض المواقف والتعليقات اتخذت طابعاً طائفياً غير مفهوم.
وفيما فرض حلول شهر رمضان تهدئة للمشهد الداخلي الذي شهد سخونة اقتصادية ونقدية وأمنية لافتة أولى أيام الأسبوع في ظل توحّد مراجع المذاهب الاسلامية على بداية الصوم انسجاماً مع الاتفاق السعودي الإيراني في الصين، غاب النشاط السياسي باستثناء حركة لافتة ونشطة لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي باتجاه عين التينة ودار الفتوى أفضت الى إعلان عن جلسة لمجلس الوزراء الاثنين المقبل فيما عقد ميقاتي سلسلة لقاءات مالية واقتصادية وعمالية في السراي الحكومي.
وأطلق ميقاتي سلسلة مواقف من عين التينة بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقال ميقاتي بعد اللقاء: «انتخاب رئيس جمهورية هو الحل ومن ينتقدنا عليه ان يذهب وينتخب رئيساً». أضاف: كنت صريحاً مع الرئيس بري بأن الأوضاع تقتضي عملية طوارئ سريعة لإنقاذ البلد. فالحكومة لا تستطيع أن تقوم بدورها مع مجلس نيابي معطل ومع غياب انتخاب رئيس للجمهورية. ويتمّ الإعداد لجلسة وزارية مطلع الأسبوع المقبل. ولاحقاً، وزعت الامانة العامة لمجلس الوزراء نص دعوة لجلسة حكومية تعقد الاثنين المقبل ببند وحيد يتعلّق بعرض وزير المالية الوضعَين المالي والنقدي وانعكاساتهما على القطاعات المختلفة.
وخلال اللقاء طلب بري من ميقاتي، إرجاءَ موعد اعتماد التوقيت الصيفي، شهراً، حتى ليل 20 – 21 نيسان المقبل استثنائياً، فكان له ما أراد.
ووفق مصادر «البناء» فإن ميقاتي استمزج رأي بري بعدة مواضيع لا سيما تلك التي تحتاج تنسيقاً وتعاوناً بين مجلسي النواب والوزراء وصعوبة إنجاز مشاريع القوانين بظل التعطيل الذي طال مختلف المؤسسات الدستورية بسبب الفراغ في رئاسة الجمهورية، كما وضع ميقاتي بري بأجواء زيارته الى الفاتيكان وأوروبا وقبرص وأيضاً بمضمون الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي، كما وضعه بصورة الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء.
وعلمت «البناء» أن وزير المال يعدّ دراسة حول الواقع المالي والاقتصادي تتضمن اقتراحات لتعزيز الإيرادات لكي تستمر بتلبية حاجات الدولة الاساسية بظل توقف مصرف لبنان عن تمويل الدولة. ووتتضمن الدراسة آليات لزيادة رواتب موظفي القطاع العام لفك الإضراب بعدة مؤسسات ومرافق عامة لاعادة تفعيلها وتعزيز الجباية على ان يعرض وزير المال هذه الخطة على مجلس الوزراء الاثنين لمناقشتها.
وعلمت البناء أن أغلب الوزراء سيحضرون الجلسة بمن فيهم وزراء محسوبون على التيار الوطني الحر لكونها ستبحث بنداً واحداً فقط.
وقبيل زيارته عين التينة قصد ميقاتي دار الفتوى وقدم التهنئة لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بحلول شهر رمضان المبارك. بعد اللقاء قال ميقاتي: «شرحت بإسهاب الواقع الذي نحن فيه، فنحن كحكومة نقوم بواجبنا كاملاً، وقد أرسلنا كل مشاريع القوانين الى مجلس النيابي لإقرارها من أجل ان يكون ذلك بداية ورشة عملية واصلاحات كبيرة على صعيد الدولة اللبنانية من أجل إعادة الحركة الاقتصادية الناشطة لكي نستطيع إنقاذ ما نتمكن من إنقاذه رغم هذه الظروف الصعبة».
وأكد بعد اللقاء أن الاجتماع تناول المواضيع العامة والتي تهم المواطن خصوصاً بالتزامن مع الوضع المعيشي الصعب، وأشار الى ان الحكومة تقوم بواجباتها، وقد أرسلت مشاريع القوانين الى مجلس النواب لإقرارها.
وكان ميقاتي استقبل في حضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، وفد صندوق النقد الدولي ومشاركة مستشار ميقاتي النائب السابق نقولا نحاس. وتم خلال اللقاء عرض نتيجة المشاورات التي قامت بها بعثة الصندوق في لبنان بعد جولة قامت على المسؤولين المعنيين تمهيداً لوضعها التقرير التقييميّ الذي سيصدر عنها.
وفي تحذير خطير وجديد أعلن رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى بيروت أرنستو راميريز أن «لبنان في وضع خطير للغاية». ولفت بعد جولة استمرت أياماً قام بها الوفد على المسؤولين اللبنانيين الى ان «تقدم الإصلاحات في لبنان «بطيء للغاية بالنظر إلى درجة تعقيد الموقف». اضاف «كنا نتوقع المزيد من حيث إقرار وتنفيذ التشريعات الخاصة بالإصلاحات المالية في لبنان». واشار الى ان المسودة النهائية لقانون الكابيتول كونترول لا تلبي الأهداف وتحتاج لتعديلات.
وشدد في مؤتمر صحافي في ختام زيارته بيروت، على «السلطات اللبنانية تسريع تنفيذ الإصلاحات للحصول على حزمة الإنقاذ»، معلناً أنّه «لا تقديرات جديدة للخسائر في القطاع المالي اللبناني». وطالب الحكومة اللبنانية بـ»التوقُّف عن الاقتراض من البنك المركزي»، مؤكداً أنّه «سيتعيّن على الجميع تحمل خسائر نتيجة الأزمة المالية في لبنان». وذكر أن «النظام المصرفي اللبناني يفتقر إلى السيولة ورأس المال في هذه المرحلة، ويجب أن ينتقل لبنان إلى سعر صرف يحدّده السوق لأنّ سعر «صيرفة» يحدّده البنك المركزي».
وكان ميقاتي استقبل رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر الذي قال بعد اللقاء: «كنا أمام قاب قوسين أو أدنى من إعلان الإضراب الشامل المفتوح وتمنينا على دولة الرئيس اليوم، عقد اجتماعات متلاحقة للمسؤولين الماليين لمحاولة المعالجة، فالوضع غير مقبول ونجد أن هناك تطوراً في سعر صرف الدولار 40 الفاً صعودا ونزولا في ظرف يومين، وهذا يدل على التلاعب المفرط في سعر الصرف».
واشار الى ان «المطالبة التي رفعناها ستنفذ كما قال دولة الرئيس، باجتماعات متلاحقة مع وزير المال ومع حاكم مصرف لبنان، فنحن على أبواب الشهر الفضيل، والناس ليس بمقدورها أن تتحرك في شهر رمضان المبارك، لذلك هناك ضرورة للمعالجة في أسرع وقت ممكن».
وفي خطوة كانت متوقّعة بعد التلويح بها في الساعات الـ24 الأخيرة، أعلن المجلس التنفيذي لنقابة موظفي هيئة «أوجيرو» الإضراب المفتوح اعتباراً من صباح غد الجمعة «لتجاهل مطالبنا بتعديل رواتب أصبحت تعادل 1 في المئة من قيمتها»، في خطوة قد تهدّد بعزل لبنان عن العالم.
ولكي تكتمل حلقة الشلل المؤسسي أفيد أن اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب الذي كان حُدّد يوم الإثنين المقبل، جرى تأجيله إلى موعدٍ يُحدد لاحقاً إفساحاً للمجال أمام دراسة المزيد من القوانين الجديدة في اللجان النيابية المُشتركة.
وإزاء هذا الواقع المأساوي في البلاد على مختلف الصعد أشارت أوساط سياسية مطلعة لـ»البناء» إلى أن لبنان يعيش سباقاً بين وصول الانعكاسات الايجابية للاتفاقات الإقليمية والمتغيرات الدولية لا سيما الاتفاق الإيراني السعودي وبين بلوغ نقطة الانهيار الكبير والارتطام. كاشفة عن اتفاق بين مرجعيات سياسية على اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لإبقاء الأمور تحت السيطرة ولجم الانهيار حتى تصل رياح الانفراجات الإقليمية الى لبنان فتثمر تسوية سياسية تفتح أبواب الانفراج الاقتصادي. ودعت الأوساط الى ترقب مسار تنفيذ بنود المصالحة الإيرانية السعودية لا سيما في اليمن وامن الطاقة في الخليج وبالتوازي الانفتاح الخليجي والعربي على سورية لا سيما المسار السعودي السوري الذي سيشهد خطوات دبلوماسية سريعة قبل حلول عيد الفطر.
ونقلت وكالة رويترز عن ثلاثة مصادر مطلعة، قولها إن السعودية وسورية اتفقتا على معاودة فتح سفارتيهما بعد قطع العلاقات الدبلوماسية قبل أكثر من عقد. ومن شأن هذه الخطوة التمهيد بشكل كبير لعودة دمشق إلى الصف العربي.
ويعوّل الفرنسيون وفق معلومات «البناء» على عودة العلاقات بين طهران والرياض لتسهيل جهودها في لبنان وتحضر الدبلوماسية الفرنسية الى اجتماع جديد للخماسية التي تضمّ الى جانب فرنسا السعودية وقطر ومصر والولايات المتحدة.
ووفق المعلومات، فإن السعودية لم تقتنع بعد بوجهة النظر الفرنسية وليست مستعجلة للمساومة على الملف اللبناني قبل تثبيت الهدنة باليمن ووضعها على سكة الحل السياسي، وقد تلجأ المملكة الى التفاوض المباشر مع طهران حول لبنان طالما فتحت نافذة العلاقات بينهما وتستأثر بنفوذ أكبر في لبنان بدل ان تعطي هذه الورقة للفرنسيين.
وقد تلجم الاندفاعة الفرنسية باتجاه لبنان التطورات في الشارع الفرنسي والاحتجاجات على قرارات الرئاسة الفرنسية.
الى ذلك التقى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، رئيس مجلس العلاقات الخارجية في إيران كمال خرازي والوفد المرافق له بحضور السفير الإيراني في لبنان، حيث جرى استعراض لآخر التطورات السياسية في المنطقة.
وفي تزامن لافت وصلت مساعدة وزير الخارجية الأميركية بربارة ليف إلى مطار بيروت الدولي امس، في زيارة تجري خلالها محادثات مع عدد من المسؤولين.
الأخبار
البنك الدولي: كذبنا عليكم بالكهرباء
في نهاية كانون الثاني، تبلّغ نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، من مسؤول البنك الدولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج، أنه لن يتم تخصيص أي أموال في موازنة البنك لتمويل استيراد الغاز من مصر، قائلاً: «لم يبق إلا إعلان انتهاء المشروع، وعلى وزير الطاقة أن يعلِن ذلك للشعب اللبناني وليس البنك الدولي»، بحسب ما ورد في محضر اللقاء بين الطرفين الذي اطلعت عليه «الأخبار» (تقرير ميسم رزق).
مضَى أكثر مِن عام ونصف منذُ إبلاغ السفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، قراراً من إدارتها بمساعدة لبنان في قطاع الكهرباء (استجرار الكهرباء من الأردن، واستيراد الغاز من مصر لتشغيل معامل الكهرباء في لبنان وزيادة الإنتاج). أتى ذلك القرار إثر إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله «انطلاق السفينة الأولى المحمّلة بالمشتقات النفطية من إيران، لكسر الحصار». وحتى الآن، لم يترجم القرار الأميركي، لا لناحية إصدار الإدارة الأميركية استثناءات لمصر من «قانون قيصر»، ولا لجهة صدور الموافقة من البنك الدولي على تمويل ثمن الغاز. بالعكس، تلقّى لبنان رسالة واضحة من مسؤول البنك الدولي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج، بأن هذا الأمر انتهى. قالها في لقاء رسمي عقد في نهاية كانون الثاني 2023 في واشنطن، مع نائب رئيس الحكومة الياس بو صعب الذي كان يرافقه النواب: نعمة افرام، ومارك ضوّ، وياسين ياسين.
إذاً، على رغم كل ما سُرّب عن بدء العدّ العكسي لمسار تنفيذ الخطة التي وُضِعت على السكة منذ شهر آب 2021، ووصول إشارات إيجابية من البنك الدولي الذي يفترض أنه سيمنح لبنان قرضاً لتمويل ثمن الغاز وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز، فضلاً عن إشاعات صدور استثناءات من قانون قيصر، إلا أنه تبيّن في النهاية أن البنك الدولي والإدارة الأميركية يكذبان. فقد أشاعا انطباعاً أن البنك الدولي سيلعب دور «المُسعِف» للقطاع المتعثّر، بإيعاز من الإدارة الأميركية، وأن الأمر متوقف على شروط يفترض بلبنان أن ينفّذها مثل تعيين الهيئة الناظمة للاتصالات، والتدقيق في حسابات كهرباء لبنان، وتصحيح تعرفة الكهرباء للمشتركين… في حقيقة الأمر، كان الانطباع مُزوراً؛ فالطرفان متفقان على الانتقام السياسي من خلال منع لبنان من تنفيذ أي مشروع يكسر الحصار الأميركي عليه، على قاعدة أن لا شيء مجاناً.
فقد تبيّن أن قرار تمويل ثمن شحنات الغاز لا ينتظِر أي إصلاحات، كما يدّعي البنك الدولي. وبحسب محضر اللقاء بين بو صعب وبلحاج، فإن هذا الأخير نعى المشروع، وأبلغ بو صعب أنه طلب من وزير الطاقة وليد فياض إعلان نهاية المشروع للشعب اللبناني. وأشار بلحاج، إلى أنه كان واضحاً مع «الرئيس ميقاتي بأن الجدول الزمني، وما قامَ به وزير الطاقة لم يكُن كافياً بالنسبة إلينا». وردّ بلحاج على الكلام التشكيكي بنوايا البنك الدولي لجهة إقراض لبنان لشراء الغاز، مشيراً إلى أن «لبنان لم يستجب لكل مطالبات البنك الدولي منذ عام 2002 لجهة القيام بإصلاحات في قطاع الكهرباء، وحتى الآن لا توجد خطّة جديّة لتنفيذ ما هو مطلوب»، معتبراً أن «وزير الطاقة بتصريحاته وخطاباته في هذا الشأن لا يخدم مصداقية لبنان»، لكنه لم يغفل تقديم إشارات سياسية واضحة، إذ قال: «لا نرى أي ديناميات جديّة لوضع الهيئة الناظمة موضع التنفيذ، إنما كلام ووعود، وقد قلنا للمسؤولين إن المشروع غير قابل للحياة، بالتالي يجب أن نقوم بمشاريع جديدة في لبنان تتعلق بالطاقة البديلة. وأنه يُمكن العمل على ذلك من خلال رصد أموال للعام المقبل، لأن الأموال المرصودة لهذا العام موزّعة على مشروعين مرتبطين بشبكة الأمان الاجتماعي والأمن الغذائي». وقد نعى بلحاج المشروع قائلاً: «لا يبقى إلا إعلان انتهاء هذا المشروع، وعلى وزير الطاقة أن يعلِن ذلك للشعب اللبناني وليس البنك الدولي».
وحده بو صعب كانَ صريحاً في نقل هذا الواقع، ولو أنه حرص على «تجميله» بالإشارة إلى أن «قرض التمويل مجمّد». وبعد عودته من الزيارة إلى أميركا، قال في حديث لتلفزيون الميادين: «البنك الدولي أبلغنا بأنّ القرض الذي كان ينتظر تخصيصه للبنان من أجل تحسين التغذية الكهربائية فيه غير مطروح في موازنته الحالية»، لافتاً إلى وجود «قطبة مخفيّة». على رغم ذلك تعرّض بو صعب للانتقادات من ميقاتي الذي تساءل عن تدخّل بو صعب بهذا الملف، واصفاً الأمر بـ «التفشيخ». يومها اكتفى بو صعب بالرد: «فشختو أطول».
البنك الدولي لمسؤولين لبنانيين: «صارحوا شعبكم»
إذاً، لا طائل من الرهان على البنك الدولي. منذ زيارة بو صعب، لم يخرج وزير الطاقة ولا أي مسؤول رسمي في لبنان يعلِن «الترحّم» على المشروع. لكن يبدو أن الحفاظ على علاقات ديبلوماسية تتفوق على مصارحة الشعب اللبناني. وفي انتظار أن «يتجرأ» أحد المسؤولين الرسميين على مصارحة الناس ونعي المشروع، وإعلان الأسباب الحقيقية التي منعت ذلك، يُمكن القول إن معظم الذين شاركوا في حفلة «التبجيل والمراهنة» لن تكون لديهم أجوبة نهائية وصحيحة على أكثرية الأسئلة المطروحة عن أسباب قرار الجهة الدولية التراجع عن تمويل المشروع. وليس هناك أي حجّة يمكن أن تغطّي وقوف هؤلاء على النقيض تماماً من أي خطة إصلاحية في قطاع الكهرباء. لكن في الوقت نفسه لا حاجة للتدقيق، في أن كل ما حصل من ممارسات دولية وتسويف لا دلالة له سوى استمرار الولايات المتحدة في منع كل الحلول المتعلقة بقطاع الطاقة، كأحد سبل الضغط وتوطيد الحصار على لبنان وإخضاع شعبه لتحقيق أهداف سياسية، وقد حرص «اللوبي الأميركي» في البلد على إنكار الفكرة وتسخيفها وتفريغها.
إنما في الواقع، المسألة الأساسية تتعلق بالكذب الذي يمارسه البنك الدولي والولايات المتحدة. فهما يزعمان بأن الأعمال الإغاثية وحدها مستثناة من قانون قيصر، لذا لا يمكن أن تقوم مصر ببيع الغاز للبنان بلا هذا الاستثناء طالما أن خطّ الغاز يمرّ في الأراضي السورية. بلحاج كان أكثر صدقاً في التعبير عن الجوانب السياسية لفرملة التمويل، إذ أشار إلى: «جوانب تتعلق بالقضايا الجيوسياسية لخطّ الأنابيب بسبب مروره في سوريا، ولا يُمكِن أن نلتزم من دون أن نأخذها في الاعتبار».
في مطلع 2022، وقع لبنان اتفاقية استجرار الكهرباء من الأردن لتأمين استجرار نحو 150 ميغاوات تغذية كهرباء من منتصف الليل حتى السادسة صباحاً، و250 ميغاوات خلال بقية أوقات النهار، بكلفة 200 مليون دولار. وبعد نحو 5 أشهر، وقّع لبنان اتفاقية مع مصر لاستيراد 650 مليون متر مكعب من الغاز تحصل سوريا منها على 8% باعتبارها حصّتها من مرور خطّ الغاز عبر أراضيها، علماً بأن ما سيحصل عليه لبنان يكفي لإنتاج 400 ميغاوات، إلا أن الاتفاق لم ينفذ لأن مصر ما زالت تحاول الحصول على تأكيدات بأن هذه الاتفاقية مستثناة من العقوبات الغربية المفروضة على سوريا (قانون قيصر)، بينما لبنان ينتظر أن يحصل على موافقة البنك الدولي من أجل إقراض لبنان لتمويل شراء الغاز.
COMMENTS