الى إيفو فرايسن، الضيف غير المرغوب فيه في لبنان، رسالتك الصلفة التي وجّهتها عبر المفوضيّة الى وزير الداخليّة والبلديات شكّلت خطوة مستفزة للبنانيّين دولة وشعباً، وهي مرفوضة ومردودة ونعتبرها بمثابة حبر على ورق لا قيمة لها عند اللبنانيّين، لأن لبنان جمهورية تتمتع بسيادة تامة وتقوم بما يلزم من أجل الحفاظ على كيانها ومصالحها العليا وأمنها حيال أي تهديدات أتت ومن أي جهة، لا سيّما اللجوء السوري غير الشرعي، ولا دخل للمفوضيّة أو أي جهة خارجيّة بأي قرار سيادي يتخذه لبنان بهذا الخصوص.
بمنتهى الوقاحة، لم تراعِ يا فرايسن القوانين اللبنانية التي تحوط المقيمين على الأراضي اللبنانية من أفراد ومنظمات، ولم تحترم أصول التخاطب مع الوزارات والإدارات الرسميّة المختصة عندما تجاوزت وزارة الخارجية والمغتربين والصلاحيات المنوطة بها قانوناً لجهة كونها الممر الإلزامي لكافة مراسلات المفوضيّة، وفقاً للاتفاقيات والمعاهدات والأعراف الديبلوماسية. ولكي تخفي سقطتك الفادحة أطلقت حملة إعلامية منسقة لإعطاء إجراءات المفوضيّة بُعداً قانونياً دولياً زائفاً، تجاوزت فيه ما قالت به المواثيق والتفاهمات التي تحكم عمل المفوضيّة في لبنان.
والأخطر من ذلك أنّك اتهمت السلطات اللبنانية بتنفيذ عمليات إخلاء قسرية، محاولاً بذلك تأليب وتحريض الرأي العام المحلّي والدولي على وزارة الداخلية والبلديات وعلى السلطات اللبنانيّة، وإعطاء اللاجئين السوريين غير الشرعيين غطاءً أممياً للاستمرار في تجاوز القوانين اللبنانيّة. وقد وضع اللبنانيّون رسالتك إلى وزارة الداخليّة وتصريحاتك بهذا الخصوص في خانة الدعوة إلى الانقلاب على الشرعيّة والقوانين المرعيّة وسيادة لبنان، وحمّلوك تبعات الإخلال بالأمن القومي والاجتماعي والاقتصادي نتيجة ذلك.
يبدو أنك تناسيت يا فرايسن حدود تعاطي المفوضيّة في لبنان واحتفاظها فقط بالتزام رقابي لتتدخل حسب الاقتضاء لضمان منح اللاجئين المُستحقين اللجوء في بلدان ثالثة. كان الأجدى على المفوضيّة أن تغيّر سياستها تجاه ملف اللاجئين السوريين القاطنين في لبنان بشكل غير شرعي، لكنك آثرت أن تعطي نفسك الحقّ في التدخّل في شأن لبنانيّ سياديّ، ربما لإشباع غرورك وإعطاء ذاتك بعضاً من الأهميّة وسعياً وراء بطولة وهمية، أو لإيهام رؤسائك بقدرتك على فرض القرارات على اللبنانيّين، او تنفيذاً لأجندات ومكائد ورغبات دوليّة.
بعد أن قمت مرغماً، بطلب من وزير الخارجية والمغتربين، بسحب رسالتك المشؤومة التي وجّهتها إلى وزارة الداخلية خارج الأصول المتبعة واعتبارها بحكم الملغاة، عليك المبادرة بتقديم اعتذار رسمي الى اللبنانييّن، والإسراع في تسليم معلومات اللاجئين السوريّين كاملة الى المديرية العامة للأمن العام، وفقاً لمذكرة التفاهم الموقّعة في ٨ آب ٢٠٢٣ مع وزارة الخارجية والمغتربين.
بالنتيجة ومهما كانت دوافع تدخّلك السافر، سيستمرّ لبنان بالتعامل مع ملف اللاجئين السوريين بما تقتضيه مصلحة الشعب اللبناني، لا وفقاً لمصالح الدول الأوروبية التي تحول دون العودة الجماعية للاجئين عبر إثارة مخاوفهم وحثّهم على انتظار ظروف مناسبة للعودة.
أمّا أنت يا فرايسن، فقد أصبحت شخصيّة مكروهة وغير مرغوب فيها في لبنان، بسبب انتهاكك السيادة اللبنانية، وتدخّلك في عملية تطبيق القوانين اللبنانية، ومحاولتك عرقلة التدابير والإجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانيّة المختصّة، وتعكير صفو العلاقات بين المفوضية والمؤسسات الرسمية اللبنانية.
لم تعد الأرض صلبة تحت قدميك، وعليك أن تفكر في خطواتك التالية بعناية لأنه في حال استمرّت المفوّضيّة في حشر أنفها المعكوف في الشؤون اللبنانيّة السياديّة، حينها ستقوم الدّولة اللبنانيّة بإعلانك «Persona Non Grata» وإعادة النظر في تعاملها مع المفوضيّة أسوة بما اتخذته دول أخرى من اجراءات في حقها عند تجاوزها حدود الاختصاص.
د. مازن ع. خطاب
المقال منشور في اللواء، يوم 22 أيار، 2024
المقال منشور في اللواء، يوم 22 أيار، 2024
COMMENTS