البناء
استطلاعات الرأي: نتنياهو ينال 17% في الكيان.. وحماس 75% من الفلسطينيين
سجال بين وزارتي الخارجية والحرب في الكيان حول الشراكة الفرنسية في التهدئة
هيئة البث: نتجه نحو اتفاق مع غزة باعتباره الطريق الوحيد لتهدئة جبهة الشمال
كشفت استطلاعات الرأي التي أجرتها صحيفة معاريف حول اتجاهات الرأي العام في كيان الاحتلال، وتلك التي أجراها المركز الفلسطيني للدراسات والبحوث السياسية والمسحية، النتائج التي خلّفتها ثمانية شهور من الحرب الضارية التي أعقبت طوفان الأقصى، على كل من الرأي العام في الكيان والرأي العام الفلسطيني، حيث نال بنيامين نتنياهو في استطلاع معاريف 21 مقعداً من 120 مقعداً في الكنيست، أي ما يقارب 17% من الأصوات، تعبيراً عن قناعة غالبية المستطلعة آراؤهم بأن الكيان فشل في الحرب وأن نتنياهو يجب أن يتحمّل مسؤولية هذا الفشل، وتوزّعت خيارات المستطلعين في التصويت للحزب المرشح لقيادة تشكيل الحكومة الجديدة، على كل من حزب بني غانتس بـ 20% من الأصوات و 24 مقعداً، وتحالف افتراضي بين افيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت وجدعون ساعر بـ 22.5% و27 مقعداً، والحصيلة التي تؤكد تراجعاً كبيراً في حالة نتنياهو لا تشير إلى سهولة تشكيل حكومة جديدة في ظل ارتباك وتشتت الاتجاهات في الرأي العام كنتيجة للحرب، التي شهدت أشد أنواع جرائم الحرب قسوة، دون أن يكون لذلك تأثير على اتجاهات الرأي العام في الكيان، ودون أن تظهر دعوات للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني والبحث عن حل سياسي جذري للصراع، وسقف ما يجري الحديث عنه هو وقف الحرب لإنجاز صفقة تبادل للأسرى.
فلسطينياً، قالت نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه المركز الفلسطيني للدراسات والبحوث السياسية والمسحية، في الجواب على سؤال ما هي الجهة التي تنال رضاك، إن 75% منحوا تصويتهم لحركة حماس، مقابل 10% فقط لمحمود عباس، بينما جدّد 67% من الفلسطينيين تأييدهم لما جرى في طوفان الأقصى، مؤيدين خيار المقاومة باعتباره الطريق الوحيد الذي أعاد القضية الفلسطينية الى الواجهة ومنع تصفيتها.
في داخل الكيان، الهمّ الأول هو رعب الشمال، في ظل اعتراف بفشل جيش الاحتلال في حل معضلة التهديد الذي فرضته المقاومة على جيش الاحتلال والمستوطنين وبدأت آثاره تصيب الاقتصاد وترسم إيقاع السياسة. وفي ظل استمرار الردود الإسرائيلية على عمليات المقاومة التي تستهدف المنشآت والمواقع العسكرية، باستهداف المدنيين، كما حدث في الغارة على بلدة جناتا، تسليم بتراجع فرضية الذهاب الى عمل عسكري كبير يفوق قدرة جيش الاحتلال، ولا يحظى بالرضا الأميركي، انطلاقاً من معادلة أميركية عبر عنها بيان وزارة الخارجية بالقول إن أي حرب على لبنان تمثل تهديداً لأمن “إسرائيل” ومستقبلها، وإن السير بوقف إطلاق النار في غزة سيؤدي حكماً الى التهدئة على جبهة لبنان، ومع استمرار التهديد بالتصعيد غابت العنتريات ولغة التهديد بإحراق لبنان وتدمير بيروت وسحق حزب الله، واستبدلت بالكلام عن رد قوي ورد مؤلم، وسط سجال شغل وسائل الإعلام في الكيان بين وزارتي الخارجية والحرب في حكومة نتنياهو، حيث وزير الحرب يوآف غالانت لا يرغب بشراكة فرنسا في لجنة مشتركة مع الكيان وأميركا لمعالجة التصعيد على الحدود مع لبنان، بعدما منعت فرنسا مشاركة إسرائيلية في معرض الدفاع والأمن في باريس الذي يبدأ يوم الإثنين، بينما رأت وزارة الخارجية أن كلام غالانت غير مناسب. وعن كيفية الخروج من هذا المأزق قالت هيئة البث الإسرائيلية إنه يبدو أن الذهاب لاتفاق في غزة طريقاً وحيدة لمعالجة الوضع الذي يزداد سوءاً في الشمال.
وفيما بقيت الأنظار منشدّة إلى الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة التي شهدت أعنف المواجهات العسكرية منذ بداية الحرب في غزة وسجلت أكبر نسبة لعمليات المقاومة مشعلة شمال فلسطين المحتلة بمئات الصواريخ والمسيّرات الانقضاضية المتفجرة، نشطت الاتصالات الدبلوماسية الدولية لاحتواء التصعيد ومنع تدحرج الوضع الى حرب واسعة النطاق، في ظل تعمّد العدو الإسرائيلي إشاعة مناخ التحضير لحرب واسعة على لبنان في إطار الحرب النفسية على حزب الله تشارك فيها وسائل إعلام وشخصيات سياسية وإعلامية لبنانية. غير أن أوساطاً دبلوماسية تشير لـ”البناء” الى “ممانعة دولية وتحديداً أميركية – فرنسية على حرب إسرائيلية شاملة على لبنان لأن تداعياتها ستكون خطيرة وكارثية ولن تبقى في إطار محدد”، مرجّحة نجاح الجهود الدبلوماسية باحتواء التصعيد ومنع الانزلاق الى حرب موسعة. ولفتت مصادر مطلعة لـ”البناء” إلى أن مسؤولين لبنانيين تلقوا سلسلة اتصالات من مسؤولين أميركيين وأوروبيين يدعوهم الى بذل الجهود مع حزب الله لتهدئة الجبهة، كما أجرى مسؤولين أميركيين إتصالات بمسؤولين إسرائيليين لهذه الغاية.
من جهة ثانية، أفادت هيئة البثّ الإسرائيلية، بأن الولايات المتحدة الاميركية حذّرت “إسرائيل” من أنّ أي خطوة عسكرية في لبنان قد تخرج عن السيطرة. فيما استبعد وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، الانضمام إلى مجموعة اتصال للعمل على نزع فتيل التوتر على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، والتي دعا إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي تضم فرنسا والولايات المتحدة و”إسرائيل”. وكان ماكرون أعلن، خلال قمة مجموعة السبع أن “فرنسا والولايات المتحدة و”إسرائيل” ستعمل ضمن إطار “ثلاثي” على خريطة طريق فرنسية هدفها احتواء التوترات على الحدود بين “إسرائيل” ولبنان”.
وأوضح إعلام العدو أن “الجيش أوصى القيادة السياسية بإنهاء عملية رفح في أقرب وقت ممكن والتقدم بالهجوم على لبنان”.
واستبعد خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية عبر “البناء” “إقدام حكومة الاحتلال على اتخاذ قرار الحرب الشاملة على لبنان لأسباب عدة منها يتعلق بقدرة الجيش الإسرائيلي وأخرى تتعلق بالبيئة الإستراتيجية المحيطة بــ”إسرائيل” في ظل طوق الجبهات الذي يلفها من كل الجهات ووجود القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة”، موضحين أن “فشل الجيش الإسرائيلي في غزة ورفح سيحول دون خوض جبهة جديدة أكثر خطراً بأضعاف المرات مع حزب الله لا قدرة للانتصار فيها”، وتوقع الخبراء أن “تشهد الحدود الجنوبيّة مع فلسطين المحتلة جولات تصعيد متعدّدة، لكن ضمن سقف عدم الذهاب إلى المواجهة الشاملة لأن الطرفين لا يريدان ذلك”.
في غضون ذلك، يتحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأربعاء المقبل، خلال احتفال تأبيني يقام تكريمًا للشهيد القائد السعيد على طريق القدس طالب سامي عبد الله (أبو طالب) في قاعة مجمع الإمام المجتبى (ع) – الضاحية الجنوبية.
وأشار رئيس الهيئة الشرعية في “حزب الله” الشيخ محمد يزبك، خلال خطبة الجمعة في مدينة بعلبك، الى أنه “بعد دخول الشهر التاسع من مجازر وتجويع وحرب إبادة لم يحقق العدو شيئاً إلا ما حاول أن يزعمه نتنياهو من نصر وابتسامة بايدن وماكرون في مؤتمرهما لتحرير أربعة من الأسرى بمجزرة وحشية أصيب فيها ألف بين شهيد وجريح والنسبة الأعلى من الأطفال والنساء”.
ولفت يزبك، الى أن “العملية أميركية بريطانية بامتياز وإن كانت الأدوات صهيونية ومستعربة ومرتزقة ذلك عار وخيبة وهزيمة للعدو الإسرائيلي وللقوى الداعمة بشتى أنواع الدعم، والمقاومة تتصدى له، تغرقه في أوحال غزة وتقلقه في الضفة وتصيبه في قلبه من جهات إسناد أقسمت أن تكمل الطريق حتى إيقاف الحرب على غزة، وها هو العدو يتخبّط بخلافات داخلية”. وأضاف “ليعلم هذا العدو أن النصر آت لأصحاب الحق ولا يحصد الباطل وشياطينه إلا العار والهزيمة”.
ولفتت جهات ميدانية لـ”البناء” الى أن العمليات النوعية التي نفذها حزب الله خلال اليومين الماضيين كانت ضربة قاسية لجيش الاحتلال وزادت الضغط على مستوطنات الشمال وعمّقت مأزق الحكومة الإسرائيلية التي فشلت في استعادة الأمن لمستوطنات الشمال وإعادة المهجّرين اليها”، لافتة الى أن العدو يعلن بأن الهدف من الاغتيالات التي ينفذها هو لجم حزب الله وإبعاده عن الحدود وقف عملياته العسكرية، لكن المقاومة أفشلت هذا الهدف وأثبتت خلال الأيام القليلة الماضية بأن اغتيال القادة لا يؤثر على قدرات واستمرارية المقاومة في إسناد غزة والدفاع عن الجنوب”، موضحة أن “حساب المقاومة لم ينته مع العدو الذي عليه أن ينتظر الكثير من المفاجآت والصدمات”.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر، أن “تقديراتنا تشير إلى أننا بحاجة لصفقة مع حماس حتى يوقف حزب الله الهجوم شمالاً”، ما يعكس حجم أهمية وجدوى جبهة الإسناد الجنوبية وتأثيرها على العدو ومسار الحرب في غزة والمفاوضات بين العدو والمقاومة الفلسطينية.
وواصلت المقاومة تسديد الضربات المؤلمة لجيش العدو ومستوطنيه واقتصاده، وأعلنت أن مجاهديها استهدفوا تجمعات لجنود العدو الصهيوني في خلة وردة، وحرش برعام، وفي حرش الكرنتينا بالإضافة إلى موقع المطلة وثكنة “راميم”، وموقعي الرمثا والسماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخيّة. كما استهدفت المقاومة المنظومات التجسسية في موقعي “جل الدير” و”مسكاف عام” بالأسلحة المناسبة ما أدّى إلى تدميرها، ومنظومة فنية في موقع المطلة بمحلقة انقضاضية مما أدّى إلى تدميرها.
وردًا على الاعتداءات “الإسرائيلية” على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة وآخرها الاعتداء على بلدة جناتا، قصفت المقاومة مستعمرتي “كريات شمونة” و”كفرسولد” بعشرات صواريخ الكاتيوشا والفلق، فضلًا عن مبانٍ يستخدمها جنود العدو في مستعمرة المطلة.
وردًا على الاعتداءات ”الإسرائيلية” على بلدة كفركلا استهدفت المقاومة مباني يستخدمها جنود العدو “الإسرائيلي” في مستوطنة “مرغليوت” بصواريخ الكاتيوشا.
وردًا على الاعتداءات ”الإسرائيلية” على بلدة رب ثلاثين استهدفت مباني يستخدمها جنود العدو “الإسرائيلي” في مستوطنة “مسكاف عام” بصواريخ الكاتيوشا.
وردًا على اعتداءات العدو “الإسرائيلي” على القرى الصامدة والمنازل الآمنة وخصوصًا في بلدة حولا، استهدفت مباني يستخدمها جنود العدو في مستعمرة المطلّة بالأسلحة المناسبة.
وانتشر فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر مستعمرة المطلة وهي تشتعل بعد استهدافها بصواريخ المقاومة.
في المقابل، تعرّضت بلدة الخيام وأطراف ديرميماس وكفركلا وحولا لقصف مدفعي. كما سقطت قذيفة إسرائيلية في ساحة بلدة الطيبة، فيما أشعل القصف المدفعي الفوسفوري الإسرائيلي النيران في حي الدباكة، شمال شرق بلدة ميس الجبل. ولاحقاً استهدف القصف عيتا الشعب في قضاء بنت جبيل.
وكانت استشهدت سيدتان قبيل منتصف ليلة أمس الأول، في بلدة جنّاتا قضاء صور وأصيب اثنا عشر شخصاً بجروح بينهم أطفال إثر غارة إسرائيلية طالت أحد المباني، والشهيدتان هما دلال عز الدين وسالي سكيكي وستشيّعان عصر اليوم السبت في بلدة دير قانون النهر.
على المستوى الرسمي، أعلن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في مداخلة أمام مجلس الوزراء “أن استمرار الاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب وما يشهده من قتل متعمّد لأهله وتدمير للبلدات وإحراق للمزروعات، ليس فقط محل إدانة واستنكار من قبلنا بل هو عدوان تدميري وإرهابي موصوف ينبغي على المجتمع الدولي أن يضع حداً لتماديه وإجرامه، وبدورنا سنحتكم للمرجعيات الدولية المختصة، ونجدد التزامنا بتطبيق القرار 1701 كاملاً”.
رئاسياً، ومع مرور عام بالتمام على آخر جلسة رئاسية دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري دون انتخاب رئيس جمهورية، لم يسجل أي جديد بانتظار استكمال المبادرات والحراك الداخلي بعد عطلة عيد الأضحى. فيما علمت “البناء” أن اللجنة الخماسية جمدت نشاطها وكذلك الأمر الفرنسيين بانتظار تبيان نتائج المبادرات الداخلية.
وأفادت مصادر إعلامية أن “الفاتيكان يقود جهوداً ديبلوماسية من خلال زيارة الكاردينال بيترو بارولين إلى لبنان وسط حديث عن مسعى كنسي يجمع باسيل بجعجع”. وذكرت المصادر، أن “السفيرة الأميركية ليزا جونسون قد تحمل مستجدات بعد عودتها من واشنطن عقب الاجتماعات التي عقدتها هناك”، لافتةً الى أن “الدولة اللبنانية تتحضر للتعامل مع أي ضربة إسرائيلية وسط اتجاه تصاعدي للعمليات العسكرية دون الدخول في حالة الحرب الشاملة”.
الأخبار
معضلة العدو المركّبة: كيف نستمر في غزة ونعطّل جبهة لبنان؟
التدقيق في مجريات اليومين الماضيين جنوباً يظهر أن المقاومة، منذ اغتيال القائد الجهادي طالب عبدالله، تستخدم كثافة نارية ذات بعد ردعي، تتضمّن رسالة واضحة باستعدادها لمواجهة أي شكل جديد من التصعيد يدور في خلد الإسرائيليين. وبالتالي، فإن الإطار العام للمواجهات الجارية الآن، من قبل الطرفين، يفيد بأن الأمر لا يزال في الإطار نفسه، مع ضغط متزايد من جيش الاحتلال على حكومة العدو لتوسيع هامش عمله العسكري والأمني ضد حزب الله.لكنّ القلق من تدهور الأمور إلى مواجهة أكبر، ليس مصدره ما تقوم به المقاومة، بل احتمال لجوء العدو إلى تصعيد يقوم على فرضية توسيع ولو محدود لرقعة المواجهة، وزيادة في منسوب الأهداف البشرية أو العسكرية أو المدنية، إذ إن ذلك سيفرض على المقاومة إدخال تغييرات جوهرية على برنامج عملها ولو أدّى الأمر إلى مواجهة أكبر. هذا السقف المتحرّك يمثّل اليوم نقطة الارتكاز في حركة الراغبين بمنع المواجهة، وقد يفسر الاتصالات التي تقوم بها عواصم عربية ودولية مع طرفي النزاع لعدم التدحرج نحو حرب واسعة.
مع ذلك، لا تجد الاتصالات علاجاً لمعضلة العدو الرئيسية. صحيح أن مسؤولاً بخبرة بنيامين نتنياهو لا يمكن إخضاعه لرغبات قيادات عسكرية أو سياسية شعبوية، إلا أنه يحتاج إلى مساعدة الأميركيين والأوروبيين والعرب لإقناع حزب الله بالتوقف عن مهاجمة قواته. وبعد ثمانية أشهر، بات واضحاً لنتنياهو، وللوسطاء، بأنه لا وقف لعمليات حزب الله إلا بوقف الحرب على غزة. لذلك، فإنه قد يبدي استعداداً للسير في نصائح وتصورات قيادات عسكرية وأمنية تدعوه إلى «عمل كبير» ضد حزب الله، علّ ذلك يجرّ الحزب صاغراً إلى مفاوضات تنتهي بتسوية تفصل جبهة لبنان عن جبهة غزة.
هذا الاحتمال وحده كافٍ لإثارة قلق الأطراف المنخرطة في الاتصالات، ومنها الأميركي الذي يرفق دعوته إلى إنهاء العمليات العسكرية الكبيرة في قطاع غزة، بطلب عدم الذهاب إلى مواجهة أكبر مع لبنان. لكن، في الوقت نفسه، يدعو الأميركيون والأوروبيون إلى عدم تجاهل إمكان لجوء العدو إلى «عمل متهوّر» ضد لبنان. ويفسّر هؤلاء قلقهم بأن قوات الاحتلال التي خاضت حرباً طويلة، تقول إنها مستعدّة لتحمل أثمان إضافية جراء معركة كبرى مع لبنان، مع إدراكها بأنها، في هذه الحالة، تحتاج إلى دعم سياسي وعسكري كبير من الغرب ولا سيما الولايات المتحدة.
الهجوم على موقع الراهب تضمّن رسائل حول نوعية استعداد المقاومة لمواجهة عمل عسكري كبير
ومع ذلك، لا تشير المعطيات الميدانية إلى انتقال قوات كبيرة من جيش الاحتلال إلى الجبهة الشمالية، رغم أن الجميع متفق على قرب توقّف العدو عن تنفيذ العمليات الكبيرة في غزة، بما في ذلك الإعلان عن انتهاء عملية رفح، ما يمنحه هامشاً ميدانياً إضافياً في جبهة الشمال، ولو أن حسابات الحرب مع حزب الله تختلف كلياً عنها في غزة. وهنا، يمكن التوقف عند ما كتبه مدير معهد دراسات الأمن القومي، تامير هايمن، الذي عاد إلى «رؤية عمل الجيش» (استراتيجية الجيش، نيسان 2018) التي تقول: «إن الجيش سيدافع عن دولة إسرائيل على جميع الجبهات في وقت واحد، لكنّ الحسم في مواجهة الأعداء سيكون بالتدريج، ما يعني أنه من غير المحبّذ أن يحسم الجيش القتال على جبهتين في الوقت نفسه». ولذلك ينصح هايمن قادة العدو بضرورة «بدء الحرب بتعريف وضعية نهايتها وما ستؤول إليه على يد المستوى السياسي. وعلى القيادة أن تقرر كيف ستنتهي الحرب قبل الدخول فيها».
بالتالي، فإن الخلاصة المنطقية لمجريات الأمور الآن يمكن اختصارها بالآتي:
أولاً، يبدو أن العدو ليس في وارد إنهاء الحرب في غزة والانسحاب من القطاع والذهاب نحو صفقة مع حماس. وهذا يعني أن جيشه سيبقى متورّطاً في حرب استنزاف بمعزل عن شكلها وآلياتها ومساحتها، وهي حرب قد تطول لأشهر إضافية.
ثانياً، استمرار الحرب في غزة يعني، تلقائياً، استمرار جبهات الإسناد للمقاومة في لبنان واليمن والعراق، ما يوجب على العدو ليس التكيّف مع شكل جديد من القتال في غزة، بل الاستعداد لنسخة جديدة من حرب الاستنزاف على جبهات الإسناد.
ثالثاً، إن صورة الإنجازات التكتيكية لجيش الاحتلال في جنوب لبنان، عبر اغتيال مقاومين من مستويات عسكرية متفاوتة، لا يمكن جمعها لتعطي العدو إنجازاً استراتيجياً، بل، على العكس، قد تفرض مساراً مختلفاً عما يفكّر به. وبالتالي، سيصبح السؤال أمام حكومة العدو هو : ما نفع الاغتيالات الكبيرة إن لم توقف الحرب؟
رابعاً، برنامج عمل المقاومة في لبنان يتخذ أشكالاً متنوعة تحاكي سلوك العدو، ويؤكد أن الاغتيالات لا تؤثّر سلباً على أداء المقاومين في الميدان، عدا أنها لا تشكل عنصر ردع للقيادة السياسية، وهو أمر خبره العدو طوال أربعة عقود. وبالتالي، فإن قدرة المقاومة على التكيّف تصبح أكثر فعالية. وهو ما بدا في موجة العمليات التي حصلت في الأيام الثلاثة الماضية، اذ لم يقتصر الأمر على تكثيف الضربات القاسية ضد كل المنشآت العسكرية والأمنية لجيش الاحتلال في كامل القطاع الشرقي من الجبهة (المماثل للقطاع الشرقي في لبنان، والذي تحت إدارة الشهيد أبو طالب)، بل عمدت المقاومة إلى اعتماد أساليب تظهر الاستعداد لاحتمال قيام العدو بغزو بري. ويمكن لقادة العدو العسكريين قراءة خلفية العملية التي استهدفت موقع الراهب أول من أمس، حيث استُخدمت أسلحة رشاشة من العيار الثقيل، مثبّتة على آليات تتحرك على بعد مئات الأمتار من الموقع الذي قُصف أيضاً بقذائف خاصة من الهاون، استخدمتها المقاومة للمرة الأولى، وهي ذات مفعول مخيف على تجمعات الجنود وانتشارهم.
عملياً، نحن أمام مسار غير مستقرّ للمواجهة على حدود لبنان مع فلسطين. وأهل القرار في العواصم الكبرى يخشون المآلات الغامضة لأي مواجهة كبيرة، وهو ما يفسر الاستنفار الدبلوماسي الفرنسي – الأميركي، من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، أن قادة «مجموعة السبع» اتفقوا في قمتهم، على تشكيل لجنة ثلاثية تضم إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا لبحث خارطة طريق فرنسية لنزع التوتر بين حزب الله وإسرائيل، إلى الاعلان أمس عن أن المبعوث الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتين سيزور كيان العدو الإثنين المقبل لبحث «سبل منع تدهور الأوضاع إلى حرب شاملة مع لبنان».
اللواء
أيام فاصلة بعد الأضحى: بايدن يوفد هوكشتاين لإخماد نيران الشمال
شكوى لبنانية ضد إسرائيل لتدميرها القطاع الزراعي.. وتكليف وزير العدل مراسلة فرنسا لإستعادة عبدالله
قررت الادارة الأميركية، في اليوم الثاني لعيد الأضحى المبارك، إيفاد الوسيط البترولي والرئاسي آموس هوكشتاين إلى تل ابيب في مهمة عاجلة، حسب ما ذكر دبلوماسي أميركي، لإحتواء التصعيد، الذي يُنذر بحرب حقيقية بين اسرائيل وحزب الله امتداداً لأن تشمل كل لبنان، في ضوء حجم الضربات المتبادلة بين جيش الاحتلال الاسرائيلي والمقاومة في الجنوب، والتي حضرت بقوة في جلسة مجلس الوزراء امس، بموقف بالغ الدلالة للرئيس نجيب ميقاتي، إذ قال:«إن استمرار الاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب وما يشهده من قتل متعمَّد لأهله وتدمير للبلدات وإحراق للمزروعات، ليس فقط محل إدانة واستنكار من قبلنا بل هو عدوان تدميري وإرهابي موصوف ينبغي على المجتمع الدولي ان يضع حداً لتماديه وإجرامه، وبدورنا سنحتكم للمرجعيات الدولية المختصة، ونجدد التزامنا بتطبيق القرار 1701 كاملاً.
وقال: «إننا نقدِّر مبادرة الدول الصديقة ودول القرار الى السعي لوقف الاعتداءات الاسرائيلية، كما نرحب بقرار مجلس الأمن الرقم 2735 الذي وضع خارطة طريق لوقف القتال في غزة، ونتمنى ان يصار الى تطبيق هذا القرار سريعا لقطع الطريق على حرب واسعة النطاق في المنطقة.
وحسب المعطيات المتوافرة، فإن 10 أيام فاصلة بعد الأضحى، باتجاه بلورة الوجهة التي سيسلكها الوضع في الجنوب، في ضوء إيفاد هوكشتاين والنقاش الدائر في اسرائيل، حول أن وقف حرب غزة من أنه ان يخمد النور والنار المشتعلة في الجنوب.
وكشفت مصادر ديبلوماسية ان الاتصالات والمساعي تسارعت ليل امس بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، لتطويق التصعيد العسكري الحاصل بين حزب الله وإسرائيل جنوبا، لاسيما بعد زيادة وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على المناطق اللبنانية المتاخمة للشريط الحدودي، واستهداف العديد من القيادات والعناصر الحزبية، وردود الحزب بتكثيف عمليات القصف ضد المواقع العسكرية الإسرائيلية على طول المناطق المواجهة.
وادت هذه الاتصالات الى اصدار الادارة الاميركية، لمواقف تدعو للتهدئة من كلا الطرفين، وطلبت من المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين العودة إلى المنطقة لمواصلة مهمته، بتحريك المفاوضات مع إسرائيل ولبنان وحزب الله، لتهدئة الجبهة الجنوبية، وخفض حدة التوتر، والعمل على حلحلة العقد والصعوبات التي ماتزال تعترض التوصل إلى اتفاق نهائي بخصوص الوضع في جنوب لبنان.
واشارت المصادر إلى ان سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في لبنان ليزا جونسون عادت إلى بيروت، وينتظر ان تقوم بجولة لقاءات واتصالات مع المسؤولين اللبنانيين، لبحث الوضع جنوبا، وشرح الموقف الاميركي بخصوص المبادرة التي أطلقها الرئيس الاميركي جو بايدن، لوقف الحرب في غزة. وخفض التصعيد العسكري الحاصل جنوبا، وتشرح الجهود التي يبذلها هوكشتاين مع الجانبين، لاعادة تحريك مساعي المفاوضات بين لبنان وإسرائيل من جدي.
وفي السياق، كشفت مصادر في «الثنائي الشيعي» عن تلقِّي لبنان رسالة قطرية، وصفت بأنها بمثابة إنذار جدي عن ان الحرب الشاملة لم تعد بعيدة، واضافت المصادر ان استعداد العدو لهذه الحرب كان حتى الامس القريب كلاما اعلاميا لرفع معنويات جنوده بعد هزيمتهم المدوية في غزة وللتخفيف من وطاة تفوق حزب الله في الجبهة الجنوبية بعد استهدافه مواقع حساسة داخل الكيان، وتكبيده خسائر فادحة لا سيما في سلاح الجو،ولكننا نقول اليوم بأن طبول الحرب بدات تقرع والحرب عمليا «باتت على الابواب».
واستدلت المصادر على استهداف العدو لأحد ابرز القادة الميدانيين في حزب الله الحاج طالب سامي عبدالله للقول بأن هذا التطور البالغ الخطورة منذ بداية طوفان الاقصى في ٧ اكتوبر/ تشرين الاول الماضي جاء في سياق اخطر محاولات العدو المتكررة لجر حزب الله الى الحرب الشاملة، مؤكدة في هذا السياق أن حزب الله لا يتصرف بطريقة انفعالية ولن ينزلق الى الحرب الشاملة وفق توقيت العدو ، بل ما زال يعتمد استراتيجية الرد الموجع وغير الاستثنائي لإيلام العدو وتثبيت قواعد الردع التي تمنعه من توسيع دائرة استهدافاته وتجاوز الخطوط الحمر مجدداً.
وقالت أوساط سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الحديث عن تصعيد عسكري متوقع ضد لبنان ما بعد عطلة عيد الأضحى قد يحصل ولا يحصل لاسيما أن الجهود الديبلوماسية لم تنفض يدها بعد منعاً لتوسع الحرب، وإن ما يحصل على الجبهة الجنوبية من تطورات متسارعة قد يعني لا قرب الحرب الموسعة كما لا يعني أن الأمور ستعود إلى ما قبل هذه التطورات في الاسبوعين الماضيين، وكل ما يمكن قوله أن نسبة التصعيد قائمة والكلمة للميدان كما كررت الأوساط وحتى السيناريو الأسوأ.
وفي حين، نقل عن مسؤول فرنسي قوله: نحن على استعداد لمواصلة العمل مع جميع الأطراف بما في ذلك اسرائيل والولايات المتحدة لكبح جماح التصعيد في الشمال اسرائيل، أعلن وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت ان بلاده لن تشارك في لجنة تكون فيها فرنسا حول الوضع في الجنوب، حسبما اقترح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
ونقلت هيئة البث الاسرائيلية ان موضوع الوساطة الدولية مع لبنان، على جدول مداولات مجلس الوزراء الاسرائيلي.
يشار الى ان «الجيش الاسرائيلي اوصى القيادة السياسية بإنهاء عملية رفح بأقرب وقت ممكن، والتقدم بالهجوم على لبنان».
والاربعاء المقبل، يرد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في ذكرى اسبوع الشهيد طالب عبد الله على التهديدات الاسرائيلية، مكرساً المعادلة المطروحة ان للعدو «درس مع كل تجاوز، وأن اي توسعة للنار مهما كانت محدودة ستقابلها بتوسعة رادعة» وفقا لما اعلن نائبه الشيخ نعيم قاسم امس.
شكوى لمجلس الأمن
وكلف مجلس الوزراء وزارة الخارجية والمغتربين تقديم شكوى ضد اسرائيل لدى الهيئة العامة للامم المتحدة ومجلس الامن والمنظمات الاممية لقصفها القرى الامامية اللبنانية، وما نجم عنها من اضرار طالت القطاع الزراعي والمزارعين ومربي المواشي.
وفي خطوة مفاجئة، كلف مجلس الوزراء وزارة العدل الطلب الى السلطات الفرنسية تسليم اللبناني جورج ابراهيم عبد الله المنتهية محكوميته الى سلطات اللبنانية، مقابل القرار بتسليم المواطن الجزائري الفرنسي عبد الكريم رشيد طويل الى فرنسا، والمطلوب اليها بمذكرة توقيف صادرة عن القضاء الفرنسي.
من جانب آخر كشف النقاب عن ان «الداتا التي حصلنا عليها من الـ unhcr ناقصة»، لافتاً إلى أن «الأمن العام لديه خطة سيسير بها بالتنسيق مع الجيش ولا يمكن لهذه الخطة أن تكون عملية من دون التنسيق مع الجانب السوري».
كما أقرّ مجلس الوزراء مراسيم الضباط، لكنه تريث ولم يقرّ بدل الانتاجية الذي اقترحه وزير المالية لموظفي الشؤون العقارية.
وفي واشنطن بحث قائد الجيش العماد جوزاف عون الأوضاع في لبنان والمنطقة مع قائد المنطقة الوسطى في الجيش الاميركي.
عام على آخر جلسة انتخاب
رئاسياً، انطوت صفحة التحركات النيابية، وكأن شيئاً لم يكن، بالنظر الى صعوبة التوافق على آلية تنتج رئيساً للجمهورية، او حتى الاقتراب من خطوة عملية.
وتطرق الرئيس ميقاتي الى مناسبة مرور سنة على آخر جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية دون جدوى، معتبرا ان الحوار هو الأساس لانتخاب رئيس واعادة الاستقرار والانتظام في عمل المؤسسات.
إلى ذلك، افادت أن البحث في الملف الرئاسي علق بدوره إلى ما بعد العيد بعدما اقفل على لا قرار في موضوع التشاور وربطه بضمانات، ما يعني أن ما من خيار وسطي، وقد يدفع ذلك بالملف إلى المزيد من التأزم، حتى أن العاملين على الخط الرئاسي غير متأملين بقرب الحل.
الوضع الميداني
ميدانياً، استهدف حزب الله مساء امس تجمعاً لجنود العدو الاسرائيلي في خلة وردة بالاسلحة الصاروخية، كما نفذ عملية طالت ثكنة راميم بالأسلحة الصاروخية، كما استهدف الحزب مباني يستخدمها جنود العدو في مستعمرة المطلة بالاسلحة المناسبة، واستهدف أيضاً تجمعاً لجنود العدو في حوش الكرنتينا بقذائف المدفعية.
كما استهدف حزب الله، رداً على قصف بلدة كفركلا الحدودية، مستعمرة مرغليوت بصواريخ الكاتيوشا.
وذكرت «يديعوت احرنوت» عن رصد اطلاق 10 صواريخ اطلقت من لبنان باتجاه مستعمرة المطلة.
وعلى صعيد الغارات المعادية، استهدفت غارة اسرائيلية حي ابو طويل في بلدة عيتا الشعب.
كما قصفت قوات الاحتلال بلدات الطيري والعديسة بالقذائف الفوسفورية.
COMMENTS