خاص ـ الحقول / بيروت : بضع كلمات في يوم تشييع السيد الشهيد حسن نصر الله وخليفته السيد الشهيد هاشم صفي الدين :
1 – التنوع العمري كان مشهوداً. تنوع الأعمار. الأطفال لم يكونوا قلة. أطفال اول مشيهم أو في العربات. أطفال ما قبل المدرسة والصفوف الإبتدائية. الفتيان والفتيات حضورهم كان ظاهراً بين الملأ المشيع للجنازتين. النساء والرجال متوسطات ومتوسطي الأعمار وأصغر وأكبر :
ما خلا الأطفال ما دون المدرسة، فقد كان السيد نصرالله قائداً موثوقاً من كل الأعمار.
2 – التنوع الجهوي بين المشيعين، ليس الذين حضروا الى لبنان، بل اللبنانيين الذين جاؤوا لتشييع حبيبهم السيد حسن نصر الله. كانوا من كل لبنان. فإذا طفت بين بعض الجمع الهائل الذي كنف الجثمانين المسجيين في المدينة الرياضية، لعلمت أو لفهمت إحدى حقائق الإجتماع السياسي اللبناني :
ان لبنان بقضه وقضيضه زحف لوداع قائد المقاومة وخليفته: الشهيدين الوطنيين المحترمين.
3 – التنوع الجنسي كان متوازناً. في لمحات عاجلة، تظن ان النساء أكثر من الرجال. ثم تنتبه الى ان إدارة الحشد المشيع تركت فسحات خاصة بالنساء وأطفالهن. وقامت على خدمتهم في بعض الحاجات. لكن الأماكن المختلطة كانت كبيرة الى حد منحك إطاراً بانورامياً يريك ما في هذا التوازن من قيمة اجتماعية – سياسية :
أن جمهور المقاومة في لبنان بهذا التنوع، يبين نجاح قيادة السيد حسن نصر الله (سلام الله عليه) في اجتذاب الرجال كما النساء والشبان كما الشابات الى قضية مقاومة الإحتلال الصهيوني، وتخفيف النزعة الذكورية في المجتمع السياسي الوطني.
4 – كان جمهور المشيعين، لأسباب متعددة، مملوءاً بالتنوع الإجتماعي. وهو ما تصادفه من “تفحص” المظهر الخارجي لعناصر الكتلة المحتشدة، وهي تندب السيد الشهيد وخليفته السيد الشهيد. وقد يسمح ذلك بأن “تأخذ” انطباعاً خاطفاً، وربما خاطئاً، حول الهوية “الطبقية” لأي منها. لكن هذه الأساليب “السطحية” في تحليل التركيب الإجتماعي لجمهور المشيعين، تلفتنا الى ظاهرة حضور النساء الوازن، كما قلنا، بأزيائهن المتنوعة او بمظهرهن المختلف. إن عدد النساء اللاتي حضرن الجنازة من دون غطاء الرأس هو اكثر من الثلث بكل تأكيد، يعني :
إن جمهور المقاومة الذي قاده السيد حسن نصرالله رحمه الله وبعثه مع صاحب المقام المحمود، قد تغيرت تركيبته على مدار السنين. فاتسع الإنسجام بين السيد والجمهور، مع ارتفاع المكانة السياسية والفكرية لكليهما : القائد والجمهور في آن معاً. على أساس أن المقاومة ضد الإحتلال الصهيوني، هي أول أدوات الكفاح السياسي من أجل الحرية السياسية للشعب. والنساء نصف الشعب. إن الحرص النسائي على السير في جنازة السيد نصر الله، لهو مؤشر على اتساع القاعدة النسائية للمقاومة. لكنه ربما يكون رد جميل على كل الإحترام الأخلاقي والإنصاف الإجتماعي والعطف الإنساني الذي سعت إليه قيادة السيد نصر الله لتعزيز دور المرأة في المجتمع اللبناني وحفظ كرامتها.
5 – كان الجمهور المشيع لجنازة السيد نصر الله والسيد صفي الدين محزوناً ومتألماً. عندما أعلن عن بدء مراسم الجنازة أخذ الجمهور حول المدينة الرياضية يبكي. من كل الأعمار كانوا يبكون. حرارة الفقدان ولوعة الفراق، وخصوصا بين الشابات والشبان الصغار، لم تختف من صفوف جمهور السيد نصرالله، الذي يمتد في كل أرجاء الوطن وإلى أقصى البلاد العربية والأجنبية. إن نضارة الرباط العاطفي وصدقه كما رأينا في مظاهر الحزن والتفجع التي ظللت جنازة السيد نصرالله، بقيت رغم انقضاء 5 شهور على مصرع السيد نصر الله. وما جلى هذه المظاهر بقوة، وفجأة، ظهور طائرات العدوان “الإسرائيلي” فوق رؤوس المشيعين، الذين رفعوا قبضاتهم ووجوههم الى السماء هاتفين : “الموت لإسرائيل”. وهذه الحالة من التماسك النفسي – السياسي لا تستوجب الحيرة :
لقد أكد الجمهور بحزنه وتفجعه وندبه السيد الجليل، عمق الشعور لديه بقيمة السيد نصرالله التي خسر جزءاً منها. مثلما عرف أن انسجامه مع قيادة السيد نصر الله، التي كان الجمهور يبديها له في حياته، لم تكن عاطفية أو شخصية وحسب، وإنما كانت سياسية أولاً. لقد صنع نصر الله لجمهوره منهلاً صافياً للولاء السياسي، ولإدراك مغزى واهمية هذا الولاء في تحسين المعنى الإجتماعي لحياة الأفراد بذاتهم وحياة الجماعة الوطنية بأسرها.
علي نصَّار، مدير موقع الحقول
بيروت، 23 شباط 2025
منشور على قناة الحقول الأخبارية على تلغرام
https://t.me/Alhoukoulnews/5211
منشور في عدد وموقع جريدة الأخبار يوم 26 شباط 2025
COMMENTS