… والمفارقة، ان الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي خسرا على يد من ساهما في رعايته وتغذيته وحمايته وتسهيل انتقاله عبر الخط العسكري من السلك الامني الى النادي السياسي، حتى بات يصح فيهما القول بان السحر انقلب على الساحر.
النهار
زلزال طرابلس يفتح ملف الهزائم والمكاسب
أي تداعيات لصعود ريفي واستقالة فاضل؟
“لم تكن المفاجأة المدوية التي حملتها صناديق “الفجر الطرابلسي” مقدمة وزير العدل العالقة استقالته اللواء أشرف ريفي “جنرالاً” سياسياً أو زعيماً “تغييرياً” في الساحة الطرابلسية والشارع السني عموماً سوى بداية انطلاق لتداعيات سياسية واسعة النطاق لعلها الأولى من نوعها منذ الانتخابات النيابية الاخيرة التي أجريت عام 2009 ولو اختلف الكثير من الظروف والملابسات بين التجربتين. اذ أنه يكفي لتبين حجم “الزلزال” الانتخابي في طرابلس الذي “استولد” صعود زعامة جديدة تمكنت من الفوز المباغت على تحالف سياسي وقيادي عريض أن تدرج معركة طرابلس تحديداً في اطار المعركة التي فتحت بذاتها ملف واقع سائر القوى السياسية والأحزاب والتيارات في كل الاتجاهات مع انها لم تكن وحدها الحافز الوحيد لفتح هذا الملف عقب انتهاء الجولات الأربع من الانتخابات البلدية والاختيارية. لكن حجم التغيير الكبير الذي طرأ على المشهد الطرابلسي عقب اكتساح لائحة “قرار طرابلس الريفية” الغالبية الساحقة من مقاعد المجلس البلدي المنتخب أطلقت رياح التداعيات الى الأبعد من الشارع الطرابلسي وفي اتجاهات باتت تضع فوراً على الطاولة آفاق الحسابات المثقلة بالهواجس لدى مختلف الافرقاء التقليديين.
ولكن الى جانب الشحنة التغييرية التي حملها استحقاق ديموقراطي ناجح سجل في خانة وزير الداخلية نهاد المشنوق والجيش والقوى الامنية خصوصاً وحكومة الرئيس تمام سلام عموماً، فان محاذير هذه الشحنة سرعان ما انتصبت مع أمر كان يخشاه كثيرون حتى قبل التحول الانتخابي الذي حمل فوز لائحة اللواء ريفي وهو أن تؤدي المواجهة الانتخابية الحادة الى فقدان التوازن الطائفي وسقوط تمثيل الأقليات المسيحية والعلوية في المجلس البلدي المنتخب. وقد وقع المحظور فعلاً حتى قبل اعلان نتائج الفرز الرسمية التي تواصلت حتى منتصف الليل الماضي بما يعني أن المجلس البلدي الجديد سيكون مشوباً بافتقاده التعددية الطائفية في ثانية كبرى مدن لبنان. ولم تقف تداعيات هذا التطور عند حدود الصدمة بل تعدتها الى مفاجأة ثانية فجّرها النائب روبير فاضل الذي استبق صدور النتائج الرسمية للانتخابات في طرابلس بإعلانه استقالته من النيابة اعتراضاً على “تغييب أكثر من مكوّن أساسي من المجلس البلدي الجديد والاخلال بالأعراف والجوهر”. ومع التخوذف الذي أثاره هذا التطوّر من كونه مؤشراً لحالة متشددة تسود المدينة ساهم الاستحقاق الانتخابي في انعاشها، سارع الوزير ريفي الى اعادة رسم مواقفه ضمن اطار سياسي صرف، مشدداً على أن طرابلس كانت وستبقى مدينة العيش المشترك. وفي خطاب غلبت عليه أدبيات “ثورة الارز” وانتفاضة 14 آذار أدرج ريفي فوز لائحته في اطار “اسقاط تهريبة محاصصة وتحالف هجين وقلنا لهم بالصوت العالي لن نقبل بأن يسيطر على المجلس البلدي شركاء حزب الله والنظام السوري وعملاؤه وأن أبناء مدينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري لا يزالون على عهدهم وقسمهم ووفائهم للمبادئ التي استشهد من أجلها الرئيس الحريري وشهداء ثورة الأرز الابطال”.
صوت الاعتراض
ولكن ماذا عن ملابسات الانقلاب الانتخابي الذي شهدته طرابلس؟
أوساط طرابلسية واكبت عن كثب الاستحقاق البلدي شرحت لـ”النهار” المعطيات التي رافقت نتائج الانتخابات، فقالت إن الرئيس نجيب ميقاتي الذي حمل لواء اللائحة التوافقية أصر على اختيار رئاستها ممن ينتمي اليه رافضاً اقتراحات عدة أن يكون رئيس اللائحة من “تيار المستقبل”، معتبرة أن انه أراد أن يكون خياره خياراً سياسياً يكرّس من خلاله زعامته على طرابلس، ولكنه خيار أدى الى نتائج عكسية. وأضافت “أن ما شهدناه أول من أمس هو صوت اعتراضي بامتياز” على المستويات الآتية:
أولاً: اعتراض حقيقي على قرار “تيار المستقبل” التوافق مع الرئيس ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي ولم يقتنع الجمهور الطرابلسي الأوسع بمنطق صرف النظر عن الجانب السياسي والتركيز فقط على الجانب الانمائي في انتظار بلورة الخيارات السياسية في الانتخابات النيابية ورئاسة الحكومة.
ثانياً: يقول الرئيس سعد الحريري إنه يتخذ مواقفه إنطلاقاً من المصلحة الوطنية. فهو دخل حكومة واحدة مع “حزب الله” مع ربط نزاع. كما دخل حواراً مع الحزب من أجل وقف ممارسات الأخير في لبنان وخصوصاً من خلال ما يسمى “سرايا المقاومة” التي اخترقت الطائفة السنيّة في مناطق عدة. ثم كان خيار الحريري ترشيح النائب سليمان فرنجية كي يخترق الجمود الذي فرضه “حزب الله” على الاستحقاق الرئاسي. لكن كل هذه المواقف لم تصل الى أي مكان، إذ بقيت الحكومة مشلولة مما أدى الى انهيار إقتصادي شمل كل لبنان بما فيهطرابلس. واستمرت ممارسات “حزب الله” من دون اي تغيير ولم يلاق “المستقبل” في الحوار بحل “سرايا المقاومة”. كما أن ترشيح الحريري النائبفرنجية لم يخرج لبنان من الحلقة المفرغة رئاسياً بعدما أصرّ الحزب على العماد ميشال عون خياراً وحيداً.
ثالثاً: لم يؤد المستويان الأول والثاني مضافا اليه المستوى الذي جرى الحديث عنه سابقاً عن اختيار ميقاتي رئيساً للائحة يمثله، الى ما ذهب اليه الحريري من توافق مما انتهى الى النتيجة المعروفة التي لا تعكس ما يريده جمهور “المستقبل” المعترض على مسار لا يمثل تطلعاته.
وفيما أكد الرئيس الحريري “احترام الارادة الديموقراطية لأبناء طرابلس”، قال الرئيس ميقاتي من جانبه: “لا بد لنا جميعا من أن ننحني أمام ارادة أبناء مدينتي طرابلس”.
المقلب المسيحي
واذا كان الانقلاب الطرابلسي خطف الأضواء والاهتمامات الداخلية، فإنه لم يحجب تماماً تداعيات الجوانب الأخرى من نتائج الانتخابات في الشمال وخصوصاً في المقلب المسيحي. خرج “الشمال المسيحي” من معاركه بخليط من الهزائم والانتصارات يحتم اجراء ما نصح به وزير الداخلية نهاد المشنوق القوى السياسية من دون استثناء “بأن تعيد النظر في أدائها وعناوينها ومفرداتها تجاوباً مع عنصر الشباب الذي أثبت قدرته على التغيير”. واذ اثبتت معركتا تنورين والقبيات اللتان فاز فيهما الوزير بطرس حرب والنائب هادي حبيش متحالفاً مع النائب السابق مخايل ضاهر والكتائب صعوبة اختراق ثنائي تفاهم معراب الحصون السياسية والعائلية التقليدية، فإنه لا يمكن تجاهل المكاسب التي حققها طرفا التفاهم “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” في الكثير من البلدات والقرى في البترون والكورة وعكار بالاضافة الى بشري اذ الثقل “القواتي”. ومع ذلك ثمة الكثير من الوقائع الانتخابية السلبية التي واجهها طرفا التفاهم حيث سجلت اختراقات مستقلة ونسب انتخابية مرموقة في مواجهتهما من شأنها أن تشكل انذارات مبكرة لواقع هذا التحالف حيال الانتخابات النيابية المقبلة. وأوردت الماكينة الإنتخابية لنائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أنه حقق نجاحاً كبيراً في كل بلدات الكورة، حيث فاز 28 مجلساً بلدياً محسوباً عليه، أو قريباً منه سياسياً أو شخصياً في مستوى علاقات تربطه بعائلات بلداتها. كما فازت اللائحة التوافقية التي دعمها في بلدته انفه.
السفير
تداعيات انتخابات طرابلس: فاضل يستقيل.. والعلويون يحتجون
هكذا تسلق ريفي «جبل أخطاء» خصومه
وتحت هذا العنوان كتبت السفير تقول “تكاد المراحل الاربع من الانتخابات البلدية تُختصر في طرابلس، بعدما غطى «دخان» مفاجأة اللواء اشرف ريفي على النتائج الاخرى، برغم أهمية بعضها. وحتى خسارة تحالف «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» في تنورين والقبيات بدت ثانوية قياسا الى الزلزال الطرابلسي الذي خلط، بل مزق الكثير من الاوراق.
انشغل الجميع أمس، لاسيما الخاسرون، بمحاولة تشريح الارقام، والغوص في أعماق الشارع الطرابلسي بحثا عن «الصندوق الاسود»، لعل محتواه يسهل فهم ما حصل، ويشرح اسباب السقوط المفاجئ والمدوي للائحة تحالف الاقطاب في أزقة المدينة، بعدما كان الكثيرون يعتقدون انها ستحلق بأصواتها وقدراتها على ارتفاع شاهق.
وعليه، لم تفاجئ حصيلة المعركة في عاصمة الشمال رموز اللائحة الائتلافيــة فقــط، بل فاجــأت ايضا ريفــي الذي لم يكن يتوقع ان يكتسح خصومه، على هذا النحو، بل ان طموحه تراوح أصــلا بين تسجيل رقم جيد يحفظ له ماء الوجـه بالحـد الادنى، وبين تسجيل خروقات تحفظ له بعض المقاعد في البلدية الجديدة بالحد الاقصى. وأغلــب الظــن، ان الرجل احتاج الى بعــض الوقت، قبل ان تهضم «معدته السـياسـية» انتصاره الدسـم، ويصبح جاهزا للتعامــل مع مفاعيله.
بين ليلة وضحاها، انتقل ريفي من موقع الوزير المستقيل، المنشق عن «المستقبل»، المتهم بالتهور حتى ملامسة حافة الانتحار، الصادرة بحقه «مذكرة توقيف» سياسية من «بيت الوسط».. الى زعيم سني معترف به من قبل «الامم المتحدة» اللبنانية، ورقم صعب في جدول الحساب الداخلي، لم يعد بالامكان تجاوزه او تجاهله.
والمفارقة، ان الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي خسرا على يد من ساهما في رعايته وتغذيته وحمايته وتسهيل انتقاله عبر الخط العسكري من السلك الامني الى النادي السياسي، حتى بات يصح فيهما القول بان السحر انقلب على الساحر.
سعى الحريري الى الاتيان بريفي رئيسا للحكومة قبل ان تستقر التسوية على تمام سلام، ثم خاض معركة لتثبيته وزيرا للعدل، وذهب ميقاتي في دفاعه عنه الى حد الاستقالة من رئاسة الحكومة احتجاجا على رفض قوى «8 آذار» بقاءه على رأس المديرية العامة لقوى الامن الداخلي.
لكن ريفي سرعان ما كبر وتمدد وصار ندا لمن كان يؤدي لهما التحية العسكرية.
وإذا كان كل من الحريري وميقاتي والوزيرين السابقين محمد الصفدي وفيصل كرامي و «الجماعة الاسلامية» و «الاحباش» هم الخاسرون في موقعة الاحد الماضي، إلا ان الاكيد هو ان هزيمة «تيار المستقبل» تُعتبر الاكبر والافدح، باعتبار ان طرابلس كانت مصنفة من أهم معاقله الشعبية والانتخابية، وريفي كان محسوبا عليه وله، فإذا بهما يصبحان خارج ظلال العباءة الزرقاء.
ولا يمكن فصل رسالة طرابلس الشديدة اللهجة الى الحريري عن تلك التي تلقاها في العاصمة، يوم وجهت له ارقام «بيروت مدينتي» التحذير الاول، معطوفا على مقاطعة واسعة من الشارع البيروتي للاستحقاق البلدي، ثم أتت انتخابات صيدا وما عكسته من تراجع في الفروقات بين لائحة «المستقبل» وخصومها، لتعطي إشارة إضافية الى ان الامور ليست على ما يرام، برغم النجاح.
لقد بات واضحا، ان ازمة «المستقبل» التي كانت «صامتة» قبل الانتخابات البلدية أصبحت صارخة بعدها، وان الحريري يدفع الآن بمفعول رجعي ثمن غيابه الطويل عن لبنان وعدم التقاط «راداراته» للمتغيرات التي طرأت على مزاج جمهوره، كما الجمهور اللبناني عموما، تحت وطأة الازمات المتراكمة واخفاقات الطبقة السياسية المتلاحقة.
لقد تكدست نقاط الضعف في جسم «المستقبل»، حتى غدا التحالف مع الحريري عبئا على شركائه بدل ان يكون قيمة مضافة لهم.
هذا على الاقل ما يشعر به بعض أطراف اللائحة الائتلافية في طرابلس، في أعقاب الهزيمة غير المتوقعة، وهناك بينهم من لا يخفي ندمه على المشاركة في التحالف الهجين، بعدما اكتشف انه دفع كلفة ازمة الحريري السياسية والمالية ومعركته الشخصية مع أشرف ريفي، إضافة الى كلفة الخلل في إدارة الحملة الانتخابية، ليتحول الائتلاف في نهاية المطاف من حبل نجاة الى حبل مشنقة.
وأغلب الظن، ان الرئيس نجيب ميقاتي يتحسر في قرارة نفسه على عدم استجابته للأصوات التي ارتفعت من داخل بيئته، تحضه على خوض المواجهة الانتخابية ورفض خيار التوافق، خصوصا ان استطلاعات الرأي بيّنت ان فوزه في هذه الحال سيكون مضمونا.
عشية الانتخابات، كان جبل الاخطاء قد ارتفع على كتف التحالف المفتعل، ولم يعد مطلوبا من ريفي سوى ان يجيد تسلقه، وهذا ما فعله. ولئن كان وزير العدل المستقيل سيحاول ان يطيل إقامته، قدر الامكان، فوق القمة التي أهداه إياها خصومه، إلا ان الدلالة الاخطر لما جرى تكمن في ما ثبت بالعين المجردة، وهو ان الخطاب الحاد يشكل الطريق الاقصر لكسب الشعبية وتحقيق الانتصارات الانتخابية على حساب منطق الاعتدال او الخطاب الاقل تطرفا.
وكان التنوع الطائفي في تركيبة المجلس البلدي لطرابلس من أولى ضحايا هذا المناخ، بعدما خلت من أي تمثيل مسيحي او علوي ما دفع النائب روبير فاضل الى تقديم استقالته احتجاجا، بعد اتصال طويل أجراه مع الرئيس نبيه بري الذي حاول ثنيه عن قراره. كما اتصل الشيخ أسد عاصي بالرئيس بري معترضا باسم جبل محسن على الخلل الحاصل في التوازن البلدي، ومنبها الى عواقبه.
وخلال حواره مع فاضل وعاصي، حذر بري من خطورة الانزلاق الى ردود فعل متسرعة، مشددا على انه لا يجوز التعاطي مع ما حصل في طرابلس بالانفعال وانما بالحكمة، لان المرحلة لا تحتمل أي سلوك قد يساهم في تأجيج الجمر الطائفي او في رفع منسوب التعصب.
وقال بري لفاضل: الامر لا يتوقف على عدم وجود ممثلين عن المسيحيين في المجلس البلدي لطرابلس.. ان الازمة الاكبر تتمثل في استمرار غياب رئيس الجمهورية المسيحي.. واضاف: نصيحتي لك ان تهدأ وان تدرس قرارك مليا قبل حسمه، وإذا صممت على الاستقالة، فعليك ان تقدمها وفق الاصول، علما انني في كل الحالات لن اقبلها.
كما أكد بري للشيخ عاصي وجوب ضبط النفس، لان أي تصرف انفعالي قد يعيد انتاج التوتر بين باب التبانة وجبل محسن. وتابع مخاطبا إياه: أعطوني بعض الوقت لأرى ما الذي يمكنني فعله، وإذا تبين ان الأفق مسدود، ربما نبحث لاحقا في امكانية إنشاء بلدية خاصة بجبل محسن، لكن الآن عليكم ان تتحلوا بالهدوء.
والى جانب التداعيات الفورية لزلزال طرابلس على النسيج المرهف للمدينة، هناك من يتخوف من ان تطيح هزاته الارتدادية الانتخابات النيابية المرتقبة بعد قرابة عام، خصوصا ان الحريري سيصبح اقل حماسة لها في اعقاب النتائج البلدية الصادمة له، او اقله قد تدفع النسبية الثمن ويتم وأدها، بعدما اكتشفت غالبية القوى السياسية انها ستكون قابلة للاختراق في بيئاتها.
ولكن، كيف استطاع ريفي لوحده ان يفوز على لائحة ضمت أغنياء طرابلس وأبرز قادتها السياسيين، وحظيت بغطاء سعودي مباشر، تحت «شعار ملكي» قوامه: وجوب توحيد الصف السني؟
تعددت الروايات والتفسيرات لانتفاضة الطرابلسيين على الزعماء التقليديين لمدينتهم، لكن يمكن القول ان المسح الدقيق للمعطيات، يُظهر ان جسم الائتلاف العريض عانى من الفجوات الآتية:
– نزول اللائحة التوافقية بـ «المظلة» على رؤوس ابناء المدينة، من دون تمهيد كاف ومقنع لها، يحترم عقول الناخبين ويبرر لهم كيف ان رموزها الذين كانوا خصوما ألداء على مدى سنوات أصبحوا فجأة حلفاء وأحباء، وكأن شيئا لم يكن.
– تجاهل اللائحة الخاسرة للأحياء الفقيرة في المدينة وعدم اشتمالها على أي مرشح يعكس نبض هذه الاحياء وتطلعات ساكنيها، خصوصا منطقة باب التبانة التي كانت وقود الحرب العبثية وحطبها في طرابلس، ثم عندما حان أوان الانماء جرى تهميشها، الامر الذي تفادته لائحة المجتمع المدني المدعومة من ريفي.
– الاختيار غير الموفق لبعض اسماء لائحة «لطرابلس»، علما ان أحد الشركاء في تشكيلها كان قد حذر حلفاءه من هذه الثغرة، لكنهم لم يستمعوا اليه.
– سوء التنظيم واتكال كل ماكينة انتخابية على الاخرى.
– الشعور بـ «فائض القوة» الذي انعكس استرخاء في الأداء واستخفافا بالخصم.
– غياب الخطاب السياسي المشترك والواضح للائحة التحالفية التي اكتفت بالطرح الانمائي، في حين ان اللائحة المدعومة من ريفي اعتمدت خطابا سياسيا مباشرا وهجوميا، أفضى الى شد العصب واستنفار شريحة واسعة من الشارع.
– تجاوز إرادة المكوّن العلوي في طريقة اختيار من يمثله، ما أدى الى خسارة أصوات جبل محسن.
وأبعد من هذه العوامل المحلية، يتساءل أحد أقطاب الائتلاف الخاسر عما إذا كان ريفي قد ربح بقدراته الذاتية حصرا، أم انه تلقى دعما خارجيا من جهة إقليمية ما، كما يتساءل عن سر تدفق المؤيدين لريفي على صناديق الاقتراع في الساعة الاخيرة من مهلة التصويت، ومن أدار «عملية الانزال» هذه في الوقت القاتل؟
اللواء
صدمة إنقلابية في طرابلس.. وريفي يتعهد بحماية العيش المشترك
أمير الكويت يبحث مع الحريري إنتخاب الرئيس.. وروبير فاضل يستقيل من المجلس إحتجاجاً
“تتالت المفاجآت البلدية شمالاً مع ساعات فجر أمس، وطوال النهار، ليصبح الحدث الطرابلسي المتمثل بفوز لائحة «قرار طرابلس» التي دعمها بقوة وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي على كل شفة ولسان، وعلى المستويات كافة، في محاولة لسبر أغوار النتائج المدوية التي استقرت قبيل منتصف الليل على أن «لائحة ريفي» حصدت 23 عضواً من المقاعد، ما خلا فوز رئيس لائحة «لطرابلس» الدكتور عزام عويضة الذي سرت أنباء بأنه في صدد الاستقالة إذا أعلن فوزه رسمياً، وهذا يعني أن اللائحة ستفوز بالمقاعد الـ24.
وإذا كان من التداعيات الفورية تقديم نائب طرابلس عن المقعد الأرثوذكسي روبير فاضل استقالته من المجلس، مضمّناً كتاب الاستقالة حيثيات القرار المرتبط بما كشفته معركة الانتخابات البلدية في طرابلس من أنها غيّبت وهمشت أكثر من مكوّن أساسي في المجلس البلدي الجديد، وأخلّت بالأعراف وبالجوهر، (في إشارة إلى عدم فوز أي مرشّح مسيحي أو علوي) فإن راعي اللائحة الفائزة اللواء ريفي كشف في المؤتمر الصحفي الذي عقده في منزله في طرابلس أنه كان لديه منذ البداية هاجس الإخلال بالتوازن والعيش المشترك، كاشفاً عن مبادرة سبق أن طرحها على مطارنة طرابلس بأن تكون الأسماء المسيحية والعلوية واحدة في اللائحتين، وأنه أكد على هذا الموقف قبل يوم واحد من إجراء الانتخابات، لكن المبادرة قوبلت بالرفض والتجاهل، مشيراً إلى ثغرة بأن لائحته كان عليها علوي واحد وليس اثنين، مؤكداً أن طرابلس مدينة للعيش المشترك، ونحن نصرّ على العيش معاً مسلمين ومسيحيين، مادّاً يده للرئيس سعد الحريري مهدياً فوزه لروح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مؤكداً بأنه لن يسمح بأن يكون لبنان ولاية إيرانية، لافتاً إلى أن من بين نقاط الاختلاف معه ترشيح رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
وبقدر ما كانت نتائج انتخابات بلدية طرابلس مدوّية، ويمكن وصفها «بالإنقلاب البلدي» الذي يحتفظ بكل خصائصه، فإن المفاجآت على ساحة البلديات المسيحية، لا سيما في القبيات والكورة حتى بشرّي، فضلاً عن جرود البترون وتنورين، وإن كانت أقل دوياً، إلا أنها كشفت عن نتائج سياسية بالغة الحدة لجهة سقوط خطط الثنائي الماروني بقولبة الرأي العام المسيحي وإدخاله في شرنقة الرأي الواحد، مما يعني أن ما كان يخطط من حسابات سياسية على ظهر البلديات باء بالفشل.
والمتفق عليه أن الانتخابات البلدية فتحت الطريق واسعاً أمام الانتخابات النيابية التي أكد الرئيس تمام سلام وجوب التهيّؤ لإجرائها في موعدها، والسعي لانتشال الوطن من حالة الغيبوبة السياسية، مهنئاً وزير الداخلية نهاد المشنوق على نجاحه في إدارة هذه العملية الدقيقة.
والمتفق عليه أيضاً أن الوزير المشنوق بوصفه «الفائز» بنجاح رهانه على إجراء الانتخابات والالتزام بها، والذي رفض في مؤتمره التقييمي الدخول في زواريب القراءات السياسية والحزبية للنتائج، متوقفاً عند ما وصفه بالرسائل التي وصلت إلى القوى السياسية، داعياً هذه القوى إلى تفكيكها وإجراء مراجعة لأدائها.
على الساحة الطرابلسية، سارعت قوى الائتلاف البلدي من الرئيسين الحريري ونجيب ميقاتي والنواب إلى تهنئة الفائزين «وتجاوز الاصطفافات وتسهيل مهمة المجلس المنتخب من أجل إنماء المدينة وحل مشاكلها»، على حدّ تعبير الرئيس الحريري الذي شدّد بأن طرابلس تستحق منّا الجهد والدعم مهما كانت الظروف وسنبقى حاملين همومها وقضاياها في كل وقت.
الحريري في الكويت
وحضر الوضع في لبنان والظروف المحيطة به خلال استقبال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لرئيس تيّار «المستقبل» في الديوان الأميري في قصر بيان قبل ظهر أمس.
ومن أبرز المواضيع التي بحثت الفراغ الرئاسي، حيث كشف الرئيس الحريري أنه «شرح بالتفصيل المبادرات التي قام بها لانتخاب رئيس للجمهورية»، معتبراً أن هذا الفراغ يؤثر سلباً على مجمل الأوضاع، وأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي لم يعد مقبولاً، واصفاً التدخلات الإيرانية في المنطقة بأنها غير مقبولة، ومؤكداً في الوقت نفسه على أن تكون لدى العرب علاقة جيدة جداً مع إيران.
وفي شأن داخلي متصل، أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أننا «ملتزمون تنفيذ قانون العقوبات الأميركية، ليس لخدمة الأميركيين بل لأن مصلحة لبنان تقتضي ذلك»، مطمئناً إلى أن التدابير التي اتخذها مصرف لبنان مع المصارف ستؤمّن الاستقرار التسليفي للبلد، معرباً عن تفاؤله بالمستقبل.
أجندة الأسبوع
ومن المؤكد أنه مع اكتمال الشهر البلدي مما له وعليه، فإن نتائجه ستكون عنوان مرحلة طويلة تمتد إلى حين إجراء الاستحقاق المقبل، سواء كان رئاسياً أو نيابياً:
1- فاليوم تعقد لجنة الاتصالات النيابية جلسة لمواصلة البحث في ملف الإنترنيت غير الشرعي، كما أنه من الممكن عقد الجلسة رقم 29 في سياق الحوار الثنائي بين «المستقبل» و«حزب الله» في عين التينة.
2- وغداً الأربعاء، وفي السياق البلدي لنتائجه وتداعياته، تعقد اللجان المشتركة جلسة جديدة تواصل فيها البحث في قانون الانتخاب انطلاقاً من صيغة القانون المختلط (أكثري – نسبي)، حيث ستحضر في الذهنية صورة مقترحة لمستقبل المجلس النيابي، في ضوء تغيّر المزاج الشعبي في اتجاه التغيير وتسجيل أوسع مروحة اعتراض على الطبقة السياسية من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال.
3 – اما الخميس في 2 حزيران، يعقد المجلس النيابي الذي عاد إلى الرقم 127 مع استقالة فاضل، جلسة رقم 40 والمخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية في إطار تمرير الوقت ليس إلا.
4 – وعلى صعيد مجلس الوزراء، الذي يعقد جلسة عصراً وعلى جدول أعماله 61 بنداً أبرزها معالجة جبل النفايات في برج حمود وسد جنّة، وهما بندان مؤجلان من الجلسة السابقة، بالإضافة إلى تعيين مدير عام للشؤون الاجتماعية (منى فواز).
وفي السياق، طلب وزير الاتصالات بطرس حرب في اتصال مع الرئيس سلام ادراج التقرير الذي رفعه إلى مجلس الوزراء بتاريخ 19 شباط حول هيئة أوجيرو على جدول أعمال جلسة الخميس.
الجولة الرابعة
وبانتظار أن تعلن وزارة الداخلية والبلديات النتائج الرسمية للفائزين والخاسرين في بلديات محافظتي الشمال وعكار، استمرت عمليات فرز أقلام الاقتراع في طرابلس إلى ما بعد منتصف الليلة الماضية لمعرفة كيف ستكون الصورة النهائية لمجلس بلدية طرابلس الجديد، أعادت مصادر إلى الذاكرة أن غياب الأعضاء المسيحيين والعلويين عن المجلس البلدي الجديد، يحدث للمرة الثانية، حيث فازت عام 1998 لائحة الرئيس عمر كرامي برئاسة العميد المتقاعد سمير شعراني بعدما تقاسمت المقاعد مع اللائحة المنافسة التي دعمها الرئيس الشهيد رفيق الحريري برئاسة احمد قمر الدين، والذي يتوقع ان يكون رئيساً للمجلس الجديد لولاية 2016 – 2022، رغم فوز خالد عمر تدمري بأغلبية أصوات هذه الدورة.
وفي مطلق الأحوال، يمكن التوقف عند الآتي:
1 – أن القوى السياسية بدأت منذ الثامن من الشهر الحالي تقيّم طبيعة العلاقة مع القاعدة الشعبية من بيروت إلى جبل لبنان، حيث بدا أن هناك شرخاً واقعياً ما بين أحزاب الطبقة السياسية وكتلها والمنتفعين منها، وبين عامة الجمهور الذي ينوء كل يوم تحت وطأة الأزمات المتفاقمة.
2 – أن غالبية مقومات الطبقة السياسية ومستوياتها في السلطة وخارجها تعاني أزمة مع جمهورها ومع الشعب ككل.
3 – أن التكتلات الحزبية الكبرى فاقمت من مزاج التمرد لدى المواطنين. وكشفت الانتخابات أن عمق الهوة الحاصلة في البلاد تفاقم إلى درجة ليس من السهل ردمها. وعلى الصعيد المسيحي دلت صناديق الاقتراع أن جمهور «التيار الوطني الحر» الذي يقيّم النتائج اليوم و«القوات اللبنانية» التي كادت تواجه مشكلة فعلية في بشري رغم فوز لوائحها، هو اقل من نصف التمثيل المسيحي الوسطي، وهذا ما يطرح مسألة التمثيل على الطاولة من باب المعطيات الواقعية وليس من باب التهويل أو الخداع الإعلامي.
4 – ومهما تشاطر السياسيون بأن المعركة إنمائية، وانها معركة عائلات، فان جرس إنذار دق في صالوناتهم وعلى مسامعهم قبل الانتخابات النيابية وربما سيكون بعدها.
ومن ضمن هذا المعطى الجديد يمكن القول أن الديمقراطية اللبنانية دخلت في عهد جديد مفتوح على شتى الاحتمالات.
البناء
سورية تربح معركة الليرة بوجه الدولار بعد معركة طرد علوش من جنيف
تسليم مستقبلي بخسارة القيادة وتساؤلات حول توظيف الأغلبية قبل فقدانها
النقاش يدخل الجدية حول قانون النسبية وجنبلاط لا يمانع بمبادرة بري
“سجلت الدولة السورية نصراً مفاجئاً لليرتها الوطنية على العملات الأجنبية بتحسّن في سعر صرف الليرة بنسبة 20 ، بعد جملة إجراءات نقدية وأمنية أدّت إلى ضخ كتل كبيرة من العملات الصعبة في الأسواق وأنتجت هذا التحسن في سعر الصرف ما أشاع مناخات تفاؤلية في الأوساط الشعبية السورية، بينما كانت ميادين الحرب في سورية تتجه إلى المزيد من التوسّع شمالاً واختلاط الأوراق قرب الحدود التركية، بعدما صارت الأراضي التركية على موعد شبه أسبوعي مع التفجيرات الإرهابية، كانت أصداء استقالة كبير مفاوضي جماعة الرياض محمد علوش الذي ربطت الحكومة السورية قبول التفاوض المباشر بإخراجه من الوفد، تصل إلى موسكو حيث اعتبر وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أن خروج علوش سيجعل المحادثات في ظروف أفضل، فيما قال الكرملين على لسان المتحدث الرسمي بعد مراجعة أشرف عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للعلاقات المتأزمة مع تركيا، إن المطلوب تغيير سياسات بوقف احتضان الإرهابيين وتسهيل أمورهم وحركتهم واعتذار واضح عن إسقاط الطائرة المقاتلة الروسية بدلاً من الإكثار من الحديث عن الرغبة بتحسين العلاقات، فيما يتوقع نهاية المهلة الممنوحة للجماعات المسلحة المنضوية في جماعة الرياض مع نهاية الأسبوع قبل تقييم مواقف هذه الجماعات، خصوصاً جيش الإسلام وأحرار الشام، قبل توجيه أي دعوة لعقد جولة جديدة من المحادثات في جنيف.
لبنانياً، لا تزال أصداء النتيجة الدراماتيكية التي حملتها الانتخابات البلدية في طرابلس وفوز اللائحة المدعومة من الوزير أشرف ريفي على اللائحة الائتلافية التي تضم تيار المستقبل وسائر زعامات المدينة، والتي أشارت إلى بداية مرحلة جديدة لا مكان فيها للدور القيادي لتيار المستقبل في طائفته وفي البلد. وقد سلمت قيادة تيار المستقبل بهذه الحقيقة وبحاجتها لمراجعة ووقت طويلين للالتقاط الأنفاس مجدداً، إذا كان ذلك لا يزال ممكناً، بينما تساءلت مصادر متابعة عن طبيعة التحول الذي سيفرضه ما جرى شمالاً على تيار المستقبل، فهل يذهب لخطاب مزايد بالتطرف في وهم أن هذا الخطاب هو سر خسارته، أم يدرك أن خطاب التطرف هو الذي مهد الطريق لمن يقف على يمينه في التطرف، وان ما فعله ريفي اليوم هو ما فعله الرئيس سعد الحريري بالأمس، وما سيحصده ريفي غداً هو ما يحصده الحريري اليوم، فيفاجأ أنه مهد الطريق للأشد تطرفاً حتى تنتقل الراية من يد إلى يد لتستقر بيد داعش، كما حدث في سورية مع خطاب المعارضة الفتنوي والمذهبي الذي سلم الراية للإخوان المسلمين وتالياً للنصرة لتستقر بيد داعش.
تيار المستقبل الذي سيحتاج لفترة نقاهة تتخطى ما تتيحه الفترة الفاصلة عن الانتخابات النيابية، مضطر للقبول بحجم متواضع في الانتخابات المقبلة والسؤال عما يستطيع فعله قبل ذلك وأين يمكن أن يصرف الأغلبية النيابية التي يملك أغلبيتها وقوتها الحاسمة خلال الشهور المتبقية ما دام يضع العصي في دواليب التفاهم الذي ينتج رئيساً وقانوناً انتخابياً جديداً. وهو تفاهم يجب أن يقدم فيه الحريري التنازلات لخصومه ليضمن منهم تعاوناً وتحالفات نيابية وحكومية تعينه في ترميم وضعه واسترداد ساحته، والسؤال هل يملك الحريري الشجاعة التي يحتاجها لذلك كالتي كان يملكها والده في مثل هذه الحالات؟
يبقى قانون الانتخابات هو المفتاح، وتبدو النسبية مع متغيرات وضع المستقبل مناسبة لحجمه الجديد أكثر من النظام الأكثري، كما تبدو حاجة للنائب وليد جنبلاط بعدما تضعضعت تحالفاته المسيحية ويخشى ضمور حليفه الأبرز الذي كان يمثله تيار المستقبل، وينتظر مثله ضموراً في حجم الكتلة النيابية، ما يمنح مبادرة رئيس المجلس النيابي موضع بحث جدي وربما قبولاً، كما عبر الوزير وائل أبو فاعور بلسان جنبلاط، والمبادرة تقوم على التفاهم على قانون انتخابات نيابي وإجراء انتخابات نيابية على أساسه وانتخاب رئيس الجمهورية فوراً من المجلس الجديد، أو إجراء الانتخابات النيابية وفقاً للقانون الحالي وانتخاب الرئيس فوراً، أو التفاهم على سلة تضم الرئاسة والقانون الانتخابي والحكومة الجديدة، وهو ما يبدو الأرجح مع وضع المستقبل الجديد.
ما بعد مفاجأة طرابلس؟
بقيت مفاجأة الجولة الأخيرة من الانتخابات البلدية والاختيارية في طرابلس المتمثلة باكتساح لائحة «قرار طرابلس» المدعومة من الوزير أشرف ريفي مقاعد المدينة البلدية، محط متابعة وقراءة في أبعادها وتداعياتها السياسية والأمنية على الساحة الطرابلسية ولبنان عموماً.
وقالت مصادر طرابلسية مطلعة لـ»البناء» أن «نتائج انتخابات طرابلس كانت خارج توقعات وحسابات الجميع، بمن فيهم ريفي نفسه، وجاءت النتائج لتعبر عن رفض الشارع الطرابلسي للسياسات المحلية التي انتهجها كل من تيار المستقبل والرئيس ميقاتي في مراحل متعددة، وبالتالي انتخابات طرابلس لم تكن معركة إنمائية بل سياسية بامتياز».
وأشارت المصادر إلى أن «المناطق الأكثر حرماناً وفقراً وتهميشاً وتوتراً مذهبياً والتي شهدت أحداثاً أمنية وتعتبر معقلاً للإسلاميين في طرابلس لاسيما باب التبانة، اقترعت بكل ثقلها للائحة قرار طرابلس عقاباً للحريري وخروجاً من الحالة الحريرية، وبالتالي يكون ريفي قد حارب وانتصر بسيف الإسلاميين».
واعتبرت المصادر فوز لائحة قرار طرابلس بالخطوة الخطيرة، وتساءلت: «ماذا بعد الانتخابات البلدية؟ هل يحضر شيء ما لطرابلس ضمن مشروع يكون ريفي رأس حربته؟ لا سيما أن المعلومات تتحدث عن أن السيارات المفخخة التي فجّرت في طرطوس منذ أقل من أسبوعين مرّت من طرابلس».
المشروع أكبر من مقعد نيابي
ولفتت المصادر إلى أن «المشروع الذي يُعَدّ لطرابلس أكبر من مقعد نيابي بل له علاقة بقضايا المنطقة وما يحضَّر للبنان في المرحلة المقبلة، مشيرة إلى الخطاب العالي السقف لريفي المدعوم من السعودية».
وتكمل المصادر الطرابلسية بالتساؤل: «لماذا لم يدفع ميقاتي المال للشارع الطرابلسي، كما كان يفعل في السابق عند كل استحقاق ولم يقُم بالزيارات إلى أزقة وشوارع طرابلس، كما فعل ريفي لاستمالة الشارع؟ فهل كان المقصود أن يحصل ما حصل بتوجيه من إرادة خارجية لإخلاء الساحة للإسلاميين تمهيداً لشيء ما؟ وهل انتحر المستقبل في الشمال وفي طرابلس أم نُحِر؟
وقال الوزير ريفي في مؤتمر صحافي: «أمدّ يدي للحريري وخلافي معه على نقاط سياسية أكبرها ترشيح فرنجية للرئاسة».
.. وفاضل أعلن استقالته
وفي سياق آخر، وفي خطوة لافتة، قدّم النائب روبير فاضل استقالته من مجلس النواب، مؤكداً أن «معركة الانتخابات البلدية غيّبت وهمّشت أكثر من مكون أساسي من المجلس البلدي الجديد أو على الأقل أخلّت بالأعراف وبالجوهر». وقال: «يعزّيني بدون أن يكفيني أن وعي الناخب طغى لدى الأكثرية بعدم التشطيب الطائفي، إلا أن هذا لم يكن كافياً لتجنب المحظور، وحيث إن القضايا الميثاقية تلزم بموقف واضح وصريح لإعادة النظر بقانون انتخاب البلديات كي لا يتحوّل بدون قصد إلى مصدر للفتنة أو الإلغاء».
الطعن بنتائج القبيات؟
وأظهرت النتائج النهائية في القبيات فوز لائحة «القبيات بتقرّر» برئاسة رئيس البلدية الحالي عبدو عبدو على اللائحة المدعومة من الثنائي الحزبي التيار الوطني الحر «القوات».
وأعربت مصادر التيار الوطني الحر في القبيات لـ «البناء» عن نية لدى لائحة «أهل القبيات» تقديم طعن بنتائج الانتخابات لمجلس شورى الدولة، لكنها أكدت أن «القرار بذلك سيُتخذ خلال يومين نظراً للشوائب العديدة التي حصلت خلال الانتخابات كإجبار المقترعين على عدم الدخول إلى العازل وتوزيع لوائح ملغومة، فضلاً عن التلاعب بالصناديق خلال إصابة أحد رؤساء الأقلام بوعكة صحية».
وشدّدت المصادر على أن «الفرق بين أول الخاسرين في لائحة أهل القبيات وآخر الرابحين من لائحة القبيات بتقرّر هو فقط 3 أصوات ما يعني أن 20 صوتاً في القلم الذي حصلت الحادثة داخله يقلب النتائج رأساً على عقب». ونفت المصادر ما يُقال عن انتصار العائلات على الأحزاب في القبيات، موضحة أن «الأحزاب هي من العائلات واللائحتين تضمان عائلات متنوعة، وبالتالي المعركة كانت ذات طابع سياسي لا عائلي». إلا أن مصادر لائحة «القبيات بتقرّر» قالت لـ «البناء» إن «لجنة القيد في سراي طرابلس ردّت الاعتراض الذي قدّمته لائحة أهل القبيات المدعومة من التيار والقوات، وتمّ التوقيع على النتائج النهائية من مرشحي اللائحتين بعد أن تبيّن عدم حصول تلاعب بصناديق الاقتراع»، موضحة أن «قرار مجلس شورى الدولة إن أتى لصالح لائحة أهل القبيات فلن يؤثر كثيراً على النتيجة بل تحصد ثلاثة مقاعد إضافية لتصبح خمسة مقابل 16 مقعداً للائحة القبيات بتقرّر».
حبيش لـ «البناء»: انتصر قرار القبيات
ونفى النائب هادي حبيش لـ «البناء» ما تم تداوله عن تلاعب بأحد أقلام الاقتراع، واعتبر ذلك مجرد أخبار وتشويش على النتائج، موضحاً أن «ما حصل هو أن مساعد رئيس أحد الأقلام تعرّض لوعكة صحية ما استدعى إيقاف العملية الانتخابية لعشر دقائق لإفساح المجال أمام الصيب الأحمر لنقله إلى المستشفى».
وأكد حبيش أن «الأحزاب أخطأت في الدخول إلى معترك الانتخابات البلدية وكان يجب عليها أن تترك الأمر للعائلات وأبناء القرى والبلدات التي تلعب دوراً أكثر تأثيراً من الأحزاب في اختيار مَن يمثلها على الصعيد الإنمائي والبلدي وهذا ما حصل في القبيات وأثبتت العائلات أنها لا تقبل مصادرة قرارها من الأحزاب وربح قرار القبيات في النهاية».
واعتبر حبيش أن «الانتخابات في القبيات اتخذت الطابع الإنمائي بداية، لكن دخول الأحزاب لا سيما رئيس القوات سمير جعجع والعماد ميشال عون والوزير جبران باسيل حوّل المعركة سياسية ورفضت العائلات إلغاءها في منطقتها، معتبراً أن دعمَه والوزير السابق مخايل الضاهر للائحة «أدى إلى فوزها وليس دعم أحدنا كما قيل».
المشنوق: الرئاسة قبل النيابة
وكان لافتاً إعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق في مؤتمره الصحافي أمس، تأييده إجراء الاستحقاق الرئاسي قبل الانتخابات النيابية. وأكد المشنوق فيما خصّ الانتخابات البلدية أن «نسبة الاقتراع في كل لبنان في مراحل الانتخابات البلدية كافة كادت تكون 50 في المئة»، معتبراً أنّ «النتائج فاجأت كثيرين وبعضها كان متوقعاً، مما يعني أنّ السياسة في لبنان بخير»، مضيفاً «ليس من العدل والمنطق مقارنة هذه الانتخابات بانتخابات 2010». وأكّد أن «على جميع القوى السياسية من دون استثناء أن تعيد النظر بأدائها ومفرداتها وعناوينها بما يتجاوب مع عنصر الشباب»، لافتاً إلى أنه «يترك للقوى السياسية أن تفكك الرسائل التي نتجت عن الانتخابات»، ومعتبراً أنّ «لا مانع أمنياً من إجراء الاستحقاق النيابي في موعده».
أبو فاعور: لانتخابات نيابية مبكرة
سياسياً، وبعد الانتهاء من الاستحقاق البلدي، عادت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الواجهة وتحوّلت مادة نقاش بين القيادات السياسية.
ولهذه الغاية زار وزير الصحة وائل أبو فاعور الرئيس بري، موفداً من رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط عين التينة، وفي موقف لافت من طرح بري حول إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، قال أبو فاعور إثر اللقاء: «فلتكن الانتخابات النيابية مبكرة وفق قانون جديد نتفق عليه، وإذا استعصى الأمر فلتكن في موعدها وفق قانون نتفق عليه أو وفق القانون الحالي. أما الحديث مجدداً عن تأجيل الانتخابات فهذا أمر لم يعد يستوي بعدما حصل في الانتخابات البلدية التي قطعت الشك باليقين بعدم وجود أي عائق أمام إجراء الانتخابات».
.. وجلسة للجنة الاتصالات
على صعيد ملف الإنترنت غير الشرعي، تعقد لجنة الاتصالات النيابية اليوم جلسة لمتابعة آخر التحقيقات في هذا الملف، وأشار مصدر في اللجنة لـ «البناء» إلى أن «جلسة اليوم ستكون هامة وشاملة وستستمع اللجنة إلى آخر التحقيقات والمعلومات التي توصّلت إليها الأجهزة القضائية والأمنية بما خصّ الإنترنت غير الشرعي كما ستطلع على التحقيقات التي أجرتها وزارة الاتصالات، كما ستسأل اللجنة وزير الاتصالات عن حقيقة الخلاف بينه وبين آل المر وارتباطات محطة الزعرور بالإنترنت غير الشرعي».
وأوضح المصدر أن «محور جلسة اليوم سيكون محاولة الكشف عن الجهات التي تقف خلف المحطات غير الشرعية وكيف أدخلت المعدّات والأجهزة إن كان عبر المرافئ الشرعية وغير الشرعية. كما ستستمع اللجنة إلى تقرير للجمارك ووزارة المالية يوضح ما إذا كانت المعدات قد أدخلت عبر المرافئ الشرعية، أما إذا أدخلت عبر المرافئ غير الشرعية فالأجهزة الأمنية ستفصح عن ذلك».
وأكد المصدر أن «رئيس هيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف لن يحضر جلسة اليوم بل سيحضر وزير الاتصالات ومن يرتئيه من موظفي الوزارة»، وشدد على أن «هناك توصيات من رئيس المجلس نبيه بري إلى رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله بالذهاب في الملف حتى النهاية، كما ستناقش اللجنة المسؤولين المعنيين عن كل المعلومات التي تداولها الإعلام لا سيما محاولات لفلفة هذا الملف».