تعتبر المناضلة الشهيدة يمينة الشايب أو "زوليخة عدي" من الأسماء البارزة في تاريخ حرب تحرير الجزائر من الإحتلال الكولونيالي الفرنسي. وتشهد تجريتها على دور المرأة في ثورة التحرر الوطني الجزائرية، وعلى وحشية المحتلين الفرنسيين ضد الشعب الجزائري. وقد تم تداول صورها مؤخراً على بعض شبكات التواصل الإجتماعي.
اشتهرت المناضلة يمينة الشايب باسم زليخة بدلاً من اسمها الحقيقي. وهي من مواليد عام 1911. نشأت في مدينة شرشال الساحلية غرب الجزائر، وسط عائلة اشتهرت بالنضال ضد الاحتلال الفرنسي. قادها المناخ الأسري إلى العمل الثوري فتولت في شبابها قيادة خلايا الدعم اللوجيستي لجيش التحرير الوطني الجزائري، ومنها جمع الأموال وتوفير الأدوية والأطعمة، لتلفت انتباه الفرنسيين وتصبح فريسة لهم طالت ملاحقتها.
ورغم ما عرف عنها من ذكاء وفطنة تمكن الاحتلال بعد جهد جهيد من اعتقالها عقب خلافتها لأبو القاسم العليوي، قائد جيش التحرير الجزائري في شرشال، مسقط رأسها، بعد استشهاده، وعقب عملية تمشيط واسعة للفرنسيين في الجبال المحيطة.
وبعد اعتقالها، صورت المناضلة الجزائرية جالسة على الأرض مقيدة بالحديد في سيارة تابعة للجيش الفرنسي، قبل أن يتم سحلها بهذا الوضع في شوارع الجزائر كي تكون عبرة لكل من يقرر مقاومة الاحتلال، ومن أجل ترويع الشعب وإخافة كل من يتمرد على فرنسا، بأن هذا هو جزاؤه وأن فرنسا لن ترحم أحدا ولو كن نساءا. لكن الشهيدة يمينة الشايب صبرت على التعذيب الفرنسي، ولم تبح بكلمة لأعدائها، حتى إنها كانت تصرخ بأعلى صوتها، وهي تسحل في الشارع، محذرة أفراد قوات المقاومة الوطنية الجزائرية : "يا الخاوة (الإخوة) أطلعوا للجبل أطلعوا للجبل".
وأظهر الفرنسيون توحشاً فظيعاً ضد ابنة الجزائر المقاوٍمة. إذ أنهم قرروا أن يعدموها بطريقة بشعة، تذكرنا بإعدام الشهيد عمر المختار بيد الإحتلال الإيطالي في ليبيا. فقد ألقى جنود الإحتلال الفرنسي بالمناضلة يمينة الشايب أو "زوليخة عدي" من السماء من طائرة هيليكوبتر في 25 أكتوبر 1957، وذلك بعد أيام من إعدام زوجها وابنها بقطع رأسيهما وفصلهما عن جسديهما بالمقصلة.
واختفت جثة يمينة أو زليخة لمدة طويلة بعد إعدامها، وبقى الأمر لغزاً قرابة 27 عاما، ليحله رجل مسن عام 1984، حيث أفصح أنه في أحد أيام عام 1957 كان مارا على الطريق ووجد امرأة مهشمة فحملها ودفنها، قبل أن يدل الناس على مكانها، ليقوموا بالحفر ويجدوا بقايا عظام امرأة بالفعل. وقد وجدت بقايا للفستان الذي كانت ترتديه وقت إعدامها، ليتم أخيرا فك لغز اختفاء الجثة، ويبقى اسم زوليخة عدي أو يمينة الشايب رمزا لنساء الجزائر اللاتي وقفن بشجاعة وإباء يقاومن الاحتلال الفرنسي لبلادهن، وساهمن بشكل كبير في زواله وتحرير الجزائر من دنسه.
مركز الحقول للدراسات والنشر
1 حزيران/ يونيو 2016