ودار سجال بين الوزيرين الياس بوصعب ووائل أبو فاعور من جهة والوزير حرب من جهة أخرى. وقال حرب: «انا جاهز لأطرح التقرير والبحث في ملف الاتصالات لكن هناك مطالبة بتأجيل النقاش، فلا يلمني أحد من الوزراء». عندها تدخل بوصعب وقال: «اسمح لنا معالي الوزير نحن نتحدث بالعربي وأنت تجاوب بالصيني، نحن نريد المناقشة في التقرير الذي طلبته الحكومة عن التخابر الدولي غير الشرعي والانترنت غير الشرعي، العقود بين الوزارة وأوجيرو، العقد الذي وقعته بطريقة غير قانونية مع أوجيرو بـ 177 مليار ليرة من دون العودة الى الحكومة، تجديد العقد لشركتي الخلوي من دون إجراء المناقصات، وتفصيل واقع «أوجيرو» ووظيفة رئيسها وصلاحياته …
+++++++++++++++++
النهار
الحكومة تقفز فوق حقل الملفات المفخخة
حلحلة في الأزمة بين الحاكم و”حزب الله”
“قفز مجلس الوزراء فوق حقل الفخاخ الذي كان يترصده في جلسته أمس دونما ضمان لجدوى الترحيل الاضطراري المتكرر للملفات الخلافية الذي صار واضحاً انه النهج الثابت للحكومة بما يراكم التباينات ولا يضع حداً لها. واذ بدت خطوة استقالة الوزيرين الكتائبيين سجعان قزي وألان حكيم مشوبة بالتباس دستوري قائم أصلاً في ظل الفراغ الرئاسي، وزاد التباسها تولي الوزيرين تصريف الأعمال في وزارتيهما، سارع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الى قطع الطريق على الاصداء المشككة في قرار الحزب فأعلن ان الحزب سيبلغ استقالة الوزيرين رسميا الى رئيس الوزراء تمّام سلام “ومن اللحظة التي نقدم فيها الإستقالة إلى الرئيس سلام، نكون قد أصبحنا خارج مجلس الوزراء وخارج الوزارات”. وأضاف: “قلنا عندما أعلن الوزير أشرف ريفي إستقالته إننا نرفض أن يسلب أحد الصلاحيات اللصيقة برئيس الجمهورية، وتالياً تلزمنا دراسة لنتبين التعاطي الصحيح دستورياً. وتسليم الإستقالة إلى الرئيس سلام هو لتبليغه أننا لم تعد لنا علاقة بالحكومة وكي تصبح الإستقالة رسمية، وليس كي يوافق عليها. ونحن ندعوه إلى أن يعلن إستقالة الحكومة”. وعلم في هذا الاطار ان الوزير حكيم سيسلم استقالته الخطية اليوم الى الرئيس سلام.
أما مجلس الوزراء، فتعامل أمس مع استقالة وزيري الكتائب على انها غياب، اذ ان الرئيس سلام الذي أسف لهذه الخطوة اعتبر انها “ليست رسمية ما لم تقدم اليه خطياً”. وفيما اعتبرها وزراء حقاً للوزيرين، تضامن وزراء اخرون معهما، واحتج عدد كبير منهم على الأسباب التي برّرت بها الاستقالة كالحديث عن صفقات وفساد وغيره.
وعلم ان وزير السياحة ميشال فرعون رأى في استقالة وزيري الكتائب ازمة سياسية جديدة تزيد الأزمات نظراً الى اهمية وجود الكتائب في مجلس الوزراء. وأكد تضامنه مع الكتائب في قراءته للكثير من الملفات، الا انه رأى أنه كان يمكن تجنٰب هذه الاستقالة، مشيراً الى انعكاساتها الكثيرة “ولو اننا جميعاً نتفهّم ضرورة بقاء الحكومة على قيد الحياة”.
وأثار وزير التربية الياس بوصعب ملف النفايات الذي كان سبباً للاستقالة بعدما مرّ بالامانة العامة لمجلس الوزراء حيث اطلع على محضر جلسة إقرار خطة النفايات في اذار الماضي وتبيّن له ان وزيري الكتائب اعترضا انما دون تعطيل للخطة. وأيده في ذلك عدد من الوزراء.
الى ذلك، رحّل مجلس الوزراء الملفات الخلافية من غير ان يفكّكها. ولم يناقش ملف أمن الدولة علماً ان أوساط رئيس الوزراء تحفظت عن التعليق على ذلك.
كما أرجأ المجلس ملف وزارة الاتصالات و”أوجيرو” بعدما تبيّن له ان التقرير الذي حمله الوزير بطرس حرب اداري ويعود الى شباط الماضي. وأفادت مصادر وزارية ان الوزير وائل بوفاعور احتج واعتبر التقرير “ضحكاً على عقول الوزراء”، فاعترض الوزير حرب على استخدام الملف لتصفية حسابات سياسية مع موظفين وتنصيب الوزراء والسياسيين أنفسهم حكاماً وقضاة على الموظفين. ورد عليه بوفاعور حاملاً على اداء المدير العام لـ”اوجيرو” عبدالمنعم يوسف. كما اعترض الوزير بو صعب على خلو التقرير من كل المخالفات المرتكبة في الانترنت غير الشرعي والتخابر الدولي غير الشرعي. وتقرر ان يقدٰم وزير الاتصالات خلال ١٥ يوماً تقريراً محدّثاً فيه كل المعطيات التي استجدت في شأن التخابر والإنترنت غير الشرعي والعقود بين الوزارة و”أوجيرو”.
أما موضوع تفجير “بنك لبنان والمهجر” والأزمة بين المصارف و”حزب الله”، فغاب أيضاً ولم يناقش. وقال وزيرا “حزب الله” إنهما صائمان. وأفاد وزير الداخلية نهاد المشنوق ان لا معطيات جديدة في التحقيق، كما طمأن بعد الجلسة الى عدم وجود أمر جديد يبرر التحذيرات الصادرة عن السفارات، مشيراً الى “ان المعلومات أو المناطق المذكورة في تحذير السفارات هي معلومات قديمة ولكن من الطبيعي ان تأخذ السفارات احتياطات في هذا الاطار لكن المعلومات هذه ليست جديدة وعمرها أكثر من شهرين ويبدو انها وصلت الآن الى السفارات وهي تتصرف على اساسها. ونحن نتخذ كل الاحتياطات منذ توافر هذه المعلومات”. ورداً على سؤال، اوضح وزير الداخلية انه ” ليس من عادة السلطات اللبنانية ان تصدر تحذيراً وليس منطقياً ولا عاقلاً القول للبنانيين بألا يعبروا في منطقة معينة لأن هذا الكلام لا يقال”. وعن تلافي الخطر اعتبر ان “ذلك يكون بما تقوم به الأجهزة الأمنية اللبنانية، والمعلومات التي يتم تداولها هي نتيجة توقيف اناس منذ نحو سبعة أسابيع على الأقل وليس نتيجة رأيهم أو معلومات متواترة”.
الى ذلك، علم ان مجلس الوزراء سيعقد الاسبوع المقبل جلسة عادية وجلسة أخرى تخصص للاستماع الى مجلس الإنماء والاعمار حول كيفية جمع النفايات ومعالدتها وتخزينها.
الحريري
في غضون ذلك، بدأ الرئيس سعد الحريري من شتورا في البقاع اقامة افطارات في بعض المناطق يرجح ان تشمل لاحقاً طرابلس والشمال ومناطق أخرى. وتناول الحريري في كلمة امام جمع حاشد من عائلات من البقاع الغربي وراشيا وعرسال واقع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية قائلاً إنها “مرتبطة بالوضع السياسي الذي نعمل لنجد حلاً له بأسرع وقت”. وشدد على انه “ليس هناك من مدخل للحل غير انتخاب رئيس للجمهورية”. وتحدث عن “ثوابت الحريرية الوطنية واهمها حماية العيش المشترك والوحدة الوطنية والاعتدال ورفض الفتنة”. وأضاف: “عندما نقوم بحوارات محلية أو وطنية أو بخطوات سياسية من أجل مصلحة لبنان فان هذه الثوابت ليست مطروحة لا للمساومة ولا للتسويات ولا للتنازلات”. وأوضح ان الحوار مع “حزب الله” كان سببه الاساسي العمل على تخفيف التوتر ودرء الفتنة بين السنة والشيعة “وأنا اعرف صعوبة قياس هذا العمل الذي سنواصله طالما ان هناك من يعمل على تأجيج الفتنة لأن مقياسه الحقيقي ليس ما انجز ولكن كل ما تفاداه من مآس وويلات لو سمحنا للفتنة ان تقع”.
حلحلة
وفي اطار المعالجات الجارية بعيداً من الأضواء لازمة تنفيذ قانون العقوبات الاميركية على “حزب الله”، سجلت في الساعات الاخيرة ملامح حلحلة تمثلت في المعلومات عن عودة التواصل بين الحزب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وتردد ان سلامة أبلغ وسطاء انه لا مانع من توجه المؤسسات الاجتماعية التابعة للحزب ولا سيما منها مستشفى الرسول الاعظم الى المصارف لفتح حسابات لها. وأفادت معلومات ان قناة الوساطة بين الحاكم والحزب عاودت تحركها في الأيام الأخيرة من حيث كانت توقفت الاتصالات قبل التفجير الذي استهدف “بنك لبنان والمهجر ” وتجري الاتصالات وسط ستار كثيف من الكتمان حرصاً على التوصل الى نتائج ايجابية.
++++++++++++++++++++++++++++
السفير
«سعودي أوجيه»: فساد إداري ومالي.. وفقدان للمظلة الملكية
أمبراطورية الحريري تنهار.. والسعودية تتفرج
“يأتي الزائر المصري الكبير إلى بيروت قبل يومين. يطرح أمام زملائه اللبنانيين سؤالا من خارج السياق الإقليمي أو الدولي: ما هو مستقبل الحريرية السياسية في لبنان؟
هذا الزائر ندر أن يخوض نقاشا في أمر تفصيلي لبناني، وجرت العادة أن يطرح أسئلة الإقليم.. والنظام العالمي قيد التكوين ومستقبل العلاقات الإقليمية وخرائط النفوذ التي ترتسم بالدم في ساحات المنطقة الملتهبة.. وقضايا الفساد التي تطيح حكوماتٍ ورؤساءً في العالم، ولا تحرك ساكنا في العالم العربي.
يأتي طرح السؤال عن «الحريرية» ربطا بمحاولة قراءة ما يعد للبنان من صياغات في الخارج، وهل يمكن أن تكون صورة نظامه السياسي في المرحلة المقبلة منفصلة عما يرتسم من حوله في البر والبحر، من الشرق والغرب والشمال والجنوب؟
وبالطبع لا ينفصل السؤال عن وقائع دامغة: تردي أوضاع «سعودي أوجيه» في السعودية إلى حد الحديث عن التنازل عن معظم أسهمها لمصلحة السعوديين، الأزمة الصعبة التي تعيشها مؤسسات الحريري في لبنان، نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة، علاقة سعد الحريري التي تشوبها التباسات كثيرة بأهل النظام السعودي الجديد وتحديدا بـ«المحمدَين»، انفتاح السعودية على معظم المكونات السنية اللبنانية، الأزمة السياسية المفتوحة وما أبرزته من شهية حريرية مفتوحة للعودة إلى السلطة، ولو من بوابة تبني سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
ولا يبدو السؤال بعيدا عن الرواية التي رواها وزير الداخلية نهاد المشنوق لمعادلة «السين سين» والتي أعاد رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري تبنيها من حيث يدري أو لا يدري، ولو أنه اختار تقديم رواية نقيضة للتبني الحريري لفرنجية رئاسيا.
ولا يحجب طرح السؤال من زاوية سياسية بحتة، قضية اجتماعية تقلق عشرات آلاف العائلات اللبنانية، ومثلها الآسيوية، ومئات العائلات الفرنسية، التي يمكن أن تجد نفسها فجأة على رصيف البطالة، بعدما شعرت على مدى شهور طويلة أنها باتت تفتقد لمنظومة الأمان الاجتماعي.
ووفق شهود عيان، باتت شركة «سعودي أوجيه»، على موعد شبه يومي مع أعمال احتجاج يقوم بها مئات العمال من جنسيات آسيوية، وآخرها في موقع مشروع «إسكان الحرس الوطني» في الرياض، وتمكنوا خلالها من كسر المكاتب الإدارية وإحراق أوتوبيسات الشركة، الأمر الذي فرض تدخل قوات الأمن السعودية، ولو بشكل متأخر، لوقف ما جرى وإلقاء القبض على عشرات العمال الذين كانوا يحتجون على عدم دفع رواتبهم منذ أكثر من أربعة أشهر، وكذلك عدم صرف تذاكر سفر لهم للعودة إلى بلدانهم بعد أن طلبوا صرفهم من العمل، وهم كانوا تلقوا وعودا من إدارة الشركة، مرارا بإنهاء إجراءات سفرهم ولكن…
وتشهد الشركة منذ أيام إضرابا جزئيا لموظفيها في مكاتبها الرئيسية في الرياض، لا سيما السعوديين منهم، بسبب عدم صرف رواتبهم، فيما يلوّح آخرون بالإضراب العام المفتوح. وفيما يمتنع مديرون عن التعليق على ما يحدث للشركة، وفيها، من تطورات تهدد وجودها ووجودهم، يقول مدير بارز لـ «السفير» إن إدارة الشركة لا تملك معطيات حتى تخاطب الموظفين، ويكمل ضاحكا: «عندما كان مطلوبا من الرئيس الحريري أن يتواجد في بيروت في السنوات الماضية، أمضى وقته هنا، ليكتشف متأخرا ضرورة عودته إلى بيروت، والعكس صحيح، أي أن الحريري مطالب اليوم بأن يتواجد في السعودية لطمأنة جيش الموظفين، خصوصا أن مصيرهم كما الشركة مجهول».
وتبدو مشكلة «سعودي أوجيه» متشعبة الأوجه:
÷ تعاني الشركة من عدم وجود سيولة مالية تمكنها من ترتيب أمور عمالها وموظفيها بسبب عدم صرف وزارة المال المستحقات المالية التي للشركة على الدولة، وقد أدى ذلك إلى توقف العمل في جميع عقود مشاريع «سعودي أوجيه» المبرمة مع الدولة السعودية، وبالتالي صرف نحو عشرين ألفا من موظفيها وعمالها، وبلغ الأمر حد عدم قدرة الشركة ماليا على شراء تذاكر سفر لعمالها المصروفين من العمل، وبينهم الفرنسيون الذين تحولوا إلى مشروع أزمة ديبلوماسية صامتة بين الحكومة الفرنسية والسلطات السعودية (ثمة رسائل فرنسية كثيرة موجهة للحريري ولا أجوبة أبعد من كسب المزيد من الوقت).
÷ تعاني الشركة من سوء إدارة فاضح ومن فساد إداري ومالي لا مثيل له منذ أن أنشأها الرئيس رفيق الحريري في نهاية السبعينيات، بعدما اشترى الامتياز من صاحبه الفرنسي بجزء بسيط من ماله وبجزء كبير من مال الملك الراحل فهد بن عبد العزيز (قبل أن يصبح ملكا)، وهو الأمر الذي جعل نجله عبد العزيز بن فهد شريكا في أعمال الشركة ومتحكما بالكثير من أمورها وقراراتها.
÷ تعاني الشركة من تراكم للديون بمئات ملايين الدولارات مع الموردين والمتعهدين من الباطن، ومع مصارف، وأيضا مع جهات قدمت ضمانات شخصية لقروض لمصلحة «سعودي أوجيه»، ومن بين هؤلاء عدد من أفراد عائلة الحريري، الذين يخشون أن تبادر بعض المصارف إلى حجز أملاكهم أو ودائعهم بما يوازي قيمة الكفالات الضامنة للشركة، بناء على طلب وإلحاح سعد الحريري.
÷ تعاني الشركة من رفع الغطاء السياسي السعودي عنها، خصوصا في ظل حكم الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث أنها كانت في السابق تستحوذ على المناقصات بالتراضي، وبرعاية مباشرة من الديوان الملكي، وتحديدا من خالد التويجري، بتوصية من الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز.
ولقد أدى رفع الغطاء عن الشركة إلى جعل الآلية الميكانيكية التي تربط الإقامة بالرواتب، تسري على «سعودي أوجيه»، فكان أن توقفت وزارة العمل عن تقديم خدماتها للشركة مثل تجديد تأشيرات العمل وغيرها، وهو الأمر الذي تسبب بعدم تجديد إقامات آلاف العمال والموظفين.
÷ تعزز فرضية سعي شخصيات نافذة في السعودية إلى الاستحواذ على شركة «سعودي أوجيه» عن طريق تغطية ديونها المستحقة، ما يؤدي تلقائيا إلى تجرع سعد الحريري الكأس التي كان يحاول تفاديها، وهو التنازل عن أكثر من خمسين في المئة من أسهم «سعودي أوجيه»، لمصلحة مؤسسة التأمينات السعودية، وضمنا لمصلحة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وحول هذه النقطة بالذات، يقول مدير في الشركة في الرياض لـ «السفير» إن الاستحواذ غير وارد لأن ما يصيب «سعودي أوجيه» يسري على الكثير من شركات المقاولات في السعودية التي تعاني من مشاكل مالية كبيرة بسبب عدم صرف مستحقاتها المالية مثل شركة «مجموعة بن لادن السعودية» التي قامت بصرف نحو 70 ألفا من عمالها، وشركة «السيف» للمقاولات، وهذه الأزمة بدأت تطل برأسها على شركة «المباني» التي يملك معظم أسهمها رجل الأعمال اللبناني النائب نعمه طعمة.
وتقول مصادر حكومية سعودية إن وزارة المال السعودية صرفت لـ «سعودي أوجيه» مبالغ كبيرة من مستحقاتها المالية كان يفترض أن تكون كافية لصرف عدد كبير من العمال والموظفين مثلما حصل مع شركة «مجموعة بن لادن»، لكن لا أحد يعرف أين ذهبت هذه المبالغ، وإن كان ثمة اعتقاد بأنها صرفت على بعض الالتزامات المالية الكبيرة لرئيس الشركة ومالكها الرئيسي سعد الحريري.
وتنفي هذه المصادر ما تردد عن أن الحكومة السعودية لديها نيات لإعلان إفلاس «الشركة» التي قامت بمئات المشاريع في المملكة، والدليل استمرار عقود الصيانة لمعظم القصور والمقار الملكية، علما أن «سعودي أوجيه» لم تفز بمناقصات لمشاريع جديدة منذ نحو عامَين، باستثناء مشروع بناء قصر لأحد الأمراء في الرياض.
الحقيقة المؤكدة أن «سعودي أوجيه» التي كانت واحدة من بين أهم شركتَي مقاولات في المملكة، لم تعد كما كانت، ولم تعد الإمبراطورية المالية الكبيرة التي بناها مؤسسها ومالكها المرحوم رفيق الحريري، والتي جعلها إحدى أدوات القوة السعودية الناعمة في لبنان.
ماذا عن مشاريع الحريري في «أوجيه تلكوم» في تركيا وحصصه في «البنك العربي» و «البحر المتوسط» وفي العقارات التي يملكها وتلك التي قايض إخوته بها وتبين لهم بشكل متأخر أنها «شبه وقفيات» مثل الـ «ليسيه عبد القادر» والرملة البيضاء، وماذا عن عقود الصيانة لمنازل قريطم وفقرا والناعمة وأوروبا وغيرها؟
للبحث صلة.
+++++++++++++++++++++++++++++++++
الأخبار
بمشاركة روسيا وإيران والجيش: حزب الله إلى دير الزور
تعثّر التفاهم الروسي الأميركي في سوريا
“أجواء سلبية خيّمت على محور دمشق ــ طهران ــ حزب الله بعد الهدنة الروسية ــ الأميركية. أجواء أدّت إلى أزمة ثقة مع موسكو سرعان ما تغيّرت بعد فشل محادثات جنيف والحراك الميداني الكبير للمجموعات المسلحة المدعومة أميركياً وتركياً وسعودياً. تغيّرت لحسابات الروسية، وأفضت الاتصالات مع الحلفاء،
والتي توجّت في لقاء طهران الأخير، إلى إطلاق ورشة عمل ميدانية كبيرة تهدف إلى تعزيز وضع الجيش في حلب ومحيطها، والقيام بعمل كبير في دير الزور أيضاً، يكون لحزب الله دور أساسي فيه>
منذ 28 شباط الماضي، تاريخ بدء سريان الهدنة على محاور القتال في سوريا، لم تتوقف القراءات والسجالات السياسية بين أطراف المحور الداعم لحكومة الرئيس بشار الأسد.
كان صحيحاً ما قيل عن أنّ الروس أوقفوا الموجة الكثيفة من عمل سلاح الجو، بالتفاهم مع الحكومتين السورية والإيرانية ومع حزب الله في لبنان. لكن الأسباب التي تقف خلف الخطوة، والذهاب مباشرة نحو الهدنة ثم السير في موجة تفاوض جديدة، أعادت إلى الواجهة تباينات جدية بين أطراف هذا الحلف. كان الأمر مناسبة عملانية لتأكيد توصيف العلاقات التي تحكم أطرافه: محور متماسك يضمّ دمشق وطهران وحزب الله، وقوى عراقية، وحليف لهذا المحور، اسمه روسيا. لكن السقوف والضوابط التي تتحكم في عمل الطرف الروسي، تختلف تماماً عن تلك التي يعمل وفقها أطراف المحور.
منذ اليوم الأول لانضمام روسيا إلى المواجهة العسكرية المباشرة، حرصت موسكو على إفهام الجميع، ومن دون استثناء، أنّ حركتها تقوم ضمن الإطار الآتي:
ــــ مهمة قواتها تقتصر على العمل الجوي، أما المشاركة على الأرض فتقتصر على عناصر تدريب من جهة، وخبراء يعملون على الجانب الاستخباري إضافة إلى ضباط غرفة العمليات.
ــــ القوات الروسية تحتفظ بحق الإمرة في المعارك التي تشارك فيها، وطائراتها تتحرك وفق مقتضيات الميدان، لكن بأوامر روسية بحتة.
ــــ روسيا أتت إلى سوريا لحسم النقاش حول مصير النظام، وبتّ هذا الأمر ميدانياً لمرة أخيرة. لكن ذلك يتم وفق معايير لا تجعل موسكو تدخل في مواجهة مباشرة، لا مع الأميركيين ولا الإسرائيليين، ولا حتى مع الأطراف الاقليمية الأخرى. حتى التوتر مع تركيا لم تكن تريده، بل توّلت أنقرة جرّ الجميع إليه.
ــــ إن الهدف المركزي الأول للعمليات العسكرية الروسية هو تحقيق توازن قوي يسمح بالذهاب الى طاولة المفاوضات بوضعية أفضل. وعند إعلان الهدنة، قالت موسكو إنها حققت جميع الأهداف. لكنها أيضاً أوضحت بكلمات حازمة، على لسان الرئيس فلاديمير بوتين، أنّه «خلال ساعات قليلة يمكن لقواتنا أن تعود الى الميدان».
بناءً عليه، استؤنفت المفاوضات السورية ــــ السورية في جنيف. وخلال كل الاجتماعات، لم يظهر الفريق الخاضع لوصاية السعودية وتركيا والولايات المتحدة أي استعداد عملاني للتقدم نحو حل فعلي. عمد الفريق الخارجي إلى «شراء الوقت»، بالتوازي مع سعي جميع المجموعات المعارضة إلى استيعاب صدمة المواجهات الميدانية، وتولّت تركيا، وبخلاف كل التعهدات الأميركية السابقة، إعادة دعم المسلحين عسكرياً ومادياً وبشرياً في سياق خطة تعزيز نقاطها العسكرية، خصوصاً في الجانب الشمالي ــــ الغربي من سوريا. وهي منطقة لا تقتصر على الحدود اللصيقة، بل تشمل مناطق حلب وادلب والساحل الشمالي لمحافظة اللاذقية.
هنا، بدأت علامات القلق تتسرّب إلى قوى «المحور»، وأصبح نقد الخطوة الروسية يرتفع. وعندما نُفذت خطّة استعادة تدمر من أيدي «داعش»، تمظهر التباين بحجمه الحقيقي. قال الروس إنّ على دمشق والحلفاء التقدم مباشرة صوب دير الزور، والاستعداد لعمل في الرقة، وطالبوا في الوقت نفسه بوقف العمليات في منطقة حلب. ثم سارع الروس إلى التفاهم مع الأميركيين على تحييد المجموعات المسلحة في منطقة حلب وادلب عن النيران الروسية بحجة أنّ هؤلاء يمثلون آخر النفوذ الميداني للقوى المعارضة التي تجلس على طاولة المفاوضات في جنيف. ولم يعد خافياً على أحد التدخل الروسي لمنع مواصلة العمليات العسكرية في منطقة حلب، ولا حتى في مناطق ادلب (معركة جسر الشغور مثالاً).
في المقابل، لم يكن ممكناً للحكومة السورية الدخول في مواجهة مع الروس. لكن حلفاء دمشق، وخصوصاً حزب الله، قالوا ما يفترض أن يعبّر عن قلق أطراف المحور كافة. رفض حزب الله خوض معارك دير الزور والرقة إلا في سياق سياسي يشمل كل المجموعات الارهابية في سوريا.
عملياً، قال حزب الله، وباسم تحالف دمشق ــــ طهران، إنّه لا يمكن السير في المشروع الروسي الذي تسعى موسكو لصرفه ضمن تفاهم خاص مع الاميركيين. وقد انعكس التباين جموداً حقيقياً في الميدان، وأصبح همّ الجيش السوري وحلفائه تثبيت النقاط التي وصلوا إليها قبل الهدنة، والاستعداد لصدّ الهجمات التي بدأها الطرف الاخر، بمجرد أن ضمن تحييده عن الطائرات الروسية، وتلقّيه المزيد من الدعم النوعي من جانب أنقرة والرياض والدوحة.
خلال كل الفترة الماضية، كان واضحاً أن الاستفادة التي حققها المحور الداعم للرئيس الأسد من الهدنة، هي إعادة ترتيب بعض المسائل اللوجستية، وأخذ بعض الأنفاس لدرس حاجات الجولات المقبلة، بالتوازي مع تشدد في الجانب السياسي، خصوصاً بعدما أظهر الروس ليونة مبالغاً فيها إزاء بعض الافكار الأميركية، لا سيما عندما وصل النقاش إلى بنود الدستور الجديد. وتلقّت دمشق، كما طهران وحزب الله، نسخة عن مشروع جديد للدستور السوري، وتولى الجانب الروسي نقلها باعتبارها حصيلة محادثات مع الأميركيين. وقد تسببت الأوراق في صدمة كبيرة لدمشق.
ما نشرته «الأخبار» حينها عن الورقة الروسية والملاحظات السورية عليها، («الأخبار» العدد ٢٨٩٣ في ٢٤ أيار، والعدد ٢٨٩٥ في ٢٧ أيار) كان من وثيقة نصّ الروس موادها وفقراتها بحروف الكترونية، وكُتبت عليها الملاحظات السورية بخط اليد. وتحتفظ «الأخبار» بالنسخة رغم كل النفي الذي صدر، ولم يكن النشر يومها في سياق سياسي كما أوحى كثيرون، بل كان عملاً صحافياً، وان استهدف فعلياً كشف نيات غير جيدة إزاء مستقبل سوريا، إذ لا يمكن للمرء أن يكون على الحياد إزاء أي مشروع لتقسيم سوريا، أو «لبننة» سوريا، بطريقة تؤدي إلى تمزيقها كرمى لعيون أقليات أو طوائف أو حسابات خارجية.
الخديعة الأميركية
لاحقاً، أظهرت المداولات أن أزمة الثقة بين أطراف المحور وموسكو قد ازدادت. لكن فشل المفاوضات السياسية وعدم احترام الولايات المتحدة لكل تعهداتها، أوصلا الأمور من جديد إلى حائط مسدود. وعند هذه النقطة، أدرك الروس أنهم تعرضوا لخديعة أميركية، فأضحى من الممكن الحديث في موسكو عن تعثّر التفاهم مع واشنطن.
يأتي ذلك في الوقت الذي كانت فيه القوات الروسية الموجودة في سوريا ترفع وتيرة برقياتها الى موسكو حول خروقات المسلحين للهدنة، ضمن تقارير وثقت فيها عمليات تهريب المئات من المسلحين عبر الحدود التركية إلى الداخل السوري، مع آلاف الاطنان من العتاد والذخائر. وما لبث المسلحون أن أعدّوا سلسلة من الخطط لشن عمليات في محيط حلب، بينما كان الأكراد يضعون اللمسات الاخيرة لإطلاق معركتهم الاقسى مع «داعش» بدعم أميركي واضح.
عند هذا الحد، ظهر القلق هذه المرة من ناحية أنقرة التي باتت تخشى ليس عودة الجيش السوري إلى حلب والى حدودها، بل من نجاح الاكراد، وبدعم اميركي، في الوصول إلى وضع ميداني يمكّنهم من اعلان الحكم الذاتي. وهو الوعد الذي تلقاه الأكراد من واشنطن والغرب وحتى من الجانب السعودي. والسعودية هنا لم تكن تخدع الأتراك، لكنها كانت تسدد فاتورة مسبقة الدفع لقاء حصولها على خدمات من مجموعات كردية طلب إليها القيام بأعمال إرهابية في مناطق داخل إيران.
طبعاً، تحرّك الأتراك نحو الروس، وأرسلوا إلى طهران من يسأل عن «الممكن» لمنع حصول الأمر. كانت تركيا تعطي إشارة إلى استعدادها لـ«تسوية ما»، شرط حصولها على ضمانات أكيدة بعدم تسهيل حصول الأكراد على الحكم الذاتي. في طهران كما في موسكو كان الحديث واضحاً عن ضرورة التزام أنقرة باستراتيجية إغلاق الحدود في وجه المجموعات المسلحة، وعدم التدخل على الأرض. أما في دمشق، فكان الرئيس بشار الأسد يستقبل زائراً مهماً، ليبلغه أنّه «ليس صحيحاً أنّ القرار الكردي موجود كله في سلة الاميركيين، وأن التواصل مع الاكراد من جانب دول المحور لا يزال قائماً، وأن الاكراد يتلقون دعماً واضحاً من جانب حلفائنا. ونحن أصلاً لا نقبل بأن يجري تقسيم سوريا، ولن نقبل بحكم ذاتي لأي مجموعة سورية، ولن أكون رئيساً إلا لكل سوريا. ولم يقم الأكراد بأي خطوة انفصالية من النوع الذي يوجب موقفاً من الحكومة في دمشق».
ما بعد الاجتماع الثلاثي
وسط هذه الاجواء، تغيّرت الحسابات عند الجانب الروسي على وجه التحديد، ما مهّد لاتصالات سياسية مكثفة، أعقبها اجتماع طهران بين وزراء دفاع روسيا وإيران وسوريا. وهو الاجتماع الذي أكد مجموعة من الخطوات العملية، أبرزها إطلاق ورشة عمل ميدانية كبيرة، لتعزيز مواقع الجيش في محيط حلب، والمساعدة في توفير الحاجات الضرورية للقيام بعمل واسع هناك. وفهم الروس يومها أن دمشق بصدد القيام بعمل كبير في دير الزور أيضاً، وستتواصل العمليات الهجومية في الرقة. لكن عملية الدير، كما عمليات الرقة، لن تكون ضمن صفقة تهدف الى البحث عن استثمار سياسي ضمن تفاهم مع الاميركيين. وهنا، يراقب الجميع تصرّف روسيا، وسط مؤشرات على عودة القوات الروسية إلى العمل الكثيف، وهو ما حصل قبل أيام في مواجهة محاولة «جبهة النصرة» وحلفائها التقدم في ريف حلب الجنوبي، كذلك ظهر في تغطية عمليات ريف الرقة، إضافة إلى إعلان روسيا استعدادها التام لتكون طرفاً قوياً في معارك فك الحصار عن مدينة دير الزور، ودعم العمليات المنطلقة من تدمر باتجاه السخنة وصولاً إلى الدير، لا سيما أنّ هذه العمليات ستؤمن استعادة دمشق نفوذاً على مناطق واسعة من الصحراء الممتدة حتى الحدود العراقية.
وفي هذا السياق، كان الأسد يباشر مع حلفائه المباشرين، من إيران وحزب الله، وضع خطة عاجلة للقيام بعمل كبير هدفه دير الزور. وأعرب الأسد عن رغبة بلاده القوية في تقديم دعم واضح من أجل مواجهة ضغوط ميدانية كبيرة في دير الزور. وما يقوم به تنظيم «داعش» يدفع باتجاه تنفيذ عمل جدّي في الدير، لأن الخسارة هناك تعني مقتلة حقيقية لآلاف المواطنين والجنود، وخسارة منطقة أساسية في الشرق السوري.
وبناءً عليه، اتفق خلال الاسبوعين الماضيين على خطة عمل كبيرة، وبدأت عمليات الحشد المطلوبة، وسنكون خلال فترة غير بعيدة أمام معركة كبيرة جداً في منطقة دير الزور، وسيكون لقوات خاصة من حزب الله الدور المركزي فيها، وربما ستكون قوات الحزب أمام اختبار هجومي يشبه الى حد كبير مع حصل في القصير والقلمون والزبداني.
الطريق إلى الدير
تبعد مدينة دير الزور عن تدمر 165 كلم، فيما الأخيرة تبعد عن السخنة 55 كلم. وتفصل السخنة عن الدير منطقة صحراوية، باستثناء قريتي الشولا وكباجب الواقعتين على الطريق العام، واللتين تربطهما طرقات فرعية بين البوكمال والميادين، وهو ما استفاد منه التنظيم في قطع طريق ديرالزور ــــ تدمر منذ قرابة عامين. وفي الفترة الأخيرة، بعد فتح معارك عدة ضد «داعش» في ريفي حلب والرقة، عاد التنظيم إلى إشعال جبهات الدير لإيجاد متنفس له وساحة بديلة من خساراته المتوقعة بعد الضغط الكبير الذي يواجهه. لذلك، تستميت حامية مطار دير الزور في الدفاع عنه وعن بقية المدينة، حيث تجري معظم الرمايات المدفعية من حرم المطار، ولا يمر يوم من دون استهداف التنظيم للمطار، إضافة إلى استهدافات تطال الجفرة والمريعية شمال المطار.
وتمكّن الجيش مؤخراً من صدّ هجمات «داعش» على جبل الثردة ومحيط البانوراما في الأطراف الجنوبية للمدينة، والتي تعتبر طوق الأمان لحيّي الجورة والقصور ومحيط المطار العسكري، بعد عجز التنظيم عن تحقيق أي خرق في الخاصرة الغربية المرتبطة بالبغيلية ونهر الفرات.
عملياً، يساهم «ربط» تدمر بدير الزور في فصل معظم مناطق نفوذ «داعش» بين سوريا والعراق، ويشتّت قوات «داعش» التي تقاتل في ريف الرقة القريب، وفي ريف حلب.
«طوقان» في حلب
قبل دخول الهدنة حيزّ التنفيذ، عمل الحلفاء على التنسيق مع الأكراد لربط خان طومان بعفرين شمالاً، عبر خان العسل. لكن بعد الهدنة سقطت الفكرة، لينشغل الأكراد بمكتسبات الضوء الأخضر الأميركي بعبور سد تشرين، وإطلاق معركة منبج وريفها في ريف حلب الشمالي الشرقي.
اليوم، بحسب معلومات «الأخبار»، يُعمل في حلب على مبادرة عسكرية من شقّين؛ يفضي الأول إلى «طوق صغير» لحلب المدينة عبر إقفال طريق الكاستيلو (من مخيم حندرات إلى الشيخ مقصود)، والشقّ الثاني عبر إحياء الخطة القديمة لطوق خارجي أوسع، يبقي جيباً معارضاً في المدينة وبضع قرى، بعد إقفال خط خان طومان ــ عفرين.
والبدء بهذه المعركة يستدعي أولاً استرجاع كافة النقاط التي خسروها في ريف حلب الجنوبي، زائداً عليها مناطق إضافية تؤمّن حزاماً دفاعياً حقيقياً للمكتسبات، وتُجهض أيّ عمليات شبيهة كالتي يشنّها «جيش الفتح» منذ مدة والتي أفضت إلى خسارة العيس وتلتها، وخان طومان وقرى أخرى، وإبقاء التهديد على بلدة الحاضر الاستراتيجية وعلى جنوب مدينة حلب. وتبقى الأولوية الآن للطوق الخارجي الذي قد يتزامن مع معركة الدير.
+++++++++++++++++++
البناء
تحالف «النصرة» والفصائل يرفض الهدنة… والجيش يتقدّم لحسم جبل التركمان
بوتين يدعو دي ميستورا وبان لإعلان جولة جديدة في جنيف بمن حضر
فضيحة حرب على طاولة الحكومة… والسعودية للنأي بالنفس عن الحريري
لبنانياً، تحوّلت جلسة الحكومة إلى حوار ساخر من التقرير الفضائحي الذي قدّمه وزير الإتصالات بطرس حرب عن قرصنة الأنترنت وجاء خالياً من أيّ شيء يتصل بالملف بداعي إعداد التقرير قبل شهور، وخالياً من كلّ جواب على أسئلة تمديد عقود الخليوي والتعاقدات بين الوزارة و«أوجيرو» من وراء ظهر الحكومة وسواها من القضايا الإشكالية، وختمت الفضيحة بمنح الوزير المقصّر مهلة أسبوعين لإعداد التقرير المطلوب.
سياسياً بينما تشهد كلّ جبهات السجال هدوءاً يبدو متفقاً عليه، ويعتمد الفرقاء الصمت، تجاه قضايا الخلاف وتؤجّل الملفات التصادمية، يبدو السفير السعودي علي عواض العسيري يترجم توجيهات وزير الخارجية عادل الجبير التي تعبّر عن توجهات ولي ولي العهد محمد بن سلمان بالنأي بالنفس عن الرئيس سعد الحريري، والتصرف كمرجعية منفتحة على الجميع لم تعد دارة آل الحريري بوابتها، وهذا ما قرأته مصادر متابعة للسياسة السعودية في لبنان من خلال خارطة الإفطارات التي دعت إليها السفارة السعودية خلال شهر رمضان.
المواد التفجيرية خارج السراي
لم يقارب مجلس الوزراء تفجير فردان إلا من زاوية إدانة رئيس الحكومة تمام سلام التفجير وتأكيده حرص الحكومة على الاستقرار الأمني وحماية القطاع المصرفي الذي يقوم بدور كبير على الصعيد الاقتصادي والوطني، مشيراً الى «الإجراءات المتخذة في هذا المجال سواء على صعيد مصرف لبنان أم على صعيد جمعية المصارف أو الإجراءات القضائية والأمنية الكفيلة بحماية هذا القطاع».
لم يقترب مجلس الوزراء الذي التأم في ظلّ استقالة ثلاثة من وزرائه ألان حكيم، سجعان قزي وأشرف ريفي من ملف العقوبات الأميركية على حزب الله، والعلاقة بين الحزب والمصرف المركزي والمصارف، فهناك اتفاق بين جميع مكونات الحكومة على أن يبعد الملف عن طاولة الحكومة ويبقى في عهدة الرئيس سلام بالتنسيق مع وزير المال علي حسن خليل وحاكم المصرف المركزي رياض سلامة، أما الوزيران محمد فنيش وحسين الحاج حسن فالتزما الصمت واكتفيا بالقول قبيل دخولهما الجلسة رداً على سؤال عن التفجير: «نحن في هذه الأيام صائمون».
وتطرّقت الجلسة إلى ملف النفايات لكنها لم تدخل في تفاصيله على أن يخصّص مجلس الوزراء جلسة خاصة لبحث هذا الملف في وقت لاحق. ولم تأت الجلسة على نقاش «مواد تفجيرية» عالقة مرتبطة بجهاز أمن الدولة وسدّ جنة والانترنت غير الشرعي. وجلّ ما في الامر أنّ وزير الاتصالات بطرس حرب أعدّ تقريراً لا يمتّ الى ما طلبته الحكومة بصلة لغاية في نفس يعقوب.
المشنوق: نبحث عن بديل ليوسف
وعلمت «البناء» أنّ سجالاً دار بين الوزيرين الياس بوصعب ووائل أبو فاعور من جهة والوزير حرب من جهة أخرى. وفي التفاصيل أنّ وزير الداخلية نهاد المشنوق طلب تأجيل طرح ملف «أوجيرو» والتخابر غير الشرعي الى موعد لاحق، وأنّ المشاورات الحاصلة تبحث في البديل عن مدير عام «أوجيرو» عبد المنعم يوسف، والامور تسير نحو الحلّ، ملمّحاً الى انّ تياره يبحث عن مخرج.
وقال حرب: «انا جاهز لأطرح التقرير والبحث في ملف الاتصالات لكن هناك مطالبة بتأجيل النقاش، فلا يلمني أحد من الوزراء». عندها تدخل بوصعب وقال: «اسمح لنا معالي الوزير نحن نتحدث بالعربي وأنت تجاوب بالصيني، نحن نريد المناقشة في التقرير الذي طلبته الحكومة التخابر الدولي غير الشرعي والانترنت غير الشرعي، العقود بين الوزارة وأوجيرو، العقد الذي وقعته بطريقة غير قانونية مع أوجيرو بـ 177 مليار ليرة من دون العودة الى الحكومة، تجديد العقد لشركتي الخلوي من دون إجراء المناقصات، وتفصيل واقع «أوجيرو» ووظيفة رئيسها وصلاحياته، في حين انّ التقرير الذي حملتهإالينا يتحدث عن الشغور في الوزارة». فردّ حرب أنّ هذا التقرير أعدّه في شباط الماضي وهذه التطورات حصلت بعد شهر شباط.
أما ابو فاعور فقال لحرب بنبرة عالية: «أنت تضحك علينا وتستخف بعقولنا». وبعد هذا السجال المستفيض منحت الحكومة وزير الاتصالات مهلة 15 يوماً لإعداد التقرير المطلوب لطرح الملف بعد أسبوعين على طاولة مجلس الوزراء للنقاش.
بوصعب: التمديد للطفيلي يعني شلّ الحكومة
وأكد الوزير الياس بوصعب لـ«البناء أنّ وزير الاتصالات ومن يغطيه من السياسيين يشترون الوقت في ملف «أوجيرو» لانهم ليسوا جاهزين لإيجاد حلّ لمشكلة عبد المنعم يوسف، ولا يريدون بحث هذا الملف قبل إيجاد مخرج لإبعاده عن منصبه». وفي ملف أمن الدولة شدّد بو صعب على «أننا أبلغنا رئيس الحكومة أنّ التمديد لنائب المدير العام محمد الطفيلي من دون اقتراح من مديره جورج قرعة يخالف القانون وسيكون مادة تفجيرية لمجلس الوزراء، وهناك رفض من كلّ الوزراء المسيحيين من 8 و14 آذار لطرح التمديد». وأشار بوصعب إلى «أنّ خطوة كهذه لا يتحمّلها الرئيس سلام إلا اذا كان هناك من نيات بشلّ الحكومة.
وتخوّفت مصادر وزارية لـ«البناء» من أن يؤدّي الخلاف السياسي حول ملف أمن الدولة إلى تفجير الوضع الحكومي إذا ما أصرّ أكثر من طرف في الحكومة على التمديد للطفيلي».
وأكدت أنّ هذا الملف لم يصل بعد الى رئيس الحكومة، متخوّفة من أن تؤدّي الملفات الخلافية إلى مزيد من اهتزاز الوضع الحكومي فضلاً عن وجود ثغرات عدة فيها، لكنها اشارت إلى أن «لا مصلحة لأيّ طرف بفرط عقدها في هذه المرحلة في ظلّ الأوضاع القائمة».
وطالب المجلس الأعلى لطائفة الروم الكاثوليك بعد اجتماعه برئاسة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام الحكومة القيام بمهامها ومعالجة ملفات جهاز أمن الدولة واحترام الأنظمة المعمول بها في التعاطي مع الجهاز لتمكينه من القيام بمهامه وعلى الأخصّ مواجهة الإرهاب.
وقال وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» إنّ «السبب الرئيسي لاستقالة وزيري الكتائب من مجلس الوزراء هو الاعتراض على الثغرات الموجودة في خطة النفايات التي أقرّت في آذار الماضي». وأشار جريج إلى أنّ «وزيري الكتائب لم يقدّما الاستقالة رسمياً حتى الآن الى رئيس الحكومة، لذلك لم يتمّ بحث بهذا الأمر في جلسة مجلس الوزراء وعندما تصل الاستقالة إلى المجلس سيتمّ درسها والبتّ بها».
وكشف رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل أنّ «الحزب سيبلغ استقالة وزيريه رسمياً الى رئيس الحكومة تمام سلام، وبعدها سنصبح خارج الوزارات والحكومة».
افطار سعودي لـ لمّ الشمل… الحريري تراجعت شعبيته
الى ذلك، يقيم السفير السعودي علي عواض عسيري حفل إفطار في دارته في اليرزة اليوم يجمع فيه رؤساء الحكومات، في حضور مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ومفتي المناطق ورجال الدين، تحت عنون «لمّ الشمل». وقالت مصادر مدعوّة إلى الإفطار لـ«البناء» إنّ «السعودية ومنذ فترة قريبة تكوّنت لديها توجهات جديدة في ما يتعلق بالوضع في لبنان، وعلى الساحة السنية بشكلٍ خاص، وما عزز ذلك انفتاح المملكة على بعض القيادات السنية الخارجة عن توجهاتها وسياستها في لبنان، حيث بدأت التفكير بكيفية أن تكون على قدر المساواة بين جميع المكونات السنية وترتيب العلاقة مع الأطراف الأخرى من خارج الصف السني، فكان العشاء في منزل السفير السعودي بحضور جميع القوى السياسية إلا حزب الله نظراً للعلاقة المتوترة معه».
ولفتت الى أنّ «السفير السعودي فضّل اختيار أن يبدأ بجمع رؤساء الوزراء السابقين والمفتين في المناطق على أن لا يتعدّى الحضور 20 شخصية ويجري حوار في ما بينهم والهدف الرئيسي وحدة الصف السني وتجنّب التشنّج بينها على غرار مكوّنات الطوائف الأخرى التي رغم كلّ التناقضات في ما بينها لكنها حافظت على نوع من التفاهم على قضاياها المشتركة».
وشدّدت المصادر على «أنّ مرحلة الأحادية على الساحة السنية وتبني السعودية لطرف واحد قد انتهت»، مضيفة: «منذ اتفاق الطائف حتى اليوم تعاطت السعودية مع فئة واحدة داخل الطائفة السنية هي آل الحريري وهمّشت الآخرين، ولكن بعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز وإقالة عبدالله التويجري جاء طاقم جديد الى المملكة وبالتالي سياسة جديدة أبرز معالمها عدم حصرية التعاطي السعودي مع فئة لبنانية سنية واحدة انما الانفتاح على الجميع».
وأوضحت المصادر أنّ «هذا الانفتاح لا يعني التخلي عن الحريري في لبنان رغم التخلي عنه في السعودية نظراً للأزمات المالية التي عصفت به، فهو سيبقى في لبنان واحداً من القوى السياسية السنية الأساسية»، معتبرة انّ السعودية عكفت على تقييم نتائج الانتخابات البلدية لتحديد وضع الحريري الجديد وخرجت بشبه خلاصة حتى الآن بأنّ كلّ الجهود السعودية لدعم نفوذ وشعبية الحريري قد باءت بالفشل ولم تحقق نتائج إيجابية بل أدّت الى تراجع الحريري على مستوى لبنان».
ونفت المصادر أن تكون السعودية داعمة لأيّ من القيادات الى رئاسة الحكومة، مضيفة: «من المبكر الحديث عن هذا الموضوع وأنّ ترشيح رئيس الحكومة خاضع للتوازنات السياسية في الداخل ولا يمكن وصول رئيس حكومة قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا لا يتمّ قبل استقرار الوضع في سورية وإجراء انتخابات نيابية في لبنان وعلى أساسه يحدّد شخص رئيس الحكومة من دون إغفال أنّ الرأي الأهمّ في الموضوع سيكون للسعودية».
ولم تؤكد مصادر رئيس الحكومة السابق الدكتور سليم الحص حضوره الإفطار، وقالت لـ«البناء» إنّ الرئيس الحص لم يتخذ القرار، وشدّدت على أنّ «الدعوة هي لإفطار ولا تحمل أيّ أبعاد سياسية فهي لا تتعدّى تقريب وجهات النظر بين القيادات السنية».
تصعيد أميركي ضدّ حزب الله
وفيما تصل السفيرة الأميركية الجديدة اليزابيت ريتشارد الى بيروت نهاية الشهر الحالي، تردّدت معلومات لـ«البناء» نقلاً عن أوساط ديبلوماسية أنّ الولايات المتحدة الأميركية ذاهبة باتجاه التصعيد ضدّ حزب الله». ولفتت الى «أنّ من يدّعي الحرص على الاستقرار في لبنان لا يفتعل خضات مالية واقتصادية من شأنها ان تنعكس توتراً في لبنان»، خاصة انّ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الاميركي في صدد إصدار لائحة جديدة من الأسماء لإقفال حساباتهم المصرفية».
في المقابل، أشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أنّ اللجنة المكلفة من حزب الله التواصل مع حاكم مصرف لبنان تبلغت ان لا مانع من فتح مستشفى الرسول الأعظم ومستشفى بهمن حسابات مصرفية بعد ان أدرجا على لائحة وزارة الخزانة الأميركية للعقوبات. ولفتت المصادر الى انّ الرئيس نبيه بري واللواء عباس ابراهيم يلعبان دور الوسيط بين حزب الله والحاكمية بعد اللغط الذي حصل»، معتبرة انّ هذه الخطوة حيال المستشفيات ليست كافية، وبداية الحلحلة التي ظهرت عند بعض المصارف بفتح حسابات كانت أقفلتها، يجب ان تستكمل في نظر حزب الله بوضع آلية واضحة يجري تنفيذها من قبل المصارف بشكل دقيق وتبديد الهواجس عند حزب الله وبيئته الحاضنة لا سيما أنّ بنوداً جرى الاتفاق عليها بين الحزب والحاكم المركزي ولم يتمّ الالتزام بها من قبل المصارف»، مشدّدة على أنّ حماية القطاع المصرفي تتطلب الابتعاد عن المزاجية والاستنسابية والإقفال العشوائي لحسابات تابعة للطائفة الشيعية، لا سيما انّ أرصدة اللبنانيين الشيعة في المصارف اللبنانية تقدّر بأكثر من 50 مليار دولار، والمصارف لن تكون بصحة جيدة إذا قاطعها هؤلاء».
ورأت المصادر انّ حزب الله يحاول ان يوازن بين التصعيد الإعلامي والهدوء، مشيرة الى أنّ كتلة الوفاء للمقاومة تقصّدت عقد اجتماعها امس بعيداً عن الإعلام، ما يؤشر إلى أنّ الحزب لن يظهر بمظهر المدافع عن نفسه أمام اتهامات مزعزمة وباطلة وجهت ضدّه، وفي الوقت نفسه ليس مضطراً ان يدافع عن مصرف هو جزء من حملة تشنّ ضدّه.
الحوار الثنائي مستمرّ
في غضون ذلك، لفت رئيس تيار المستقبل سعد الحريري خلال إفطار رمضاني في البقاع الى «انّ هناك مزايدات كثيرة على الحوار مع حزب الله»، وسبب الحوار تخفيف مستوى التوتر في الشارع وبين السنة والشيعة»، وأكد «اننا سنواصل الحوار مع حزب الله طالما هناك من يعمل على مواصلة الفتنة». أشار الى «اننا نعمل لإيجاد حلّ للأزمة السياسية، ولا مدخل للحلّ دون انتخاب رئيس للجمهورية، وانتخاب الرئيس يعيد عمل مؤسسات الدولة».