أكد رئيس الوزراء العدو “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، الثلاثاء 5 يوليو/تموز، أن “إسرائيل” تسعى إلى اكتساب مكانة عضو مراقب في الاتحاد الإفريقي. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، يقوم نتنياهو بجولة إفريقية واسعة تشمل 4 دول، وهي أوغندا وكينيا ورواندا وأثيوبيا، مستغلاً تراجع التأثير العربي، وخصوصاً النفوذ المصري، منذ نهاية القرن الماضي.
وقال رئيس الوزراء العدو، في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، عقب لقائهما في العاصمة نيروبي اليوم الثلاثاء: “إذا نالت إسرائيل بالفعل هذه المكانة، فإن هذا التطور سيقود إلى تغيير استراتيجي في مركز إسرائيل على الصعيد الدولي”.
وأكد نتنياهو أنه يسعى إلى توسيع دائرة العلاقات “الإسرائيلية” مع دول إفريقيا، معربا عن اعتقاده بأن هذه الخطوة ستؤدي إلى اندثار الأغلبية التلقائية المضادة لـ”إسرائيل” على الساحة الدولية.
ويقوم رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بهذه الجولة في الدول الإفريقية المشاطئة لمنابع نهر النيل. الذي يشكل شريان الحياة في مصر، وهي أكبر وأهم الدول العربية. ومن المتوقع أن يتمدد نفوذ “إسرائيل” في إفريقيا، لا سيما في الدول الإفريقية التي لديها خلافات مع الدول العربية.
وخلال زيارته إلى مدينة عنتيبي الأوغندية، الاثنين، اجتمع نتنياهو مع زعماء 7 دول إفريقية، حيث أبلغه وزير خارجية تنزانيا عن نية بلاده فتح سفارة لها لدى “إسرائيل”.
ويرافق نتنياهو في جولته الأفريقية 80 رجل أعمال يمثلون 50 شركة “إسرائيلية. ويقول بيان صادر عن مكتب نتنياهو إن مشاركة هؤلاء “البيزنس” في الجولة، هو “بهدف خلق علاقات تجارية مع شركات ودول إفريقية”.
ويرى محللون عرب إن هذه الجولة “الإسرائيلية” على دول منابع النيل، هدفها الإستراتيجي التضييق على مصر. وهناك تقارير كثيرة عن دور “إسرائيل” في فتح بيوت الربا الدولية لتمويل بناء مشاريع سدود على النيل في إثيوبيا ودول إفريقية أخرى. وهذه المشاريع تعقد المجال الجيوطاقي بين مصر وهذه الدول.
نتنياهو يقدم أعضاء وفده للرئيس الأوغندي في مطار عينتيبي
تقرير : حلمي موسى / ومعروفٌ أن “إسرائيل” أفلحت في مطلع الستينيات في إنشاء شبكةِ علاقاتٍ مميزة مع الدول الأفريقية التي كانت في بداية عهد تحررها من الاستعمار. وكانت هذه العلاقات على وجه الخصوص مع الدول التي كانت ضمن المحور الغربي في معاداة الاشتراكية. لكن السياسة العربية عموماً، والمصرية خصوصاً، بدورها الفاعل في أفريقيا، أفلحت في تفكيك العلاقات “الإسرائيلية”- الأفريقية وصولاً إلى قطع هذه العلاقات نهائياً في العام 1973 إثر حرب تشرين. ولكن تراجع العلاقات العربية – الأفريقية وتنامي الدور الاقتصادي لـ”إسرائيل” في العديد من الدول الأفريقية، سواء في ما يتعلق بتجارة المواد الخام أو الصناعات العسكرية، أعاد إسرائيل إلى الواجهة.
كما أن تضعضع مكانة “إس رائيل”الدولية جراء سياستها الاستيطانية والقمعية، قاد العديد من قادة اليمين إلى التفكير في تعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية، خصوصاً مع الدول التي يمكن شراء ذمة رؤسائها، أو مساعدتهم لدى أميركا. وقد بدأ أفيغدور ليبرمان هذه السياسة حينما كان وزيراً للخارجية، في محاولة للإيحاء بأن الدولة اليهودية الصهيونية لا تقيم وزناً لمواقف الدول الأوروبية، وللإشارة إلى أن بوسع “إسرائيل” شراء أصواتٍ في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. ونتيجة هذه السياسة، وقفت دول أفريقية مثل نيجيريا مؤخراً إلى جانب “إسرائيل” أو ضد مشاريع قرارات عربية.
وقال نتنياهو ظهر أمس في مراسم عقدت في مطار عنتيبي إن العملية التي وقعت قبل 40 عاماً، والتي جرت فعلياً بالتعاون مع استخبارات العديد من الدول، وبينها أميركا وكينيا، كانت رمزاً لمكافحة الإرهاب. وقال: «أنا متأثر للوقوف هنا كرئيس لحكومة إسرائيل، في المكان الذي حرّر فيه مقاتلو الجيش الإسرائيلي المخطوفين في قلب أفريقيا على بعد آلاف الكيلومترات من إسرائيل». ومعروف أن شقيق نتنياهو، يوني، لقي مصرعه في العملية، ولذلك قال إنه «متأثر جداً للوقوف هنا، في المكان الذي سقط فيه يوني كقائد لسييرت متكال، بعدما هاجم على رأس جنوده لتحرير المخطوفين».
وتفاخر نتنياهو الذي كان أقرب إلى من يضع الملح في جرح أوغندا حيث كان موجوداً ابن الرئيس الأوغندي حينها عيدي أمين. وقال: «إلى هنا وصل مقاتلونا في عملية لامعة لا مثيل لها في التاريخ. في اختطاف طائرة إيرفرانس إلى عنتيبي، بعد 31 عاماً من المحرقة النازية، حيث جرى التمييز بين اليهود وغير اليهود».
ولم يكتفِ نتنياهو بربط عملية عنتيبي بالمحرقة النازية، بل ربطها أيضاً بالهبة الشعبية الفلسطينية الجارية. وقال إن «الإرهاب ضد مواطني إسرائيل يحدث أيضاً في أيامنا هذه، بوحشية كبيرة».
أما الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني الذي تندرت حوله وكالات الأنباء أيضاً لمشاركته في الاحتفال، فألقى خطاباً قال فيه إن «النضال الوطني لا يبرر أبداً اللجوء للإرهاب». وأضاف أنه «في كل ما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني لا بديل عن حل الدولتين»، مشدداً على أن “إسرائيل” ليست جنوب أفريقيا، نافياً عنها صفة التمييز العنصري.
ومعروف أن رحلة نتنياهو في أفريقيا تستمر حتى يوم الجمعة المقبل، وهو سينتقل من أوغندا إلى كينيا وبعدها رواندا، وفي النهاية سوف يصل إلى إثيوبيا. وحسب المخطط، سيلتقي نتنياهو في كل واحدة من هذه الدول مع زعمائها ومع رجال دين يؤيدون “إسرائيل”، وأيضاً مع رجال أعمال.
وكان نتنياهو قد أعلن وقت صعوده إلى الطائرة في مطار اللد: «إنني أخرج الآن في زيارة تاريخية في أفريقيا». واعتبر أن الزيارة «ستبدأ بلقاءات قمة مع زعماء من سبعة دول أفريقية سيصلون خصيصاً إلى عنتيبي لإجراء هذه اللقاءات، ولاستقبال رئيس الحكومة الإسرائيلية للمرة الأولى منذ عشرات السنين على أرض أفريقيا». ورؤساء الدول الأفريقية السبعة الذين استقبلوا نتنياهو في مطار عنتيبي استقبال الفاتحين هم رؤساء أوغندا، كينيا، رواندا، جنوب السودان، إثيوبيا، زامبيا وتنزانيا. وعقد كل هؤلاء لقاء مشتركاً في المطار.
وبحسب كلامه، فإن «لهذه الجولة أهمية كبيرة جداً، أيضاً من ناحية سياسية، اقتصادية وأمنية. أنا مسرور لأن إسرائيل ترجع لأفريقيا بشكل كبير»، مضيفاً: «إننا نفتح أفريقيا أمام إسرائيل من جديد».
حلمي موسى، مركز الحقول للدراسات والنشر، وكالات، 5 تموز/يوليو 2016