وكانت هيئة إدارة البترول قد أنجزت أكثر من 90% من الأمور التقنية المرتبطة بعملية التنقيب، في انتظار إصدار مراسيم اتفاق الاستكشاف والإنتاج ودفتر الشروط والترسيم النهائي للبلوكات البحرية التي خففت مصادر دبلوماسية متابعة للملف من قدرة رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة أو غيره على تأخيرها أو عرقلتها ما دام هناك قرار دولي بالإفراج عن النفط اللبناني. فحين تسير الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل، ليس من طبيعة السنيورة وضع أو محاولة وضع العصي في الدواليب…
/+++++++++++++++/
النهار//
ملفات الأجهزة الأمنية فُتحت دفعة واحدة//
الاعتداء على دوريات وحواجز في بعلبك يتكرر//
“اذا كان الهاجس الامني متقدماً كل ما عداه، اذ يستحيل اجراء انتخابات أو التنقيب عن النفط والغاز أو منع الانهيار الاقتصادي من دون وضع امني مستقر، فان “استقرار” الاجهزة الامنية يبدو أولوية في ظل الاخطار المحدقة بالبلاد، إن في الداخل مع وجود نحو مليوني لاجئ سوري وفلسطيني، أم عبر الحدود التي تحاصرها تنظيمات ارهابية ابرزها “داعش” و”النصرة”. لكن ملفات الاجهزة الامنية فتحت دفعة واحدة وهي التي يعاني بعضها مشكلات داخلية وعدم استقرار كالمديرية العامة لامن الدولة، فيما تواجه المؤسسة العسكرية انتهاء مدة التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي تنتهي ولايته الممددة في 30 ايلول المقبل، ويحاول سياسيون، كما في المرة السابقة، تحويل هذه الورقة مادة ابتزاز سياسي. وتعدّ المديرية العامة لقوى الامن الداخلي العدة لما بعد استقالة مديرها العام اللواء ابرهيم بصبوص الذي يرغب في التقاعد، لكن عدم اتمام مرحلة خلافته يؤخر تلك الاستقالة، وقد عانت المديرية أخيراً فضائح مالية طاولت ضباطاً وافراداً.
وفيما تؤكد مصادر مطلعة ان التمديد لقائد الجيش واقع لا محالة اذا استمر الشغور الرئاسي على حاله، ولا يتبدل هذا الواقع الا بانتخاب رئيس يعمل على “تجديد” كل الاجهزة معاً لتناسب خطة عمله للسنوات الست المقبلة، ترفض مصادر عسكرية التحدث في الموضوع، وتقول إن البحث سابق لاوانه، خصوصاً ان ثمة مساعي للاتفاق على سلة متكاملة للحل، ومن الافضل حالياً عدم تناول الموضوع في الاعلام لانه قد يؤثر في معنويات العسكريين الذين يواجهون تحديات كبيرة في منطقة غارقة في الدماء.
وعلى رغم تأييد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع التمديد لقهوجي واعتباره ان “التيار الوطني الحر” لن يعترض على الخطوة، الا ان مصادر في التيار ترى ان لا موجب حقيقياً للتمديد وان التعيين ممكن. لكنها لا تحسم موقفها ربما من باب المناورة أو وضع سلسلة من المطالب في سلة واحدة. وتتخوف تلك المصادر من “تأجيل الموضوع الى اللحظة الاخيرة لوضعنا امام أمر واقع لا بديل منه”.
أمن الدولة
اما ملف أمن الدولة، فراوح مكانك، بعد احالة نائب المدير العام للجهاز على التقاعد وعدم تعيين بديل منه. ومن المرجح ان تبدأ مرحلة ثانية بعد عطلة عيد الفطر فيعاود الوزراء المسيحيون الضغط في اتجاه حلّ هذا الملف.
وعلم من أوساط وزارية ان أي تقدم على هذا الصعيد لم يحرز، وان رئيس الوزراء تمام سلام ليس في وارد اتخاذ أي قرار في هذا الشأن في المدى القريب، على ان يصار الى معالجة ادارية داخلية بتكليف أحد الضباط تولي هذا المنصب بالوكالة في انتظار التوافق على مرشح يحظى بالتوافق السياسي عليه من جهة، والتفاهم على كل ملف الجهاز المطروح على طاولة البحث من جهة أخرى.
وقالت مصادر معنية لـ “النهار”إن المناورة لا تزال قائمة، خصوصاً أن العمل كان جارياً لتغيير المدير العام ونائبه، قبل ان يحال الثاني على التقاعد. وهي تعوّل على تقارب برّي – عون الذي قد يأتي بتسوية ما فتسير الأمور، أو يتفق الأطراف جميعهم على تسوية ما أو “تركيبة” تشمل التعيينات العسكرية في كل الأجهزة الأمنية.
واسفت المصادر لعدم دعوة الرئيس سلام المدير العام للجهاز اللواء جورج قرعة الى الاجتماع الأمني الأخير، لا لشخصه بل لما يمثله كمدير للجهاز، خصوصاً ان المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد تستدعي التعالي عن الخلافات، مع العلم ان الجهاز يعمل باللحم الحي في ظل استمرار حجب الاموال عنه.
قوى الامن
وفي المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، احتجاج صامت لم يبلغ حد الاعتراض بعد تعيين العميد نعيم الشماس رئيساً للاركان بدل العميد المتقاعد جورج لطوف. هذا التعيين الذي لم يراع الاقدمية والتراتبية العسكرية، ينذر بقرب استقالة المدير العام اللواء بصبوص الذي أبدى رغبته في الامر منذ أكثر من سنة، لكنه استمر في ممارسة مهماته بناء على تمنيات من مراجع عدة في انتظار تحضير مرحلة خلافته، وهو ما ترى مصادر امنية انه بات قريبا، وانه على الضباط التهيؤ لمرحلة جديدة.
شائعات امنية
امنياً، وفيما شددت القوى الامنية اجراءاتها في محيط المساجد، استمر سيل الشائعات التي تحذر المواطنين من سيارات مفخخة وانتحاريين، وقد نفت قوى الامن الداخلي الشائعات التي انتشرت أمس عن انتحاري في جبيل واخر آت من البقاع الى بيروت.
بعلبك والسلاح المتفلت
في غضون ذلك، نقل المطلوب حمدان علي صبحي جعفر (30 سنة) الى “مستشفى دار الأمل” مصاباً بجروح بالغة نتيجة اشتباك بينه وبين دورية من مخابرات الجيش التاسعة من صباح أمس، في مكمن نفذته الدورية عند مفترق بلدة ايعات – بعلبك.
وصدم جعفر الجندي ع. ا. بسيارته خلال عملية توقيفه محاولاً تجاوز الحاجز فحصل اطلاق نار بينه وبين أفراد الدورية مما ادى الى إصابته.
وفور شيوع خبر اصابة حمدان أطلق شقيقه أحمد النار على حاجز تابع للجيش في محلة الشروانة في بعلبك فأصيب المؤهل بشار ش .ع. في يده ونقل الى المستشفى.
وجعفر مطلوب بعشرات مذكرات التوقيف في قضايا منها خطف وسلب واطلاق نار، وكان قبل اسبوعين تمكن من الفرار من مكمن للقوى الامنية في سهل بلدة بوداي البقاعية.
وكانت قوة من الجيش دهمت فجراً منزل مهدي وهبي في محلة التل الأبيض قرب الشراونة عند مدخل مدينة بعلبك الشمالي وصادرت كمية من الأسلحة.
ويذكر أيضاً أن مجموعة من المسلحين نجحت قبل اسبوع في تهريب السجين ربيع ع. في محلة الشراونة في بعلبك بعد اعتراض سيارات في داخلها مسلحون، دورية لقوى الامن الداخلي داخل المحلة كانت تنتقل السجين عواضة الى سجنه في منطقة الشمال.
وعمد المسلحون الى قطع الطريق أمام الدورية داخل المحلة، فاصطدمت السيارة التي تنقل السجين بأحد اعمدة الكهرباء وأخذ السجين بقوة السلاح وسلب أفراد الدورية اسلحتهم الحربية واعتدى عليهم مما ادى الى اصابة احدهم بجروح بالغة في يده.
هذه الحوادث المتكررة تطرح مجدداً ملف السلاح غير الشرعي والمتفلت في ايدي المواطنين والعصابات الذين باتوا لا يكتفون بالسرقات، بل بات التعدي على الجيش والقوى الامنية أمراً معتاداً.
/+++++++++++++++++++++++/
السفير//
أمر عمليات يحرّك «داعش».. و«لامركزية تنفيذية»!//
«الفطر» يقاوم التهديدات: «الأمن الاستباقي» مستنفر//
“يحتفل لبنان والعالمان العربي والإسلامي بعيد الفطر، اليوم، على وقع تفجيرات إرهابية، عابرة للحدود، باتت تهدّد الأمن العالمي، وليس هذه الدولة أو تلك حصراً.
وإذا كان البعض في لبنان والإقليم لا يزال يحاول استثمار مفاعيل الإرهاب في صراع المحاور وفي لعبة عضّ الأصابع، لتحسين شروط المواجهة والتسوية، فإن تدحرج العمليات الانتحارية في كل اتجاه، أتى ليثبت أن أي محاولة لاستخدام أو توظيف «ثور الإرهاب» الفالت، من ضمن حسابات ومصالح سياسية ضيقة، إنما هي مغامرة تفيض بالمخاطر وتعكس قصوراً في استشراف التحديات وتحديد طبيعتها وأسبابها.
فرنسا، بلجيكا، بنغلادش، نيجيريا، مالي، تركيا، أفغانستان، العراق، سوريا، السعودية، الكويت، اليمن، الاردن، مصر، تونس، الجزائر، ولبنان.. كلها وغيرها، أصبحت في مرمى الإرهاب الذي ثبت أنه لا يميز بين جنسيات ضحاياه ولا بين اتجاهات الدول المستهدفة، بما فيها تلك التي تجد له تبريرات أحياناً، أو حتى تقدم له الدعم المخابراتي والمالي بشكل او بآخر، من باب «النكد السياسي» او الحقد على الخصوم.
ويبدو واضحاً، وفق معطيات العارفين واستنتاجاتهم، أن «أمر عمليات» موحّد صدر بتصعيد الهجمات الإرهابية وتوسيع نطاقها الجغرافي، حيث تتولى مجموعات تنظيم «داعش» ترجمته تباعاً، على قاعدة اللامركزية التنفيذية العسكرية، أي تبعاً لما تراه كل مجموعة مناسباً ضمن الساحة التي تنشط فيها.
وفي لبنان تحديداً، لا يزال هناك من يصرّ على تحجيم خطورة التهديد التكفيري، متعمداً مقاربته انطلاقاً من حسابات الزواريب ولعبة تسجيل النقاط، الأمر الذي من شأنه تضييق زاوية النظر وأفق المعالجة.
وبينما كان يفترض ان تشكل «صدمة القاع» فرصة لمراجعة وطنية شاملة، تعيد ترتيب الأولويات وتشذيب الأدبيات، على قياس هذه المرحلة المفصلية، استمر البعض في «الحرتقة» الداخلية التقليدية وصولاً الى محاولة تجهيل الفاعل او استبداله، وفقا لمعايير المصلحة الضيقة.
ولئن كان خصوم «حزب الله» يستسهلون في كل مرة اتهامه باستدراج الإرهاب الى لبنان نتيجة تدخله العسكري في سوريا، فإن أوساطاً حليفة له تساءلت في اعقاب الهجمات الانتحارية: «هل المطلوب من لبنان وباقي عواصم المنطقة دفع أثمان أكبر حتى تترسخ القناعة بأن الإرهاب التكفيري يعتمد عقيدة الغاء الآخر، ايا كان هذا الآخر»؟
وفيما تستمر الخصومات والنكايات السياسية بالتأثير المباشر على مواقف العديد من الأطراف الداخلية وخياراتها، من دون مراعاة حساسية اللحظة، تواصل قوى الجيش والأجهزة الأمنية بذل أقصى الجهود لتحصين الوضع الأمني وتفعيل الإجراءات الوقائية، قدر الإمكان، خلال فترة عطلة العيد.
وفي هذا السياق، أبلغت مصادر أمنية واسعة الاطلاع «السفير» أن ثمة تهديدات جدّية قيد الرصد والمتابعة، لافتة الانتباه الى أن التدابير الاحترازية التي كانت متخذة خلال شهر رمضان ستستمر في أيام العيد، وبعده، ومن دون أي استرخاء.
وأكدت المصادر أن عيون الجيش والأجهزة الأمنية مفتوحة بالكامل لمنع الإرهابيين من التشويش على العيد، موضحة أن هناك معطيات حول إمكانية تنفيذ اعتداءات في مناطق معينة يجري التحقيق فيها وتتبعها بدقة، على قاعدة الأمن الوقائي، بغية تعطيل اي سيناريو ارهابي محتمل، قبل الشروع في تنفيذه.
وأشارت المصادر الى ان الصعوبة التي تواجه عمل القوى العسكرية والأمنية تكمن في ان المواجهة تتم مع عدو يعتمد «اللامنطق» إستراتيجية له، كما يتبين من طبيعة العمليات الانتحارية التي نفذها في أكثر من مكان، وبالتالي لا يمكن توقع أفعاله استنادا الى نمط السلوكيات المعتادة او المفترضة لمحترفي الإجرام.
وفي سياق متصل، علمت «السفير» أن «حزب الله» يتخذ في مناطق انتشاره، وخصوصا في الضاحية الجنوبية ومناطق البقاع الشمالي، اجراءات أمنية احترازية مشددة، بعضها ظاهر وبعضها الآخر خفي، كما عزز التنسيق مع الأجهزة المعنية في الدولة، للحؤول دون أي اختراق قد تسعى المجموعات الإرهابية لتنفيذه في فترة عيد الفطر الذي يُخشى ان يجد فيه التكفيريون، فرصة للإيغال في ظلاميتهم.
ولوحظ أن الإجراءات الرسمية باتت مشددة في محيط مطار بيروت، كما في محيط معظم مراكز العبادة وبعض المراكز والمؤسسات الحساسة في العاصمة والضواحي.
/+++++++++++++++++++++/
الأخبار//
ثنائية بري ـ باسيل النفطية: الحريري لاعب احتياط//
“الصراع على المياه تحوّل منذ سنوات صراعاً على الغاز. والصراع على الغاز يحظى وفق التصريحات الدولية بانفراج كبير أخرج الملف النفطيّ اللبنانيّ من الجارور. لكن لا شيء ينبئ بوجود تداعيات رئاسية ما لم يشعر الحريري بحاجته لأن يكون شريكاً جدياً في هذا الملف، لا لاعب احتياط كما هو اليوم.
قبل نحو ثلاث سنوات، كان الكلام كثيراً وكبيراً عن نجاح الوزير جبران باسيل في إبرام اتفاق نفطيّ ــــ رئاسيّ يقضي بفتح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، في حال انتخابه رئيساً، الأبواب المغلقة أمام الشركات الأميركية للتنقيب عن النفط اللبنانيّ.
لكن سرعان ما وضع رئيس مجلس النواب نبيه بري، العصيّ في دواليب باسيل النفطية، مغلقاً الباب التشريعيّ والوزاري بإحكام أمام التسويات الأميركية بشأن الحدود البحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل. وبدل مصارحة الرأي العام بما يحصل في هذا الملف المهم، انتهى الأمر بتسريبات عن وجود خيارين أمام النفط اللبناني: الانضمام إلى خط الغاز الأميركي ــــ الإسرائيليّ أو انتظار الخط الروسيّ ــــ السوريّ.
لاحقاً، رغم الكلام الكثير عن وجود النفط كطبق رئيسيّ على مائدة الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية، بقي الملف النفطي بعيداً عن الأنظار وخارج نقاط السلة المتكاملة التي يستذكرها السياسيون بين تصريح وآخر. وفي هذا الوقت، تراجع اهتمام الشركات الأميركية بالنفط اللبناني بحكم: تراجع أسعار النفط والغاز، ارتفاع تكلفة الاستخراج وإعلان عدة شركات كبيرة عدم اهتمامها بحفر الحقول العميقة على غرار نصف الحقول اللبنانية، تعثر خطط التصريف الإسرائيلية للغاز، واكتشاف كميات غاز أكثر من المتوقع في الحقول المصرية وأقل من المتوقع في الحقول الإسرائيلية.
فجأة، عُقد لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الطاقة الإسرائيلي على هامش قمة الأمن النووي في واشنطن قبل ثلاثة أشهر، تبعه إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 27 حزيران بأن اتفاق تطبيع العلاقات مع أنقرة يفتح الطريق أمام إمكانية تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا. علماً أن الاتفاق الذي يوفر للإسرائيليين موارد مالية هائلة يمثل في الانطباع الأول ضربة موجعة لروسيا، إلا أن الروس لم يبادروا إلى أيّ ردّ فعل سلبي. لا بل، ما كاد أردوغان يعبّر عن اعتذاره أخيراً عن إسقاط المقاتلة الروسية حتى سارعت شركة غاز بروم الروسية إلى إعلان تطلعها إلى استئناف المحادثات مع تركيا بخصوص مشروع خط أنابيب «السيل التركي» الذي يهدف إلى نقل الغاز الطبيعي الروسي إلى الدول الأوروبية عبر الأراضي التركية. وهو المشروع الاستثنائيّ من حيث الأهمية بالنسبة إلى الروس بحكم بحثهم عن طريق بديل لأنابيب الغاز إلى أوروبا، مع اقتراب موعد انتهاء اتفاقهم مع أوكرانيا في 2019.
لكن لم يصدر في المقابل أي موقف تركي رسمي يوضح النيات التركية، ويبين ما إذا كان الاتفاق التركي ــ الإسرائيلي: 1ــ بديلاً من الاتفاق التركي – الروسي؛ 2ــ مجرد فزاعة لوّح بها الأتراك في ظل حاجتهم الاقتصادية ــ السياحية والأمنية لموسكو؛ 3ــ مورد دخل إضافي للأتراك الذين يسعهم التنسيق بين السيلين الروسي والإسرائيلي، خصوصاً أن كمية المخزون الاسرائيلي لا تقارن أبداً بالمخزون الروسي والحاجة الأوروبية للغاز الطويلة الأمد.
معلومات «الأخبار» تحدثت أمس عن تفاهم بين وزير المال علي حسن خليل ومسؤولين روس في خلال زيارته لموسكو أواخر حزيران الماضي. وأشارت التفاصيل إلى حل الأزمة التي أقفل عندها الملف بإعلان موسكو التزامها العمل في البلوكات الثلاثة اللبنانية الجنوبية المجاورة للبلوكات الفلسطينية المحتلة، مع التزام موسكو معالجةَ أي أزمات قد يفتعلها العدو. وهو ما يضاعف الثقة بوجود اتفاق تركي ــــ روسي ــــ إسرائيلي نشط بري وباسيل لمواكبته، في ظل تقديرات بتمتع الاتفاق بدعم ومباركة الشركات النفطية الأميركية العاملة في إسرائيل. فهذه الشركات تحتاج إلى تصريف الإنتاج الإسرائيلي اليوم أكثر من أي شيء آخر، وكانت شركة «نوبل انرجي» الأميركية التي حصلت على امتياز التنقيب في معظم البلوكات الإسرائيلية قد بلغت في إحباطها قبل بضعة أشهر حد عرضها للبيع عدة حصص في حقل «تمار» الذي يعتبر أكبر حقل للغاز الطبيعي في المنطقة ويقع على عمق 1700 متر تحت سطح البحر المقابل لمدينة حيفا. كذلك إن تقديم الروس كل الطمأنات اللازمة للرئيس بري بشأن حقوق لبنان النفطية، يعني أن الشركات الأميركية قدمت للروس تنازلات رفضت تقديمها للحكومة اللبنانية عبر المبعوثين اللبنانيين سابقاً. فهؤلاء واصلوا قبل عامين تقديم العرض نفسه للحكومة اللبنانية بشأن حصولها على 75% من عائدات الحقل المتنازع على حدوده، وذهاب 25% من العائدات إلى حساب دوليّ مستقل في انتظار ترسيم الحدود. لكن بيروت كان ترفض هذا العرض، ولا أحد يعلم بعد ما قبلت به أخيراً ليعاد وضع الملف على نار حامية. فالملف وضع في الجارور دون مصارحة الجمهور بالأسباب، وأخرج من الجارور من دون حضور وزير الطاقة أرتور نظاريان، وبلا أي إيضاحات أيضاً. علماً أن باسيل كان يقترح منذ أربعة أعوام أن يبدأ التنقيب من الشمال، وتحديداً من البترون، حيث مكامن الغاز أقل عمقاً مما هي في الجنوب، ولا توجد مشاكل حدودية، إلا أن الرئيس بري كان يتمسك بالبدء من الجنوب حيث توجد مشاكل حدودية. ولا شك في أن حل أزمة الحقل المتنازع على حدوده، يحل أيضاً أزمة التلزيم، بحيث يمكن بدء التنقيب الآن من الجنوب أو الشمال أو الاثنين معاً.
وكانت هيئة إدارة البترول قد أنجزت أكثر من 90% من الأمور التقنية المرتبطة بعملية التنقيب، في انتظار إصدار مراسيم اتفاق الاستكشاف والإنتاج ودفتر الشروط والترسيم النهائي للبلوكات البحرية التي خففت مصادر دبلوماسية متابعة للملف من قدرة رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة أو غيره على تأخيرها أو عرقلتها ما دام هناك قرار دولي بالإفراج عن النفط اللبناني. فحين تسير الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل، ليس من طبيعة السنيورة وضع أو محاولة وضع العصي في الدواليب.
أخيراً، لا شك أن ثنائية عين التينة وطبقها الرئيسي تذكر بثنائية باريس والطبق نفسه، مع فارق بسيط هو أن بري وباسيل لاعبان أساسيان في هذا الملف، فيما الحريري وفرنجية لاعبان أقل من ثانويين ما دامت كلمة السر السورية في الجَيب الروسي لا في بنشعي، وكلمة السر الأميركية هي مصلحة شركات النفط لا لدى آل الحريري. أما أهمية صورة بري وباسيل رئاسياً، فليست أبداً في التوصيف الضيق لها بأنها تقارب بين بري والعماد ميشال عون، إنما أكثر من ذلك بكثير. فهي تفيد بأن الولايات المتحدة قادرة على تأمين مصالح شركاتها في المنطقة ولبنان دون المرور ببيت الوسط، وهذه ضربة موجعة للحريري. ولا شك أخيراً أن العماد عون سيكون قادراً على التفرج على الفراغ الرئاسي بضعة أشهر إضافية، مفاخراً بأنه أبو الثروة النفطية وأمها، فيما الحريري خضّ البلد من أجل تحسين أرباحه من النفايات، ولا يسعه التفرج من بعيد لبعيد على دفاتر الشروط وتسابق الشركات وانطلاقة المناقصات. علماً أن رجال أعماله أسسوا قبل عامين كل الشركات اللازمة لولوج هذا القطاع واستغلاله إلى أقصى درجة ممكنة كما فعلوا في القطاعات الأخرى. وعليه يمكن القول إن صورة بري وباسيل تزيد الخناق على الحريري في زاويته الضيقة.
/++++++++++++++++++++++++/
اللواء//
إجراءات الأمن ووحدة الفطر تعزِّزان الإنفراج في العيد//
سلام إلى السعودية مرتاحاً للتدابير الأمنية.. وإيرولت يتجاوز إرجاءً ثانياً لزيارته//
“وسط موجة مميتة من العمليات الإنتحارية والإرهابية التي حطت في الحسكة السورية في يوم الصوم الأخير من شهر رمضان المبارك، في سياق سلسلة من الهجمات، ضربت المسجد النبوي الشريف في المدينة المنوّرة وأهدافاً مدنية أخرى في القطيف وجدة، بعد عملية إجرامية كبرى في الكراده، أحد الأسواق الشعبية المقصودة على مدار السنة في بغداد، ولا سيّما في شهر رمضان، سمحت الخطة الأمنية التي نفّذتها وحدات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي التي نشرت أفراداً في غير منطقة بثياب مدنية، للمواطنين التجوّل في الشوارع التجارية من الحمرا إلى مار الياس وبربور، فضلاً عن أسواق الوسط التجاري، لإيصال رسالة أن إرادة الحياة والتمسّك بالإستقرار الأمني والإستقرار العام، أقوى من أي محاولة لإعادة عقارب الساعة أمنياً إلى الوراء، وربط لبنان بدوامة العنف الجارية في معظم عواصم المنطقة العربية، وصولاً إلى دول آسيا الإسلامية، من باكستان إلى أندونيسيا.
وأكّدت قيادة الجيش في بيان لها أن وحدات الجيش تنفّذ تدابير أمنية استثنائية حول المساجد والحسينيات وأماكن التسوّق والمرافق السياحية، وتقاطع الطرقات العامة والمصارف.
وتشمل هذه التدابير إنتشار وحدات الجيش وتسيير دوريات راجلة ومؤللة وإقامة حواجز ثابتة ومتحرّكة ونقاط مراقبة. ودعا الجيش المواطنين، سواء في السيّارات أو الأسواق إلى الالتزام بالإجراءات والتدابير الأمنية، حفاظاً على أمنهم وسلامتهم.
أما خارج العاصمة، فتمكنت دوريات الجيش من توقيف مطلوبين في الشويفات ومحلّتي ضهر الرمل والزاهرية في طرابلس، وضبطت بنادق كلاشينكوف ومسدسات حربية وقنابل يدوية وأجهزة لاسلكية.
وفي الزهراني اعتقلت دورية من الجيش 4 نازحين سوريين ليس في حوزتهم أوراقاً ثبوتية، كما أوقفت وحدات الجيش في محلّتي الشراونة وتل الأبيض في بعلبك مطلوباً للعدالة، كما صادرت قذائف آر بي جي من مخزن أسلحة، فضلاً عن 70 ألف طلقة عائدة لبنادق حربية.
ونسب زوّار الرئيس تمام سلام عنه قوله أن الدولة أخذت أقصى ما يمكن من تدابير وفقاً لقدراتها الحالية، وأشاروا إلى أنه مرتاح لهذه التدابير، لكنه قلق من الوضع الذي يعصف في المنطقة، ويؤشر إلى ارتفاع منسوب العنف والإرهاب، مستبعداً، في ضوء ذلك وفقاً للزوار، أن تشهد البلاد بداية حلحلة تسرّع إنتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وساهمت هذه الإجراءات، بالإضافة إلى تزامن يوم العيد واحداً عند كل المسلمين، بعد بيان دار الفتوى أمس الأول، وبيان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى مساء أمس، في إضفاء أجواء من الاطمئنان، مع العلم أن معظم المراجع الروحية والقيادات السياسية الإسلامية اعتذرت عن تقبّل التهاني في المناسبة.
وأعرب الرئيس سعد الحريري في بيانه وجّهه إلى اللبنانيين والمسلمين في مناسبة عيد الفطر، عن أمله في تعزيز أواصر التقارب والتلاقي بين كل الأطراف اللبنانية بما يؤدي إلى حل الأزمة السياسية، وإعادة تحريك دورة الحياة السياسية والاقتصادية. وعزا الاعتذار عن قبول التهاني إلى وجوده خارج لبنان.
سلام في مكة
ومساء أمس، غادر الرئيس سلام بيروت إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة ونقل تضامن لبنان إلى المسؤولين في المملكة ضد الاعتداءات الإرهابية التي ضربت المملكة عشية عيد الفطر، انطلاقاً من الروابط بين لبنان والسعودية والمكانة التي تحتلها في ضمير اللبنانيين الذين لم ينسوا ما قدّمته للحفاظ على الاستقرارين الاقتصادي والسياسي، ووقوفها على مسافة واحدة من جميع الأطراف اللبنانية.
وفيما أبرق الرئيس نبيه برّي إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مستنكراً التفجيرات، وأكد الرئيس الحريري أن كل المسلمين يقفون إلى جانب المملكة في مواجهة الإرهاب، أعربت القيادات والفعاليات اللبنانية عن إدانتها للتفجيرات الإرهابية، معتبرة أنها تستهدف دور المملكة في الدفاع عن القضايا العربية والمعنى الحقيقي للإسلام (راجع ص3).
وقبيل مغادرته بيروت، التقى الرئيس سلام في السراي الكبير رئيس خلية الأزمات في الخارجية الفرنسية السفير باتريس باولي، في إطار التحضيرات الجارية لزيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت إلى بيروت يومي الاثنين والثلاثاء من الأسبوع المقبل.
كما كانت للرئيس سلام جولة لاستعراض الوضعين الأمني والسياسي مع القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة في لبنان داني هيل.
ايرولت والنفط
وعلمت «اللواء» من مصادر دبلوماسية أن عودة الملف الرئاسي اللبناني إلى المربع الأوّل كادت ترجئ زيارة ايرولت للمرة الثانية.
وعزت هذه المصادر فكرة ايرولت إلى أن كبار المسؤولين الفرنسيين باتوا على قناعة أن لا إمكانية الآن لخرق جدار الأزمة الرئاسية في الوقت الراهن، بسبب ما وصفته المصادر بالتصلب الإيراني.
لكن مصادر في «التيار الوطني الحر» لفتت إلى أن الهدف الرئيسي من زيارة ايرولت قد يكون نقل تطمينات فرنسا بأنها لا تزال معنية بإنهاء الشغور الرئاسي وعدم توطين النازحين السوريين في لبنان.
وأشار مصدر في «القوات اللبنانية» إلى أن مهمة رئيس الدبلوماسية الفرنسية دونها عقبات، لكن الجانب الفرنسي أبلغ من يعنيه الأمر أن الجهود ستستمر ولا مكان لليأس.
وفي ما خص موضوع النفط، أشار وزير العمل سجعان قزي بعد زيارة السراي إلى أن هناك ملابسات تحيط بهذا الملف، في ضوء الاتفاق الثنائي بين «امل» و«التيار الوطني الحر»، مؤكداً أن القرار الأخير هو لمجلس الوزراء بوصفه صاحب سلطة القرار.
الا أن مصدراً في هيئة قطاع النفط أوضح أن مسألة تحديد البلوكات النفطية وآلية تلزيمها «لا تعود إلى رغبة الأفرقاء السياسيين، إنما هناك دفتر شروط واضح يتضمن معايير مالية واقتصادية وبيئية، ثم يتم تلزيم الشركة التي تقدّم أفضل العروض إضافة إلى اعتبارات عديدة أخرى، وبالتالي فان المؤكد في الأمر أن الموضوع تقني بحت، برغم الحاجة إلى قرار مجلس الوزراء في إطار جو سياسي ملائم، وإن الانطلاقة ستكون تقنية، فالوضع في لبنان لا يختلف عمّا هو في قبرص في ما يتعلق بآلية التلزيم وغيرها.
ولفت المصدر إلى أن الهيئة تستطيع ضمن مهلة عشرة أشهر تلزيم الملف، عبر الاعتماد على التلزيم التدريجي للبلوكات العشرة، مؤكداً أن الخطة منجزة، وننتظر إقرار المرسومين لندخل حيز التنفيذ.
أمن الدولة وعود على بدء
وفي مجال اقتصادي آخر، يواصل وفد جمعية المصارف تحركه في العواصم الأوروبية لشرح الإجراءات اللبنانية في ما خص سلامة الوضع المالي والالتزام بالقرارات الدولية المالية، بما في ذلك العقوبات الأميركية، في حين تتجه الأنظار إلى وضعية جهاز أمن الدولة الذي اتخذ طابعاً طائفياً في الظاهر، بينما المشكلة إدارية تجسدت في حصول اشكالات في التعاطي من قبل مدير أمن الدولة مع رئيسه المباشر الذي هو رئيس الحكومة.
وفيما ستبقى هذه القضية في واجهة الاهتمام بعد الأعياد لإيجاد حل لها، تعود إلى الواجهة مجدداً قضية التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي بعد أن يكون مفعول التمديد السابق انتهى في آب المقبل.
وأعاد مصدر مسيحي التأكيد أن لا إمكانية لتعيين قائد جديد للجيش في ظل الشغور الرئاسي، مشيراً إلى أن أي تفكير آخر خصوصاً إذا أتى من طرف مسيحي نكون كمن نعطي مثالاً عاطلاً للعالم بأن لبنان لا يحتاج إلى رئيس للجمهورية.
/++++++++++++++++++++++++++/
البناء
أردوغان يلتقي بوتين نهاية الشهر… والجيش السوري يتقدّم في ريفَيْ حلب ودمشق
تفجيرات السعودية: بن نايف يأمر بحصر الحملة بداعش فيحذف تصريح ريفي
تقارب جنبلاطي قواتي يُحيط بتفاهمات العونيين وأمل يفتح طريق قانون الانتخاب
“تفرض روزنامة الحرب في سورية عدم الانتظار لموعد قمة العشرين في الصين مطلع أيلول لانعقاد اللقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب أردوغان، فالموقع الحاسم لكلّ من موسكو وأنقرة في هذه الحرب لا يتيح مواصلة التطبيع مع مواصلة وقوف جيشيهما قبالة بعضهما البعض في خنادق الحرب. كما قالت مصادر روسية إعلامية لـ «البناء» ما استدعى التفاهم على تسريع المحادثات على مستوى المسؤولين السياسيين والعسكريين تحضيراً للقاء في نهاية هذا الشهر، على أن تتمّ مراجعة جداول الفرص المتاحة لعقد هذا اللقاء ومكانه، ليأتي هذا اللقاء متناسباً مع التقدّم الذي تحققه المحادثات الروسية الأميركية حول التعاون العسكري في الحرب ضدّ جبهة النصرة وتنظيم داعش، بالتزامن مع التحضير لجولة مقبلة من المحادثات السياسية في جنيف، بين الحكومة السورية ووفد من المعارضة، يفترض أن تتبلور ملامحه منتصف هذا الشهر.
ومع التقدّم الذي يحققه الجيش السوري في جبهات أرياف حلب ودمشق، وتعثر القوات المدعومة من واشنطن في تحقيق أيّ تقدّم على داعش في محاور الرقة والحسكة، وتقهقرها في منبج، تصير الأيام المقبلة فاصلة في رسم صورة التفاهم حول اتجاه الحرب على داعش، خصوصاً بعد الضربات التي نفذها التنظيم مؤخراً والتي جاءت بمثابة رسائل موجّهة لحلفائه.
التفجيرات في تركيا حسمت منذ البداية بلسان وزيري العدل والخارجية، أنها بتوقيع داعش، بينما تركزت الحملة السعودية في اليوم الأول نحو إيران، بقرار من ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وفقاً لما قالته مصادر خليجية متابعة، بينما جرى إيقاف الحملة وحذف التصريحات التي تبالغ في توجيه سهامها نحو إيران من برامج البث في القنوات المموّلة من السعودية، وهذا ما لحق بتصريح خاص لقناتي «العربية» و»الحدث» أدلى به الوزير أشرف ريفي، وقالت المصادر إنّ قرار الحذف صدر عن ولي العهد وزير الداخلية محمد بن نايف. واعتبرت المصادر الدخول القوي لبن نايف تعبيراً عن امتعاض أميركي من التعامل السعودي مع التفجيرات وتوظيفها بحسابات ضيقة تتنافى مع الوجهة التي تريدها واشنطن لتزخيم الحملة على داعش، لتتصدّر الفضائيات السعودية في اليوم الثاني للتفجيرات حوارات وتحليلات دينية وسياسية وأمنية تركز على داعش بطريقة لافتة كعدو لا يمكن التهاون معه، وتتجاهل الحديث عن إيران.
لبنانياً، تخشى مصادر أمنية من أن يؤدّي مرور الوقت على تفجير داعش إلى تراجع النقاش اللبناني، حول كيفية التعامل في مرحلة يبدو فيها أنّ إيقاع الحرب على داعش إلى تصاعد، ومثله إيقاع موجات النزوح العسكري على طريقة تفجيرات القاع مرشح للتزايد، بينما سجلت على المستوى السياسي، بداية رسم خارطة طريق لتوافق يمكن أن يؤدّي للتفاهم على مشروع قانون انتخاب تعرض خطوطه العريضة في خلوة هيئة الحوار الوطني مطلع الشهر المقبل، فقد تحدّثت مصادر سياسية مطلعة عن حوارات ثنائية متعدّدة، تدور حول الدمج بين مشروع رئيس مجلس النواب نبيه بري ومشروع ثلاثي المستقبل والقوات والاشتراكي، القائمين على صيغة مختلطة بين النظامين الأكثري والنسبي، ويختلفان في تقسيم الدوائر وتوزيع المقاعد على النظامين، حيث يدور حوار قواتي عوني وحوار اشتراكي مستقبلي، وحوار قواتي مستقبلي، للإحاطة بالأرضية التي أسّس لها التفاهم العوني مع حركة أمل من بوابة ملف النفط، والذي بدأت تظهر بوادر تمدّده نحو قانون الانتخاب.
أول الغيث
يحلّ عيد الفطر هذا العام على وقع تفجيرات دامية، بدأت التنظيمات الإرهابية توسّع نطاق مسرحها الذي لم يعُد يقتصر على سورية والعراق، إنما وصل الى لبنان والأردن وتركيا وأول أمس الى المدينة المنورة والقطيف في السعودية. لكن المفارقة في نظرة تيار المستقبل إلى هذه المجموعات، فهي إرهابية في السعودية المستهدَفة لاعتدالها، ومعارضة في سورية.
لن تشكّل التفجيرات في السعودية نقلة نوعية في السياسة السعودية في المنطقة حيال الإرهاب، إنما تُعتبر إشارة إنذار بأن العدّ العكسي لاستهداف المملكة بدأ في ظل تنامي البيئة الحاضنة للإرهاب في المملكة بعد التقارير التي تتحدّث عن وجود 12 ألف إرهابي محتمَل في المناطق التي تُعتبر ثقل الوهابية في المملكة».
وقالت مصادر مطلعة لـ «البناء» «إن التفجيرات في السعودية أول الغيث بعد أن تحوّلت الديار المقدّسة إلى هدف لداعش». مضيفة «تركيا التي شكلت الرئة الأساسية لداعش خلال السنتين الماضيتين بدأت بالاستدارة الكاملة وبالتالي لا تستطيع السعودية البقاء وحدها في موقع دعم الإرهاب. وهذا إن حصل سيترك تداعيات على أكثر من ساحة في المنطقة ومنها لبنان الذي لا يزال حتى الآن يعاني من الفيتو السعودي للقضاء على المسلحين في الجرود».
واستنكرت المصادر محاولات فريق سياسي في لبنان إعطاء براءة ذمة للسعوديين من دعم الإرهاب لغايات سياسية ومالية، مذكرة إياه بـ«التقرير الذي كشفته روسيا عن عشرات آلاف سيارات التويوتا التي استقدمت من اليابان إلى سورية لحساب داعش والتي دفعت السعودية القسم الأكبر من ثمنها»، ولفتت إلى تمدد وتوسع تنظيم القاعدة وداعش في اليمن الى حضرموت والمكلى خلال ما يُسمى بعاصفة الحزم السعودية، متسائلة: لماذا شن تحالف السعودية عشرات آلاف الغارات على أنصار الله والشعب اليمني ولم يشن غارة واحدة على أهداف لتنظيم القاعدة أو داعش؟
ورأت المصادر أن «السعودية باتت في مأزق، فالحكومة لا تستطيع تعديل سياستها مقابل وجود العديد من الجمعيات والمؤسسات الوهابية التي لا تزال تدعم تنظيمَي داعش والنصرة، وتساءلت هل تستطيع الحكومة السعودية لجم هذه الجمعيات؟ مضيفة: «هذا هو جوهر الصراع الذي بدأ منذ سنوات وسيستمر حتى وقتٍ طويل بين الحكم السعودي والجمعيات الوهابية التي نمت وكبرت على أموال الملوك والأمراء السعوديين».
الصراع بين «المحمَّدين»
ورأت مصادر سياسية في 8 آذار لـ «البناء» أن «التفجيرات في السعودية يمكن وضعها ضمن فرضيتين، الأولى الصراع على السلطة بين «المحمَّدين» وما يدعم هذه الفرضية خريطة الأهداف المتنوعة وطبيعتها المتعددة والنتائج الهزيلة التي حققتها، وبالتالي كان هدفها تشويه قدرة ولي العهد وزير الداخلية محمد بن نايف بأنه يستطيع ضبط الأمن في المملكة، أما الفرضية الثانية مسؤولية داعش لاعتبارها بأن السعودية جزء من دولتها».
وأوضحت المصادر «أن التفجير يمكن أن يكون من صنع السعودية لأهداف متعددة، منها الصراع على السلطة داخل المملكة وتقديم السعودية نفسها على أنها ضحية لإبعاد تهمة الإرهاب عنها ولحجب الأنظار عن جرائمها في المنطقة».
وأشارت المصادر إلى «أن فريق 14 آذار جزء من المشروع الذي يستثمر في الإرهاب، مستغربة كيف يميز هذا الفريق بين الإرهاب في العراق وسورية واليمن وبين الإرهاب في السعودية».
سلام الى مكة
الى ذلك، غادر رئيس مجلس الوزراء تمام سلام مساء أمس، الى مكة المكرمة لتأدية مناسك العمرة. وإذ أشارت مصادره إلى أن الزيارة لها طابع ديني، لم تستبعد أن تكون تفجيرات المدينة المنوّرة والقطيف فرصة لتقديم واجب العزاء للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والبحث معه في التطورات في المنطقة.
معطيات الفراغ لم تتغيّر
وفي ظل الفراغ السياسي الذي يعاني منه لبنان، عادت الأنظار للتحول تجاه الملف الرئاسي، رغم ان المعطيات الاساسية التي تتحكم بالفراغ لم تتغير حتى إشعار آخر. فلا معطى حقيقي يمكن الاستناد عليه للبناء على اقتراب موعد إنهاء الفراغ. ولفتت مصادر مطلعة لـ «البناء» إلى أن لا انتخابات رئاسية في المدى المنظور، فالموقف السعودي لا يزال على حاله ولا تغير في طريقة التعاطي السعودي الإيراني، بغضّ النظر عن شبه تسليم قوى اساسية في 14 آذار بعدم تجاوز الوقائع القائمة والمعطيات المستجدة في المنطقة.
الأجواء التفاؤلية تنقصها أرض صلبة
وأكدت مصادر متابعة للملف الرئاسي في حزب القوات لـ «البناء» أن «لا معطيات تؤكد التفاؤل الحاصل في الملف الرئاسي. الأجواء التفاؤلية تنقصها أرض صلبة لتتحول الى اجواء ايجابية فعلية، فحتى الساعة لا شيء جديد، باستثناء مسعى الدكتور سمير جعجع باتصالاته مع الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط». وقالت المصادر «الدكتور جعجع يسعى لكن لا يعني ذلك أن مساعينا ستتكلل بالنجاح، وأنها ستصل الى بر الامان». وإذ لفتت الى ان النائب وليد جنبلاط يسير بانتخاب الجنرال عون رئيساً، أشارت إلى أن اللقاء مع الرئيس الحريري مختلف، هو شرح وجهة نظره، ونحن شرحنا وجهة نظرنا القائلة بأن إنقاذ الجمهورية يمر بانتخاب الجنرال عون رئيساً، لكي لا نبقى في فراغ وانعدام وزن وتعطيل للمؤسسات الدستورية لكننا لم نقنعه ولم يقنعنا».
وأشارت إلى «أن ربط الملف النفطي بالملف الرئاسي في غير محله، لا علاقة لما يجري بأية حلحلة سياسية، كل ملف مستقلّ عن الآخر». ورأت «أن الاستعجال في التنقيب عن الثروة النفطية مردّه تطور العلاقات التركية «الإسرائيلية»، وهجوم الشركات على الغاز «الإسرائيلي» والقبرصي والتركي، ما معناه أن لبنان أمام فرصة 18 شهراً بحسب الأميركيين، لأن الشركات لن تهتمّ بالاستثمار بعد هذه المهلة، وهناك محاولات ليأخذ لبنان حصة من الشركات التي سستثمر في التنقيب عن النفط والغاز».
وفي شأن الاتصالات بشأن القانون الانتخابي، قالت المصادر القواتية «عندما تتوفر النية الجدية يقر قانون جديد للانتخابات»، مؤكدة أن «المختلط هو الحل الوحيد والعمل جار على دمج بين صيغتي الرئيس بري والصيغة الثلاثية لناحية تقسيم الدوائر للوصول الى نقاط مشتركة».
لا لقاء بين نصر الله وجنبلاط
ونفى مصدر مسؤول في الحزب التقدمي الاشتراكي لـ «البناء» «المعلومات التي تحدّثت عن لقاء عقد بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط». ولفت المصدر الى ان «لا جديد في الملف الرئاسي، برغم كل الاتصالات واللقاءات التي تحصل. فالانتخابات الرئاسية مرتبطة بالوضع الاقليمي الذي يفترض أن يترجم الى ارادة داخلية غير متوفرة في الوقت الراهن»، مشدداً على أن النائب جنبلاط لا يزال على موقفه بضرورة إنجاز هذا الاستحقاق بسرع وقت وبأي ثمن، وأنه يسير بالعماد ميشال عون رئيساً إذا كان انتخابه يُنهي أزمة الفراغ». وإذ اعتبر المصدر أن ملف الرئاسة معقّد، رأى أن البحث في قانون الانتخاب معقد بأضعاف، فاللقاءات مع حزب القوات وتيار المستقبل لا تتعدى النقاش، التوافق غير ناضج، ومخطئ من يظن أنّ أي استحقاق سواء كان رئاسياً او نيابياً يمكن أن يسلك طريقه من دون توافق المكونات السياسية الاساسية كلها حوله ضمن سلة متكاملة.
تغيير في اللهجة السعودية
في المقابل، نقل مصدر في التيار الوطني الحر عن مصادر موثوقة لـ «البناء» أن تغييراً ما في اللهجة السعودية طرأ تجاه وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، مضيفاً «هذا المعطى الجديد يتزامن مع جملة من المعطيات التي حصلت خلال الأشهر السابقة القليلة، أهمها توسع دائرة العمليات الإرهابية في أكثر من مكان في العالم منها السعودية وتركيا. وهذا يدل على أن هذه الدول بدأت تعد العدة لتغيير سياساتها. ثانياً، عودة ملف الغاز والنفط في لبنان الى الواجهة بسحر ساحر بعد إقفاله لسنوات، الأمر الذي يتطلب حاضنة دولية وإقليمية لاستثماره تظهرت من خلال تقاطع مصالح أميركي – روسي انعكس على الوضع الداخلي بتفاهمات حول النفط. ثالثاً، تصاعد المخاطر من تمدد الإرهاب في العواصم الأوروبية وأميركا وتنامي خطر موجات النزوح الأمر الذي جعل استمرار الحرب على سورية عملية تدمير ذاتي للقوى التي تشن الحرب».
وأشارت المصادر إلى صحة ما نقل عن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي قال للرئيس سعد الحريري بأن عليك أن تتفاهم مع العماد عون بشأن الرئاسة الجمهورية والحكومة.
ولفتت إلى أن «استقرار لبنان حاجة غربية لذلك رأت الدول الغربية أن الوضع الداخلي يتجه الى الانهيار، بينما المطلوب من لبنان احتواء عملية النزوح، وهذا لا يمكن من دون انتخاب رئيس جمهورية، وكل هذه العوامل ضغطت على دول الحرب على سورية للبحث عن تسوية ممكنة في لبنان».
إلى ذلك، أوضح وزير الثقافة روني عريجي «أن ما قيل عن لقاء بين رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية وولي وولي العهد السعودي معلومات غير صحيحة»، مشيراً الى أنه «لم يحدث أي تغيير جوهري في الملف الرئاسي ولا حل له في المدى المنظور». ورأى عريجي «أن الاتفاق حول ملف النفط لا علاقة له بالسلة المتكاملة للرئيس نبيه بري بل هو اتفاق نفطي بحت».