ومع ذلك، فلا يمكن معرفة أفق تدهور العلاقة بين الطرفين، خصوصاً في ظل «الانزعاج» الأميركي الواضح من تركيا. وتذكر «إيكونومست» البريطانية، أول من أمس، أن «الأميركيين يرون أن تركيا غير ملتزمة تماماً بالحرب على داعش»، فيما «لا يخفي وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، إطلاقاً، نفوره من الرئيس التركي». وتشير المجلة إلى «وجود أصوات في الكونغرس الأميركي تدعو إلى استبدال قاعدة إنجرليك الموجودة في تركيا بقاعدة أخرى في المنطقة»، ولذلك «فإن تركيا بحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى صداقة الولايات المتحدة… وعلى أردوغان أن يتوقف عن تهديد هذا التحالف».
/+++++++++++++++++++/
النهار//
تطهير أردوغان “يجتث” 50 ألف موظف//
والحكومة تعلن “قرارات مهمّة” اليوم//
“توعدت السلطات التركية أمس باجتثاث أنصار رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن الذي تتهمه بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة الأسبوع الماضي، بينما توسع نطاق عملية تطهير كبيرة في الجيش والشرطة والقضاء.
وقالت السلطات إنها أوقفت عن العمل أو احتجزت قرابة 50 ألفاً من الجنود ورجال الشرطة والقضاة والموظفين الحكوميين منذ محاولة الانقلاب، مما يثير توتراً في عموم البلاد والبالغ عدد سكانه 80 مليون نسمة والذي يعد حليفاً رئيسياً للغرب في قتال تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش).
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم في مجلس النواب: “هذه المنظمة الإرهابية الموازية لن تكون بعد الآن بيدقاً فعالاً في يد أي دولة… سنجتثهم من جذورهم حتى لا تجرؤ أي منظمة سرية على خيانة شعبنا مرة أخرى”.
فقد طلب مجلس التعليم العالي في تركيا استقالة عمداء الكليات الرسمية وتلك الملحقة بمؤسسات خاصة وعددها 1577، بعد محاولة الانقلاب على نظام رجب طيب اردوغان.
كما أعلن المجلس الأعلى للاذاعة والتلفزيون ابطال تراخيص محطات التلفزيون والاذاعة المتهمة بأنها مقربة من غولن. وأشارت وكالة “أنباء الأناضول” التركية شبه الرسمية الى ان هذا الأمر يشمل 24 شركة اعلامية، موضحة أن 34 صحافياً يعتبرون مقربين من غولن سحبت منهم بطاقاتهم الصحافية.
وأظهر تعداد لـ”وكالة الصحافة الفرنسية” تعليق مهمات ما لا يقل عن 25000 موظف رسمي بينهم شرطيون وأساتذة، أو تسريحهم، في انحاء البلاد في اطار مطاردة “اتباع غولن”. ومنع هؤلاء من مغادرة البلاد.
وأعلن نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولوموش ان ما مجموعه 9322 عسكرياً وقاضياً وشرطياً هم قيد الملاحقة القضائية، من غير أن يدلي بتفاصيل.
وتم حتى الساعة توقيف 118 جنرالاً واميرالاً على الأقل في حملة تطهير واسعة في صفوف الجيش. كما أوقف 26 جنرالاً واميرالاً بينهم القائد السابق لسلاح الجو الجنرال اكين اوزتورك ووضعوا قيد التوقيف الاحتياط بعد توجيه تهمة “محاولة قلب النظام الدستوري” و”محاولة اغتيال” الرئيس اليهم.
وأفاد مسؤول تركي بارز إن بين المعتقلين طيارين أسقطا طائرة روسية مقاتلة قرب الحدود السورية في تشرين الثاني 2015 في واقعة أثارت خلافاً ديبلوماسياً مع موسكو.
غير ان رئاسة اركان الجيش التركي شددت على ان “الغالبية الساحقة من القوات المسلحة التركية تحب وطنها وأمتها وعلمها ولا علاقة لها اطلاقاً” بمحاولة الانقلاب، مضيفة ان “الخونة” الذين شاركوا في هذا “العمل الدنيء” سيتلقون “أقسى عقوبة”.
كذلك تحدثت وزارة الداخلية عن اقالة نحو تسعة آلاف شخص بينهم ثمانية آلاف من الشرطة، الى مسؤولين محليين.
وفيما دعا صندوق النقد الدولي الى “المحافظة” على المؤسسات الديموقراطية “عماد” التطور الاقتصادي في البلاد، تدهورت الليرة التركية مجدداً مقتربة من أدنى مستوياتها مساء الجمعة (0,2972 دولار).
من جهة أخرى، أكد يلديريم ان حكومته أرسلت ملفات الى الولايات المتحدة لطلب استرداد غولن، وقال أمام مجلس النواب: “لقد أرسلنا أربعة ملفات الى الولايات المتحدة لتسليم كبير الارهابيين”. كما يفترض توجيه طلب الاسترداد الرسمي قريباً.
لكن الداعية نفى مجدداً في مقابلة مع وسائل اعلام بينها “وكالة الصحافة الفرنسية” في مقر اقامته في بنسلفانيا بشرق الولايات المتحدة أي مسوؤلية له في محاولة الانقلاب التي أوقعت ما لا يقل عن 308 قتلى ليل الجمعة، بينهم مئة من الجنود المتهمين بالمشاركة في الانقلاب.
واتصل الرئيس الأميركي باراك أوباما بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان وعرض المساعدة في التحقيق الذي تجريه أنقرة في محاولة الانقلاب. وحض أوباما الحكومة التركية على التحلي بضبط النفس في ملاحقتها للمسؤولين عن المحاولة الانقلابية.
وصرح الناطق باسم البيت الأبيض جوش إيرنست ان الرئيسين بحثا في وضع غولن الذي يتهمه إردوغان بتدبير الانقلاب وتقول تركيا إنها ستطلب تسليمه إليها. وقال إيرنست إن الحكومة التركية قدمت معلومات عن غولن للحكومة الأميركية وإن المسؤولين الأميركيين يراجعونها. وأضاف أي طلب استردد من تركيا سيقوّم فور تقديمه بموجب المعاهدة المبرمة بين البلدين.
وفي غضون ذلك، يثير عدم عودة اردوغان من اسطنبول الى العاصمة أنقرة حتى الآن تساؤلات. وقد أثار بقاؤه خارج مقر مؤسسات الحكم التي تعرض بعضها مثل مبنى البرلمان للقصف خلال محاولة الانقلاب، تعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب أحدهم ساخراً في موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي: “السيد الرئيس في اسطنبول منذ الانقلاب، لا أفهم هذا. هل هناك انعدام للأمن في العاصمة؟”.
وتساءل آخر: “عاصمة تركيا هي أنقرة فلماذا يعلن الرئيس من اسطنبول ان كل شيء تحت السيطرة؟ لماذا أرسل كل هؤلاء الجنود الى اسطنبول؟” بعد الاعلان عن ارسال 1800 احتياطي من قوى الأمن الى المعقل السياسي لاردوغان لتعزيز الامن في المواقع الاستراتيجية.
وقال يلديريم إن تركيا في حاجة إلى تأمين البلد بأسره “بنسبة مئة في المئة”. وستعلن الحكومة “قرارات مهمة” اليوم لإنقاذ البلاد مما يقول يلدريم إنها ظروف غير عادية.
/+++++++++++++++++++++++++++++++/
السفير//
مخاوف من انقلاب ثانٍ: الرئيس التركي يتجنّب أنقرة وحركة الجيش مقيّدة//
«مقصلة أردوغان» تطيح 50 ألفاً من خصومه!//
“لا شيء يوحي بأن «المقصلة الأردوغانية» ستتوقف قريبا. أكثر من خمسين ألف شخص تم اعتقالهم أو إقالتهم منذ ما بعد ليلة الانقلاب الغامض. الاستنفار الأمني لم يهدأ، والتقارير تؤكد أن حملة المطاردين من كبار العسكريين، تتعدى المجموعة الصغيرة التي جرى اتهامها بمحاولة الانقلاب، في وقت جرى تقييد حركة العديد من القطاعات العسكرية وألوية الجيش، ما عزز التكهنات على مسارين، إما أن الحركة الانقلابية أكبر مما بدت حتى الآن، أو أن حملة الاقتلاع التي تطال كل الخصوم، في الجيش والأمن والاستخبارات والقضاء والمصارف والإعلام والتعليم والمؤسسة الدينية والطاقة، قد ترتد على أصحابها وتثير شهية الكثيرين للتخلص من رجب طيب أردوغان، المترنح في مكانته الداخلية والخارجية على السواء.
التساؤل القائم يتعلق بما اذا كان جموح أردوغان الحالي، دليلاً على ضعفه أم على قوته، أم أنها ثقة مفرطة بالنفس، قد لا تكون محمودة العواقب. ومع ذلك، تتكاثر الأسئلة: لماذا لم يعد اردوغان الى العاصمة أنقرة وما زال منذ أن عاد السبت الماضي من منتجع مرمريس، متحصناً في اسطنبول؟ لماذا جرى عزل القائد العام لقوات الدرك غالب مندي فجأة أمس؟ ولماذا الانقضاض على المؤسسة التعليمية والجامعات؟ نحو 20 في المئة من الجنرالات والضباط يعتقد أنهم أيدوا الانقلاب بحسب «معهد واشنطن» الأميركي، ويعتقد أن 125 جنرالا من أسلحة الجو والبر والبحر، معتقلون الآن، فهل أخفت السلطات التركية حقيقة حجم الحركة الانقلابية؟ ام ان الانتقام الاردوغاني مضى عميقا في حركة انقلابية معاكسة ام انها لحظة انتهازية ملائمة للتخلص من كل من قد يقف في وجه طموحاته؟
وكالة «رويترز» تقدم حصيلة غير نهائية وتشير الى أن السلطات التركية اعتقلت وأقالت حوالي 50 ألف شخصٍ من مناصبهم، بمن في ذلك العسكر والشرطة والموظفون والمدرّسون والقضاة ورجال دين. والى جانب القائد العام للدرك الذي كان يعتقد أنه من المقربين من الرئيس التركي، جرى اعتقال مستشار اردوغان العسكري الجنرال اركان كريفاك. الأخطر من ذلك، أن صحيفة «الاندبندنت» البريطانية تقول إن قوات «الجيش الثاني» التي تقاتل التمرد التركي في جنوب شرق البلاد، تلقت أوامر بالبقاء في معسكراتها. جرى اعتقال قائد «الجيش الثاني» الجنرال ادم حودوتي. القاعدة العسكرية للفيلق الثالث في اسطنبول، وهي قوة مرتبطة بقوة التدخل السريع التابعة لحلف «الناتو»، مطوّقة المداخل بشاحنات وعربات النفايات التابعة لبلدية المدينة.
«إنهم يخشون محاولة انقلاب ثانية»، يقول الباحث في «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية» في اسطنبول اصلي ايدينتسباس.
وبعدما وضعت السلطات 9322 عسكرياً وقاضياً وشرطياً قيد الملاحقة القضائية، أعلنت وزارة التربية، أمس، تعليق عمل أكثر من 15 الفاً من موظفيها يُشتبه في ارتباطهم بجماعة فتح الله غولن. وذكرت الوزارة في بيان: «تم تعليق عمل 15 الفاً و200 موظف في وزارة التربية .. وفتح تحقيق في شأن هؤلاء الأفراد».
من جهته، طلب مجلس التعليم العالي في تركيا استقالة 1577 شخصاً من رؤساء وعمداء الجامعات الحكومية وتلك المرتبطة بمؤسسات خاصّة.
كما أبطل المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون «جميع حقوق البثّ والتراخيص الممنوحة من المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون لجميع مؤسسات الخدمات الإعلامية (إذاعة وتلفزيون) .. ذات الصلة والمرتبطة والداعمة لجماعة غولن الإرهابية».
ويشمل القرار 24 شركة إعلامية، كما سُحبت البطاقات الصحافية من 34 صحافياً من المُقرّبين من غولن. ووضعت السلطات يدها على وسائل إعلام قريبة من غولن، بينها صحيفة «زمان» ووكالة «جيهان» للأنباء اللتان أوكلت مهمة إدارتهما إلى موظفين حكوميين.
وذكرت مصادر في رئاسة الوزراء التركية لوكالة «الأناضول» أن 257 من العاملين في رئاسة الوزراء أُبعدوا عن وظائفهم. كما أفادت وكالة «دوغان» الإخبارية بأن رئاسة الشؤون الدينية، وهي أعلى هيئة دينية، عزلت 492 من موظفيها عن مواقعهم.
وأبعدت هيئة التنظيم والرقابة للعمل المصرفي 86 من موظفيها الفنيين، وأُقيل 300 شخص في وزارة الطاقة والموارد الطبيعية. كما أقالت الاستخبارات التركية 100 من عناصرها.
وبعد اتهام مسؤولين أوروبيين لأردوغان بشن حملة تطهير معدة مسبقة، اعترف المتحدث باسم الرئيس التركي ابراهيم كالين بذلك، قائلا إن «بعض الجنرالات والقادة الموقوفين كانوا يدركون أنهم سيقالون خلال (اجتماع) المجلس العسكري المقبل. كانوا يعلمون بأنهم على اللائحة .. لقد رأوا بطريقة ما في (الانقلاب) الوسيلة الأخيرة للحؤول دون ذلك»، في أول اعتراف رسمي بوجود لائحة مُعدّة مُسبقاً تشمل عددا من الإقالات.
وفيما يحاول حكم أردوغان الإيحاء بسيطرته على الموقف، والقضاء على الانقلابيين ومن يؤيدهم، إلا أن القيود التي فرضها على تحركات القطاعات العسكرية المختلفة، وابتعاد أردوغان نفسه عن العاصمة، واستمرار الاستنفار الأمني العالي، كلها مؤشرات على أن النظام ليس مطمئنا الى نجاحه بالتخلص من الخطر القائم.
وفي مؤشر إضافي على هذا الخطر، اضطرت الحكومة التركية الى نفي التقارير التي تحدثت عن فقدان الاتصال بـ14 سفينة حربية تركية بعد محاولة الانقلاب.
وكانت صحيفة «التايمز» البريطانية قد ذكرت أن قائد القوات البحرية التركية الأدميرال فيسل كوسيلي، متوارٍ عن الأنظار منذ محاولة الانقلاب، ومعه 14 سفينة حربية، بينها فرقاطة ضخمة، وليس معروفاً ما إذا كان من بين الانقلابيين الفارين، أم أنه محتجز لديهم منذ ذلك الوقت. وأشارت الى أن السفن الـ14 التي وصفتها بـ «المفقودة»، كانت في الخدمة الفعلية في بحر إيجه أو في البحر الأسود يوم الجمعة.
أما صحيفة «حرييت» التركية، فقد أشارت الى أن مروحيتين عسكريتين ما زالتا مفقودتين، بالإضافة إلى اختفاء 25 عنصراً من القوات الخاصّة، كانوا على متن المروحيتين في الطريق إلى الفندق في مرمريس، حيث كان يقضي اردوغان إجازته.
غولن وأميركا
توعّد رئيس الحكومة بن علي يلديريم، في كلمة ألقاها في البرلمان اتسمت بالتحدّي، باجتثاث أنصار غولن. وقال: «أنا آسف لكن هذه المنظمة الإرهابية الموازية لن تكون بعد الآن بيدقاً فعّالاً في يد أي دولة. سنجتثّهم من جذورهم حتى لا تجرؤ أي منظمة سرّية على خيانة شعبنا مرة أخرى».
وأعلن أن أنقرة أرسلت أربعة ملفّات إلى واشنطن (لطلب) تسليم «الإرهابي الأكبر»، في إشارة إلى غولن، لكنه أكد أن تركيا ستلتزم بسيادة القانون ولن تكون مدفوعة بالرغبة في الانتقام أثناء محاكمة المشتبه فيهم بتدبير محاولة الانقلاب.
لكن غولن، أكد في مقابلة مع وسائل إعلام بينها وكالة «فرانس برس» في مقرّ إقامته في منطقة بنسلفانيا، أن الولايات المتحدة «دولة قانون»، مضيفاً أن القانون «فوق كل شيء هنا. لا أعتقد أن هذه الحكومة ستكترث لأي شيء لا يستند إلى القانون»، واصفاً محاولة الانقلاب بأنها «خيانة للأمة التركية».
ونفى مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية أن تكون بلاده قد تلقّت أي طلب رسمي من تركيا لتسليم غولن «حتى الآن»، على الرغم من إعلان الحكومة التركية أنها ستُقدّم الطلب.
/+++++++++++++++++++++++/
الأخبار//
الأوروبيون يستفزّهم «الحليف المفضّل»: فقاعة أم انحدار العلاقة؟//
“بينما ترفع السلطات التركية من وتيرة «تطهير البلاد»، يظهر الاستياء الغربي واضحاً، وهو كان قد وصل قبل أيام إلى إعلان باريس أنه ليس لدى تركيا «شيك على بياض».
قد يكون من المبكر معرفة إلى أي مدى سيذهب الأوروبيون في مواقفهم التصعيدية حيال تركيا، لكن ذلك لا ينفي وجود مؤشرات تحوّل ظاهر من شأنه أن ينهي سنوات شاقة من مفاوضات دخول أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي.
ويرتبط راهناً تحوّل الموقف الأوروبي مباشرة بتصرفات أنقرة عقب فشل الانقلاب الأخير، إذ تتهمها العواصم الأوروبية بانتهاك أسس «دولة القانون» ومعاهدات سبق لها التوقيع عليها. ولعلّ «إعلان الحزب الحاكم في تركيا ــ كما حزب الشعب الجمهوري المعارض ــ نيته إعادة العمل بعقوبة الإعدام يشكل نقطة تحول كبيرة في العلاقة التركية ــ الأوروبية، تصل إلى درجة تهديد عضوية أنقرة في مجلس أوروبا (المرتبط بالاتحاد الأوروبي بصورة غير مباشرة)»، وفق ما تقول لـ«الأخبار» الباحثة التركية في مركز «ايدام»، دنيز يشيل.
ومن شأن العودة إلى تطبيق عقوبة الإعدام التي يصرّ عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن «تخلق جدلاً بين شركاء تركيا في الغرب، أي في أوروبا والولايات المتحدة، لأنها خطوة ستقرأ بمثابة عدم رغبة تركيا في التماشي مع المعايير والقيم الأوروبية»، وفق يشيل.
وعلى الرغم من إعطاء الأوروبيين لتلك «القيم» أهميةً قصوى، فإن احترام أنقرة لها لم يكن المحرك الوحيد للعلاقة بين الطرفين. فعام 1999، تمكنت تركيا بعد شوط طويل من تحصيل صفة «مرشح» لعضوية الاتحاد الأوروبي، من دون أن تكون قد طبّقت كافة المتطلبات الضرورية، لكنّ الأوروبيين أدركوا في حينه أهمية التقرّب من أنقرة «لأنها حجر أساس في أمن المنطقة واستقرارها… ولأنّ الموقف الأوروبي أتى في ذلك الحين نتيجة تحول في السياسة الأميركية نحو تركيا»، وفق الباحثة في «مركز السياسات الأوروبية»، أماندا بول. وعلى الرغم من الانتقادات التي كانت تصدر أحياناً من جهات أوروبية ضد «سلطوية» حكم أردوغان وعدم احترامه لحرية الصحافة والرأي، فإن ذلك لم يمنع استمرار التعاون في ملفات عديدة، أوّلها ملف الهجرة، ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى التعاون في مجال الطاقة (التعاون في مشروع خط أنابيب الغاز العابرة للبحر الأدرياتيكي).
من هنا، فإن موقع «الحليف المفضّل» الذي تتمتع به أنقرة لدى كل من الأوروبيين والأميركيين، والذي لم يتأثر في العام الأخير بالتصرفات «غير الديموقراطية» لرجب طيب أردوغان، قد لا يكون عرضة لتحول دراماتيكي حقيقي، خصوصاً في ظل «ارتباط الاتحاد الأوروبي وأنقرة بعلاقات اقتصادية واجتماعية واستراتيجية وسياسية معقدة»، وفق ما تعتبر الباحثة الإيطالية في الشؤون الأوروبية ناتالي توتشي، التي توضح خلال حديثها إلى «الأخبار» أن «العلاقة بين الطرفين تتضمن أيضاً حواراً حول العلاقات الخارجية والعلاقات السياسية». إلا أنّ الباحثة الإيطالية تستدرك بالقول إنّ «الإطار الأهم للعلاقة الأوروبية التركية، أي عملية توسيع (الاتحاد الأوروبي وانضمام تركيا إليه)، من المرجّح أن يتوقف»، وهي رؤية أعرب عنها العديد من السياسيين الأوروبيين خلال الأيام الماضية، مذكّرين بأنّ «ملف انضمام أنقرة» شكّل الحجر الأساس الذي بنى عليه مؤيدو خروج بريطانيا في حملتهم الأخيرة.
ومع ذلك، فلا يمكن معرفة أفق تدهور العلاقة بين الطرفين، خصوصاً في ظل «الانزعاج» الأميركي الواضح من تركيا. وتذكر «إيكونومست» البريطانية، أول من أمس، أن «الأميركيين يرون أن تركيا غير ملتزمة تماماً بالحرب على داعش»، فيما «لا يخفي وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، إطلاقاً، نفوره من الرئيس التركي». وتشير المجلة إلى «وجود أصوات في الكونغرس الأميركي تدعو إلى استبدال قاعدة إنجرليك الموجودة في تركيا بقاعدة أخرى في المنطقة»، ولذلك «فإن تركيا بحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى صداقة الولايات المتحدة… وعلى أردوغان أن يتوقف عن تهديد هذا التحالف».
/++++++++++++++++++++++++++++++++++/
اللواء//
حملة التطهير: إيقاف ١٥ ألف موظف في وزارة التربية وسحب تراخيص مؤسسات إعلامية//
أوباما يؤكد لأردوغان دعم «حكومته المنتخبة» ويبحث معه تسليم غولن//
“أعلن البيت الأبيض،أمس أن الرئيس الأميركي باراك أوباما بحث في مكالمة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، قضية تسليم «فتح الله غولن» إلى السلطات التركية داعيا إياه الى ضرورة اعتماد اساليب «تعزز ثقة الشعب في المؤسسات الديموقراطية ودولة القانون» خلال التحقيقات لكشف المتورطين في الانقلاب الفاشل.
وذكرت مصادر في الرئاسة التركية، أن أوباما أعرب لأردوغان، خلال الاتصال وقوف بلاده «إلى جانب الديمقراطية» في تركيا، مجددا إدانته لمحاولة الانقلاب الفاشلة، التي شهدتها تركيا الجمعة الماضي.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست في الموجز الصحفي اليومي، أمس من واشنطن، «إن الإدارة الأميركية تلقت طلباً تركياً رسمياً لتسليم غولن».
وأضاف أن أوباما أعرب خلال مكالمته الهاتفية مع أردوغان عن «التزام الولايات المتحدة القوي بدعم الحكومة المدنية المنتخبة في تركيا»، متعهدًا بتقديم «أي مساعدة إلى أنقرة التي تقوم بالتحقيق لمعرفة تفاصيل ما حدث بالضبط».
وكشف إرنست أن الإدراة الأميركية كانت قد تلقت طلباً رسمياً من الحكومة التركية لتسليم فتح الله غولن بحسب اتفاقية تبادل المطلوبين بين البلدين والتي تم توقيعها قبل 30 سنة من قبل حكومتي البلدين في ذلك الوقت.
ولفت إلى أن أوباما شدد لأردوغان على أن «الولايات المتحدة لا تدعم الإرهابيين، أو الأفراد الذين يتآمرون من أجل إسقاط الحكومات المنتخبة ديمقراطياً».
وبحسب إرنست، فإن موظفين في وزارتي الخارجية والعدل يقومون بدراسة ومراجعة الوثائق التي قدمتها تركيا لاتخاذ قرار يتلاءم مع بنود الاتفاقية الموقعة بين البلدين والمتعلقة بهذا الأمر.
وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم اكد أمس ان حكومته ارسلت ملفات الى الولايات المتحدة لطلب تسليم غولن.
وقال للبرلمان «لقد ارسلنا اربعة ملفات الى الولايات المتحدة لـ(طلب) تسليم كبير الارهابيين»، مضيفا «سنقدم لهم ادلة اكثر مما يريدون».
من جهته ورداً على سؤاله عن احتمال ان تسلمه الولايات المتحدة الى انقرة اكد غولن ان ليس لديه «اي مخاوف» بهذا الصدد، معتبرا ان طلب تسليمه محكوم بالفشل.
وذكر غولن بان الحكومة سبق ان طلبت تسليمه بدون جدوى اثر فضيحة الفساد التي هزت تركيا عام 2013 وتسببت باستقالة ثلاثة وزراء، موضحا «لم تكن هذه طلبات قانونية، فلم تعرها الحكومة الاميركية اهتماما ولم تنظر اليها بجدية».
وقال غولن ان الولايات المتحدة «دولة قانون»، مضيفا «ان القانون فوق كل شيء هنا. لا اعتقد ان هذه الحكومة ستكترث لاي شيء لا يستند الى القانون». وحث غولن الحكومة الاميركية على عدم تسليمه.
الى ذلك وسع نظام اردوغان أمس حملة التطهير لتشمل قطاعي التعليم والاعلام في اطار استهدافه انصار غولن.
فقد أعلنت وزارة التربية التركية أمس تعليق عمل اكثر من 15 الفا من موظفيها يشتبه بارتباطهم بشبكة غولن.
وقالت الوزارة في بيان «تم تعليق عمل 15 الفا و200 موظف في وزارة التربية (…) وفتح تحقيق في شان هؤلاء الافراد».
من جهته طلب مجلس التعليم العالي في تركيا استقالة عمداء الكليات الرسمية وتلك الملحقة بمؤسسات خاصة الـ1577 على ما اعلنت وكالة انباء الاناضول الحكومية.
كما اعلن المجلس الاعلى للاذاعة والتلفزيون عن ابطال تراخيص التلفزيونات والاذاعات المتهمة بانها مقربة من غولن.
واشارت وكالة الاناضول الحكومية الى ان هذا القرار يشمل 24 شركة اعلامية، لافتة الى ان 34 صحافيا يعتبرون مقربين من غولن سحبت منهم بطاقاتهم الصحافية.
واشار تعداد لوكالة فرانس برس الى تعليق مهام او تسريح ما لا يقل عن 25000 موظف رسمي بينهم شرطيون واساتذة، في جميع انحاء البلاد في اطار مطاردة «اتباع غولن». ومنع هؤلاء من مغادرة اراضي البلاد.
واعلن نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولوموش ان ما مجموعه 9322 عسكريا وقاضيا وشرطيا هم قيد الملاحقة القضائية، من دون تفاصيل اضافية.
وصرح رئيس الوزراء بن علي يلديريم متحدثا عن انصار غولن «سنقتلعهم بحيث (…) لن يتجرا اي خائن او منظمة ارهابية سرية او منظمة ارهابية انفصالية على خيانة تركيا».
لكنه حاول التعبير عن خطاب متوازن قائلا انه يرفض التعامل «بروح انتقامية» مع الانقلابيين، وانه امر «غير مقبول اطلاقا في دولة قانون» فيما يعرب المجتمع الدولي عن القلق ازاء مسلسل القمع في تركيا.
وعلق المحلل السياسي والجامعي احمد إنسل ان «الجامعات ليست حاضنة لانصار غولن» لكن طلب استقالة العمداء «تهدف الى الفرز» للتمكن من «ابعاد العناصر» المنتمين اليه.
وتابع «انها في الوقت نفسه ردة فعل حيوان جريح، لان السلطة ما زالت تخشى ارتدادات الانقلاب» ومؤشر على «ان السلطة كانت تعد عمليات تطهير مماثلة واغتنمت هذه الفرصة».
/+++++++++++++++++++++++++++++++/
البناء//
تركيا: تصفية الحساب 3 ملايين منع سفر و100 ألف تسريح و30 ألف معتقل//
كيري يقود الحلفاء لترجمة تفاهم موسكو و«حماية المدنيين» وطائراته تقتلهم//
العسيري يصعّد ضدّ حزب الله… وفضل الله: تلاعُب بالأدلة في فضائح الاتصالات//
“دخل المشهد التركي مرحلة الخطر والضوء الأحمر مع بلوغ إجراءات الانتقام وتصفية الحساب التي تقودها جماعة الرئيس رجب أردوغان أرقاماً خيالية لضحاياها الذين بلغوا، وفقاً لمصادر رسمية تركية، ثلاثة ملايين مواطن ممنوع من السفر، ومئة ألف طردوا من وظائفهم أو أقفلت المؤسسات التي يعملون فيها وباتوا بلا وظيفة، وأكثر من ثلاثين ألف معتقل، لتسجل رقماً قياسياً في إجراءات عقاب جماعي يحوّل تركيا إلى سجن كبير، ما أثار اهتماماً دولياً وإقليمياً نابعاً من خطورة انفجار هذا البلد الكبير والمهمّ بحجمه ومكانته الجغرافية، وموقعه في حروب المنطقة وأزماتها. وفيما بدأت نداءات المنظمات الحقوقية تتصاعد لفرض عقوبات مالية ووقف بيع السلاح لتركيا والتلويح بإخراجها من اتفاقيات الشراكة والتحالفات، تصاعدت الأزمة التي فتح أبوابها الرئيس التركي مع واشنطن تحت عنوان المطالبة بتسليم الداعية فتح الله غولن، بينما تصاعدت الأزمة مع الاتحاد الأوروبي مع التلويح بالمضيّ في إعادة العمل بعقوبة الإعدام في تركيا.
الحدث التركي الذي يشغل بال العالم بتداعياته، لم يمنع التصرف على قاعدة أنّ ما يجري في تركيا أفقد دولة إقليمية مشاغبة فرصة تعطيل التفاهمات الكبرى التي تضمّ موسكو وواشنطن لصناعة مسار جديد للحرب على الإرهاب وإطلاق مسار المحادثات السياسية في جنيف على قاعدة أولوية الحرب على الإرهاب وتأجيل القضايا الخلافية التي تعطل فرص تفاهمات سورية لحشد القوى المستعدّة للانخراط في هذه الحرب، بينما كان الأميركيون يحصدون المزيد من الفشل في قدرة الجماعات المدعومة منهم للسيطرة على المزيد من المواقع من تنظيم داعش. فمع الفشل في دخول الرقة فشلت قوات سورية الديمقراطية بإتمام السيطرة على منبج، بينما كانت قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ترتكب مجزرة تودي بحياة قرابة المئتين من المدنيين، فيما كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري يقود حوارات مع حلفائه وضعها تحت شعار كيفية المساهمة بالتفاهم مع موسكو بحماية المدنيين في سورية.
لبنانياً، بدت الأوضاع السياسية تحت ضغط موجة تصعيد سعودية قادها السفير السعودي علي عواض العسيري بمواقف عدائية ضدّ حزب الله، ساحباً من التداول موجة تفاؤل افترضت تبدّلاً سعودياً يسهّل التوصل إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي ضمن سلة متكاملة وفق العنوان الذي طرحه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بينما سجلت لجنة الاتصالات النيابية ما وصفه رئيسها النائب حسن فضل الله بفضيحة الفضائح المتمثلة بالتلاعُب في مسرح الجريمة الذي أضاع الكثير من الأدلة الضرورية لكشف فرضيات التجسّس وسواها من وقائع التشغيل غير الشرعي لقطاع الاتصالات وخصوصاً خدمات الإنترنت.
الاصطفاف الإقليمي والمعادلة ذاتها
لا مؤشرات توحي باختراق حقيقي في الملف الرئاسي من اليوم حتى شهر آب المقبل. الإقليم يتحرك. الوقائع تنزلق بشكل هائل بعد الحالة الانقلابية التي حصلت في تركيا. لا يزال الاصطفاف الإقليمي محافظاً على المعادلة ذاتها، لذلك فإما أن يستمرّ الفراغ في قصر بعبدا الى أجل غير مسمّى أو أن يسير تيار المستقبل بالعماد ميشال عون رئيساً، وينجح رئيس حزب القوات سمير جعجع بإقناع حليفه الرئيس سعد الحريري بحضور جلسة انتخاب الرئيس، ويضعان حزب الله امام مسؤولية موقفه بترشيح عون، بدلاً من أن يسترسلا الطرفان القواتي والمستقبلي في رمي الاتهامات جزافاً ضد حزب الله. ويبدو أن لا تطور خارج هذين الاعتبارين، فجلسات الحوار المقبلة لن تحمل أي جديد، خاصة أن تيار المستقبل سارع بعد التسوية النفطية بين الرئيس نبيه بري والعماد عون الى عرقلة الاتفاق النفطي عبر مواقف رئيس الحكومة تمام سلام الذي لم يدعُ اللجنة الوزارية النفطية الى الاجتماع ولم يضع المرسومين على جدول أعمال مجلس الوزراء.
الرئاسة والسير بعون
وفي موازاة ذلك أراد رئيس المجلس من خلوة الأيام الثلاثة في الاسبوع الأول من شهر آب، خلوة ربط نزاع. فهو يراهن على متغيرات تحلحل الامور، والاستفادة من الوقت، بغض النظر عن أن لا معطى يمرر الرئاسة إلا السير بعون، لكن ذلك لا يزال غير واضح، خاصة بعد المواقف السعودية في الأيام القليلة الماضية التي عبّر عنها السفير السعودي علي عواض عسيري. هذه المواقف تؤكد أن المملكة لا تزال تنتهج سياسة عرقلة اي استحقاق داخلي، وأنها باتت طرفاً في الصراع الداخلي اللبناني، وتدخلها المباشر مكمل لتدخلها في الشؤون البحرينية والسورية والعراقية، إلى حد أن الحكومة العراقية تكاد أن تتخذ قرار طرد السفير السعودي من العراق.
قرر السفير عسيري القفز فوق أداء حلفائه الذي لم يغير من وجهة النظر السعودية في وقائع ومجريات الأحداث في لبنان، ولجأ إلى الهجوم المباشر ضد حزب الله. دعا كبار مسؤولي «حزب الله» إلى الكفّ عما أسماه «اعتماد أسلوب التعمية وتشويه الحقائق»، وحثّ اللبنانيين لـ «أن يسارعوا الى إراحة وطنهم عبر إنهاء الأزمة السياسية التي تكبله، بدءاً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأن يضعوا حدّاً لمهاترات الجهة السياسية التي تخطف لبنان، وتعيق انتخاب الرئيس الجديد».
وفي كلمة ألقاها خلال حفل العشاء الذي اقامه مجلس العمل والاستثمار اللبناني في السعودية مساء أمس، في فندق الفورسيزونس لتكريمه قال «لا يمكنني أن أتجاهل المواقف التي صدرت عن كبار مسؤولي «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة التي اتهمت المملكة بأنها تعرقل انتخاب رئيس للجمهورية. بربّكم ألم يعد هناك احترام لعقول اللبنانيين؟ أيعتقدون أن الشعب اللبناني لا يُميّز بين الحقيقة والرياء؟». ودعا اللبنانيين إلى «العمل على تحصين لبنان من التطورات السلبية التي تطل برأسها من كل مكان».
السعودية أمام هزالة «المستقبل»
ولفتت مصادر مطلعة لـ «البناء» إلى «أن ردّ المملكة على لسان سفيرها في بيروت على حزب الله يأتي ذلك ضمن سياسة جديدة، يبدو أن السعوديين قرروا من خلالها أن يكونوا حاضرين مباشرة في السجال الداخلي اللبناني، وعدم الاكتفاء بموقف الحلفاء في لبنان». واعتبرت المصادر أن «الرياض أدركت ضعف حلفائها لا سيما تيار المستقبل، فالأخير أثبت هزالة في تشكيل عنصر موازٍ لحزب الله ما اضطرها الى النزول مباشرة إلى الميدان للحفاظ على التوازن في المشهد بينها وبين الحزب».
وشددت المصادر على «أن القرار السعودي ينعكس سوءاً على المملكة، إذ يظهرها بمظهر الطرف الداخلي اللبناني وليس كسفارة تحافظ على احترامها المواثيق والأعراف الديبلوماسية الناظمة بين الدول، وتحرص ألا تظهر بمظهر المتدخل في الشأن الداخلي اللبناني، فالسفير السعودي دخل في سجال يومي لبناني لا يدلّ على قوة دور مملكته التي لو كانت واثقة من حلفائها وحضورها، لما وصلت إلى فتح سجال مع أي طرف داخلي».
وفي إطار التضامن مع الراعي السعودي اعتبرت كتلة المستقبل تحميل حزب الله تيار المستقبل السعودية مسؤولية عدم انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان هو التلفيق بعينه، قائلة إنّ هذا الافتراء على الحقيقة أمر مرفوض ومحاولة لقلب الحقائق رأساً على عقب وهمّه التغطية على حقيقة مَن يعطّل لإشغال الرأي العام عن القضية الأساس وهي انتخاب الرئيس.
حوار جافّ في عين التينة
وتوقّفت جلسة الحوار الـ 29 بين حزب الله وتيار المستقبل في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة أمام «ازدياد الحاجة الى تفعيل عمل المؤسسات الدستورية، لا سيما المجلس النيابي نظراً للاستحقاقات التي تفرض نفسها على أكثر من صعيد خصوصاً التشريعات المالية الضرورية». وناقش المجتمعون التطورات السياسية، وأكدوا إدانتهم القوية للاعمال الارهابية في أي مكان ودعمهم داخلياً لدور الجيش والاجهزة الامنية في مواجهة هذه الاعمال. وحضر الجلسة عن حزب الله المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، الوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله، وعن تيار المستقبل مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، الوزير نهاد المشنوق، والنائب سمير الجسر. كما حضر الجلسة الوزير علي حسن خليل.
وأشارت مصادر المجتمعين لـ «البناء» الى «أن الجلسة كانت جافة، بدأت بأجواء متوترة على خلفية تصريحات تيار المستقبل ضد حزب الله، ليتمّ استيعاب الوضع بعد ذلك ومقاربة مجمل الملفات العالقة بصورة عامة والتأكيد على إتمام الاستحقاقات مع تمسك كل طرف بموقفه من قانون الانتخاب ورئاسة الجمهورية».
بري في أوروبا
إلى ذلك يغيب لقاء الأربعاء عن عين التينة اليوم بسبب وجود الرئيس نبيه بري خارج لبنان، في زيارة خاصة إلى إحدى الدول الأوروبية تستمر أياماً عدة.
محاولات للفلفة ملف الإنترنت غير الشرعي
واستكملت لجنة الاعلام والاتصالات برئاسة النائب حسن فضل الله جلستها المخصصة لمتابعة البحث في ملف الإنترنت غير الشرعي بحضور وزير الاتصالات بطرس حرب، على أن تعقد جسلتها التالية في 17 آب. وعلى ضوء الاجتماع قرر المدعي العام ملاحقة العناصر الأمنية المتورطة في حادث الزعرور والتحقيق في المعدات والأجهزة التي دخلت لبنان والادعاء على كل من يظهره التحقيق وقرر الادعاء أيضاً على studio vision . وعلمت «البناء» أن «القضاء سيبدأ استجواب بعض عناصر قوى الأمن الداخلي المسؤولين في المراكز في المناطق التي اكتشفت فيها شبكات الإنترنت غير الشرعي رغم معارضة مديرية قوى الأمن الداخلي.
وأشارت مصادر في اللجنة لـ «البناء» إلى «أن لجنة الاتصالات تقوم بواجباتها، لكنها ليست جهة تحقيق أو محاكمة وإدانة وإذا استمرّت الجلسات على هذا النحو، فلن تصل الى أي مكان وستتحوّل إلى جلسات خالية من الجدية، لا سيما أن تأجيل الاجتماعات لنحو شهر يبعث على القلق من لفلفة الموضوع»، معوّلة على «إصرار فضل الله مواكبة الملف حتى النهاية لحين محاسبة المتورّطين».
ورأت المصادر لـ «البناء» «أن الوزير حرب يتحمّل مسؤولية أساسية كوزير للاتصالات تفوق بكثير تقديم شكوى فقط، فهو لم يُجرِ تفتيشاً وتحقيقاً داخليين ولم يكفّ يد موظفين أساسيين في الوزارة مرتكبين ولا يزالون يتخذون قرارات أساسية في الوزارة ولم يوقف عمل مدير عام اوجيرو عبد المنعم يوسف المرتكب الأول الذي لا يزال يمارس صلاحياته كاملة في الوزارة ويوقع قرارات. أما ذهابه إلى المحكمة وعودته فلا تعني شيئاً إذا لم يوقفه القضاء، فقاضي قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا استمع إلى يوسف أكثر من 3 ساعات في ما يخص ملف الاتصالات ولم يتغيّر شيء».
وتساءلت «هل كانت شبكة الباروك من دون علم الحزب التقدمي الاشتراكي وشبكة الضنية من دون معرفة تيار المستقبل وشبكة الزعرور من دون تواطؤ آل المر؟ وهل حصل التجسس «الإسرائيلي» وكل الخرق الأمني للشبكات من دون معرفة هذه القوى؟ وكيف تستطيع القوى الأمنية كشف مزرعة بقر غير مرخصة في وادي العيشية أمس، ولم تلاحظ تركيب وتشغيل وتوزيع وجباية بدل تأجير شبكات الإنترنت غير الشرعي؟ وما هو تفسير حجم التناقض الهائل الفروقات الكبيرة بين تقرير استخبارات الجيش وفرع المعلومات الذي أودع لدى مدعي عام التمييز وأرسل الى المجلس النيابي وأصبح سرياً وبين تقرير وزارة الاتصالات الذي أجرته أوجيرو عن محطة الزعرور والإنترنت غير الشرعي؟». وأضاف: «القضاء يقوم بالتحقيقات لكن التنفيذ عند وزير الاتصالات، والحكومة للأسف لا تقوم بدورها».
وقالت مصادر نيابية مستقبلية في لجنة الاتصالات لـ «البناء» «إن النقاش في جلسة اليوم لم يدخل إلى عمق الموضوع كما في الجلسات السابقة، كما لم تقدّم الأجهزة الأمنية والقضائية معطيات ومعلومات جديدة»، وتحدّثت عن «محاولات للفلفة الملف على غرار ملفات عديدة سبق أن لُفلفت، لكن اللجنة تقوم بدور جدّي حتى الآن ولديها إصرار للوصول بهذا الملف حتى النهاية وكشف الفاسدين والمتواطئين وعدم السماح بإغلاق الملف».
ودافعت المصادر عن وزير الاتصالات، معتبرة أنه «يتعاطى بجدية كاملة مع الملف ومصرّ على ملاحقة المرتكبين ولا يغطي أحداً من المرتكبين في الوزارة، لكنه أيضاً سيحمي الموظفين من الاتهامات العشوائية إلا في حال إثبات التحقيقات القضائية تورطهم». وشددت على أن «تيار المستقبل لن يغطي عبد المنعم يوسف إذا ثبت خلال التحقيقات الجارية معه أنه مرتكب ومتورط بقضية الغوغل كاش، كما أن يوسف نفسه قال بأنه تحت سقف القانون».
أسود لـ «البناء»: جهات فوق القضاء تعرقل التحقيقات
وأكد عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب زياد أسود لـ «البناء» أن «القضاء يقوم بواجباته في ملف الإنترنت غير الشرعي، لكن هناك جهات فوق وتحت القضاء تعرقل مسار التحقيقات وتعبث وتُخفي الأدلة والمستندات اللازمة التي سيعتمد عليها في تحقيقاته، والقوى الأمنية لا تتعاون معه بشكلٍ كامل ولم تستطع إثبات التزوير الجمركي للمعدات المستخدمة في الشبكات غير الشرعية ولا كشف الشركات التي استوردت الإنترنت غير الشرعي ومن أي دول».
وتساءل أسود: «كيف سيتمكن القضاء من القيام بواجباته في حين لا تتجاوب المؤسسات والإدارات المعنية والتي كرر القضاء أسئلته لها ولم تُجب على مدى ثلاثة أشهر عن المسائل التي تتعلق بالإنترنت غير الشرعي؟». ولفت أسود إلى أن مدير عام أوجيرو شريك أساسي في هدر المال العام واستفادة الشركات الخاصة على حساب الدولة والسوق والمواطنين، فهو أنشأ وغطى هذه الشركات التي باعت الإنترنت للمواطنين والجيش والمجلس النيابي بأسعار عالية، الأمر الذي دفع المواطنين والمؤسسات إلى شراء الإنترنت من خارج الإطار الشرعي». واتهم أسود يوسف بأنه «الرأس المدبر للفساد في هذا الملف، والمؤسف أنه حر طليق فيما القضاء عاجز والقوى الأمنية في مكان آخر».
كباش الموازنة
وعلى وقع كباش الموازنة بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر في ضوء الحسابات المالية العالقة منذ العام 1993 وحتى العام 2010 وصعوبة إجراء قطع لحساباتها. أكد وزير المال علي حسن خليل أنه يقوم بواجبه لجهة إرسالها ضمن المهل الدستورية الى مجلس النواب، وانه لا يمانع من إقرارها بمرسوم إذا تعذر اقرارها في المجلس النيابي. في المقابل أكد تكتل التغيير والإصلاح «ضرورة إنجاز الموازنة، لكن بعد قطع الحساب»، معتبراً أن كل مقاربة أخرى غير متاحة بغياب رئيس الجمهورية. وفي بيان تلاه الوزير السابق سليم جريصاتي عقب اجتماعه الأسبوعي في الرابية برئاسة العماد ميشال عون، أكد التكتل أن التمديد لاستثمار الشركتين المشغّلتين للخلوي يكون بقرار من مجلس الوزراء ولا يكون بقرار من وزير الاتصالات. وسجل التكتل «إيجابية في وضع التقرير المالي الذي يتضمّن اقتراحات جدية بغياب الموازنة»، مشيرًا إلى أنه يخلص الى أن تحسين الأوضاع المالية مرتبط بعاملين هما انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة تفعيل عمل المؤسسات، مؤيدًا إقرار الموازنة لكن بعد قطع الحساب، ومعتبرًا أن كل مقاربة أخرى غير متاحة بغياب الرئيس وتجاوز قطع الحساب.