"هجوم" النائب وائل أبو فاعور على الرئيس العماد ميشال عون مضحك. فقد صرح بأن رئيس الجمهورية لديه نية مضمرة ضد اتفاق الطائف. "الهجوم" مضحك، لأن أبو فاعور لا يقول الحقيقة. فـ"تريو الطائف" ومن بينهم زعيم أبو فاعور النائب السابق وليد جنبلاط. لديهم نوايا تعطيلية مزمنة. وإذا افترضنا أن مواقف الرئيس هي ضد الطائف فعلاً، اي ضد الدستور، فالأحرى بأبي فاعور أن يسأل جنبلاط عن دوره ومسؤولياته منذ عام 1991، في عدم تطبيق الدستور مراراً ومراراً، أي تعطيل اتفاق الطائف.
البناء
بوتين يشرف على أضخم مناورات عسكرية روسية صينية… وتركيا تتعهّد حسم وضع النصرة
بري ينتقل من التشاؤل إلى التشاؤم مع فسحة أمل… وتصعيد اشتراكي بوجه رئيس الجمهورية
الحريري ينتظر تثبيت حصة القوات بـ 3 حقائب ووزير دولة… لينطلق نحو العقد الباقية
التصعيد المسيطر على المشهدين الدولي والإقليمي يكفي للاستنتاج بأننا نعيش الربع الأخير من الساعة في الحروب المشتعلة على مساحة المنطقة، ولسنا على أبواب انتقالها إلى حرب أكبر، كما قال مصدر دبلوماسي واسع الاطلاع. فالتجاذب يدور حول قضايا مصيرية للفرقاء المتقابلين، ويصعب التسليم بالخسارة من الفريق الذي تقوده واشنطن وهو يملك أوراق الضغط التي تمثلها العقوبات، لكنه يكتشف أنها أوراق ستستدرجه للمواجهة المباشرة التي يسعى لتفاديها، كما هو حال الردّ الإيراني المنتظر على العقوبات النفطية، إذا تمّت وفقاً للسيناريو المرسوم أميركياً، بإغلاق مضيق هرمز وما يرتّبه من تحدٍّ ميداني عسكري على الأميركيين. ومثلما كان الوجود الأميركي في العراق بمنأى عن الاستهداف بغطاء قواعد الاشتباك التي توصل إليها الأميركيون مع الإيرانيين، فإن نسف هذه القواعد يجعل القواعد الأميركية مكشوفة أمام قوى المقاومة العراقية. والتهديد الأميركي بتحميل إيران مسؤولية أي استهداف لقواعدها في العراق استجلب رداً إيرانياً قاسياً على لسان قائد الحرس الثوري الإيراني، بتذكير من تنشر قواعدهم في دائرة شعاعها ألفي كليومتر حول إيران، بأن الصواريخ الإيرانية شديدة الدقة ولا يمكن تفاديها.
بالتوازي ربحت موسكو الرهان على معركة موقع أنقرة في السباق مع واشنطن، حيث راهن الأميركيون على جذب تركيا لموقع خارج التحالف مع روسيا وإيران في معركة إدلب، وقدموا لتركيا عروضاً مغرية بتفويضهم ترتيب إدلب بقرار أممي إذا صمدوا بوجه التهديدات الروسية السورية الإيرانية ببدء الحسم العسكري. وكانت حصيلة الثبات الروسي السوري الإيراني استعداد تركيا لتولي أمر جبهة النصرة وسائر الجماعات الإرهابية المطلوب تفكيكها وإخراجها من محافظة إدلب، وبعضها يستحيل التعامل معه بغير القوة العسكرية. وقالت مصادر روسية إعلامية إن مهلة شهر منحت لتركيا لتظهير الجدية في المسار الذي تعهّدت به، والذي يفترض أن تكون الخطوة الحاسمة فيه نهاية هذا الشهر مع انعقاد قمة روسية تركية مرتقبة يحضرها رؤساء الأركان ووزراء الدفاع والخارجية.
لبنانياً، وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري الحالة الحكومية بالـ «مقفلة عالآخر»، منتقلاً بذلك من «التشاؤل» كمرتبة بين التفاؤل والتشاؤم الذي أعلنه قبل أسبوعين، وجاءت صيغة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري التي قدّمها إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وما تلاها من سجالات وتباينات لتنقله إلى التشاؤم، مع فسحة أمل أبقاها للتشاور الذي يُفترض أن يعود بين الرئيسين عون والحريري بعدما عادا من الخارج.
على مستوى المشاورات تقول مصادر متابعة إن الرئيس الحريري الذي عاد برؤية واقعية سياسياً من حضوره لجلسات المحكمة الدولية، وظهور محدودية جدية ما قدّمه الإدعاء العام كأدلة تضعف الدور المأمول سياسياً من المحكمة. وقالت المصادر إن هذه الواقعية التي لا يجوز إنكار خلفيتها الوطنية أيضاً، ستظهر بسعي الحريري لتثبيت حصة القوات اللبنانية عند أربعة وزراء بثلاثة حقائب ووزير دولة والسعي لتحديد نهائي لهذه الحقائب بالتراضي مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، ليحصل بعدها على موافقة القوات، لأنه لا يريد التحرك مرة أخرى على جبهة القوات من دون ضمان مسبق بقبول التيار ورئيس الجمهورية بما يصل إليه. وقالت المصادر إن الحريري يعتقد بأن نجاحه على هذا المحور سيفتح الباب للعقدة الدرزية والاستعانة بالرئيس بري لحلها، وسيتكفل بتقديم عرض لرئيس الجمهورية حول العقدة السنية، وفسّرت المصادر التصعيد الذي بدأه الحزب التقدمي الاشتراكي ضد رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، تحت شعار العهد الفاشل، يأتي تحسساً من الاشتراكي لكونه سيكون الحلقة الثانية للتنازلات بعد حلحلة العقدة القواتية، ولهذا فهو يشجّع القوات على عدم التنازل تفادياً للحظة الصعبة.
في وقت يستعدّ رئيس الحكومة المكلف لجولة جديدة من المشاورات لحلحلة العقد أمام تأليف الحكومة، واصلت المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري جلسات المحاكمة في لاهاي، لكن فريق الادعاء أمس، رفع مستوى اتهامه لحزب الله، فبعد القيادي في الحزب الشهيد مصطفى بدر الدين زُج باسم المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل في التورط بالاغتيال من دون تقديم أي دليل على ذلك سوى ربط داتا الاتصالات بالحيّز المكاني، متبعاً بذلك سياسة الهروب الى الأمام ومزيداً من تضليل الرأي العام والتعمية على ثغرات المحكمة وافتقادها الى الأدلة والقرائن فضلاً عن اعتمادها فرضية واحدة وتجاهلها فرضيات أخرى. وقالت مصادر مطلعة لــ»البناء» إن «المحكمة فقدت ثقة الرأي العام واستمرارها في عملها عبثاً وعبئاً كبيراً على لبنان واللبنانيين وعلى عائلة الرئيس الحريري أيضاً»، مشيرة الى أن «فريق المقاومة لا يعنيه مسألة المحكمة وموقفه بات معروفاً منها مهما بلغت قراراتها، فهي محكمة مسيّسة وأداة أميركية إسرائيلية للاقتصاص من المقاومة ولن تتمكن الولايات المتحدة من ابتزاز حزب الله بذلك، وكما واجه الحزب الحروب والمشاريع الأميركية في العام 2016 وفي سورية وغيرها سيواجه اي عدوان جديد متمثل بالمحكمة». وفي سياق ذلك، أعربت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» أن «المحكمة تثبت للجميع بأنها محكمة سياسية منذ إنشائها حتى الآن. وكلنا يعرف طريقة وظروف تأليفها غير الدستوري فضلاً عن كلفتها المرتفعة من جيوب اللبنانيين في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة»، موضحة أن «موقفنا معروف من هذه المحكمة التي لم تعد مجدية».
الحريري: التعديلات لن تخرج عن التوازن!
بالعودة الى الشأن الحكومي، بدأ الرئيس المكلف سعد الحريري اتصالاته مع مختلف القوى السياسية في محاولة جديدة لتذليل عقد التأليف، وقالت أوساط الرئيس المكلف لـ»البناء» إن «التواصل مع الرئيس ميشال عون ومختلف القوى السياسية لم ينقطع»، مشيرة الى أن «الرئيس الحريري يجري اتصالات بعيداً عن الإعلام وهو يعمل على تشكيل الحكومة على قاعدة احترام التوازنات السياسية وليس فقط نتائج الانتخابات، لأن المجلس النيابي يحاسب الرئيس المكلّف وليس رئيس الجمهورية، لذلك يعمل الرئيس المكلف على إدخال بعض التعديلات التي طلبها عون لكن ضمن سقف هذا التوازن». ولفتت الى أن «الآليات الدستورية لتشكيل الحكومات معروفة، إذ إن المجلس النيابي هو الذي ينظر الى توازنات هذه الحكومة وملاءمتها للدستور ونتائج الانتخابات من خلال منح الثقة أو حجبها». ونفت المصادر أي رابط بين المحكمة والحكومة، مضيفة: «الحريري أعلن موقفه المسؤول والوطني وفصل المحكمة عن الوضع السياسي في لبنان». وعن موقف الحريري حيال أي قرارات جديدة للمحكمة قالت المصادر: «الحريري انتهج منذ سنوات سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن سياسة المحاور، وبالتالي لن ينخرط بأي محور ضد محور آخر، بل تهمه مصلحة لبنان واستقراره».
وعن علاقته بالسعودية لفتت المصادر الى أن علاقته بالمملكة جيدة وسيزورها بعد تأليف الحكومة.
وأكد الحريري في تصريح من بيت الوسط، أنه «مستمر في مساعيه وجهوده الدؤوبة لتشكيل الحكومة الجديدة»، وقال: «بالرغم من الاختلافات والتباينات بين الأطراف السياسية نحن نأمل من خلال تعاطينا الهادئ والمسؤول مع كل الاطراف وتحلينا بالصبر، أن نصل في النهاية الى تأليف الحكومة والمباشرة بحل المشاكل التي تواجه البلد، لأنه من دون التحلي بالصبر ومقاربة الأمور بالحكمة لن نستطيع حل هذه المشاكل والنهوض بالبلد».
هجوم الاشتراكي على بعبدا…
في غضون ذلك، واصل الحزب التقدمي الاشتراكي هجومه على التيار الوطني الحر والعهد ورفع من سقف التصعيد والمواجهة أمس، من خلال موقف النائب وائل أبو فاعور الذي صوّب على بعبدا مباشرة، وقال في تصريح رداً على تصريحات الرئيس عون من ستراسبورغ: لا يزال البعض المستأسد بالسلطة، يعيش ثأره التاريخي ضد اتفاق الطائف وتوازناته وأركانه، وكل الذي يجري هو محاولة يائسة لتجويفه تمهيداً للانقلاب عليه». ولفت الى أن «محور الصراع الدائر حالياً، هو الحفاظ على الطائف أو دفنه كما يريد هذا البعض، وسيسجل التاريخ لهذه الولاية الرئاسية أنها رفعت منسوب الطائفية والشحن المذهبي بين اللبنانيين من قانون الانتخاب الى الخطاب السياسي، وأنها أعادت لبنان سنوات الى الوراء بعكس مسار السلم الأهلي وتضعه مجدداً أمام مخاطر الفتنة التي سعينا وسنسعى لوأدها مهما حاولوا وسنبقى أهل المصالحة وحماتها».
..و«التيار»: جنبلاط يريد تعطيل العهد
في المقابل يرفض التيار الوطني الحر هذا التهجّم العشوائي على التيار ورئيس البلاد، وأشار مصدر نيابي في التيار الوطني لـ»البناء» الى أن «الهجمات الكلامية المتتالية للاشتراكي على التيار ورئيس الجمهورية يثبت أنه يريد تعطيل العهد ويكشف الغضب الاشتراكي بعد أن تمّ إبلاغه من الرئيس المكلف بأنه من الصعوبة بمكان منحه 3 وزراء». ولفت المصدر العوني الى أن «الاشتراكي تعوّد على الاستئثار بالحكم والحصص والتفرد بالتمثيل الدرزي، وبالتالي يعمل على محاربة النهج الجديد الذي يمثله الرئيس عون ورؤيته للمرحلة المقبلة، فكيف يتهم الاشتراكي عون بالطائفية وهو من أركان الحرب الأهلية؟ وأكد بأن «الرئيس عون لن يقبل بمنح النائب وليد جنبلاط الحصة الدرزية الكاملة لأنه لن يقبل وجود أطراف معرقلة لعمل حكومة العهد الأولى وبالتالي تعطيل العهد ولن يتراجع تحت الضغوط السياسية والتهديد بحروب وعقوبات تارة وانهيار اقتصادي ومالي طوراً».
وأسف المصدر لموقف القوات اللبنانية المراوغ والمموّه، بالتهجم على التيار وتحييد رئيس الجمهورية. وهي أول من يستهدف الرئيس عون وعهده. ودعا الرئيس المكلف الى التغلب على الضغوظ الخارجية وابتزاز بعض الداخل واتخاذ خطوات جدية باتجاه حلحلة عقد تمثيل القوات والاشتراكي، موضحاً أن عدم تحديد مهلة للتأليف في الدستور يُتيح للرئيس المكلف بتضييع الوقت ما يضعنا أمام أزمة دستورية وسياسية إذا طال أمد التأليف».
«القوات»: لن نتنازل…
في المقابل، قال نائب رئيس حزب القوات النائب جورج عدوان إن «القوات لا تصعّد أبداً بل تدافع عن حصّة من تمثّل». وإذ أكد أن القوات تريد الحكومة اليوم قبل الغد، قال على هامش مشاركته في جلسة اللجان النيابية المشتركة إن «القوات» وصلت الى مكان لا يمكن أن تتنازل عن حقها التمثيلي»، مضيفاً «أعتقد أن المقترح الذي قام به الرئيس الحريري أقرب الى الواقع. فهو يهدف الى عكس التمثيل النيابي في الحكومة، وإذا هناك أي مقاربة أخرى من أي طرف تجب محاولة حلّ الموضوع».
حزب الله: بعض الداخل يعطّلون التأليف
بدوره، رأى رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أن «المشكلة التي تحول دون تشكيل الحكومة هي أن البعض يستخفّ بفريق سياسي معين، ويرغب في تمثيل فريق سياسي آخر كما يشاء، ولا يريد لهذا الفريق أن يشارك في الحكومة. وبالتالي فإننا من خلال هذه الطريقة والمنطق نقع في الاستنسابية التي لا يمكن أن يرضى من يجب أن يرضوا من أجل تشكيل الحكومة». وقال خلال كلمة له في الجنوب: «نحن لا نقول إن هناك عاملاً وإيحاءات خارجية، ولكن هذه الأمور موجودة ولا نستبعدها، ولكن لا نشير إليها كسبب رئيسي، ولكن لولا الظروف والانتفاخات الداخلية عند البعض، والأهواء الداخلية عند البعض الآخر، لما أمكن للإيحاءات الخارجية أن تتدخّل لتعيق تشكيل الحكومة».
على صعيد آخر، كشف مصدر أردني رسمي لـ»رويترز» أن «سورية والأردن يجريان أول محادثات فنية لفتح معبر نصيب الحدودي المغلق منذ 2015».
الجمهورية
3 أفكار فرنسية لمبادرة تجاه لبنان.. وتحرُّك للحريري لتحقيق التوافق
في ظل التحديات القائمة والتعثر في ولادة الحكومة، برز مشروع تحرك فرنسي تجاه لبنان، لكنّ شكله لم يتحدد بعد، مع العلم أنه ليس بجديد، إذ انّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون كان أبلغ الى السلطات اللبنانية استمرار اهتمام فرنسا بلبنان في هذه المرحلة المصيرية في المنطقة. كذلك ابلغ الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قراره زيارة لبنان، وكانت زيارته متوقعة أواخر ربيع ـ بداية صيف 2018، لكن ما أرجأ موعدها، بعدما كان قد تحدّد مرتين، هو عدم تأليف الحكومة وصدور مواقف لبنانية لا تلتزم سياسة «النأي بالنفس» التي حصل التفاهم عليها بين فرنسا ولبنان أثناء زيارة عون لباريس.
علمت «الجمهورية» انّ افكاراً ثلاثة مطروحة امام ماكرون، ويؤدي السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه دوراً أساسياً فيها:
ـ الاولى، أن تدعو باريس أطرافاً لبنانيين الى لقاء حواري على طريقة مؤتمر «سان كلو» الذي انعقد منذ سنوات.
ـ الثانية، ان توفد باريس مسؤولاً فرنسياً (من مستوى وزير او موفد رئاسي) الى لبنان للاطلاع على الاوضاع فيه وإجراء مشاورات مع مختلف القيادات بلا استثناء لحضّها على إخراج لبنان من ازمته الحالية وتأليف الحكومة، لكي يستطيع المشاركة في مؤتمرات ستعقد في الخارج وسيُطرح فيها مصير المنطقة.
ـ الثالثة، أن يزور ماكرون لبنان، لعلّ زيارته تشكّل صدمة ايجابية للخروج من العقد وتأليف الحكومة.
لكن حتى الآن يبدو انّ الفكرتين الاولى والثالثة، اي الدعوة الى لقاء حواري ومجيء ماكرون، تلقيان معارضة، إذ انّ الادارة الفرنسية، وتحديداً وزارتي الخارجية والدفاع، لا تعتقدان باستعداد الاطراف اللبنانية للتجاوب، سواء مع دعوة فرنسا الى الحوار، او في أنّ ضغط ماكرون خلال زيارته لبنان سيلقى تأثيراً مناسباً. لذلك، فإنّ الاتصالات تركز على الفكرة الثانية، اي ان يزور موفد فرنسي لبنان.
توقيت التحرك
وفي المعلومات انّ فرنسا قررت هذا التحرك بعدما رأت انّ النزاع الروسي ـ الاميركي في سوريا بدأ يأخذ ابعاداً اكثر مما يفترض. كذلك فإنّ فرنسا تتوقف عند تحرك روسيا في اتجاه لبنان، وهو الدولة التي تقيم معها علاقات مميزة منذ قرون ولا ترغب في أن يضعف اي طرف دولي جديد دورها فيه، وتعتبر انه اذا كان هناك من تدويل للوضع في لبنان، فإنّ طريقه يفترض ان يمرّ عبر باريس.
وفي أي حال فإنّ هذا التوجه الفرنسي لا يزال مدار نقاش، ولم يتم اتخاذ اي قرار نهائي في شأنه بعد. علماً انّ السفير الفرنسي كان قد عاد الى لبنان قبل عشرة ايام بعدما أمضى إجازة خاصة في بلاده، وعرّج على باريس حيث التقى مسؤولين في قصر الاليزيه ووزارتي الخارجية والدفاع.
المحكمة
وفيما فرنسا تبحث عن طريقة لإخراج لبنان من ازمته، يغرق اللبنانيون في تفاصيل خلافاتهم السياسية، في وقت تتصدر المرافعات الختامية للادعاء في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في لاهاي الاهتمامات والمتابعة. وقد أكد اليوم الثالث منها على ما ورد الثلثاء لجهة تحميل مصطفى بدر الدين المسؤولية الاساسية عن الجريمة، ووصفته المرافعة بأنه «في أعلى الهرم والمشرف على مخطط جريمة الاغتيال».
وجديد الامس كان ما قاله الادعاء في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عن اجتماع عقد بين الرئيس رفيق الحريري والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في حضور معاونه السياسي حسين خليل، وقد ربط الادعاء بين خليل ومصطفى بدر الدين.
وسيواصل الادعاء تقديم مرافعته الختامية في جلسة اليوم، بعدما شرح أمس بالتفاصيل عن مراقبة موكب الرئيس الشهيد رفيق الحريري وشراء الشاحنة التي استخدمت في عملية التفجير، واختطاف احمد ابو عدس وإعلان المسؤولية زوراً.
جلسة تشريعية
وفي ظل التعثر في ولادة الحكومة العتيدة، يتقدّم الحديث داخلياً عن التشريع، ويبدو انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري مصمّم فعلياً على الدعوة الى عقد جلسة تشريعية قبل نهاية الشهر الجاري. واعتبر بعض المتابعين أنّ هذا التصميم يعني ثلاثة امور:
ـ ان يكون آخر ايلول موعد حَضّ على تأليف الحكومة.
ـ مجرد ان يفكر رئيس المجلس بالدعوة الى جلسات تشريعية قبل التأليف، فذلك معناه انّ هناك خشية من ان تطول الازمة الحكومية اكثر ممّا هو متوقع.
ـ المشاركة في جلسة التشريع يُراد منها توجيه رسائل الى الخارج مفادها أنّ لبنان موجود حتى ولو أنّ الحكومة غير موجودة، وذلك لكي لا تغسل الدول المانحة يديها منه مثلما غسلت الولايات المتحدة الاميركية يديها من وكالة «الأونروا».
كنعان
وعن الدعوة الى جلسة تشريعية، شدّد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان على ضرورة عدم التأخر في المشاركة فيها لعوامل ثلاثة:
ـ العامل الاول: المادة 69 من الدستور تقول انه «عند استقالة الحكومة او اعتبارها مستقيلة يصبح مجلس النواب حكماً في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة». فعندما يتحدث الدستور بنحو واضح ومباشر، لا يعود هناك مجال للاجتهاد، ونحن في وضعية الحكومة تُعتبر فيها مستقيلة بحكم إجراء الانتخابات النيابية وحكومة تصريف اعمال ونحن في دورة تشريعية. فبالتالي عندما يكون النص واضحاً ولا يجوز الاجتهاد فيه، والالتفاف السياسي على الدستور هو مخالفة دستورية. نحن امام نص واضح، والتشريع ليس فقط قانونياً ودستورياً، بل هو ملزم.
ـ العامل الثاني: اضافة الى العامل الدستوري هناك عامل الممارسة. عقدنا جلستين تشريعيتين لتشريع الضرورة، واحدة في تشرين الثاني 2015 والثانية في تشرين الاول 2016 وشاركَت فيها كل الكتل النيابية وكنّا في ظل حكومات مستقيلة.
ـ العامل الثالث: هل نحن امام واقع يجسّد المصلحة العليا للدولة للتشريع؟ هل نحن نشرّع قوانين لا نحتاجها؟ ام لدينا التزامات دولية ومالية يجب احترامها لكي لا نعرّض لبنان لضياع الفرص كمؤتمر «سيدر» وغيره؟ من هذا المنطلق مصلحة الدولة العليا تقتضي ايضاً السير في التشريع لأنّ القوانين المطروحة هي قوانين مالية مطلوبة».
ولدى سؤاله: هل انّ التشريع هو لملء الوقت الضائع وتأثيراته على مشاورات التأليف؟ اجاب كنعان: «لماذا نفكر بهذه الطريقة. هذه مؤسسات دستورية قائمة، والدستور ينظّم عملها ويجب ان تكون ناشطة. هل علينا تغييب كل المؤسسات اذا كانت مؤسسة من بينها غائبة؟ ما هذا المنطق؟».
حكومياً
وعلى الصعيد الحكومي لم يسجل اي جديد، لكن معلومات توافرت لـ«الجمهورية» أفادت انّ الرئيس المكلف سعد الحريري يقوم بمحاولات جدّية لإنتاج مخارج مقبولة بين كل الاطراف وذلك من الآن حتى نهاية الشهر، وهذه المحاولات تتضمن سيناريوهات عدة.
واكّد الحريري مساء امس انه مستمر في مساعيه وجهوده الدؤوبة لتشكيل الحكومة الجديدة، وقال: «على رغم من الاختلافات والتباينات بين الاطراف السياسية نحن نأمل، من خلال تعاطينا الهادىء والمسؤول مع جميع الاطراف وتَحلّينا بالصبر، أن نصل في النهاية الى تأليف الحكومة، والمباشرة في حل المشكلات التي تواجه البلد لأنه من دون التحلي بالصبر ومقاربة الامور بالحكمة لن نستطيع حل هذه المشكلات والنهوض بالبلد».
«التيار»
وقالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية»: «نحن نرحّب بأي مبادرة في اتجاه تأمين إنتاج حكومة وفق معيار واحد يطبّق على الجميع، ويأخذ الانتخابات النيابية ونتائجها مرتكزاً اساسياً. نرحّب بإنتاج حكومة امس قبل اليوم، ونعتبر انّ سلامة العمل الحكومي للمرحلة المقبلة تقتضي ان يكون هنالك احترام كامل لنتائج لانتخابات النيابية، ونحن مع اي سيناريو يأخذ هذا الأمر في الاعتبار او يرتكز على هذا المعيار».
«التقدمي» ـ «التيار»
وعلى جبهة العلاقة المأزومة بين «التيار الوطني الحر» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» على خلفية القرارات المتبادلة بإزاحة موظفين محسوبين على الطرفين، لم يُرصَد أمس تدخّل أي وسيط للتخفيف من أجواء الاحتقان على خط بعبدا-المختارة، في ظل انقطاع جسور التواصل تماماً بينهما وتأكيد مطّلعين صعوبة زيارة جنبلاط لعون قريباً مثلما فعل في تموز الفائت في عزّ الأزمة الحكومية. ويراهن متابعون، في هذا السياق، على احتمال تدخّل المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مجدداً بين الطرفين، كما فعل في مراحل سابقة.
«الإشتراكي»
وقالت مصادر الحزب التقدمي الإشتراكي لـ«الجمهورية»: «نحن أساساً لم نبحث يوماً عن افتعال سجال لا مع «التيار الوطني الحر» ولا مع سواه، والخطوات التي لطالما اتخذها النائب وليد جنبلاط لحماية الاستقرار والسلم الاهلي حتى ولو لم تكن شعبية في بعض المحطات معروفة للقاصي والداني، ولكن التجاوزات التي يرتكبها «التيار الوطني الحر» بدءاً من محاولة تقويض «اتفاق الطائف» والانقضاض عليه مروراً بمسألة الصلاحيات الرئاسية وصولاً الى حركة الانتقام الكيدي في الوزارات في سابقة غير مشهودة في تاريخ لبنان المعاصر، إضافة الى الادارة السيئة لمختلف الملفات الوطنية من غياب اي رؤية لمكافحة الفساد وصولاً الى الإصرار على الحل الأكثر كلفة والأقل استدامة في ملف الكهرباء مع ما يحوم حول ذلك من روائح صفقات، فضلاً عن اللغة الشتائمية والأسلوب التهويلي المعتمد لدى بعض مسؤولي «التيار» الذي عَفا عنه الزمن كل هذه العناوين تؤجّج السجال للأسف ولا تضع له حداً. وبات واضحاً ومعروفاً أنّ لجوء «التيار» ونوابه في استمرار الى لغة الشتائم والتهديد والوعيد مَردّه الى ضعف الحجة السياسية التي لا يملكونها، وبالتالي يدفعون في اتجاه هذا المنحى التصعيدي الخطير، ونحن بطبيعة الحال لن نتوانى عن الرد حيث يجب».
الأخبار
عدم جاهزية سلاح البر: «إسرائيل لن تصمد بمواجهة حزب الله»
«القرصنة الأكبر في تاريخ البلد» من المعلومات إلى مخابرات الجيش
صحناوي تجسس على «كل لبنان»!
دورة التراخيص الثانية للنفط تنتظر الحكومة… والاستكشاف مؤجل حتى أيلول
ماذا يعني تواصل السجال داخل إسرائيل حول عدم جاهزية سلاح البر في جيش العدو لشن حرب ضد أعدائها في المنطقة وعلى رأسهم حزب الله؟ وما هي مفاعيلها السياسية والاستراتيجية، وأي رسائل تنطوي عليها للداخل والخارج؟ وماذا تعني الدعوة إلى تشكيل لجنة تحقيق حول هذه القضية من خارج الجيش (مقال علي حيدر)؟.
لم تمنع خطورة التشكيك بجاهزية القوات البرية لجيش العدو، كما ورد في وثيقة مفوض شكاوى الجنود اللواء اسحاق بريك، دون حصول سجال علني مع قيادة الجيش التي أعلن رئيس أركانها غادي إيزنكوت قبل أيام بأن الجيش جاهز لأي مهمة تلقى عليه من قبل المستوى السياسي. ويؤشر ظهور هذا التباين إلى العلن بأن ما خرج منه ليس إلا القشرة الخارجية من واقع أكثر خطورة مما بدا حتى الآن. ومما يعزز هذا التقدير، أن الوثيقة التي وزعها مفوض شكاوى الجنود على القيادتين السياسية والعسكرية ولجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، وبلغت نحو 200 صفحة، بقيت سرية في معظمها، كما أشارت صحيفة هآرتس، وفي هذه الحالة تعود سريتها لتجنب المزيد من الفضائح وانكشاف نقاط ضعف المؤسسة العسكرية، التي قد يستفيد منها أعداء إسرائيل.
ليس من المبالغة، وصف السجال الحاد المتواصل حول جاهزية القوات البرية، أنه من أخطر التحديات التي تواجه المؤسسة الإسرائيلية بكافة عناوينها، لأنه يتصل مباشرة بدورها الوظيفي الموكل إليها غربياً وأميركياً في المنطقة، وبمستقبل «أمنها القومي»، وقدرة ردعها الاستراتيجي. وفي ضوئها تتخذ القيادة السياسية خياراتها وقراراتها الاستراتيجية، واستناداً لها، تقدم المؤسسة العسكرية توصياتها العملياتية أمام المستوى السياسي. وبالتالي فإن التسليم بعدم جاهزية سلاح البر، أو على الأقل غموضها، يربك القيادتين السياسية والأمنية في تل أبيب، وتتحول إلى قيد يُكبِّل صناع القرار عن الكثير من الخيارات العملياتية، بمواجهة التحديات التي تنطوي عليها تطورات البيئة الإقليمية بشكل عام، والساحة السورية بشكل خاص.
ومن أهم المفاعيل الفورية لهذا السجال العلني، حضور مستوى الجاهزية المتدني للقوات البرية، لدى أعداء إسرائيل، على مستوى الرؤية والتقدير والخيارات التي قد ينتهجها، خصوصاً أن جاهزية جيش العدو تحضر في أي تقدير وضع استراتيجي للمنطقة ولكيان العدو.
مع ذلك، قد لا نكون بحاجة إلى الكثير من المعلومات التي تسربت حتى الآن، انطلاقاً من حقيقة أن إسرائيل التزمت فعلياً بأهم الخطوط الحمراء التي فرضها حزب الله، وتجنبت طوال السنوات الماضية خوض مواجهة عسكرية واسعة معه. ونتيجة ذلك، استطاع الحزب مراكمة قدراته وتطويرها كماً ونوعاً.
في المقابل، ينبغي القول أن قياس جاهزية جيش العدو، وفي هذه الحالة سلاح البر تحديداً، لا تتم بمعزل عن جاهزية وقدرات الأطراف المقابلة، الكمية والنوعية. وبالتالي فإن منطلق أي فهم صحيح لهذا التراجع في تقييم الجاهزية الإسرائيلية، يعود بالدرجة الأولى إلى تنامي وتطور قدرات حزب الله وجاهزيته، التي ساهمت في تقويض مفاعيل التطور الذي شهده جيش العدو على كافة المستويات. وعلى خط مواز، ينبغي القول أن لكل مستوى من العمليات جاهزية تتناسب معها. لذلك فإن الحديث عن عدم جاهزية جيش العدو لا يلغي قدراته التدميرية، ولا قدرته على خوض مواجهات عسكرية دون الحرب الشاملة، وإنما يتم التشكيك بجاهزيته لخوض حرب واسعة، قادر على الانتصار بها.
وليس من الصعوبة تقدير مفاعيل وثيقة بريك حول عدم جاهزية سلاح البر، على الجمهور الإسرائيلي، كون الكشف عنها أتى بعد أيام من إقرار رئيس أركان الجيش، إيزنكوت، بأن الحسم لا يتم إلا عبر المناورة البرية، وهو ما يعني إقراراً رسمياً بأن الخيار الجوي على رغم التطور الهائل الذي بلغه، غير قادر على تأدية المهمة الموكل إليها. وهكذا تكون إسرائيل أمام خيار جوي عقيم وغزو بري متعذر، (الأخبار – الإثنين 10 أيلول 2018).
ما ينبغي الالتفات إليه أيضاً، أنه من غير المتوقع في كل الأحوال، أن تعلن القيادة العليا عن عدم جاهزية الجيش لخوض الحرب ضد حزب الله، لأن مفاعيل وتداعيات مثل هذا الإعلان ستكون خطيرة جداً، في الساحتين الداخلية والإقليمية. فهي ستساهم في تقويض قدرة الردع الإسرائيلي، وتعمق منسوب القلق على الأمن الشخصي والقومي، لدى الجمهور الإسرائيلي. لكن ما دفع بريك ومعه رئيس اللجنة الفرعية لبناء القوة، عوفر شيلح هو الخوف من التقديرات الخاطئة من قبل المستويين السياسي والعسكري بتبني خيارات استراتيجية، تورط إسرائيل في ما قد لا تطيق نتائجه.
حجم الهوة بين تقدير القيادة العسكرية وغيرها من المؤسسات التي تناولت جاهزية الجيش، وخطورة تداعياتها، والقلق من أي حسابات خاطئة، دفع اللواء بريك، إلى الدعوة لتشكيل لجنة من خارج الجيش تهدف إلى فحص جاهزيته، وهي دعوة غير مسبوقة. صحيفة هآرتس عبّرت عن أمرين: القلق العميق من وضع القوات البرية، وعدم الثقة الآخذة بالازدياد من قدرة الجيش على فحص نفسه ومعالجة ما هو مطلوب. ولفتت الصحيفة إلى أن دخول لجنة الخارجية والأمن على خط السجال، ستترتب عليه تداعيات سياسية داخلية.
على خط مواز، بدا أن مستوى جاهزية جيش العدو لم تشغل فقط صناع القرار في تل أبيب، بل امتدت إلى واشنطن، حيث ذكرت صحيفة معاريف، بالاستناد إلى كتاب بوب وودفرد، «الخوف: ترامب في البيت الأبيض»، أن شخصيات أميركية رفيعة المستوى عبرت عن خشيتها الكبيرة للرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن إسرائيل لن تستطيع الصمود أمام هجوم محتمل لحزب الله، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى «كارثة».
وتحدث المسؤول الأميركي الرفيع، من طاقم الأمن القومي، أن حزب الله راكم قدرات صاروخية بلغت حالياً، نحو 150 ألف صاروخ، وأن كل منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية الثلاث، حيتس، مقلاع داوود والقبة الحديدية لن يكون بمقدورها حماية الإسرائيليين. وأضافت أن المسؤول الأميركي أطلع ترامب على «معلومات استخبارية حساسة» تفيد أن لدى حزب الله الآن حوالي 48 ألف مقاتل هم في الخدمة الدائمة. محذراً من أن نشوب مواجهة بين إيران وإسرائيل يمكن أن يؤدي إلى «حرب كارثية» في حال انجرت إليها الولايات المتحدة.
«القرصنة الأكبر في تاريخ البلد» من المعلومات إلى مخابرات الجيش
صحناوي تجسس على «كل لبنان»!
سُرِقت بيانات عشرات آلاف المواطنين اللبنانيين. اختُرقت خصوصياتهم وتعرّض البعض للابتزاز. المشتبه في كونه العقل المدبّر لعملية القرصنة هذه هو الموقوف خليل صحناوي، الذي دخل قراصنته إلى داتا أوجيرو وأجهزة أمنية، وأتاحوا له التحكّم بمعلومات حسّاسة مع القدرة على التلاعب بمضمونها، فضلاً عن التنصت على اتصالات الهاتف الثابت! لكن حتى اللحظة، لم يجد القضاء سبيلاً لاتهام الرجل بارتكاب جناية! الصحناوي اعترف بالاستيلاء على معلومات حسّاسة، من دون أن يعترف بالجهة التي كان يعمل لحسابها. واعترف بقدراته، من دون أن يقر باستخدام هذه القدرات (كالتلاعب بداتا أوجيرو)، ويدّعي نسيان «كلمات المرور» الخاصة بملفاته المشفّرة! ويوم أمس، رفض قاضي التحقيق أسعد بيرم إخلاء سبيله، وقرر إحالة الملف على مديرية المخابرات في الجيش لمحاولة إنجاز ما عجز عنه محققو فرع المعلومات.
لا ينقص الأجهزة الأمنية والقضائية والسياسية سوى الاعتذار من المدعى عليه خليل الصحناوي على توقيفه، ثم تركه حُرّاً. الرجل المدعى عليه بارتكاب أكبر عملية قرصنة في تاريخ لبنان، ضُبِطت في حواسيبه داتا حسّاسة جداً، اعترف أنّه استولى عليها، عبر المقرصِن الموقوف رامي ص، من أجهزة أمنية ومؤسسات رسمية تخصّ جميع المواطنين اللبنانيين. عُثر لديه على ملفات كبيرة مقرصنة بينها عشرات آلاف العناوين البريدية لمواطنين مع كلمات المرور الخاصة بها، عدا عن اختراق قراصنته الإلكترونيين للحساب البريدي لمدير عام جهاز أمني والضابط المسؤول عن الشؤون التقنية في الجهاز، فضلاً عن اختراق البريد السري للمديرية الأمنية وقرصنة مواقع وزارتي الداخلية والاقتصاد وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وعدد من المصارف. غير أنّ كل ما تقدّم، يُعدّ «تافهاً» أمام خطورة استيلاء الصحناوي على مفاتيح التحكم بهيئة أوجيرو، وحصوله على قدرة التنصت على مكالمات جميع الخطوط الثابتة في لبنان، وكشف استخدامات المواطنين للإنترنت على هواتفهم الخلوية والحصول على معلومات عن حساباتهم المصرفية. ليس هذا فحسب، إذ أتاح له هذا الاختراق التلاعب بمضمون «داتا الفوترة» في «أوجيرو»، وإمكان إدخال تعديلات عليها، من دون ترك أي أثر إلكتروني. غير أن الصحناوي قال «كلمة شرف» أمام المحققين: «صحيح لدي هذه الإمكانية منذ العام ٢٠١٣، لكن صدقاً لم أستعملها أو أتلاعب بها.
احتفظت بها فقط»! والأنكى من ذلك أنّ أحداً لا يستطيع إثبات حصول التلاعب من عدمه. «لماذا احتفظت بكل هذه المعلومات ولمن أعطيت هذه الداتا؟» هذا السؤال بقي لُغزاً. «حشرية بس»، هذا كان جوابه. دفع الصحناوي آلاف الدولارات ليحتفظ بالمعلومات لنفسه؟ لم يُزوِّد أحداً بهذه المعلومات! لا أحد… هكذا يقول! كذلك فإنه لا يُقدِّم تبريراً لظهوره في صورة مع مقرصنة إسرائيلية في أحد مؤتمرات أمن المعلومات الدولية أو حتى تفاعله معها على مواقع التواصل الاجتماعي. وبحسب المصادر، فإنّ الملفات التي عثر عليها المحققون في عشرات الكومبيوترات المحمولة الخاصة بصحناوي، وعشرات «الأقراص الصلبة» المخصصة لتخزين البيانات، تُقسم إلى ثلاث فئات. الأولى أعطى كلمات المرور الخاصة بها. والثانية تلك التي تمكن فنيو فرع المعلومات من فك تشفيرها. أما الفئة الثالثة فتلك التي زعم الصحناوي أنّه لا يذكر كلمات المرور الخاصة بها وهي مشفّرة بطريقة يكاد يكون مستحيلاً اختراقها. وبحسب اعتراف الصحناوي، المدعم بأدلة تقنية، فإن كل الملفات المقرصنة الموجودة في حوزته حصل عليها من المقرصِن رامي ص. والأخير زعم أنه كان يمنح نتاج عمله في القرصنة لخليل لأن للأخير في ذمته مبلغاً مالياً، فزوّده بالداتا بدلاً من المال.
وبحسب الملفات الموجودة في حوزة القضاء، فإن كل ما تقدّم ثابت بالدليل وباعترافات الموقوفين. لكن لا يزال النقاش على المستوى القضائي محصوراً في ما إذا كان ما ارتكبه الصحناوي يُعدّ جنحة أم جناية! ألا يُعدّ تخريب منشآت الدولة جناية تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد كما يرد في قانون العقوبات اللبناني؟ ماذا عن اجتهادٍ قضائي، يُكرِّس عُرفاً، قد يُشكّل عقوبة رادعة أمام ارتكاب جريمة بهذا الحجم؟ ألا يعني الاكتفاء بالادعاء على الموقوف بجنحة التعدي على نظام المعلوماتية في مؤسسات الدولة تستّراً على مجرم؟
يوم أمس، مَثل الصحناوي أمام قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم الذي تسلّم نتائج التحقيقات الإضافية من فرع المعلومات، تتضمن تناقضات في إفادة الموقوف الصحناوي، لكنها لا تقطع الشك باليقين في شأن دافعه للاستيلاء على هذه المعلومات. كما أُرفِقت بدراسة مطابقة بين إفادته وإفادة المقرصن رامي ص. غير أنّ فرع المعلومات عجز عن فك الجزء الأكبر من الملفات المشفّرة التي عُثر عليها على حواسيب صحناوي، على رغم أنّ المحققين أنفسهم فرّغوا الحواسيب الثلاثة الخاصة بالمقرصن رامي ص. ويبدو أنّ نتيجة عمل فرع المعلومات لم تُقنع قاضي التحقيق، فردّ طلبات إخلاء سبيل الموقوفين الثلاثة المقرصنان إيهاب ش. ورامي ص. وخليل الصحناوي. وكلّف مديرية المعلوماتية في أوجيرو التحقيق للتثبت في شأن حصول تلاعب في «داتا» الهواتف الثابتة، علماً أن تقنيين معنيين بالقضية يجزمون باستحالة التثبت مما إذا كان صحناوي قد تلاعب فعلاً بالداتا أم لا. كذلك أصدر بيرم استنابة طالباً إحالة الملف مع المضبوطات إلى مديرية المخابرات في الجيش. وهذه الخطوة تشكّل سابقة بأن يقوم قاضي التحقيق بسحب الملف من فرع المعلومات المعروف بأنّه الأقدر تقنياً، ويُسلّمه للجيش بعد عجز فنّيي «المعلومات» عن فك تشفير مئات الملفات الموجودة في حواسيب صحناوي. وحتى مساء أمس، لم يكن المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود قد أحال استنابة القاضي بيرم على استخبارات الجيش. وتجدر الإشارة إلى أنّ الصحناوي اخترق تقريباً، جميع مؤسسات الدولة الرسمية المدنية والأمنية، باستثناء الجيش. أما السبب، فذكره في إفادته أمام قاضي التحقيق بأنّه كان يتواصل مع أحد ضباط الجيش لتزويد المؤسسة العسكرية بنظام حماية متطور في أمن المعلومات.
دورة التراخيص الثانية للنفط تنتظر الحكومة… والاستكشاف مؤجل حتى أيلول
أشهر عدة ستتأخر مرحلة الاستكشاف النفطي في لبنان. وكذلك يبدو أن التأخير سيطاول إطلاق دورة التراخيص الثانية، ربطاً بالتأخير في تشكيل الحكومة. لكن في المقابل، فإن التحضير للاستكشاف قد بدأ بتحديد الحاجات الوظيفية كما بدفاتر الشروط المطلوبة. أما الدورة الثانية، فلا يزال النقاش مستمراً في شأنها: فتح المنافسة أمام الجميع أم اجتذاب الشركات الكبرى حصراً (مقال إيلي الفرزلي)؟.
بعد عام كامل، أي في أيلول 2019، سيبدأ تحالف «توتال» و«إيني» و«نوفاتيك» بحفر أول بئر استكشاف في البحر اللبناني (في البلوك رقم 4). تأخر الوقت أشهراً، بعد أن كان مقرراً البدء بالاستكشاف في الفصل الأول من العام المقبل، لكن ذلك لم يكن مفاجئاً للعاملين في المجال النفطي، وإن سُجّل أكثر من تحفظ سياسي، ربطاً بإعادة تحريك شركة «انيرجيان» اليونانية، العاملة في حقل «كاريش» الإسرائيلي، لعجلة عملها وتحديدها موعداً لبدء التنقيب. فتأخير الاستكشاف في لبنان سيعني حكماً تأجيل الاستكشاف في البلوك رقم 9 إلى نهاية العام 2019 أو بداية العام 2020، انطلاقاً من أن الشركة أشارت في خطة عملها إلى أن الاستكشاف سيبدأ في البلوك رقم 4 على أن يليه مباشرة الاستكشاف في البلوك رقم 9 (Back to Back). وإلى ذلك الحين، فقد بدأت شركة «توتال»، الشركة المشغلة في التحالف الذي يضمها إلى شركتي «إيني» و«نوفاتيك»، بتحضير دفاتر الشروط الخاصة بالخدمات التي يتطلبها عملها، وأهمها آلات الحفر. كذلك، علمت «الأخبار» أن الشركة وضعت هيكليتها الوظيفية التي تحتاجها للتنقيب في لبنان، وهي ستكون مخالفة لكل التوقعات التي دأبت على التفاؤل بتأمين عدد كبير من الوظائف. إذ يبدو أن الشركة ستعمد إلى ترشيق هيكليتها في لبنان، بحيث لا تحتاج في المرحلة الأولى التي تتضمن التحضير للاستكشاف، أكثر من 20 موظفاً، يتوقع أن يكون 80 في المئة منهم لبنانيون، كما ينص دفتر الشروط.
وبالتوازي، تعكف وزارة الطاقة على التحضير لدورة التراخيص الثانية، المتوقع إطلاقها في بداية العام المقبل. لكن حسابات الحقل قد لا توافق حسابات البيدر، فإذا لم تشكل الحكومة قبل ذلك التاريخ، وهو أمر لن يكون مستغرباً، فإنه لن يكون بالإمكان إصدار مرسوم تأهيل الشركات وتحديد البلوكات التي ستفتح في دورة الترخيص. مع ذلك، فإن الجهد الذي تقوم به الوزارة لا يزال تحت سقف قرار مجلس الوزراء الذي اكتفى، في جلسة 16 أيار الماضي (ما قبل الأخيرة)، بـــ«الاطلاع من وزير الطاقة على التحضيرات لإطلاق دورة التراخيص الثانية لمنح رخص بترولية في المياه اللبنانية». وهو ما يعني عملياً الموافقة على إجراءات التحضير للدورة الثانية التي كان وزير الطاقة قد طلب من هيئة إدارة البترول المباشرة بها. وبحسب المعلومات، فإن هذه التحضيرات لا تزال مستمرة، في سعي الوزارة لإنجازها بسرعة. وفي سياق هذه التحضيرات، فإن النقاش لا يزال مستمراً في شأن إعادة تحديد الشروط المطلوبة، ربطاً بالخبرة التي اكتسبت من دورة الترخيص الأولى، لا سيما ما يتعلق بالمؤهلات المالية والتقنية والقانونية والبيئية المطلوبة.
وعليه، فإن النقاش لم يحسم بعد في شأن هذه المؤهلات، فهناك في الوزارة من يؤيد بقاء المعايير التي وضعت في الدورة الأولى على حالها، لا سيما ما يتعلق بالمواصفات المالية والتقنية، تأكيداً على أولوية استقطاب الشركات الأبرز في العالم. ففي تلك الدورة اعتُمد مبلغ العشرة مليارات دولار كحد أدنى لرأس مال الشركات التي يسمح لها بالمشاركة. أصحاب هذا الرأي يؤكدون أن لبنان الذي تأخر نحو ست سنوات لإطلاق الدورة الأولى لم يعد يمكنه المخاطرة بتقدم شركات صغيرة لا تملك الملاءة المالية المطلوبة أو القدرات التقنية للعمل في الأعماق الكبيرة، كما هي الحال في البحر اللبناني. في المقابل، فإن آخرين يؤكدون أهمية زيادة المنافسة في الدورة المقبلة، وعدم حصرها بعدد محدود من الشركات، عبر تخفيض الشروط التقنية وتخفيض الشرط المالي. بعض الاقتراحات لتحقيق هذا الهدف وصلت إلى حد الاكتفاء بأن يكون رأس مال الشركات المتقدمة مليار دولار فقط (ثمة طروحات أخرى تدعو إلى أن يكون 5 مليارات دولار). وهؤلاء يأملون بأن يساهم تخفيض مستوى الشركات بالسماح بدخول شركات لبنانية إلى التحالفات التي يفترض أن تتقدم إلى دورة التراخيص، خصوصاً أن الشركات الكبرى لم تبد في الدورة الأولى أي حماسة لإدخال شركات لبنانية لا خبرة لديها في القطاع، في تحالفاتها، علماً أن هذه الشركات عقدت شراكات مع شركات أجنبية صغيرة تعمل في قطاع النفط والغاز، آملة أن تكون مؤهلة للدخول في أحد الائتلافات المتنافسة.
من يخشى فتح الباب أمام الشركات الصغيرة، يدعو إلى استخلاص العبر مما يجري عند العدو الإسرائيلي، فشركة «نوبل انيرجي» الأميركية، التي تعتبر شركة صغيرة تأخر عملها لسنوات، بسبب عدم قدرتها على استثمار بعض الحقول المكتشفة، كما اضطرت للدخول في شراكات عدة لتأمين التمويل المطلوب. أما شركة «انيرجيان» التي تملك حقوق استثمار حقل كاريش المحاذي للحدود اللبنانية، فقد تأخرت لسنتين في بدء التنقيب، بسبب حاجتها إلى تمويل يقدّر بنحو مليار ونصف المليار، تمكنت في النهاية من تأمينه من خلال قروض مصرفية مرتبطة بعقود وقعتها مع شركات إسرائيلية لتزويدها بالغاز بعد إنتاجه.
وفي هذا السياق، فقد بدا تحذير الرئيس نبيه بري بمثابة الإنذار الجديد بوجوب تحريك عجلة الحكومة، لأن التأخير يسمح للإسرائيليين ببدء استثمار الحقل، بما يعنيه ذلك من احتمال استثمار مكامن غازية مشتركة. وهذا تحديداً ما يقلق بري، الذي سبق أن دعا إلى التحرك بسرعة لمنع الاعتداء على الحق اللبناني. فأين هي الحكومة التي يفترض بها أن تتحرك «للدفاع عن ثروتنا النفطية وسيادتنا الوطنية وحدودنا البرية والبحرية»؟
اللواء
الرياضة تتغلّب على السياسة: لبنان يفوز على الصين 92-88
الفريق الجنبلاطي يكسر الجرة مع العهد .. والمحكمة تكشف تفاصيل مثيرة تسبق الإغتيال
تغلبت الرياضة على الخواء السياسي، الموزع بين توقف مشاورات تأليف الحكومة، والحملات المتبادلة بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتركي وحليفه حزب «القوات اللبنانية» واتهامهما بعرقلة تأليف الحكومة، وتبرئة ساحة الرئيس المكلف من هذه التهمة، وانصرف السياسيون والرسميون ومنهم الرئيس المكلف نفسه إلى متابعة المباراة الحاسمة بين منتخب لبنان ومنتخب الصين، بمشاركة ومواكبة زهاء 7 آلاف متفرج، على المباراة بين لبنان والصين في مجمع نهاد نوفل بذوق مكايل.
فقد نجح لبنان بتحقيق الفوز على ضيفته الصين، في افتتاح المرحلة الثانية من التصفيات الآسيوية المؤهلة لبطولة العالم لكرة السلة التي تستضيفها الصين سنة 2019.
وانتهت المباراة بفوز لبنان بعد وقت اضافي 92-88، الوقت الاصلي 77-77.
وكان لبنان حل ثانيا خلف الاردن في المرحلة الاولى من التصفيات، وسافر منتخبنا بعد المباراة مباشرة الى نيوزيلندا ليلعب بضيافتها بالمرحلة الثانية من التصفيات الحالية.
ويسعى لبنان الى المشاركة في بطولة العالم للمرة الرابعة بعد انديانابوليس 2002 واليابان 2006 وتركيا 2010.
وسارع الرئيس ميشال عون إلى مباركة فوز المنتخب اللبناني في كرة السلة على الصين ضمن تصفيات كأس العالم، آملاً حصول «المزيد من الانتصارات للتأهل إلى كأس العالم».
كما هنأ الرئيس المكلف سعد الحريري في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، منتخب لبنان في كرة السلة بفوزه. وقال: «مبروك فوز منتخب لبنان لكرة السلة على المنتخب الصيني، خطوة كبيرة نحو رفع اسم لبنان في بطولة العالم. دائماً معكم».
سياسياً، تحتشد المناورات الروسية في ميدان تسوغول، ويتوعد جنرال إيراني «القوات الاميركية» على بعد مئات الكيلومترات، كل ذلك على خلفية ما تحضّر الولايات المتحدة، على الأرض للحؤول دون سقوط «إدلب» السورية بيد دول المحور الروسي – الإيراني – السوري، والجماعات المسلحة الحليفة له، وتمضي «الوزارات» التي تصرّف الأعمال في حرب من نوع آخر، تقضي بالاقتصاص الكيدي من وزراء حزبيين، في «حكومة استعادة الثقة» المستقيلة، فيما المشهد التأليفي يراوح بين تبرئة «عونية» للرئيس المكلف من عرقلة التأليف، وتفاؤل في عين التينة من نوع «ما اضيق العيش لولا فسحة الأمل..». في وقت قرّر فيه، الفريق الجنبلاطي، كسر الجرة مع العهد، والانتقال إلى معارضة رئيس الجمهورية بصورة مباشرة وعدم تحييده عن المواجهة مع التيار الوطني الحر.
وكشفت مصادر مطلعة لـ«اللواء» عن مسعى جديد بشأن صيغة حكومية لم يكشف عنها فإذا كتب لها النجاح يتم تأليف الحكومة اما اذا لم تقدم التسهيلات اللازمة فان ما من حكومة في المدى المتظور. ولفتت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة الى ان اي زيارة لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا لن تفضي الى اي شيء في حال لم يكن هناك من مخرج للأزمة الحكومية. واوضحت ان الصورة لا تزال ضبابية في هذا المجال. وقالت ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على استعداد لتقديم كل التسهيلات اللازمة من اجل المساهمة في تشكيل الحكومة سريعا.
صيغة جديدة
وفي ضوء ما أعلنه أمس الأوّل، يبدو ان الرئيس الحريري يتجه إلى اعداد صيغة جديدة توازن بين ما يطمح إليه وما يرضي «شريكه الدستوري» في التشكيل، أي الرئيس عون.
لكن السؤال الكبير يبقى حول موعد اللقاء الذي يفترض أيضاً ان يحصل بين الرئيسين عون والحريري، وما إذا كان هذا اللقاء سيحصل قبل سفر رئيس الجمهورية إلى نيويورك والمقرر مبدئياً في الثلث الأخير من الشهر الحالي، أي بعد الثاني والعشرين من أيلول، علماً ان سفر عون إلى نيويورك ومعه تشكيلة حكومية جديدة من شأنه ان يعطي الزيارة، والمحادثات التي سيجريها على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، دفعاً سياسياً قوياً، يُبدّد الشكوك التي تحيط في كواليس المجتمع الدولي، نتيجة استمرار الفراغ الحكومي.
وتتحدث بعض المعلومات عن ان الصيغة المعدلة التي يسعى إليها الرئيس الحريري تتضمن منح «القوات» ثلاث حقائب خدماتية وأساسية مع حقيبة دولة اسوة بغيرها من القوى السياسية، وهو يسعى لاقناع «القوات» بهذا العرض، إلا ان «القوات» تنتظر طبيعة العرض لتحدد موقفها من الحقائب، فإذا كانت معقولة فقد تقبل بحقيبة دولة، لكن يبقى على الحريري مسألة معالجة مطلب الرئيس عون تمثيل كتلة الوزير طلال أرسلان، عبر الحل الوسط وتمثيل النواب السنة المستقلين.
وأكد الرئيس الحريري أمس، انه مستمر في مساعيه وجهوده الدؤوبة لتشكيل الحكومة الجديدة، آملاً في الوصول إلى النهاية السعيدة من خلال التعاطي الهادئ والمسؤول مع كل الأطراف والتحلي بالصبر، على الرغم من الاختلافات والتباينات بين هذه الأطراف، مشدداً على انه «من دون التحلي بالصبر ومقاربة الأمور بالحكمة لن نستطيع حل المشاكل التي تواجه البلد والنهوض به».
وقال الحريري خلال استقباله مساء أمس في «بيت الوسط» حوالى 70 طالباً من جامعة «ستانفورد» الأميركية، يقومون بزيارة جامعية إلى لبنان، ان «ما يُميّز لبنان عن غيره من دول المنطقة هو نظامه الديمقراطي وتنوعه»، لافتاً نظر الطلاب إلى «أننا نعيش في منطقة تسودها الاضطرابات والحروب، لكنه بقي بفضل الله تعالى وإرادة اللبنانيين وحرصهم على آمنة واستقراره بمنأى عمّا يحصل من حوله»، مشيراً إلى انه «لدينا الآن فرصة فريدة للنهوض بالبلد وانعاش الوضع الاقتصادي وحل المشاكل التي نواجهها وفي مقدمتها مشكلة النازحين السوريين»، مؤكداً بأنه يسعى لتوظيف هذه الفرصة المتاحة من خلال مؤتمر «سيدر» لإعادة بناء البنى التحتية والنهوض بالبلد ككل».
«القوات» على مواقفها و«الاشتراكي» يصعد
وفي المعلومات، ان «القوات» ما زالت على موقفها بدليل ما أعلنه نائب رئيسها النائب جورج عدوان، على هامش مشاركته في جلسة اللجان النيابية المشتركة، أمس، ان «القوات» وصلت إلى مكان لا يمكن ان تتنازل عن حقها التمثيلي، مبدياً اعتقاده بأن المقترح الذي قام به الرئيس الحريري أقرب إلى الواقع، فهو يهدف إلى عكس التمثيل النيابي في الحكومة.
اما بالنسبة إلى التمثيل الدرزي في الحكومة، فيبدو ان «حرب السجالات» تجاوزت «التيار الوطني الحر» و«الحزب الاشتراكي» إلى المستوى الرئاسي، بحسب ما أظهر الرد الاشتراكي العنيف على موقف الرئيس عون في ستراسبورغ من اتهام العهد بالفشل، حيث فتح عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور نيران الحزب مباشرة في اتجاه بعبدا، بعدما كانت السجالات محصورة على مدى الأيام القليلة الماضية بين كليمنصو و«ميرنا الشالوحي» في مؤشر خطير إلى المنحى الذي بلغته العلاقة بين الطرفين، مستعيدة حقبة بغيضة من الماضي غير البعيد.
ولم يتوان الهجوم الاشتراكي اللاذع على الرئيس عون عن استخدام نعوت هزلية، وأخرى من العيار الثقيل في سياق المقارنة بين خطاب عون امام البرلمان في ستراسبورغ، وخطابه امام الجالية اللبنانية، وهنا بيت القصيد، حيث وصف أبو فاعور هذا الخطاب بأنه «ينضح بروح التحدي والانقسام والاستقواء والتهديد بالسلطة وتكرار ادعاءات الإصلاح، التي باتت نكتة سمجة».
واتهم أبو فاعور في بيانه، من وصفهم «بالبعض المستأسد على السلطة»، بأنه «يعيش ثأره التاريخي ضد اتفاق الطائف وتوازناته واركانه»، معتبراً بأن «كل الذي يجري هو محاولة بائسة لتجويفه تمهيداً للانقلاب عليه».
وعليه، فقد بات من الواضح، ان أي محاولة أو مسعى لتدوير الزوايا في مسألة التمثيل الدرزي في الحكومة، مكتوب له الفشل، قبل معالجة موضوع العلاقة المتوترة بين الرئاسة الأولى والنائب السابق وليد جنبلاط، الأمر الذي دفع عضو تكتل «التنمية والتحرير» النائب محمّد خواجة، التأكيد لـ«اللواء» بأنه «لا يرى مؤشرات على قرب تشكيل الحكومة في المدى المنظور، لأنه لم يلمس أي تطوّر إيجابي حتى الآن، بانتظار المساعي الجديدة للرئيس المكلف»، نافياً ان يكون لمس بعد أي توجه نحو تعديل أو تغيير الصيغة التي تقدّم بها إلى الرئيس عون، بل نلمس تأخيراً ومماطلة في تشكيل الحكومة التي كنا ننتظر تشكيلها في عيد الفطر.
وقال: «أخشى ان ننتظر حتى عيد رأس السنة الجديدة، إذا استمرت المماطلة، وأنا اعتقد ان العقدة الحقيقية هي بين «التيار الحر» و«القوات اللبنانية» وليست في مكان آخر.
لكن مصادر سياسية مطلعة، أبلغت «اللواء» ان كل العقد التي تتداولها وسائل الإعلام نقلاً عن أقطاب تأليف الحكومة، هي عقد وهمية، أو على الأقل قابلة للتذليل والحلحلة فيما لو تحسنت النوابا وتمت مقاربة الملف الحكومي من زاوية المنطق ومن قاعدة رفض الغلبة وتغليب مصلحة لبنان على حساب أي مصلحة أخرى عائلية كانت أم حزبية أو حتى فئوية.
ولفتت إلى ان العقدة الحقيقية وربما الوحيدة هي عقدة الثلث المعطل الذي يريده رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل ليمسك برقبة مجلس الوزراء حتى انتهاء العهد الرئاسي.
تجدر الإشارة إلى ان الرئيس نبيه برّي انتقل أمس من عين التينة إلى المصيلح للمشاركة في احياء مراسم عاشوراء، وفسر ذلك بأنه مؤشر إلى انه لا يتوقع ولادة قريبة للحكومة.
حزب الله
اما «حزب الله» فقد ألمح مجدداً إلى ان مطالب «القوات» و«الحزب الاشتراكي» تعوق التشكيل، إذ رأى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد ان المشكلة التي تحول دون تشكيل الحكومة أن البعض يستخف بفريق سياسي معين، ويرغب في تمثيل فريق سياسي آخر كما يشاء، ولا يريد لهذا الفريق ان يشارك في الحكومة، وبالتالي فإننا من خلال هذه الطريقة والمنطق نقع في الاستنسابية التي لا يمكن ان يرضى من يجب ان يرضوا من اجل تشكيل الحكومة».
المحكمة الدولية
في هذه الاثناء، واصل الادعاء العام في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لليوم الثالث على التوالي، كشف الكثير من التفاصيل المتعلقة بجريمة الاغتيال، وعرض الأدلة المتعقلة باسناد الهواتف للمتهمين الأربعة، وعرض أدلة إضافية ركزت على شهادات زور وإعلان المسؤولية زوراً، ومسألة اختفاء أحمد أبو عدس.
وأعلن الادعاء، في الجلسة المسائية أمس، ان مصطفى بدر الدين هو المتآمر الأساسي وهو في أعلى الهرم والمشرف على عملية اغتيال الرئيس الشهيد، ووجه كل عملية الاغتيال، وان المتهم سليم عياش قاد وحدة الاغتيال وكان معه 4 أشخاص راقبوا الحريري كظله.
وكشف أيضاً، ان بدر الدين كان على اطلاع بالاجتماع الذي حصل في كانون الثاني 2014 بين الرئيس الحريري والأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله في حضور معاونه السياسي الحاج حسين الخليل والصحافي الراحل مصطفى ناصر.
وأكّد الادعاء في الجلسة الصباحية لغرفة الدرجة الأولى ان عياش لم يقم برحلة حج إلى المملكة العربية السعودية برفقة زوجته، مشيراً إلى ان جواز سفره الخاص استخدمه شخص آخر رافق الزوجة كمحرم، معتبراً ان إمكانية تزوير الجوازات كانت كبيرة في تلك الفترة، لأن المعلومات كانت تكتب بخط اليد، ولكن بعد سنوات أصبحت تطبع برموز معينة.
وتطرق الادعاء في الجلسة إلى قضية اختفاء أحمد أبو عدس، مشيراً إلى انه يزعم ان المتهمين أسد صبرا وحسين عنيسي وحسن مرعي متورطون فيها، وان عنيسي لقب نفسه محمّد، مدعياً انه كان مسيحياً واعتنق الإسلام، وطلب من أبو عدس الذي التقاه في مسجد الجامعة العربية تعلم الصلاة، داحضاً كل ما قاله الدفاع من بيانات وشهادات ومستندات، معتبراً انها مزاعم مليئة بالاخطاء، وان أبو عدس لم يغادر من سماه خالد طه ولم يكن مهتماً بالجهد.
وأكّد رئيس المحكمة القاضي راي عدم مطابقة أي حمض نووي لأبو عدس باستثناء الجثة الموجودة في موقع الجريمة، مشيراً إلى سوء إدارة القوى الأمنية في تلك الفترة، وانها لم تكن مثالية، وان لا خلاف بين جميع الأفرقاء على هذا الموضوع.
ويفترض ان ينهي فريق الادعاء مرافعته النهائية اليوم مقدماً تفاصيل جديدة، على ان يبدأ فريق المتضررين تقديم مطالعته، فيما طلب فريق الدفاع تأخير مطالعته إلى الاثنين المقبل.
وعلق الأمير خالد بن سلمان، سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن، على بدء قضاة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الاستماع إلى المرافعات الأخيرة الخاصة بقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005.
وكتب بن سلمان على «تويتر»: «بعد ١٣ عاما من اغتيال الرمز العربي الكبير الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله وباسل فليحان ورفاقهم، جددت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اتهامها لأربعة أعضاء مما يسمى بحزب الله»، مضيفا: «لا يزال قاتلوه أحراراً مستمرين في اختطاف سيادة وعروبة لبنان، ورهنه في أيدي نظام طهران».
وتابع في تدوينة أخرى: «على المجتمع الدولي أن يتكاتف لتحميل قاتلي الحريري، المسؤولية ومعاقبتهم، ووضع حد لسلسلة الاغتيالات السياسية، التي دأبت أنظمة الغدر والدمار على استخدامها في تدمير أوطاننا ونشر الفوضى فيها».