بعد اعتقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس حزب «الشعوب الديموقراطي» صلاح الدين ديميرطاش وغيره من قيادات الحزب، يكاد أردوغان أن يكون قد أخرس آخر الأصوات القوية المعارضة له. كما اعتقلت قوات الأمن التركية النائبة السابقة لـ«الشعوب» صباحات تونسيل في دياربكر أمس. (تونسيل في الصورة)
وتسود الفوضى السياسية في المشهد المحلي في تركيا، بعد الانقلاب الفاشل في تموز الماضي. ويتخذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الحرب على الإرهاب، حجة يبرر بها إعدام خصومه سياسياً وإعلامياً وعسكرياً ووظيفياً، واحداً تلو الآخر. وفي الحقيقة، فإن اردوغان يسير على طريق النظام الرئاسي، ولا شيء يقف في وجهه، فكيف إذا كانت الطريقُ معبدةً بالذرائع؟ هنا، يصبّ اعتقال رئيس حزب «الشعوب الديموقراطي» صلاح الدين ديميرطاش، كتجسيد لانتقام يستحق المغامرة من الحزب الحاكم، كان منتظَراً، بعد تمدّد الحزب المؤيد للأكراد داخل البرلمان منذ حزيران 2015.
ويشكل اعتقال ديميرطاش، ومعه شريكته في تأسيس حزب «الشعوب الديموقراطي»، فيغان يوكسك داغ، تصعيداً في الصراع الدائر مع الأكراد، من دون أن يكون أبداً غير متوقع، رغم كل ما يحمله ذلك من نتائج محتملة وانعكاسات وتأثيرات على الساحة التركية. ويبدو أنه منذ المحاولة الانقلابية في تموز، أن ديميرطاش صوت المعارضة الوحيد في وجه سطوة أردوغان المتّسعة.
وأكد أحد كبار قادة «حزب العمال الكردستاني»، مراد قرة يلان، أمس أن الحزب سيصعّد صراعه ضد تركيا، في أول تعليق لـ «الكردستاني»، الذي يتهم أردوغان «الشعوب» بأنه جناحه السياسي.
وقرّرت محكمة دياربكر وضع ديميرطاش ويوكسك داغ قيد الاحتجاز الاحتياطي، كما وضع خمسة نواب آخرين من «الشعوب الديموقراطي» أيضاً قيد الاحتجاز الاحتياطي، بعدما كان قد تمّ إيقاف 12 نائباً من الحزب المؤيد للأكراد ليل الخميس ـ الجمعة.
وفي نصّ كتبه بيده وقرأه محاميه، قال ديميرطاش إنه ضحية «انقلاب مدني من جانب الحكومة والقصر»، فيما اعتبره النائب في «الشعوب» غارو بايلان «انقلاباً ضد الشعوب الديموقراطي.. انقلاباً ضد التعددية والتنوع والعدالة».
وأمس، وغداة توقيف القياديين في «الشعوب» والنواب المؤيدين للأكراد، اندلعت تظاهرات في أنقرة ومدن تركية عدة فرّقتها قوات الأمن بالقوة.
وسجلت الليرة التركية تراجعاً جديداً أمام الدولار لتنخفض منتصف يوم الجمعة 4 تشرين الثاني الجاري الى 3٫15 ليرات مقابل الدولار لتصل الى مستوى أدنى من ذاك الذي سجّلته غداة محاولة الانقلاب منتصف تموز الماضي.
ومنذ اسبوع أقالت كانت السلطات التركية كثر من عشرة آلاف موظف آخرين. في اطار التحقيقات المفتوحة في محاولة الانقلاب التي حصلت في تموز الماضي، كما أغلقت عدداً كبير من وسائل الاعلام بعضها بتهم موالاة الاكراد، وذلك بحسب ما أكد مرسومان نشرا أمس الأول يوم 29 تشرين الأول الماضي في الجريدة الرسمية. أي في نفس اليوم الذي أعلن فيه الرئيس التركي أعلن أنه سيعرض على البرلمان إعادة العمل بعقوبة الإعدام، معتبراً أن الانتقادات الصادرة عن الدول الغربية بهذا الشأن «لا قيمة لها».
وكشف المرسومان ان عشرة آلاف و131 موظفا في الدولة، وخصوصاً في وزارات التربية والعدل والصحة، أُقيلوا، بعدما طالت حملة التطهير عدداً كبيراً من الموظفين منذ انقلاب تموز الفاشل، كما ينص المرسومان على اغلاق 15 وسيلة اعلام معظمها مؤيدة للاكراد والغاء انتخابات عمداء الجامعات الذين اصبح اختيارهم سيتم من قبل الرئيس رجب طيب اردوغان من مرشحين يقدمهم «مجلس التعليم العالي».
واعتقل اكثر من 35 الف شخص في تركيا في اطار التحقيقات الجارية اثر الانقلاب الفاشل على حكم أردوغان.
وكان رئيس «حزب الشعوب الديموقراطي» صلاح الدين دميرطاش قد علق على اغلاق وسائل الاعلام الموالية للاكراد، قائلاً ان «كل شبكات التلفزيون ستقوم عما قريب بالبث المباشر اذا بدأ اردوغان بالسعال»، مضيفاً في خطاب القاه في ديار بكر أمس أن «السلطات تعزل جميع هؤلاء الاشخاص لأنهم لا يدينون بالولاء لاردوغان».
مركز الحقول للدراسات والنشر
5 تشرين الثاني، 2016