بدأ ملعب قضاء كسروان يغص باللاعبين الذين يريدون الترشح إلى الإنتخابات النيابية. كلّ القوى بدأت تحضير ماكيناتها والعمل من أجل شحذ الهمم، في حين أنّ التحالفات السياسية ما زالت بانتظار تحديد قانون الإنتخابات. ويكتسب قضاء كسروان ــ الفتوح أهمية خاصة في الانتخابات النيابية، كونه يُحدد هويّة «زعيم المسيحيين». منذ دورتي الـ2005 والـ2009 النيابيتين، مثّلت هذه المنطقة حلبة الصراع الأبرز بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لتزعّم كتلة مارونية مؤلفة من 5 نواب. وبفضلها قارع العماد ميشال عون خصومه السياسيين بأنه يمثل الغالبية المسيحية. كان ذلك قبل أن تُفرز التسوية الرئاسية واقعاً سياسياً جديداً. نغمة انتخاب التيار «نكاية» بقيادة معراب، وتذكير الكسروانيين بتاريخ حزبي الكتائب والقوات أيام الحرب الأهلية لشدّ العصب، انتهى مفعولهما. إقفال الحساب الرئاسي فرض أمراً واقعاً جديداً هو أنّ كسروان لن تكون استثناءً في ما خصّ التحالف القائم بين التيار والقوات. يُضاف إلى ذلك، ارتفاع أصوات عونية كانت فيما مضى تعتز بأنّ عون قادر على أن يُحوّل العصا إلى نائب، وباتت اليوم تؤمن بأنّ التيار بحاجة إلى أصوات القوات.
علماً أنّ نتائج الإنتخابات البلدية الأخيرة، خاصة في جونيه، التي خيضت بعنوان سياسي بقيادة العميد المتقاعد شامل روكز، كانت دليلاً لرئيس القوات سمير جعجع بأنّ مشواره في كسروان لن يكون سهلاً. ورداً على ثنائية الرابية (سابقاً) ــ معراب، بدأت تحركات جدية من شأنها السعي إلى تشكيل لائحة مواجهة، قوامها الأساسي نواب المنطقة السابقون. أيار 2017، سيكون الإختبار الأكبر لرئيس الجمهورية ليتأكد إن كان «شعب عون» في كسروان موجة تتحرك بناءً على توجيهاته، أو أنه ستكون له خيارات أخرى رفضاً لثنائية التيار ــ القوات.
الحراك الإنتخابي النيابي بدأ في كسروان وإن كان بوتيرة بطيئة، بانتظار البرّ الذي سيرسو عليه قانون الإنتخابات. قد يكون الوضع الأكثر تعقيداً هو لدى التيار الوطني الحر، لا سيما في ما خص ترشح العميد المتقاعد شامل روكز الذي يؤكد دائماً أنه لا ينتمي إلى التيار الوطني الحر، وأنه سيكون مرشحاً ولو منفرداً، إضافة إلى اشتراطه أن يكون أعضاء اللائحة «على صورته ومثاله»، مع عدم إخفائه معارضته للقوات اللبنانية.
«المشكلة الحقيقية في كسروان أننا لا نملك حصاناً»، توضح مصادر التيار، مرتكزةً إلى نتائج استطلاع الرأي الذي أجري لإختيار مرشحي «التيار» إلى «النيابة» وكانت الأرقام التي حصل عليها حزبيو كسروان مخيبة للآمال، فأعلى نسبة بلغت 13,98% وقد حصل عليها أنطوان عطالله. تُحدد المصادر نقطة ضعفها ولكنها في الوقت عينه تُصر على «ضرورة تمثيل كسروان بمرشح حزبي، تماماً كما فرضنا وجود 6 أعضاء حزبيين في بلدية جونية». قد يكون حلّ هذه النقطة، في اختيار شخص كرجل الأعمال روجيه عازار «سيُدرج اسمه في المرحلة الثالثة (استطلاع للرأي يشمل مرشحي التيار وباقي القوى السياسية). إذا تبين أنه أو غيره مفيدون، تتبناهم القيادة». لكن من شأن ذلك أن يطرح إشكالية أنّ عازار رُفض طلب ترشحه إلى الإنتخابات التمهيدية كونه لا يحوز شهادة جامعية وهو حزبي منذ أقل من سنتين، فعلى أي أساس سيُعاد قبوله؟ في ما خص روكز، تعترف المصادر أنه «رافعة أساسية». لكنها تعبّر عن استيائها من إعلانه تمايزه: «لا يمكنه أن يذهب بعيداً في تحدّي قاعدتنا عبر القول إنه لا ينتمي إلى التيار. بالنتيجة، هنا شعبيته». أما عن موقف العميد المتقاعد من القوات، فترد المصادر: «إذا كان هناك تحالف في كل لبنان، فهل نستثني كسروان من أجل روكز؟ هذه القصة يحلّها العماد عون». علماً أن «بحث التفاصيل لم يبدأ بعد واللعبة تتغير حسب القانون». إلا أنه بات من شبه المؤكد أنّ «النواب الحاليين سيتبدلون»، باستثناء فريد الياس الخازن كونه لا بديل عنه في الجرد الكسرواني. تُحدد مصادر التيار قوتها التجييرية بالـ»23 ألف صوت»، ومع بداية العام «نكون قد انتهينا من تجهيز الماكينة». تعتقد أنّ اللائحة ستضم «روكز والتيار والقوات ومستقلين»، وإن كان للقوات خيار «يُشبه ميشال فرعون في الأشرفية فستُريحنا كثيرا».
كلام المصادر العونية يتوافق مع ما يتردد عن نيّة معراب ترشيح المهندس مارون حلو (مرشح حزب الوطنيين الأحرار سابقاً). إلا أنّ مرشح القوات في كسروان شوقي الدكاش ينفي ذلك، «ترشيحي أصبح معلناً وأنا أُكمل العمل الذي بدأته قبل سنوات». وفي السياسة، «التحالف مع التيار ثابت». بالنسبة إلى روكز، «على الصعيد الشخصي لا مشكلة معه. إذا كان مرشح التيار فعلى راسنا. وإذا ترشح منفرداً فهذا يخلق مشكلة لهم وليس لنا». من المشاكل الأساسية التي تواجه القوات (يُحدد الخصوم قوتها التجييرية بالـ6 آلاف صوت) أن قاعدتها منقسمة بين الحزب ونواب المنطقة السابقين. يقول بعض خصوم معراب: في كسروان، ثمة قواتيون حزبيون، وقيواتيون مع منصور البون، وقواتيون مع فريد هيكل الخازن، وقواتيون مع آل افرام. وبالتالي يُتوقع أن ينتخب هؤلاء من يخدمهم وليس حسب الولاء السياسي. ينفي الدكاش ذلك، «من قدّم طلب انتساب ملتزم قرار القيادة».
في التشكيلة الأولية التي يطرحها التيار العوني لا يرد مرشّح حزب الكتائب، علماً أنهما تحالفا في «البلدية». رغم ذلك، يبدو رئيس إقليم كسروان الكتائبي شاكر سلامة مرتاحاً إلى وضع حزبه مستنداً إلى نتائجه في الإنتخابات البلدية «كانت تجربة ناجحة جداً». العمل الكتائبي لا يزال تقنياً، «سيكون هناك 5 أو 6 ماكينات في كسروان وسنطور الماكينة الأساس ونجري إحصاءات لنقيس حضورنا مقارنة بغيرنا». هناك اتصالات «شبه يومية مع الفعاليات ولكن لم يُبت أي شيء». بات من شبه المحسوم أنّ سلامة سيترشح إلى النيابة، لكنه يرفض أن يؤكد ذلك «بانتظار المشورة الحزبية».
على جبهة النواب السابقين، «نحن مرفوضون من هذا التحالف وهناك حرب علينا»، يقول فريد هيكل الخازن. هو مُرشح واتكاله على «شعور الكسروانيين بأنّهم اختاروا نواباً لم يؤمّنوا حاجاتهم، وغائبين على مستوى العلاقة الشخصية». يعتقد أنه إذا «لم ينل التفاهم (العوني القواتي) 32 ألف صوت، فسيكون وضعهم صعباً». يغيب الودّ عن العلاقة بين الخازن ومنصور البون، ولكنهما دائماً ما يعودان إلى التحالف. لا يزال البون معتكفاً عن الكلام، لم يحسم بعد إن كان هو المرشح أم زوجته سيلفانا شيحا.
يضيق الملعب الكسرواني بالأسماء التي تريد الترشح. إضافة إلى الأسماء التقليدية وممثلي الأحزاب، كان عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار نوفل ضو قد أكّد لـ»الأخبار» في تموز الماضي أنه يعمل على تأليف لائحة. رئيس مؤسسة الإنتشار الماروني نعمة افرام لم يحسم بعد خياره، علماً أن طموحه هو المشاركة في الحكومة. أما الوزير السابق زياد بارود فيؤكد أنه «مرشح إلى الإنتخابات لأنها محطة لكسب شرعية شعبية». ويقول لـ»الأخبار» إنّ تواصله مع الناس لم ينقطع ولكن الاتصالات السياسية لم تبدأ جدياً بعد. كل الأمور محكومة بقانون الإنتخابات».
ليا القزي
الأخبار، السبت ١٧ كانون الأول ٢٠١٦