الاشتباك الانتخابي يُنذر بخرق التهدئة
“بدأت الغيوم السياسية التي تغلف مسألة بت قانون الانتخاب تثير مخاوف لعلها الاولى من نوعها منذ التوصل الى التسوية التي ادت الى انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وتشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري. اذ ان التطورات التي احاطت المواقف السياسية المتعارضة من صيغ المشاريع الانتخابية والتي يتعاظم معها عمليا احتمال بقاء قانون الستين كأمر واقع بات يصعب اختراقه الا بمفاجأة كبيرة لا تبدو حظوظها مرئية راحت ترسم ظلال اشتباك سياسي بين محاور سياسية عدة تتوزع كالآتي: محور يتمثل بـ”التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” يضغط بقوة نحو اجتراح تسوية تأتي بقانون جديد ضمن الفسحة الزمنية الضيقة التي لا تزال متاحة قبل انطلاق مهل القانون النافذ وآلياته. ومحور يتمثل بالحزب التقدمي الاشتراكي يلاقيه ضمنا “تيار المستقبل” يضغط نحو الابقاء على النظام الاكثري. ومحور ثالث يضغط نحو اقرار صيغة النسبية ويتقدمه “حزب الله”. ومع ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يطرح مشروعين يلحظ احدهما الاكثري والنسبي والآخر التأهيل على مرحلتين فان تحذيراته المتكررة اخيرا من بقاء قانون الستين تشكل واقعيا جرس انذار من فوات الاوان امام تسوية ممكنة للاتفاق على قانون جديد. وجاءت الجلسة التشريعية لمجلس النواب المقررة غدا وبعد غد لتطلق بدورها العنان للمخاوف من ضياع المهلة المتبقية امام احتمال التوصل الى قانون جديد بفعل خلو جدول اعمال الجلسة من المشاريع الانتخابية. ومع ذلك يعتبر الرئيس بري ان السير بقانون الستين هو اقل سؤا من التمديد للمجلس للمرة الثالثة “الا اذا حل عقل الرحمن في قلوب المعنيين وتم التوافق على قانون في الايام المقبلة” فيتم عندها ادخال مادة واضحة المعالم في القانون تدعو الى تأجيل تقني للمجلس لا تتعدى مدته ثلاثة اشهر. واللافت في موقف بري انه يشدد على رفض امكان نقل بعض المقاعد النيابية من دوائر الى اخرى وادخال كوتا نسائية على القانون النافذ بما يعني رفضه أي “عملية تجميل” لهذا القانون لانه في نظره “لا يستحق الا الدفن”. ويوجه في هذا السياق رسالة الى الرئيس عون عبر “النهار” تختصر بقوله ان “بقاء الستين هو صدمة للعهد وللبنان وشعبه ومستقبله”.
وسط هذه الاجواء طغى ملف قانون الانتخاب على جلسة الحوار الـ 39 بين “حزب الله” و”تيار المستقبل”، مساء امس في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة وصدر بعدها البيان الاتي: “ناقش المجتمعون ضرورة الاسراع في اقرار قانون جديد للانتخابات يلبي طموحات اللبنانيين. وجرى عرض لنتائج الاتصالات والمشاريع المطروحة، واتفق المجتمعون على تكثيف التواصل خلال الايام المقبلة لتذليل العقبات”.
كما ان المجلس السياسي لـ”التيار الوطني الحر” الذي عقد اجتماعه الدوري الشهري برئاسة الوزير جبران باسيل اتخذ موقفا صارما من موضوع قانون الانتخاب فأكد “ان عدم إقرار قانون جديد للانتخاب يُؤمّن صحة التمثيل وعدالته سوف يعيق كل الحياة السياسية في البلد، لانه عنوان الاستقرار السياسي والمدخل الاساس لبناء الدولة” وحض “كل المعنيين على استكمال المسار الميثاقي الايجابي الذي بدأ مع انتخاب الرئيس العماد عون وتتابع مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الرئيس الحريري، وذلك من خلال اقرار قانون جديد وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، لأن التمادي في التأخير يعني وقف هذا المسار الميثاقي وهو ما لن يقبل به “التيار” وسيواجهه بما له من قوة سياسية وشعبية”. واعلن “ان “التيار” يرفض هذه المماطلة، خصوصاً ان القوانين المتداولة التي يدور حولها النقاش أصبحت معروفة ومحصورة، وبالتالي اصبح لزاماً على الجميع إعطاء الاجوبة والموقف الواضح من الصيغ المطروحة، اذ لا يمكن ان يقبل “التيار” ان يمتثل الشعب اللبناني وكل التيارات السياسية لرغبة البعض ممن يريد اجراء الانتخابات وفق قانون الستين او يريد التمديد للمجلس الحالي للمرة الثالثة. ان هذا الأمر سوف يولّد رفضاً وثورة شعبية مبرّرة و”التيار” سيكون من أوّل روّادها”.
على صعيد آخر وفيما يلقي الرئيس عون اليوم خطابا رسميا خلال استقباله اعضاء السلك الديبلوماسي في قصر بعبدا يتناول فيه توجهات العهد برز كلامه امس عن واقع المسيحيين في المنطقة لدى استقباله وفد اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الاوسط في لبنان الذي تقدمه بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر يازجي والرئيس الاعلى للكنيسة السريانية في العالم البطريرك مار اغناطيوس افرام الثاني. وحذر الرئيس عون من “اننا اذا فقدنا وجودنا السياسي فقدنا وجودنا ككل” واعتبر ان تناقص عدد المسيحيين في دول المنطقة “لا يعود فقط الى الحروب بل ايضا الى عدم وجودهم في ادارة السلطة والشأن العام”. وسلم رئيس الجمهورية الى البطريرك يوحنا العاشر انجيلا اثريا مكتوبا باللغة اليونانية صادره الجيش من احد المطلوبين في التنظيمات الارهابية اعترف بسرقته من دير القديسة تقلا في معلولا في سوريا.
الأخبار
جنبلاط يعيد قانون 2008 إلى قانون 1950
القوات مع النسبية إذا تراجع المستقبل والاشتراكي عن المختلط
التيار: ثورة شعبية ضد الستين والتمديد
يبدو ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يسمح بتسديد ضربة إلى عهده في بدايته، تتمثّل بإبقاء قانون الستين خياراً وحيداً لإجراء الانتخابات النيابية، فقرر المبادرة إلى الهجوم. واولى بوادر ذلك، البيان الذي أصدره المكتب السياسي للتيار الوطني الحر، مهدداً بـ«ثورة شعبية» لمواجهة «الستين» ومحاولة التمديد للمجلس النيابي
هل ما عجزت القوى السياسية عن الاتفاق عليه في 7 سنوات ستكون قادرة على إنجازه في غضون 7 أسابيع؟ في المنطق، الجواب هو بالنفي. لكن يبدو أن بعض القوى السياسية مصمّم على إنجاز تغيير ما في قانون الانتخابات، وقرر مواجهة الحملة التي يشنّها النائب وليد جنبلاط، نيابة عن نفسه وعن آخرين، لتثبيت قانون الستين خياراً وحيداً. وفي هذا الإطار، رفع التيار الوطني الحر مستوى التحدي أمس، إذ هدّد بقيادة «ثورة شعبية». وصدر هذا الموقف بعد اجتماع المكتب السياسي للتيار، برئاسة الوزير جبران باسيل، مؤكداً أن «عدم إقرار قانون جديد للانتخاب يُؤمّن صحة التمثيل وعدالته سيعوق كل الحياة السياسية في البلد، لأنه عنوان الاستقرار السياسي والمدخل الأساس لبناء الدولة».
ورأى المجتمعون أن إقرار قانون جديد وإجراء الانتخابات في موعدها «استكمال للمسار الميثاقي الإيجابي الذي بدأ مع انتخاب الرئيس العماد ميشال عون وتتابع مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة دولة الرئيس سعد الحريري»، و»التمادي في التأخير يعني وقف هذا المسار الميثاقي، وهو ما لن يقبل به التيار، وسيواجهه بما له من قوة سياسية وشعبية».
ورأى المكتب السياسي للتيار أن إبقاء قانون «الستين» هذا الأمر سيولّد رفضاً وثورة شعبية مبرّرة، و«التيار» سيكون من أوّل روّادها. بيان المكتب السياسي للتيار يبدو ناطقاً بما يعجز رئيس الجمهورية عن قوله، بسبب متطلبات موقعه الدستوري. كذلك من الواضح انه يتسلّح بموقفين: الأول، موقف حزب الله الداعم لإقرار قانون جديد للانتخابات من جهة، وموقف القوات اللبنانية التي أبلغت قيادة التيار بأنها، في حال تراجُع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي عن توقيعهما على اقتراح القانون المختلط الذي اتفقا عليه مع القوات، فإن الأخيرة ستُصبح في حل من تعهدها معهما. وبناءً على ذلك، «لن تقف القوات مكتوفة الأيدي، بل ستؤيد أي اقتراح قانون يؤمن صحة التمثيل، ولو كان مطلب النسبية الشاملة الذي يؤيده التيار الوطني الحر وحزب الله». وتعليقاً على بيان التيار، اكتفت مصادر رفيعة المستوى في تيار المستقبل بالقول: «هذا حقهم، لكن في وجه من سيثورون؟». وفيما كان قانون الانتخاب مدار بحث في جولة الحوار بين المستقبل وحزب الله برعاية الرئيس نبيه بري، قالت مصادر المتحاورين إنهم لم يتوصلوا إلى أي اتفاق يمكن التعويل عليه لإنتاج قانون انتخابي جديد.
وفي إطار الضغط لإقرار قانون جديد للانتخابات، برز أمس موقف رئيس حزب الكتائب، النائب سامي الجميّل، الذي قال إن «قانون الستين لا يكرّس المحادل الانتخابية فقط، بل يضرب صحة التمثيل المسيحي وقدرة كل الإصلاحيين والقوى التغييرية على أن تتمثل في مجلس النواب المقبل». واستغرب «غياب قانون الانتخابات عن جدول أعمال الجلسة التشريعية التي ستنعقد بعد يومين، مع أن رئيس الجمهورية دعا إلى دورة استثنائية»، مذكراً «الحكومة ببيانها الوزاري في ما خص قانون الانتخابات». وقال: «منذ تشكيل الحكومة لم تضع أي جلسة لمجلس الوزراء على جدول أعمالها قانون الانتخابات، ولا ذكر قانون الانتخاب على جدول أعمال المجلس النيابي، ولا أي لجنة فرعية في المجلس النيابي تبحث قانون الانتخابات، فما الأمر؟». وسأل: «كيف يتحدث الجميع عن قانون جديد ولا يتحرك حتى الآن؟»، داعياً إلى «وضع القانون على جدول أعمال مجلس النواب، لأن التنصل من المسؤولية غير مقبول تجاه الوعود وطموح اللبنانيين بحياة مؤسساتية ودخول أشخاص جدد إلى المجلس». ووعد الجميّل بالوقوف إلى جانب رئيس الجمهورية «في أي خطوة تهدف إلى إقرار قانون انتخابي جديد». وصوّب على التحالف بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، قائلاً: «لا أحد يقنعنا بأن صحة تمثيل المسيحيين تتأمن بتحالف ما، لأن التحالفات ظرفية والأشخاص ليسوا أبديين».
على صعيد آخر، وفيما استمرت أولوية الحكومة أزمة النفايات وقتل الطيور في محيط مكب الكوستابرافا، يبدو أن البحث الجدي في ملف التعيينات أرجئ إلى حين. وبحسب مصادر وزارية في التيار الوطني الحر، فإن البحث في إبقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في موقعه أو استبدال آخر به، مُرجأ إلى بداية الصيف المقبل. كذلك لم يتطور النقاش بعد بشأن تعيين قائد جديد للجيش خلفاً للعماد جان قهوجي، إذ لم يحسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ما إذا كان يريد لقهوجي أن يستكمل ولايته الممددة حتى نهايتها في الخريف المقبل، ليترك أمر تعيينه إلى حكومة ما بعد الانتخابات، أو أنه سيضع الأمر على طاولة مجلس الوزراء القائم حالياً. فيما تبدو كل التعيينات الأمنية الأخرى مرتبطة بقيادة الجيش.
جنبلاط يعيد قانون 2008 إلى قانون 1950
“كل حديث عن قانون الانتخاب يدور حول قانون 2008، لا السعي الى آخر اياً يكن. صفحة جديدة تفتح على انتخابات 2017 بأحد خيارين لا ثالث لهما: الذهاب فوراً الى القانون النافذ الذي لم يعد احد يرفضه، او تعديله المستحيل.
للواء الراحل محمود طي ابوضرغم، الرئيس السابق للاركان (1984 ــــ 1987)، رأي في وصف كمال جنبلاط: «خلافاً للسياسيين اللبنانيين جميعاً الذين لهم، كالعملة، وجهان، وحده كمال جنبلاط كروي. حتى تستطيع الاحاطة به يجب ان يلحق نظرك به كما لو انك تلحق دوران الكرة. هو يدور كالكرة، ولذا يقتضي ان تلحق بدورانه كي تبصره كاملاً».
لم يكن ابوضرغم جنبلاطياً، بل والت عائلته تقليدياً الارسلانيين وانتخبت كميل شمعون، وقد عرفه صغيراً حينما زار بيت جده في اول حملة انتخابات نيابية يخوضها عام 1932، قبل ان تنتدبه قيادة الجيش بعد اكثر من اربعة عقود مستشاراً أمنياً للرئيس السابق وزير الداخلية (1975 ـ 1976). لم يولّد اقترابه من الزعيم الماروني غضب الزعيم الدرزي، لكنه لم يكن رجله. لم يدن في ما بعد لوليد جنبلاط بتعيينه رئيساً للاركان بعدما فضّل عليه العميد نديم الحكيم. صادق ابوضرغم جنبلاط الاب بعد خصومة، وكذلك جنبلاط الابن. فإذا وصفه يصح في السلف والخلف معاً.
ليس جنبلاط الابن أكثر قلقاً من قانون الانتخاب من ابيه الراحل. أغضبت الاب بداية الدائرة الفردية في انتخابات 1953 و1957 وضعها شمعون ابان رئاسته وكان وراء اسقاطه في انتخابات 1957، مع ان جنبلاط الاب عرف قبل ذلك في انتخابات 1943 و1947 الجبل كله من جبيل حتى الشوف دائرة انتخابية واحدة، وعرفه في انتخابات 1951 دوائر وسطى. فاز في الدورات تلك كلها الى ان وجد في الرئيس فؤاد شهاب ظهيراً من خلال قانون 1960 حفظ له الدائرة الانتخابية التي تريحه، وكانت الشوف فحسب لم يسعه التمدّد الى عاليه وبعبدا. على مرّ الاستحقاقات كلها لم يكن في الامكان فهم جنبلاط الاب الذي نادى في السبعينات بالنسبية، الا من خلال الدوران من حول الكرة لمعرفة مآل قانون الانتخاب حياله: موقعه داخل المعادلة الوطنية، مع الرئيس وفي الحكم، في الموالاة او المعارضة، تحالفاته وكتلته النيابية التي لم يكن يحصيها ــــ كإبنه الآن ــــ مقعداً مقعداً، بل مكانته في قلب النظام برمّته. كثير من كل ذلك يصح على جنبلاط الابن. ها هو الكرة نفسها، لا تبصره الا عندما تبرم من حوله.
في اليومين المنصرمين شاع ان للزعيم الدرزي الحق في ما اعطى الآخرون لأنفسهم فيه، وهو اقتراح قانون الانتخاب الذي يلائم مصالحهم. جهر بتمسكه بقانون 2008 الذي اضحى ظهيره بعدما فرض الاقضية الستة في انتخابات 1992 و1996 والاقضية الاربعة في انتخابات 2000 و2005. ما شاع في اليومين المنصرمين ان لجنبلاط فكرة جديدة يطرحها انطلاقاً من قانون 2008، المستمد من قانون 1960، والمنبثق من تسوية الدوحة، تقضي بتعديله على نحو يدمج قضاءي عاليه والشوف في دائرة انتخابية واحدة، بغية طمأنته الى حصته في مقاعد مجلس النواب، وطمأنة طائفته في محيطها، بعدما اضحى بدوره عالقاً بين حسابي الديموغرافيا والتحالفات، وكلاهما لم يعد وحده يمسك بهما.
لوهلة، اثار اقتراح دمج الشوف بعاليه استغراباً على انها المرة الاولى في قوانين الانتخاب المتعاقبة يُجمع هذان القضاءان في دائرة انتخابية واحدة، وقد مرت على جبل لبنان الجنوبي انواع مختلفة من مقصات التقطيع ما خلا ما طرحه جنبلاط.
ليس الامر كذلك. في قانون الانتخاب الذي صدر عام 1950 واجريت على اساسه انتخابات 1951، قسّم الرئيس بشارة الخوري دوائر الجبل ثلاثاً لم تتكرر من بعد مرة اخرى: الشوف ــــ عاليه، بعبدا ــــ المتن، كسروان (جبيل ضمنها). في دائرة الشوف ــــ عاليه صنع جنبلاط الاب وحليفه حينذاك شمعون وغسان تويني واميل مرشد البستاني انتصاراً مدوّياً هو فوز «الجبهة الاشتراكية الوطنية» بخمسة من نوابها التسعة، نواة معارضة قادت السنة التالية الى ارغام رئيس الجمهورية على التنحي وانتخاب احد اعضائها خلفاً له.
بالتأكيد ما صح حينذاك لا يصح الآن. لا الزمان نفسه، ولا الرجال خصوصاً انفسهم، ولا السياسة نفسها. بيد ان ما يتوخاه جنبلاط الابن اليوم هو الدائرة التي تطمئنه الى حلفائه، ولا تقلقه من خصومه، ولا تنقص في حصته، الا انها تجعله حجر الزاوية في الدائرة الانتخابية.
في الشوف ثمانية مقاعد، لجنبلاط فيها الدرزيان والكاثوليكي والسني والماروني، وعليه ان يتخلى عن السني الثاني والمارونيين الثاني والثالث. في دائرة عاليه خمسة مقاعد، له الدرزي والمارونيان، وعليه التخلي عن الدرزي الثاني (الذي جعله دائماً شاغراً) والارثوذكسي.
لجنبلاط في الشوف حليف واحد هو تيار المستقبل له مقعده السنّي، وخصمان هما التيار الوطني والحر والقوات اللبنانية يريدان الآن ان يصبحا شريكين في الائتلاف، لا اعضاء في لائحة الزعيم الدرزي على غرار إدراج جورج عدوان (2005) وعدوان ودوري شمعون (2009). هذه المرة يجد نفسه امام خصمين مارونيين اثنين متحالفين، من غير المستبعد ان يواجهانه في لائحة منافسة اذا تعذّر تفاهمه معهما على ان ليس في الائتلاف ودائع وعطاءات. الامر نفسه في عاليه يجعله يواجه احراجاً مماثلاً هو ان القضاء سيشهد للمرة الاولى وجود منافسين له فيه. بفضل اصوات الدروز غالبية المقترعين وغياب المرجعية المارونية في عاليه كبرت حصته بحصوله على ثلاثة من المقاعد الخمسة، ومنح الرابع عطية (لطلال ارسلان) والخامس وديعة لحزب الكتائب.
لا يضير جنبلاط الاحتفاظ بالحصص هذه في القضاءين في ظل قانون 2008 الذي يوفرهم له دون سواه. على ان دمج الشوف بعاليه من شأنه ترجيح كفة الصوت الدرزي كي لا يخسر ما قد يرغم على اعطائه اياه سواء بالائتلاف او في معركة اللائحتين.
مع ذلك، من غير المؤكد ان ما يسعى اليه جنبلاط جدياً هو دمج هذين القضاءين وفق قانون 1950، مقدار ايصاده الابواب نهائياً في وجه اي قانون آخر سوى قانون 2008.
اللواء
حراك إنتخابي يسبق التشريع.. وتيار الرئيس يهدّد بـ«ثورة»
عون: السلطة ضمان المسيحيّين.. والإتحاد الأوروبي لإجراء الإنتخابات في موعدها
“يكاد ملف الانتخابات النيابية، بكل عناصره: القانون، المواعيد، المهل، التمديد، التمثيل، والمواقف السياسية، يستأثر بمجمل الحركة السياسية، سواء بين القوى من الداخل، أو بين القوى وعلاقتها مع القوى الأخرى.
وكان الأبرز، عشية استئناف جلسات التشريع، وعشية اجتماع الكتلتين الكبريين في المجلس: كتلة «المستقبل» وتكتل «الاصلاح والتغيير» اليوم، ارتفاع الصوت المسيحي بأحزابه الثلاثة البارزة وهي الكتائب و«القوات اللبنانية« و«التيار الوطني الحر» اعتراضاً على اجراء الانتخابات وفق قانون الستين، في حين كان تيّار «المستقبل» و«حزب الله» يعلنان في ختام جلسة الحوار رقم 39 التي انعقدت مساء امس بينهما في عين التينة، وبحضور كامل طاقمي الحوار، الى جانب وزير المال علي حسن خليل، ممثلاً الرئيس نبيه بري وحركة «امل»، انهما «ناقشا ضرورة الاسراع باقرار قانون جديد للانتخابات يلبي طموحات اللبنانيين»، كما ان الطرفين «اتفقا على تكثيف التواصل خلال الايام المقبلة لتذليل العقبات».
اما الحزب التقدمي الاشتراكي الذي قرر اجراء اتصالات مباشرة مع ممثلي الكتل، فلم يعرف ما إذا كان لا يزال مصراً على الاتصالات أم انه عدل عن هذه الخطوة، مع العلم أن موقفه كان واضحاً بالتمسك بقانون الستين لا غير، أو اي قانون اكثري على شاكلته.
وقال مصدر نيابي متابع لهذا الموضوع ان الحزب سيتحرك للحصول على مواعيد، لكن جلسات التشريع والحكومة ربما تؤخّر اللقاءات مع رؤساء الكتل النيابية.
وبالتزامن مع هذا النشاط الانتخابي، سيكون اليوم للرئيس ميشال عون، خطاب يتناول فيه الأوضاع الداخلية والإقليمية وموقف لبنان منها، في الاستقبال التقليدي لاعضاء السلك الدبلوماسي العربي والدولي العاملين في لبنان، لمناسبة بدء السنة الجديدة.
واستبق الرئيس عون خطابه هذا، بإعلان موقفين يصبان في سياق ما يمكن أن يتطرّق إليه الخطاب:
الاول: تأكيده امام وفد مسيحي من مجلس كنائس الشرق الأوسط أن «الوجود المسيحي يتوقف على الوجود السياسي»، معتبراً أن «تناقص عدد المسيحيين لا يعود فقط للحروب والدبابات والمدافع والطائرات، بل عبر الاغراق بالمال والخوف»، مشيراً إلى ان الذي «يحمي هو وجودنا السياسي، ومشاركتنا في إدارة الشأن العام والسلطة»، معتبراً أن هذا هو السبب الذي أقرّ الاستحقاق الرئاسي لفترة طويلة.
والثاني يتعلق بالموقف الذي أبلغه الرئيس عون لمنسقة الأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ من أن الدعم الدولي للبنان يتزامن مع الجهود التي تبذلها الدولة لتعزيز الأمن والاستقرار، وإطلاق خطة نهوض شاملة، بعد انتظام عمل المؤسسات اثر انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة ونيلها الثقة.
وكانت كاغ جالت، أمس، برفقة نائبها منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة فيليب لازاريني ومدراء مكاتب منظمات الأمم المتحدة في لبنان، على كل من الرئيس برّي في عين التينة، والرئيس سعد الحريري في السراي الكبير، والذي اكد ان ازمة اللاجئين السوريين في لبنان تبقى بالنسبة إليه الموضوع الجوهري والنقطة الاكثر صعوبة وحساسية، لافتاً الى انه ينظر الى المنظمات التابعة للامم المتحدة كشريك أساسي لنا في تحمل أعباء هؤلاء النازحين، داعياً هذه المنظمات إلى اعداد مسح شامل لتواجد هؤلاء وأثرهم على الاقتصاد اللبناني من مختلف الجهات المالية والخدماتية والبنى التحتية.
وفي هذا السياق، أوضحت مصادر مطلعة أن خطاب الرئيس عون سيركز على جملة ملفات داخلية وخارحية واولويات عهده المرتكزة على خطاب القسم، لافتة إلى انه سيتطرق إلى دور لبنان في محيطه والعالم وتميزه بتعايشه المسيحي – الإسلامي، والوضع الاقليمي واهمية احترام القانون الدولي وميثاق جامعة الدول العربية وإبعاد لبنان من الصراعات الخارجية.
وتناول رئيس الجمهورية موضوع النازحين السوريين وضرورة عودة سريعة لهم وألا تتحوّل مخيمات وتجمعات النزوح إلى محميات أمنية، مكرراً انه لا يمكن ان يقوم حل في سوريا لا يضمن ولا يبدأ بعودة النازحين، كما سيكرر اهمية مكافحة الإرهاب.
وأفادت المصادر نفسها أن هذا الخطاب الشامل لن يحيد، عمّا توقف عنده في خطاب القسم حول الاستقرار الأمني، وتطوير الجيش وخطط اقتصادية مبنية على خطط قطاعية واستثمار الموارد البشرية واللامركزية الإدارية والوقاية من الفساد ومكافحته وتفعيل أجهزة الرقابة.
ولفتت إلى انه في ما خص الشق الداخلي من كلمته، فسيصار إلى التركيز على إقرار قانون الانتخابات يؤمن عدالة التمثيل قبل موعد الانتخابات المقبلة.
تجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن 28 وزير خارجية دولة أوروبية طالبوا بعد اجتماعهم أمس في بروكسل باجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ورحبوا بعودة الحياة الديموقراطية إلى المؤسسات اللبنانية، وشددوا على سياسة النأي بالنفس التي يعتمدها لبنان الرسمي تجاه القضايا الإقليمية، كما طالبوا بتنفيذ القرارات الدولية، ومنها القرار 1559.
1 – الرئيس ميشال سليمان أعلن من عين التينة بعد لقاء الرئيس بري انه «افضل ألف مرة أن لا نمدد للمجلس، وأن ننتخب مجلساً بولاية قصيرتة، والأهم هو تداول السلطة، وإدخال تحسينات على قانون الستين»، مؤكداً انه لا يجوز التراجع عن النسبية.
2 – حزب الكتائب على لسان رئيسه النائب سامي الجميل أعلن أن معركته مفتوحة ضد قانون الستين الذي يضرب صحة التمثيل، مذكراً رئيس الجمهورية بخطاب القسم والحكومة ببيانها الوزاري.
3 – «التيار الوطني الحر»، وبعد اجتماع للمجلس السياسي الشهري برئاسة الوزير جبران باسيل، اعتبر أن قانونا جديدا للانتخاب يؤمن صحة التمثيل هو المدخل الأساسي لبناء الدولة، مطالباً جميع المعنيين باستكمال المسار الميثاقي الايجابي لاقرار قانون جديد واجراء الانتخابات في موعدها، معلناً ان التيار لن يقبل التمادي في التأخير، او يمتثل برغبة البعض بإجراء الانتخابات وفق قانون الستين او التمديد مرّة ثالثة للمجلس.
وهدد التيار العوني بأن «هذا الأمر سيوّلد رفضاً وثورة شعبية مبررة، والتيار سيكون من أوّل رواده».
4 – وأكدت «القوات اللبنانية» بلسان مصادرها لـ«اللواء» رفضها اجراء الانتخابات المقبلة على أساس قانون الستين، ومعلنة انها لن تقبل ما يقوله البعض من انها تريد ضمناً الإبقاء على هذا القانون، وان تفهمها لظروف النائب وليد جنبلاط لا يعني القبول بهذا القانون.
وفي إطار متصل، أبلغ وزير مسيحي آثر عدم كشف اسمه «اللواء» ان الفريق المسيحي لن يقبل بأي شكل من الاشكال بإجراء الانتخابات على أساس قانون الستين، معلناً أن جهد «القوات» ينصب حالياً على القانون المختلط، وكاشفاً ان جميع القوى تدرك أن لا انتخابات في أيّار المقبل، والتأجيل سيحصل وربما إلى تشرين الأوّل. (راجع ص3)
في هذا الوقت، تناقش كتلة «المستقبل» في اجتماعها الأسبوعي اليوم، الوضع الانتخابي، في ضوء الأجواء التي عاد بها وفد الكتلة إلى الحوار الثنائي مع «حزب الله».
وأوضحت مصادر نيابية أن الكتلة لا تزال ملتزمة بالمشروع المختلط الذي وضعته مع «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي، وسبق أن وقعت عليه مثل ما فعل ممثلا «القوات» و«الاشتراكي»، وهي تؤكد على ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها، وفق القانون الذي سيتم اعتماده، وهي بالتالي لا تحبذ بالمطلق التمديد للتمديد الحالي، وترى في المقابل، انه لا مانع من الإبقاء على القانون الحالي، في حال ثبت ان هناك استحالة للتوافق على قانون جديد، يعتمد على النسبي أو المختلط.
وتوقعت المصادر أن تشهد المرحلة المقبلة، وتحديداً تلك الفاصلة عن موعد اجراء الانتخابات في شهر أيّار المقبل نوعاً من شد حبال سياسي، خصوصاً وأن بعض القوى السياسية والحزبية، ولا سيما المسيحية، ترى انها متضررة من قانون الستين، وما شابهه من نظام يرتكز إلى الدوائر والاقضية الانتخابية، والتي طالما اشتكت من صيغة الستين التي لا تتيح للمسيحيين اختيار كامل نوابها وايصال ممثليها الحقيقيين الى الندوة البرلمانية.
ومنعاً لاستفحال مشكلة تكدس النفايات وتباطؤ الحلول أصدر القاضي حسن حمدان قراراً قضى بفتح مطمر الكوستابرافا مؤقتاً ولغاية 24 من الجاري، منتقداً الوزارات المعنية وخصوصاً وزارتي الصحة والزراعة والمديرية العامة للطيران المدني لعدم وضع دراسة علمية ذي شأن للمشكلة.
وما بين الإقفال المؤقت والفتح المؤقت وخطر النورس في الجو وخطر النفايات على الأرض يأمل المواطنون أن تنجح الدولة في تأمين الحلول العلمية المدروسة الجذرية والنهائية للمشكلة لكي لا تعود أزمة النفايات مجدداً.
البناء
ترامب يعرض صفقة على بوتين… وموسكو وطهران لتنسيق دعوات أستانة
القضاء المصري يسبق البرلمان «الجزر ليست سعودية» والأزمة «دستورية»
ارتباك سياسي في تقاسم أعباء السير بقانون الستين وجنبلاط يتطوّع «ميثاقياً»
“خلف كمية من الضجيج التي تضمنتها مجموعة من المواقف الصادرة عن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، ناحية اليمين واليسار، باستهداف مستقبل حلف الأطلسي وجدواه، واللوم لإدارة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما لعدم التدخل في معارك حلب لمنع انتصار الجيش السوري، وانتقاد الدور الروسي في سورية، وصولاً للسخرية من ألمانيا وتعاملها مع قضية اللاجئين السوريين، رمى ترامب قنبلة سياسية تضمنت انقلاباً على المسارات التي اعتادتها الإدارات الأميركية المتعاقبة بربط العقوبات على موسكو بسلة من القضايا المتصلة بالسياسات الإقليمية، مثل مستقبل جزيرة القرم، والتدخل في سورية، وسواها، فقال ترامب إنه مستعد لإلغاء العقوبات إذا تم التوصل لتفاهم حول تخفيض الأسلحة النووية. وهو الملف الذي أبدى الرئيس فلاديمير بوتين حماساً للسير فيه وعطّلته إدارة أوباما، انطلاقاً من ربط بوتين للعلاقات الثنائية الروسية الأميركية بالشؤون الثنائية، وفي طليعتها تخفيض الترسانة النووية، وقام بتعليق تنفيذ اتفاقية عدم إعادة استخدام الوقود النووي في صناعة الصواريخ، بعدما ماطلت واشنطن بالتنفيذ لثلاثة أعوام تلبية لطلبات شركات صناعة الأسلحة.
رغم العرض المغري ردّت موسكو بأنها ترى من المبكر الردّ عليه، وقال محللون روس إن موسكو تفضل التعامل مع إدارة ترامب بعيداً عن التصريحات المتداولة في الإعلام والتي لا تشكل أساساً صالحاً بناء علاقات بين دولتين، مثل أميركا وروسيا. وترى أن الأمثل هو الانتظار لحين تبلور إدارة ترامب وتسلّمها مهامها والإفصاح عن سياساتها، على موائد التفاوض ليتم البناء على أسس ثابتة.
بحماوة ترامب ذاتها تقارب تركيا ملف الحوار السوري السوري المرتقب في أستانة، فتجهد لتقديم ممثل جيش الإسلام محمد علوش رئيساً لوفد الجماعات المسلحة، وتتحدّث عن مشاركة أميركية وأخرى سعودية، بينما تلتزم موسكو وطهران الهدوء والتروي وتعلنان أنهما ستنسقان الدعوات، وأن الاتفاق على الحضور ثلاثي روسي تركي إيراني وفقاً لاتفاق موسكو بين وزراء خارجية الدول الثلاث.
في المشهد الإقليمي المشوّش في ضوء التصعيد السعودي في البحرين واليمن، والعجز عن ملاقاة سياسات التفاهمات والتسويات، رغم حراك المبعوث الأممي في الملف اليمني نحو جولات تفاوض جديدة بين صنعاء وعدن، تلقت السعودية صفعة جديدة من القاهرة مع حسم القضاء المصري للموقف القانوني حول اتفاقية تسليم جزيرتي صنافير وثيران المصريتين للسعودية، معلناً في حكم مبرَم لا قانونية ولا شرعية الاتفاقية، في خطوة استباقية لتصويت البرلمان تصديقاً للاتفاقية بطلب من الحكومة المصرية، ما يضع الأمر بنظر الخبراء في دائرة الأزمة الدستورية، فالبرلمان أمام إشكالية النظر باتفاقية سبق تداوله بها حكم قضائي مبرم يبطل مفاعيلها، وبالمقابل هو أمام اتفاقية تمّت إحالتها قبل صدور الحكم القضائي ويفترض بالسلطة التنفيذية استرداد طلبها بضوء الحكم القضائي لا إحراج البرلمان بالمفاضلة بين مسؤوليته بالنظر بالإتفاقية أو الإلتزام بالحكم، لكن على المستوى السياسي يقول برلمانيون مصريون إنهم سيتصدّون لكل محاولة لمناقشة الاتفاقية، بعدما حسم القضاء أمرها، لأن القضية وطنية بامتياز ومسؤولية لحماية القواعد الدستورية بما لا يقبل النقاش.
لبنانياً، لا يزال إهدار دم النسبية يُشغل بال السياسيين المعنيين باستيلاد قانون انتخابي جديد، لجهة كيفية تقاسم أعباء ومسؤوليات العودة لقانون الستين الذين تناوبوا خلال سنتين على إعلان نعيه وسقوطه إلى غير رجعة، بينما قد أكملوا إعداد ماكيناتهم الانتخابية ومرشحيهم على أساسه، وصار المأزق في كيفية الإعلان عن الفشل في التوصل للتفاهم على قانون جديد كمبرر لعودة الحياة لقانون الستين، أو التذرع بضيق المهل. وتظهر مبادرة النائب وليد جنبلاط كمتبرّع لتحمّل هذه المسؤولية إنقاذاً لماء وجه الشركاء الذين يتهربون من هذه المسؤولية تطوعاً سيكتبه له الشركاء، خصوصاً أن الحجة الميثاقية ستكون حاضرة للبناء على الرفض الجنبلاطي للنسبية، لتعطيل البحث في القانون الجديد، تحت شعار «احفظ قديمك جديدك ما بيدوم».
وإذ يعقد المجلس اليوم جلستين تشريعيتين متتاليتين صباحية ومسائية ويستكمل جلسته الثانية الخميس المقبل، يتراجع منسوب التفاؤل بولادة قانون انتخاب جديد وترتفع احتمالات إجراء انتخابات نيابية على قانون الستين كأمر واقع في ظلّ إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بحسب ما نقل عنه زواره لـ»البناء» رفضه بشكلٍ قاطع التمديد للمجلس الحالي ليوم واحد، وأنّ الانتخابات ستجرى في موعدها المقرّر، وامتعاضه حيال برودة القوى السياسية تجاه التوصل الى قانون جديد يعتمد النسبية.
وحضر قانون الانتخاب مساء أمس، على طاولة الحوار الثنائي في جلسته الـ39 بين «تيار المستقبل» و»حزب الله» في عين التينة، ودعا الجانبان في بيان الى «الإسراع بإقرار قانون جديد للانتخابات يلبّي طموحات اللبنانيين».
وحضر الجلسة المعاون السياسي للأمين العام لـ حزب الله حسين الخليل، الوزير حسين الحاج حسن، النائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار المستقبل. كما حضر الوزير علي حسن خليل.
وقالت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ»البناء» إنّ المجتمعين لم يتوصلوا الى صيغة نهائية لقانون الانتخاب، بل تمّ استكمال النقاش حول هذا الموضوع والملفات المطروحة في البلد، لتقريب وجهات النظر حيالها وتدوير الزوايا، ما يساهم في تحقيق أمن البلد واستقراره. ولفتت المصادر الى أنّ «اجتماعات دائمة تعقد بين لجان تقنية من القوى السياسية كافة لمحاولة إيجاد قواسم مشتركة حول قانون الانتخاب»، وأوضحت أنّ تيار المستقبل منفتح على أيّ صيغة تراعي النسبية قريبة من القانون المختلط الذي قدّمه والحزب الإشتراكي والقوات اللبنانية. وهذه الأطراف ترفض النسبية الكاملة في ظلّ النظام الطائفي الحالي ووجود السلاح». كما أكدت أنّ «المستقبل يرفض إجراء الانتخابات على قانون الستين ويرى في القانون المختلط حلاً عملياً وواقعياً في ظل المعطيات والظروف الحالية، لكنه منفتح على نقاش أي صيغة أخرى». واعتبرت المصادر أنّ «رئيس الجمهورية لم يرفض المختلط ولم يعلن أنه سيفرض النسبية الكاملة على الأطراف الأخرى، بل يريد التوصل لقانون يراعي الاعتبارات السياسية والطائفية وهواجس الجميع».
ودعا عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض «القوى السياسية لاستكمال المشاورات على أمل أن نصل لتوافق»، مؤكداً «أننا لن نوافق على التمديد للمجلس والأمور تتعقد يوماً بعد يوم، بما يخصّ قانوناً جديداً». وأوضح فياض أنه «يمكن للنسبية أن تناقش وفقاً للإجراءات التي تجعلها أكثر طمأنة ولا مانع أن نناقش في الدوائر وبعض الإجراءات التقنية الأخرى وحاجة القوى أن تتفاهم في ما بينها»، مؤكداً «أننا لم نستسلم أمام الستين كأمر واقع».
وأشارت مصادر نيابية في تكتل التغيير والإصلاح لـ»البناء» أنّ «الجلسات التشريعية رغم أهميتها في إقرار ملفات ضرورية وأساسية عدة في حياة المواطنين وبنود مالية ملحّة، غير أنّ هدفها التغطية على مظلومية قانون الانتخاب، لأنّ أيّ جلسة لا يكون على رأس جدول أعمالها ملف قانون انتخاب يوحّد لبنان ويجعل منه مشروع حياة ووحدة وطنية لن تحقق التغيير المنشود، فلا أمل بقانون الستين الذي يعيد إنتاج الصيغة السياسية الإقطاعية نفسها»، مشيرة الى أن «توقيع رئيس الجمهورية فتح دورة استثنائية للمجلس يجب أن يشكل فرصة لإنجاز قانون وطني عصري يكون مقدمة لإصلاح شامل في البلد».
ولفتت المصادر الى أنّ «الرئيس ميشال عون مصرّ على قانون جديد للانتخابات وتشديده بشكلٍ دائم على أنّ الانتخابات ستُجرى وفقاً لقانون جديد، هدفه تحفيز الأطراف والقوى كافة على أن تأخذ مصلحة الوطن بالدرجة الأولى، وليس مصالحها الشخصية وحساباتها الانتخابية، ولكن للأسف هذه القوى ستقدم للشعب اللبناني قانوناً متخلفاً ومجلساً نيابياً لن يشبه إلا المجلس الحالي». ولفتت المصادر الى أنّ «الرئيس عون سيضغط في الحكومة باتجاه إقراره قانون جديد، وفي المقابل سيعلن التكتل في الأيام القليلة موقفاً هاماً على هذا الصعيد».
وعلمت «البناء» من مصادر في كتلة اللقاء الديمقراطي أنّ «وفد اللقاء برئاسة النائب وائل أبو فاعور سيقوم بجولة على الرؤساء الثلاثة ثم على القوى السياسية للتأكيد على اعتماد القانون الأكثري في ظلّ المعطيات والتوازنات السياسية والطائفية الحالية»، وأكدت المصادر «رفض اللقاء النسبية الكاملة في ظروف البلد الحالية».
ومن المقرّر أن يُعقد اجتماع اليوم، في السراي الكبير، لإطلاع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على الحلول المقترحة لتطوير الخدمات في المطار والطرقات المؤدية اليه.
وأكد الرئيس عون أنّ «الانسجام قائم في الحكومة الآن بين قطاعات الصناعة والتجارة والزراعة. وهو أمر يقتضي التعاون بين عناصر هذا المثلث بشكل كبير»، كاشفاً عن تدابير مالية قريبة ستتخذ، ومشدّداً على أن «لا زيادة في الضرائب بل هناك تحسين للإيرادات عبر الحدّ من التهرّب الضريبي».
وطالب الرئيس الحريري المنظمات التابعة للأمم المتحدة مساعدة لبنان في تحمّل أعباء النزوح السوري والتمكّن من مواجهة هذه التحديات. واعتبر بعد لقائه الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ أنّ أزمة اللاجئين السوريين في لبنان تبقى الموضوع الجوهري والنقطة الأكثر صعوبة وحساسية، مقترحاً إجراء مسح شامل لانتشار النازحين السوريين وأثرهم على الاقتصاد اللبناني الفعلي، من مختلف الجهات المالية والخدماتية والبنى التحتية.