الزمن حالياً في لبنان هو لـ«الجنون» السياسي، القائم على تجييش المواطنين غرائزياً وشدّ عصبهم من خلال إيهامهم بأنّ وجودهم كجماعات طائفية مُعرّض للخطر. انطلاقاً من ذلك، لا يوجد على طاولة البحث سوى مشاريع قوانين تقود البلاد إلى أنفاق مظلمة. لذلك، تتقدّم الأيام من دون بروز ملامح اتفاق على قانون جديد. ورغم أنّ من المفترض أن يكون الشغل الشاغل لأركان النظام الانكباب على إيجاد صيغة انتخابية قبل 15 أيار المقبل، بعد أن عُطلّ مجلس الوزراء وأوقفت جلسات مجلس النواب لهذه الغاية، لم يُسجّل بعد أيّ خرق في هذا المجال، رغم انقضاء 12 يوماً من مهلة الشهر التي عطّل رئيس الجمهورية فيها مجلس النواب. أما الرئيس سعد الحريري، فلا شيء يثنيه عن المضيّ قدماً في سياسته الرامية إلى إيجاد شرخٍ …
النهار
لا تمديد ولا فراغ و… "ليحي الستين" !
لاءات تتطاير في كل الاتجاهات وفيتوات متبادلة تؤكد الخلاف أو الاتفاق الضمني على عدم المضي الى اتفاق على قانون جديد للانتخاب بما يدفع للعودة الى قانون الستين (المعدل في الدوحة عام 2008) النافذ حتى…
بقية الصفحة مقفلة، "النهار" تطلب اشتراك!.
الجمهورية
غضبٌ في بعبدا وتصميم في عين التينة على الجلسة و«القوات» مع «التيار» «كتِفاً إلى كتِف»
“خلافاً لكلّ ما يُشاع من هنا وهناك عن وجود اندفاعة قوية على مختلف المستويات لإنتاج قانون انتخاب جديد قبل 15 أيار المقبل، فإنّ ما يرشح من مختلف الأوساط يشير إلى استمرار دوران الجميع في حلقة مفرغة، في ظلّ تَباعُد بين المواقف وتضارُب بين المشاريع الانتخابية التي لم يرتقِ أيّ منها بعد إلى مستوى تحقيق عدالة التمثيل وشموليته لشتّى فئات الشعب وأجياله، حسب روحية «اتفاق الطائف». وبدا من المعلومات التي ترشح من أوساط هذه المرجعية المسؤولة أو تلك أنّ قانون الستين بدأ يستعيد «بريقه» ومكانته كقانون نافذ لم يمت رغم إماتة كثيرين له، وأنّه قد يُعتمد مخرجاً من المأزق، بعد إدخال بعض التعديلات الطفيفة عليه، لتُجرى الانتخابات على أساسه بعد تمديد لا يتجاوز خمسة أشهر، وهو ليس تمديداً بمقدار ما هو تعديل مهَل أو استعادة المهَل نفسها التي أسقِطت قبل موعد الانتخابات التي كانت مقرّرة في 20 أيار، علماً أنّ البعض ما زال يُبدي تفاؤلاً باحتمال الاتفاق على قانون جديد في ربعِ الساعة الأخير ما قبل 15 أيار.
توزّعت الحركة أمس بين قصر بعبدا وبكركي والمجلس النيابي والضاحية الجنوبية لبيروت والشارع الذي شهد حراكاً مطلبيا ليس بعيداً من اجواء الضاحية وعين التينة.
وتمحورَت هذه الحركة حول قانون الانتخابات النيابية والموازنة والعقوبات الاميركية المنتظرة، ويبقى القاسم المشترك فيها انّ الغموض سيّد الموقف، بحيث لم يُعرف بعد، اين ستستقرّ الكرة.
فالملف الانتخابي، غير معلوم بعد اين سيحط رحاله، شأنه شأن الموازنة التي ليس معروفاً بعد ما سيُدخِله مجلس النواب عليها من تعديلات، كذلك في ملف العقوبات التي لم يُعرف بعد مداها وتوقيتها.
أمران لافتان
وكان اللافت في الشأن الانتخابي أمس أمران: الاوّل موقف لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي خفّض لاءاته الثلاث الى اثنتين، فباتت: «لا للتمديد ولا للفراغ». ونحّى جانباً قانون الستين، وذلك عندما أكّد «أنّ التمديد للمجلس النيابي يجب ان لا يحصل ولا يهدّد احدٌ به، لأنّ فيه خراباً للبنان».
وأشار الى انّه حتى مهلة 20 حزيران المقبل يمكن وضعُ قانون انتخابي جديد «وحتى لو وصلنا الى 20 حزيران، فإنّ لا فراغ سيحصل في المؤسسات». وقال: «هذا المجلس لن يمدّد لنفسه ومِن غير المقبول ان يمدّد لنفسه دقيقة واحدة».
وإذ اعتبر عون انّ التمديد هو ايضاً فساد متراكم، «وليس في إمكاننا ان نستمرّ به اربع سنوات بعد»، فإنّه سأل: «من في استطاعته ان يقول لنا انّنا اذا ما مدّدنا للمجلس مرّة ثالثة، انّ هذا الاخير لن يقوم بالتمديد لنفسه مرّة رابعة؟» ولاحَظ «انّ ثمّة من يتحدث من حين الى آخر أنّ لطائفته خصوصية، فلماذا لا يكون للآخر من خصوصية ايضاً؟
وقال: «إذا كان لبنان كلّه خصوصيات، فلكلٍّ خصوصيّته وواحته، إلا انّنا نعيش معا، امّا ان يسعى احد للسيطرة على الآخر وحرمانه من حقوقه فهذا لن يحصل نهائياً».
الراعي
أمّا الامر الثاني اللافت فتمثّلَ في موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي يدفع بقوة نحو إنتاج قانون انتخابي جديد قبل 15 أيار، «على قياس الوطن لا على قياس الأشخاص».
وأسفَ لِما يقال من انّه يريد قانون الستين، في الوقت الذي يناشد الجميع منذ سنوات ضرورة وأهمّية إقرار قانون جديد للانتخابات يمنح صوت المواطن قيمةً وتمثيلاً صحيحاً لكلّ مكوّنات المجتمع اللبناني. وكرّر أنه «ضد الفراغ والتمديد لمجرّد التمديد لأنه يصبح اغتصاباً للسلطة».
نبرة عالية
وعزت دوائر قصر بعبدا لـ«الجمهورية» نبرةَ عون العالية الى أنّه «تلقّى بغضب ورفض نتائج ورشة الاتصالات الأخيرة التي شهدتها البلاد، وتحديداً في الأيام التي تلت القرار الذي اتّخِذ باستعادة مجلس الوزراء ملف قانون الإنتخاب وتشكيل المجلس لجنة خاصة لهذا الموضوع قد آلت الى الفشل الذريع».
وأوضحت هذه الدوائر انّ عون «مارَس كلّ أشكال الضغوط في اتجاه الوصول الى قانون عادل يصحّح التمثيل ولم يلقَ سوى شروط تعجيزية، ما أدّى الى اتّهامه صراحةً وللمرة الأولى «بعضاً لم يسمِّه» بالسعي الى «السيطرة على الآخر وحرمانه من حقوقه، وهذا لن يحصل نهائياً»، وأنّ هذا السعي «يتمثل في السيطرة على حقوق كلّ الشعب اللبناني من خلال حرمانه من حقّه في الانتخابات، عبر أجواء سياسية سيئة».
وأكّدت دوائر بعبدا أنّ ما جعل عون يرفع صوته عالياً «هو تراجُع البعض عن تعهّدات قطِعت في لقاءات واجتماعات سابقة»، مُستغرباً «تلوُّنَ المواقف الى درجة تثير الشك بالنيّات وما يريده البعض وما يُضمره بعيداً ممّا يطلقه من مواقف».
برّي
وإلى ذلك، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زوّاره امس انّ الجلسة التشريعية ستنعقد في 15 أيار المقبل، وأشار الى أنّ ما لفتَه هو كلام رئيس الجمهورية عن إجراء الانتخابات وفقَ القانون النافذ، وقال: «أنا كرئيس مجلس حدّدت موعد جلسة 15 أيار لتفادي الفراغ، وأعطيت كلّ هذه الفرصة من اجل توصّلِ الافرقاء الى قانون انتخاب، ولم أكن لأوافق على التمديد إلّا من أجل التوصّل الى قانون جديد.
أنا ضدّ تمديد الولاية النيابية لسَنة، وحتى إذا ذهبنا إلى القانون النافذ فإنّ التمديد يجب ان يقتصر على الوقت الضروري لإجراء الانتخابات من خلال تعديل المهل، ولن يتعدّى هذا التمديد خمسة اشهر. وحتى وإنْ ذهبنا الى قانون جديد، وهذا ما أتمنّاه، فإنّ ايّ تمديد سيكون مرتبطاً بالمدة الكافية والمحدودة لتنظيم الانتخابات على اساسها».
وأضاف بري: «في حال عُدنا إلى قانون 2008 (اي قانون الستين)، فثمّة إجراءات يجب الإسراع في اتّخاذها، ومنها إنشاء هيئة الاشراف على الانتخابات، ولكن بعودتِنا الى القانون النافذ نكون قد أهدرنا 3 إلى 4 أشهر من موعد إجراء الانتخابات». وختم: «أمّا في ما يتعلق بما يثيره البعض عن نقل مقاعد نيابية (من منطقة الى أخرى) كشرط لإجراء الانتخابات وفق قانون الستين، فلينزَعوا من رؤوسهم هذه الفكرة».
نحو الأسوأ
وقالت مصادر سياسية مطّلعة على المفاوضات الانتخابية لـ«الجمهورية» إنّ الامور على حالها لا بل تتجه نحو الأسوأ في ظلّ تشبّثِ كلّ فريق بموقفه رغم الحديث عن دينامية الافكار والصيغ».
واكّدت انّ الوزير جبران باسيل «يتّجه الى وضعِ القانون التأهيلي كأمر واقع خصوصاً بعدما تبلّغ موافقة «المستقبل» عليه»، وكشفَت انّ الرئيس سعد الحريري «ابلغَ الى اكثر من طرف أنه سيَسير في التأهيلي وأنّه منفتح على تعديلات عليه إذا ما لمس ليونةً من الاطراف الاخرى في الاستعداد للقبول به».
وإذ تخوّفت «من تكرار سيناريو شبيه بانتخابات رئاسة الجمهورية التي جرت بعد اتفاق سياسي بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، لفتت الى انّ الوضع مختلف اليوم في كثير من جوانبه، إذ إنّ «حزب الله» لن يسير بهذا الاتفاق، كما انّ الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط يعارضان التأهيلي بشراسة».
ورأت انّ هذه الاجواء تشير الى تأزّم شديد في الواقع السياسي ولا بشائر حَلحلة قبل جلسة 15 أيار، ما يعني انّ الامور مفتوحة على كلّ الاحتمالات، لأنّ التمديد في حد ذاته سيُحدث اشتباكاً. كذلك فإنّ طلب التصويت على قانون انتخاب خارج التفاهم السياسي هو الاشتباك في حد ذاته». وكشفت المصادر أنّ الاتصالات التي نَشطت في الساعات الاخيرة لعقد جلسة لمجلس الوزراء دونها عقبات «ما يعني ان لا جلسة ستُعقد في القريب العاجل».
«القوات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ كلّ ما يتم تداوُله عن استبعادها من المفاوضات الانتخابية غير صحيح إطلاقاً، لأنّ المفاوضات تتم على مستويات مختلفة ثنائية وثلاثية ورباعية، و«القوات» شريكة في كلّ المفاوضات الحاصلة، وتَطَّلِع لحظةً بلحظة على كلّ المعلومات والتفاصيل وتُواكب سير اللقاءات التي لا تكون مشاركةً فيها، على غرار اللقاء الرباعي، حيث يضعها كلّ مِن «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» في صورة مداولاته».
ولفتَت الى «عدم وجود إطار تفاوضي ثابت، بل لقاءات متحرّكة تشارك «القوات» في معظمها، وهي تشكّل جزءاً لا يتجزّأ من حركة المفاوضات القائمة، وأكّدت حرصَها المستمر على نقلِ موقفها مباشرةً للقوى السياسية بلا وسيط، كما أفكارها وملاحظاتها، وهي على تنسيق يومي مع «التيار الوطني الحر» في سياق معركة مشتركة هدفُها الوصول إلى قانون يعكس صحّة التمثيل الفعلية ويضع حداً نهائياً لكلّ القوانين المجحِفة المتعاقبة منذ «الطائف» إلى اليوم والمخالفة لهذا الاتفاق».
وأكّدت المصادر نفسها «أنّ كلّ كلام عن رفضها للتأهيلي غير صحيح، بل هناك من يريد تحميلها الرفض ليتذرّع برفضها من أجل إسقاط التأهيلي وتجنّب الصدام مع القاعدة العونية واستطراداً المسيحية، فيما «القوات» وضَعت ملاحظات عدة على هذا المشروع وأعلنَت في وضوح انّ الأخذ بها يدفعها إلى تأييده، خصوصاً أنّ الهدف منها هو تحسين الشروط التمثيلية للتأهيلي بغية جعلِه يقترب من المناصفة، وأبرز ملاحظاتها تَكمن في المطالبة بالصوت التفضيلي على القضاء، ورفض نسبة الـ 10% وإعادة النظر ببعض الدوائر وحصر التأهيل بالمرشّح الأول والثاني وتخطّي العثرات التقنية».
وأكّدت «أنّ المفاوضات في هذا الإطار مستمرة، ولكن من الواضح انّ هناك من يريد التخلّص من التأهيلي على غرار إسقاطه المشاريعَ الأخرى لتخيير الجميع بين مطرقةِ التمديد أو سندان القانون الذي يَمنحه السيطرة على مفاصل الدولة».
ورأت «أنّ محاولات ضربِ العلاقة القواتية-العونية لم تتوقف، ولا يبدو انّها ستتوقف، ولكن نُطمئن الغيارى إلى أنّ «القوات» و«التيار الحر» يخوضان معركة قانون الانتخاب «كتفاً إلى كتِف» وصولاً إلى القانون الذي يعيد الاعتبار للميثاق الوطني تطبيقاً لاتفاق الطائف».
«التيار»
واعتبَر باسيل أنّ التمديد «مسدّس موضوع في رأس اللبنانيين يجب إزالته لنتمكّن من البحث في قانون الانتخاب»، لافتاً إلى انّ «من يطرح التمديد يترك لنفسه مخرجاً لعدم إقرار قانون جديد، على عكسِنا نحن».
وقال: «لسنا من طرَح التأهيلي، بل نحن تبنّيناه وندافع عنه، ومن لا يريد التأهيلي في القضاء مستعدّون لأن نوافق على ان يكون في الدائرة»، وقال: «كلّما نصِل إلى قانون نتفق عليه تظهَر لغتان، أولى في غرفة النقاش وثانية في الإعلام لإسقاط ما اتّفقنا عليه». وأضاف: «نغشّ اللبنانيين عندما نقول إنّ التأهيلي غير نسبيّ وإنه لا يؤمّن صحة التمثيل، وما يؤمّن الوحدةَ بين اللبنانيين هو عدالة التمثيل».
الأميركي والروسي
وإذا كانت المراجع الدولية تختلف على الموضوع السوري إلّا انّها تتفق على الموضوع اللبناني، فهي ترفض الفراغ في لبنان وتريد إجراء الانتخابات النيابية.
وتجسّد هذا الموقف في تحرّك السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد نحو عين التينة، والسفير الروسي ألكسندر زاسبيكين نحو وزارة الداخلية.
وعلمت «الجمهورية» انّ ريتشارد وزاسبكين نَقلا الى كلّ من بري ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ضرورةَ ان يأخذ لبنان حذرَه وينأى بنفسه عن التورّط في قضايا في هذه المرحلة الدقيقة.
وفي المعلومات أيضاً أنّ العقوبات الاميركية كانت محلّ بحثٍ بين بري وريتشارد وأنّ رئيس المجلس سمعَ ما وصفه بـ«كلام إيجابي» من السفيرة حول هذا الموضوع.
وفيما تردّدت معلومات من انّ ريتشارد اثارَت موضوع جولة «حزب الله» الإعلامية في الجنوب من موقع اعتراضي عليها، لم تؤكّد اوساط عين التينة ذلك.
من جهته، اعتبَر زاسبكين «أنّ أخطر ما يمكن ان يَحدث هو الفراغ»، مشدّداً على وجوب إجراء الانتخابات «ليكون كلّ شيء على ما يرام وفقاً للدستور اللبناني وتلبيةً للمطالب الشعبية».
قائد الجيش
وفي وقتٍ حطَّت طائرة مساعدات أميركيّة أمس في مطار رياق محمّلةً بمساعدات للجيش اللبناني، للمرّة الثانية خلال أسبوع، قال مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» إنّ «المساعدات ليست عاجلة بل هي مُقرّرة سابقاً، وتأتي في إطار برنامج المساعدات المستمرّ للجيش، وأُفرِغت في مطار رياق في البقاع، نظراً لوجود المخازن المخصّصة لها فيه».
وفي إطار التعاون العسكري الأميركي – اللبناني، سيقوم قائد الجيش العماد جوزف عون بزيارة رسمية، هي الأولى له منذ تولّيه المنصب، إلى واشنطن، وأكّد مصدر أمني لـ«الجمهورية» أنّ «موعد الزيارة لم يُحدَّد بعد لأسبابٍ أمنية».
وأوضَح أنّ «الزيارة التي وُجّهت الدعوة إليها عبر الطرق الديبلوماسية والعسكرية المتّبعة، ستتطرّق إلى برامج المساعدات وإمكان تفعيلها، إضافةً الى حاجات الجيش، وسيقدّم العماد عون موجزاً عن إنجازات الجيش الأمنية والعسكرية في مجال محاربة الإرهاب، والجهوزية التي وصل إليها في هذا الإطار».
عرسال
وفي هذا الوقت، ما زالت جرود عرسال ورأس بعلبك تسرق الأضواء، خصوصاً بعد الغارات الجوّية التي نفّذتها مروحيات الجيش اللبناني ليل أمس الأول على مواقع المسلحين. وأكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «الغارات التي نُفّذت بعد رصدِ، كشفَت تجمّعات للمسلحين، فأغارت المروحيات وحقّقت إصابات مباشرة، ما يدلّ على فعالية هذا السلاح، وأهمّية الصواريخ المستخدمة في الغارة».
ووقع انفجار أمس في منطقة خربة يونين في جرود عرسال، أدّى إلى مقتل مسؤول عمليات التفخيخ في «جبهة النصرة» أبو قاسم التلي، وأُصيبَ معاونه اللبناني أحمد أبو داوود. ورجّحت مصادر أمنية لـ«الجمهورية» أن يكون تنظيم «داعش» خلف هذا العمل نتيجة تصفيةِ حسابات مع «النصرة»، في وقتٍ تحدّثت معلومات أمنية أخرى عن احتمال انفجار عبوة كان يتمّ تجهيزها».
موازنة واعتصامات
مطلبياً، بعد تحرّكِ المياومين وأصحاب الشاحنات، وبالتزامن مع انعقاد اجتماع لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان، لبدء درسِ مشروع قانون الموازنة للعام 2017، نفّد الاتّحاد العمّالي العام وموظفو الضمان الاجتماعي وكلّ القطاعات النقابية اعتصاماً أمس في رياض الصلح، تحدّث فيه رئيس الاتّحاد بشارة الأسمر وقال: «إنّ المادتين 54 و 68 لن تمرّا، وأبلغنا جميعَ المعنيين أنّ التصعيد مفتوح على كلّ الاحتمالات، بما فيها الإضراب العام لأيام».
الأخبار
عودة إلى الستين؟
“أزمة قانون الانتخاب تتصاعد. العلاقة متوترة بين كلّ القوى، وآخرها بين الاشتراكي وتيار المستقبل. الرئيس ميشال عون أسقط من حديثه الـ»لا» ضدّ القانون النافذ، فيما جدد الوزير جبران باسيل الاعتراض عليه. حزب الله يحاول إقناع الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط بالتأهيلي، فيما أكّد «المستقبل» تمسّكه بملاحظاته عليه. الثابتتان الوحيدتان أنّ البلاد متجهة نحو أزمة خطيرة، وأن قانون «الستين» لا يزال الأقوى.
الزمن حالياً في لبنان هو لـ«الجنون» السياسي، القائم على تجييش المواطنين غرائزياً وشدّ عصبهم من خلال إيهامهم بأنّ وجودهم كجماعات طائفية مُعرّض للخطر. انطلاقاً من ذلك، لا يوجد على طاولة البحث سوى مشاريع قوانين تقود البلاد إلى أنفاق مظلمة. لذلك، تتقدّم الأيام من دون بروز ملامح اتفاق على قانون جديد.
ورغم أنّ من المفترض أن يكون الشغل الشاغل لأركان النظام الانكباب على إيجاد صيغة انتخابية قبل 15 أيار المقبل، بعد أن عُطلّ مجلس الوزراء وأوقفت جلسات مجلس النواب لهذه الغاية، لم يُسجّل بعد أيّ خرق في هذا المجال، رغم انقضاء 12 يوماً من مهلة الشهر التي عطّل رئيس الجمهورية فيها مجلس النواب. أما الرئيس سعد الحريري، فلا شيء يثنيه عن المضيّ قدماً في سياسته الرامية إلى إيجاد شرخٍ بين حزب الله والتيار الوطني الحر. فلا يكاد الأخير يُقدّم مسودة قانونٍ، حتى يُسارع رئيس الحكومة إلى الالتحاق بموقف التيار العوني، أقلّه في العلن. السبب، تفضيل الحريري أن يأتي الاعتراض على خيارات العونيين من حليفهم الأول: حزب الله. فحين أعاد الوزير جبران باسيل «نبش» طرح «التأهيل الطائفي»، أبلغ حزب الله موافقته عليه لقيادة التيار. «هدف المستقبل الفتنوي» الأول سقط. ورغم أنه أبلغ التيار الوطني الحر عدّة ملاحظات على التأهيلي، إلا أنه كتمها علنياً.
وحين تيقّن الحريري من أنّ الرئيس نبيه بري حاسم لجهة رفضه التأهيلي، وجدها رئيس الحكومة فرصة ليقذف كرة النار بعيداً منه، وأبلغ ــ أول من أمس ــ كلّاً من بري والنائب وليد جنبلاط أنه لن يُشارك في جلسة التمديد للمجلس النيابي، وأنه يقبل حصراً بتمديد تقني مقرون بالاتفاق على قانون جديد. ومن تبلغوا قرار الحريري الجديد، لم يروا فيه سوى استكمال لسياسة التفرقة بين حزب الله و«التيار»، على قاعدة أنّ الخلاف بين الرئيس ميشال عون وبري هو «خلاف بين رئيس الجمهورية والشيعة»، ما يعني أنّ التبعات ستصيب حتماً، برأي الحريري، العلاقة بين التيار العوني وحزب الله.
الطريقة التي يتصرّف وفقها الحريري تؤكد أنّ الأزمة آيلة إلى مزيد من التعقيد، وأنّ سيف الفراغ أصبح مصلتاً على رؤوس كلّ المؤسسات الدستورية. والقانون الأوفر حظاً لاعتماده هو قانون الدوحة النافذ (المعروف بالستين)، كونه لا يوجد هيئة تشريعية تتمكن من أن تضع قانوناً جديداً في عهد الفراغ النيابي. وكان لافتاً كلام رئيس الجمهورية أمس حين أسقط من «لاءاته» الاعتراض على «الستين». فنبّه من التهديد بالتمديد، مؤكداً أنه «باستطاعتهم حتى 20 حزيران وضع قانون جديد للانتخابات، ولا يقول أحد إن المهلة انتهت كي يتخذ قراراً يستبق به الامور. وحتى لو وصلنا الى 20 حزيران، فإنه لا فراغ سيحصل في المؤسسات. فليقرأوا الدستور، وتحديداً المادتين 25 (إذا حُلّ مجلس النواب وجب أن يشتمل قرار الحل على دعوة لإجراء انتخابات جديدة (…) في مدة لا تتجاوز الثلاثة اشهر) و74 (إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس أو استقالته أو سبب آخر، فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون، وإذا اتفق حصول خلاء الرئاسة حال وجود مجلس النواب منحلاً تدعى الهيئات الانتخابية دون إبطاء…). بإمكاننا أن نجري الانتخابات ولا فراغ في المؤسسات». ووصف عون التمديد بـ«انقلابات متمادية على الشعب من مجموعة تحكم لبنان. من باستطاعته أن يجزم لنا بأننا إذا ما مدّدنا للمجلس، لن يقوم هذا الاخير بالتمديد لنفسه مرة رابعة؟». وتوضح مصادر تكتل التغيير والإصلاح لـ«الأخبار» أنّ كلام عون «موجه ضد التمديد والفراغ». وترفض المصادر اعتبار كلام عون تمهيداً للستين، «نحن لا نريد شيئاً أكثر من الاتفاق على قانون جديد».
وفي السياق نفسه، رأت عدّة شخصيات سياسية أنّ موقف الكاردينال بشارة الراعي الرافض للفراغ تمهيد للعودة إلى «الستين». وتستند في حديثها إلى الكلام الذي دار بين الراعي وعون خلال عيد الفصح، حين رأى البطريرك أنه بين التمديد وإجراء الانتخابات وفق القانون النافذ، الأرجحية للخيار الثاني. جواب الرئيس كان «عمومياً» حينذاك، ولكنّ موقف الراعي قد يكون سلّم النزول عن شجرة «لا للستين». يتعارض كلام المصادر مع ما أعلنه باسيل أمس أنّ «قانون الستين هو الوجه الآخر للتمديد، لذلك نرفضه… ألزمنا أنفسنا بإقرار قانون وذلك بتحريم خيار التمديد والستين والفراغ». وقال، بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح: «لم نرفض النسبية (…) كل القوانين التي طرحناها فيها النسبية، ويجب الأخذ بصوت المسيحيين في عين الاعتبار». أضاف باسيل: «كلما نصل الى قانون انتخاب نصل الى لغتين، واحدة في غرفة المفاوضات والأخرى في الإعلام، واليوم الهجمة لإسقاط التأهيلي». وخيّر باسيل القوى السياسية بين «النظام الطوائفي أو الذهاب الى قانون المواطنة، ونتدرج من مجلس الشيوخ ووظائف الفئة الاولى وغيرها»، منتقداً «إهدار الوقت على مجلس شيوخ في يومين، ونحن لسنا متفقين على نسبية واحدة».
على الرغم من أنّ بري جاهر بمعارضته لـ«التأهيلي»، كشفت مصادر 8 آذار عن محاولات يبذلها حزب الله لإقناع بري وجنبلاط به، علماً بأنّ حزب الله «لا يُمكن أن يُشارك في جلسة نيابية يتم فيها إقرار قانون للانتخابات لا يوافق عليه بري وجنبلاط». الأخير غرّد أمس على تويتر بأنه «إذا كان مشروع الاشتراكي مضيعة للوقت، فإن التأهيل الطائفي ضربٌ للوحدة الوطنية ولتيار ما يسمى «مستقبل» لكن قد يصبح ماضياً». أتت هذه التغريدة بعد الاجتماع «السيّئ» الذي جمع وفداً من الاشتراكي مع الحريري، بحسب مصادر المجتمعين. ووفقاً لمصادر متابعة، فإنّ «الاشتراكي مستاء من تصرفات المستقبل إزاء البحث عن قانون جديد وعدم معارضته للتأهيلي».
أما بري، فأكّد أن جلسة مجلس النواب مستمرة في 15 أيار، لكن لفته كلام عون باحتمال إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ. وقال بري إنه «كرئيس مجلس، حددتُ موعد 15 أيار لتفادي الفراغ، وأعطيتُ كل الفرصة من أجل توصل الأفرقاء إلى قانون جديد للانتخاب. لم أكن موافقاً على التمديد إلا من أجل التوصل إلى قانون جديد. أنا ضد تمديد الولاية سنة، حتى إذا ذهبنا إلى القانون النافذ، يجب أن يقتصر التمديد على الوقت الضروري لإجراء الانتخابات من خلال تعديل المهل، ولن يتعدى ذلك 5 أشهر. وإذا ذهبنا إلى قانون جديد، وهذا ما أتمناه، فإن أي تمديد سيكون مرتبطاً بالمدة الكافية والمحدودة لتنظيم الانتخابات على أساسها». أما بشأن العودة إلى القانون النافذ، «ثمة إجراءات يجب الإسراع في اتخاذها، كإنشاء هيئة الإشراف على الانتخابات. لكن بعودتنا إلى هذا القانون، نكون قد أهدرنا 3 أو 4 أشهر من موعد إجراء الانتخابات». أما في ما يتعلق بما يُثار عن نقل المقاعد النيابية في بعض المناطق كشرط لإجراء الانتخابات وفق قانون الستين، فقال بري: «لينزعوا هذه الفكرة من رؤوسهم». وأوضح أنه ليس في وارد حضّ الأكثرية النيابية على طلب فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، «ما لم يكن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يريدان ذلك».
من جهة أخرى، وعلى الرغم من أنّ عدداً من نواب المستقبل يروّجون علناً لوجود مشروع قانون سيطرحه التيار الأزرق قريباً، نفت مصادر رفيعة المستوى في «المستقبل» ذلك. كذلك فإنّ المصادر نفسها تنفي «إبلاغ باسيل موافقتنا على التأهيل الذي طرحه. ما زلنا متمسكين بملاحظاتنا على المشروع».
الحديث الانتخابي كان حاضراً أمس في لقاء وزير الداخلية نهاد المشنوق مع السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين، الذي رأى أنّ «أخطر ما يمكن أن يحدث هو الفراغ، لذلك لا بد من إجراء الانتخابات البرلمانية ليكون كل شيء على ما يرام وفقاً للدستور اللبناني وتلبية للمطالب الشعبية».
المستقبل
عون التمديد انقلاب وخراب والدستور كفيل بمنع الفراغ
"السراي" تنشط بصمت: اجتماعات يومية تسابق المهل
"لا صوت يعلو في البلد فوق "اللاءات" الانتخابية.. فبين "لا" ناهية عن التمديد و"لا" نافية للفراغ، الكل يبحث عن "نعم" توافقية واحدة تجمع مختلف الأطراف حول مشروع قانون جديد للانتخاب. وإذا كان موضوع القانون العتيد بما يُشكله إعلامياً من قوت يومي حافل بتحليلات وتأويلات لمواقف علنية من هنا أو نوايا مبيّتة من هناك لا يشي في ظاهره بقرب التوصل إلى التوافق المنشود، فإنّ الأكيد أنّ هناك عملاً جدياً يجري على مستويات رفيعة غير مرئية للعيان والإعلام ابتغاء "قضاء الحوائج الانتخابية بالكتمان".. كما هو الحال في السراي الحكومي حيث تنشط حركة الاتصالات واللقاءات والاجتماعات يومياً بعيداً عن الأضواء في سياق يريده رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري منتجاً انتخابياً قبل فوات المهل الدستورية.
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر السراي لـ"المستقبل" أنّ يوميات الرئيس سعد الحريري باتت عبارة عن خلية عمل متواصل على مدار الساعة شغلها الشاغل التوصل إلى نقطة التقاء بين مختلف المكونات الوطنية حيال القانون الانتخابي، مضيفةً في معرض إضاءتها على يوميات السراي: "بين الموعد والآخر ثمة إما اتصال أو لقاء أو اجتماع يجريه رئيس الحكومة بشأن مستجدات ملف قانون الانتخاب، وهذه الاتصالات واللقاءات والاجتماعات تتم في معظمها خارج نطاق التغطية الإعلامية"، مع إشارتها إلى أنه حتى النشاط المعلن للقاءات الحريري مع مختلف الأطراف فإنّ قانون الانتخاب يُشكل المحور الأساس فيها وإن لم تكن مخصصة أساساً لمناقشة هذا الملف.
ورداً على سؤال، أوضحت مصادر السراي أنّ رئيس مجلس الوزراء ينطلق في قاعدة عمله نحو بلورة التوافق الانتخابي من ركيزتين أساسيتين: انفتاحه و"تيار المستقبل" على كل الطروحات الانتخابية، وعلاقته الإيجابية مع مختلف الأطراف، وهو انطلاقاً من هاتين الركيزتين يسعى إلى الدفع باتجاه التوصل لاتفاق على مشروع قانون انتخابي جديد يؤمن صحة التمثيل ويراعي الهواجس قبل انقضاء مهلة الشهر الدستورية التي علّق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بموجبها جلسات مجلس النواب حتى 15 أيار المقبل.
عون: لا تمديد ولا فراغ
في الغضون، وبينما تتوالى التحذيرات الديبلوماسية من مغبة الفراغ التشريعي في البلد وآخرها التحذير الذي أطلقه أمس السفير الروسي الكسندر زاسبيكين من وزارة الداخلية ونبّه فيه من أنّ "أخطر ما يمكن أن يحدث للبنان هو الفراغ"، برز أمس "الفيتو" الرئاسي الذي رفعه عون ضد التمديد لمجلس النواب"ولو لدقيقة واحدة" كما قال أمام زوار القصر الجمهوري، واصفاً التمديد في حال حصوله بأنه "خراب للبلد وانقلاب على الشعب"، ليضيف بلهجة حاسمة: "هذا الأمر لا يجب أن يحصل ولا يهدد به أحد، فإذا تخلى اللبنانيون عن حقهم في انتخاب ممثليهم في البرلمان يتغير نظام الحكم ونصبح في نظام ديكتاتوري".
وعن المخاوف من حصول الفراغ في المؤسسة التشريعية، جزم رئيس الجمهورية بأن المجلس النيابي باستطاعته وضع قانون انتخابي جديد حتى 20 حزيران، معتبراً أنه "حتى ولو وصلنا إلى هذا التاريخ فإنّ الفراغ لن يحصل في المؤسسات"، وتسلّح في طرحه هذا بمادتي الدستور 25 و74، الأولى التي تنصّ على أنه "إذا حُل مجلس النواب وجب أن يشتمل قرار الحل على دعوة لإجراء انتخابات جديدة"، والثانية التي تقول بأنه عندما يكون مجلس النواب منحلاً "تُدعى الهيئات الناخبة من دون إبطاء ويجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الأعمال الانتخابية".
بكركي توضح
تزامناً، نقلت مصادر بكركي لـ"المستقبل" توضيحات متصلة بالمواقف الأخيرة التي أطلقها البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي حيال الاستحقاق الانتخابي، مشيرةً إلى أن دعوته لإجراء الانتخابات وفق القانون الحالي أتت رداً على "المماطلة في التوصل إلى قانون انتخابي جديد وليس محبةً بقانون الستين بل منعاً لاغتصاب السلطة" عبر التمديد مجدداً لولاية المجلس النيابي
الديار
بري وجنبلاط لن يعطيا الثنائي المسيحي الثلث المعطل في المجلس النيابي
التيار" و"القوات" متفقان ومتمسكان باستعادة الصلاحيات والمناصفة والحقوق
لا قانون ولا انتخابات حتى الآن ولا موعد لجلسة حكومية والتسوية صعبة
"نصف شهر يفصل عن جلسة 15 ايار، ولا جديد على صعيد قانون الانتخابات، وكل الاجتماعات الثنائية والثلاثية والرباعية والخماسية تراوح مكانها، وكل طرف يتمترس خلف قانونه والجميع حسب مصادر متابعة يريد النتائج قبل القانون، وتحديد حصته وحجمه، وبالتالي فان من عجز عن الوصول الى قانون خلال سنوات لن يصل في نصف شهر.
وتشير هذه المصادر، الى ان كل الافرقاء يمارسون لعبة "الكمائن المتبادلة" والمشكلة ابعد من قانون بل تتعلق بازمة نظام برمته عاجز عن "ترميم هيكله" من خلال المشاكل المتنقلة المصبوغة بخطابات طائفية حتى العظم، فالاجتماعات العلنية الديبلوماسية شيء والاجتماعات المغلقة شيء آخر، حسب هذه المصادر، والمعركة في جزء كبير منها رئاسية بامتياز، ولن يتخلى الرئىس نبيه بري ووليد جنبلاط عن دورهما بانهما صانعا الرؤساء في لبنان، وبالتالي لن يعطيا الفريق المسيحي الثلث المعطل، حق الفيتو في المجلس النيابي، رئاسياً او في كل القرارات المصيرية التي تحتاج للثلثين، اي 43 أو 44 نائباً، فيما الثنائي المسيحي يطمح الى 52 نائباً أو اكثر، وهذا من رابع المستحيلات عند بري وجنبلاط ولو وصلت "المي للسماء". هذا هو عنوان المعركة حسب هذه المصادر، وهذا هو عنوان قانون الانتخابات الذي سيحدد من سيحكم البلد خلال الاربع سنوات المقبلة في ظل ظروف داخلية صعبة ودولية تزيل دولاً وترسم خرائط جديدة في المنطقة، ولذلك وحسب المطلعين على خفايا الكواليس، فان انتقادات لاذعة توجه من كل فريق 8 آذار بالاضافة الى جنبلاط واحياناً رئىس المجلس لباسيل ودوره، وتطال الانتقادات "العقل الجهنمي" الذي استطاع تركيب التحالف بين الثنائي المسيحي، لان هذا الامر كان باعتقاد كل قوى 8 آذار وجنبلاط من المستحيل تحقيقه وانجازه في ظل التاريخ الذي كان يحكم العلاقة بين الرئىس عون والدكتور سمير جعجع، كما تطال انتقادات هذا الفريق "المتشعب الاهواء" "ركاكة" الرئىس الحريري وعدم حسم موقفه كونه رئىساً للحكومة تجاه طروحات الثنائي المسيحي الذي يطالب بعودة الامتيازات وما سلبه الطائف، وهناك بعض الخبثاء يشيرون الى ان الحريري ربما كان مرتاحاً للمواجهة بين الثنائي المسيحي وبري وجنبلاط كي يقطف النتائج ويرفع سقفه، فلماذا الاستعجال؟ وحسب المصادر، فان القضية ابعد من قانون انتخابات، بل تتعلق بالحصص والدور، وطالما الاكثرية الدرزية تنظر الى قانون الانتخابات بمنظار "الغبن التاريخي" الذي لحق بالدروز منذ ايام فخر الدين وسيادة معادلة "عندما يتقدم الدروز يتراجع دور الموارنة، وبالعكس عندما يتقدم الموارنة يتراجع دور الدروز"، وهذا واضح من خلال تراجع الدور الدرزي وتحجميه مع تقدم الثنائية المسيحية، وفي ظل هذه القناعة كيف يمكن الوصول الى قانون مطمئن لهذه الاقلية وقلقها من قوة الثنائي المسيحي الذي فتح فوراً موضوع الحصة المسيحية في الجبل، وعدم التفريط باي نائب مسيحي لجنبلاط، وهذا ما قاله بوضوح الوزير جبران باسيل، ولذلك فان جنبلاط لن يتراجع بالسهولة التي يتصورها البعض، والجميع يدرك بانه واجه عهد الرئىس اميل لحود عندما حاول الانتقاص من دوره رغم كل الدعم الذي كان يحظى به الرئيس لحود، ولذلك فان الستين يحفظ حصة جنبلاط المسيحية والدرزية. ولن يخوض الانتخابات الا على اساسه، ويمكن ان يوافق على نسبية مخففة مع الستين. وحسب المصادر، فان الخطأ الذي ارتكبه الثنائي المسيحي رفضه لقانون جنبلاط الاخير، وقبوله بمبدأ النسبية، علماً أن جنبلاط ومعه بري منتعشان هذه الايام بموقف البطريرك الراعي وحكمته المطالبة بالستين، ولذلك لن يوافق جنبلاط لا على التأهيل ولا على النسبية الكاملة ولا على المختلط.
الأن لغة المصالح تتلاقى حسب المصادر، فان "الحلف المقدس" بين بري وجنبلاط مستمر وثابت منذ ان تولى جنبلاط الزعامة، والرئىس بري قيادة حركة امل، ولا يمكن ان يختلفا واتصالاتهما يومية، ويتبادلان "الرسائل النصية" ممزوجة "بنكات" تطال العديدين، ولديهما تصورهما المشترك لخوض المواجهة والوصول الى النتائج المرجوة، ومتفقان على رفض الفراغ، واذا كان الستين، ابغض الحلال عند الرئيس بري لانه يحول دون الفراغ فربما لا مشكلة لديه باجراء الانتخابات على الستين اذا كان ذلك يمنع سقوط البلد، وهذا التوجه يؤيده الراعي وسليمان فرنجية وبطرس حرب وكل فريق 8 آذار، وبالتالي خيار الستين لديه مناصرون وميزان قوى وضيق المهل قد يفرضه، ويبقى موقف الرئيس سعد الحريري غير حاسم لانه لا يريد فعلاً ان يضرب علاقته بالرئيس ميشال عون ويعمل لنجاح حكومته، والمدخل لذلك نجاح العهد ولكن المصادر تؤكد ان الحريري سينضم الى حلف بري ـ جنبلاط ـ فرنجية الرافض للفراغ كلياً واجراء الانتخابات على القانون الحالي، وابرز دليل على ذلك موقف مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان الذي لا يخرج عن موقف الرئيس سعد الحريري.
كما ان المصادر تؤكد ان بري وجنبلاط مع حلفائهم سيصعدون مواقفهم لدفع الثنائي المسيحي للقبول بالقانون الحالي منعاً للفراغ، ولا أحد يستبعد بان يستخدم الشارع للضغط حيث تؤكد مصادر العونيين ان اضراب مياومي الكهرباء ليس بريئاً مطلقاً؟ ولماذا اصر بعض المياومين على منع وزير الطاقة سيزار ابي خليل من الدخول الى مكتبه حيث تشير المعلومات الى تصاعد التحرك في الايام المقبلة.
وفي المقابل، فان الثنائي المسيحي لن يتراجع عن مطالبه حسب المصادر وسيعمل على تصحيح كل الاجحاف الذي لحق بالمسيحيين منذ الطائف ولن يخضع للتهويل واول الغيث وصول رئىس الجمهورية العماد ميشال عون الى بعبدا، والمسيرة مستمرة لتحقيق الطموحات عبر الكلمة الفصل للمسيحيين باختيار رئيس الجمهورية وورزرائهم ونوابهم مهما كانت الضغوطات حتى استعادة جزء كبير من صلاحيات رئيس الجمهورية، والمدخل الى ذلك قانون انتخابي يؤمن وصول 53 نائباً مسيحياً باصوات المسيحيين، وهذا ما يجعل حدود المناورة المسيحية محدودة جداً. ولا احد يستبعد لغة الشارع والحراك المدني لتحقيق المطالب والخوف ان تتحول القضية الى شارع ضد شارع.
وحسب المصادر، البلاد مقبلة على مشكل كبير في 13 ايار، فلا انتخابات ولا قانون حتى الآن، وسيتم تمديد الازمة من 13 ايار الى 20 حزيران موعد انتهاء ولاية المجلس عسى ان يتم الاتفاق. ولذلك فان البلاد ستدخل حالة من التعطيل والشلل ولن يلتئم مجلس الوزراء مطلقاً، لان الطرفين لن يتراجعا عن شروطهما.. وربما امتد الفراغ حتى الوصول الى تسوية سعودية ـ ايرانية غير ظاهرة في الافق خلال الاشهر المقبلة بسبب الانتخابات الرئاسية الايرانية، والوضع المقلق في السعودية بسبب حرب اليمن. ومن المحتمل ان تبقى حالة الشلل لسنة او اكثر كما استمر الفراغ الرئاسي لسنتين ولم ينتهِ الا عندما تحققت التسوية الايرانية ـ السعودية على الرئيسين عون والحريري. ولم تحصل ضربة كف واحدة خلال الفراغ، بسبب قرار دولي بمنع الفوضى في لبنان في ظل جهوزية القوى العسكرية والدعم الدولي لها والاتكال عليها لحماية البلد واستقراره، حيث ستتصاعد المساعدات للجيش اللبناني والقوى الامنية خلال الاشهر المقبلة، علما ان القوى العسكرية تعمل تحت سقف القرار السياسي للدولة لكنها لا تتوانى عن اجراء الاتصالات لاستقرار البلد حيث تحدثت معلومات عن زيارة مرتقبة لقائد الجيش العماد جوزف عون للولايات المتحدة الاميركية لبحث كل شؤون وشجون المؤسسة العسكرية ومتطلباتها.
عون
وفي ظل هذه الاجواء نبه رئيس الجمهورية "الجميع، الى ان التمديد، للمجلس النيابي لا يجب ان يحصل. ولا يهدد احد به، لان فيه خرابا للبنان"، واشار الى انه حتى مهلة 20 حزيران المقبل يمكن وضع قانون جديد للانتخابات، "وحتى ولو وصلنا الى 20 حزيران، فان لا فراغ سيحصل في المؤسسات". وقال: "هذا المجلس لن يمدد لنفسه ومن غير المقبول ان يمدد لنفسه دقيقة واحدة". ولاحظ ان ثمة من يتحدث من حين الى آخر ان لطائفته خصوصية، متسائلا لماذا لا يكون للآخر من خصوصية ايضا؟ وقال: "اذا كان لبنان كله خصوصيات، فلكلّ خصوصيته وواحته، الا اننا نعيش معا. اما ان يسعى احد للسيطرة على الآخر وحرمانه من حقوقه فهذا لن يحصل نهائياً. واول هذا السعي يتمثل بالسيطرة على حقوق كل الشعب اللبناني من خلال حرمانه من حقه بالانتخابات، عبر اجواء سياسية سيئة". وسأل: "من باستطاعته ان يقول لنا اننا اذا ما مددّنا للمجلس مرة ثالثة، ان هذا الأخير لن يقوم بالتمديد لنفسه مرة رابعة؟".
بري
بدوره، جدد الرئىس نبيه بري التأكيد بانه آخر من يوافق على التمديد ولا مجال للتعمية في هذا الاطار وقال: "لقد حددنا جلسة 15 ايار لتفادي الفراغ، واعطينا ونعطي الفرصة منذ البداية من اجل التوصل الى قانون جديد للانتخابات، وانا لا اوافق على التمديد من اجل التمديد، بل ان التمديد يجب ان يقتصر على التأجيل التقني المرتبط بقانون الانتخاب بمعنى تعديل المهل لاجراء الانتخابات على اساس القانون. وهي لا تتعدى بضعة اشهر، وحتى لو توصلنا الى قانون جديد فان المسألة متعلقة بتمديد يأخذ بعين الاعتبار التحضير للانتخابات على اساس القانون".
ورداً على سؤال في حال العودة الى قانون الستين الحالي قال: "ان مثل هذا الامر يحتاج الى تعديل مهل بين 3 او 4 أشهر".
وحول ما يتردد او ما يطرح عن نقل مقاعد من منطقة الى اخرى قال بري: "اللي عم يفكر فيها يشيلها من راسو".
البناء
«البناء» تنفرد بكشف مشروع تفاهم تركي – كردي عرضه الأميركيون فقصفه الأتراك
تصعيد سياسي أميركي عراقي بعد الغارات… قبيل زيارة أردوغان لواشنطن
الجيش يضرب في القلمون… والتوتر السياسي يتصاعد حول بدائل قانون الانتخاب
“أكدت معلومات خاصة بـ»البناء» واكبت على مدى شهرين ماضيين في مناطق الرقة ودير الزور والحسكة مساعيَ أميركية لتقارب تركي كردي، أن الغارات التي شنتها الطائرات التركية يوم أمس، على المواقع الكردية شمال شرق سورية وشمال غرب العراق، جاءت لتقضي على فرص تسوية اشتغل عليها الأميركيون خلال الشهرين الماضيين وحققت تقدماً ملموساً على الجانب الكردي، ليأتي الردّ التركي بالغارات التي قتلت قرابة مئة مقاتل كردي ودمّرت مقار ومحطات إذاعة، وآليات عسكرية ومدنية وسيارات إسعاف ومستوصفاً، وتسبّبت بمواقف عراقية وكردية وأميركية عالية النبرة بوجه تركيا، قبيل زيارة الرئيس التركي إلى واشنطن ولقائه الرئيس دونالد ترامب في السادس عشر من الشهر المقبل.
تزامن الاستغراب الأميركي للغارات التركية مع نفي المعرفة المسبقة بها مع تنديد كردي وعراقي، بينما كانت أنقرة قد سجلت استغرابها لصدور بيان عن البيت الأبيض يعتبر المجازر بحق الأرمن من فظائع التاريخ الإنساني، ليصير السؤال حول مستقبل القمة الأميركية التركية مطروحاً على الطاولة.
تقول المعلومات الخاصة بـ»البناء» إنّ اجتماعاً عقد الإثنين الماضي في القاعدة العسكرية الأميركية الرئيسية شمال شرق سورية في حقل الرميلان النفطي في مدينة المالكية، ضمّ وفوداً تركية وأميركية وكردية، لمناقشة مسودة مشروع تعاون في الحرب على تنظيم داعش، تلتزم به المجموعات الكردية التي مثلها حزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه العسكري، المعروفان اختصاراً، بالـ»ب ي د»، والـ «واي ب ك»، ونصّت المسودة على التزام الجانب الكردي بإخراج كلّ عناصر حزب العمال الكردستاني من صفوفه ومناطقه، وإزالة صور زعيمه عبدالله أوجلان من مقارّه، واستبدال علمه ذي النجمة الواحدة بعلم بثلاثة نجوم أو علم قوات سورية الديمقراطية، وتشكيل لجان تفتيش أميركية كردية لملاحقة مشتركة لحزب العمال الكردستاني. وعلى المستوى السياسي إعلان الحزب وجناحه العسكري إنهاء كل علاقة له بحزب العمال الكردستاني وتأكيد هويته كمكوّن من المعارضة السورية المعتدلة، وتخلّيه عن الدعوة لقيام كردستان منفصلة عن سورية، أو الدعوة للفدرالية، والقبول بصيغة تضمن اعترافاً بحقوق الأكراد ضمن دستور سوري جديد. وكان الإعلان من الجانب الكردي بقبول المشروع الأميركي ثمرة اجتماعات كردية كردية تمّت برعاية رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني، ضمّت حزب الاتحاد الديمقراطي وأحزاب المجلس الوطني الكردي التي تنسّق مع تركيا وتشارك في مؤتمر الرياض للمعارضة.
الردّ التركي كان بعدم التعليق على العرض الأميركي والموافقة الكردية، والاكتفاء بالقول إنّ طبيعة الاجتماع العسكرية لا تسمح للضباط المشاركين إلا بمناقشة شؤون عسكرية، ولذلك فهم سيكتفون بالمطالبة باختبار نيات يتضمّن موافقة الجانب الكردي على دخول البشمركة السورية إلى مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي، والبشمركة السورية هي ميليشيا شكّلها البرزاني من نازحين أكراد سوريين إلى كردستان العراق، وضمّ ممثلين عنها في صيغ إدارة مناطق السيطرة الكردية في سورية.
الغارات التركية التي جاءت بعد يوم على اجتماع الرميلان يراها الجانب الكردي قرار حرب، فيتحدّثون عن حشود تركية قبالة عين العرب، وتل أبيض، وعن نقل وحدات من درع الفرات لتشكيل ما يُسمّى بدرع الشرقية، واعتبار كلام الرئيس التركي قبل يومين عن إمكانية العودة للتدخل العسكري في سورية تمهيداً لعملية تشبه ما بدأه الأتراك غرب الفرات بعملية توغّل في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد ولا يوجد فيها تواجد أميركي مباشر.
تلفت المعلومات الواردة لـ«البناء» إلى أنّ الغارات التركية التي استمرت قرابة الساعتين وشاركت فيها ست وعشرون طائرة تركية مقاتلة، ليست عملية عادية، وتضيف أنّ المنطقة الحدودية بين العراق وسورية شمالاً، والممتدّة بين المالكية وسنجار تشكل هدفاً تركياً مثل مدينتَيْ عين العرب وتل أبيض.
التصعيد التركي المفاجئ مع الحشود التركية قبالة مناطق سيطرة الأكراد يأتي بعدما نجح الجيش السوري بالتنسيق مع لجان الحماية الكردية بتأمين طريق بري يربط القامشلي بدمشق، ومع التقدّم العسكري المتزايد للجيش السوري شمال سورية.
خلط الأوراق الذي يبشّر به التحرك التركي، مقابل خلط أوراق آخر تثيره المعلومات الواردة عن تحرّكات يجري إعدادها عبر الحدود الأردنية السورية، يفسّرهما الشعور بالقلق من الانتصارات السورية والعجز عن وقفها.
خلط أوراق آخر يعيشه لبنان مع اتجاه جماعة داعش والنصرة للتصعيد تفادياً لخطر هجوم مقبل نحو مواقعهما من الجهة السورية بعد تحرير الزبداني وتوسّع الجيش السوري نحو الحدود مع لبنان، بينما الجيش اللبناني وحزب الله يسجلان يومياً المزيد من النجاحات الاستباقية الأمنية والعسكرية.
خلط الأوراق المقلق للبنانيين هو التصعيد في التوتر المرتبط ببدائل العجز عن إنتاج قانون جديد للانتخابات.
مقتل «التلّي» بانفجار في عرسال
لا تزال التطورات الميدانية المتسارعة على جبهة عرسال تطغى على المشهد الداخلي، وسط جمود يلف قانون الانتخاب، إذ لا يتعدّى التقدم حدود رمي المشاريع والمشاريع المقابلة بما يشبه معركة قوانين من دون نتيجة تُذكَر حتى الآن مع اقتراب موعد الجلسة الحاسمة في 15 أيار المقبل.
وقُتل أمس، أبو قاسم التلة المسؤول عن التفخيخ وإعداد العبوات الناسفة في «جبهة النصرة» بجرود عرسال، إثر تعرّضه لانفجار عبوة ناسفة أمام مقره الكائن في خربة يونين في جرود عرسال وإصابة معاونه أحمد أبو داوود المعروف بـ»أبو دجانة اللبناني» الذي فقد ساقيه وحالته حرجة.
ولم تكن العملية الاستباقية النوعية التي نفذها الجيش اللبناني في جرود القاع ورأس بعلبك وعرسال منذ أيام وليدة اللحظة، بل جاءت وفق مصادر أمنية خاصة لـ«البناء» بعد تقاطع معلومات أمنية وثيقة زوّدت بها استخبارات الجيش من جهاز أمني معني بالرصد والمتابعة، عن تحرّكات غير عادية لمسلحي تنظيمي «النصرة» و«داعش» مجتمعين ومفادها أن اجتماعاً قيادياً عسكرياً لقادة الصف الأول من النصرة وداعش في أحد المواقع التابعة لهم سيحصل ويضمّ خمسة وثلاثين قيادياً على رأسهم أمير النصرة في القلمون أبو مالك التلي، وبحسب المصادر، فإن الاجتماع كان محدّد الأهداف والاتجاهات. وخلصت المعلومات الى أن عملية أمنية كبيرة كانوا يحضّرون لها أبعد من مواقع سيطرتهم، وبعد ذلك اتخذ الجيش اللبناني قراراً بتوجيه ضربة استباقية شاركت فيها وحدات النخبة بمعاونة من سلاح الجو إضافة الى وحدة النخبة في المقاومة الإسلامية وتمّت مهاجمة الموقع بعملية مباغتة أسفرت عن مقتل وإصابة من كان بداخله.
ويوم أمس، تضيف المصادر: أنه وفي ردّ على العملية العسكرية منذ يومين، حاولت الجماعات المسلّحة رفع معنوياتها، فعملت للتحضير لمجموعة من السيارات المفخخة بهدف إرسالها الى مكان محدد وفك الحصار عن مجموعاتها وإعادة الاعتبار، وفي خربة يونين تحديداً، حيث الموقع الرئيس لـ«النصرة» كانت تحضر إحدى السيارات بعبوة ضخمة قبل أن يحصل خطأ ما أدّى الى انفجارها بالمجموعة نفسها، فأدى الى مقتل أبو قاسم التلي. وتؤكد مصادر خاصة لـ«البناء» إصابة المجموعة كاملة، ومن ضمنهم أبو مالك التلي إصابة مباشرة، لكنها لم تؤكد مقتله بل جزمت إصابته.
وعقب الانفجار شوهدت سحب من الدخان الكثيف تتصاعد من الموقع المذكور الذي تحوّل ركاماً من شدة الانفجار.
مصادر مواكبة لمسار الأحداث وجرود عرسال ورأس بعلبك تشير لـ«البناء» إلى أنه على ما يبدو أن قراراً ما اتخذ في الجيش على صعيد حسم المعركة ميدانياً في البؤرة الأمنية الضيقة وفك أسر منطقتي بعلبك وعرسال من قيد الإرهابيين. وعليه فإن عملية عسكرية واسعة ستبدأ وستبرز نتائجها في مقبل الأيام وقد لا تتجاوز شهر رمضان».
وتعرّضت دورية للجيش في بلدة دار الواسعة إلى إطلاق نار من قبل مسلحين، مما اضطر الجيش للردّ على مصادر النيران، ما أدى الى إصابة أحد الاشخاص وتوقيف 5 نقلوا الى أحد المراكز العسكرية للتحقيق.
المهلة تتناقص والحلول تضيق
ومع تناقص أيام المهلة الأخيرة قبل جلسة التمديد، تضيق الخيارات المتاحة أمام القوى السياسية، فلا اتفاق حتى الساعة على مسوّدة قانون جديد، كما يُصرّ التيار الوطني الحر على رفض التمديد للمجلس الحالي بينما تتمسّك أطراف أخرى برفض الفراغ النيابي ولو لساعة واحدة وترى بأن جلسة 15 أيار ستكون حاسمة لجهة ضمان استمرار مؤسسة مجلس النواب، غير أن رئيس الجمهورية الذي جمد الانتخابات على قانون الستين من خلال رفض توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، رفض أمس تهديد الآخرين بالفراغ، معتبراً أن لدينا مهلة حتى حزيران للتوصل الى القانون الموعود.
ونبّه الرئيس ميشال عون، الجميع، «شعباً ومسؤولين، الى أن التمديد للمجلس النيابي لا يجب أن يحصل، ولا يهدّد أحد به، لأن فيه خراباً للبنان». وأشار الى انه «حتى مهلة 20 حزيران المقبل يمكن وضع قانون جديد للانتخابات، وحتى لو وصلنا الى 20 حزيران فإن لا فراغ سيحصل في المؤسسات»، وقال: «هذا المجلس لن يمدّد لنفسه، ومن غير المقبول أن يمدد لنفسه دقيقة واحدة».
كما اعتبر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بعد اجتماع «تكتل التغيير والاصلاح» أمس، أن «قانون الستين وجه آخر للتمديد ولا نريده، ولا فراغ لأن الدستور يمنع الفراغ، والضمان الوحيد هو اقرار قانون انتخابي جديد، وكل مَن يطرح التمديد يضع مخرجاً لإقراره، ونحن نمنع خيارات التمديد والستين والفراغ».
وقال «لسنا متمسّكين بأي قانون انتخابي ولا أحد يستطيع منع المسار الانتخابي الذي اعتمدناه، والنتيجة هي صحة التمثيل. نحن لم نرفض النسبية، والوطن للجميع، ولقد مددنا جسور التفاهم بين اللبنانيين، وقاتلنا من أجل هذا، وحين نطرح قانون انتخاب نفكر بكل لبناني على الأراضي اللبنانية كافة، وكل القوانين التي طرحناها فيها النسبية، ويجب الأخذ بصوت المسيحيين في لبنان في الاعتبار».
مبادرة لدى بري من وحي الطائف
أما جعبة عين التينة فلم تنضب من المبادرات وآخرها مبادرة من وحي اتفاق الطائف يُعدّها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وفق ما نقل عنه زواره لـ«البناء»، وأشاروا الى أن «رئيس المجلس يعتقد أن النسبية الكاملة هي أفضل قانون للخلاص من المشاكل والأزمات التي يعاني منها لبنان عند كل محطة أو استحقاق نيابي أم رئاسي وبالتالي النسبية تؤمن عدالة وصحة التمثيل، أما توزيع الدوائر فهذا يتم بالتفاهم بين القوى السياسية، لكن المهم في البداية التوافق على مبدأ النسبية واستكمال تطبيق الدستور بانتخاب مجلس نيابي على النسبية وإنشاء مجلس شيوخ يتمّ انتخابه على أساس طائفي ومذهبي يحدّد صلاحياته ووظيفته».
ولفت الزوار الى أن «الرئيس بري لا يزال في مرحلة الاتصالات والمشاورات لاستمزاج آراء الأطراف لإنضاج مبادرته وتريّث في الاعلان عنها كي يأخذ مشروع الحزب التقدمي الاشتراكي فرصته، كما يمكن أن لا يلجأ بري للإعلان عنه في مؤتمر صحافي، بل يجس نبض الأطراف عبر قنواته الخاصة وفي حال تأمن التوافق حوله يتم الإعلان عنه».
وكما نقل الزوار عن رئيس المجلس أنه «لا يحبذ التمديد للمجلس الحالي، وفي حال ذهبنا اليه بعد تعذّر إقرار قانون جديد، سنذهب مكرهين تجنباً للفراغ الذي يرفضه جميع الأطراف»، ويضيف الزوار: إذا كان البعض لا يريد التمديد وآخرون يرفضون الفراغ واستمر الخلاف حول القانون، فلا يبقى حينها الا القانون النافذ كحل نهائي. وهذا مخرج دستوري في حال وقّع الرئيس عون مرسوم دعوة الهيئات الناخبة.
التمديد محسوم إذا تعذّر القانون
وتخوّفت مصادر نيابية مطلعة من أن ينتهي العقد العادي للمجلس النيابي في 31 أيار المقبل من دون التوصل الى حل وتعذّر إقرار قانون والوقوع في المحظور ولا شيء يضمن أن يفتح رئيس الجمهورية دورة استثنائية للمجلس أو قد تحول ظروف أو إشكالات ما من فتحها، وبالتالي نصبح بلا تشريع، لذلك سيتصرّف وسيتخذ كل الإجراءات والاحتياطات قبل 31 ايار بما يضمن استمرراية المؤسسات والجلسة 15 أيار ستكون حاسمة لجهة التمديد».
انقسام داخل المستقبل حول التأهيل
وإذ لم يقارب بيان كتلة المستقبل التي انعقدت أمس موضوع قانون الانتخاب، علمت «البناء» أن هناك انقساماً داخل المستقبل حيال التأهيلي، فالرئيس سعد الحريري أعطى موافقة مبدئية، لكنها غير نهائية، بينما لفتت مصادر «البناء» الى أنه «لم يحصل توافق على التأهيلي في المستقبل وأغلبية الكتلة ترفضه وتؤيد النسبية الكاملة، لأنها تضمن أكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية له».
وتساءلت المصادر هل يسمح الدستور بتعطيل مجلس الوزراء؟ ولماذا لا يدعو رئيس الحكومة إلى جلسة لها لاستكمال مناقشة قانون الانتخاب؟ متخوفة من أزمة بين بعبدا وبيت الوسط تؤدي الى تعطيل مؤسسات الدولة.
وردّ رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط في تصريح عبر وسائل التواصل الاجتماعي على التيار الوطني الحر من دون أن يسمّيه قائلاً: «إذا كان مشروع الاشتراكي مضيعة وقت، فإن التأهيل الطائفي ضرب للوحدة الوطنية لتيار يسمّى مستقبل، لكن قد يصبح ماضياً». وأضاف: «وبالمناسبة لا نعني تياراً محدداً بل كل الذين يزايدون في التغيير وهم من التغيير براء».