يتضح من بيان وزير المال علي حسن خليل أنه قرر ضرب مبدأ العدالة والمساواة بين المتقاعدين ونسف اعتماد المعيار الموحد لزيادة غلاء المعيشة لهم. كما انه بهذا التدبير يكون قد اعتمد سياسة التمييز وسياسة الشتاء والصيف على سطح واحد. كما يدل البيان الصادر عن وزير المال على تخبط في تفسير القانون والإرباك الحاصل في تطبيق ما لم يأت على ذكره القانون، وتحديداً موضوع التماثل بين معاشات المتقاعدين وبين رواتب من هم في الخدمة. إنّ التمسك بمضمون المادة 18 وحرفيتها واعتماد المعيار الموحد ونسبة الزيادة الموحدة على معاشات جميع المتقاعدين في جميع الملاكات والأسلاك، يؤمنان العدالة والمساواة بين كل هؤلاء. في "الأخبار" تابع محمد قاسم هذه القضية المعيشية الوطنية …
اللواء
مَنْ يَلجُم «التهُّور السياسي».. بعد احتواء ذيول الجاهلية؟
8 آذار تتراجع عن صيغة تسوية العقدة الدرزية.. وجنبلاط يغازل حزب الله.. والملف الأمني أمام القضاء
هل أنعشت حادثة الجاهلية الجهود لتأليف الحكومة؟
وهل مخرج الـ32 وزيراً، هو الأنسب للاستجابة إلى الشرائط والمعادلات المستجدة والقديمة؟في الوقت الذي قالت فيه مصادر رسمية لـ«اللواء» ان ملف احداث الشوف هو ملف قضائي متروك للمعالجة من قبل الأجهزة القضائية المعنية..
من المؤكد ان الرئيس ميشال عون سيتطرق في كلمته لدى افتتاح المكتبة الوطنية في الصنائع عند الخامسة والنصف من بعد ظهر اليوم إلى الوضع الناشئ عن احداث الجاهلية، وكيفية تجاوز ما حصل إلى تحكيم العقل، والحفاظ على الاستقرار.. وتأليف حكومة، تراعي نتائج الانتخابات في الوقت نفسه تعبّر عن خيارات التسوية والتوافق..
وكان وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال غطاس خوري، أكّد في كلمة له باسم الرئيس المكلف، في افتتاح القرية الميلادية في وسط بيروت، ان الرئيس الحريري سيعمل على تحقيق انفراج سياسي..
وفيما نقلت مصادر نيابية عن مرجع كبير اعتقاده ان صيغة الثلاث عشرات اعيد تعويمها، وان توزير السني من أعضاء «اللقاء التشاوري» قطع شوطاً، بحيث ان يكون عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم، علىان يوزر من حصة الرئيس نبيه برّي، كشف الوزير السابق وئام وهّاب في حوار مع «قناة الميادين» ان نقاشاً يجري داخل قوى 8 آذار حول جدوى استمرار تكليف الحريري تشكيل الحكومة. وقال: «لديَّ شعور ان سعد الحريري لن يكون رئيساً للحكومة».
وقال: «المعادلة الحكومية تغيرت بخصوص الوزير الدرزي الثالث اما ان يكون المير طلال أرسلان أو من يسميه».
وفيما أعربت مصادر مطلعة عن عدم ارتياحها للأجواء السائدة، حذّرت في الوقت عينه من أي تهور سياسي، يُفاقم أجواء التوتر..
ودعت المصادر المعنيين إلى الانتقال إلى خطوات عملية، وإلى لجم الساعين إلى توريط البلاد، باشتباك من عيار أخطر مما حصل في الجاهلية..
عودة إلى خيار 32 وزيراً
حكومياً، وعلى الرغم من قناعة كثيرين ان موضوع الحكومة مؤجل الى حين هدوء تداعيات ما حصل في بلدة الجاهلية، فإن المعطيات المتوافرة تحدثت عن تقدّم سجل على الضفة الحكومية، انطلاقاً من الأحداث الأمنية الأخيرة في الشوف، التي استحوذت على المتابعة الرسمية، لكن المعنيين بالشأن الحكومي، افادوا ان اتصالات الكواليس وخارجها تمحورت حول ضرورة البدء من مكان معين لاحداث خرق في المشهد بعد التعثر الحاصل على صعيد تشكيل الحكومة.
واشارت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» الى ان الافكار القديمة – الجديدة لرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل اعيد احياؤها لجهة التوقف عند الفكرة الاكثر احتمالا للاخذ والرد وجعلها موضع تأييد.
وبحسب هذه المصادر، فإن خيار أو فكرة حكومة الـ32 وزيراً بدأ يلقى صدى ايجابياً، بعدما كشف عن ولادة ميتة له، لافتة إلى ان هذا الخيار غير مكتمل حتى الآن لكنه يخضع للدرس من باب انه المتوفر حاليا، وقالت ان المؤشرات توحي بأن الموضوع الحكومي يسير في اتجاه ايجابي من خلال ردود الفعل والتقييم الحاصل لتحرك الوزير باسيل.
ونفت المصادر نفسها ان يكون التسويق لهذا الطرح قد وصل الى نقطة نهائية معتبرة انه كطرح بدأ يتفاعل، مشيرة الى ان كل من يسأل عن سبب منحه الحياة من جديد بعدما رفض من قبل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مؤخرا يجد نفسه امام جواب واحد: فليعط المسعى الحالي فرصة بعدما سدت الافاق كلها.
وذكرت المصادر ان هذا الجو الايجابي الجديد والذي لم يعرف الى اين يمكن ان يقود ظهر قبيل حادثة الجبل وتحديدا حادثة الجاهلية وكان من المرجح له ان يتظهر بشكل اكبر لولا ما جرى.
ولكن هل هذا يعني ان ما جرى ارجأ كل بحث في الموضوع الحكومي، خاصة وان أي حديث عن تشكيل الحكومة غاب عن التداول، خلال اليومين الماضيين، ربما بسبب سفر «الوزير الوسيط» جبران باسيل إلى العراق في زيارة رسمية تستغرق اياماً عدّة تشمل بغداد واربيل في إقليم كردستان يرافقه وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني ومدير عام وزارة الزراعة لويس لحود وعدد من رجال الأعمال؟ أم ان ما جرى في الجاهلية حافز إضافي للإسراع في تأليف الحكومة، بحسب عضو «تكتل لبنان القوي» آلان عون؟
حتى الآن لا جواب، لكن المصادر الرسمية أكدت ان الرئيس عون بقي على تواصل مع الرئيس الحريري، لافتة إلى انه لا بدّ من انتظار إشارات محددة تأتي من «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، والتي ليست بالضرورة ان تكشف كل الأوراق حالياً، في حين توقعت مصادر أخرى ان يتشدد «حزب الله» في دعم حلفائه أكثر بعد ما جرى في الشوف.
من جهتها اشارت مصادر «تكتل لبنان القوي» لـ«اللواء» الى ان مساعي الوزير باسيل مستمرة انما على نار هادئة مؤكدة ان الاقتراح بشأن حكومة من الـ32 وزيرا لا يزال مجرد اقتراح ينتظر الموافقة مع العلم انه يمكن له ان يشكل محور نقاش وسط الاجواء المقفلة حكوميا ولا بد من منحه الوقت والفرصة معا.
واكدت مصادر رسمية لـ«اللواء» ان ملف احداث منطقة الشوف هو ملف قضائي متروك للمعالجة من قبل الأجهزة القضائية المعنية.
لملمة ذيول الجاهلية
في هذا الوقت، لوحظ أن الوزير السابق وئام وهّاب امتنع عن المثول أمس امام القضاء، وارسل محاميه معن الأسعد الذي أوضح انه قدم ثلاثة طلبات: بتنحية المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود ونقل دعوى تيّار «المستقبل» الي محكمة المطبوعات، وتقديم شكوى امام التفتيش القضائي لاتخاذ الإجراءات القانونية في حال مخالفته لاحكام القوانين إلى جانب تقديم دعاوى بحق المتسببين والذين حددهم وهّاب بأنهم القاضي حمود والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.
وترافق ذلك مع تحقيقات أمنية وقضائية بدأتها عناصر الأدلة الجنائية لكشف الملابسات المحيطة بمقتل مرافق وهّاب محمّد أبو دياب، في حين أوضح الطبيب الشرعي حسين شحرور ان تقريره بشأن مقتل أبو دياب لم يتضمن أي إشارة لنوعية السلاح المستخدم لا العسكري ولا الاميري ولا عيار الرصاصة التي أدّت إلى مقتله، مشيراً إلى ان هذا الأمر ليس من اختصاصه، كاشفاً انه استخرج الرصاصة من جثة أبو دياب بوجود ضابط من الأدلة الجنائية، وكانت سليمة وسلمها للأجهزة الأمنية المختصة من دون ذكر نوع المقذوف.
وبحسب معلومات مصادر أمنية فإن الرصاصة التي استخرجت من جسد المغدور تعود إلى سلاح كان يحمله مرافقو وهّاب، وان السبب الرئيسي للوفاة هوالنزيف الحاد، ولو نقل إلى مستشفى قريب لكان نجا، لكنه ارسل إلى مستشفى الرسول الأعظم لتجنب توقيفه.
على ان اللافت، وسط هذا الكم الهائل من تناقض الروايات والمعلومات حول ظروف ما حدث في الجاهلية، كان البارز أمس موقف «حزب الله» الذي قدم التعازي لوهاب ولعائلة الفقيد في الجاهلية بوفد ترأسه نائب رئيس المكتب السياسي محمود قماطي، الذي اعتبر ان ما حصل في الجاهلية لم يكن هدفه التبليغ إنما أكبر من ذلك، وكان القرار خاطئا وكان يمكن أن يؤدي الى فتنة ومجزرة دموية هائلة، وعلى القضاء والقوى الامنية أن يبقوا خارج التسييس والكيدية السياسية، وابودياب فدى الجبل بدمه من اجل وحدة الجبل ولبنان.
واضاف: الاستقرار في لبنان والجبل هدفان أساسيان لنا، وسياسة ثابتة للمقاومة ولتحالفنا مع الاحزاب الوطنية. لا يمكن أن نتخلّى عن حلفائنا ولا نتدخل في مواقفهم، ولوهّاب حرية التعبير سواء وافقناه أو لا بالرأي أو الموقف، وما عملنا به بالأمس مع المعنيين كان لوأد الفتنة، وندعو الأطراف كافة للتعاون لحفظ الإستقرار والهدوء.
ترافق كلام قماطي، مع تأكيد مصادر رفيعة في «حزب الله» لمحطة «ال بي سي» ان «الوضع السياسي في لبنان كان سيؤدي نتيجة الخطوة غير المدروسة في الجاهلية الى فتنة في الجبل والى فتنة طائفية في البلد وصولا الى حافة الحرب الاهلية».
ورد مصدر رفيع المستوى في «تيار المستقبل» تعقيباً على كلام المصدر الرفيع في «حزب الله» لمحطة «ال بي سي»: «إن التهويل على اللبنانيين بممارسة التدخل لمنع وقوع حرب اهلية، هو تهويل في غير مكانه، هدفه التغطية على اساس الجرم الذي ارتكبه المدعو وئام وهاب بالتعدي على الكرامات، وكذلك التغطية على جرم العصيان وتصدي السلاح غير الشرعي للقوى الامنية الشرعية، ما تسبب بمقتل الشاب المرحوم محمد ابو دياب.
إن المسؤولية اولاً واخيراً تقع على السلاح المتفلت والخارجين على القانون، وليس على القوى الامنية التي كانت على اعلى درجات التحلي بالمسؤولية وضبط النفس».
وإلى جانب وفد «حزب الله» توافدت إلى الجاهلية أمس وفود أخرى معزية، بينها وفد من «التيار الوطني الحر» برئاسة وزير البيئة طارق الخطيب، والنائب عبد الرحيم مراد ووفد كبير من الحزب «الديمقراطي اللبناني» موفداً من النائب طلال أرسلان، الذي احتفى به وهّاب نظراً للدلالات التي تحملها عودة التحالف بين الخصمين السابقين، معتبراً ان هذا اللقاء يريح الشارع الدرزي ويعيد شيئاً من التوازن إلى الجبل، ما دفع النائب في الحزب التقدمي الاشتراكي بلال عبد الله إلى ان يغرد على حسابه عبر «تويتر» قائلاً: «واجب عزاء أم احتفال بالانتصار على هيبة الدولة وسلطان القانون؟».
جنبلاط
اما رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، فقد دعا رفاقه ومناصريه عبر «تويتر»، موضحاً بأن التنسيق مع «حزب الله» منتظم كالعادة، بالرغم من تفاوت في وجهات النظر في بعض الأمور.
وتقدم بالتعازي «بالشهيد» محمّد أبو دياب، مؤكداً «كلنا في خدمة أمن الجبل أياً كانت الخلافات».
وكان جنبلاط شارك في الاجتماع الاستثنائي الذي عقده «اللقاء الديمقراطي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط، بحث في المستجدات السياسية والأمنية والأوضاع الاقتصادية الراهنة.
ولفت النظر في البيان الذي تلاه النائب هادي أبو الحسن، «دعوة اللقاء إلى عقد جلسة استثنائية لمجلس النواب لمناقشة الأوضاع العامة في البلاد وتحديد المسؤوليات والدفع باتخاذ الخطوات الإنقاذية المطلوبة».
وأعلن ان اللقاء قرّر المباشرة بجولة اتصالات بدءاً بالكتل النيابية والقوى السياسية والاتحاد العمالي العام والمجلس الاقتصادي والاجتماعي للعمل انطلاقاً من الورقة الاقتصادية التي ساهم الحزب باعدادها بهدف حث الجميع على تحمل المسؤولية في إنقاذ البلد.
وبالنسبة لحادثة الجاهلية، فقد وصفها بيان اللقاء في «اطار التعثر الحاصل في عملية تشكيل الحكومة وبعد ان بدأت الدولة تفقد هيبتها، وتضعف صورتها في ظل تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية ما فتح الباب واسعاً امام التدخلات وتصفية الحسابات، وتمرير الرسائل الأمنية لتحقيق أهداف معروفة ومكشوفة، وفي ظل التفلت والخروج عن أصول التخاطب واللياقات من قبل البعض وتخطي القوانين والقيام بمظاهر وممارسات أدّت إلى توتير الأجواء واراقة الدماء، وهو ما كنا حذرنا منه مراراً.
وانتهى إلى تقديم التعازي من أبناء الجاهلية عموماً وأسرة المغدور أبو دياب.
ويستقبل تيمور جنبلاط اليوم وفد «التيار الوطني الحر» برئاسة الوزير الخطيب في كليمنصو.
كما تحدثت مصادر اشتراكية عن زيارة وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي إلى حزب الله، لتقييم الوضع بعد حوادث الجاهلية.
الأخبار
حزب الله: أرادوا قتل وهّاب!
اتصال بين الخليل والحريري… و8 آذار يلمّ شمله في الجاهلية
ما فعله حزب الله في اليومين الماضيين، على خلفية أحداث بلدة الجاهلية، ليس أقل من منع انزلاق البلد إلى حرب أهلية، للمرة الثانية في غضون عام ونيّف. المرة الأولى كانت عندما عمل الى جانب رئيسي الجمهورية ومجلس النواب وبقية القوى السياسية على إخراج رئيس الحكومة سعد الحريري من معتقله في الرياض، مانعين انجرار البلد إلى حرب خطّطت لها السعودية (مقال وفيق قانصو).
ليس هذا «تكبيراً للحجر»، بل توصيف «واقعي ودقيق» لمجريات الأحداث نهاية الأسبوع الماضي، وفق مصادر قريبة من الحزب. «الأمور كانت على حافة الحرب»، وما منعها هو الضغوط المكثفة التي مارسها الحزب، ولكن وحده هذه المرة، في وجه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الذي اتخذ منفرداً قرار إرسال القوى الأمنية الى البلدة الشوفية، وفي وجه شعبة المعلومات والقضاء، فيما كانت معظم القوى السياسية غائبة عن السمع، وعلى غير علم بما يجري على الأرض.
الاقتناع ثابت لدى حزب الله بأن إرسال 40 آلية وأكثر من مئة عسكري مدججين بالسلاح، لم يكن الهدف منه تبليغ الوزير السابق وئام وهّاب بضرورة حضور الاستجواب في الدعوى المقامة ضده، ولا حتى إحضاره إلى القضاء، «بل كان هدفها أكبر من ذلك»، على ما قال نائب رئيس المجلس السياسي في الحزب محمود قماطي لدى زيارته الجاهلية للتعزية أمس. والـ«أكبر من ذلك» ليس، أيضاً، مجرد «فركة أذن» لرئيس حزب التوحيد العربي، بل هو محاولة قتل متعمّد عن طريق افتعال اشتباك في محيط منزل وهّاب يؤدي إلى إطلاق نار متبادل يُقتل خلاله الأخير في اشتباك عرضي، ثم تجري لفلفة الأمور.
وبصرف النظر عن النيات، فإن ما هو موضع تساؤل لدى الحزب هي «الخفة التي تعاطى بها من أرسل دورية شعبة المعلومات الى الجاهلية في ظل المحاذير السياسية والطائفية، والاحتمالات التي كانت قائمة لانزلاق التطورات إلى فتنة كبيرة في الجبل، وربما فتنة طائفية في البلد. وإذا كان هؤلاء لا يعلمون بهذه المحاذير فتلك مصيبة كبيرة، أما إذا كانوا يعلمون، وكانت هناك نيات مبيتة، فإن المصيبة أكبر وأخطر بما لا يقاس».
بات من نافل القول إن الحزب عبّر لوهّاب، الأسبوع الماضي، عن عدم موافقته على المسّ بالكرامات والإساءة إلى الرموز والانحدار الكبير في الخطاب السياسي والإعلامي، من جميع الأطراف. إلا أنه، في المواقف التي عبّر عنها مسؤولوه في اليومين الماضيين، أكّد بما لا يدع مجالاً للشكّ أنه لن يسمح باستفراد أي من حلفائه، عبر استخدام القضاء لغايات سياسية، واستخدام القوى الأمنية بهذا المستوى من «الخفّة واللامسؤولية» من قبل السلطة السياسية. وهو وفّر لوهّاب «مظلّة أمان كبيرة»، مؤكداً مرة جديدة أنه يضع الوفاء والالتزام مع حلفائه في مستوى أعلى من السياسة. فكما وقف إلى جانب الوزير سليمان فرنجية في تشكيل الحكومة، وإلى جانب الوزير جبران باسيل زمن تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وإلى جانب الرئيس ميشال عون في معركة رئاسة الجمهورية، والى جانب حلفائه السنّة بفرض قانون انتخاب على أساس النسبية وفي تشكيل الحكومة… جاءت أحداث الجاهلية لتؤكد، مرة أخرى، وقوفه الى جانب حلفائه الدروز.
في خلاصات أحداث الجاهلية أن الأحادية الدرزية كُسرت وأن الحزب يشجع على تشكيل تحالف درزي عريض
في خلاصات أحداث الأسبوع الماضي، فإن المؤكّد أن الأحادية الدرزية في الجبل قد كُسرت. كذلك فإن موقف وهّاب الاستيعابي للأحداث، مدعوماً من الحزب، يجعل منه رقماً صعباً في المعادلة الدرزية، وهو ما كرّسته على أي حال نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة. وفي الخلاصات، أيضاً، أن الغزل المستجدّ بين الجاهلية ودار خلدة يحظى بدعم الحزب وتشجيعه، لتشكيل تحالف عريض يضم كل القوى الدرزية الوطنية والحزب السوري القومي الاجتماعي.
من الواضح لدى حزب الله الدور الذي لعبه النائب السابق وليد جنبلاط في تحريض الحريري على إنهاء «الحالة الشاذة» التي يمثّلها وهّاب في الجبل، مؤكداً له أنه وشيخ العقل والدروز جميعاً سيغطّون ذلك. لذلك يبدو الحزب ماضياً في مغادرة مربّع التحفظ في خصوصية العلاقة التي يقيمها مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، والتي كانت تتيح للأخير هامشاً واسعاً من توجيه الانتقادات، في كل مناسبة، الى الحزب ودوره في لبنان وسوريا، من دون أن يلقى ردّاً. وليس خافياً أن في مشهد الجاهلية والحشد السياسي الذي أمّها أمس رسالة بالغة الدلالة لجنبلاط أن لحزب الله في الجبل حليفاً يحظى بدعم واسع منه ويقف الى جانبه بقوّة.
في خطابه الأخير، قبل أقل من شهر، نصح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله جنبلاط بأن «يضبط أنتيناته». أمس، أُعلن أن الوزير السابق غازي العريضي، بناءً على طلب منه، سيزور اليوم المعاون السياسي للأمين العام حسين الخليل. أمس، فقط، بدا أن جنبلاط ربما بدأ العمل بالنصيحة.
اتصال بين الخليل والحريري… و8 آذار يلمّ شمله في الجاهلية
لم يكُن ما شهدته بلدة الجاهلية يومَ السبت الماضي «قطوع ومرق». صحيح أن الجبل اجتاز تداعياته الأمنية بعد مُحاولة إحضار الوزير السابق وئام وهاب من منزله تنفيذاً لإشارة الرئيس سعد الحريري، لكن الخضّة وملابساتها استدعت استنفاراً سياسياً على أعلى المستويات. وفي هذا الإطار علمت «الأخبار» أن اتصالاً مباشراً سُجّل بين الرئيس الحريري والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الحاج حسين الخليل بعد «غزوة الجاهلية»، أكد فيه رئيس الحكومة أن «لا أحد يُمكن أن يقبل التعرض لأهله وبيته بهذه الطريقة وبهذه اللغة»، فرّد الخليل بأن «الكلام الذي صدر هو مستهجن ومرفوض، وأعراض الناس هي أعراضنا، ولا يهين علينا تصرف كهذا». لكن الخليل خلال الاتصال سأل الحريري، مستنكراً: «هل فعلاً كنتم تنوون اعتقال وهاب بهذه الطريقة، وهل كنتم لتتحملوا النتائج؟ ما حصل خطأ ولا يُمكن لأحد أن يتحمّل مسؤولية تداعياته». فأكد الحريري أن «وهاب كان يجب أن يتمّ إحضاره الى التحقيق» (مقال ميسم رزق).
ما حصل في الجاهلية، وبمعزل عن تفاصيله، أعاد الالتفاف حول وهاب، لا سيما من قبل حزب الله الذي تدخّل لمصلحة الأخير، على اعتبار أن حملة رئيس «التوحيد» على الحريري تُعالج بمسار قضائي ولم تكُن تستدعي المستوى الذي بلغته من جهة، ومن جهة أخرى لعلم الحزب بأن النائب السابق وليد جنبلاط لعب دوراً أساسياً في التحريض على وهاب للنيل منه، مستحضراً مناخات 5 أيار التي كان جنبلاط عرابها عام 2008. وهو حتماً أحدث صدمة داخل فريق 8 آذار الذي أعاد تجميع مكوّناته سياسياً حفظاً للتوازن الذي حاول الفريق الآخر ضربه بقرار «متهوّر» وغير مدروس من رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط. فقد كان لافتاً يومَ أمس، وبالوقائع، أن ما أقدمت عليه شعبة المعلومات نزل كالصاعقة على فريق 8 آذار، الذي شعر جزء كبير منه بأن هناك مُحاولة لاستخدام منطِق الاستقواء بجهاز أمني. وهذا التحسّب دفع بـ8 آذار، وتحديداً القوى الدرزية، الى استنهاض جمهورها من جديد لتنبيه الخصوم في الجبل وغيره من الذهاب بعيداً في ما يخطّطون له. أبرز هذه الوقائع هو توجّه وفد من الحزب الديمقراطي اللبناني لتقديم واجب العزاء لرئيس حزب التوحيد العربي، ممثلاً الوزير طلال أرسلان، ويترأسه نائبه نسيب الجوهري الذي اعتبر أن «أمن الجبل لا يكون بهدر دم أبنائه واستباحة أمن قُراه، ولا يكون بقرية واحدة خطّاً أحمر، لا بل كلّ الجبل خط أحمر». وأهمية هذه الزيارة أنها جاءت بعدَ خلاف عميق بين أرسلان ووهاب، وأعلن وهاب بعدها «أننا كلّنا تحت راية أرسلان، وسأزور منزله بعدَ انتهاء التعازي».
جنبلاط يتراجع
حركة التضامن مع وهاب الذي قال إن ««المعلومات» كانَ ينقصهم أن يأتوا الى الجاهلية ومعهم المناشير» انضمّ اليها رئيس تكتل «لبنان القوي» الوزير جبران باسيل الذي أرسل وفداً للتعزية بالشهيد محمد بو دياب، برئاسة الوزير طارق الخطيب الذي قال من الجاهلية «إن ما حصل سيكون موضوع تحقيق قضائي لتحديد المسؤوليات». ومن بين المعزّين شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نصر الدين الغريب الذي اعتبر ما حصل «غزوة على المدنيين والشيوخ والاطفال»، مشيراً الى «أننا نعرف أن العمليات تكون ضد المجرمين والإرهابيين، وهذه سابقة خطيرة نأمل أن لا تتكرر».
في مقابل هذا الالتفاف والتضامن مع وهاب، سجّل جنبلاط تراجعاً كبيراً في مواقفه؛ فبعد أن اعتبر من على عتبة منزل الرئيس الحريري، قبلَ أيام، أن «الدولة قامت بواجبها في الجاهلية»، علمت «الأخبار» أن رئيس الحزب الاشتراكي يسوّق في مجالسه أنه «لم يكُن يعلم بأن المشهد سيكون كما حصل»، لذا سارع أمس الى ضبط جمهوره وتهدئة ساحته. جنبلاط لم يتوقّف طيلة الساعات الماضية عن التغريد، وقال في تعليق على موقع «تويتر» إنّ «التنسيق مع حزب الله منتظم كالعادة بالرغم من التفاوت في وجهات النظر في بعض الأمور. أمّا في ما يتعلّق بما جرى في الجاهلية، فإنّني أتقدّم بالتعازي بالشهيد محمد بو دياب، وكلّنا في خدمة أمن الجبل أياً كانت الخلافات».
في المسار القضائي، أعلن محامي وهاب معن الأسعد التقدم بطلب تنحية مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود عن القضية ونقل الدعوى ضد وهاب «إلى المحكمة المختصة أصولاً وهي محكمة المطبوعات، كما تقدمنا بشكوى أمام التفتيش القضائي بوجه القاضي حمود»، مشيراً الى أن «القاضي حمود إنسان كفوء لكنه أخذ قراراً تحت الضغط السياسي». كذلك كلّف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس الشرطة القضائية بالتحقيق في الملابسات التي أدّت إلى مقتل بو دياب.
الجمهورية
الأزمة تتفاقم ولا مبادرات… ودعوات تســتعجل الحكومة وتحذيرات من المخاطر
بداية اسبوع مفتوحة على أكثر من سؤال برسم السلطة السياسية: ماذا بعد؟ والى أين يؤخذ البلد؟ على الرغم من الهدوء الذي ساد في أعقاب الحوادث الاخيرة، فإنه يبقى هشاً ومشكوكاً برسوخه وبعدم تكراره في اي وقت، في صور مقيتة أخرى وفي مناطق أخرى، طالما انّ اسباب مثل هذه الحوادث لم تنتفِ. وهذا يعني، انّ هيبة الدولة بقواها السياسية وسلطاتها الرسمية وأجهزتها القضائية والأمنية ستبقى مهدّدة في اي وقت، بالكسر والاهانة والتطاول عليها، على نحو ما حصل في الأيام الاخيرة.
تلك الحوادث هي النتاج الطبيعي للفلتان السياسي الذي تتفرّع عنه كل الموبقات والأزمات التي يعاني منها البلد. وهو الأمر الذي ضخّم مخزون القلق لدى اللبنانيين، الى حدّ الشعور بانعدام الامان وفقدان الثقة بالمسؤولين، فيما السلطة السياسية غارقة في سباتها العميق، تغمض عيونها على كل ما يهدّد استقرار البلد، وعلى كل المستويات، وإن فتحتها فلا ترى سوى مصالحها وحدها، دون اي اعتبار لما لصراخ الناس وخوفهم على مصيرهم.
اللافت للانتباه، انّ ما حصل قبل ايام، والتوترات المتنقلة بين منطقة واخرى، لم يحمّس أصحاب الشأن والقرار السياسي، على الشروع في مبادرة احتوائية لما جرى، تتجّه نحو لملمة أجزاء البلد المشتتة، خصوصاً انّ ما جرى قرّب البلد من لحظة مصيرية ووضعه امام منعطف خطير يؤدي في أحسن حالاته الى «خراب البصرة»، على حدّ ما انتهت اليه بعض القراءات السياسية لما حصل.
واذا كان أهل السلطة، من رسميين وسياسيين وحزبيين، قد رفعوا الصوت في عزّ أزمة تعطيل الحكومة بالتحذير والنصح، بأنّ قيامة لبنان مهدّدة، وانّ البلد لم يعد يملك ترف إهدار الوقت، فإنّ الاحداث الاخيرة، وإن كانت قد اكّدت خطر هذا المنحى، فإنّها في الوقت ذاته، وكما يقول مرجع كبير، يجب ان تُعتبر جرس إنذار مما يمكن ان يصل إليه البلد في حال استمر الفلتان السياسي على ما هو قائم عليه في هذه الايام. فالوضع الداخلي بكل مفاصله بات يتطلب مقاربات جذرية لإعادة بناء الهيكل، الذي يشكّل الملف الحكومي احد أعمدته الاساسية، علماً انّ هذه المقاربات ينبغي ان تكون مختلفة عن السياق الذي جرى اتباعه خلال أشهر التعطيل الستة، بل ينبغي ان تكون قائمة على مبادرات جدّية أساسها التنازلات المتبادلة.
وقال المرجع لـ«الجمهورية»: «ينتابني القرف مما يجري، أردنا البقاع آمناً ومستقراً لفتح الباب امام إنماء هذه المنطقة، فإذا ببعض الحالات الشاذة تُمعن في تصرفات وتحدّيات للجيش اللبناني ومحاولات إعاقة مهماته في المنطقة والاعتداء على عناصره، والغاية واضحة، إبقاء هذه المنطقة في موقع المتّهمة والمشوّهة هي واهلها جرّاء ما يرتكبه بعض الخارجين على القانون فيها».
أضاف المرجع: «وينتابني القرف من الانحدار المريع في مستوى التخاطب بين القوى السياسية، لم يعد تخاطباً سياسياً، بل صار اهانات وشتائم تنعدم فيها الاخلاق، ثمة انحدار واضح، والشعور بالمسؤولية منعدم وكل طرف يصيح ويتلطى براعيه السياسي والطائفي، ناهيك عن الارتكابات المتمادية في كل مفاصل الدولة، وليس من يسأل وليس من يُحاسب، كيف يمكن ان تخرج من هذه الدوامة؟ لا اعرف. لقد اوصلوا الدولة الى وضع معطّل الى حدّ التعفّن، ومع الأسف ما زالوا مستمرين في هذا المنحى».
وقال: «ما جرى يوجب اكثر من اي وقت مضى، ان يدرك اللبنانيون معنى الفوضى. السفارات الغربية بدأت تسألنا ما الذي يجري عندكم، ويعبّرون عن قلق على بلدنا، ونحن من جهتنا نصاب بالخجل أمامهم، ولا نعرف ماذا نقول لهم ، ولا نستطيع ان نبرّر، فكيف لا ونحن نتلهى بوزير بالزايد ووزير بالناقص، فيما الفتنة والفوضى كالماء، تجري من تحت أقدامنا ونحن لسنا عابئين بذلك».
وحذّر المرجع من أنّ «ما حصل، وإن لم يتم تداركه، سيتسبب حتماً بما هو اسوأ، وكل ذلك مؤشر خطير على عمق الأزمة السياسية في البلد، والتي تتفرّع عنها كل الأزمات الاخرى، وخصوصاً الأزمة الاقتصادية، وكذلك غياب الدولة. في الدول المحترمة أدنى حادث يؤدي الى سقوط حكومة وعهود، اما عندنا فلا سقوط الّا للدولة والوطن مع الاسف».
وبحسب المرجع، فإنّ «الفرصة متاحة اليوم لأن يعيد كل طرف حساباته، والدخول جدياً في مرحلة حسم تأليف الحكومة، واذا كانت الكرة هنا في ملعب رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف وكذلك النواب السنّة الستة ومن خلفهم «حزب الله»، فأعتقد انّ مبادرة الحل الأولى والاخيرة تبقى لدى رئيس الجمهورية. المسألة لم تعد تحتمل، صرنا في سباق خطير مع الأزمة، واقل الواجب والمسؤولية هو ان نسبقها قبل ان تسبقنا وتُسقطنا جميعاً».
العقدة الحكومية
سياسياً، يُنتظر ان تشكّل التطورات الاخيرة محور الكلمة التي يلقيها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال افتتاحه عصر اليوم، المبنى الجديد للمكتبة الوطنية في الصنائع. وفيما لم يطرأ تبدّل في مواقف الأطراف المعنية بعقدة تمثيل سنّة 8 آذار في الحكومة، بل ظلت خلف التصلّب المُتبادل، استعجل «اللقاء الديمقراطي» تشكيل الحكومة. وفي الاطار، أكّدت اوساط الرئيس المكلّف سعد الحريري لـ«الجمهورية» ثباته على موقفه في ما خصّ هذه العقدة، مقابل تأكيد اوساط سنّة 8 آذار بأنّهم غير معنيين بأي مخرج حل للحكومة خارج تمثيلهم وبحقيبة.
وفي السياق ذاته، شدّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري على انّ الضرورات صارت تحتّم التعجيل بتشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، وكلما عجّلنا بذلك تمكنّا من المعالجة المبكرة للخطر الداهم.
ولا جزم في عين التينة ما اذا كانت الحكومة ستولد قبل عيد الميلاد، وإن كان الرئيس بري يتمنى ذلك، لكنه ما زال ينتظر ما ستؤول اليه حركة وزير الخارجية جبران باسيل، حيث هناك افكار مطروحة للحل، والوزير نفسه ما زال يقول إنّ مبادرته لم تنتهِ بعد.
وأكمل وزير المال علي حسن خليل موقف الرئيس بري بقوله: «انّ الحوادث الأخيرة التي حصلت، تقتضي وتفرض منا أن نسارع إلى إكمال عقدنا الدستوري، عبر تشكيل الحكومة، ووضع كل الملفات المرتبطة بالاستقرار الأمني والسياسي، ومعالجة الشأن الاقتصادي والمالي على الطاولة، حتى نتجاوز القطوع الكبير الذي يهدّد البلد واستقراره وحياة الناس فيه ومصالحها، لانها هي الأساس».
الجاهلية
سلكت أحداث الجاهلية مسارها القضائي، وفيما امتنع الوزير وهاب عن الحضور الى قصر العدل في بيروت للإدلاء بإفادته بشأن الدعوى المقامة ضده بجرم القدح والذمّ بعد تعرّضه للرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس المكلّف سعد الحريري، حضر وكيله معن الأسعد، الذي تقدّم بثلاثة طلبات أمام غرفة التفتيش، من ابرزها طلب تنحية مدّعي عام التمييز القاضي سمير حمود وتحويل القضية الى محكمة المطبوعات.
مجلس القضاء
وأكّد رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد أنّ «القضاء الجزائي في لبنان بذل ويبذل الكثير من الجهد ليؤدي الدور المنوط به»، مشيرًا إلى أنّ «المصلحة العليا تقتضي من كلّ حريص معاضدة القضاء في سعيه الى أداء دوره كسلطةٍ مولجةٍ دستورياً بأمر إحقاق الحق وتثبيت حكم القانون وفي سعيه المنصبّ على الحفاظ على صورته الحيادية». وقال إنّ «القضاء عموماً في لبنان، بدعمٍ من رئيس الجمهورية، يؤدي دوره على أكمل وجه بكلّ حيادية ووفق الأحكام القانونية المرعية الإجراء عبر مسار قضائي صرف منزّه عن أيّ خلفيات أخرى».
مسعى «التيار»
في هذا الوقت، تحرّك»التيار الوطني الحر» على خط التهدئة، فزار وفد منه برئاسة الوزير طارق الخطيب بلدة الجاهلية للتعزية. على ان يزور اليوم الامين العام لتيار «المستقبل» احمد الحريري ثم النائب تيمور جنبلاط ، وعصر الخميس النائب طلال ارسلان.
وقال الخطيب لـ«الجمهورية»: «بتوجيه من رئيس «التيار»، نحمل رسائل الى الاطراف التي نزورها بالدعوة الى اعمال العقل والتهدئة وتخفيف التشنج وخفض مستوى الخطاب الاعلامي الذي يزيد الوضع توتراً».
وهل يستفز مسعى «التيار» الرئيس الحريري أجاب: «عند وقوع اي نزاع سياسي بين اطراف لبنانيين، نشعر انّ علينا واجب التحرّك لتهدئة الخواطر منعاً لوقوع الاسوأ، فالجميع يدرك خطورة الوضع ودقته، ولا اعتقد انّ تحرّكنا يستفز الرئيس الحريري ولا يجب ان يستفزه ابداً، فهو ايضاً خطابه هادىء ويدعو الى التهدئة».
وفود
الى ذلك، امّت وفود سياسية وحزبية بلدة الجاهلية معزية بمقتل محمد بوذياب. وبرزت في السياق تغريدة لرئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط تقدّم فيها بالتعازي «بالشهيد محمد بوذياب، وكلنا في خدمة أمن الجبل أيّاً كانت الخلافات». وتوجّه فيها الى «الرفاق والمناصرين» قائلاً: «هناك كالعادة سلسلة من الاخبار الغريبة والمحرّضة، وأوضح أنّ التنسيق مع «حزب الله» منتظم كالعادة بالرغم من تفاوت في وجهات النظر في بعض الأمور».
اشتباك
في غضون ذلك، إرتفعت وتيرة الاشتباك السياسي على خط احداث الجاهلية، بين الوزير السابق وئام وهاب وتيار «المستقبل»، الذي اكّد عبر محطته التلفزيونية «انّ لا مفرّ من العدالة، ولن يعبر مرور الكرام خروج المطلوب من العدالة، وئام وهاب، عن منطق الدولة وخروجه عن القانون عبر تحضير مجموعات مسلحة لمواجهة قوة أمنية رسمية مكلّفة تنفيذ قرار قضائي صادر عن سلطة رسمية». وكذلك بين تيار «المستقبل» و»حزب الله»، وشرارة الأمس تولّدت على خلفية ما قاله مصدر رفيع المستوى في «حزب الله» لإحدى القنوات المحلية بأنّ «الحزب الذي رفض ما حصل في موضوع تدني الخطاب السياسي، بغض النظر عن مُطلِق هذا الخطاب، رفض إرسال القوة الأمنية الكبيرة من قبل فرع المعلومات إلى الجاهلية، لاقتناعه بأنّ ما كان يُحضَّر هو أكبر بكثير من قضية اعتقال أو إحضار وئام وهاب».
وبحسب المصدر، فإنّ «الوضع السياسي في لبنان كان سيؤدي، نتيجة الخطوة غير المدروسة في الجاهلية، الى فتنة في الجبل، وفتنة طائفية في البلد، وصولًا حتى وضع لبنان على حافة الحرب الأهلية».
وإذ حمَّل المصدر السلطة السياسية وتحديدًا الجهة المسؤولة عن إصدار الأوامر بعملية الجاهلية، اي رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، مسؤولية ما حصل، أكّد أنّ الحزب وحده ومن دون أي جهة أخرى، منع البلد من الإنزلاق إلى الحرب الأهلية عبر الضغط الذي مارسه على الأطراف المعنية.
وردّ مصدر رفيع المستوى في تيار «المستقبل» على كلام المصدر الرفيع في «حزب الله» بقوله: «إنّ التهويل على اللبنانيين بممارسة التدخّل لمنع وقوع حرب اهلية، هو تهويل في غير مكانه، هدفه التغطية على اساس الجرم الذي ارتكبه المدعو وئام وهاب بالتعدّي على الكرامات، وكذلك التغطية على جرم العصيان وتصدّي السلاح غير الشرعي للقوى الامنية الشرعية، ما تسبب بمقتل الشاب المرحوم محمد بو ذياب» .
واضاف المصدر: «إنّ المسؤولية اولاً واخيراً تقع على السلاح المتفلت والخارجين على القانون، وليس على القوى الامنية التي كانت على اعلى درجات التحلّي بالمسؤولية وضبط النفس».