خاص ـ الحقول/”عشق النساء” مسلسل لبناني انتهى عرضه في منتصف شهر آذار من هذا العام على محطة “ام بي سي 4” وهو من تأليف منى طايع واخراج فيليب خيرالله وانتاج زياد الشويري عبر شركته اونلاين بروداكشن. صنف هذا المسلسل على انه رومانسي وحاز على نسبة مشاهدة عالية، وهو جمع عدداً من الوجوه اللبنانية البارزة امثال ورد الخال ونادين نجيم الى جانب الممثل السوري باسل خياط وعدد من الممثلين المصريين.
العنوان “عشق النساء” عنوان جاذب بمعيار الترويج والمشاهدة، فهو من جهة يجذب المعلن ويجذب المشاهد وهذان عنصران اساسيان في انتاج العمل. الا ان العنوان استوقفني لدرجة ما تواتر على مسامعي في عناوين مسلسلات اخرى مثل “العشق الاسود” التركي والمسلسلان السوريان “العشق الممنوع” و”العشق الحرام”. وفي رأي بعض المهتمين بالدراما العربية ان لفظة العشق كفيلة بأن تبيع المسلسل بغض النظر عن المحتوى اي ان المكتوب يُقرأ من العنوان، ويعتبر بمثابة الوصفة المطلوبة في السوق التلفزيونية.
واذا انطلقنا من فكرة ان الدراما تحاكي الواقع وانها فن التقاط حكايات الناس بأوجاعها وافراحها، بآمالها وخيباتها، بامكانياتها وطموحاتها، بنجاحاتها واخفاقاتها، فان المتابع لمسلسل “عشق النساء” الذي تجاوزت حلقاته الخمسين (54 حلقة)، يجد نفسه امام ترشكيبة تتداخل بطريقة مفتعلة بعيدة عن الانسجام اولاً، وامام حكاية لا تشبه الواقع اللبناني وان حاولت ان تحاكي شيئاً من قضاياه المثارة اعلامياً. تجد نفسك امام عائلات ثرية ثراءً فاحشاً وامام شخصيات تستعرض الثراء في منازلها الفاخرة وازيائها العصرية وسياراتها الفارهة، ما يبعدك عن السياق الدرامي المفروض ان يكون الحلقة الاساس. فلا يعود العشق ظاهرُ لولا الثنائي ورد الخال وباسل خياط.
لقد تغلبت الصورة على الفكرة، اشبعت ابصارنا بصور الانفعالات والديكورات وباسقاطات من الواقع اللبناني، حين تعرض السياسي المحامي لحادثة اغتيال على خلفية كشفه عصابة متورطة بادخال المخدرات الى البلد. لكن يسجل للمسلسل اضاءته على قضية نشر المخدرات في المدارس اللبنانية والتي هي محل قلق المجتمع الاهلي والتي تتمتع باجماع لبناني رافض. ولم يخل المسلسل من التعامل مع مواضيع إشكالية وخلافية كـ”المثلية الجنسية” وتقديم “المثلية” بصورة الشخص الخلوق والناجح والمحب.
في “عشق النساء” تشعر انك امام مجتمع لا يشبه مجتمعنا وانك امام عمل يذكرك بأعمال مكسيكية راجت على شاشاتنا منذ عقدين من حيث طبيعة العلاقات والروابط والقيم التي تقدمها في قالب درامي نجح في اجتذاب الجمهور. ولعل بعض المشاهدين كانوا محقين في ملاحظة ان بعض الممثلات في “عشق النساء” كانوا يقلدون في ادائهم ممثلات تركيات، كما في ” حريم السلطان”، وان فبركة النهاية السعيدة التي جمعت البطلين، لم تكن لتلتقي مع السياق لولا محاولة كاتبة السيناريو تطويع القَدَر، وهي محاولة غير مقنعة.
ما زالت الدراما اللبنانية تغيّب الاولويات الاجتماعية في معالجتها للمحتوى الدرامي وفي مقاربتها للمجتمع اللبناني من خلال التماهي مع القالب الغربي او المختلف عن مجتمعنا وهي من اجل الترويج، تستعين بوجوه لبنانية وعربية لامعة تكفل شيئا من النجاح للعمل.
الدراما اللبنانية بحاجة الى رؤية واضحة تعيد اليها التألق الذي عاشته مع انطلاقة تلفزيون لبنان حين كانت مسلسلاته باللغة الفصحى محط اعجاب وانتظار المشاهدين اللبنانيين، رغم بدائية الجانب التقني.
COMMENTS