يبدو أن التوافق السياسي الذي أرسته وثيقة بعبدا شكّل مخرجاً للعديد من الملفات الاقتصادية والمالية العالقة ومنها مسألة قطع الحساب المتعلقة بموازنتي حكومتي الرئيس فؤاد السنيورة بسبب فقدان حسابات مبلغ يوازي 11 مليار دولار أميركي. مصادر لجنة المال والموازنة أوضحت أن "الأمر بيد رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري اللذين تكفلا إيجاد الحل المناسب"، مشيرة الى أنه "بحسب لقاء بعبدا، فإن قطع الحساب يتجه الى تسوية، لكنها نفت علمها بالمخرج القانوني والمالي لذلك". واعتبرت المصادر أن "المخرج القانوني لمبلغ 11 ملياراً سيكون عبارة عن اجتهادات وفذلكة، وليس عملية حسابات رقمية وبالتالي سيحل بالتسوية بين الرئيسين عون والحريري، فيما تتكفل اللجان باختلاق المخرج والصيغة القانونية والمالية المناسبة".
الجمهورية
السلسلة معقّدة.. واللصوص يسرقون المشاعات
" تقول : حرارة المناخ الصيفي المتزايدة يوماً بعد يوم، يبدو أنها ستلفح الكثير من الملفات الداخلية ولا سيما المعيشية منها او تلك المرتبطة بمالية الدولة، وترفع درجة سخونتها الى مستويات عالية قد لا تبقى محصورة ضمن حدود تلك الملفات، بل ربما تتخطّاها الى الشأن السياسي الذي يتصل مباشرة بها، ما يعني انّ نار الاشتباك مرشّحة الى الاشتعال مجدداً، وخصوصاً على حلبة سلسلة الرتب والرواتب الواقعة بين نارَي المطالبين بها والمعترضين عليها. وفي وقت بقي هاجس الفلتان الامني والفوضى واللصوصية يؤرق المواطن اللبناني، ويضع الدولة بكل مستوياتها أمام مسؤولية وضع حدّ له، كونه أصبح متنامياً بشكل خطير وعابراً لكل المناطق، أطلّ هاجس فلتان من نوع آخر تقوده "مافيات عقارية" تسطو على عقارات المواطنين و"تبلع" مشاعات الدولة.
يشكّل ملف السلسلة العنوان الأكثر سخونة الذي سيطرح على بساط البحث السياسي والنيابي والحكومي وكذلك الاقتصادي في الايام القليلة المقبلة. وفي موازاة إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري إدراج السلسلة كبند اوّل في جدول أعمال جلسة مجلس النواب المقبلة، دخلت الاطراف المستفيدة من هذا الموضوع والمتضررون منه الى حلبة الاشتباك المبكر، حيث استأنف المستفيدون تحركاتهم الضاغطة لإقرار السلسلة في مجلس النواب، وتهديداتهم بالنزول الى الشارع اذا كان مصير المناقشات النيابية هذه المرة على غرار ما جرى في السابق.
في وقت عادت الهيئات الاقتصادية الى توجيه التحذيرات من زيادة العجز في الميزانية، وتحميل المالية العامة ما لا قدرة لها على تَحمّله. وتتزامن هذه التحذيرات مع تحذيرات رديفة أطلقتها مؤسسة "فيتش" العالمية للتصنيف الائتماني قبل ايام، في شأن دقّة الوضع المالي في لبنان، والذي يعاني ضغوطاً متنوعة.
هذا الجدل بين الطرفين، يقابله واقع آخر يتعلّق بالمواطنين وقدرتهم الشرائية. اذ يبدو انّ إقرار السلسلة سيكون مقروناً بفرض ضرائب ورسوم جديدة. وسيكون على الحكومة ان تقترح مشاريع قوانين جديدة لتمويلها على أن تحيلها الى المجلس النيابي.
كذلك تبرز إشكالية أخرى تتعلق بمستوى الرواتب في القطاع الخاص، اذ انّ الهيئات الاقتصادية المعارضة لإقرار السلسلة تقول انّ رفع الرواتب في القطاع العام، سيؤدي لاحقاً الى مطالبات برفع الرواتب في القطاع الخاص، في وقت تمرّ المؤسسات في أوضاع صعبة، وايّ زيادة في مصاريفها قد تقضي عليها وتؤدي بالتالي الى زيادة في نسب البطالة المتفشية.
ويبدو انّ بوادر هذا الامر ظهرت منذ اليوم، إذ اقترح رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر ان يتمّ تصحيح الأجور في القطاع الخاص بالتزامن مع إقرار السلسلة.
في النتيجة، البلد على عتبة الدخول في دوّامة جديدة عنوانها كيفية ضمان حقوق الموظفين في القطاع العام، والحفاظ على القدرات الشرائية للمواطنين، وكيفية منع انهيار المالية العامة للدولة.
مافيا المشاعات
في هذا الوقت، تتعالى صرخات المواطنين في أكثر من منطقة لبنانية حول تنامي ما بات يسمّى بـ"الفلتان العقاري" التي تستغلّه مافيات تسيطر على مشاعات وملاك الدولة.
وعلمت "الجمهورية" انّ ثمة شكاوى عدة وردت الى مراجع سياسية وكتل نيابية من مناطق في الجنوب حيث تبلع "مافيات المسح" مساحات واسعة من هذه المناطق، وكذلك من البقاع والشمال وعكار (عدا الأقضية المسيحية الاربعة التي ينطبق عليها قانون مشاعات متصرفية جبل لبنان)، حيث أشار بعض المواطنين الى جبل بكامله "بَلعته" المافيات.
وتوضح مصادر المعلومات ما يجري، فتشير الى انّ الدولة لم تقم بمسح اراضي تلك المناطق منذ العام 1920، وهذه الاراضي كناية عن مشاعات للدولة وملكيّات للمواطنين، ومن هنا قامت مديرية الشؤون العقارية، منذ مدة بتلزيم شركات مساحة عملية مسح القرى في المناطق المذكورة لقاء 100 مليون ليرة للبلدة الكبيرة و90 مليون ليرة للبلدة الصغيرة.
تضيف المصادر: الشركات المذكورة تقاضت مئة مليون ليرة لقاء أتعابها، ولكن مع بدء عملية الفرز التي بدأتها بالتعاون مع المخاتير والاهالي، تبيّن انّ ملكيات المواطنين مثبتة بـ"حجج" قديمة، الأمر الذي استغلّه بعض تلك الشركات بالتواطؤ مع بعض المخاتير والنافذين في تلك المناطق، وبدأت تحدّد الحدود العقارية للملكيات لمَن يدفع اكثر، إذ انها وخلافاً للقانون أخذت تتقاضى مبالغ مالية من المواطنين القريبة أملاكهم من مشاعات الدولة، تتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف او اربعة آلاف دولار، الى أن وصلت المبالغ الى ملايين الدولارات.
حيث يتمّ المسح بناء على "الحجّة" القديمة فيقضم مئات الدونمات من املاك الدولة ويجري ضمّها الى المساحة المحددة قبلاً في الحجة المذكورة، ونتيجة لذلك ضاعت على الدولة آلاف الدونمات من المشاعات، توزّعت بين 200 دونم في إحدى القرى، و300 في قرية ثانية و500 في ثالثة تِبعاً لحجم الدفع.
والأسوأ من ذلك، كما تكشف المصادر، تعاطَت بعض الشركات المذكورة بطريقة ابتزازية مع بعض القرى، اذ انها أجرت عمليات المسح من دون ان تثبت "تنشئة المنازل" القائمة أصلاً على الاراضي الممسوحة، وهذا الأمر يرتّب أعباء مالية كبيرة على المواطنين لتثبيت تنشئة منازلهم، وثمّة نماذج فاقعة في الجنوب ولا سيما في بلدات الغندورية وكفردونين، ووادي الحجير حيث وضع البعض أيديهم على غابات ومساحات شاسعة من مشاعات الدولة، وكذلك في بلدة القوزح التي لم يسلم وقف الكنيسة فيها حيث تمّ السطو عليه وسجّل باسم بعض النافذين. والأمر نفسه حصل في فنيدق حيث تبلغت جهات نيابية بعملية سطو على جبل بأكمله مساحته عشرات آلاف الدونمات لصالح بعض النافذين.
وبحسب المصادر، فإنّ عنصر الخطورة الاضافي في الأمر يكمن في انّ الشركات تحجب المعلومات والخرائط التي تضعها عن البلديات، لأسباب غير معلومة، على رغم أنّ هذا المسح الذي أجرته قد أدى الى خلق مشكلات اجتماعية وإرباكات كبيرة في عدد من القرى وخلافات حادة بين الاهالي جرّاء قضم أملاكهم المعروفة تاريخياً وإلحاقها بأملاك آخرين كحق لهم، الأمر الذي رَتّب دعاوى كثيرة أمام القضاء المختص.
علماً انّ هناك بعض المتعهدين بأعمال المساحة التزموا قرى منذ مدة تصِل الى عشر سنوات ولم تنجز بعد، ومع ذلك لا أحد يسأل لماذا هذا التأخير، ومع ذلك يتمّ تمديد المهلة لهم مع دفع قيمة الاتعاب ذاتها في كل مرة.
من المسؤول؟
اذا كانت شركات المساحة المعتمدة أو بعضها هي المسؤولة عن هذا الفلتان، فإنّ مسؤولية منعه ووضع حدّ له تقع على الدولة بمؤسساتها ووزاراتها المعنية، وعلى وجه الخصوص وزارة الداخلية التي في مقدورها اتخاذ إجراءات رادعة في حق المخاتير والبلديات المتواطئة في هذا الفلتان، وتقع ايضاً على القوى السياسية النافذة في تلك المناطق التي تغمض العين أو تغطّي تلك الظاهرة.
واستفسرت "الجمهورية" وزارة المالية حول حقيقة ما يجري، فأكدت انّ اولوية الوزارة هي منع هذه الظاهرة، وهي تولي هذا الملف اولوية استثنائية. وانّ الوزير علي حسن خليل اتخذ في الآونة الاخيرة إجراءات رادعة بحق بعض المتورطين وأحال ثلاثة منهم الى التحقيق.
وعلم في هذا الاطار انّ هذا الملف وُضع مؤخراً في عهدة النيابة العامة المالية وكذلك النيابة العامة التمييزية، وجرى تواصل مباشر في هذا الشأن بين النائب حسن فضل الله وبين النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم والنائب العام التمييزي القاضي سمير حمود اللذين أكّدا له إيلاء هذا الامر الاهمية الكبرى، وشدّدا على انّ في إمكان المواطنين المتضررين إقامة الدعاوى القضائية لاسترداد حقوقهم ومعاقبة المتورطين.
وقال فضل الله لـ"الجمهورية": "نحن أمام قضية وطنية بامتياز، تتصل بأملاك الدولة وحقوق المواطنين. وسبق أن ناقشنا هذا الموضوع في لجنة المال عندما تبيّن انّ الحكومة زادت 15 مليار ليرة على قانون برنامج "التحديد والتحرير" لتلزيم شركات المساحة مَسح المناطق غير المشمولة بالمسح سابقاً".
أضاف: "تبيّن لنا انّ هناك مشكلات كبرى في هذا الملف جرّاء عدم التزام بعض المتعهدين الكثير من المعايير القانونية ودخول عوامل فساد حقيقية في هذا الملف، منها ما يتعلق بحقوق المواطنين ما سَيولّد مشكلات اجتماعية كثيرة، ومنها ما يتعلق بأملاك الدولة والتي تبيّن لنا انّ هناك من يضع اليد عليها من خلال تزوير المستندات او من خلال الرشاوى المالية لتسجيل هذه الاملاك لمنافع شخصية.
الخطورة في هذا الموضوع انّ التمَلّك بعد المسح يصبح بسندات رسمية بخلاف ما هو حال التعديات على الاملاك البحرية او على بعض المشاعات التي أنشأ عليها مواطنون منازل في السابق، لأنّ ملكية الارض هنا لا تزال للدولة".
وسئل فضل الله عمّا أوجب إثارة هذا الموضوع في الوقت الحالي وليس قبل الآن؟ فأجاب: "لقد سبق وأثرتُ هذا الموضوع في مؤتمر صحافي، اولاً لأنه مرتبط بمناقشة الموازنة العامة، وثانياً لأنّ شركات المساحة بدأت بتحويل ملفاتها الى القضاة العقاريين للبَتّ فيها ومن هنا رفعنا الصوت قبل أن يبتّ القضاة العقاريون بهذه الملفات ولمنع هذا الفلتان لا بل هذا الاعتداء الخطير".
ورداً على سؤال آخر قال: "هذا الملف هو خارج ايّ اعتبار سياسي، ونرفض ايّ تغطية لأيّ متورّط ايّاً كان، هذا أمر لا نقاش فيه، هو أمر يعني كل المناطق وبالتالي يفترض ان يتّخذ بحق المتورطين الإجراء القضائي اللازم وان يستعاد كل شبر أرض تمّ السطو عليه".
الملف السياسي
سياسياً، ظل القانون الانتخابي بنداً اساسياً في جدول البحث السياسي حول كيفية تطبيقه، والتحضيرات التي تجريها الأطراف للدخول في فضاء هذا القانون ومحاولة الحصول على أجوبة وتوضيحات حيال بعض التفاصيل التي ما زالت غامضة فيه.
ويتزامن ذلك مع تقديرات سياسية حول مباشرة وزارة الداخلية الإعداد في فترة غير بعيدة لإجراء انتخابات فرعية لملء المقعد الماروني الشاغر في كسروان والمقعدين الارثوذكسي والعلوي الشاغرين في طرابلس، وهو ما أشار اليه بري أمام وفد نقابة الصحافة قبل ايام.
وقد يكون هذا الموضوع من ضمن جدول اعمال اللقاء الاسبوعي الذي سيعقده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يزور القصر الجمهوري اليوم.
"القوات"
وقالت مصادر "القوات اللبنانية" لـ"الجمهورية" انّ "خريطة الطريق المطلوب اعتمادها اليوم، أي بعد إقرار قانون الانتخاب، يجب ان تكون مثلّثة الأضلاع:
الضلع الأول، الحفاظ على الاستقرار السياسي وتحصينه من خلال تحييد لبنان وإبعاده عن سياسة المحاور في مرحلة تشهد تحولات وتغييرات من الأفضل للبنان أن ينأى بنفسه عنها، خصوصاً انّ السياسة الحالية أثبتت جدواها وأدّت إلى انتظام عمل المؤسسات وجَنّبَت لبنان التعطيل، ولا مصلحة لأحد في جَرّ لبنان إلى انقسامات ومتاهات تدفعه إلى الانزلاق نحو الفوضى.
الضلع الثاني، الإنكباب على الملفات الحياتية للخروج بإنجاز أو أكثر على غرار الإنجازات السياسية وفي طليعتها قانون الانتخاب، خصوصاً انّ تداعيات الانكماش الاقتصادي كانت آثاره سلبية على البلد وأهله.
الضلع الثالث، التهيئة للانتخابات وصولاً إلى مجلس نواب جديد يعكس للمرة الأولى منذ العام 1990 التوازنات السياسية الفعلية في البلد، ويمهّد لتأليف حكومة على أساس التوازنات النيابية تساهم في تدعيم مؤسسات الدولة، وتطلق دينامية وطنية جديدة".
ورأت المصادر "أنّ التجربة أثبتت انّ مساحة الإنجاز ممكنة في ظل التوازنات الجديدة القائمة، وبالتالي لا يجب هدر الوقت، بل الانكباب على العمل تحقيقاً لمزيد من الإنجازات بعيداً عن الثقافة التيئيسية المعلومة الأهداف".
الأخبار
إسرائيل : اليونيفيل غير مجدية… ولا ضرورة لها
"لم تعد قوة اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان مجدية والأفضل التخلي عنها. هذه هي آخر مقاربة إسرائيلية لمهمة اليونيفيل التي باتت، كما تدعي تل أبيب، "مجرد قوة لتبييض أعمال حزب الله وانتهاكاته للقرار 1701". مقاربة جديدة تهدف، كما يبدو، الى "تأديب" القوة الدولية، ومنع تمايزها النسبي، ودفعها كي تكون طيعة أكثر، لتتماشى خطواتها ومواقفها بالمطلق مع المصالح الإسرائيلية، وكجزء من أدوات التحريض على حزب الله" (مقال يحيى دبوق)
أكّدت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى أن قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان، باتت من ناحية عملية "ورقة تين" للقرار 1701 الصادر عن مجلس الامن الدولي عام 2006، رغم أنها هذه القوات هي "الجهة التي ينبغي أن تعمل على تطبيق القرار".
وأضافت المصادر، في حديث الى موقع "المونيتور"، بنسخته العبرية، أن القوة الأممية هي قوة "تبييض أنشطة حزب الله"، على طول الخط الأزرق على الحدود مع لبنان، وهي كذلك "ذريعة لحزب الله وأيضاً لدى الحكومة اللبنانية، لانتهاك قرار الأمم المتحدة وزيادة التوتر على الحدود". أما الخلاصة بحسب المصادر نفسها: "لم نعد بحاجة إلى هذه القوة هنا".
مع ذلك، لا تعدّ الحملة الإسرائيلية الجديدة على اليونيفيل إشارة للتملص منها والدفع في اتجاه إنهاء مهمتها، إذ إن الفرص الكامنة فيها أكبر بكثير من التهديد المشار إليه إسرائيلياً، ورغم توصيفها غير المسبوق بأنها مجرد قوة "تبييض أنشطة حزب الله". وسبق لإسرائيل أن انتقدت اليونيفيل، وتحديداً في الأعوام التي أعقبت حرب عام 2006، ووصفتها في حينه بـ"البطة العرجاء"، لتعود وتتماشى مع قدراتها الفعلية على الأرض، طوال الفترة الماضية، لتعود وتسوق انتقاداتها ضدها في الأيام الأخيرة.
والحملة الإسرائيلية على اليونيفيل، التي كما يبدو تهدف إلى "تأديب" القوة الدولية، جاءت رد فعل على امتناع القوة لمجاراة إسرائيل في تحريضها على حزب الله. وفي الآونة الأخيرة، امتنعت اليونيفيل عن المصادقة على رواية إسرائيل حول جمعية "أخضر بلا حدود" البيئية التي تنشط في جنوب لبنان، وادعاء تل أبيب أنها جمعية يستخدمها حزب الله من أجل إقامة نقاط مراقبة ورصد لتحركات الجيش الإسرائيلي، على طول الحدود مع فلسطين المحتلة.
بدأت "القصة" مع زيارة المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، الأراضي المحتلة وجولتها على الحدود مع لبنان، برفقة نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، وبحضور مندوب قائد اليونيفيل الجنرال مايكل بيري. وبحسب وسائل الإعلام العبرية، عرض كوخافي أمام هايلي "إخطار" جمعية "أخضر بلا حدود"، باعتبارها ساتراً لعمليات رصد حزب الله، الأمر الذي اعترض عليه قائد اليونيفيل ورفض الرواية، ما أدى إلى مشادة كلامية بينه وبين الضباط الإسرائيليين.
هايلي: واشنطن تريد خفض تمويل قوات حفظ السلام غير الفعالة، كاليونيفيل وتنقل القناة الثانية العبرية، عبر مراسلها العسكري (11/06/2017) أن قائد اليونيفيل تحدث أمام هايلي عن الأوضاع في جنوب لبنان، مؤكداً أنها مستقرة بلا شوائب ولا يوجد أي شيء يستدعي معالجة خاصة أو تغييراً ما. هذا الكلام استفز أيضاً كوخافي الذي سارع إلى مقاطعة بيري قائلاً: "متأسف يا صديقي، الوضع ليس كما تقول"، وطلب من هايلي ضرورة العمل على تغيير صلاحيات اليونيفيل وتزويدها بما أمكن لمواجهة حزب الله.
لاحقاً، عمدت إسرائيل إلى الشكوى لدى الأمم المتحدة، عبر مندوبها داني دانون، وطالب بضرورة تفكيك "أخضر بلا حدود" باعتبارها غطاءً للجهد الاستخباري لحزب الله ضد إسرائيل. رفضت الأمم المتحدة الطلب بناءً على شهادات اليونيفيل، ونوّهت بأن مضمون الشكوى الإسرائيلية مغلوط، وشددت على أنها "لم تلحظ أيّ وجود لمسلحين غير شرعيين في هذه الأماكن، أو ما يدعو الى الإبلاغ عن انتهاك لقرار مجلس الأمن الرقم 1701". وأشارت إلى أن الجمعية التي تشكو منها إسرائيل تهتم بأنشطة بيئية.
حادثتان متصلتان رفضت اليونيفيل مجاراة إسرائيل فيهما، وتمايزت عنها، الأمر الذي دفع تل أبيب إلى شن حملة انتقادات ضدها، وكانت كافية لتضع القوة الدولية إلى جانب "أخضر بلا حدود"، حيث كلاهما، بحسب الدعاية الإسرائيلية، مجرد كيانين "يبيّضان أنشطة حزب الله".
مع ذلك، تراهن إسرائيل، في موازاة الانتقاد ورد الفعل، على تطويع إضافي للقوة الدولية في سياق أوسع. ولا يستبعد أن تكون الحملة جزءاً لا يتجزأ من الهدف الذي شدد عليه نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أمام المندوبة الأميركية حول ضرورة دفع اليونيفيل لمواجهة حزب الله. في هذا السياق، قد تخدم الحملة مساعي إسرائيلية لتهيئة المسرح الدبلوماسي لاحقاً، لتحصيل ما أمكن من تعديلات على مهمة القوة الدولية، في استغلال مسبق لتوجهات الإدارة الأميركية الجديدة وإعلانها إعادة مراجعة التزاماتها المالية في قوة حفظ السلام حول العالم، ومن بينها لبنان. كلام هايلي أمام الضباط الإسرائيليين خلال جولتها على الحدود مع لبنان، كما تسرب إلى الإعلام العبري، قد يشي بذلك، وهي شددت (هايلي) (القناة الثانية) على أن الولايات المتحدة تقود مبادرة لتخفيض تمويل قوات حفظ السلام وتحديداً تلك القوات غير الفعالة كما هو واقع قوة اليونيفيل، ما لم يطرأ تغيير في التفويض المعطى لها وتزويدها بالوسائل، التي تمكنها من تنفيذ عملها المطلوب منها، في جنوب لبنان.
اللواء
شبح الحرب الباردة فوق سوريا.. والهدف حزب الله
السلسلة ليست أولوية إذا لم يتوفّر التمويل.. والتعيينات عالقة بين الآلية والسياسة
"شبح "الحرب الباردة" بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الروسي، يلقي بظلاله على الأوضاع في سوريا واللاعبين على مسرح الحرب الميدانية فيها، ومنها لبنان، المنشغل بتتبع المعلومات عمّا إذا كانت واشنطن ومعها تل أبيب معنية بصيف ساخن، بدءاً من تحريك الكلام عن عزم النظام السوري اللجوء إلى الأسلحة الكيميائية ضد خصومه، أو تحريك جبهة الجولان امتداداً إلى جبهات أخرى في الجنوب أو البقاع الغربي.
وإذا كان الرئيس نبيه برّي كشف عن استعداد الأمم المتحدة للقيام بدور في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل فإن ضابطاً اسرائيلياً كبيراً في جيش الاحتلال قال لموقع "المونيتور" طالباً عدم كشف هويته: "لدينا أزمة مروعة مع "اليونيفل" الآن".
وقال: كان من المفترض ان تكون اليونيفل جهاز إنفاذ لقرار مجلس الأمن رقم 1701 ولكنها أصبحت ورقة تين لهذا القرار.
واتهم الضابط الاسرائيلي اليونيفل بأنها "تبيض نشاط حزب الله على الخط الأزرق وتخدم ذريعة لحزب الله والحكومة اللبنانية لانتهاك قرار الأمم المتحدة وتصعيد التوترات على طول الحدود".
وقال: "لم نعد بحاجة إلى هذه القوة هنا لفترة اطول ومن الأفضل البقاء مع وحدتي التنسيق والاتصال فقط".
وبالتزامن مع هذه الحملة الإسرائيلية على اليونيفل تبحث لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يحث الاتحاد الأوروبي على وضع حزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية، وهو المشروع الذي قدمه النائب الديمقراطي ثيودور ديوش، معتبراً انه لا يكفي تصنيف الجناح العسكري لحزب الله ارهابياً، بل يجب ان يشمل هذا التصنيف حزب الله ككل.
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة "Washington wire" أن جلسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب في الكونغرس الأميركي شكلّت زخما للجهود الجارية الرامية الى حصول جولة ثانية من العقوبات تستهدف المؤسسات المالية اللبنانية وغيرها من المؤسسات المالية الاجنبية التي لها صلات مزعومة بـ"حزب الله".
واستبعدت مصادر بارزة في لجنة الكونغرس إدخال تغييرات هامة على مشروع العقوبات الجديد.
ولفتت الى انه من المرجح المتابعة في عملية التشريع في أوائل الخريف المقبل، نظراً للعطلة السنوية للكونغرس الأميركي في تموز وآب المقبلين، والتي قد تترافق مع زيارة مرتقبة لحاكم مصرف لبنان إلى واشنطن في إطار تحرك لبناني رسمي رفيع المستوى لمعالجة الوضع قبل إقرار العقوبات.
لقاء عون – الحريري
على وقع هذه المعطيات الإقليمية المقلقة، تستعيد الحركة السياسية زخمها الطبيعي تدريجياً، بعد انتهاء عطلة عيد الفطر، وأن بقيت "خجولة" بعض الشيء بسبب بقاء عدد من المسؤولين السياسيين في الخارج، وفي مقدمهم الرئيس سعد الحريري الذي يتوقع ان يعود إلى بيروت خلال الساعات المقبلة، فيما عاد الرئيس برّي وعقد على عجل لقاء لم يكن مرتقباً، للقاء الأربعاء النيابي، والذي شكل عودة أولى معالم الحركة السياسية في البلد، خصوصاً وانه رسم عناوين المرحلة، وهي الانصراف إلى معالجة قضايا النّاس الحياتية والمعيشية، مستفيداً من حالة التوافق السياسي التي كرستها "وثيقة بعبدا" بعد التوافق على قانون الانتخاب.
ولفت الرئيس برّي، خلال اللقاء، إلى ان المجلس مقبل على ورشة عمل في إطار درس وإقرار المشاريع واقتراحات القوانين لا سيما الحيوية والملحة منها، وفي مقدمها سلسلة الرتب والرواتب، موضحاً انه بعد درس لجنة المال للموازنة سيُصار إلى ادراجها على جدول اعمال الهيئة العامة لمناقشتها واقرارها، الا انه لم يُحدّد مواعيد معينة، وإن كان النواب توقعوا ان تعقد الجلسة التشريعية في موعد اقصاه الخامس عشر من تموز المقبل.
وكشف الرئيس برّي ان الأمم المتحدة أبلغت انها مستعدة لرعاية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، تمهيداً لبدء مرحلة استكشاف واستخراج الثروة النفطية من أعماق البحار.
وفي تقدير مصادر نيابية، وبينها عضو تكتل "الاصلاح والتغيير" آلان عون، ان عدم تحديد موعد لجلسة إقرار السلسلة يعود إلى مجموعة عوامل، وبينها ضرورة خلق الظروف الموضوعية لها قبل وضعها على جدول الأعمال، ومنها التفاهم على كيفية تمويلها ودرس كلفة التداعيات الاقتصادية على النسيج المجتمعي اللبناني.
وقالت مصادر رسمية لـ"اللواء" انه ما لم تتأمن الأموال اللازمة لتغطية كلفة السلسلة فإن اقرارها مستبعد في المجلس النيابي، وذكرت في هذا السياق بـ21 مصدراص للتمويل مثل زيادة 1 في المائة على T.V.A بحيث الضريبة على القيمة المضافة 11 في المائة وزيادة 2 في المائة على المعاملات المصرفية.
ومع ذلك، فإن مصادر وزارية قريبة من العهد، ما تزال تعتقد ان التوافق الراهن بين أركان السلطة، لا بدّ ان يكون عاملاً مساعداً في إقرار موازنة العام 2017 والسلسلة، من ضمن الاتفاق على تفعيل عمل مجلسي النواب والوزراء، وايضاً في معالجة الإشكالات القائمة حول ملف تلزيم بواخر توليد الكهرباء وذلك انطلاقاً من إقرار الرؤساء الثلاثة بعزل عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية عن التباينات والخلافات السياسية وإنجاز ما تبقى من ملفات عالقة كالتعيينات والتحضير جدياً لاجراء الانتخابات النيابية في موعدها، برغم التشكيك الحاصل في اجرائها بسبب ثغرات في قانون الانتخاب واللغط حول البطاقة الانتخابية الممغنطة.
وفي هذا الإطار، رجحت بعض المصادر ان يزور وزير الداخلية نهاد المشنوق قصر بعبدا اليوم، لاطلاع الرئيس عون على آخر المعطيات التي توفرت لدى الوزراء بخصوص البطاقة الممغنطة ومدى جهوزيتها قبل موعد الانتخابات النيابية في أيّار من العام 2018.
ووفقاً لما اشارت إليه "اللواء" أمس، فقد رجحت مصادر وزارية انعقاد اللقاء بين الرئيسين عون والحريري اليوم الخميس في قصر بعبدا من أجل التفاهم على بنود جدول أعمال مجلس الوزراء المقبل الذي يرجح ان يعقد بين الأربعاء أو الخميس.
ولاحظت المصادر انه من الطبيعي جداً ان يعقد الرئيسان عون والحريري مثل هذا اللقاء بعد عودة الأخير من الخارج، خاصة وانه يعود للرئيسين تقرير الملفات التي سيتم ادراجها على جدول الأعمال. ومع العلم ان هناك ملفات سيتم التوافق على تحريكها، لا سيما تلك المتصلة بالتعيينات والمراسيم التنظيمية للقوانين التي ستصدر أو التي صدرت منذ فترة ولم تنفذ، بحسب ما لفت إليها الرئيس برّي في لقاء بعبدا، وقال ان عددها يفوق الأربعين قانوناً.
وقالت المصادر الوزارية أن وثيقة بعبدا 2017 ستكون حاضرة في المباحثات لجهة التأكيد على تنفيذ ما تم الاتفاق حوله تباعا وليس دفعة واحدة في حين أن مجلس النواب من جهته يحرك ما يقع ضمن صلب مهامه.
وتوقعت المصادر أن تساهم عودة الحريري في تحريك أعمال اللجان الوزارية التي يترأسها لمتابعة عدد من المواضيع، ومنها دراسة إمكان تحديد مواعيد لعقد جلسات لمجلس الوزراء في المناطق اللبنانية كافة في إطار تحريك عجلة الإنماء في هذه المناطق.
ملف التعيينات
وبالنسبة لملف التعيينات الإدارية، والذي سيكون مفصولاً عن التشكيلات الدبلوماسية والقضائية، أوضحت وزيرة التنمية الإدارية عناية عز الدين لـ"اللواء" ان ليس لديها أي معلومات جديدة حوله، وموعد طرحه على مجلس الوزراء، لكن مصادر معنية لفتت إلى ان هناك مراكز مفصلية ما زالت شاغرة في الفئتين الأولى والثانية لا سيما بالنسبة لتعيين رؤساء مجالس إدارة المستشفيات الحكومية، ورئيس مجلس إدارة هيئة الطيران المدني، وهو مركز أساسي وحسّاس ويعتبر من الأولويات في التعيينات.
وعما إذا كانت آلية التعيينات ستتبع في الحركة الجديدة، أوضحت المصادر ان بعض التعيينات التي أجرتها الحكومة سابقاً، لم تتبع الآلية المعتمدة، مشيرة إلى ان هذا الأمر من حق الحكومة، وهو غير مخالف باعتبار ان آلية التعيينات ليست صادرة بقانون، بل بقرار حكومي، والقرار يمكن الغاؤه بقرار آخر، ورأت ان السياسة عادة هي من يتحكم بملف التعيينات وليست الآلية بحد ذاتها.
ومع ذلك، اشارت المصادر إلى ان هناك ملفات جاهزة لعدد كبير من المراكز الشاغرة موجودة في وزارة التنمية الإدارية، وهي تحتاج فقط لأن تطرح على مجلس الوزراء للبت فيها، واتخاذ القرارات المطلوبة بشأنها بعد ان خضع أصحاب هذه الملفات لما هو متوجب منهم بشكل قانوني.
خطاب نصر الله
في غضون ذلك، بقي خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في "يوم القدس العالمي" في آخر جمعة من شهر رمضان، يتفاعل في الأوساط السياسية، ولا سيما تلويحه باستقدام مئات ألوف المقاتلين لمحاربة إسرائيل على الأرض اللبنانية، ورأت فيه مصادر في "القوات اللبنانية" بأنه "يزعزع كل المناخ الإيجابي الذي شهده لبنان منذ انتخاب الرئيس عون وتأليف الحكومة إلى اليوم".
وإذ تساءلت المصادر عن الأسباب التي تدفع حزب الله في هذه المرحلة تحديداً إلى هزّ الاستقرار على أبواب صيف واعد، اعتبرت ان فتح الحدود امام الغرباء الأجانب يُشكّل انتهاكاً للسيادة والدستور وتجاوزاً للحكومة المؤتمنة ورئيس البلاد على حماية الحدود وامتلاك القرار الاستراتيجي في الدفاع عن لبنان في مواجهة إسرائيل وغيرها، وبالتالي لا يحق لأي فريق التفرد بقرارات تنعكس نتائجها على كل الشعب اللبناني.
وفي السياق، كشفت مصادر تدور في فلك 14 آذار ان رئيس حزب "القوات" سمير جعجع اثار خلال اللقاء التشاوري في بعبدا مسألة سلاح حزب الله الا ان الرئيس عون تمنى إبقاء الموضوع جانباً حفاظاً على الجو التضامني داخل الحكومة، خصوصاً وأن الاجتماع مخصص لتفعيل عملها، وهكذا كان.
البناء
تركيا تبدأ بقضم الكعكعة الكردية في غرب الفرات وتحذّر من جدار حدودي أميركي
ضغوط سعودية على لبنان وحلفائها للانضمام لحملة قطر "مَن ليس معنا فهو ضدّنا"
"تسجل الأوساط العسكرية شمال سورية توتراً متصاعداً في منطقة ريف حلف الغربي في محيط عفرين التي تتمركز فيها الجماعات الكردية المسلّحة، وتسجل باتجاهها حشود تركية مدرعة بعد إعلان الرئيس التركي رجب أردوغان عن الاستعداد لعملية عسكرية جديدة في شمال سورية، بينما قالت أنقرة إن تموضع جنود أميركيين في مناطق حدودية مع سورية حيث تسيطر الجماعات الكردية المسلحة التي تعتبرها تركيا خطراً على أمنها هو نوع من الحماية غير المقبولة والتعطيل المقصود لتحركات تركية بوجه أي خطر يمثله وجود عناصر تابعة لحزب العمال الكردستاني في هذه المناطق. وقد سجلت في الساعات الماضية اشتباكات بالمدفعية الثقيلة عبر الحدود بين الجماعات الكردية والجيش التركي تعاونه ميليشيات تعمل تحت لوائه.
بالتوازي مع تصاعد التوتر شمال الشمال هدأت الأجواء التي رافقت التهديد الأميركي لسورية بعد اتهامها بالتحضير لضربة كيميائية، وصفتها روسيا وإيران بالحملة المفبركة التي لن تمر هذه المرة، وسيكون الرد قاسياً على أي افتعال لضربات تستهدف الجيش السوري، بعدما صار واضحاً أن واشنطن تتذرّع لعرقلة تقدّم الجيش السوري، ولو قدمت الخدمات لداعش، كما قالت وزارة الخارجية الروسية في بيانها، إن التهديدات الأميركية دعم اميركي لداعش، وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن واشنطن لا تتورع عن تقديم الدعم لداعش لمنع الجيش السوري من تحقيق التقدم، لكن التراجع الأميركي جاء بذريعة لا تقل سخرية عن ذريعة التهديد. فقد قال وزير الدفاع الأميركي إن دمشق أخذت التهديدات على محمل الجد وعملت بموجبها ما يعني زوال الخطر.
خلط الأوراق في المشهد السوري خصوصاً، والإقليمي عموماً، يتواصل مع غياب قدرة واشنطن وحلفائها على تغيير موازين القوى في الميدان الذي قالت طهران إنه سيتكفل بتقديم الجواب الحاسم للأميركيين، فـ"إسرائيل" قالت إنها ألغت حال الطوارئ في الجولان في ما بدا أنه إعلان استنفاد الرهان على التصعيد هناك، بينما تُعدّ السعودية الأيام الباقية من مهلتها الممنوحة لقطر لقبول شروط قال وزير الخارجية السعودي إنها غير قابلة للتفاوض، وقالت الدوحة إنها غير قابلة للقبول، وقال الأميركيون والأوروبيون إن بينها ما يبدو تعجيزياً.
تعلن الرياض وأبو ظبي اللتان تقودان الحملة على قطر أن ما بعد المهلة سيكون طلاق وتصعيد العقوبات وأن الأهم أن لا مجال لقبول صداقات وتحالفات وعلاقات تجارية مع مَن يتعامل مع قطر. ولفت نظر المراقبين أن مثل هذه التهديدات لم تصدر يوماً بحق العلاقة مع "إسرائيل" في ذروة الادعاء السعودي بتبني حلم الصلاة في القدس، فلم تخيّر واشنطن ولا لندن ولا شركات النفط والسلاح وسواها بين السعودية و"إسرائيل"، والمتوقع وفقاً للمتابعين أن يُشهر هذا السيف بوجه الحلفاء الأضعف فقط وليس بوجه الأقوياء من الدول والشركات.
وفقاً لمعادلة "مَن ليس معنا فهو ضدنا" سجلت تحركات سعودية نحو الحلفاء في لبنان، طلباً لتحديد مواقفهم وموقف الحكومة اللبنانية وهو ما توقعت مصادر متابعة أن يكون القرار الوطني تجاهه غير قابل للتعديل بالبقاء على الحياد، لكن لم تستبعد المصادر ترضيات يقدّمها حلفاء الرياض بمواقف محسوبة لا تصيب الحياد بقوة، لكنها تشكل تلبية لبعض ما تطلبه الرياض.
"قطع الحساب" إلى التسوية
يبدو أن التوافق السياسي الذي أرسته وثيقة بعبدا شكّل مخرجاً للعديد من الملفات الاقتصادية والمالية العالقة ومنها مسألة قطع الحساب المتعلقة بموازنتي حكومتي الرئيس فؤاد السنيورة بسبب فقدان حسابات مبلغ يوازي 11 مليار دولار أميركي.
مصادر لجنة المال والموازنة استبعدت في حديث لـ"البناء" إقرار الموازنة في الجلسة التشريعية المزمع عقدها منتصف الشهر المقبل، موضحة أن "مشروع الموازنة يحتاج الى دراسة معمقة، حيث لم تنجز سوى 5 موازنات حتى الآن من أصل 24 موازنة وزارات، وبالتالي إنجاز المشروع في اللجنة يتطلب حوالي شهر لإحالته الى الهيئة العامة".
وفي السياق لفتت أوساط رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ"البناء" الى أن "الأولوية لسلسلة الرتب والرواتب التي تم فصلها عن قانون الموازنة، إذ إن موازنة الواردات قانون منفرد والسلسلة قانون ومشروع الموازنة قانون".
وعن قطع حساب الموازنات السابقة ومبلغ الـ11 مليار دولار، أوضحت مصادر اللجنة الى أن "الأمر بيد رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري اللذين تكفلا إيجاد الحل المناسب"، مشيرة الى أنه "بحسب لقاء بعبدا، فإن قطع الحساب يتجه الى تسوية، لكنها نفت علمها بالمخرج القانوني والمالي لذلك". وحذرت المصادر من "التأخير في إقرار الموازنة المفقودة منذ العام 2005، إذ إن الإنفاق ارتفع بنسبة 280 في المئة ولا يزال الإنفاق على أساس القاعدة الاثنتي عشرية منذ العام 2012".
وأشار رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان الى أن "إحالة قطع الحساب الى المجلس النيابي موقتاً حسب الاصول أمر يفرضه الدستور بناء للمادة 87 ويتكامل مع الموازنة بتأمين الشفافية والمحاسبة في الإنفاق العام".
وفي حين أمل كنعان أن "نتمكن من تحقيق إنجاز قطع الحساب بالتعاون مع الكتل النيابية وتحديداً وزارة المالية المولجة بإعداد هذه الحسابات"، قالت مصادر أخرى في اللجنة لـ"البناء" إن "اللجنة تدرس المشاريع الواردة في الموازنة واعتمادات الوزارات والإدارات والمواد القانونية، لكنها لحظت وجود مشاريع قوانين محالة من مجلس الوزراء على متن قانون الموازنة وليس كمشاريع منفصلة عنها كمشروع التنظيم المدني، وبالتالي أبدت اللجنة تحفّظها على هذه المشاريع التي يجب أن تُقرّ بقانون منفرد وليس من ضمن القانون الأساسي، الأمر الذي يُعدّ عملية تهريب فاضحة لمشاريع عدة".
وأوضحت المصادر أن "اللجنة تعتمد سياسة التقشف لجهة موازنات الوزارات الى حدود معينة"، متحدثة عن عجز في الموازنة يبلغ 5 مليارات دولار "لا سيما وأننا لم ننجز الموازنة منذ ستة أشهر بسبب تأخر مجلس الوزراء في إحالتها الى المجلس النيابي".
وإذ أشارت الى أن "اللجنة تعمل بسرعة وبشكل يومي لإنجاز المشروع وإحالته للهيئة العامة"، لفتت المصادر الى "أن موازنة العام 2018 استحقت أيضاً والمطلوب من وزارة المال البدء بإعداد المشروع في مجلس الوزراء لإقراره وإرساله الى اللجنة التي أرسلت توصياتها وملاحظاتها".
ولفتت المصادر إلى أن "قطع الحساب ممر أساسي لإقرار الموازنة"، لكنها أبدت أسفها "إزاء تحكم اعتبارات سياسية في مقاربة هذا الأمر ومحاولة إدخال فذلكة على الحسابات على طريقة "دبلوماسية التشاطر" والتسويات وليس على أساس حسابات رقمية، ووفقاً للدستور الذي يفصل بين الحسابات، حساب المهمة وحساب البداية وقطع الحساب وذلك لتأمين التوازن بين الإنفاق والإيرادات في إطار قانون المحاسبة العامة".
واعتبرت المصادر أن "المخرج القانوني لمبلغ 11 ملياراً سيكون عبارة عن اجتهادات وفذلكة، وليس عملية حسابات رقمية وبالتالي سيحل بالتسوية بين الرئيسين عون والحريري، فيما تتكفل اللجان باختلاق المخرج والصيغة القانونية والمالية المناسبة".
بري: السلسلة ستقرّ
وجدّد الرئيس بري في لقاء الأربعاء النيابي تأكيده على تنفيذ القوانين في مختلف المجالات، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة الانصراف الى معالجة قضايا الناس الحياتية والمعيشية.
وقال أمام النواب إن "المجلس مقبل على ورشة العمل في إطار درس وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين لاسيما الحيوية والملحّة منها، وفي مقدمها سلسلة الرتب والرواتب"، وأضاف أنه "بعد درس لجنة المال للموازنة سيصار الى إدراجها على جدول اعمال الهيئة العامة لمناقشتها وإقرارها".
ونقل زوار رئيس المجلس عنه قوله لـ"البناء" إنه "سيدعو الى جلسة في منتصف الشهر المقبل للبدء بورشة تشريعية وإنجاز جدول الأعمال الذي تتصدّره سلسلة الرتب والرواتب وملف الموازنة وملفات اقتصادية واجتماعية أنجزت في اللجان. وتوقع الزوار إقرار سلسلة الرتب والرواتب في الجلسة التشريعية الأولى أو الثانية".
كما أشار الزوار الى أن "هناك توجهاً لدى المجلس النيابي لإقرار مشروع الموازنة في صيغته المحالة من مجلس الوزراء مع إضافة بعض التعديلات عليه لا سيما على الوضعية الضريبية مع إعلان معظم الكتل النيابية موافقتها على تخفيض الضرائب التي تطال الشرائح الشعبية الفقيرة"، وأوضحوا أنه "في حال التزمت الكتل بمواقفها، فقد يُصار الى إقرار الموازنة مع تخفيض الضرائب"، وأشاروا الى أن "مشروع الموازنة لا يزال قيد الدرس والنقاش في لجنة المال والموازنة وعندما تنتهي سيُحال على الهيئة العامة للتصويت عليه"، وتوقعوا أن "تقر الموازنة في المجلس النيابي الشهر المقبل"، مشيرين الى أن "مجرد إحالتها من لجنة المال الى الهيئة العامة لن تأخذ وقتاً طويلاً لإقرارها".
وكما نقل زوار عين التينة اهتمام الرئيس بري بملف النفط وضرورة الإسراع في التنقيب لاستثمار ثروة لبنان في النفط والغاز، الأمر الذي يتطلب إنجاز القوانين الضريبية المتعلقة بالنفط وطرح البلوكات على التلزيم، وكشف الرئيس بري عن أن "الأمم المتحدة أبلغت لبنان أنها مستعدة لرعاية ترسيم الحدود البحرية".
"القانون" بين "التثبيت" وتأجيل التعديل…
وشدّد الزوار أيضاً رفض الرئيس بري إدخال أي تعديلات جديدة على قانون الانتخاب، مشيرين الى أن "اعتماد البطاقة الممغنطة والانتخاب الالكتروني في الانتخابات النيابية المقبلة رهن استعداد وجهوزية وزارة الداخلية". غير أن مصادر نيابية لم تستبعد إدخال تعديلات جديدة على القانون، وقالت لـ"البناء" إن "القانون الجديد وضع على عجل على أساس أن هناك متسعاً من الوقت لاعادة النظر فيه وإدخال تعديلات عليه قبل الانتخابات النيابية، وبالتالي يعيش القانون بين ضغط تثبيته كما أُقِر وبين تأجيل التعديل في حال تأمنت أغلبية نيابية لذلك في إطار توافق بين تياري المستقبل والوطني الحر". وأبدت المصادر استغرابها إزاء "مطالبة بعض صناع القانون الأساسيين بإضافة تعديلات عليه".
مصافحة لا مصالحة
على صعيد آخر، أكد رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية في تصريح أمس، "أننا منفتحون على الجميع، ومن يقصدنا يجدنا وبابنا مفتوح، وبهذه الروحية كان اللقاء في بعبدا حيث لبينا دعوة فخامة الرئيس ميشال عون وكرّرنا القول إنه إذا تلقينا دعوة أخرى نلبي، والى ايجابية اللقاء تطرقت الى ضرورة الاهتمام بشؤون الناس وهمومهم بمعزل عن الخلافات والاختلافات".
وفي قانون الانتخاب، تحدث فرنجية عن أهمية اقرار هذا القانون ولو بعد جهد ومحاولة البعض ضربه من خلال قوانين مختلفة، لافتاً الى أهمية قراءة دقيقة للصوت التفضيلي حرصاً على حلفائنا. وأكد أن "الصبر ميزة والمصداقية استمرارية فيما الكيدية لا أفق لها".
وفي حين فسّر مراقبون كلام فرنجية على أنه إشارة ايجابية باتجاه معراب و"غزل انتخابي" بين المردة والقوات اللبنانية يؤشر الى تحالفات انتخابية موضعية في بعض دوائر الشمال، نفت مصادر من القوات والمردة ذلك، معتبرين لـ"البناء" أن "المصافحة في بعبدا لا تعني المصالحة، فهناك فرق بين الحالتين وبالتالي لا يمكن الحديث عن مرحلة جديدة بين الفريقين، لأن اللقاءات والمصافحات بين سمير جعجع والنائب فرنجية ليست جديدة بل حصلت أكثر من مناسبة في بكركي وبعبدا، لكن لا معطيات جديدة تستدعي مثل هذا التحالف الانتخابي في ظل التباعد في الخيارات السياسية والاستراتيجية بين الطرفين والتزام التيار الحر بتحالفه وتفاهمه مع القوات".