لفتت مصادر مطلعة إلى أنه لم يعُد أمام عناصر النصرة الإرهابية المتبقية في جرود السلسلة الشرقية، إلا خيار من اثنين: إما القتال حتى الموت، أو التوجه باتجاه مناطق داعش الذي وضع شرط المبايعة على كل مَن يريد دخول منطقة سيطرته. وانتقد رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زوّاره الاصواتَ التي تصدر عن بعض القوى السياسية اعتراضاً على المعركة التي تخوضها المقاومة اللبنانية في جرود عرسال ضد المجموعات الارهابية، وقدّر بري في هذا السياق موقفَ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط واعتباره تلك الجرود محتلة. وأسفَ بري «لتضييع البعض البوصلةَ في هذه المرحلة. فأقلُّ الواجب هو دعم هذه المعركة ضد إرهاب يهدّدنا جميعاً». وهذا المساء يطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم الساعة الثامنة والنصف عبر الشاشة، محدّداً المهامّ وراسماً آفاق المعركة، وما يقال في شأنها، ومن الممكن أن يتطرّق لما يجري حول القدس والمشهد الإقليمي.
الجمهورية
واشنطن تتهم «حزب الله» بـ«التحضير» لحرب ضد إسرائيل
استمرار المعارك في الجرود
“تَوزّع المشهد أمس بين البيت الأبيض الذي شهد لقاءَ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة سعد الحريري، وما صَدر عنه من مواقف عنهما يُنتظر أن تكون لها تداعياتها على الواقع السياسي الداخلي لجهة ما يمكن أن تلقاه مِن ردود، وبين جرود عرسال حيث أحرَز «حزب الله» في اليوم الخامس من معركته ضد «جبهة النصرة» مزيداً من التقدّم، مقترباً من إنهاء المرحلة الأولى من معركة تحرير الجرود من هذا التنظيم الإرهابي الذي بات على مساحة 10 في المئة فقط، قبل أن يستعدّ الحزب للمعركة ضد «داعش»، في وقتٍ أكّد قائد الجيش العماد جوزف عون عدم السماح بتحويل المخيّمات ستاراً للإرهابيين، كاشفاً أنّ 50 إرهابياً خطيراً هم بين الموقوفين بنتيجة دهمِ المخيّمات. وسيكون للأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله إطلالة إعلامية مساء اليوم يتحدّث فيها عن المعركة التي يخوضها «الحزب» إلى جانب الجيش اللبناني في جرود عرسال، ويتطرّق إلى المواقف السياسية والمحلية والإقليمية والدولية إزاء هذه المعركة.
في البيت الأبيض أكّد ترامب أنَّ «لبنان على الخط الأمامي لمحاربة الإرهاب وما أنجزه الجيش عظيم». وقال في مؤتمرٍ صحافي مشترك مع الحريري: «شاهدنا التقدم في لبنان، وهذا أمر ليس سهلاً في الوقت الذي يحارب فيه على جبهات عدّة». وأضاف: «إنَّ صمود الشعب اللبناني في وجه الإرهاب عظيم، والجيش اللبناني هو المدافع الوحيد الذي يريده لبنان».
واعتبَر ترامب بعد لقائه «أنّ «حزب الله هو تهديد للدولة اللبنانية، وللشعب اللبناني وللمنطقة برمَّتها»، معتبراً أنّ «هذا التنظيم يواصل تعزيز ترسانته العسكرية مما يهدد باندلاع نزاع جديد مع اسرائيل».
ودان «دعم ايران للحزب، وما يقوم به في سوريا من دور عسكري الى جانب قوات النظام السوري»، مشيراً الى «أنّ «حزب الله» يقوم بدعم من ايران، بتأجيج كارثة إنسانية في سوريا»، مشدداً على انّ «مصالح «حزب الله» الحقيقية هي مصالحه الذاتية ومصالح راعيته ايران، ومنذ سنوات عدة تعتبر واشنطن «حزب الله» «تنظيما ارهابياً».
وردّاً على سؤال في شأن فرضِ عقوبات على الحزب قال ترامب: «سأعلن عن قراري في وضوح خلال الساعات الـ24 المقبلة»، مضيفاً: «لديّ اجتماعات مع بعض مستشاريَّ العسكريين ذوي الخبرة الواسعة وآخرين، لذلك سأتّخذ قراري خلال وقتٍ قصير».
وأشاد «بما يقوم به الجيش اللبناني من حماية لحدود لبنان ومنعِ تنظيم «الدولة الاسلامية» وارهابيين آخرين من ايجاد موطئ قدم لهم في لبنان». وقال انّ «جيش الولايات المتحدة فخور بأنّه ساهم في هذه المعركة وسنواصل القيامَ بذلك».
الحريري
بدوره، أكَّد الحريري أنَّ «الدعم الأميركي للجيش اللبناني والقوى الأمنية سيستمر، ولبنان ملتزم بقرارات مجلس الأمن، بما فيها القرار 1701»، مشيراً إلى أنَّه «ناقش مع ترامب الضغط الذي يعاني منه لبنان في ظلّ وجود مليون ونصف مليون نازح سوري».
ولفتَ إلى أنّه «أوضَح لترامب نظرةَ لبنان في معالجة أزمة النازحين على أرضه، بدعم المجتمع الدولي، وناقشنا الجهد الذي يقوم به لبنان للحفاظ على استقراره السياسي والاقتصادي في ظلّ محاربة الإرهاب».
وقال: «شكرتُ الرئيس ترامب على دعمه الجيشَ اللبناني والقوى الأمنية، ودعمه لوجود (قوات) «اليونيفيل» على حدودنا الجنوبية، وسيكون لي اتصالات واجتماعات للتوصل الى تفاهم حول العقوبات الصادرة عن الكونغرس».
في مجلس الأمن
وتزامناً مع موقف ترامب، حذرت المندوبة الاميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، في إفادتها خلال جلسة مجلس الأمن الدولي المنعقدة في شأن الحالة في الشرق الأوسط، من مخاطر التهديد الذي يشكله «حزب الله» على الشعب اللبناني. وانتقدت بشدة موقف مجلس الأمن من النزاعات في الشرق الأوسط، قائلة: «مجلس الأمن كثيرا ما يجعل الشرق الأوسط أكثر تعقيداً مما هو عليه في الواقع.
فهو يتحامل على إسرائيل، ويرفض أن يعترف بأن أحد المصادر الرئيسية للنزاع والقتل في الشرق الأوسط يتمثل بإيران ومليشياتها الشريكة، حزب الله اللبناني».
وقالت: «حزب الله منظمة إرهابية. وبكلماتها، فهي مكرسة لتدمير إسرائيل. وهذا الحزب يسعى مع راعيه الإيراني إلى تدمير كل أنحاء الشرق الأوسط».
وأضافت: «للاطلاع على طبيعة الحزب الحقيقية علينا أن لا ننظر أبعد مما يقوم به نيابة عن الديكتاتور السوري (الرئيس بشار الأسد)، فهو يرسل رجاله إلى سوريا وهم المسؤولون عن بعض أكثر الحملات دموية».
ولفتت إلى أن الحزب «يستعد لشن حرب في المستقبل، وأن تكديس حزب الله غير المشروع للأسلحة يعرض الشعب اللبناني لخطر كبير.. أقل ما يتوقعه الشعب الأميركي من مجلس الأمن هو الاعتراف بالتهديدات الواضحة التي أمامنا».
وتساءلت: «كيف يمكنني أن أشرح للأميركيين أن هناك منظمة إرهابية تعد رجالها وترساناتها للحرب، ولكن الأمم المتحدة ترفض حتى أن تشير إلى الحزب بالاسم، هذا يجب أن يتغير، وعلينا أن نظهر للحزب أنه لا يستطيع أن يفلت بأسلحته غير المشروعة». ولفتت إلى «الدور المهم» لقوة (اليونيفيل) في الجنوب، واعتبرت أن «هناك ما هو أكثر بكثير مما ينبغي على اليونيفيل القيام به للمساعدة في منع نشوب نزاع آخر»
حرب الجرود
على جبهة جرود عرسال أفاد «الاعلام الحربي» التابع لـ«حزب الله» ليلاً انّ مقاتليه تابعوا تقدّمهم وأحكموا السيطرة على مرتفع سرج الخربة وطلعة النصاب ومرتفع النصاب وعقبة نوح شرق الجرود، ودمّروا ثلاث آليات وقاعدة اطلاق صواريخ موجّهة تابعة لـ«جبهة النصرة». وتحدّث الاعلام الحربي عن مقتل 17 مسلّحاً من «النصرة» في المعارك أمس.
ورجَّح مصدر متابع للعمليات العسكرية، أن تنتهي المرحلة الثانية من جرود عرسال فجر الأحد بإحكام الطوق على من تبَقّى من مسلحي «النصرة» ويبلغ عددهم 120 مسلحاً في منطقة وادي حميد – مدينة الملاهي، لتبدأ المرحلة الثالثة والتي تقضي بفتح خطوط الاتصال لتأمين انسحاب المسلحين مجرّدين من اسلحتهم في اتّجاه الداخل السوري. ورأى المصدر أنّ المسلحين سيرضخون في النهاية نتيجة الوضع الميداني وانهيار خطوطهم الدفاعية.
بدوره، أكّد مصدر أمني لـ«الجمهورية» أنّ أيّاً مِن مسلحي «النصرة» لم يدخل الى مخيمات النازحين في وادي حميد ومدينة الملاهي، مشيراً الى دخول 150 مسلحاً فقط من «سرايا أهل الشام» بأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة والذين ستَجري مفاوضات لتأمين إنسحابهم منها. وقال إنّ الجيش عزّز إجراءاته الأمنية لمنع أيّ محاولة لأبو مالك التلي أو مسلّحيه للهروب عبر عرسال.
وفي الموازاة، واصلت الأجهزة الأمنية اللبنانية توقيفَ الخلايا الإرهابية وأعلنت قوى الأمن الداخلي عن تفكيك «خلية نائمة» بعد عمليات دهم في بيروت والبقاع، كانت تنتظر تعليمات نهائية من تنظيم «داعش» الارهابي.
قائد الجيش
وفي السياق، أكد قائد الجيش «أنّ وحدات الجيش المنتشرة على الحدود الشرقية، تستهدف دائماً وفي أيّ وقت من الأوقات، مواقع المجموعات الإرهابية وتحرّكاتها وخطوط تسلّلِها بالأسلحة الثقيلة، الأمر الذي أدّى تباعاً إلى محاصرتها وتضييق الخناق عليها إلى الحدّ الأقصى».
وأوضَح «أنّ جهد الجيش يتركّز حالياً على حماية أهالي عرسال والقرى الحدودية ومخيّمات النازحين من محاولات تسَلّل الإرهابيين، كذلك يقوم أيضاً، وبالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجمعية الصليب الأحمر اللبناني، بتقديم المساعدات الطبّية والغذائية للنازحين.
وتحدّث عون خلال تفقّدِه قيادة القوات الجوية في عين الرمانة، عن «وجود 50 إرهابياً خطيراً من بين الموقوفين، بعضهم من الرؤوس المدبّرة والمشاركين في اختطاف العسكريين والهجوم على مهنية عرسال خلال أحداث آب 2014». وأكّد «أنّ الجيش ومع التزامه الدقيق بمعايير حقوق الإنسان، لن يجعل من المخيمات ستاراً للإرهابيين، يمكّنهم من التخطيط في الخفاء والإعداد لتنفيذ عمليات إرهابية في الداخل».
برّي
واستغرَب رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زوّاره الاصواتَ التي تصدر عن بعض القوى السياسية اعتراضاً على العملية التي ينفّذها «حزب الله» في جرود عرسال ضد المجموعات الارهابية، مقدّراً في هذا السياق موقفَ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط واعتباره المنطقة محتلة.
وأسفَ بري «لتضييع البعض البوصلةَ في هذه المرحلة». وقال: «أعود وأكرّر، جرود عرسال منطقة يحتلّها الارهابيون، و«حزب الله» يعمل على تحريرها، ولا يمكن إغفال الدور الذي يقوم به الجيش في تلك المنطقة. ولأنها منطقة محتلة، فإنّ «حزب الله» يخوض هذه المعركة نيابةً عن كلّ لبنان وعن جميع اللبنانيين، وأقلُّ الواجب هو دعم هذه المعركة ضد إرهاب يهدّدنا جميعاً بتفجيرات وعبوات وكلّ ما إلى ذلك من أدوات قتلٍ وتدمير».
الجسر
وفي غمرة التطورات الميدانية في الجرود، وبعد بيان كتلة «المستقبل» الذي رفض إعطاءَ «شرعية سياسية أو وطنية للقتال الذي يخوضه «حزب الله» في منطقة السلسلة الشرقية تحت أيّ حجّةٍ كانت»، وبعدما استعرَت حرب البيانات والمواقف على مواقع التواصل الاجتماعي بين مناصري تيار «المستقبل» و«حزب الله»، سألت «الجمهورية» عضوَ لجنة الحوار الثنائي بين «المستقبل» و«الحزب» النائب سمير الجسر عمّا إذا كان قد تَحدّد أيّ موعد جديد لاستئناف الحوار بين الطرفين والمعلّق منذ مدّة طويلة، ومدى انعكاس ما يَجري سلباً على التقدّم الذي حقّقه هذا الحوار على صعيد تخفيف التشنّج وإزالة الاحتقان، فأجاب: «لم يتمّ تحديد أيّ موعد، وهنا أتساءل: هل إنّ الحوار اليوم يوقِف القتال في الجرود؟ وهل يعيد الدور الى الدولة اللبنانية؟ فعلى رغم ندرةِ التعليقات الرسمية على ما يجري في جرود عرسال، لكن وبصريح العبارة لا أعتقد أنّ أحداً يوافق على مشاركة الدولة اللبنانية بالسيادة ومصادرة القرار السياسي والعسكري. فهناك أساسيات لا يجوز اللعب بها، وكلّما تساهلنا بها انتكَسنا».
وإذ أسفَ الجسر للسجال الحاصل، قال: «هذا يعكس واقعَ الحال عند الناس، فهم قلِقون ممّا يجري. صحيح أنّه بمقدار ما هم قلقون من الارهاب، كذلك هم قلقون على مصادرة السيادة اللبنانية. فأمنُ البلد يحقّقه فقط الجيش اللبناني والقوى الامنية، وليس أيّ أحد آخر، وهذه مسألة مبدئية، لأنه إذا تمّ التنازل عن السيادة اليوم، فما المانع من أن يتمّ التنازل عنها غداً وبعد غد؟».
ورَفض الجسر مقولة «إنّ الجيش لا يستطيع خوضَ معركة الجرود»، ولفتَ الى انّ «موقفنا من الارهاب معروف، ونحن مع محاربته لكنّنا حذّرنا من تداعيات مشاركة «حزب الله» في الحرب السورية على أمن البلد، وذلك قبل نشوء «داعش» وأخواتها».
ضغوط لإمرار البواخر!
من جهةٍ ثانية، لم يحجب ضجيج معركة الجرود «الضجيجَ الكهربائي» الذي انبعَث في الساعات الماضية من مداخن بواخر الكهرباء، بعد صدور تقرير إدارة المناقصات حول هذه الصفقة، ووجدت فيها بعض الثغرات الجوهرية غير المطابقة للأنظمة والأصول التي يفترض ان تُعتمد في موضوع المناقصات.
ولعلّ الثغرة الاساس تتمثّل في انعدام مبدأ المنافسة الذي يفترض ان يتوافر، بسبب وجود شركة واحدة، هي نفسُها الشركة التركية التي يبدو انّ المناقصة أُعِدّت على قياسها. وبالتالي فإنّ انعدام المنافسة في هذه الحال يَحول دون فضّ العرضِ المقدّم من الشركة التركية، وإدارةُ المناقصات أكّدت في تقريرها عدم جواز فضِّ العروض نظراً لوجود عارض واحد.
وكما بات معلوماً، فإنّ إدارة المناقصات سلّمت نسَخاً من تقريرها الى كلّ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب، وكذلك أحالته الى وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل الذي يفترض ان يُعدّ تقريراً بهذا الشأن ويَرفعه الى مجلس الوزراء وفقَ ما جاء في القرار الصادر عن المجلس منذ اسابيع، وقضى بإحالة الملف الى ادارة المناقصات لدرسه ووضعِ تقرير في شأنه.
على أنّ اللافت للانتباه أنّ الأمر، بدلاً من أن يسلك مسارَه الطبيعي، ويعكفَ الوزير المعنيّ على إعداد التقرير تمهيداً لرفعِه الى مجلس الوزراء، تفاعلت المسألة الى حدٍ غير مسبوق. وعلمت «الجمهورية» من مصادر موثوقة انّ جهة سياسية نافذة في السلطة، جيّشَت حملة مداخلات عنيفة وضغوطاً على إدارة المناقصات لحملِها على تغيير تقريرها وفضِّ العرضِ المقدّم من الشركة التركية (karpowership)، على رغم وجود مخالفة قانونية نظراً لانعدام المنافسة. والغريب في الأمر أنّ تلك الحملة شارَك فيها وزراء حاليّون ونواب وغيرهم ممّن ينتمون الى جهة سياسية نافذة، والعلامة النافرة هنا أنّ بين هؤلاء من يُعتبرون رجال قانون؟!
وعلمت «الجمهورية» أنّ بعض المشاركين في حملة الضغط على ادارة المناقصات ادَّعوا في اتصالاتهم مع الادارة أنّهم يتحدثون باسمِ «مرجع كبير» وأنّ هذه هي رغبته، إلّا أنّ هذه الحملة لم تؤثّر في قرار الإدارة التي واجهت حملة الضغوط بموقف صلب مفادُه: «أقطعُ يدي ولا أُخالف القانون بفتحِ عرض ماليّ وحيد».
وتوازَت هذه الحملة مع بيان صدر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ردّت فيه على ما ورد في الإعلام حيال ملف استدراج عروض بواخر الكهرباء، وأشارت الى «أنّ الملف لا يزال في سياق استكمال إجراءات تنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي بفضّ العروض المالية ووضعِ تقريرٍ عن الملف بكامله».
إلّا أنّ السؤال الذي يحضر هنا، هو ما الذي حملَ الامانة العامة لمجلس الوزراء على إصدار هذا البيان؟ ومن أوعَز بذلك؟ علماً أنّ هذا البيان الذي أغفَل الاشارة الى إنجاز ادارة المناقصات لتقريرها، لم يحدّد في المقابل اين تُستكمل إجراءات تنفيذ قرار مجلس الوزراء، مع الإشارة الى انّ التقرير لم يُحَل إليها، بل الى الوزير المختص الذي تسَلّمه من وزير الطاقة قبل ايام، وعلى وجه التحديد يوم الجمعة من الاسبوع الماضي.
وسألت «الجمهورية» بري رأيَه في هذا الامر، فأكّد تلقّيه تقرير إدارة المناقصات بكلّ تفاصيله وما انتهى اليه، وقال: «هذا الموضوع، وبعد تقرير ادارة المناقصات، اصبح في عهدة مجلس الوزراء، الذي يعود له القرار النهائي في هذا الشأن، ولا شيء غير ذلك». واستغرَب حصول مداخلات وضغوط لإمرار هذا الملف.
الأخبار
معركة عرسال: ثلاثيّة عون وحزب الله والجيش
“لا يمكن حصر معركة جرود عرسال بالتطورات العسكرية فحسب. العناصر السياسية المتداخلة ترسم إطاراً للوضع الداخلي في ظل العلاقة الثلاثية التي بناها حزب الله مع رئيس الجمهورية والأخير مع الجيش.
يعود أحد السياسيين إلى تصريح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل زيارته لمصر في شباط الفائت، من أجل فهم الانعكاسات السياسية للمعركة العسكرية التي يخوضها حزب الله في جرود عرسال، ولا يقف الجيش بمعزل عنها، منذ اليوم الاول. وبعيداً عن المزايدات في الدفاع عن الجيش، والموجبات الضرورية لشنّ المعركة من أجل تطهير المنطقة من جبهتي النصرة وداعش، ثمة ارتدادات سياسية لهذه المعركة بدأت آثارها تظهر تباعاً.
في شباط الفائت، قال عون إن «الجيش اللبناني لا يتمتع بالقوة الكافية لمواجهة إسرائيل، فنحن نشعر بضرورة وجود هذا السلاح (سلاح حزب الله) لأنه مكمل لعمل الجيش ولا يتعارض معه». واستطرد رابطاً بين الطرفين قائلاً «لم يتدخل حزب الله في سوريا إلا بعد أن عانى لبنان من مشاكل مع الارهاب الذي تسلل الى أراض لبنانية، ومنها عرسال ووادي خالد. فهناك مستودع إرهابي في سوريا يورّد الارهابيين الى لبنان، وبعد تحرير القلمون، انخفض منسوب الخطر الارهابي على لبنان، ويعمل الجيش اللبناني على مواجهة الارهابيين في الاراضي اللبنانية».
لم تتمكن العاصفة التي تلت هذا الكلام من تغيير رؤية رئيس الجمهورية لدور حزب الله في مواجهة إسرائيل والتنظيمات الارهابية معها. ورغم أن هذا الكلام قيل قبل ستة أشهر، إلا أن ما يجري اليوم في جرود عرسال يمكن وضعه في الإطار الذي رسمه عون لدور حزب الله والجيش، وحدد فيه «رسمياً» بعد انتخابه، مستوى علاقته مع الحزب التي لم يتراجع عنها. ولكنه يأتي أيضاً في المقابل استكمالاً للصيغة التي أرساها حزب الله في علاقته مع عون.
ليس صحيحاً ما تقوله بعض الاوساط السياسية عن غرق حزب الله في الاستراتيجية الاقليمية ورمال المنطقة المتحركة وانصرافه عن الشأن الداخلي. لا بل العكس هو الصحيح، فإن انغماسه في الوضع المحلي والقرارات التي اتخذها، جعلاه يحمي نفسه وظهره من أي تبعات داخلية لدوره الاقليمي ومستقبل هذا الدور وسط الترتيبات التي تُعدّ للمنطقة. من هنا يفهم إصرار الحزب على مجيء عون رئيساً للجمهورية وتمسّكه به حتى النهاية، رغم كل ما اعترض هذا الترشيح من عثرات وعراقيل وخطوات كان يمكن أن تؤثر على خياراته، كترشيح الرئيس سعد الحريري لرئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، الحليف الآخر للحزب. ظل حزب الله على موقفه من ضرورة انتخاب عون، وفي المقابل بقي الأخير قبل انتخابه وبعده على موقفه من الحزب ومن الرؤية الاستراتيجية لدور الحزب في لبنان والمنطقة. ورغم كل ما حاكه رئيس الجمهورية من تحالفات على طريق انتخابه رئيساً ومن ثم تشكيل الحكومة، سواء مع القوات اللبنانية أو الرئيس سعد الحريري، لم تتأثر علاقته مع الحزب، ولم يخرق التفاهم بينهما، خصوصاً في الشق المتعلق بدور الحزب العسكري جنوباً وعلى الحدود الشمالية. ويظهر بوضوح أن ما جرى لاحقاً، كرّس مستقبل هذه العلاقة وإطارها، حين جاءت التعيينات الأمنية، ولا سيما في قيادة الجيش التي اختارها عون بنفسه، لتعكس واقعاً جديداً ربط الجيش كلياً برئيس الجمهورية، ما وضع قيادة الجيش بمنأى عن أي تجاذبات سياسية، كما وضعها كلياً بمنأى عن محاولتها التقليدية تحقيق توازن في العلاقة مع كافة السلطات والمرجعيات، والدليل ما حصل في لقاء السراي الحكومي الأخير بين الحريري وقائد الجيش العماد جوزف عون في حضور وزير الدفاع يعقوب الصراف. أعطى رئيس الجمهورية مظلة الحماية للجيش، وحمى الجيش نفسه بالعلاقة الكاملة مع عون، في حين أبقت الحكومة نفسها بعيدة عن هذا المسار، وعزل الحريري أيضاً نفسه عن ترتيبات هذه العلاقة، إذ إنه أدرك موجبات البقاء بعيداً، ليس لأسباب التهدئة الداخلية فحسب، بل أيضاً لأنه لمس أن اللعبة السياسية باتت أكبر من مجرد تفاهم على حصص حكومية ونفطية ومالية، وتعويم وضعه كرئيس للحكومة.
جاءت معركة عرسال واضحة بمعالمها، وحدّد الأمين العام لحزب الله الساعة الصفر لها، ولم يكن الجيش بعيداً عن المعركة، ولا حكماً رئيس الجمهورية الذي يطّلع على كافة مجرياتها. لكن الحكومة كسلطة تنفيذية، ما عدا الوزير معين المرعبي، تظهر كأنها غير معنية، في وقت يلتقي فيه رئيسها الرئيس الاميركي دونالد ترامب، في إطلالة خارجية من المبكر جداً الكلام عن فائدتها.
هذه العلاقة الثلاثية بين رئيس الجمهورية والجيش وحزب الله، ستكون هي المحور السياسي من الآن فصاعداً في قراءة أي تداعيات سياسية لما جرى ويجري في الجرود، بعد انتهاء المعركة مع النصرة وعلى أبواب المعركة مع تنظيم «داعش»، ولا سيما لحساسية الوضع الجغرافي حيث تمتد قرى القاع ورأس بعلبك. ودقة هذه المرحلة تكمن في أن خطورة المعركة المتوقعة مع «داعش»، بانفلاشها وتبعاتها الامنية والعسكرية والاحتمالات الخطرة التي قد تتعدى الجرود، الى الداخل اللبناني. وحينها يخشى ألا يبقى الصمت الحالي (صوت المستقبل العالي يغطيه انكفاء الحريري) على حاله حيال مجريات التطورات العسكرية، ومدلولاتها السياسية، إن لجهة ترتيب الوضع على الحدود، أو وضع تصور لمرحلة سورية ولبنانية جديدة. فالواقع الأمني والعسكري سيُقرأ من الآن فصاعداً من منظار العلاقة الثلاثية بين رئيس الجمهورية والجيش وحزب الله، التي يعترض عليها البعض من السياسيين، ومحاولة الحزب الاستثمار سياسياً في ما سيحققه من هذه المعركة داخلياً وإقليمياً. والمشكلة ليست في الاستراتيجية التي يرسمها حزب الله للبنان ولدوره فيه والمنطقة، بل في غياب الاستراتيجيات عند الأطراف الآخرين المشغولين بتقاسم الحصص والإعداد للانتخابات.
اللواء
ترامب يحرج الوفد اللبناني: حزب الله يُشكّل تهديداً للبنان والشرق الأوسط
الحريري مطمئن لاستمرار الدعم للجيش والقوى الأمنية.. واتصالات مع الكونغرس حول العقوبات
“في موقف شكل مفاجأة للوفد اللبناني، صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوجه حزب الله، الذي رأى فيه تهديداً للدولة اللبنانية والشعب اللبناني والمنطقة بأكملها. وقال ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الحريري، بعد اجتماع بين الرئيسين عقد عند التاسعة ليلاً بتوقيت بيروت (الساعة الثانية من بعد الظهر بتوقيت واشنطن)، تلاه اجتماع موسع حضره عن الجانب اللبناني وزير الخارجية جبران باسيل والسفيرة كارلا جزار وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والسيّد نادر الحريري والمستشارة آمال مدللي، وعن الجانب الأميركي وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوشين ومستشار الأمن القومي الجنرال ماك ماستر والسفيرة الأميركية في بيروت اليزابيث ريتشارد، ان هذه المجموعة تستمر في زيادة عتادها العسكري مما يُعزّز خطة النزاع مع إسرائيل، مضيفا: حزب الله يظهر نفسه على انه مدافع عن مصالح اللبنانيين لكن من الواضح انه ينفذ مصلحته الشخصية ومصلحة داعمه إيران. وأكد الرئيس الحريري تمسك الحكومة اللبنانية بالقرار 1701 وجميع قرارات مجلس الأمن الدولي.
وكشف انه جري بحث «الضغوط التي يتعرّض لها لبنان نتيجة وجود مليون ونصف مليون نازح سوري على الأراضي اللبنانية، مشيراً إلى ان البحث تطرق إلى الآفاق الاقتصادية في لبنان وجهود الحكومة لدفع النمو الاقتصادي الشامل مع التركيز على خلق فرص عمل.
ورداً على سؤال، اعتبر الرئيس الحريري ان الطريق لتحسين وتطوير العلاقة بين المملكة العربية السعودية وقطر هو عبر الحوار، معرباً عن اعتقاده ان الولايات المتحدة تستطيع ان تساعد في حل المسألة في الخليج.
ووصف الرئيس الأميركي لبنان بأنه «على الخط الامامي في محاربة «داعش» والقاعدة و«حزب الله»، معتبراً الحزب بأنه يمثل تهديداً للدولة اللبنانية والشعب اللبناني والمنطقة بأكملها.
وإذ أشاد ترامب بالانجازات العظيمة التي حققها الجيش اللبناني في السنوات الأخيرة، قال ان الولايات المتحدة فخورة بمساعدة الجيش في حربه ضد الإرهاب، وانه بمساعدة أميركا نستطيع ان نضمن ان الجيش اللبناني سيكون المدافع الوحيد الذي يحتاجه لبنان.
ووجه الرئيس الأميركي الشكر للرئيس الحريري وللشعب اللبناني لاستضافته كل هذا العدد من النازحين السوريين، داعياً الشرق الأوسط ان يتحمل مسؤوليته في مساعدة هؤلاء النازحين حتى عودتهم إلى ديارهم وإعادة بناء بلدهم.
في هذا الوقت، بقيت التطورات العسكرية، في معركة جرود عرسال محور الاهتمام السياسي الوحيد، مخلفة تداعيات سياسية تعكس عمق الانقسام السياسي في الداخل اللبناني.
وفيما من المقرّر ان يطل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في الثامنة من مساء اليوم للحديث عن سير تطورات المعركة والحدود التي بلغتها، والاحتمالات التي ستكون عليها في المرحلة المقبلة على صعيد الحرب على «داعش» بعد الانتهاء من «جبهة النصرة».
وبرز في هذا السياق بيان كتلة «المستقبل» النيابية الذي رفض إعطاء شرعية لقتال «حزب الله» في جرود عرسال، وخوضه المعركة بقرار متفرد منه خارج إطار الدولة اللبنانية وشرعيتها، وطالب بنشر قوات الأمم المتحدة «اليونيفل» بمؤازرة الجيش اللبناني على الحدود الشرقية والشمالية في سياق تنفيذ القرار 1701، وهذا الموقف استقطب حملة على تيّار «المستقبل» وتحديداً الرئيس فؤاد السنيورة قادها الوزير السابق وئام وهّاب الذي اتهم «المستقبل» بتخريب لبنان اقتصادياً وامنياً.
اما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع فرأى خلال لقاء مع وفد رابطة خريجي الإعلام ان معارك الجرود إيجابية، لأن لبنان سيرتاح بعدها من التنظيمات، لكنه شدّد على ان هدفنا يبقى قيام دولة فعلية لا يكون على جوانبها مجموعات مسلحة في إشارة إلى حزب الله الذي قال عنه ان مشروعه أكبر من لبنان وهو يفكر بمشروع على صعيد الأمة (راجع ص 3).
معركة الجرود
ميدانياً، في اليوم الخامس من معركة الجرود، بات «حزب الله» قاب قوسين أو أدنى من حسم المعركة ضد جبهة «النصرة» في مناطق تواجدها في الجرود، وسط ترقب للمنازلة المقبلة ضد تنظيم «داعش» الذي يتمركز في مناطق ذات خصائص جغرافية صعبة، وقد واصلت مدفعية «حزب الله» استهداف ما تبقى من مواقع الجبهة حيث يتمركز اميرها في القلمون أبو مالك التلي، بعد تقلص المساحة التي يحتلها التنظيم إلى بقعة لا تتجاوز الـ10 كيلومترات من أصل 80 كيلومتراً مربعاً، بفعل التقدم الواسع للحزب، ومساندة الجيش السوري له جواً، من خلال غارات نفذها على مواقع المسلحين في اطراف وادي الخيل وباتجاه وادي حميد والملاهي التي لجأ إليها التلي ومسلحيه.
وأفاد الإعلام الحربي التابع للحزب ان مقاتليه سيطروا في فترة بعد الظهر على مرتفع سرج الخربة وطلعة النصاب في جرود عرسال، كما سيطروا على عقبة نوح الأولى في محيط وادي حميد.
ونفى الإعلام الحربي في بيان صحة الاخبار الإعلامية التي تحدثت عن استهداف مدفعي مركز وكثيف لوادي حميد ومدينة الملاهي، في إشارة إلى ان الحزب يتفادى استهداف المدنيين الذين يتواجدون في مخيمات تضم نحو 10 آلاف نازح في هذا الوادي، لكنه لحظ استمرار العمليات العسكرية في المرتفعات جنوب وادي حميد.
وفي موازاة التقدم العسكري، استمرت المفاوضات بين الحزب والتلي حول إمكان استسلام عناصر «النصرة» بعدما أصبحوا داخل فكي كماشة بين مواقع حزب الله ومواقع الجيش اللبناني، لكن المعلومات اشارت إلى فشل المفاوضات التي تتولاها سرايا أهل الشام، ما دفع الحزب إلى شن هجوم واسع على كل المحاور على مواقع النصرة في وادي حميد.
وأفادت المعلومات ان نحو 120 قتيلاً سقطوا «للنصرة» في معركة الجرود، وأن عدداً من الجثث بينهم سوريون وعرب موجود لدى «حزب الله» الذي رفع العلمين اللبناني والحزب على تلة القرية بعد تحريرها من مسلحي النصرة.
في المقابل، بثت هيئة تحرير الشام شريط فيديو على «يوتيوب» لثلاثة اسرى من حزب الله كانوا أسروا في العام 2014، ناشدوا فيه الحزب وقف الحرب، فيما نشر الإعلام الحربي صوراً لضبط شاحنة محملة بالاسلحة والذخائر كانت متجهة إلى مواقع النصرة في القلمون الغربي.
ومن جهته، أكّد قائد الجيش العماد جوزف عون أثناء تفقده قيادة القوات الجوية في عين الرمانة، ان وحدات الجيش تستهدف دائماً مواقع المجموعات الإرهابية وتحركاتها وخطوط تسللها الأمر الذي أدى إلى محاصرتها وتضييق الخناق عليها، ولفت إلى ان هناك 50 ارهابياً خطيراً من بين الموقوفين في المداهمات الأخيرة، بعضهم من الرؤوس المدبرة والمشاركين في اختطاف العسكريين واحداث آب 2014.
مطالب القضاة
في مجال آخر، حضر ملف سلسلة الرتب والرواتب وما تضمنه من نصوص قانونية تؤثر على نظام الحماية الاجتماعية التي يستفيد منها القاضي العامل والمتقاعد من خلال صندوق تعاضد القضاة والذي أدى إلى توقف القضاة عن العمل، منذ إقرار قانون السلسلة في مجلس النواب، في لقاء الرئيس ميشال عون مع مجلس القضاء الأعلى برئاسة القاضي جان فهد، الذي لفت إلى ان القضاة لا يخضعون لنظام الموظفين في الملاك الإداري والمؤسسات العامة، ما يجعلهم مستقلين برواتبهم ومخصصاتهم وتعويضاتهم، لأنهم أعضاء في سلطة دستورية مستقلة.
وألمح الرئيس عون لوفد القضاة إلى إمكانية معالجة أي اجراء يمكن ان يؤثر على استقلالية السلطة القضائية، وفقاً للأصول القانونية التي تضمن تعزيزها وفهم الوفد ان موقف عون يؤشر إلى انه بالإمكان تقديم اقتراح أو مشروع قانون معجل مكرر يعالج مطالب القضاة، وهو ما كان بحثه الوفد مع رئيس المجلس نبيه برّي قبل أيام، علماً ان هذه الخطوة يمكن ان تفتح الباب لمعالجة باقي أصحاب المطالب المتضررين من السلسلة، مثل الأساتذة والعسكريين المتقاعدين.
على ان اللافت، في خضم المطالب المتعاظمة من السلسلة، تأكيد وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني ان الرئيس عون ليس في أجواء ردّ قانون السلسلة الذي وقعه الرئيس برّي قبل يومين واحاله إلى رئاسة الحكومة تمهيداً لاحالته إلى رئاسة الجمهورية لتوقيعه ونشره، بل هو في أجواء تخفيف الضرائب على النّاس، مشيراً إلى ان أكثر الضرائب اليوم مباشرة، ما عدا الـTVA والتي من الممكن ان تشكّل عبئاً على أصحاب الدخل المحدود، رغم انها لا تطال السلع الاستهلاكية، بل التجارية.
بواخر الكهرباء
من جهة ثانية، توقع مصدر وزاري ان يثار ملف استئجار بواخر الكهرباء مجدداً، في مجلس الوزراء عندما يعود إلى الانعقاد في الأسبوع المقبل، في ضوء ما تكشف لدى إدارة المناقصات في هيئة التفتيش المركزي من ملابسات رافقت صفقة استدراج عروض بواخر الكهرباء التي اعدتها مؤسسة الكهرباء، خلافاً للأصول.
ومع ان الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ردّت على ما ورد في الإعلام أمس، موضحة ان الملف لا يزال في سياق استكمال إجراءات تنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي بفض العروض المالية ووضع تقريرعن كامل الملف، الا ان اللافت ان تقرير إدارة المناقصات، كان موضع تعليقات ومواقف سياسية، أبرزها من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي أبلغ «اللواء» ان مؤسسة الكهرباء لم تلتزم بالنظام المالي لقانون المحاسبة العمومية، كما ان التقرير كشف عن مخالفات قانونية، ولذلك تمّ رفض فتح المناقصة الخاصة بها، واعتبر ان ردّ مناقصة شركة الكهرباء انتصار كبير للعهد والحكومة، وانه بهكذا خطوات تعاد الثقة المفقودة إلى الدولة.
اما النائب بطرس حرب فقد كشف ان إدارة المناقصات قررت رفض المناقصة لمخالفتها الإجراءات القانونية للمناقصات ولا تنطبق على نظام المناقصات العام أو على نظام مؤسّسة الكهرباء، ولأن تعديلات إضافية ادخلت إلى دفتر الشروط في الوقت الذي كان يجري فيه تقييم العروض، بالإضافة إلى ان المناقصة انحصرت بالشركة التركية المعروفة، وهي الشركة التي فصلت المناقصة على قياسها سلفاً.
البناء
ترامب: خطر حزب الله والحرب على داعش الحريري: تعاون الجيشين وملف النازحين
المقاومة تُحكم الحصار على بقايا النصرة… ونصرالله اليوم لأبعاد المعركة سياسياً وعسكرياً
كتلة المستقبل تفتح سجالاً في توقيت مفاجئ لنشر «اليونيفيل» على الحدود اللبنانية السورية
“طغى التزامن بين معارك جرود عرسال ولقاء رئيس الحكومة سعد الحريري مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مجريات اللقاء نفسه، الذي توّج بمؤتمر صحافي بدا فيه الكلام بعيداً عن وجود تفاهمات تضمّنها اللقاء. فالرئيس الأميركي الذي أشار بصورة عابرة إلى ما يعتبره أخطار حزب الله ومسارات الحرب على داعش، وتغزّل بالعلاقة التاريخية بين أميركا ولبنان منذ تأسيس الجامعة الأميركية في بيروت بدا متحمّساً لاستخدام المنبر لقضيتي برنامج التأمين الصحي والنيل من برنامج الرئيس السابق باراك أوباما أوباما كير واستقالة المدّعي العام الأميركي. وأجاب عن سؤالين بعيداً عن الموضوع، واحد حول ما فعلته أميركا لمساعدة لبنان في ملف النازحين فتحدّث عن دور وزير الدفاع كرجل عسكري يعرف ما يفعل وقد حقق إنجازات ضدّ داعش لم تحققها إدارة الرئيس أوباما خلال سنوات، ومرة ثانية في سؤال عن نظرته لمستقبل العلاقة بالرئيس السوري، خصوصاً في ظلّ التفاهم مع روسيا، فأجاب عن الخط الأحمر حول السلاح الكيميائي وعاد إلى معزوفة ما لم يفعله أوباما وقام هو بفعله، بينما كان لافتاً اختصار الرئيس الحريري لأجوبته على الأسئلة وفي نصّ مداخلته بعد اللقاء وبقائه في العموميات، متحدثاً عن حكومة تسعى لحفظ الاستقرار الاقتصادي ثم السياسي، وعن تعاون الجيشين اللبناني والأميركي وهما يعرفان ما يفعلان، وعن قضية النازحين التي يحرص عليها لبنان، وفي قضية الأزمة القطرية الخليجية اكتفى بمساندة المسعى الكويتي.
الانطباع الذي تركه اللقاء مع الصحافة بعد الاجتماع تمحور حول غياب هموم واهتمامات واحدة كانت محور نقاش في الاجتماع، بل تبادل كلمات دارت كلّ منها حول الإنشائيات الخاصة بخطابه السياسي، وأنّ نقاشاً مفتوحاً حول قضايا بعينها لم يتمّ، وأنّ اللقاءات مع أركان إدارة ترامب ربما تكون بعد هذا اللقاء هي التي يتمّ فيها التطرّق للمواضيع التي يرغب كلّ من الفريقين بمناقشتها.
على جبهة جرود عرسال واصلت وحدات المقاومة عمليات التطويق والحصر والتمشيط والتنظيف، وتمكنت من ضغط ما تبقى من جماعة النصرة وقائدهم في بقعة ضيقة بين منطقة الملاهي وآخر وادي حميد، حيث قام وسطاء محليون وشاركت اتصالات إقليمية بإدارة تفاوض محوره عرض واحد قدّمته المقاومة هو ضمان سلامة المنسحبين إذا ألقوا سلاحهم، بينما كان مطلب أبو مالك التلي يتمثل بالانسحاب مع سلاحه وعتاده، ولم تعد إدلب عنده بديلاً مرفوضاً كما كان قبل بدء المعارك، ووفقاً لمصادر عسكرية ميدانية سيستمرّ الجمع بين الضغط العسكري والجهد التفاوضي لبعض الوقت، حتى يُستنفد خيار الانسحاب فيكون آخر الدواء الكيّ. وحول أبعاد المعركة وتداعياتها والإجماع الشعبي الذي حازته المقاومة وتضحياتها، رغم بعض الكلام المقال حولها، ولشرح آخر التطورات وسياقها يطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم الساعة الثامنة والنصف عبر الشاشة، محدّداً المهامّ وراسماً آفاق المعركة، وربما يتناول بعض الكلام المقال حول المعركة، ومن الممكن أن يتطرّق لما يجري حول القدس والمشهد الإقليمي، وفقاً لبعض المصادر.
سياسياً، كان لافتاً ما صدر عن كتلة المستقبل النيابية لجهة تخطي لغة الانتقاد والاتهام لحزب الله إلى نبش الدعوة لنشر القوات الدولية على الحدود اللبنانية السورية من أرشيف حرب تموز 2006 ليطرح الموقف تساؤلات حول الأبعاد والخلفيات والكيفية ومدى الجدية، وهل تمثل جزءاً من مهمة يسعى إليها رئيس تيار المستقبل رئيس الحكومة سعد الحريري في زيارته لواشنطن فاختارت كتلته النيابية طرح الأمر في التداول بالتزامن مع زيارته الأميركية ولقائه بالرئيس الأميركي، أم هي عملية تشويش على الزيارة وإثارة غبار وشكوك وظنون حول تضمّنها ما لم يتم بحثه في الحكومة، ولا تمّ التوافق عليه مع رئيس الجمهورية، لوضع الرئيس الحريري أمام أمر واقع يتلقفه أحد ما في واشنطن ويقول نحن نوافق على ما طرحته كتلتكم النيابية ونتبنّاه؟
على عكس رهانات بعض القوى السياسية وقولها إن المعركة ضد جبهة النصرة ستكون طويلة والتهويل بخطورتها على أمن النازحين، فإن الواضح أن حسم المقاومين للمعركة في جرود عرسال بات قاب قوسين أو أدنى مع تقلّص المساحة التي تحتلها جبهة النصرة إلى أقل من 10 في المئة. ترجّح ذلك إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الساعة الثامنة والنصف مساء اليوم التي ستحمل دلالات انتهاء المعركة والانتصار على الإرهابيين.
وإذ تشير مصادر معنية إلى ردة فعل خصوم حزب الله حيال ما يقوم به المقاومون في الجرود، وتفاجئهم بحجم قوته وسيطرته واندفاعه وتحكّمه في الميدان، تشدد المصادر على أن حزب الله سيستثمر انتصاره على الجماعات الإرهابية استثماراً ذكياً بتجييش الانتصار على المستوى الوطني والتأكيد على ترسيخ ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي ثبتتها معركة الجرد.
فقد أحرز المقاومون مزيداً من التقدمِ في جرد عرسال وسيطروا على وادي كميل، وادي حمودي، مكعبة الفرن، البيدر، شعبات النحلة ووادي ضليل البراك، فيما اعترفت تنسيقيات المسلّحين بسيطرة المجاهدين على المناطق ذاتها. وتابعوا تقدمهم في جرود عرسال وأحكموا السيطرة على مرتفع سرج الخربة وطلعة النصاب ومرتفع النصاب وعقبة نوح شرق الجرود. ونفى الإعلام الحربي الأخبار الإعلامية التي تحدثت عن استهدافٍ مدفعي مركز وكثيف لوادي حميد ومدينة الملاهي. وضبط حزب الله في الجرود شاحنة محملة أسلحة وذخائر بعضها أميركي وفرنسي الصنع متجهة إلى إرهابيي جبهة النصرة في القلمون الغربي.
17 قتيلاً وعشرات الإصابات
وأفاد الإعلام الحربي مساء إلى أن التقدم الواسع للمقاومة أوقع 17 قتيلاً وعشرات الإصابات في صفوف جبهة النصرة في جرود عرسال، عُرف منهم ابو عدي وابو عمر التلي وابو محمد قاسم وابو علي شاكوش وابو اسامة. ودمّر حزب الله 3 آليات وقاعدة إطلاق صواريخ موجّهة لجبهة النصرة.
وتزامن كل ذلك مع فشل المفاوضات التي بدأت صباح أمس بين جبهة النصرة وحزب الله، بطلب من أبو مالك التلي بهدف إيجاد تسوية. وفيما وصلت المفاوضات الى طريق مسدود، لأن «النصرة» لم توافق على شرط حزب الله بتسليم السلاح والانتقال إلى الأراضي السورية، علمت «البناء» أن وزير الاتصالات جمال الجراح أجرى اتصالاً بمسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا للتوصل إلى اتفاق من أجل السماح لما تبقى من مقاتلي النصرة بالجرود الانسحاب، إلا أن قيادة حزب الله رفضت ذلك، إذ أبلغ صفا الجراح ان امام المسلحين حالاً من اثنين إما الاستسلام او الموت.
وأكدت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن حزب الله لا يتهاون في الميدان، وفي مثل هذه المعارك نوع العمليات يختلف ولا مجال للتراجع، مشدّدة على أن العمل جاء على تأمين محيط وادي حميد والملاهي، مشدّدة على أن المهم بالنسبة لحزب الله تطهير الجرود من جبهة النصرة واجتياز امتحان المخيّمات بأمان.
الاستسلام أو الموت
ولفتت المصادر إلى أنه لم يعُد أمام العناصر المتبقية من النصرة في الجرود إلا خيار من اثنين: إما القتال حتى الموت، أو التوجه باتجاه مناطق داعش الذي وضع شرط المبايعة على كل مَن يريد دخول المخيم، مع الإشارة إلى أن سرايا أهل الشام لم تسمح بدخول إرهابيي النصرة الى مخيمات الجرود في منطقة الملاهي، فضلاً عن أن الجيش لن يسمح بتسلل عناصر جبهة النصرة إلى مخيمات النازحين السوريين. فالطريق بين مناطق سيطرة مسلحي «النصرة» في وادي حميد ومنطقة الملاهي ومخيمات النازحين تقع تحت التغطية النارية للجيش، وبالتالي هو قادر على إحباط أي محاولة تسلل في اتجاه مخيمات النازحين.
وتحدّثت مصادر عسكرية عن أن المهمة الأساسية في مواجهة جبهة النصرة انتهت، وما تبقى من أعمال هو استكمال لهذه المهمة لجهة تنظيف الجرود. اما بالنسبة للمعركة ضد داعش، فإن المصادر نفسها تشير الى أن القرار السياسي اتُخذ بضرورة التخلص من هذا التنظيم، لكن بدء العملية يتطلب تقديراً للتوقيت من القيادة الميدانية على ضوء النتائج التي تحققت ضد جبهة النصرة، متحدثة عن إمكانية تعديل حزب الله في الخطة او التوقيت. وهذا الأمر متروك للقيادة الميدانية على ضوء توجيهات القيادة السياسية.
وفي سياق متصل، أكد قائد الجيش العماد جوزاف عون «وجود 50 إرهابياً خطيراً من بين الموقوفين، بعضهم من الرؤوس المدبّرة والمشاركين في اختطاف العسكريين والهجوم على مهنية عرسال خلال أحداث آب 2014»، مؤكداً أن «الجيش ومع التزامه الدقيق بمعايير حقوق الإنسان، لن يجعل من المخيمات ستاراً للإرهابيين، يمكنهم من التخطيط في الخفاء والإعداد لتنفيذ عمليات إرهابية في الداخل».
في موازاة ذلك، خرج بيان كتلة المستقبل بنبرة ممجوجة مهدِّدة تطلب استعمال ما هو متاح في القرار 1701 لجهة الطلب من مجلس الأمن الدولي الموافقة على توسيع صلاحيات قوات الأمم المتحدة في مؤازرة الجيش اللبناني لحماية الحدود الشرقية والشمالية للبنان أُسوةً بالتجربة الناجحة في الجنوب. تزامن هذا البيان مع اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة سعد الحريري بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي من المرجّح أن يكون بحث في هذه النقاط لا سيما أن ما يطرحه المستقبل اليوم كان قد طرحه الرئيس فؤاد السنيورة على كونداليزا رايس في تموز 2006.
وفي موقف تصعيدي أكد ترامب أمس، أن حزب الله يمثل تهديداً للدولة اللبنانية والشعب اللبناني والمنطقة وما يفعله الجيش اللبناني عظيم جداً بانتصاراته على داعش. ولفت الحريري بدوره إلى أن البحث تناول «الوضع في المنطقة والجهود المبذولة لحماية استقرارنا بينما نحارب الإرهاب ونشكر الدعم الأميركي للجيش والأجهزة الأمنية».
وأشارت المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن نيكي هايلي إلى أن «قرارات الأمم المتحدة تدعو حزب الله لنزع السلاح وهذا لم يحدث»، مشيرةً إلى أن حزب الله عرقل سيطرة الحكومة اللبنانية على كامل الأراضي»، واعتبرت أن «حزب الله قوة مدمّرة وعقبة في طريق السلام».