ينهار إرهابيو «داعش» أمام تقدّم قوات الجيش اللبناني وأمام تقدم قوات الجيش العربي السوري وحزب الله في معركة واحدة متزامنة من الجهتين اللبنانية والسورية. وما لا شكّ فيه، أن الهجوم من عدّة محاور، سواء من داخل الأراضي السورية أو اللبنانية وبشكل متزامن، كان العامل الأوّل في تسريع انهيار الإرهابيين وإفقادهم عنصر الدفاع الفعّال. وفي ظلّ هذا الإنجاز العسكري، الذي لم يكن ليحصل بهذه السرعة وبهذه الكلفة لولا تنسيق الحدّ الأدنى والعمل المتزامن والمتكامل على جانبي الحدود، تستمر فئة من السياسيين اللبنانيين بمحاولات تسخير إنجاز الجيش اللبناني العسكري، لمصلحة نظريّة أفضلية سلاح على سلاح، ومن ثمّ التأسيس لاحقاً للقول بعدم جدوى سلاح المقاومة بعد إظهار الجيش اللبناني قدرته في الميدان …
الجمهورية
الجيش يقترب من الحسم… والجلسة التشريعية قائمة
يُنتظَر أن ينهيَ الجيشُ اللبنانيّ «فجر الجرود» ببزوغ هذا الفجر نصراً ناجزاً قريباً، تغدو معه جرود القاع ورأس بعلبك نظيفةً من إرهابيّي «داعش» بعدما نُظّفت جرود عرسال من إرهابيّي «جبهة النصرة»، لتصبحَ في هذه الحال كلّ الحدود اللبنانية ـ السوريّة من الشمال وحتى البقاع الغربي خاليةً من أيّ وجودٍ إرهابيّ، ما يؤسّس لاحقاً لتنظيفِ لبنان ممّا تبَقّى من عناصر وخلايا إرهابية نائمة أو «صاحية». وقد نوَّه رئيس مؤسّسة الإنتربول ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والداخلية السابق الياس المر ببطولات الجيش، مؤكّداً «أنّ النصر آتٍ على أيدي أبطال الجيش المندفعين بشجاعة على الجبهات، المستعدّين دوماً للتضحية في سبيل سيادة لبنان وأمنِه. وسينتصر لبنان مجدّداً على الإرهاب مثلما انتصر في كلّ معاركه». ويُنتظر أن يحوّل انتصار الجيش لبنانَ واحةً أمنيةً مستقرّة، لتنصرفَ الاهتمامات أكثر فأكثر إلى معالجة ملفّ النازحين السوريّين، وكذلك معالجة قضايا اللبنانيين على كلّ المستويات، فضلاً عن تأمين واقعٍ محصّن يتيح إجراءَ الاستحقاق النيابي في موعده بغية إنتاج سلطة جديدة يُفترض أن تفرزها نتائج الانتخابات في الربيع المقبل.تراجعَت الأحداث السياسية، من سلسلة وموازنة وكهرباء وبواخر، وتقدَّمَت الوقائع الميدانية في السلسلة الشرقية، حيث لا صوت يعلو على صوت المعركة في جرود رأس بعلبك والقاع، إذ تمكَّنَ الجيش اللبناني من السيطرة على مساحة 80 كيلومتراً مربّعاً من أصل 120، مقدِّماً ثلاثة عسكريّين على مذبح الشهادة.
فبغطاءٍ سياسيّ شامل ودعمٍ وطنيّ جامع والتفافٍ شعبي عارم حوله تواصَلت عملية «فجر الحدود» في يومها الثاني وسط دعواتِ اللبنانيين للجيش بتحقيق نصرٍ أكيد على «داعش» ودحرِ خطرِ الإرهاب.
مصدر عسكري
وفيما تميّزَت الأيام الأولى من المعركة بسرعة تقدّمِ الجيش ميدانياً، أكَّد مصدر عسكري لـ«الجمهورية» أنّ «هذا التقدّم السريع حصَل نتيجة عوامل عدّة، أبرزُها:
• أوّلاً، التحضير الذي تمَّ على مدى الأشهر الماضية، ووضعُ خطة مدروسة، حيث لم يتأثّر الجيش بالضغط الذي حاوَل البعض ممارستَه عليه.
• ثانياً، تصميمُ الجيش قيادةً وضبّاطاً وأفراداً على إنهاء الظاهرة الإرهابية التي هي بمثابة شوكةٍ في خاصرة لبنان.
• ثالثاً، الغطاءُ السياسيّ الداخلي الذي منِح للمؤسسة العسكرية، إضافةً إلى الثقة الدولية بأدائه.
• رابعاً، مفاعيل الدعمِ الأميركي والبريطاني للجيش، حيث إنّ الأسلحة الأميركية «تفعل فِعلها» في الحرب الدائرة، كما أنّ أبراج المراقبة التي بناها البريطانيون ساهمت في كشفِ مواقع الإرهابيين».
وأكّد المصدر «تقهقُرَ قوّةِ «داعش»، حيث إنّ استراتيجية الجيش في ضربِ تحصينات الإرهابيين وشلِّ حركتِهم ساهمت في انهيارهم سريعاً، في حين أنّ سلاح الطيران كان فاعلاً في اليومين الأوّلين من المعركة بمقدار كبير، وسيَستمر الجيش في استعمال كلّ أنواع الأسلحة التي في حوزته».
وفي وقتٍ أكّدت مصادر متابعة لمجريات المعركة «أنّ اليوم سيكون اليومَ الأخير للعملية، حيث ستُعلَن نهاية المعركة، على أن تستمرّ عملية تنظيف المناطق المحرَّرة»، رَفضت مصادر أخرى «تحديدَ سقفٍ زمنيّ لانتهاء العملية»، مشيرةً إلى أنّها قد تنتهي اليوم أو غداً أو بعد فترة، وهذا رهنٌ بتطوّرِ مسار المعركة، وإنهاءِ «داعش».
وزير الدفاع
وقال وزير الدفاع يعقوب الصرّاف لـ«الجمهورية»: «نحن أمام معركة لن يكون فيها الجيش إلّا منتصراً، فهو يخوض معركة تحرير أرضِه من تنظيمٍ إرهابيّ. صحيح أنّ هذه المعركة تسير بوتيرة جيّدة، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ المعركة ليست سهلةً وليست نزهة، فعدوُّنا الإرهاب، وعلى مدى سنوات احتلّ جزءاً عزيزاً من أرض الوطن، وطبيعةُ الأرض قاسية وصعبة، لكنّ جيشَنا مستعدّ للتحرير، وهو انطلقَ في معركته متسلّحاً بعقيدةِ الجيش المؤمن بأرضه ووطنه وبالتفافِ اللبنانيين حوله، ممّا شكّلَ قوّةَ دعمٍ له».
وأضاف: «هنا أقول إنّ ما يمتلكه الجيش من نقاط القوّة يشير بما لا يَقبل الشكّ إلى أنّنا نسير في اتّجاه نصرٍ مؤكّد، لكنّ هذا الأمر يضعنا أمام مسؤولية أن نتركَ الجيشَ يعمل ويتقدّم من دون إلهائه ووضعِ أطرٍ زمنيةٍ لعمله وإطلاقِ تحليلاتٍ وتوقّعاتٍ واستنتاجات حول المعركة».
اتصالات
وفي السياق، كشفَت مصادر واسعة الاطّلاع قبَيل منتصف ليل أمس لـ«الجمهورية» أنّ الاتّصالات الجارية بين بيروت وبعض العواصم الإقليمية عبر مراجع أمنية، والتي يمثّل فيها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لبنان، تناوَلت إمكانَ التوصّل إلى وقفٍ للنار بين «داعش» والجيش اللبناني.
وقالت هذه المصادر إنّ الردَّ اللبناني كان واضحاً وصريحاً عندما أكّد أنّه لا يرفض وقفاً للنار في المطلق، ولكنّ مفتاح الباب إلى مِثل هذه المفاوضات واحد، وهو يَكمن في إعطاء معلومات دقيقة عن مصير العسكريّين اللبنانيين المخطوفين لدى «داعش»، بعدما تبيَّنَ أنّ إفادات أسرى «داعش» السبت حول وجودِهم في مكانٍ ما مِن جرود عرسال لم تكن صحيحة.
وكان ابراهيم قد اكد أن «لا وجود في الأساس لمغارة في عرسال، لتكونَ مغارةً خالية»، مشيراً إلى أنّ «مهمّة الأمن العام في عرسال سارية إلى الآن»، ومشدّداً على «قدسيّةِ الملف»، داعياً إلى «إبقائه بعيداً عن الإعلام و»السكوبات» الصحافية».
الوضع الميداني
ميدانيّاً، سارت المعركة، حسب قيادة الجيش أمس، على محورَين، وسيطر الجيش على مناطق: مرتفع ضليل أم الجماعة (1605) – ضهور وادي التينة (1551) – قراني مقيال فرح (1575) – جبل وادي الخشن – قرنة حقاب الحمام – قراني العقاب (1563)، ما جَعله يسيطر بالنار على أقسام واسعة من المناطق المحاذية للحدود اللبنانية ـ السورية.
وبذلك بلغت المساحة المحرّرة منذ بدءِ معركة «فجر الجرود» والعمليات التمهيدية التي سبقَتها نحو 80 كيلومتراً مربّعاً من أصل 120 كيلومتراً مربّعاً. وجدَّدت قيادة الجيش تأكيدَها أن «لا تنسيق مع «حزب الله» أو الجيش السوري».
وقد أستشهد خلال العمليات العسكرية ثلاثة عسكريين وأصيبَ رابعٌ بجروح بالغة نتيجة انفجار لغمٍ أرضيّ بآليّة عسكرية.
وفي هذه الأثناء تفقَّدَ قائد الجيش العماد جوزف عون أمس، الوحدات العسكرية التي تُواصِل تنفيذ عملية «فجر الجرود» في مناطق رأس بعلبك والقاع.
من جهته، تفقّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الجرحى العسكريّين واطّلع على أوضاعهم واطمأنّ إلى صحّتهم.
برّي
بدوره، نوَّه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس بعملية «فجر الجرود»، وقال: «إنّ الجيش يقوم بعمل بطوليّ ووطنيّ، ويحقّق إنجازاً كبيراً، خصوصاً أنّه يقاتل إرهابيين يخوضون معركة حياةٍ أو موت، وينتصر فيها».
المرّ
في غضون ذلك، تَواصَل إطلاقُ المواقفِ الوطنية الجامعة التي تؤيّد الجيشَ في معركته، وفي هذا المجال نوَّه رئيس مؤسّسة الإنتربول، نائبُ رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والداخلية السابق الياس المر، بعملية «فجر الجرود»، وقال في بيانٍ: «أمّا وقد أطلقَت قيادةُ الجيش عمليتَها الشجاعة ضدّ الإرهابيين في الجرود اللبنانية، فلا بدّ من أن نؤكّد دعمنا المطلق للجيش والوقوفَ إلى جانبه في معركةٍ مزدوجة دفاعاً عن سيادة لبنان ومكافحة الإرهاب الذي لا يُهدّد أمنَ لبنان فحسب وإنّما يهدّد الأمنَ العالمي.
وأنا على ثقةٍ تامّة، خصوصاً وأنّني عشتُ مع الجيش نحو 8 سنوات كوزيرٍ للدفاع، بأنّ النصر آتٍ على أيدي أبطال الجيش المندفعين بشجاعة على الجبهات، المستعدّين دوماً للتضحية في سبيل سيادة لبنان وأمنِه. وسينتصر لبنان مجدّداً على الإرهاب مثلما انتصَر في كلّ معاركه».
جلسة مناقشة
على صعيدٍ آخر، أكّد بري أنّ موعد جلسة الثلاثاء والأربعاء قائمٌ، وسيتمّ خلالها مناقشة الحكومة، وبعد انتهاء النقاش يمكن أن تتحوّلَ الجلسة تشريعية.
وعُلِم أنّ الجلسة ستبدأ بتلاوةِ رئيس الحكومة سعد الحريري بياناً يتحدّث فيه عمّا أنجزَته الحكومة سياسياً واقتصادياً وخدماتياً إنطلاقاً ممّا ورَد في بيانها الوزاري. ولم تستبعِد مصادر نيابية أن تقتصر الجلسة على يومٍ واحد وقد لا تتحوّلُ تشريعيةً في حال صحَّت المعلومات التي تتحدّث عن احتمال دعوةِ مجلس الوزراء إلى جلسةٍ قبل ظهر الأربعاء، سواء أكان في بعبدا أو في المقرّ الصيفي للرئاسة في بيت الدين.
وفي ضوء بيان رئيس الحكومة ستنطلق المناقشات التي قد يستغلّها النوّاب والكتل للإدلاء بمداخلات انتخابية يتوخّون منها كسبَ ودِّ الناخبين، خصوصاً أنّ البلاد تقفُ على أبواب الانتخابات المقرّرة في أيار المقبل.
الاخبار
«داعش» ينهار في الجرود: «التنسيق» يسرّع التحرير
سريعاً ينهار إرهابيو «داعش» أمام تقدّم قوات الجيش اللبناني والسوري وحزب الله في معركة واحدة متزامنة من الجهتين اللبنانية والسورية. ومما لا شكّ فيه أن فتح الجيش السوري وحزب الله معركة مكمّلة لمعركة الجيش، منع «داعش» من الدفاع عن مواقعه وسرّع انهياره، وسط تقدّم سريع بلغ حتى أمس 80 كلم مربّعاً من الأرض اللبنانية وأكثر منها على الجانب السوري.
لم تكد تمرّ 48 ساعة على العملية العسكرية «المتزامنة» التي ينفذها الجيش اللبناني والجيش السوري وحزب الله ضدّ تنظيم «داعش»، حتى استطاعت القوات المهاجمة تحقيق تقدّم كبير على مختلف محاور الهجوم من الجهتين اللبنانية والسورية، في مقابل انهيار كبير يسود صفوف مقاتلي التنظيم الإرهابي.
وما لا شكّ فيه، أن الهجوم من عدّة محاور، سواء من داخل الأراضي السورية أو من اللبنانية وبشكل متزامن، والنتيجة الحتمية لهذه المعركة الخاسرة، كان العامل الأوّل في تسريع انهيار الإرهابيين وإفقادهم عنصر الدفاع الفعّال، وخصوصاً مع سقوط صورة القتال الشرس التي اشتهر بها «داعش» في السنوات الأخيرة. وبحسب معنيين بسير المعارك على جانبي الحدود، يظهر إرهابيو التنظيم في أضعف صورهم، سواء لجهة تخلّيهم عن مواقعهم بسرعة، وفرارهم أمام تقدّم قوات الجيش السوري والمقاومة والجيش اللبناني، وغياب التنسيق في ما بينهم وظهور خلافات داخلية حول الخيارات المتاحة، فضلاً عن استسلام مجموعات منهم، ولا سيّما تلك التي استسلمت لمقاتلي المقاومة داخل الأراضي السورية، بعد ساعات قليلة من بدء المعارك.
وفي ظلّ هذا الإنجاز العسكري، الذي لم يكن ليحصل بهذه السرعة وبهذه الكلفة «المقبولة نسبيّاً» من الخسائر البشرية، سواء في صفوف الجيش اللبناني أو في صفوف القوات السورية والمقاومة، لولا تنسيق الحدّ الأدنى والعمل المتزامن والمتكامل على جانبي الحدود، تستمر فئة من السياسيين اللبنانيين بمحاولات تسخير إنجاز الجيش اللبناني العسكري، لمصلحة نظريّة أفضلية سلاح على سلاح، ومن ثمّ التأسيس لاحقاً للقول بعدم جدوى سلاح المقاومة بعد إظهار الجيش اللبناني قدرته في الميدان. وقد ساهم تبادل المعلومات، أمس، في تجنيب الجيش اللبناني وقوع مجموعة منه في شرك عملية انتحارية تستهدف جنوده، وجرى إحباطها وتمكن الجيش من تدمير سيارة ودرّاجة نارية مفخختين، على متنهما انتحاريون، على طريق وادي حورتة ومراح الدوار في جرود رأس بعلبك. إلا أن «المحرّضين» يستمرون في الضغط السياسي والإعلامي لإحراج الجيش، ودفعه إلى القول إنه لا يوجد تنسيق فعلي على الجبهات، مع أن مبدأ التنسيق، في حدّه الأدنى على الأقل، لا يحتاج إلى المعلومات، بل إلى قراءة ولو بعيدة لمجريات المعركة، منذ انطلاقتها بزمن واحد، وحتى اقتسام المحاور والقضم المتوازي للتلال والمرتفعات.
وفي تفاصيل التقدّم الميداني، حفلت الساعات الـ 48 الأخيرة بتقدّم كبير للقوات المهاجمة في عمليتي «إن عدتم عدنا» من الجانب السوري و«فجر الجرود» من الجانب اللبناني.
من الجهة اللبنانية، تقدّمت وحدات الجيش اللبناني على محاور «سهلات خربة داود» و«ضهور وادي التينة»، وتمكّنت من السيطرة على مناطق: مرتفع ضليل أم الجماعة (1605)، ضهور وادي التينة (1551)، قراني مقيال فرح (1575)، جبل وادي الخشن، قرنة حقاب الحمام، قراني العقاب (1563)، ما يمكّن القوات من السيطرة بالنار على أقسام واسعة من المناطق المحاذية للحدود اللبنانية السورية. وبلغت المساحة التي حررها الجيش أمس، حوالى 30 كلم مربعاً، وبالتالي بلغت مساحة السيطرة منذ بدء العمليات حتى ليل أمس، حوالى 80 كلم مربعاً من أصل 120 كلم مربّعاً يحتلها «داعش» من الأراضي اللبنانية. واستشهد أمس ثلاثة عسكريين، وأصيب رابع بجروح بليغة نتيجة انفجار لغم أرضي بآلية عسكرية، فيما أصيب عسكريان اثنان بجروح غير خطرة أثناء الاشتباكات. وتمكّن الجيش من قتل 15 إرهابياً وتدمير 12 مركزاً تابعاً للتنظيم. ويوم السبت، تمكّن الجيش من السيطرة على مناطق «مراح المخيرمة»، «شعاب المخيرمة»، «المرتفع 1564»، «ضهرات حقاب العش»، «سهلات قلد الثعلب»، «وادي خربة الشميس»، «وادي الخشن»، «ضهور المبيّض»، «ضهور وادي التينة»، «جبل المخيرمة»، «شعبات الدرب»، «قلعة الجلادة»، «قرنة الجلادة»، متمكّناً من قتل نحو 20 إرهابياً، فيما أصيب عشرة عسكريين بجروح مختلفة، إصابة أحدهم حرجة. ويستخدم الجيش أسلحة المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، فضلاً عن استخدام طائرات الـ«سيسنا» والطوافات المقاتلة والطائرات المسيّرة في استهداف المواقع التي تصعب إصابتها بأسلحة الميدان.
أمّا من المحور الجنوبي على الجانب السوري، فقد سيطرت القوات السورية والمقاومة على «قرنة شعبة القاضي» و«قرنة مد محبس» و«قرنة تم الزمراني» و«واطيات الزمراني» و«خربة قر علي». وفي المحور الشرقي، بسط المهاجمون سيطرتهم على «دوّار الشقيع»، و«سن ميري الجنوبي» و«جبل سن فيخا» و«مرتفع حرف الموصل»، و«معبر فيخا»، ما منح القوات الإشراف الناري الكامل على «معبر ميرا». وكذلك في المحور الشمالي، حرّرت القوات المهاجمة «شعبة بيت سليم» و«حرف الجفر» و«شعبة الزويتينة الغربية» و«مرتفع شعبة الصهريج»، و«مرتفع شعبة شنشارة». و«قرنة الزويتينة»، المرتفع الذي يُعتبر من أبرز مواقع التنظيم في المنطقة، لإشرافه الناري وتحصيناته المُحكَمة. وترافق التقدّم البرّي مع عشرات الغارات الجويّة العنيفة من قبل سلاح الجو السوري على معظم محاور العمليات ومواقع إرهابيي «داعش» عند معبري مرطبية والروميات في جرود القلمون الغربي. كذلك تمّت السيطرة على ثلاثة معابر، هي: الزمراني، أبو حديج ومعبر ضهر علي. وفي اليوم الأول كذلك، تمت السيطرة على مساحات كبيرة من المحاور الثلاثة، أهمها جبل الموصل الاستراتيجي في جرود البريج، إضافةً إلى ضهر شعاب الحصن، ومنطقة السماقيات والعرقوب، وخربة اسطنبول، وحقاب الرواشنة، وسهلات درويش، وسهلة سيسيان. وبات معبر فيخا بحكم الساقط عسكرياً، بعد السيطرة على موقع الموصل. وفي المحور الجنوبي، استعادت المقاومة والقوات السورية «قرنة الشلوف»، «شعبة المحبس»، «شعبة المغارة»، «حرف وادي الدب» و«شعبة يونس».
ويمكن القول إن التقدّم الذي حصل أمس في «شعبة الزويتينة» و«الزويتينة الغربية»، لا بدّ من أن يوازيه تقدم مماثل للجيش اللبناني إلى منطقة «عقاب الكيف» و«الكهف»، على غرار التقدّم المتوازي الذي حصل في «الحشيشات» من الجهة السورية و«ضهور الخنزير» من الجهة اللبنانية في بداية المعركة. وتشير مصادر معنية لـ«الأخبار» إلى وجود مغاور كبيرة يستخدمها عناصر التنظيم للاختباء والحماية في «عقاب الكيف» و«الكهف».
وفيما تستمر المعارك، ومن المتوقّع اليوم أن يستمر تقدّم القوات المتنوّعة على كل المحاور، تزداد حالات الانهيار وسط صفوف الإرهابيين. ويشير وجود ضباط من الأمن العام اللبناني إلى جهدٍ ما يقوم به هؤلاء لتفكيك التنظيم وتسريع انهياره وإقناع مجموعات أخرى بالاستسلام للجيش اللبناني أو السوري أو المقاومة، على غرار المجموعة التي استسلمت للمقاومة، وعلى رأسها المدعو أحمد وحيد العبد، الذي كان يعمل «شرعيّاً» على معبر الزمراني وحوالى خمسين إرهابيّاً مع عائلاتهم. ويستمر العمل مع مجموعات أخرى، بغية الوصول إلى معلومات حول العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى التنظيم، ومحاولة إقناع هؤلاء بتسليم أنفسهم حقناً للدماء.
كذلك تمكّنت المقاومة أمس من تفكيك 28 «تشريكة»، هي عبارة عن مجموعة من العبوات والألغام يستخدمها «داعش» كخطّ دفاعي أوّل في بعض البقع. إلّا أن الخبرة التي اكتسبتها مجموعات الهندسة في المقاومة، باتت تمكّنها من التعامل بسهولة مع هذا النوع من الفخاخ، وخصوصاً أن عمل التنظيم في التفخيخ مشابه في مختلف أماكن عمله.
ثلاثة شهداء للجيش
نعت قيادة الجيش ــ مديرية التوجيه، ثلاثة عسكريين استشهدوا أمس بانفجار عبوة ناسفة على طريق دوار النجاصة في جرود عرسال، وهم: الرقيب باسم موسى موسى، الجندي إيلي ابراهيم فريجة والجندي عثمان محمود الشديد، على أن تحدّد مراسم التشييع لاحقاً.
اللواء
كمَّاشة الجيش تُطبِق على «داعش» من محوري القاع ورأس بعلبك
إجماع على النجاح الباهر للجيش.. و3 شهداء بلغم أرضي.. وغموض يلفّ مصير المخطوفين
لا صوت يعلو على صوت معركة «فجر الجرود» التي أطلقها الجيش اللبناني فجر السبت، لتحرير جرود رأس بعلبك والقاع من مسلحي تنظيم «داعش» الارهابي، ولا حديث الآن في أي شيء، الا في ضرورة تحقيق الانتصار، وفي توفير كل مقومات المعركة، سياسيا واقتصاديا وشعبيا للوصول إلى هذا الهدف، بعد ان بدأ الجيش بدفع ثمنه الغالي من دماء شهدائه وجرحاه، يعضده إجماع لبناني رسمي وشعبي وسياسي قل نظيره.
سيادة الدولة غالية، وكذلك تحرير الأرض من مغتصبيها الارهابيين، وبينهما هدف آخر لا يقل أهمية وهو كشف مصير العسكريين التسعة الذين اختطفهم تنظيم «داعش» في معركة 14 آب 2014، ودون كل هذه الأهداف تهون كل التضحيات، وهو ما حدده قائد الجيش العماد جوزيف عون عند انطلاق العملية، عندما أعلن انها «باسم لبنان والعسكريين المختطفين ودماء الشهداء الابرار وباسم ابطال الجيش اللبناني العظيم».
ولانه القائد الذي لا يكتفي بالتخطيط ورسم الاستراتيجية والاشراف على العمليات من مكتبه، حرص العماد عون على ان ينتقل إلى ميدان المعارك في يومها الثاني حيث تفقد الوحدات العسكرية التي تواصل تنفيذ عملية «فجر الجرود» في مناطق رأس بعلبك والقاع، وزار غرفة عمليات الجبهة واطلع من قائدها وقادة الوحدات على سير العمليات العسكرية، ثم جال في المراكز التي تمّ تحريرها والتقى الضباط والعسكريين واطلع على أوضاعهم وحاجاتهم وزودهم بالتوجيهات اللازمة متمنياً الشفاء لرفاقهم الجرحى.
ميدانياً، يبدو واضحا ان الجيش ينفذ خطة عسكرية محكمة للاطباق على مسلحي «داعش» عبر فكي كماشة، بعدما نجح في ربط جرود عرسال وبجرود رأس بعلبك والقاع، فيما «حزب الله» ومعه الجيش السوري يندفع من الغرب في القلمون الغربي، باتجاه الحدود الشرقية، في عملية مماثلة أطلق عليها اسم: «ان عدتم عدنا»، لحصر «داعش» في منطقة وسطى، لكن من دون تنسيق بين الحزب والجيش، بحسب ما أكّد مدير التوجيه في قيادة الجيش العميد علي قانصو، وأن كان سير المعارك في مرحلة معينة تقتضي نوعاً من التنسيق الميداني والاتصالات، سيما بعد وصول الجيش السوري إلى مناطق التماس الحدودية مع الجيش اللبناني.
وبحسب بيان مديرية التوجيه في القيادة، فإن وحدات الجيش واصلت أمس، ولليوم الثاني على التوالي من عملية «فجر الجرود» هجومها ضد ما تبقى من مراكز تنظيم «داعش» على محوري سهلات خربة داود وضهور وادي التينة، وتمكنت من السيطرة على ستة مرتفعات وتلال ما جعلها تسيطر بالنار على أقسام واسعة من المناطق المحاذية للحدود اللبنانية – السورية.
وأعلنت ان المساحة التي حررها الجيش بلغت حوالى 30 كيلومتراً مربعاً، وبذلك تصبح المساحة المحررة منذ بدء معركة «فجر الجرود» وعمليات تضييق الطوق العسكري نحو 80 كيلومتراً مربعاً من أصل 120 كيلومتراً مربعاً.
وقد أستشهد خلال العمليات العسكرية ثلاثة عسكريين من الجيش وأصيب عسكري رابع بجروح بليغة نتيجة إنفجار لغم أرضي بآلية عسكرية في جرود عرسال، كما أصيب عسكريان اثنان بجروح غير خطرة أثناء الاشتباكات، فيما أسفرت هذه العمليات عن مقتل نحو 15 إرهابياً وتدمير 12 مركزاً تابعاً لهم تحتوي على مغاور وأنفاق وخنادق اتصال وتحصينات وأسلحة مختلفة. كما تمكّنت قوّة من الجيش من تفجير سيارة ودرّاجة نارية مفخختين تقلّان انتحاريين على طريق وادي حورتة ومراح الدوار في جرود رأس بعلبك، في أثناء محاولتهم استهداف عناصر الجيش، من دون وقوع أيّ إصابات في صفوف العسكريين.
اما الهجوم الشامل الذي بدأه الجيش فجر السبت، فقد تمّ على محاور تلة الحمرا – حقاب خزعل – حرف الجرش، وتمكنت من السيطرة على مجموعة تلال ومرتفعات ما جعله يسيطر بالنار على مسالك التحرك وخطوط الإمداد اللوجستية لـلتنظيم في كامل بقعة القتال، وبلغت المساحة التي حررها الجيش بتاريخ السبت حوالى 30 كلم2 أي ما يعادل 25% من مساحة إنتشار التنظيم المذكور.
وقد أسفرت عمليات الجيش في يومها الاول عن دحر المجموعات الإرهابية ومقتل نحو 20 إرهابياً وتدمير 11 مركزاً تابعاً لهم تحتوي على مغاور وأنفاق وخنادق اتصال وتحصينات وأسلحة مختلفة، فيما أصيب عشرة عسكريين بجروح مختلفة، إصابة أحدهم حرجة. واعلنت القيادة أن وحدات الجيش تواصل تقدّمها السريع تحت دعم ناري مكثف من المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والطائرات، فيما سجلت حالات انهيار وفرار كبيرة في صفوف الإرهابيين.
احتضان شعبي ورسمي
سياسياً، كان اللافت للانتباه، هو هذا الاحتضان الرسمي والسياسي والشعبي الجامع لعملية الجيش، وبرز هذا التضامن من خلال إجماع لبناني كبير في المواقف التي عبر عنها سياسيون ورسميون وشعبيون، في مقدمهم الرئيس سعد الحريري الذي عبر في تغريدة له عبر «تويتر» بسبب وجوده خارج لبنان عن «مواكبته العملية بكل اشكال الدعم والتأييد لطرد فلول الإرهاب من الأراضي اللبنانية، متوجهاً «بالتحية إلى قيادة الجيش وإلى الضباط والجنود البواسل الذين يخوضون معركة الدفاع عن سلامة لبنان وابنائه».
اما الرئيس ميشال عون، فقد انتقل عند الخامسة والنصف من صباح السبت، وفور تبلغه بانطلاق عملية «فجر الجرود» إلى غرفة العمليات المركزية في قيادة الجيش في اليرزة، واطلع من قائد الجيش وكبار الضباط على سير العملية كما واكب بالصورة المباشرة والنقل الحي، مراحل التقدم الذي تحققه الوحدات العسكرية ميدانياً في مواجهتها مع الارهابيين. وخلال وجوده في غرفة العمليات، اجرى عون اتصالا مباشرا مع قائد القوى العسكرية لعملية «فجر الجرود» متمنيا التوفيق للعسكريين في مهمتهم الوطنية ومؤكدا وقوف جميع اللبنانيين الى جانبهم. وقال خلال الاتصال: «انا معكم، اتابعكم من غرفة العمليات، عقلنا وقلبنا معكم. احييكم ولبنان باسره يتطلع اليكم، وينتظر منكم تحقيق الانتصار. احيي كل عسكري يقاتل معكم وانا على ثقة ان امال اللبنانيين لن تخيب. كل شيء يجري حتى الان في شكل جيد، وان شاء الله تستمر معركتنا من دون خسائر مهما كانت الظروف. يعطيكم العافية وسنبقى معكم طوال الوقت».
وتفقد الرئيس عون امس، في اليوم الثاني للعملية، الجرحى العسكريين الذين اصيبوا في العملية، واطلع على اوضاعهم واطمأن الى صحتهم واستمع منهم الى ظروف اصابتهم، معرباً عن تمنياته للجرحى بالشفاء العاجل، محييا تضحياتهم ومقدرا استشهاد رفاق لهم في سبيل تحرير الاراضي اللبنانية الحدودية من الارهابيين. وعبر كثير من السياسيين عن قناعاتهم بأن الجيش اللبناني سيخرج منتصراً من هذه المعركة لقادته. وانه سيرفع علم السيادة بأسرع وقت، بحسب الرئيس السابق ميشال سليمان الذي لاحظ أن توقيت المعركة هو التوقيت المناسب بعد أن تقهقر تنظيم «داعش» في مختلف البلدان والمدن التي سيطر عليها تنظيم «داعش» منذ العام 2014، في إشارة إلى انطلاق معركة تحرير «تلعفر» في العراق والرقة في سوريا والقلمون الغربي.
وإذا كانت قيادة الجيش، رفضت تحديد موعد لانتهاء العملية، تاركة ذلك إلى ظروفها الصعبة، فإن مصادر مطلعة توقعت ان لا تستمر طويلاً، خصوصاً وأن «تنظيم الدولة الاسلامية» بدأ يُعاني تضعضع صفوفه، سواء على الجبهة اللبنانية أو الجبهة السورية، بدليل حالات الفرار والاستسلام لعناصره، ما دفعه بحسب معلومات محطة «الميادين» إلى طلب وقف إطلاق النار، لكن الجيش رفض ذلك قبل الكشف عن مصير العسكريين المختطفين.
تزامناً، تعددت روايات حول المهمة التي يقوم بها موكب للأمن العام اللبناني في جرود عرسال، بصبحة عدد من سيّارات الصليب الأحمر، حيث تردّد ان المهمة كانت الكشف عن مغارة تحتوي جثثاً، لكن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم كشف لمحطة NBN ان لا وجود في الأساس لمغارة في عرسال لتكون غارة خالية من الجثث. وأعلن ان الأمن العام والجيش يقومان بمهمة لها طابع القدسية الوطنية، وطلب من الاعلام عدم الخوض في التحليلات حفاظاً على نجاح المهمة، ومنعاً للتلاعب بعواطف اللبنانيين، واعداً بالإعلان عن نتائج المهمة التي لا تزال سارية إلى الآن فور إنجازها.
مجلس الوزراء وجلسة المناقشة
في غضون ذلك، ينتظر أن يتحدد اليوم، مع موعد الرئيس الحريري من الخارج، مدعو عقد جلسة مجلس الوزراء ومكانها وجدول أعمالها، بعد ان فاجأت دعوة الرئيس نبيه برّي لعقد جلسة مناقشة عامة للحكومة غداً، والأربعاء، رئيس الحكومة الذي كان يميل الي عقد جلسة للحكومة الأربعاء المقبل في قصر بيت الدين المقر الصيفي لرئيس الجمهورية، حيث كان من المقرّر ان يرأس الجلسة الرئيس عون.
وفي حين ذكرت مصادر رسمية متابعة للموضوع ان الموعد النهائي أمام الرئيس عون لتوقيع قانون السلسلة والضرائب هو يوم الأربعاء وانه سيوقع عليهما، فإن جلسة الحكومة ما زالت قائمة «مبدئياً» يوم الأربعاء إلا انه لم يعرف ما إذا ما كانت جلسة المناقشة العامة ستقتصر على يوم واحد هو غداً الثلاثاء.. أم تبقى يومين، بحسب الدعوة وسير المناقشة، وبالتالي يُصار إلى عقد جلسة الحكومة الخميس بدلاً من الأربعاء.
البناء
3 شهداء و10 جرحى وسيطرة على نصف المساحة المستهدفة مع «فجر الجرود»
انهيار داعش بثلاث ضربات على الرأس من الجرود والقلمون وتلعفر… إلى التفاوض
الأسد: هزيمة المشروع الغربي لا فرص للتقسيم بوصلتنا فلسطين ومحاربة الإرهاب
خلال ثلاثة أيام أُعلنت ثلاث عمليات نوعية بوجه تنظيم داعش، في القلمون الغربي عملية «إنْ عُدتُم عُدنا» بالتعاون بين الجيش السوري والمقاومة بدأت غروب الجمعة، وفجر السبت بدأت عملية «فجر الجرود» للجيش اللبناني لتحرير جرود القاع ورأس بعلبك، وفجر الأحد أعلنت عملية تحرير تلعفر في العراق في حديث متلفز لرئيس الحكومة حيدر العبادي، بالتعاون بين القوات المسلحة العراقية ومن ضمنها الحشد الشعبي، وخلال ثلاثة أيام بدا أنّ التنظيم الذي شغل العالم بقدراته القتالية وحروبه المتنقلة، قد فَقَد قدرته على القتال، فتهاوت مواقعه في الجبهات دفعة واحدة، وتمكّنت الوحدات المهاجمة من تحقيق إنجازات قياسية بحساب القدرة البشرية والآلية على ملء الفراغ الذي خلفه فرار عناصر التنظيم في مساحات شاسعة.
ضربتان على الرأس تصيبان بالعمى، كما يُقال، فكيف بثلاث؟ تحوّل داعش إلى كيس ملاكمة في هذه الحرب، رغم الأذى الذي تكبّدته القوات المهاجمة بسبب الألغام والمفخّخات، والانتحاريين، فخسر الجيش اللبناني ثلاثة شهداء وسقط عدد من الجرحى بين المهاجمين في القلمون من الجيش السوري والمقاومة، ومثلهم الجيش العراقي والحشد الشعبي، لكن مصادر عسكرية متابعة لسير المعارك الثلاث قالت لـ«البناء» إنّ الذي يجري يعني أنّ التنظيم من الزاوية العسكرية ينهار، خصوصاً أنه بعد هذه المعارك الثلاث، التي يتوقع أن تنتهي خلال أيام قليلة سيكون مع قدر مواجهة مصيره المحتوم في آخر معقلين، في الرقة ودير الزور، حيث لا مفرّ ولا ملاذ يفاوض عليه للانسحاب، ومعارك اليوم تمهيد لتلك المعارك التي سيتفرّغ له فيها الجيش السوري والمقاومة والحشد الشعبي والجيش العراقي، خصوصاً بعد التواصل الذي سيوفّره الوضع الحدودي بين سورية والعراق بعد معارك تلعفر، وقدرة الجيش السوري والمقاومة على حشد قواهما نحو الشرق بعد تحرير ما تبقى من القلمون، حيث الفرصة المتاحة لداعش الآن للتفاوض على الانسحاب هي آخر فرص الانسحاب من مواقع في الحرب، بعدما قالت المصادر نفسها، إنّ اتصالات بدأت من جانب التنظيم تتحدّث عن طلب لوقف النار واستعداد للانسحاب من القلمون والجرود، ومعهما وجود داعش في ريف دمشق في كلّ من الحجر الأسود ومخيم اليرموك.
الحرب المستمرّة على الإرهاب، كانت العنوان للخطاب الذي ألقاه الرئيس السوري بشار الأسد في وزارة الخارجية بمناسبة انعقاد مؤتمر للدبلوماسيين والإداريين العاملين في الوزارة لرسم التوجّهات ووضع خطط العمل، حيث رفع الرئيس الأسد الحرب على الإرهاب إلى مستوى البوصلة كعامل مقرّر لمناطق التهدئة والحوار السياسي والتسويات المقترحة، وللعلاقات الدولية وفتح السفارات في دمشق والتعاون الأمني مع الحكومات، والمدخل الأساس لرسم مستقبل سورية، حيث وحدتها مقدّسة ولا فرص للتقسيم ولا لقوات احتلال، وتبقى فلسطين البوصلة الأصلية ومعها تحرير الجولان وهوية سورية العربية وتمسكها بخيار المقاومة. وفي السياسة الخارجية رسم الرئيس الأسد معادلتي نفاق الغرب وغطرسته مقابل تواضع الشرق وأخلاقيته، داعياً الدبلوماسية السورية لترجمة التوجّه شرقاً، ولدى الشرق ما نحتاجه اقتصادياً وعلمياً، متوقفاً أمام تعامل كلّ من الغرب والشرق مع سورية كدولة مستقلة، منوّهاً بالحلفاء في روسيا وإيران والصين وحزب الله.
معادلات كرّسها الميدان
خطفت العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش اللبناني في جرود القاع ورأس بعلبك والجيش السوري والمقاومة في القلمون الغربي ضد تنظيم «داعش»، الأضواء الإعلامية واهتمام الوسطين السياسي والشعبي، لما تحمله من أبعادٍ سياسية واستراتيجية وطنية وإقليمية، في ظل الإنجازات الميدانية السريعة التي سجلت في الجبهتين، لا سيما استعادة أكثر من نصف المساحة الذي يسيطر عليها «التنظيم» في الجرود من ضمنها تلال حاكمة ومواقع حاسمة كمعبر الزمراني وتكبيده خسائر فادحة وسط انهيارات في صفوف عناصره وقيادييه الذي سلّم أحدهم نفسه الى المقاومة والجيش السوري ويُدعى «أبو البراء».
وفي المرحلة الثانية من تحرير الجرود على جانبي الحدود من الإرهاب، كرّس الميدان معادلات اعتبرها البعض مجرد نظريات من نسج الخيال ولا وجود لها على أرض الواقع، فثبت قتال الجيش اللبناني والمقاومة المعادلة الذهبية الجيش والشعب والمقاومة وتكاملهما في أرض المعركة. فكما حمى الجيش ظهر المقاومة في معركة جرود عرسال مع «جبهة النصرة»، ها هي المقاومة تحمي ظهر الجيش في معركته مع «داعش» وتخوض غمارها من الجانب السوري وتضع إرهابيي «داعش» بين «فكّي كماشة» ما يساهم في تسريع انتصار الجيش والحدّ من خسائره البشرية.
بينما أكد الميدان أيضاً على وحدة المسار والمصير والدم بين الجيشين اللبناني والسوري وبينهما المقاومة في قتالهم عدواً مشتركاً وعلى أرض متصلة وتوقيت واحد، حيث يجري تنسيق الضرورة بين القوى الثلاث رغم أنف الأميركيين وبعض القوى السياسية في الداخل وإن لم يخرج هذا التنسيق إلى العلن لاعتبارات سياسية.
وللمرة الأولى، تمكّنت المؤسسة العسكرية من استدراج القرار السياسي لى الميدان في معركتها الوطنية، بعد أن استدرجها بعض السياسيين الى الوحول الطائفية والمذهبية وعطّلوا قراراتها أكثر من مرة عدّة وقيّدوا دورها في حماية الحدود، الأمر الذي أبقى المبادرة بيد الإرهاب ومنحه المزيد من الوقت والغطاء للتوسّع وارتكاب الأعمال الإرهابية. وفي البعد الإقليمي للمعركة، انضم الجيش اللبناني الى الجيشين السوري والعراقي في عملية مكافحة الإرهاب في وقتٍ يحقق الجيش السوري انتصارات هامة وحاسمة في مختلف الجبهات ويستعد الجيش العراقي لتحرير منطقة تلعفر الحدودية بين سورية وتركيا والعراق.
«فجر الجرود» في يومها الثاني
ولليوم الثاني على التوالي من المعركة، تمكّن الجيش اللبناني في وقتٍ قياسي فاق المتوقع من السيطرة على المزيد من التلال الحاكمة ومواقع ومراكز «داعش» وتحرير 80 كلم مربع من الجرود المحتلة، موقعاً 15 قتيلاً من «داعش» وتسليم آخرين أنفسهم لوحدات الجيش بعدما أصابهم الانهيار، بينما سقط ثلاثة شهداء للجيش وجرح آخر بانفجار لغم أرضي بآلية كانت تقلّهم في جرود عرسال. واستعادت وحدات الجيش مرتفعات ضليل أم الجماعة شمال شرق مرتفعات ضهور الخنزير وعملت على عزل مجموعات داعش في وادي مرطيبا، كما سيطرت على خربة داوود وخربة التينة في جرود رأس بعلبك، وجبل الخشن، في ما عملت وحدات الهندسة على تفكيك الألغام التي تركها التنظيم بعد اندحاره. كما فجّر الجيش سيارتين مفخختين في الجرود قبيل مهاجمتهما موقعاً عسكرياً.
وأعلن الجيش في مؤتمر صحافي في وزارة الدفاع عقده العقيد فادي أبو عيد تحرير 80 كيلومتراً مربعاً من أصل 120». كما أعلن انه تم اليوم تدمير 12 مركزاً للإرهابيين، تحتوي على مغاور وأنفاق، كما تم ضبط أسلحة وذخائر وتفجير سيارة ودراجة نارية مفخختين كانتا تقلّان انتحاريين. وكشف عن استقدام تعزيزات إضافية لحسم المعركة بأسرع وقت ممكن، وأوضح أن المساحة المتبقية من سيطرة داعش تبلغ 40 كيلومتراً مربعاً.
وقال خبراء عسكريون لـ «البناء» إن ما حققه الجيش من الجهة اللبنانية والجيش السوري والمقاومة من الجهة السورية في أقل من 36 ساعة، تقدم هام واستراتيجي وقرّب حسم المعركة لصالح القوى الثلاث التي ربّما تكون خلال أيام. وأشاروا الى أنه «للمرة الأولى ينهار مسلحون داعشيون ويسلمون أنفسهم بهذه الطريقة، ما يعطي أهمية بالغة لعملية التطويق الدائري التي نفّذتها القوى المهاجمة مجتمعة خلال الاسبوعين الماضيين، حيث أطبق الجيش اللبناني السيطرة على المناطق التي حررها حزب الله من النصرة من جرود عرسال الى جرود الفاكهة ومنع داعش من تنفيذ أي اختراق باتجاه عرسال أو مخيمات النازحين في الجرود، بينما قصف الطيران الحربي السوري ومدافع المقاومة مواقع التنظيم من الجانب السوري».
ولفت الخبراء الى أهمية تزامن المعركة بين القوى المهاجمة من الجبهات كافة في ظل عدو مشترك وأرض متصلة ومتداخلة، ما يحتّم هذا التنسيق الميداني الذي لا يستطيع منع حصوله أي اعتبار سياسي، وبالتالي فتح المعركة من القلمون ضيّق الخيارات أمام التنظيم ووفّر على الجيش اللبناني الوقت والكلفة البشرية. وتفقد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الجرحى العسكريين الذين أصيبوا في العملية، وأعرب عن تمنياته للجرحى بالشفاء العاجل، محيياً تضحياتهم ومقدراً استشهاد رفاق لهم في سبيل تحرير الأراضي اللبنانية الحدودية من الإرهابيين.
قائد الجيش في الميدان
وكان قائد الجيش العماد جوزيف عون أشرف على المعارك ميدانياً، حيث تفقد الوحدات العسكرية المنتشرة في رأس بعلبك وجال على المراكز التي استعادها الجيش من «داعش»، وقام بجولة على المتطوّعات في «المطبخ العسكري». وكانت العملية العسكرية قد انطلقت فجر السبت الماضي من وزارة الدفاع، بمواكبة رئيس الجمهورية الذي اطّلع بالصورة المباشرة والنقل الحي، على مراحل التقدم. وأجرى اتصالاً مباشراً بقائد القوى العسكرية لعملية «فجر الجرود» قائلاً: «أنا معكم، أتابعكم من غرفة العمليات، عقلنا وقلبنا معكم. أحييكم ولبنان بأسره يتطلع إليكم، وينتظر منكم تحقيق الانتصار».
ولاحقاً شرح مدير التوجيه في الجيش العميد علي قانصوه في مؤتمر صحافي تطورات العملية في يومها الأول، وأكد أن «موضوع العسكريين المخطوفين هو الأولوية قبل أي مفاوضات وسننتصر مهما كلف الأمر، وبدون معرفة تفاصيل عن مصيرهم لا مفاوضات».
«وإن عُدْتُم عُدنا»
وبموازاة ذلك، أحرز الجيش السوري والمقاومة تقدّماً كبيراً في محاور جرود القلمون الغربي بعد معارك مع «داعش» حيث سيطروا على قرنة شعبة القاضي، وقرنة مد محبس، وقرنة تم الزمراني، وواطيات الزمراني، وخربة قر علي، في المحور الجنوبي كما سيطروا على دوّار الشقيع، وسن ميري الجنوبي، وجبل سن فيخا، ومرتفع حرف الموصل، ومعبر فيخا، في المحور الشرقي ما منح القوات الإشراف الناري الكامل على معبر ميرا. كما استعادوا كلاً من شعبة بيت سليم، وشعبة الزويتينة الغربية في المحور الشمالي. وتمكنوا من تحرير مواقع في قرنة شعبة الشنشار وشعبة الصهريج وحرف الجفر شمالي القلمون الغربي، متقدمين باتجاه مرتفع قرنة الزويتينة على الحدود اللبنانية السورية. وكان الجيش السوري والمقاومة تمكنوا مع انتهاء اليوم الأول من تحرير 87 كيلومتراً مربعاً من إجمالي المساحة التي يسيطر عليها «داعش» والتي كانت تقدر بأكثر من 155 كيلومتراً مربعاً.
وأفاد قيادي ميداني في المقاومة أن المرحلة الثانية من عمليات تحرير القلمون الغربي ستشهد انهيارات لـ «داعش» في شعبة عجلون، موضحاً أن من شأن السيطرة على معبر الزمراني أن يقطع الإمدادات عن «داعش»، فيما تمّ قطع كل المعابر باستثناء مرطبية. وقالت مصادر عسكرية مطلعة لـ «البناء»، «إن قوات المقاومة تعمل على تثبيت مواقعها في النقاط التي حررتها من تنظيم داعش»، وتؤكد أن المرحلة الثانية «ستشهد انهياراً كاملاً لداعش في شعبة عجلون، كما أشارت إلى أن تحرير جرود عرسال كان الأساس لمعركة تحرير القلمون». ولفتت إلى أن مسلحي داعش «لديهم إمكانيات وذخائر»، ولفتت إلى «أن حجم القوة المهاجمة أدى إلى انهيار هذه الإمكانيات»، مؤكدة «أن داعش في حالة انهيار كامل».
خيوط تفاوضية و «مهمّة مقدسة»
على صعيد المفاوضات مع «داعش»، تحدثت المعلومات عن خيوط تفاوضية يعمل عليها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، لم تتضح معالمها بعد في ظل احتدام المعركة وإصرار قيادة الجيش على رفض وقف القتال قبل معرفة مصير العسكريين المخطوفين، وكشف مصدر أمني أن «داعش طلب وقف إطلاق النار، لكن الجيش رفض قبل الكشف عن مصير العسكريين المخطوفين»، وأشارت مصادر «البناء» الى أن «هدف العملية العسكرية هو تحرير الجرود من الإرهاب واستعادة العسكريين المخطوفين، وبالتالي الجيش لن يوقف المعركة ولن يدخل بأي تفاوض إلا في خدمة تحقيق هذين الهدفين، ما يعني أن المعركة مستمرة». ورأت المصادر صعوبة في نجاح المفاوضات مع داعش الذي لن ينسحب إلى سورية ويقع في الفخ السوري، إلا في حال دخول الجانب السوري في المفاوضات وتأمين طريق آمن لانسحاب المسلحين مقابل تسليم العسكريين المخطوفين».
وعن رضوخ «داعش» للتفاوض، أوضحت المصادر أن «داعش سيفتح قناة التفاوض عندما تنحصر قيادته الأساسية في بقعة جغرافية ضيّقة ويقتنع بأن لا جدوى من القتال وأنه على حافة الهزيمة، كما حصل مع متزعّم النصرة أبي مالك التلي». وكشفت مصادر مطلعة لـ «البناء»، أنّ وفد الأمن العام بقيادة اللواء إبراهيم الذي توجه أمس السبت الى الجرود، كان في مهمة «روتينية»، لتضيف، أن الحديث عن وجود جثامين، لم تكن «للعسكريين المخطوفين، إنما مجهولة الهوية وقد تكون لدواعش أو النصرة جرت تصفيتهم»، بعد أن كانت تردّدت معلومات عن وجود جثث ربما تعود الى العسكريّين المخطوفين لدى تنظيم «داعش». وكان اللواء إبراهيم أكد أنّ الأمن العام يقوم مع الجيش بمهمّة مقدّسة، من دون أن يكشف عن تفاصيل إضافيّة.
وقالت مصادر أهالي العسكريين لـ «البناء» إن «المعلومات التي أفاد بها المدعو أبو البراء، غير صحيحة، وليست المرة الأولى التي يُدلي بهذه المعلومات، فقد سبق وتواصلنا معه شخصياً منذ عامين وقال لنا الكلام نفسه، لكنه لم يأت بدليل ملموس». وفي سياق ذلك، اعتقلت القوى الأمنية اللبنانية في رأس بعلبك منذ أيام قليلة شقيقة «أمير» قاطع الزمراني، أثناء قيامها بالتقاط صور لمواقع القوى الأمنية اللبنانية، وعثر في هاتفها النقال مجموعة كبيرة من الصور لمواقع ودوريات عسكرية وأمنية.