تبحث أطراف محور المقاومة والإستقلال في بنية وطبيعة النظام الأمني الإقليمي الجديد، على أساس التطورات العسكرية ـ السياسية في سوريا. من المسلم به، أن يكون هذا النظام مركباً من دولِ و"فاعلين غير حكوميين". أبرزهم "حزب الله" اللبناني وفصائل المقاومة الباسلة. فقد أبدع هؤلاء في القتال على جبهات "الحرب الهجينة" التي يشنها حلف العدوان الأميركي ـ "الإسرائيلي" وأتباعه، على الجمهورية العربية السورية، منذ عام 2011. وقدموا التضحيات الجسام من أجل تحطيم "الإقليمية الشرق أوسطية"، وتحرير العرب وشعوب الجوار من غاياتها الإستعبادية.
إن هول التضحيات التي بذلها المحور، يبرهن أن مقاومة السياسة الإمبريالية ـ الصهيونية، هي من أهم سمات القوى المنضوية في نظام "الإقليمية المستقلة". لقد أصبحت سوريا مركز أو بؤرة هذه المقاومة. قطعاً. ولذلك، يشتد تماسك هذا "النظام"، ويقوى حضوره، كلما اقتربت القيادة السورية وحلفائها من إعلان النصر النهائي على حلف العدوان. إن هذه السمات الوطنية النهضوية والتقدمية لقوى النظام الإقليمي الجديد، هي ذاتها، التي تمنع دخول تنظيمات "الإخوان" فيه، بما في ذلك حركة "الإخوان" في فلسطين المحتلة.
ومع كل التقدير لجهود بعض قوى المحور في تشتيت الأعداء، واحتواء الخصوم. إلا أننا لا نستطيع أن ننكر أن هذه الحركة الفلسطينية المنتشرة على كامل الأراضي المحتلة عامي 1948 ـ 1967، هي "فاعل غير حكومي"، كانت جزءاً من محور المقاومة والإستقلال، لربع قرن، ثم انقلبت عليه. والبعض يقول خانته أو خذلته. والحقيقة، أن "الإخوانيين" إنما انقلبوا، بذلك، ليس على المحور، وإنما على القضية الفلسطينية وعلى مصالح الشعب العربي الفلسطيني.
ونجد استناداً الى مواقف وممارسات أطراف محور المقاومة والإستقلال، أنها كرست في النظام الإقليمي الجديد، بعض الأهداف التاريخية للمشروع القومي العربي، وأهمها : تحرير فلسطين من نظام الإحتلال الصهيوني، وإنهاء نظام الهيمنة الإمبريالية وتعزيز نُظُم الإستقلال الوطني في الدول العربية، وفي دول الشرق والغرب الإسلامي أيضاً. وعندما نقول "الأهداف التاريخية"، فإننا نعني المقاصد والغايات التي أجمعت نخب الأمة العربية على أنها تمثل المصالح العربية العليا.
لكن، عَرَضاً، لا بد من الإعتراف، هنا، بأن قوى "الإقليمية المستقلة" في روسيا وإيران تبدو، حالياً، أنضج وأصلب في مقاومة الإمبريالية الأميركية، مما هي عليه في دول الوطن العربي. ومن اليسير علينا أن نعرف السبب. لا بل أحد الأسباب الرئيسية. فالحلف الأميركي "الإسرائيلي" والحكومات الوهابية الرجعية تمكنوا، بكل بسهولة، من تسخير "فاعلين غير حكوميين" مما كان يسمى "الحركة الإسلامية" في الدول العربية وفي البلاد الإسلامية، وحشدهم في منظومة الإرهاب التكفيري. ثم أفلتوهم كالدواب المتوحشة، لكي يدمروا أمن الدول ووحدة المجتمعات في سوريا ـ لبنان، وكذلك في مصر، العراق، الجزائر، تونس، وحتى فلسطين المحتلة. وبالطبع، لم يكن هؤلاء "الفاعلون" سوى "الإخوان" أنفسهم، والقوى التكفيرية التي خرجت من كنف عباءتهم، خلال مراحل زمنية متتالية.
لقد هُزم "الإخوان" في أكثر مواقع السلطة التي تسلقوها أو حاولوا تسلقها في الوطن العربي. فهل سينظرون في اسباب هذا الفشل التاريخي وعوامله الفكرية والسياسية والتنظيمية. هل سيقف "الإخوان" ويعرفون أو يعترفون بهذه الأسباب، ليعالجوها في كياناتهم وهيئاتهم، فيقرون بمسؤولياتهم عن هذا الدمار الدولتي والتفكك المجتمعي. أم تراهم ماضون في انتحال صفة الضحايا. هل سيتخلى "الإخوان" عن التاريخ الصنمي الذي اصطنعوه لأنفسهم ومحازبيهم، ويكفون عن تقديسه على طريقة الأعراب الوثنيين قبل الإسلام، أم أنهم سيبقون على ولائهم الأحمق لأئمة التكفير والإرهاب من العرب والأعاجم المتقدمين والمتأخرين.
وللحديث بقية …
هيئة تحرير موقع الحقول
الإثنين، 06 جمادى الأولى، 1439، الموافق 22 كانون الثاني/ يناير، 2018