فرضت العدوانية "الإسرائيلية" على الحقوق السيادية البحرية مناخاً داخلياً توافقياً بين مختلف الأطراف، سيبلغ ذروته باجتماع ترويكا الحكم يوم الثلاثاء المقبل. ويرجح أن تكون الإتصالات الهاتفية الرئاسية التي فتحت يوم أمس قد أرست "هدنة" سياسية، حسبما قالت "الجمهورية". وهذا الترجيح الذي يستبعد التوصل إلى حل نهائي بين تلك الأطراف، يظلُّ مقبولاً لسببين:
الأول، حجم التدخل الكبير، وفق ما ذكرت "الأخبار"، الذي بذله السيد حسن نصرالله ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، لتهدئة الإضطراب السياسي ـ الأمني، الذي أشعله "فيديو باسيل".
الثاني، عدم التوصل إلى اي حل لملفات الخلاف السابقة، وأبرزها "مرسوم الضباط" الذي بات أم الخلاف بين بعبدا ـ السراي وبين عين التينة. ومن المتوقع تجميد هذه الملفات، خلال "الهدنة" التي بدأت أمس. (علي نصّار)
اللواء
مجلس دفاع أعلى الثلاثاء يصالح الرؤساء الثلاثة
ملح إتصال عون ببرّي يذيب جبل الجليد.. ولا حملات أو تحشيدات
اتصال وكلام، فحرارة ولقاء الثلاثاء، والهدف مواجهة مخططات إسرائيل ونياتها العدوانية حيال ثروة لبنان النفطية، لا سيما مواجهة التهديدات، البلوك رقم 9 ، عبر مصالحة الرؤساء لا سيما الرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري بعد انهاء جفاء بعبدا – عين التينة.
هكذا تنفّس البلد الصعداء، بعد اتصال اجراه الرئيس ميشال عون بالرئيس نبيه برّي، تجنّب ما قاله الوزير باسيل، واتفق على وقف الحملات الإعلامية، عبر OTV والـNBN, فضلاً عن الاتفاق على اجتماع الثلاثاء، الذي يتوقع ان يتطرق إلى الملفات الخلافية، وكيفية إنهاء ذيول ما بات يعرف بـ«فيديو باسيل».
كيف أتت الخطوة؟
تعددت الروايات، حول عوامل الاتصال الرئاسي، وكيفية تحريكه..
رواية «المستقبل» قالت ان الرئيس سعد الحريري تحرك، فتوجه إلى بعبدا، وما هي الا دقائق بعد خروجه من لقاء الرئيس عون، حتى التقطت رادارات اتصال القصر بعين التينة.
ومضت تستنتج: هكذا احتوى الرئيس الحريري عاصفة كادت تطيح بالتفاهمات وبالاستقرار، ووضعها على سكة الحل، بعد دعوة أمل مناصريها ترك الشارع، وملاقاة التيار الوطني الحر هذه الأجواء..
رواية «المنار» تحدثت عن «مساع حثيثة أجراها في الساعات الاخيرة» اللواء عباس إبراهيم بين الرئاستين الأولى والثانية، وان التهديدات الإسرائيلية الجدية، جعلت الرئيس عون يطلب الرئيس الحريري إلى بعبدا للتشاور، وقام بالاتصال بالرئيس برّي للغاية نفسها.
وكشفت المحطة ان موعد الثلاثاء، مرتبطاً باجتماع مجلس الدفاع الأعلى، بحضور الرؤساء الثلاثة «لبلورة موقف لبناني واحد بمواجهة التحدي الاسرائيلي».
لم تقدّم الـOTV رواية، كذلك NBN، لكن المحطتين تحدثتا عن خمس ايجابيات، من شأنها ان تعيد الانتظام العام والاهتمام بمسيرة الاستقرار الوطني والسلم الأهلي.
وقالت OTV ان الرئيس برّي قدر مبادرة رئيس الجمهورية الاتصال به.
وأكّد الرئيس برّي ان الاتصال مع الرئيس عون كان جيداً، وأعطى توجيهاته لوقف الحملات الإعلانية، معتبراً ان الأزمة السياسية مطولة، وان حركة أمل ليست بوارد تعطيل الحكومة.
ومن بعبدا أكّد الرئيس الحريري بعد لقائه الرئيس عون ان كرامة الرئيس برّي من كرامته ومن كرامة رئيس الجمهورية ومن كرامة الشعب اللبناني، لافتاً إلى ان هذا الكلام نابع منه ومن عون.
في معلومات «اللواء» ان صباح قصر بعبدا أمس لم يكن يشبه غيره، وكانت الاتصالات التي بدأ الرئيس عون يجريها مع مجموعة من القيادات والوسطاء، تصل إلى الصحافيين وتعزز التوجه نحو معالجة ما يتم «طبخها» بعيداً عن الأضواء، وعجل في هذه الاتصالات الأحداث التي حصلت في بلدة الحدث، وكانت بحد ذاتها نقطة تحول، خاصة وان البلد تقع جغرافياً على تخوم قصر بعبدا، ثم جاء بيان حركة «أمل» بالانسحاب من الشارع، ووقف التحركات الاحتجاجية، ليضيف ايجابيات نحو تسريع المعالجات.
وبحسب المعلومات، فإن ثمة أدواراً لعبها عدد من الوسطاء، من بينهم النائب إبراهيم كنعان الذي زار القصر مرات عدّة، وكذلك اللواء إبراهيم، الذي لعب دوره على اكمل وجه، ناهيك عن الدور الذي قام به العميد شامل روكز، وكان موقع تقدير من قبل الرئيس برّي، والوزير السابق الياس بو صعب الذي كان علق مشاركته في اجتماعات «التيار الوطني الحر» احتجاجاً على المقدمات اللاهبة التي كانت توزعها محطة OTV، وتزيد من خلالها تأجيج الخلافات وتأخذ الأزمة إلى امكنة أخرى من شأنها رفع مستوى التوتر في الشارع.
اما الرئيس الحريري الذي بقي يتابع كل ما كان يجري خلال وجوده في تركيا، فكانت له الحصة الوازنة في المعالجة، حتى ان اتصال الرئيسين عون وبري، تمّ في حضوره، ورتب نوعاً من المصالحة بينه وبين رئيس المجلس، وهو ما تأكد من خلال حضوره اجتماع الثلاثاء المقبل.
بيان التسامح خطوة
وأوضحت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لـ«اللواء» ان مبادرة الرئيس عون بالاتصال بالرئيس برّي أتت استكمالاً لبيان التسامح الذي صدر عن الرئاسة يوم الاثنين الماضي، حيث كات رغبة الرئيس عون على ان يساهم هذا البيان في خلق أجواء تهدئة، الا ان ما صدر من مواقف إعلامية، ولا سيما من محطة OTV التي لم توظف البيان الرئاسي في سياق التهدئة وتعزيز الاستقرار، ساهم في أخذ القضية إلى مكان آخر، بالتزامن مع تحركات في الشارع، الامر الذي استدعى جهوداً إضافية عبر وسطاء الخير.
أما الرئيس عون فكان يعمل ضمن توجه يهدف إلى إنقاذ البلد من التوترات المقلقة على الأرض. وقد أتت تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي وقبلها من تهديدات إسرائيلية السابقة لتخلق أجواء غير مريحة. وكانت الحاجة إلى موقف جامع.
وعلم انه بالتزامن تكثفت الإتصالات وقامت جملة المؤشرات منها الموقف الذي صدر عن حركة أمل ومناخات التهدئة وكل ذلك دفع إلى العمل على المعالجة والاحتكام إلى الحوار دون إغفال التهديدات الإسرائيلية.ولفتت المصادر نفسها إلى أن مبادرة الرئيس عون هدفت إلى تعطيل الألغام التي كانت تزرع هنا وهناك. وأفادت ان الرئيس عون اتصل بداية بالرئيس الحريري لبحث تهديدات ليبرمان. وخلال اللقاء بينهما والذي تناول زيارة الحريري الى تركيا أكد الرئيس عون انه يود الاتصال بالرئيس بري لحصول اجتماع بينهما وبحث التهديدات الإسرائيلية. فتم الاتصال وكان حديث بينهما الذي غلبت عليه المودة وقال الرئيس عون للرئيس بري : كرامتك من كرامتي ويجب أن نرتفع فوق الأمور التي حصلت ومعالجة الخطر الداهم وإصدار الموقف.
ورد الرئيس بري قائلا إن الموضوع يستوجب التفاهم والمعالجة وحصل الاتفاق على عقد اجتماع الثلاثاء المقبل بحضور الرئيس الحريري.
وأشارت المصادر إلى أن مبادرة عون واكبتها اتصالات من أكثر من طرف، موضحة أن المؤسسات الإعلامية تعاطت بإيجابية بعد هذه المبادرة. وأفادت أن الجو الذي صدر من رئيس مجلس النواب كان جيدا أيضا، وان موضوع اعتذار الوزير باسيل لم يبحث في الاتصال، وكان التوجه فقط للعمل على مواجهة التهديدات الإسرائيلية والحفاظ على الاستقرار، ان كانت معلومات تحدثت عن مساعي لأن يقوم باسيل بزيارة عين التينة، وتكون الزيارة بمثابة اعتذار.
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أكد امام زواره أمس، على «خطورة الموقف الذي صدر عن وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان حول البلوك رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة في جنوب لبنان»، داعيا الى «التنبه الى ما يحيكه العدو الاسرائيلي ضد لبنان، لا سيما وان ثمة من يعمل في الداخل والخارج على توفير مناخات تتناغم مع التهديدات الاسرائيلية بالاعتداء على لبنان وحقه في استثمار ثروته النفطية والغازية وذلك بذرائع مختلفة».
واشار الى ان «لبنان تحرك لمواجهة هذه الادعاءات الاسرائيلية بالطرق الدبلوماسية مع تأكيده على حقه في الدفاع عن سيادته وسلامة اراضيه بكل السبل المتاحة».
برّي
بدوره، وصف الرئيس برّي اتصال الرئيس عون به بأنه «جيد» وطلب من قيادات الحركة وقف الحملات الإعلامية، كاشفاً عن لقاء وسيعقد الثلاثاء المقبل في بعبدا.
وقال: اني منذ اليوم الأوّل لم اقبل بما حصل، وقد اعتذرت من اللبنانيين عمّا جرى، ولم أطلب اعتذاراً من الوزير باسل، بل طلبت اعتذاره من النّاس، وكان لدي خشية من وجود «طابور خامس» في الحدث والشالوحي، وقد أبلغت حركة «امل» الجهات المعنية عن مواصفات السيّارة التي أطلقت النار في الحدث ويوجد كاميرات حكما التقطت صورا لهذه السيّارة وعلى الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اتخاذ الإجراءات المناسبة، ونحن نقف إلى جانبه.
اما بالنسبة لما حصل في ميرنا الشالوحي، فإن من أطلق النار ليس حركة «امل» بل عناصر من التيار كانوا داخل المركز.
وعندما سئل عن الوضع السياسي، قال بري: انها ستأخذ وقتاً، موضحا «اننا لم نطالب باستقالة الحكومة ولسنا في وارد تعطيلها، وفي كل مرّة يدعو رئيس الحكومة إلى جلسة نحضرها، وإذا دعا هذه المرة إلى جلسة سنحضرها.
ونفى، ردا على سؤال ان يكون قد رفض مجيء الرئيس الحريري إلى عين التينة، وقال ان ذلك يعود لسفره المتكرر إلى الخارج، كاشفاً انه كان في وارد اتصال الرئيس عون به منذ الظهر.
وبانتظار الثلاثاء، تتوقع جهات سياسية ذات صلة ان تتوقف التحركات من النشاطات من الطرفين على الأرض، بعد وقف الحملات الإعلامية.
وعند السادسة من مساء أمس، عقد لقاء تمهيدي في بلدية الحدث بين وفدين من «امل»، والتيار الوطني الحر، حيث جرى التحضير للقاء قبل ظهر في البلدية بمشاركة «امل» وبين الوطني الحر وحزب الله لتأكيد الوحدة الوطنية.
الحدث
قبل هذه التطورات الإيجابية، كانت الاتصالات والمساعي قد تكثفت ليل أمس الأوّل ونهار أمس من أجل تطويق ذيول الإشكال الامني الذي حصل في منطقة الحدث على اثر دخول شبان من منطقة الضاحية بسيارات ودراجات نارية الى بلدة الحدث بصورة استفزازية وحصول اطلاق نار، وأمكن إعادة ضبط الوضع بمشاركة من قيادة «حركة امل» ممثلة بمستشار الرئيس نبيه بري احمد البعلبكي ونائب «حزب الله» علي عمار ونائب «التيار الوطني الحر» آلان عون، وتوجت بالاتفاق المبدئي على لقاء موسع لفاعليات الضاحية والحدث في السادسة من مساء امس في مبنى بلدية الحدث، بهدف طي صفحة الاشكال وتأكيد العيش الواحد بين ابناء المنطقتين وحفظ الاستقرار العام، حسبما اعلن المعنيون. لكن حصلت امور ادت إلى تأجيل اللقاء في بلدية الحدث إلى اليوم، فيما أُعطي الضوء الاخضر للقوى العسكرية والامنية بملاحقة كل المخلين بالامن والاستقرار والوحدة الوطنية.
واثنت هيئة قضاء بعبدا في التيار الوطني الحر على الموقف الذي اطلقه صباحا حزب الله في اتصالاته مع حركة «أمل» لضبط الشارع ومنع المناصرين من الاشتراك في اي حراك من هذا النوع، معلنة انها ترحب بهذه المبادرة وتلاقيها بالمثل في كل ما من شأنه تمتين العلاقات أكثر وأكثر والحفاظ على السلم الاهلي والمصلحة الوطنية العليا».
وبالمقابل، ابدى عضو كتلة التنمية والتحرير هاني قبيسي رفضه لما جرى في الحدث، وقال لـ«اللواء»: ان قيادة الحركة اعطت تعليمات مشددة لمسؤولي المنطقة بضبط الوضع وسحب الناس من الشارع. واكد ان احمد البعلبكي وبتعليمات من الرئيس بري اتصل بقائد الجيش من اجل العمل على منع اي توتر او احتكاك ورفع الغطاء عن اي مرتكب.
ولاحقا، أصدر المكتب السياسي لحركة «امل» بيانا اهاب فيه بكل الذين تحركوا بشكل عفوي وغير منظم من خلال مسيرات سيارة ادت الى بعض الاشكالات، التي لا تعكس صورة وموقف الحركة، ان يتوقفوا عن اي تحرك في الشارع لقطع الطريق عمن يريد حرف النظر عن الموضوع الاساسي وضرب علاقات اللبنانيين مع بعضهم. وتطلب من جميع الحركيين على اختلاف مستوياتهم المساعدة على تطبيق هذا الامر.
إلى ذلك، كشفت معلومات خاصة بـ«اللواء» ان هناك جهات تعمل على تحريك العصبيات والفتنة عبر تجوال سيارة بمكبر صوت. وقد انتشر يوم الثلاثاء على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو لسيارة في داخلها سلاح تجول على الطرقات واضعة اغان لحركة أمل «نحنا الافواج اللي ما في قوّة بتهزمنا»، ثم انتشر فيديو لنفس السيارة، مع اغنية للتيار و«القوات» فيها شدّ لعصب جمهورهما. ما يدلّ على وجود طرف ما يعمل على شدّ العصب الطائفي للجهتين وزرع الفتنة.
التهديدات الإسرائيلية
على صعيد التهديدات الإسرائيلية، قال وزير الطاقة سيزار أبي خليل «سيقوم العدو الإسرائيلي بكل ما في وسعه لمنعنا من الاستفادة من ثرواتنا النفطية ونحن سنقوم بكل ما في وسعنا للدفاع عنها». وكتب في تغريدات على حسابه في موقع تويتر «ليست المرة الأولى التي يصدر عن العدو الإسرائيلي اعتداء على ثرواتنا وسبق أن أرسلت وزارة الخارجية كتاباً تحذيرياً للأمم المتحدة» معتبراً أن كلام ليبرمان «اعتداء موصوف على الحقوق اللبنانية».
وقسم لبنان المنطقة التي يفترض أن تحتوي الغاز والنفط إلى عشر رقع، وقد عرضت السلطات خمسا منها للمزايدة عليها، وجاءها عرض من ائتلاف بين الشركات الثلاث على الرقعتين 4 و9. وتقع الرقعة الرقم 9 بمحاذاة منطقة متنازع عليها بين لبنان واسرائيل مساحتها 860 كيلومترا مربعا، ولا تشملها أعمال التنقيب. ومنذ اعوام عدة، يشهد شرق المتوسط حركة كثيفة للتنقيب عن الغاز خصوصاً بعد اكتشاف حقول كبيرة قبالة اسرائيل وقبرص ولبنان.
في نيويورك، قال استيفان دو غريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريش، في تصريحات إعلامية بمقر المنظمة بنيويورك: «لقد احطنا علما بتزايد الخطاب البلاغي بين لبنان وإسرائيل بشأن احقيتهما في الحقول البحرية للغاز، ونحثهما على اعتماد الوسائل الدبلوماسية لحل تلك المسائل».
البناء
مساعي إبراهيم المكوكية هيّأت وزيارة الحريري توّجت فكان اتصال بعبدا بعين التينة
لبنان القويّ بالحكمة والشجاعة يتفوّق على التحدي «الإسرائيلي» الثلاثاء في مجلس الدفاع
عون وبري يتفقان على المواجهة معاً… وإقفال كلّ ملفات التصعيد الإعلامي والشعبي
أنظار الخارج كانت على لبنان هذه المرّة، والخارج دولي وإقليمي، رغم كثرة المتابعات والانشغالات، وجد في المشهد اللبناني المأزوم وفي الخلفية تهديد «إسرائيل» فرصة لقياس التوجّهات والحسابات والتوازنات والتحالفات، وقراءة نوع الإشارات التي تكشفها الأزمة الداخلية أمام التهديد «الإسرائيلي»، والنيات تجاه الانتخابات محلياً وبخلفيات الضفاف المتقابلة إقليمياً ودولياً، ومستوى الجهوزية التي تملكها المقاومة بالتعاون مع حلفائها لمواجهة مخاطر اشتباك مع «إسرائيل»، فكلّ المجسّات كانت مستنفرة للقراءة مع سيولة الشارع الطائفي، إلى أين يريد وكم يستطيع قادة حلف المقاومة حفظ تماسكهم والترفّع على خلافاتهم وعصبيات طوائفهم وانفلات شوارعهم، ومواجهة استحقاقاتهم؟
الحصيلة، قالت بعد ساعات طوال لمساعٍ مكوكية للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على خط بعبدا عين التينة، إنّ القلوب ليست مليانة، وإنه يمكن السيطرة على لعبة الرمانة، بلا هاجس بوسطة عين الرمانة، فلا حرب أهلية ولا مَن يحاربون، ولا مَن يريد تطيير الانتخابات ويحتاج عذراً، ولا مَن يعذرون، ولا مَن يقدّم أوراق اعتماد لخارج آخر ويلعب من وراء ظهر حليف، ولا مَن يستخفّ بمخاطر ما يحدث في الشارع والإعلام وتصاعد لغة الغرائز والعصبيات، ولا مَن يستهين بجدية التحدي «الإسرائيلي»، أو يتوهّم بالقدرة على التصدي للتحدي بأقلّ من وحدة الصف والتفوّق على الذات، فتهيّأت الأرضية لقيام رئيس الحكومة سعد الحريري بزيارة لقصر بعبدا توّجها اتصال من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس المجلس النيابي نبيه بري، لم يلبث الاتصال أن تحوّل إلى مناسبة للتداول من موقع المسؤوليات الوطنية والدستورية إلى تشاور أفضى للتفاهم على لقاء يوم الثلاثاء، تتمّ مواصلة مساعي التهدئة في الشارع والإعلام قبله، ليتسنى التفرّغ حينها لمواجهة التحدي «الإسرائيلي»، الذي سينعقد في مواجهته المجلس الأعلى للدفاع، بضوء ما يتفق عليه الرئيسان عون وبري اللذان سينضمّ إليهما رئيس الحكومة سعد الحريري، وسينتقلون معاً وفقاً لرغبة رئيس الجمهورية للمشاركة في اجتماع مجلس الدفاع الذي يستضيف رئيس مجلس النواب استثناء برغبة من رئيس الجمهورية وبناء على دعوته، كما قالت مصادر مطلعة لـ «البناء».
أُسقط بيد «إسرائيل» في الجولة الأولى من المواجهة وسقط رهانها على لبنان الرخو، والقوي بعضه على بعضه لتظهر قوة لبنان بحكمة وشجاعة قادته وقدرتهم على التمييز بين المهمّ والأهمّ، وبين الرئيس والثانوي وإثبات أنّ الحلف الشعبي والسياسي والدستوري الحامي ظهر المقاومة لا يزال بخير وقادراً على الترفع على خلافات وحسابات المصالح والطوائف واعتبارات الكرامات والعناد والشارع.
عون يُبادِر وبري يُقدِّر واللقاء الثلاثاء
على وقع الأحداث الامنية التي رسمت خطوط التماس في الوطن من ميرنا الشالوحي الى الحدث، تحركت الخطوط الرئاسية ونشطت المساعي لاحتواء تفاعلات الأزمة المتفجرة في الشارع، بعد أن أدرك الرؤساء الثلاثة دقة الموقف وخطورة اللعب على حافة الهاوية وتجاوز الخطوط الحمر والمسّ بالأمن والاستقرار والسلم الأهلي وتهديد التسوية الرئاسية والحكومية والمنجزات الوطنية الأخيرة.
وقد بدأت المؤشرات الغيجابية بالظهور تدريجياً يوم أمس، وتُوِّجت باتصال أجراه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس المجلس النيابي نبيه بري سبقه لقاء بين عون ورئيس الحكومة سعد الحريري الذي زار بعبدا على عجلٍ من غير ميعاد، خرج بعده مبشراً بالأجواء الإيجابية. وقد اتفق الرئيسان عون وبري على عقد اجتماع يوم الثلاثاء المقبل في قصر بعبدا لدرس الخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة التهديدات «الاسرائيلية» المتكرّرة وبحث الأوضاع العامة في البلاد، وقال عون لبري خلال الاتصال إنّ «التحديات الماثلة أمامنا تتطلّب منّا طي صفحة ما جرى مؤخّراً والعمل يداً واحدة لمصلحة لبنان».
ولاحقاً أعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية في بيان أشار فيه إلى أن الرئيس عون تداول مع الرئيس بري في «التطوّرات الراهنة والتهديدات «الإسرائيلية» الأخيرة بالنسبة إلى البلوك 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة والجدار الذي تعمل على إقامته «اسرائيل» على الحدود الجنوبية». وخلال الاتصال الذي سادته المودة بحسب البيان، أكد الرئيس عون أن «الظروف الراهنة والتحديات الماثلة أمامنا تتطلّب منا جميعاً طي صفحة ما جرى مؤخراً، والعمل يداً واحدة لمصلحة لبنان، وقد عبر دولة الرئيس بري عن تقديره لمبادرة فخامة الرئيس ولدقة الظروف الراهنة وخطورتها، وتم الاتفاق بين الرئيسين على عقد اجتماع يوم الثلثاء المقبل لدرس الخطوات الواجب اتخاذها لمعالجة التهديدات «الاسرائيلية» المتجدّدة والأوضاع العامة في البلاد، وكان الحريري حاضراً خلال الاتصال».
ولم يتطرّق عون خلال الاتصال مع بري الى الأزمة المستجدة وقضية الفيديو المسرّب، وقد علمت «البناء» أن اتصال الرئيس عون برئيس المجلس جاء في اطار مبادرة للحل عرضها الرئيس الحريري الذي تمنى على رئيس الجمهورية التعاون لمعالجة الأزمة، لكن مصادر أخرى أشارت الى أن «أكثر من جهة سياسية ووسطاء مشتركين للرئيسين عون وبري ساهموا في ترطيب الأجواء تمهيداً لإجراء هذا الاتصال وأبرزهم الوزير السابق جان عبيد الذي زار عون منذ أيام قليلة». لكن أوساط سياسية تؤكد لـ «البناء» أن الاتصال رغم أهميته في نزع فتيل الشارع لا يعني أن العقد ذُلّلت وأن أزمة الفيديو المسرّب بات منتهية ولا أزمة مرسوم الأقدمية، بل إن جمر الخلافات لا يزال تحت الرماد»، وأشارت مصادر مطلعة الى أن اعتذار الوزير جبران باسيل بداية لأي حل للأزمة.
ولاحقاً أكد بري أن «اتصال عون كان جيداً وأعطى توجيهاته لوقف الحملات الإعلامية»، معتبراً أن «الأزمة السياسية مطوّلة وأن حركة أمل ليست بوارد تعطيل الحكومة». واعتبر وزير المال علي حسن خليل أن «الوضع السياسي ليس مريحاً»، مشدداً على «أننا لسنا بوارد تعطيل الحكومة وما يهمنا هو الاستقرار في البلد». ولفت الى «أننا طلبنا الخروج من الشارع وعلى الجيش التحرّك لمنع أي فوضى في الشارع».
عون: لن أسمح بالفتنة في عهدي
في المقابل، نقل زوار رئيس الجمهورية عنه قوله لـ «البناء» إن «عون حريص على الدستور والطائف وعلى تغليب لغة الحوار بين اللبنانيين وتشديده على أن رئيس البلاد لن يسمح بأخذ الأمور الى الفتنة والفوضى في عهده. فالضامن هو المؤسسات والقانون والدستور وإرادة اللبنانيين وإجماع القوى السياسية على حفظ الاستقرار»، مشيراً الى أن «الخلافات السياسية شيء وتهديد الامن والاستقرار الداخلي شيء آخر».
ولفت الزوار الى أن «الحل يحتاج الى خطوات عدة والى متابعة والاتصال الهاتفي الذي أجراه عون برئيس المجلس بداية الحل الذي يعقبه وقف الحملات الإعلامية ويستكمل بلقاء الثلاثاء»، واستبعدوا أن «تجنح الأمور الى الفوضى والى الحرب الاهلية»، وأشاروا الى أن «طرفين قادران على نشر الفوضى والإخلال بالأمن: الأول الولايات المتحدة الاميركية ولا مصلحة لها حالياً بتهديد الاستقرار في لبنان والطرف الثاني حزب الله. وهو الضامن الأول للامن والاستقرار في البلد وهو شريك إقليمي في مواجهة الارهاب وتحقيق الاستقرار في المنطقة برمّتها».
وأضاف زوار بعبدا: «الرئيس بري حريص على الاستقرار أكثر من أي طرف آخر وليست الأزمة الأولى التي نتجاوزها»، وأشاروا الى أن «عون ينظر بعين القلق الى الخطر الإسرائيلي ويراه أولوية تعلو على الازمة الداخلية، لا سيما الجدار الفاصل والاعتداء على البلوك الغازي ما يفرض على اللبنانيين التعاون والتوحد والتمسك بالتضامن الوطني لمواجهة هذه الأخطار». وأشار الرئيس عون بحسب زواره الى أنه «يأخذ التهديدات «الاسرائيلية» على محمل الجد وأن التعليمات واضحة الى الجيش اللبناني بردع أي اعتداء على حدود لبنان البحرية والبرية وأن الشعب سيقف معه».
وكان رئيس الحكومة قد اعتبر بعد لقائه عون أن «كرامة الرئيس بري من كرامتي وكرامة الشعب اللبناني وفخامة الرئيس. وهو كلام نابع مني ومن فخامة الرئيس والأجواء ستكون إيجابية بين فخامة الرئيس ورئيس مجلس النواب، ونعمل جميعاً من اجل التهدئة»، وأضاف: «اتفقنا على خطوات بما يخص البلوك رقم 9 لاستخراج النفط والتحديات التي يواجهها لبنان في هذا المجال، وستكون لنا خطوات واضحة وصريحة في هذا الخصوص قريباً، ونحن نواجه عدواناً كبيراً في هذا الشأن».
.. وهدوء في الشارع والإعلام
وقد انعكس اللقاء إيجاباً على الشارع وعلى الاشتباك الإعلامي والحرب الافتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي بين جمهوري التيار الوطني الحر وحركة امل، بينما لوحظ غياب التصعيد المعتاد في مقدمة نشرة أخبار قناتي «أن بي أن» و»أو تي في» التي أكدت مصادرها أن «ما يحصل لا ولن يؤثر على تحالف حزب الله والتيار الوطني الحرّ»، كاشفة عن «مبادرات يجريها حزب الله لمعالجة الإشكال بين حليفيه، وهي تحتاج الى تدخل الرئيس عون»، في حين قالت مصادر «التيار» لـ «البناء» إن «التيار التزم بالتهدئة الإعلامية ولن ينجرّ الى الشارع وتظهير المشهد على أنه صراع بين جمهورين أو طائفتين غير صحيح، بل هو عبارة عن خلاف سياسي ووثيقة التفاهم وجدت لإزالة هذه الأجواء السلبية»، مشددة على أن «لا حرب أهلية كما يُشاع وأن التعايش مستمر بين المكونات اللبنانية لا سيما بين أهل الضاحية ومحيطها».
وأثنت هيئة قضاء بعبدا في «التيار» على الموقف الذي أطلقه حزب الله في اتصالاته مع حركة أمل لضبط الشارع، معلنة أنها ترحب بهذه المبادرة وتلاقيها بالمثل في كل ما من شأنه تمتين العلاقات أكثر وأكثر والحفاظ على السلم الأهلي والمصلحة الوطنية العليا».
من جهتها، دعت حركة أمل إلى وقف التحركات في الشارع في بيان صدر عن مكتبها السياسي، وطالبت «جميع الحركيين على اختلاف مستوياتهم المساعدة على تطبيق هذا الأمر».
وفي بيان مشترك أكدت قيادتا أمل وحزب الله في جبل لبنان والشمال بعد اجتماع مشترك، في مقر قيادة الحركة «الحرص على وحدة الصف الوطني بجميع أطيافه وضرورة تحكيم العقل وعدم إطلاق العنان للغرائز الطائفية».
وجاءت المساعي الرئاسية بعد الأحداث الخطيرة والدراماتيكية التي شهدتها منطقة الحدث المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت ليل أمس الأول بين مناصرين «أمل» و»التيار»، قبل أن يتمكّن حزب الله بالتنسيق مع قيادة الطرفين بضبط الوضع وفض الإشكال وسحب المتظاهرين من الشارع.
ويقوم وفد مشترك من الحزب والحركة بزيارة الى منطقة الحدث صباح اليوم وذلك في إطار تأكيد العيش المشترك بين أبناء المنطقة الواحدة.
باسيل إلى أبيدجان
وسط هذه الأجواء، يصرّ وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل على انعقاد مؤتمر الطاقة الاغترابية الثاني رغم مقاطعة أبناء الجالية اللبنانية من مؤيدي حركة أمل. وقد توجّه أمس الى باريس في طريقة الى أبيدحان، حيث سيفتتح اليوم المؤتمر بمشاركة رجال الأعمال اللبنانيين المنتشرين في القارة الأفريقية وأولئك غادروا بيروت للمشاركة في المؤتمر الذي سيبحث في التدابير المعتمدة من المصارف لتقديم القروض للمغتربين اللبنانيين، إضافة الى تطوير العلاقات الاقتصادية بين لبنان ورجال الأعمال في كل من شمال وجنوب أفريقيا.
الحريري: لن نُرغِم النازحين على العودة
على صعيد آخر، لا تزال خطة المعالجة التي تتبعها الحكومة اللبنانية لأزمة النازحين السوريين تثير علامات استفهام عدة في ظل إصرارها على رفض التنسيق المباشر مع الحكومة السورية الجهة المعنية بالدرجة الأولى في هذه الأزمة، وسط ضغوطٍ مستمرة على لبنان لرفض هذا التنسيق مع سورية، وقد ظهر ذلك من خلال إشارة رئيس الحكومة بأنّ «لبنان يدعم العودة السريعة والآمنة للنازحين السوريين، ولكن لن نرغم، تحت أي ظرف من الظروف، النازحين السوريين على العودة».
وخلال إطلاق خطة لبنان للاستجابة لأزمة النازحين السوريين ، في السراي الحكومي ، شدّد الحريري على أننا «سنتناول هذه المسألة فقط بالتنسيق الوثيق والتخطيط المشترك مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصّصة»، وشدّد على أنّه «لا بدّ للنزاع في سورية أن ينتهي قريباً، وأنا مقتنع بأنّ اللاجئين يرغبون بالعودة إلى وطنهم. اللاجئون لن يبقوا هنا للأبد»، محذراً من أنّ «الفشل في مساعدة لبنان سيجبر النازحين على البحث عن ملجأ في أماكن أخرى».
الجمهورية
هدنة رئاسية تلجم الشارع… وحراك رسمــي لمواجهة إسرائيل
دخلَ لبنان مرحلة انفراج نسبيّ بعد اتّصال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس مجلس النواب نبيه برّي، وذلك خلال لقائه مع رئيس الحكومة سعد الحريري في قصر بعبدا. وانقلبَ المشهد السياسي مضبوطاً، ولو بحَذر، بـ«هدنة رئاسية» أرساها هذا الاتصال ولجَمت الشارع، في انتظار ما سيَنتج عن لقاء ثلاثي رئاسي تمّ الاتفاق على انعقاده الثلثاء المقبل.
وقد جاء هذا التطور اللافت بعد أربعة أيام بلغَ فيها التأزّم السياسي ذروته بين بعبدا وعين التينة وكذلك بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل» نتيجة ما تضمّنه فيديو الوزير جبران باسيل من كلام سلبي في حق بري، وبعد المظاهر الاستفزازية في الشارع والممارسات التي كادت أن تهدّد السلم الأهلي وتدخِل البلاد في المحظور لولا المسارعة إلى ضبطها.
وعلمت «الجمهورية» أنّ وساطةً قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بين بعبدا وعين التينة انطلقَت الاثنين الماضي بعد تأزّمِ الوضع نتيجة «فيديو مِحمرش»، وكانت خريطة الطريق فيها التهدئة ولمُّ الشارع وصولاً إلى التواصل المباشر. وبلغَت هذه الجهود ذروتَها بعد ما شهدته بلدة الحدث مساء أمس الأوّل، حيث شعر الجميع بخطورة المرحلة التي وصَل إليها النزاع، ولمسَ ابراهيم لدى بعبدا وعين التينة نيّاتٍ طيّبة واقتناعاً بأنّ الاستقرار خط أحمر.
فكان المخرَج بأن يدعو عون الحريري إلى قصر بعبدا، ثمّ يتّصل خلال اللقاء ببرّي ليقفَ خلاله عند خاطِره ويتّفق معه على لقاءٍ قريب. عِلماً أنّ أزمة بري ليست فقط مع عون إنّما مع الحريري أيضاً.
وعوّلت مصادر تابعَت الاتصالات على أن يتوصّلَ اللقاء الرئاسي الثلاثي المقرَّر إلى حلٍّ شامل يبدأ من أزمة مرسوم الأقدمية وما تلاه، وأوضَحت لـ«الجمهورية» أنّ «إعادة التواصل بين عون وبري لا علاقة لها بأزمةِ بري مع باسيل، علماً أنّ الأخير غادر أمس إلى أبيدجان لترؤسِ أعمالِ مؤتمر الطاقة الاغترابية»، الذي يَفتتح أعماله اليوم.
إبراهيم لـ«الجمهورية»
وقال ابراهيم لـ«الجمهورية»: «مهمّتي اقتصَرت على تنفيس الاحتقان والتقريب بين الرئيسَين عون وبري وتأمينِ جِسر التواصل بينهما، في اعتبار أنّ كلّ الأمور تُحلّ تحت سقف التواصل المباشر، وأنّ فتح بابِ الحوار يَسمح بحلّ كلّ المسائل العالقة». وأملَ في «أن تكون المرحلة الصعبة قد أصبحت وراءنا، فهناك مخاطر كبيرة تهدّد لبنان وتتطلّب الوحدةَ والتضامن».
وفي المعلومات أيضاً أنّ «حزب الله» لم يتدخّل في الوساطة الأخيرة، في اعتبار أنّه كان طرَفاً، وأبلغ المعنيين أنه إلى جانب بري في الموقف، ولا يمكن إلّا أن يكون طرفاً معه. وأعلن الحزب أنّ وفداً مشترَكاً منه ومن حركة «أمل» سيزور منطقة الحدث عند الحادية عشرة قبل ظهرِ اليوم «في إطار التأكيد على العيش المشترَك بين أبناء المنطقة الواحدة».
إلى ذلك، قالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ الخطوة التي أقدمَ عليها عون أمس «شكّلت امتداداً لمضمون بيانه الإثنين الماضي الذي أعلنَ فيه الصَفح عن كلّ مَن أساء إليه وإلى أفراد عائلته، وتأسيساً للمرحلة المقبلة التي ستشهد تفاهماً على الخروج من المأزق الراهن».
وأضافت «أنّ الحريري الذي نَقل إلى بعبدا نتيجة مشاوراته، بالإضافة الى سلسلة المبادرات التي قام بها أصدقاء مشترَكون بين بعبدا وعين التينة، شجَّعت عون على هذه الخطوة معطوفةً على حصيلة جهود ابراهيم.
وعلمت «الجمهورية» أنّ المراجع الأمنية أجمعت على التحذير من مخاطر تركِ الساحة للغوغائيين، ما يمكِن أن يقود إلى مواجهة في الشارع بلا أيّ ضوابط سياسية، وعلى السعي إلى وقفِها ومعالجة ذيولِها وتردّداتها المحتملة لأن «ليس كلّ مرّة يمكن أن تِسلم الجرّة».
بيان بعبدا
وكان قد صَدر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية بيان أعلنَ فيه أنّ عون اتّصَل هاتفياً بعد ظهرِ أمس ببري «وتداوَل معه في التطوّرات الراهنة والتهديدات الاسرائيلية الاخيرة بالنسبة الى البلوك 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة، والجدار الإسمنتي الذي تعمل اسرائيل على إقامته على الحدود الجنوبية. وخلال الاتصال الذي سادته المودّة، أكّد فخامة الرئيس أنّ الظروف الراهنة والتحدّيات الماثلة أمامنا تتطلب منّا طيَّ صفحةِ ما جرى أخيراً، والعملَ يداً واحدة لمصلحة لبنان واللبنانيين.
وعبَّر دولة الرئيس بري عن تقديره لمبادرة فخامة الرئيس، ولدِقّة الظروف الراهنة وخطورتها، وتمّ الاتفاق على عقدِ اجتماع يوم الثلاثاء المقبل لدرسِ الخطوات الواجب اتّخاذها لمعالجة التهديدات الاسرائيلية المتجدّدة والأوضاع العامة في البلاد».
بيان مكتب برّي
مِن جهته، أعلن المكتب الإعلامي لبرّي أنّ الاتصال الذي تلقّاه من عون «تناوَل المستجدّات الراهنة والتهديدات، ولا سيّما منها الاسرائيلية التي تتطلب العملَ يداً واحدة لمصلحة لبنان. وتمّ الاتفاق على عقدِ اجتماعٍ يوم الثلاثاء المقبل لدرسِ الخطوات الواجب اتّخاذها لمواجهة التهديدات الاسرائيلية المتكرّرة والبحثِ في الأوضاع العامة في البلاد. كما تمّ الاتفاق على وقفِ الحملات الإعلامية».
برّي
ووصَف برّي الاتصال الذي تلقّاه من عون بأنّه «منيح». وأشار أمام زوّاره أمس إلى «أنّ أجواء الاتصالات عُرِفت قبلَ ساعات من زيارة الحريري لعون، وأنه لم تكن للحريري مبادرةٌ في هذا الصدد.
وعلِم أنّ عون عرَض مع بري خلالَ الاتصال للأحداث التي حصَلت، وقال له: «لا أنا أريدها ولا أنت. ويجب أن تعود الأجواء إلى طبيعتها». وقد أتّفقا على وقفِ الحملات الإعلامية وعلى لقاء يُعقد بينهما الثلاثاء المقبل.
وتناوَل الاتصال التهديدات الاسرائيلية الجديدة في المجال النفطي، وتمّ التشديد على التنبّه منها، خصوصاً لجهة الإشارة الإسرائيلية الى البلوك البحري التاسع الذي أكّد بري حقَّ لبنان فيه، مشيراً في الوقت نفسه الى «أنّ على الشركات الثلاث التي ستُنقّب فيه أن تأخذ هذه الأمور في الاعتبار. وبالتالي سيتمّ توقيع التلزيم للتنقيب في يوم عيد مار مارون. وطبعاً سأكون حاضراً في هذه المناسبة».
وردّاً على سؤال، قال برّي: «الطابور الخامس ظهَر في مكانين: الأوّل في ميرنا الشالوحي، ولا أحد يصدّق أن حركة «أمل» أرسَلت بقرار منها مناصِريها إلى هناك. حتى إنّ الحركة اتُهِمت بإطلاق النار في ميرنا شالوحي، وهذا غير صحيح، خصوصاً أنّ إطلاق النار تمّ على يد عناصر المركز باعترافهم.
أمّا المكان الثاني فكان في الحدث، وكنّا أوّلَ مَن اتّصل بقائد الجيش وأطلعناه على أنّ سيارةً ترافقها درّاجات قامت بإطلاق النار ترهيباً للناس، وطلبنا أن يتدخّل الجيش فوراً، وهذا ما حصَل، إذ نزل الجيش وكان هناك مسلّحون من المنطقة.
وسُئل بري هل ما زلتَ تطلب اعتذاراً من الوزير جبران باسيل؟ فأجاب: «لم نتطرّق في الاتصال الى هذا الموضوع، لكنّني في الاساس لم أطلب اعتذاراً، بل قلت ليعتذروا من اللبنانيين، وأنا من جهتي توجّهتُ باعتذار من جميع اللبنانيين الذين تضرّروا بفِعل التحرّكات، ليس من موقع أنّنا قمنا بذلك، بل رأيتُ من واجبي ذلك».
وسُئل بري أيضاً: هل انتهت الأزمة السياسية؟ فأجاب: «الأزمة تأخذ وقتها».
وعن مصير الحكومة في ضوء ما حصل، قال بري: «مين قال إننا طالبنا بتعطيل الحكومة أو الاستقالة منها».
وهل سيحضر وزراء «أمل» جلسة مجلس الوزراء إذا دعا الحريري إليها؟ أجاب برّي سائلاً: «وهل كنّا لا نحضر الجلسات». وقال: «لم أقل إنّ الحكومة مشلولة، بل على العكس، نحن حريصون عليها ولكنّنا متمسّكون بمواقفنا حول كلّ القضايا».
وردّاً على سؤال: هل إنّ الحريري طلبَ موعداً لزيارتك، فرفضتَ؟ أجاب: «لا».
وقيل له: لماذا لم يأتِ؟ فأجاب مازحاً: «هو مشغول». وأضاف: «على كلّ حال الرئيس الحريري «بيمون».
وتطرّقَ بري إلى التهديدات الاسرائيلية الجديدة، فقال: «قلقي كبير من العامل الاسرائيلي، وقلقي أكبر من زيارة نتنياهو لموسكو، خصوصاً في ظلّ التطورات التي تشهدها المنطقة، والعملية العسكرية التركية في سوريا».
وردّاً على سؤال، قال: «عم يِحكو عن البلوك 9 ليَصِلوا إلى البلوك 8».
الحريري
وكان الحريري قد أوضَح بعد زيارته بعبدا أنه أطلعَ عون على أجواء زيارته لتركيا، وقال: «إتّفقنا على خطوات في شأن البلوك الرقم 9 لاستخراجِ النفط والتحدّيات التي يواجهها لبنان في هذا المجال، وستكون لنا خطوات واضحة وصريحة في هذا الصَدد قريباً، ونحن نواجه عدواناً كبيراً في هذا الشأن».
وأضاف: «إن شاء الله، ستكون الأجواء إيجابية بين فخامة الرئيس ورئيس مجلس النواب، ونعمل جميعاً من أجلِ التهدئة، وأنا أعتبر أنّ كرامة الرئيس بري من كرامتي وكرامة الشعب اللبناني وفخامة الرئيس، وهو كلام نابعٌ منّي ومن فخامة الرئيس».
وقفُ الشارع
في هذا الوقت، عدَّدت مصادر سياسية مطّلعة لـ«الجمهورية» أبرزَ الأسباب التي أوقفَت تحريكَ الشارع، واختصَرتها بالآتي:
أوّلاً، قرار الجيش اللبناني عدم تركِ الوضعِ على حاله والتدخّل بحزم عند حصول أيّ تطوّر أو أعمال شغب أو تظاهرات غير مرخَّص لها، أو غير سلمية.
ثانياً، تحرّك «حزب الله» بعد التهديدات الاسرائيلية ورفضُه أن تتطوّر الامور داخلياً في هذه المرحلة.
ثالثاً، ردّة الفِعل المسيحية وموجةُ الاستنكار الشعبية الواسعة التي لم تقتصر على الحالة العونية، بل تعدّتها لتشملَ كلّ الأحزاب المسيحية التي ترفض التعدّي على المناطق المسيحية، كذلك تنبّه الأفرقاء إلى أنّ الأمور تتّجه إلى إيقاظ فتنةٍ مسيحية شيعية لا مصلحة لأحدٍ فيها.
رابعاً: ردّة الفعل والتحذيرات الديبلوماسية من مخاطر المسّ بأمن لبنان واستقراره الذي يُعتبر الحفاظ عليه مصلحةً دولية ولم يتعرّض للاهتزاز حتى في أحلكِ الظروف الأمنية التي شهدتها المنطقة.
الأزمة التربوية في بكركي
تربوياً، شهدت بكركي صباح أمس اجتماعاً استثنائياً بدعوة من البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لأعضاء مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك ورؤساءِ الطوائف المسيحية والإسلامية، وأصحاب المؤسّسات التربوية الخاصة، للنظر في تداعيات تطبيق القانون 46 على المدارس.
وأبرزُ ما اتّفق عليه المجتمعون التزامُ المؤسسات التربوية الخاصّة التقيُّد بتطبيق سلسلة الرتب والرواتب بموجب الجدول 17، على أن تتحمّلَ الدولة تمويلَ الدرجات الستّ الاستثنائية، فيما لو حسَمت المرجعيّات المختصّة أمرَ توجُّبِها لأساتذة القطاع الخاصّ. ومساءً أعلن رئيس نقابة المعلمين رودولف عبود تمسّكهم بالإضراب في 5 و6 و7 شباط لنَيل حقوقِهم كاملةً (تفاصيل ص.9).
الأخبار
نصرالله ينزع فتيل التفجير
نجحت هالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وحكمته في إنتاج مخرج مشرّف من أزمة «تسريبات باسيل»، بعدما كاد انفلات الشارع يهدّد بإعادة أجواء الحرب الأهلية. اتصال من رئيس الجمهورية برئيس المجلس النيابي كان كافياً لوقف الحملات الاعلامية المتبادلة وتهدئة النفوس، من دون أن يعني ذلك بالضرورة نهاية لكل الأزمات العالقة بينهما
«تدخل كبير» لحزب الله على خط الأزمة المندلعة بين حركة أمل والتيار الوطني الحرّ، هو ما جنّب البلاد كأساً مرة بعدما كاد إشكال بلدة الحدت، ليل أول من أمس، يعيد إلى أذهان اللبنانيين ذكريات الحرب المقيتة. توتر الشوارع الذي بلغ حداً خطيراً دفع الحزب أول من أمس إلى تحقيق الخرق الأول في جدار الأزمة بين حليفيه الرئيسيين، ما مهّد لإيجاد المخرج الذي تم إخراجه أمس، ووفّر للطرفين نزولاً مشرّفاً عن سلّم صراعٍ كاد يهدّد الاستقرار السياسي والأمني، في وقتٍ تتعاظم فيه التهديدات الإسرائيلية.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن الحزب أدرك منذ اليوم الأول لتسريب فيديو الإساءة لرئيس المجلس أن «المشكل كبير جداً وأن رئيس الجمهورية وحده، بحنكته وترفّعه، قادر على حلّه شخصياً». وقد اقتنع عون بذلك بعدما وجدت حركة أمل بيانه الأول عن «التسامح المتبادل» مخيّباً. وهذا ما دفع بعون الى المبادرة بالاتصال برئيس المجلس أمس والاتفاق على عقد لقاء بينهما الثلاثاء المقبل «لدرس الخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة التهديدات الاسرائيلية المتكررة وبحث الأوضاع العامة في البلاد، بحسب بيان صدر أمس عن رئاسة الجمهورية. وأشار البيان الى أن «الرئيس عون قال للرئيس بري إنّ التحديات الماثلة أمامنا تتطلّب منّا طيّ صفحة ما جرى مؤخّراً والعمل يداً واحدة لمصلحة لبنان».
توتّر الشوارع لم يكن وحده ناقوس الخطر الذي دفع بحزب الله إلى التحرك ليل أول من أمس؛ فكلام وزير الأمن في حكومة العدو أفيغدور ليبرمان، وما عناه الأمر من إعلان إسرائيلي واضح لاستهداف مقدرات لبنان النفطية والاقتصادية، شكّل الحافز الأهم لإيجاد مخرج التفاهم بين الرئيسين، والعبور فوق التفاصيل، نحو موقف لبناني موحّد في رفض الكلام الإسرائيلي والإعداد للمواجهة بكلّ ما أوتي اللبنانيون من قوّة، في الدبلوماسية والسياسة وسلاح المقاومة، الجاهز دائماً أمام الأخطار.
وفيما كان للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم دور أساسي في تدوير الزوايا. وهو الذي تحرّك نحو مساعي الحلّ منذ أزمة مرسوم الأقدمية قبل شهر بين بعبدا وعين التينة لوقف التدهور. سُجّل تحرك على خط آخر للرئيس سعد الحريري لحل الأزمة، وعممّت مصادره على بعض وسائل الإعلام بأن اتصال عون ببرّي جاء بوساطة من رئيس الحكومة الذي زار بعبدا أمس. إلا ان رئيس المجلس النيابي كشف أمام زوّاره، أن القصر الجمهوري اتصل بقصر الرئاسة الثانية عند الظهر، وتم تحديد موعد الاتصال بين الرئيسين.
وعلى الفور تُرجمت الأجواء الايجابية على الأرض، فأعلن التيار الوطني الحر تأجيل الوقفة التضامنية التي كانت مقررة في بلدة الحدت «تضامناً مع أهاليها»، فيما أُعلن أن وفداً مشتركاً من حزب الله وحركة أمل سيزور البلدة اليوم «في إطار تأكيد العيش المشترك بين أبناء المنطقة الواحدة».
مصادر بارزة في التيار الوطني الحر أعربت لـ«الأخبار» عن ارتياحها لـ«النهاية السعيدة» للأزمة التي أثبتت أن انفلات الشارع لعبة خطرة على الجميع. وعمّا إذا كان الحل سينسحب على أزمة مرسوم أقدمية ضباط «دورة الـ1994»، الذي أشعل فتيل التوتر بين الطرفين أساساً، أجابت: «ليس بالضرورة. لكن هذا الحل يؤكّد إمكانية إيجاد مخارج لكل الأزمات والخلافات».
في عين التينة، انعكس اتصال عون ارتياحاً كبيراً لدى رئيس المجلس. وكانت أجواء التهدئة مدار حديث بري أمام زوّاره الذين نقلوا عنه أن «الاتصال بيني وبين فخامة الرئيس كان جيّداً جداً، وكلانا أكّد أن ما جرى خلال اليومين الماضيين لا أحد منا يقبل به، من دون أي خوض في تفاصيل الأزمة». وأكد بري أنه جرى الاتفاق على جملة أمور، أهمها وقف الحملات الإعلامية ومنع التحركات في الشارع، كاشفاً أنه أوعز سريعاً لقناة «أن. بي. أن» بوقف حملاتها الإعلامية، والأمر نفسه فعلته قناة «أو تي في» التي غاب عن نشراتها أمس أي هجوم على رئيس المجلس.
وحول ما إذا كان جرى الحديث عن تسريبات باسيل، أكّد بري أنه لم يتم تناول الحديث عن هذا الأمر مطلقاً، و«من اللحظة الأولى قلت إنني لا أريد اعتذاراً مني، بل من اللبنانيين، وأنا اعتذرت من كل من أسيء إليه في التحركات التي حصلت». وأضاف: «الله يشهد أنني لم أرد أن يحصل ما حصل على الأرض، وأنا كانت لدي خشية من طابور خامس، وبالفعل هذا ما حصل، في ميرنا الشالوحي وفي الحدث». وحول ما قيل عن تعطيل عمل الحكومة والمجلس النيابي، أشار برّي إلى «أنني لم أقل مرة إننا نريد التعطيل، واللجان النيابية تعمل، وفي الحكومة نحن مستمرون والانتخابات حاصلة، ولكننا أيضاً مستمرون على مواقفنا من الملفات المعروفة، ومنها الكهرباء». وسئل رئيس المجلس عن مسألة فتح دورة استثنائية للمجلس، فردّ بأن «هذه عند رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وليس بالضرورة ان تحصل بالتشاور معي».
ومرّر رئيس المجلس إشارة، بالقول: «هما عادة لا يتشاوران معي في الأشياء التي هي من صلاحياتي، فكيف بالدورة التي هي من صلاحياتهما؟». إلّا أنه نفى ما يقال عن أنه لم يحدد موعداً للحريري، ورد مازحاً: «هو مش فاضي. مقضاها سفر من سويسرا لتركيا للسعودية… في الخارج مفقود، وفي الداخل مولود».
وأبدى بري اهتماماً بالكلام الإسرائيلي حول البلوك التاسع، مذكراً بإصراره سابقاً على ضرورة عرض كل البلوكات، والتلزيم في الجنوب لأن إسرائيل تطمع بالبلوكين 8 و9، والمساحة التي تنازل عنها لبنانيون سابقاً تكاد توازي ثلث البلوك 8، والحديث الإسرائيلي عن البلوك 9 هدفه التصويب على البلوك 8». إلّا أن رئيس المجلس استبعد أن يؤثر الكلام الإسرائيلي عن البلوك 9 على موقف الشركات الملتزمة التنقيب، لأنها «على بيّنة من الواقع». وأكد أنه سيحضر حفل توقيع العقود في التاسع من شباط، أي عيد مار مارون، بعد أن جرى الحديث سابقاً عن إمكانية تغيّبه عن المناسبة. كذلك أكّد أيضاً أنه سيلتقي بعون يوم الثلاثاء المقبل خلال اجتماع مجلس الدفاع الأعلى، المخصص لمناقشة التهديد الإسرائيلي.
وحول ما إذا كان جرى الحديث عن تسريبات باسيل، أكّد بري أنه لم يتم تناول الحديث عن هذا الأمر مطلقاً، و«من اللحظة الأولى قلت إنني لا أريد اعتذاراً مني، بل من اللبنانيين، وأنا اعتذرت من كل من أسيء إليه في التحركات التي حصلت». وأضاف: «الله يشهد أنني لم أرد أن يحصل ما حصل على الأرض، وأنا كانت لدي خشية من طابور خامس، وبالفعل هذا ما حصل، في ميرنا الشالوحي وفي الحدث». وحول ما قيل عن تعطيل عمل الحكومة والمجلس النيابي، أشار برّي إلى «أنني لم أقل مرة إننا نريد التعطيل، واللجان النيابية تعمل، وفي الحكومة نحن مستمرون والانتخابات حاصلة، ولكننا أيضاً مستمرون على مواقفنا من الملفات المعروفة، ومنها الكهرباء». وسئل رئيس المجلس عن مسألة فتح دورة استثنائية للمجلس، فردّ بأن «هذه عند رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وليس بالضرورة ان تحصل بالتشاور معي».
ومرّر رئيس المجلس إشارة، بالقول: «هما عادة لا يتشاوران معي في الأشياء التي هي من صلاحياتي، فكيف بالدورة التي هي من صلاحياتهما؟». إلّا أنه نفى ما يقال عن أنه لم يحدد موعداً للحريري، ورد مازحاً: «هو مش فاضي. مقضاها سفر من سويسرا لتركيا للسعودية… في الخارج مفقود، وفي الداخل مولود».
وأبدى بري اهتماماً بالكلام الإسرائيلي حول البلوك التاسع، مذكراً بإصراره سابقاً على ضرورة عرض كل البلوكات، والتلزيم في الجنوب لأن إسرائيل تطمع بالبلوكين 8 و9، والمساحة التي تنازل عنها لبنانيون سابقاً تكاد توازي ثلث البلوك 8، والحديث الإسرائيلي عن البلوك 9 هدفه التصويب على البلوك 8». إلّا أن رئيس المجلس استبعد أن يؤثر الكلام الإسرائيلي عن البلوك 9 على موقف الشركات الملتزمة التنقيب، لأنها «على بيّنة من الواقع». وأكد أنه سيحضر حفل توقيع العقود في التاسع من شباط، أي عيد مار مارون، بعد أن جرى الحديث سابقاً عن إمكانية تغيّبه عن المناسبة. كذلك أكّد أيضاً أنه سيلتقي بعون يوم الثلاثاء المقبل خلال اجتماع مجلس الدفاع الأعلى، المخصص لمناقشة التهديد الإسرائيلي.