بقيت نتائج زيارة الرئيس سعد الحريري إلى السعودية غامضة نسبياً، حيث يدور الحديث في بعض الصحف عن "تنعيم" وسائل التدخل السعودي في الشؤون اللبنانية. وأكثر ما اتضح من هذه النتائج كان "وقوف الحريري على خاطر الرئيس فؤاد السنيورة"، بحسب ما قالت "اللواء"، حيث قصد منزله في راس بيروت، طالباً منه الترشح للإنتخابات النيابية. وعلى ميزان صحف اليوم، فقد بقيت حرارة مناخ الإنتخابات إلى ارتفاع. والبارز فيها كان رد الوزير سليمان فرنجية على زيارة الوزير جبران باسيل إلى زغرتا. وكذلك متابعة باسيل "تنقيره الإنتخابي" على حزب الله، وتسعير "هجومه السياسي" على الرئيس نبيه بري. وأعلن باسيل أمس، «أنّني قلتُ عن نبيه بري بلطجي بسبب ما نعاني منه، وتحديداً أنا شخصياً» …
اللواء
زياد عيتاني إلى الحرية اليوم.. ومطالبة الحريري بلجنة تحقيق وزارية
إفتراق إنتخابي بين حزب الله والتيار العوني.. وترشيحات المستقبل وتحالفاته قبل نهاية الأسبوع
حدثان يستأثران بالاهتمام المحلي والخارجي قبل أقل من 36 ساعة من اقفال باب الترشيحات للانتخابات النيابية المقبلة: أولهما، بدء الرئيس سعد الحريري اتصالاته، بعد عودته من المملكة العربية السعودية، التي وصلها الأربعاء الماضي، واستقبله خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ثم عقد أكثر من لقاء مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي وصل أمس إلى القاهرة، حيث استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي، بزيارة الرئيس فؤاد السنيورة في منزله في بلس، حيث طلب منه الترشح للانتخابات النيابية، والذي تريث إلى اليوم لاعلان موقفه من الترشح للانتخابات في دورتها المقبلة، في مؤتمر صحفي يعقده ظهر اليوم في مجلس النواب..
وثانيهما، المعلومات التي تجمعت لـ «اللواء» عمّا يُمكن وصفه بفراق وافتراق، انتخابي بين التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل وحزب الله، على خلفية فشل المفاوضات حول أكثر من دائرة، والتي اندلعت شرارتها من دائرة كسروان- جبيل، بعدما رشح الحزب الشيخ حسين زعيتر مسؤول حزب الله في جبل لبنان والشمال، الأمر الذي لم يهضمه التيار العوني ممثلا بباسيل، ونائب التيار الحالي سيمون أبي رميا، حيث قال رئيس التيار في لاسا (قضاء جبيل): عندما نكون أقوياء لا أحد يفرض علينا مرشحاً.
وكانت المعلومات اشارت إلى ان الحزب ربط منذ اللحظة الأولى ضم زعيتر إلى لائحة العميد المتقاعد شامل روكز، بأنه يوفّر للتيار الوطني الحر الفرصة لتسمية مرشّح في دائرة بعلبك – الهرمل، أو الإبقاء على النائب الحالي اميل رحمة.
وإذا كان الحزب لا يعتبر نفسه معنياً مباشرة بدائرة صيدا- جزّين (متروكة للرئيس نبيه بري)، فإن الفراق الانتخابي مرشّح ليشمل غالبية الدوائر في جبل لبنان وصولاً إلى بعلبك- الهرمل، وزحلة والبقاع الغربي.
وأول معطيات الصدام الانتخابي أو التنافس وجهاً لوجه، ما نقله قيادي في حزب الله (منال زعيتر ص 2) فإن لدى الحزب توجهاً برد الصاع صاعين لباسيل وذلك بتشكيل لائحة مستقلة في كسروان- جبيل وترشح النائب السابق طارق حبشي عن دائرة بعلبك- الهرمل.
ووسط هذين الحدثين، يشهد الأسبوع الطالع مزيداً من الحماوة الانتخابية، في ظل معلومات عن توجه الرئيس الحريري إلى إعلان مرشحي المستقبل قبل يوم الجمعة المقبل، فضلا عن التحالفات الأخذة بالاتساع مع التيار الوطني الحر، وربما في إطار محدود مع «القوات اللبنانية».
وكشف مصدر مطلع ان الرئيس الحريري عاد مرتاحا من المملكة العربية السعودية ولمس دعماً للبنان في مجالات الاستقرار والاقتصاد والجهود الجارية لاجراء الاستحقاق الانتخابي.
عودة الحريري
وفي تقدير مصادر سياسية، ان عودة الرئيس الحريري من زيارة وصفها هو بأنها كانت «ناجحة جداً» إلى السعودية، والتي استمرت ستة أيام، حركت سريعاً الجو السياسي العام في البلاد، والذي اتسم بالتريث والاسترخاء، لا سيما على الصعيد الانتخابي والحكومي بشكل عام، حيث يفترض ان تعاود اللجنة الوزارية المكلفة درس مشروع موازنة العام 2018 اجتماعاتها اليوم عشية جلسة لمجلس الوزراء تقرر ان تعقد الأربعاء في قصر بعبدا بجدول أعمال عادي سيوزع اليوم أيضاً، وسط تجاذبات بين الوزراء على خلفية ملفات خلافية ليس أقلها ملف بواخر الكهرباء، الذي يضغط بثقله على مناقشات لجنة الموازنة والحكومة، ما يضع مصيرها على محك التفعيل أو التجميد، خاصة إذا ما قرّر الرئيس ميشال عون تنفيذ دعواه بطرح موضوع البواخر على التصويت خلال الجلسة الحكومية الأربعاء، رغم ان الرئيس الحريري عاد من الرياض بتأكيد سعودي على مشاركة المملكة في مؤتمري روما- 2 وباريس، مع دعم سعودي واضح للبنان، يفترض ان يترجم بتسهيل ظروفه الاقتصادية والمالية، وتالياً عمل الحكومة ورئيسها في المجالات المختلفة.
ولاحظت المصادر، ان أوّل شيء عمله الرئيس الحريري بعد عودته، هو زيارة الرئيس السنيورة في منزله في شارع بلس طالباً منه المضي في ترشحه للانتخابات النيابية في صيدا.
وبحسب هذه المصادر، فإن الوقوف على خاطر الرئيس السنيورة، وبالتالي اقناعه بالترشح عن صيدا، أو عن أي دائرة يكون الفوز فيها مضمونا لتيار «المستقبل» كان من النتائج الأوّلية للمحادثات التي أجراها الرئيس الحريري في الرياض، سواء مع ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان الذي التقاه عدّة مرات بحسب قوله أو مع المسؤولين السعوديين، وفي مقدمهم خادم الحرمين الشريفين، الذي استقبله في ا ليوم الأوّل لوصوله، بالإضافة إلى مسألة التحالف مع «التيار الوطني الحر» حيث رأى المسؤولون السعوديون ان لا ضرورة لفك هذا التحالف إذا كان فيه مصلحة وضرورة لـ«المستقبل»، على قاعدة عدم التعاون مع حزب الله.
وإذا كان جواب السنيورة سيعلن اليوم، مع الترجيح بأن يكون سلبياً، بمعنى العزوف عن الترشح، الا ان عدم توصل حزب الله إلى تفاهم مع التيار العوني حول المقعد الشيعي في جبيل، وكذلك الأمر بالنسبة للمقعد الماروني في بعلبك- الهرمل، يُمكن ان يكون مؤشرا على ان ينسحب هذه الافتراق بين الحليفين على دوائر أخرى مثل بعبدا وجزين، وبالتالي يوفّر فرصا إيجابية لاستمرار الرئيس السنيورة للترشح في صيدا، على أساس ان أصوات الثنائي الشيعي ستذهب لتأييد النائب السابق اسامة سعد في صيدا وابراهيم عازار في جزّين، وربما صلاح جبران، وتصب أصوات التيار العوني في جزّين لمصلحة تيّار «المستقبل».
وكانت معلومات خاصة بـ«اللواء»، كشفت ان حزب الله قرّر خوض الانتخابات ضد التيار في دائرة جبيل- كسروان، بتشكيل لائحة انتخابية مستقلة من شخصيات مسيحية- وازنة، قد يعلن عن اسمائهم اليوم، وكذلك تعميم هذا الافتراق في دائرة بعبدا وبعلبك- الهرمل، حيث حسم الحزب قراره بترشيح النائب السابق طارق حبشي عن المقعد الماروني الشاغر على لائحة الثنائي الشيعي.
وأكّد قيادي بارز في الحزب انه بتكليف مباشر من أمينه العام السيّد حسن نصر الله، حسم قراره بعدم التحالف نهائيا مع التيار الوطني الحر في أية دائرة انتخابية، بما في ذلك دائرة بعبدا، حيث المحسوم وفقا للقيادي توجه الحزب إلى تشكيل لائحة مستقلة بالتحالف مع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، الذي لم يُقرّر بعد تحالفاته لا في بعبدا ولا في الشوف وعاليه، في ظل فتور «عوني» للتحالف معه في الشوف.
واللافت، وفقا لهذا القيادي، ان رئيس التيار العوني الوزير جبران باسيل، هو المسؤول عن فشل المفاوضات مع الحزب على المقعد الشيعي في جبيل، ما دفع بباسيل للرد على الحزب من دون ان يسميه بقوله خلال جولته أمس في قرى قضاء جبيل: «اننا نحترم تمثيل الآخرين في مناطقهم ولا نضع يدنا على مقاعدهم»، في إشارة مباشرة لترشيح الحزب الشيخ حسين زعيتر، في جبيل، مضيفا بأن هذا ليس حساب مقاعد بل حساب شراكة وطنية تقوم على الاحترام وفهم الآخر».
ولم تخل الجولة من اتهامات ساقها باسيل بحق النائب السابق فارس سعيد، من دون ان يسميه عندما أشار إلى ان السيادة اما ان تكون كاملة أو لا تكون، فالقادر على بيع ذاته وقراره والراكض وراء دولة لتمويله لا يحق له التحدث عن السيادة والقرار الحر، ويخيفنا بمشاريع همايونيه».
تجدر الإشارة إلى ان النائب السابق فريد هيكل الخازن أعلن أمس خوض الانتخابات، ضمن لائحة مكتملة، ذكرت معلومات انها قد تضم إليه سعيد وحزب الكتائب وشخصيات أخرى مثل النائب جيلبرت زوين والياس خليل اللذين استبعدا من لائحة العميد المتقاعد شامل روكز الذي أعلن من جهته خلال عشاء تكريمي للصحافيين ان لائحة التيار العوني باتت شبه مكتملة.
وتسعى «القوات اللبنانية» من جهتها إلى تشكيل لائحة مع رئيس بلدية جبيل السابق زياد حواط، من دون استبعاد أن تشهد هذه الدائرة لائحة رابعة يعمل لقاء السيادة الدستور إلى تشكيلها، بالتحالف مع «حزب الله».
«زلزال» عيتاني
وسط هذه الأجواء، بقي موضوع التحقيقات مع المسرحي زياد عيتاني المتهم بالتعامل مع إسرائيل، في صدارة الاهتمام السياسي والشعبي، بعدما أحدث ما يشبه الزلزال في هذا الوسط، نتيجة تناقض الروايات والاتهامات، بعدما احيل الملف من قبل قاضي التحقيق العسكري رياض أبوغيدا إلى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، والتي وجدت في الملف شبهات تُشير بالاسم إلى المقدم في قوى الأمن سوزان الحاج التي أوقفت رهن التحقيق بتهمة فبركة ملف عيتاني، بالتعاون مع شخص يدعي أ.غ الذي قام بقرصنة جهاز «اللاب توب» العائد لعيتاني لتركيب ملف ضده رداً على «تغريدة» كان أوردها الفنان شربل خليل بحق نساء سعوديات في تشرين الثاني الماضي.
وبحسب معطيات جديدة لدى شعبة المعلومات، ان المقرض أ.غ اعترف بأنه هو من فبرك ملف عيتاني، وانه اعطاه لجهاز أمن الدولة، بتحريض من المقدم الحاج التي طلبت منه الايقاع بعيتاني، وانه اخترق مواقع الكترونية أخرى مثل وزارتي الداخلية والخارجية.
إلا ان جهاز أمن الدولة نفى كل هذه المعطيات، مما أشاع تناقضاً في أداء هذه الأجهزة الأمنية وشكوكاً حيال الأدوار التي تقوم بها، دفع بكل من الرئيس عون والرئيس الحريري إلى التدخل علنا، لإبقاء هذا الملف في عهدة القضاء فقط بعيداً عن أي استغلال.
وحرص الرئيس الحريري على تأكيد ثقته بجهاز أمن الدولة وقوى الأمن، واصفاً التشكيك بهما بأنه أمر مؤسف، معتبراً أخذ الملف إلى منحى طائفي أو مذهبي أمر سيء للبنان وبالأجهزة الأمنية .
وقال انه لن يسكت على أي تعد لا على أمن الدولة ولا على قوى الأمن، فهذه المؤسسات هي لحماية الدولة ولبنان، وأي دخول بين هذه المؤسسات هو أمر مؤسف.
ونفى الحريري ان يكون للموضوع علاقة بالانتخابات ولا بأي أمر آخر، حاصراً المشكلة «بخطأ ما» حصل واكتشفته شعبة المعلومات بالتعاون مع أمن الدولة، وقال انه حصل اجتماع بين اللواء عماد عثمان واللواء طوني صليبا وكلاهما رأى الحقائق التي اكتشفت، وبالتالي علينا أن لا نأخذ الأمور إلى منحى غير موجود أصلاً. مؤكداً أن يتحدى أي إنسان أن يثبت ان هذا الموضوع مسيس. وقال: كفى مزايدة وكفى القول ان هذا الجهاز تابع لفلان أو لفلان.
وفيما علم ان القاضي أبوغيدا سيحسم موضوع عيتاني اليوم في ضوء القرار الذي سيتخذ بعد استجوابه، باتجاه اخلاء سبيله. تساءلت مصادر مطلعة: لماذا يشكل الرئيس الحريري لجنة تحقيق وزارية تستعين بمن تراه مناسباً من قضاة وخبراء أمنيين لكشف ملابسات القضية، وتحديد المسؤوليات لا سيما وان جهاز أمن الدولة تابع مباشرة لرئاسة الحكومة؟
وفي السياق، بقي وزير الداخلية نهاد المشنوق على قناعة ببراءة عيتاني، نافيا ان يكون كلامه عن براءة زياد وعروبته ووطنيته بما نسب إليه من حاجات انتخابية، وقال «ان من جاور الظالمين لا يعرف معنى الظلم»، مستشهداً بما جرى معه شخصياً. عندما نفى لخمس سنوات بين عامي 1998 و2003) ظلماً وعدواناً بقرار من المخابرات السورية بتهمة العمالة لإسرائيل ولم يجد من يقف الى جانبه من الذين يتنطحون اليوم للدفاع عن القانون والعدل والقضاء، الا الغادر، ممن كانوا وسيظلون أصدقاء العمر». وتساءل: «لماذا يستكثرون على زياد عيتاني وعائلته الصغيرة أو الكبيرة من يقف إلى جانب براءته ولو مبكراً؟
الملعب البلدي
في شأن بيروتي آخر، نفذت الأندية الرياضية في الطريق الجديدة اعتصاماً، رفضاً لقرار مجلس بلدية بيروت بنقل الملعب البلدي المخصص لمباريات المحترفين، واستبداله بمشروع «انمائي، بيئي، مدني، رياضي» على ان يعاد بناء الملعب في سباق الخيل.
ونظمت حملة «ليبقى الملعب… بلدي» صباح أمس بالتعاون مع قدامى لاعبي الأنصار ورياضيي اعتصاماً في ساحة الملعب البلدي، ورفعت شعارات ويافطات رافضة لهدم الملعب الذي قدم له الرئيس الشهيد الحريري المساعدات باعتباره معلماً من معالم بيروت، وناشدت الرئيس الحريري الطلب إلى بلدية بيروت إلغاء هذا ألمخطط… وقال رئيس نادي الأنصار نبيل بدر انه من الضروري الحفاظ على الملعب وهو الوحيد الباقي داخل بيروت الإدارية.. وأكدت وزارة الداخلية ان الملعب سيبقى في مكانه، عنواناً للطريق الجديدة وأهلها.
البناء
الجيش السوري يحرّر قرابة نصف الغوطة ويواصل التقدّم… ويفتح الباب للمدنيين والمساعدات
الأسد: لا تعارض بين الهدنة وتحرير الغوطة… واتهامات الكيميائي لتبرير العدوان
الحريري يعود من الرياض بترشيح السنيورة… و«القومي» يحسم بالإجماع غسان الأشقر للمتن
رسم الرئيس السوري مسار المواجهة السياسية والعسكرية، على إيقاع إنجازات نوعية للجيش السوري في الغوطة، تمثّلت بدخول بلدة الشيفونية المتاخمة لمدينة دوما معقل ميليشيا جيش الإسلام الذي يشكّل القوّة الأهمّ بين الجماعات المسلحة في غوطة دمشق الشرقية، بعدما أتمّ الجيش السيطرة على سلسلة من التلال الهامة، وتطهير بلدات النشابية والصالحية، بصورة جعلت قرابة نصف مساحة الغوطة تحت سيطرته، وأتاحت له هوامش الاختيار العسكري بين اعتماد مواصلة التقدم بطريقة المدحلة التي بدأها، أو التوزّع في الهجوم إلى تكتيكات المربّعات وفصل المناطق المتبقية عن بعضها واعتماد حصارها وفرض انسحاب المسلحين وفتح الباب لخروج المدنيين، بعدما حسمت الحكومة السورية معادلتها بالإصرار على فتح الممرات للمدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى مخيم الوافدين كوجهة للراغبين بمغادرة مناطق سيطرة المسلحين.
قال الرئيس السوري بشار الأسد إنّ الهدف من القرار الأممي بصيغته الأولى كان تقديم الحماية للإرهابيين، لكن التعديلات التي أدخلت عليه جعلته قابلاً للتطبيق بفتح الباب لمنحى إنساني، يتمثل بتأمين طرق آمنة للمدنيين الراغبين بمغادرة مناطق سيطرة الجماعات الإرهابية المسلحة من جهة، ومواصلة الحرب على الإرهاب من جهة مقابلة. وهذا ما يحدث عبر عمليات الجيش السوري في الغوطة، بالتوازي مع العمل على تأمين خروج المدنيين وتوفير المساعدات لهم. وأضاف الأسد أنّ ذريعة الكيميائي التي يستعملها الغرب ليست إلا لتبرير العدوان على سورية، وهم يعلمون أنّ سورية يوم كانت لديها ترسانة كيميائية لم تستعمل هذا السلاح، فكيف تُتّهم بذلك ولم يعُد لديها سلاح كيميائي. ويعرف العسكريون بطلان الادّعاءات باستعمال سلاح مهذا يقتل المئات والآلاف ولا يمكن حصر آثاره بجبهة قتال في مناطق متقاربة ومتداخلة؟ وأكد الأسد أنّ الغرب يعيش مأزق مشروعه بعد سقوط الذرائع وبات اللعب على المكشوف، فيقدّمون الحماية لداعش وجبهة النصرة وكلّ التنظيمات الإرهابية، ووصف التكامل بين التصعيد الغربي والعدوان التركي في شمال سورية بالسعي لخدمة مشروع واحد والتذرّع التركي بالعنوان الكردي يكذبه تجاهل الرئيس التركي لهذا العنوان في مناطق شمال شرق سورية، مضيفاً أنّ وجود القوات الشعبية في عفرين والمشاركة بالدفاع عنها طبيعي ومشروع في مواجهة العدوان.
لبنانياً، بانتظار تبلور نتائج زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى الرياض وعودته بعد غياب خمسة أيام لم يظهر فيها لقاء مطوّل له مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، باستثناء خبر منتصف ليل اليوم الثالث، وصورة سيلفي، خصوصاً أنه بادر فور عودته لزيارة الرئيس فؤاد السنيورة، معلناً أنه طلب إليه الترشّح، بما يوحي أنّ للأمر صلة بنتائج الزيارة، دون أن يوضح المقعد الذي طلب للسنيورة الترشح عنه، بينما أعلن السنيورة أنه سيعلن موقفه من الترشّح اليوم في مؤتمر صحافي، في وقت تؤكد الحسابات الانتخابية أنّ الطلب الحريري إذا كان في صيدا فهو إبراء ذمة لتبرير عزوف السنيورة عن ترشيح مصمّم للخسارة، وإنْ كان في بيروت الثانية، فهو يعني صدمة سعودية قاسية للحريري سيكون مثلها أصعب منها لاحقاً.
لبنانياً، أيضاً لا تزال تتفاعل، البراءة المتسرّعة للموقوف زياد عيتاني في قضية التعامل مع العدو، التي قال قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، إنها مبكرة، وهي براءة تسرّع بإعلانها وزير الداخلية مربكاً الدولة ومؤسّساتها القضائية والأمنية ومستدرجاً ردوداً ومواقف جعلت القضية عنواناً للكثير من التساؤلات ومصدراً للقلق مع ما رافقها من حديث عن فبركة داتا الاتصالات وتهمة التعامل معاً، وما رافقها في المقابل من اتهامات بالمصالح الانتخابية، وفقاً لبيان المديرية العامة لأمن الدولة.
على الصعيد الانتخابي حسم الحزب السوري القومي الاجتماعي بإجماع مجلسه الأعلى ترشيح الأمين غسان الأشقر عن المقعد الماروني في المتن الشمالي، معلناً عدم اعتماد أيّ ترشيح حزبي لسائر الدوائر التي لم يعتمد في قراره السابق مرشحين لها متوجّهاً لدعم أصدقاء وحلفاء في هذه الدوائر.
الحريري أمام خيارات صعبة
عاد رئيس الحكومة سعد الحريري سالماً الى لبنان بعد 5 أيامٍ قضاها في المملكة كان وقعها ثقيلاً عليه، أتمّ خلالها الجولة الأولى من «المناسك السياسية والانتخابية» مع كبار ضباط ومستشاري الديوان الملكي توّجها بلقاء ولي العهد السعودي الذي استُقبِل كملك على أرض الكنانة وليس كولي للعهد، حيث استقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي بنفسه لحظة وصوله الى مطار القاهرة، لكن الحريري وبخلاف مع أعلن أمس، لم يعُد غانماً على صعيد أزمته السياسية مع الرياض التي رمت «الحرم السياسي» عليه في تشرين الثاني الماضي ولا بأمواله وأملاكه «المصادرة شرعاً»، ولا بالمال الانتخابي الذي ربطته السعودية بجملة من الشروط السياسية والانتخابية.
أولى طلائع وملامح مفاعيل اللقاءات والمفاوضات بين رئيس تيار المستقبل والمسؤولين السعوديين ظهرت من خلال توجّه الحريري فور وصوله الى بيروت الى دارة الرئيس السابق فؤاد السنيورة للوقوف عند خاطره وأخذ «بركاته السياسية» بعد أن شملته إجراءات بيت الوسط لتطهير «البيت المستقبلي» و»دارة العائلة» من «طاعني الخناجر» بعد أزمة 4 تشرين الشهيرة.
لكن «الحجّ السياسي» للحريري الى «أرض الحرمين» لن يكون الأخير بل ستتبعه زيارات ولقاءات أخرى لحسم التحالفات الانتخابية، كما ستكون بيروت على موعدٍ مع «طوفان سعودي»، حيث يصل المبعوث السعودي نزار العلولا هذا الأسبوع، بحسب مصادر «البناء»، تتبعه زيارة لوزير الخارجية عادل الجبير، لاستكمال الجولة على قوى وشخصيات 14 آذار، إذ إن «المملكة المتهالكة» والمأزومة في أكثر من ساحة إقليمية لن تُخلي الساحة اللبنانية لخصومها وأعدائها، بل يشكل استحقاق 6 أيار فرصة للعودة السياسية الآمنة الى الداخل اللبناني باستخدامها القوة الناعمة وسياسة «العصا والجزرة» مع «إبنها الضال» و»من دون إثارة الضوضاء الخارجية، من خلال تأمين فوز نواة نيابية كبرى من مختلف الطوائف للإمساك بالمعادلة النيابية والمعادلة الحكومية لاحقاً بهدف مواجهة حزب الله ومنعه من التحكم بالمعادلة الداخلية».
لكن السعودية وفق مصادر ستصطدم بجدار الأمر الواقع والأرقام والمعطيات الانتخابية وحجم التمثيل الواسع للقوى والأحزاب التي لا تنضوي تحت لواء المملكة الى جانب قانون الانتخاب الجديد الذي يضمن كل الأحجام والأوزان. ما يعني أن جُلّ ما تستطيع المملكة فعله هو جمع بعض قوى 14 آذار لا سيما حزبي «القوات» و»الكتائب» لتحصيل عدد أكبر من المقاعد لحلفائها وتقليص الحجم النيابي المنضوي تحت لواء المقاومة، بعد عجزها عن إحياء «عظام الفريق الآذاري وهو رميم»، إذ بات من الصعب جمع شُتات هذا الفريق في ظل الخلافات السياسية والتناقضات الانتخابية التي تعصف به.
ولفت معلومات «البناء» الى أن «الحريري أمام خيارات صعبة والسعودية خيّرته بين أمرين: ضمان نجاح جماعة «السبهان» في لبنان في الانتخابات، لا سيما السنيورة، وبين إلغاء الانتخابات». ورجّحت مصادر سياسية أن «يصل الخطاب الانتخابي للحريري وتيار المستقبل ضد حزب الله وقوى المقاومة الى أعلى سقوفه منذ التسوية الرئاسية، ما يعني أننا مقبلون على مواجهة انتخابية سياسية عالية السقف قد تتطوّر الى أكثر من ذلك».
وأشار الحريري بعد اللقاء مع السنيورة والذي حضره نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ووزير الثقافة غطاس خوري، الى «زيارتي للسعودية كانت ناجحة، حيث قمت بالعديد من اللقاءات مع المسؤولين السعوديين. وكان هناك اتفاق على حضور السعودية في مؤتمري روما و باريس »، موضحاً أن «الشكوك حول علاقتي بالسعودية غير صحيحة والعبرة بالنتائج وسنرى دعم السعودية للبنان ولسعد الحريري». ولفت الحريري الى أن «السنيورة ركن أساسي بالنسبة لنا وتمنيت عليه أن يمضي بترشّحه وهو استمهلني لاتخاذ قراره ومستمرون مع بعضنا».
وقال السنيورة بدوره: «أثمّن الرغبة والتمني بأن أستمر في عملي النيابي وأن أترشح عن مدينة صيدا وأنا بقدر ما أثمن ذلك أردت أن أفكر في الأمر وسأحاول أن أقيم مؤتمراً صحافياً غداً لأعلن ما سأقرّر بهذا الشأن».
فهل الزيارة وكلام الحريري شكلا «المخرج المشرّف» لعزوف السنيورة عن الترشح على اللوائح الزرقاء، وبالتالي إبعاده عن الندوة البرلمانية وعن كتلة «المستقبل»؟
مصادر الرئيس السنيورة نفت لـ «البناء» أي طلبٍ سعودي للحريري لترشيح السنيورة، ولم تؤكد ولم تنفِ عزوفه عن الترشّح اليوم، موضحة أن «الحريري علم بأن السنيورة لم يقدّم ترشّحه حتى الآن عشية إقفال باب الترشيحات خلال اليومين المقبلين، فجاء لإقناعه بالترشح، فاستمهل بعض الوقت للتشاور مع عائلته في الأمر». ولفتت المصادر الى أن «لا قطيعة بين الحريري والسنيورة والعلاقة كانت وستبقى جيدة بمعزل عن قرار السنيورة الذي سيعلنه اليوم في مؤتمر صحافي عند الساعة الثانية ظهراً في المجلس النيابي».
لكن في حال كان قرار السنيورة العدول عن الترشّح، فإن ذلك يُعتبر مؤشراً الى تغييرٍ جوهري في لبنان عبر إنهاء مرحلة سياسية وأمنية مصيرية من تاريخ لبنان كان يمثلها السنيورة شهدت انقساماً سياسياً وطائفياً حاداً ومرّت بمحطات فاصلة من حرب تموز 2006 الى أحداث 7 أيار 2008 وغيرها.
أما إذا قرّر الترشّح فالسؤال: في أي دائرة؟ في صيدا – جزين أم في بيروت الثانية؟ علماً أن دائرة صيدا تتضمن مقعدين سنيين، تبنّى المستقبل النائب بهية في الأول وفوزها شبه مؤكد، بحسب معظم استطلاعات الرأي التي ترجّح أيضاً فوز النائب السابق أسامة سعد في المقعد الثاني، ما يعني أن السنيورة لن يفوز في صيدا فهل يترشّح في بيروت؟
في دائرة بيروت الثانية ستة مقاعد سنية: رشح المستقبل ثلاثة منها الرئيس سعد الحريري والرئيس تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق، مقعد لجمعية المشاريع الخيرية مرجّح فوزه وآخر للجماعة الإسلامية مرجّح فوزه وآخر لفؤاد مخزومي مرجّح فوزه . فهل يكون السنيورة بدلاً من تمام سلام أم أن الحريري سيُضحّي بالمشنوق «كبش فداء» لتصبح «حجته» مقبولة سعودياً؟
مصادر مستقبلية تؤكد لـ «البناء» أن الرئيس الحريري «سيجري خلال اليومين المقبلين لقاءات حاسمة قبل الإعلان عن لوائح المستقبل، أما التحالفات فمن الممكن أن لا يعلن عنها بانتظار مزيد من التشاور الداخلي والمفاوضات مع القوى السياسية».
«القومي» حسم مرشحه في المتن
في سياق ذلك، حسم الحزب السوري القومي الاجتماعي ترشيح الأمين غسان الأشقر لأحد المقاعد المارونية في دائرة المتن الشمالي، حيث عقد المجلس الأعلى في الحزب جلسة السبت الماضي، برئاسة رئيس المجلس النائب أسعد حردان وحضور رئيس الحزب حنا الناشف، تابع خلالها استعراض أسماء المرشحين عن دائرة المتن الشمالي والدوائر الأخرى.
وبعد التداول قرر المجلس الأعلى بالإجماع الموافقة على:
1ـ ترشيح الأمين غسان الأشقر لأحد المقاعد المارونية في دائرة المتن الشمالي.
2ـ أما في دوائر: طرابلس والمنية والضنية، كسروان وجبيل، بعبدا، بيروت الأولى، البقاع الغربي وراشيا، صيدا ـ وجزين، صور الزهراني، فقد قرّر المجلس الأعلى عدم ترشيح أي قومي اجتماعي فيها، على أن يعقد مع الحلفاء والأصدقاء اجتماعات للتداول في كيفية دعم مرشحي الحلفاء في هذه الدوائر.
وبعد الجلسة دعا رئيس الحزب جميع القوميين الاجتماعيين إلى الالتفاف حول مؤسساتهم الحزبية ومضاعفة الجهود من أجل إنجاح مرشحي الحزب والحلفاء.
باسيل في عرين فرنجية
وإذ من المتوقّع أن ترتفع الحماوة الانتخابية الى أعلى معدلاتها في ظل موسم الانتخابات، شهدت عطلة نهاية الأسبوع سخونة انتخابية وسياسية بين التيار الوطني الحر وتيار المردة، بعد زيارة رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل الى زغرتا عرين رئيس المردة الوزير سليمان فرنجية، الذي انتقد الزيارة، معتبراً أن «مَن يدّعي أنه رئيس أكبر تيار مسيحي في لبنان يقاتل للحصول على مقعده»، ولفت الى أن «اللوائح في دائرة الشمال الثالثة ستصبح جاهزة عما قريب»، مؤكداً أنه سيبقى الى «جانب حلفائه في كل الدوائر الاخرى».
وخلال لقائه ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي من معظم المكوّنات السياسية في لبنان ، أكد فرنجية «أننا لم نغيّر خطنا منذ بدء مسيرتنا ولن نغيّر»، ونفى إمكانية تحوّل الخلاف بين مناصري المردة و التيار الى اشتباك على الأرض، مؤكداً «أننا منفتحون على كل مَن يريد أن يتعاطى معنا بتواضع، لكننا لن نقبل بإلغائنا». وأضاف فرنجية: «المشكلة الأساس هي وجود شخص يحاول أن يلغي الجميع لأجل ان يكون الممر الأوحد للمسيحيين. فهو من مدرسة سياسية هدفها إلغاء الآخر وهي تعود الى خمسين سنة خلت».
من جهته، قال باسيل في كلمة ألقاها خلال رعايته عشاء احتفالياً لهيئة «التيار» في زغرتا «إننا عائدون إلى زغرتا وستنتظرنا في المرحلة المقبلة إن تمثلنا بها أو لم نتمثل، حضورنا فيها سيقوى ويزيد».
ومن جبيل، وجّه باسيل رسالة انتخابية الى حزب الله الذي أعلن ترشيح الشيخ حسين زعيتر على المقعد الشيعي في دائرة جبيل، من دون التنسيق مع التيار بحسب أوساط التيار، حيث رأى «أننا اليوم أمام امتحان جديد، بيننا وبين حزب الله وبين كل اللبنانيين».
وأشار باسيل في حديث تلفزيوني إلى أن «حزب الله انزعج من الكلام الذي قلته في المقابلة مع الـMagazine، ولكن أنا لدي رأيي وأنا أمثّل تياراً سياسياً غير «حزب الله» والحزب يعلم أن لديه دوراً أكبر يجب القيام به من أجل بناء الدولة»، متسائلاً «لو لم يكن لدينا حزب الله، هل كنا استطعنا حماية نفطنا وغازنا؟».
وعن اجتماعه مع وزير الخارحية السوري وليد المعلم ، أوضح باسيل «أنني لم آخذ إذن الحكومة قبل لقاء المعلِّم لأنني كوزير خارجية يحق لي الاجتماع مع وزراء خارجية آخرين ولم أقم بشيء غير طبيعي لأنه لدينا علاقات مع السوريين»، مشيراً إلى «أنني لا أحبّ كلمة النأي بالنفس ، لأنه عندما نأينا بأنفسنا عن النازحين السوريين ، البلد أصبح ممتلئاً بالنازحين».
ولفت إلى أن تدخل حزب الله في الحرب السورية ، هو قرار أخذه الحزب الذي كان من المفترض أن يحمي لبنان من الإرهاب القادم من سورية».
واتهم باسيل وزير المال علي حسن خليل بعرقلة مشروع تأمين الكهرباء عام 2015 وأنه منع تمويل بناء مصنع دير عمار.
تساؤلات حول قضية عيتاني؟
إلى ذلك، بقيت قضية الممثل زياد عيتاني في واجهة المشهد الداخلي، مع اختلاط الحابل الانتخابي بالأمني بالتقني، وسط تخبط لدى الأجهزة الأمنية والقضائية فضلاً عن التجاذب السياسي في القضية لا سيما بين وزيري الداخلية والعدل، ما يطرح التساؤلات التالية بحسب مصادر أمنية وسياسية لـ «البناء»: هل الضابطة العدلية تعمل في لبنان بشكل مستقل عن القضاء؟ وهل القضاء مؤسسة أم أشخاص؟ هل الأهداف التي يسعى إلى إنجازها جهاز أمني مختلفة عن الأهداف التي يسعى إليها جهاز أمني ثانٍ؟ هل على وزير الداخلية أن يحلّ مكان أجهزة الأمن والقضاء على السواء، بينما الأجدى به تأمين الغطاء السياسي للأجهزة التي تعمل لخدمة الأمن اللبناني؟ فكيف يبرئ شخصاً ويتهم مؤسسة أمنية في سلوك فضائحي لم تعهده دولة ذات مؤسسات أو تعتمد الفصل بين السلطات في نظامها السياسي؟
هل زياد عيتاني هو شادي مولوي آخر؟ وهل المظلة التي تظلل عيتاني أهم من المظلة التي تظلل المولوي؟ وفي أي اتجاه يعمل عيتاني؟ هل لدى منظومة أمنية خارجية؟ لماذا استباق نتائج التحقيق وإعلان البراءة؟
وإذا كان «القرصان» لفّق التهم لعيتاني فهل استطاع أن يلفق أيضاً الضابط «الإسرائيلي» كوليت واللقاء بينها وبين عيتاني في تركيا واعترافات طويلة أمام المحققين في أمن الدولة؟
وحذّرت المصادر من أن قضية عيتاني تتعدّى استثماراً انتخابياً في صناديق الاقتراع لتصل الى جوهر العملية الانتخابية برمّتها؟ ودعت السلطة السياسية الى استعادة الثقة بأجهزتها الأمنية والقضائية للعمل كدولة مؤسسات وليس كدولة طوائف تتقدّم فيها الحسابات الطائفية والسياسية والانتخابية على أولوية الأمن الوطني العام.
وفي وقت يواصل فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي التحقيق مع المقدّم سوزان الحاج في مبنى المديرية، أوضح مدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود في حديث تلفزيوني أن «ملف زياد عيتاني انتقل من أمن الدولة الى مفوّض الحكومة ومن ثم الى قاضي التحقيق العسكري الأول رياض ابو غيدا الذي ارتأى إرساله الى شعبة المعلومات ». وأوضح حمود أن «الملف سلك الآليات القانونية». بينما أكد قاضي التحقيق العسكري الأول رياض ابو غيدا الذي يستجوب عيتاني اليوم قبل إخلاء سبيله أن «الكلام عن براءة عيتاني سابق لأوانه وهو بغير محله»، موضحاً «أنني استجوبت عيتاني مرات عدة، والأخير نكر الاتهامات الموجّهة اليه».
وأشار رئيس الحكومة على أنه «لديّ كامل الثقة بأمن الدولة و قوى الأمن الداخلي ولن أسكت على أي تعدٍّ على أمن الدولة و قوى الأمن. وهذه المؤسسات لحماية لبنان والأمن غير مسيّس وعندنا كل الثقة بكل الأجهزة الأمنية».
الجمهورية
حماوة إنتخابية.. والحريري يتمنّى على السنيورة الترشّح
يُنتظَر أن تنصبّ الاهتمامات والمتابعات اليوم على حركة رئيس الحكومة سعد الحريري العائد من زيارة «ناجحة جداً» (كما وصَفها)، للمملكة العربية السعودية، وذلك لمعرفة نتائج هذه الزيارة من خلال الخطوات التي سيتّخذها، سواء على المستوى الانتخابي، أو مستوى علاقاته مع مختلف القوى السياسية، الأمر الذي سيتيح لمختلف القوى السياسية استكشافَ مستقبل الأوضاع الداخلية وكذلك مستقبل الدور السعودي في لبنان وعلاقة الرياض به على كلّ المستويات، فضلاً عن علاقتها بمجمل مكوّناته السياسية والطائفية.
ويُنتظر أن يُعلنَ الحريري بين اليوم وغداً أسماء مرشّحي تيار «المستقبل» في كلّ الدوائر الانتخابية قبل إقفال وزارة الداخلية بابَ الترشيحات رسمياً منتصَف ليل غدٍ الثلثاء ـ الأربعاء، على أن يُعلِن لوائح «المستقبل» وتحالفاته في وقتٍ لاحق من هذا الشهر.
وتردّدت معلومات أنّ الحريري سيزور قريباً كلاً مِن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري للتشاور معهما في مستقبل الأوضاع في ضوء نتائج محادثاته مع المسؤولين السعوديين، وهو كان قد اتّصَل بهما أمس وأعلمهما بعودته من الرياض والتي دامت زيارته لها ستة أيام، والتقى خلالها كلاً من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وعَقد لقاءات عدة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومسؤولين سعوديين آخرين.
وقال الحريري بعد عودته إنّ هذه الزيارة «كانت ناجحة جداً»، وأكّد أنّ شكوك البعض في علاقته بالسعودية «غير صحيحة»، وأنّ «العبرة في النتائج»، وقال: «الجميع سيرون كيف ستدعم المملكة سعد الحريري ولبنان في مؤتمري روما وباريس».
وكان الحريري قد غادر الرياض بعد ظهر أمس عائداً إلى لبنان وودَّعه في مطار الملك خالد الدولي نائب أمير منطقة الرياض الأمير محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز وسفير لبنان في المملكة فوزي كبارة ومندوب عن المراسم الملكية.
وزار الحريري فور عودتِه الرئيسَ فؤاد السنيورة يرافقه نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والوزير غطاس خوري. وخلال اللقاء طلبَ الحريري من السنيورة المضيَّ في ترشيحه عن أحد المقعدَين النيابيَين السنّيَين في دائرة صيدا ـ جزين والذي يَشغله في مجلس النواب الحالي، فاستمهَله الأخير لاتّخاذ القرار في مصير هذا الترشيح إلى اليوم.
الملفّ الانتخابي
وفي وقتٍ سيعود مشروع قانون موازنة 2018 إلى طاولة اجتماعات اللجنة الوزارية المختصّة اليوم لاستكمال البحث في تخفيض موازنات الوزارات، بدا واضحاً أنّ هذا الأسبوع سيكون أسبوعاً انتخابياً بامتياز لأسباب عدة، أبرزُها:
• إنتهاء مهلة تقديم طلبات الترشيح للانتخابات النيابية ليل غدٍ الثلثاء ـ الأربعاء، وبالتالي تبَلوُر أسماء المرشّحين النهائيين في كلّ الدوائر الانتخابية.
• تبَلوُر صورة التحالفات واللوائح الانتخابية بوضوح أكثر، على أن تتبلوَر اللوائح والتحالفات رسمياً قبل نهاية الشهر.
• معرفة حدود الدور السعودي في لبنان خلال المرحلة المقبلة في ضوء زيارة الحريري إلى الرياض.
في هذا الوقت، سجَّلت أوساط مراقبة ارتفاعاً في سقف الحملات الانتخابية على الرغم من أنّ اللوائح لم تتألّف بعد، وقالت: «إذا كان الهدف الأساسي لارتفاع هذا السقف حشْدَ أصواتِ الناخبين، إلّا أنّه يكشف في الوقت نفسه أنّ المنافسة ستكون ذات طابعٍ شخصي وسياسي ينعكس حتماً على مرحلة ما بعد الانتخابات».
«التيار»
وفي هذا الإطار، سجَّلت الساعات الماضية حماوةً وتبادُلَ رسائل سياسية بين رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي جال السبت في منطقة زغرتا ـ الزاوية، التي تُعتبَرعقرَ دارِ فرنجية، ثمّ زار دارةَ الرئيس الراحل رينيه معوّض والتقى الوزيرةَ السابقة نائلة معوّض.
وسُئل فرنجية خلال جلسةٍ مع مناصريه عن رأيه بزيارة باسيل لزغرتا، فردَّ مستغربًا: «يحّو هون»؟ ثمّ قال في لقاء مع ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي: «الذي يدّعي أنّه رئيس أكبر تيار مسيحي في لبنان يُقاتل للحصول على مقعده».
وأعلنَ فرنجية أنّ «اللوائح في دائرة الشمال الثالثة ستصبح جاهزةً عمّا قريب». وأكّد أنّه سيبقى إلى جانب حلفائه في كلّ الدوائر الأخرى. وأضاف: «نحن منفتحون على كلّ من يريد أن يتعاطى معنا بتواضع، لكنّنا لن نقبل إلغاءَنا. المشكلة الأساس هي وجود شخص يحاول أن يلغيَ الجميع لأجل أن يكون الممرّ الأوحد للمسيحيين، وهو مِن مدرسة سياسية هدفُها إلغاء الآخر، وهي تعود إلى خمسين سنة خلت».
باسيل
وكان باسيل قد أكّد أنّ زيارته لزغرتا «ليست استفزازية»، وقال: «قانون الانتخاب وضِع من أجل الشراكة في كلّ لبنان، ونقول لزغرتا «راجعين» ونحن على طريق العودة».
وبعد زغرتا، جالَ باسيل أمس في قرى وبلدات قرى قضاء جبيل، وقال: «إنّنا اليوم أمام امتحان جديد، بيننا وبين «حزب الله» وبين جميع اللبنانيين».
وفي بلدة قرطبا التي شملتها جولته، قال باسيل: «نحن على أبواب تفليسة، نحن لم نتسلّم دولة ليست مديونة كما حصَل عام 90 وأفلسناها، بل أتينا إلى دولة مفلِسة بسبب سياسيّيها ونحاول اليوم إصلاحَها».
ومساءً وخلال برنامجٍ متلفَز قال باسيل: «قمنا بكلّ ما يَلزم لتأمين الكهرباء 24/24 عام 2015 ولكنّ هناك فريقاً سياسياً عرقلَ المشروع وتحديداً وزير المال علي حسن خليل وهو من منعَ تمويلَ بناء مصنع دير عمار».
وعمّا سُرِّب عنه حول ما قاله عن برّي، أشار باسيل إلى «أنّني قلتُ عن نبيه بري بلطجي بسبب ما نعاني منه، وتحديداً أنا شخصياً»
سعَيد
وسألت «الجمهورية» ابنَ بلدة قرطبا، النائب السابق الدكتور فارس سعيد رأيَه في زيارة باسيل لبلدتِه، فأكّد أنّ الزيارة لم تزعِجه أبداً.
إلّا أنّ سعيد أبدى أسفَه لكونِ باسيل «لم يلامس القضيّة الحقيقية في المنطقة، ألا وهي قضية العيش المشترك، خصوصاً بعد إعلان «حزب الله» ترشيحَ الشيخ حسين زعيتر إبن بلدة القصر البقاعية، ومسؤول المنطقة الخامسة في الحزب، إلى الانتخابات النيابية عن المقعد الشيعي في دائرة كسروان ـ جبيل، كذلك لم يوضح باسيل علاقة «التيار الوطني الحر» بهذا الترشّح».
«القوات»
وعلى مسافة أسبوع من إعلان «القوات اللبنانية» من على منبر مسرح «بلاتيا» في جونية في 14 آذار، رؤيتَها السياسية التي ستخوض على أساسها الانتخابات النيابية، معطوفةً على إعلان مرشّحيها في كلّ الدوائر الانتخابية في مشهدية سياسية تضمّ رئيسَ حزب «القوات» سمير جعجع والقيادة الحزبية والمرشّحين والحلفاء، أعلن جعجع «أنّ غالبية الأفرقاء يَعملون على عزلِ «القوّات»، فمِنهم من لا يريد قيامَ الدولة في لبنان، ومنهم من يريد أن تبقى الدولة مزرعةً، أمّا المتبقّون فيريدون استمرارَ الفساد في المؤسسات، وبالتالي فإنّ أداء «القوات اللبنانية» غير ملائم لمشاريعهم ومراميهم».
الراعي
أكّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مناسبة اختتام «سنة الشهادة والشهداء» أنّ شهادة الدم هي وجهٌ من وجوه الاستشهاد، لافتاً إلى أنّه ثمّة استشهاد جسديّ بالقتل والتعذيب والتهجير، واستشهاد معنويّ بامتهان الكرامات وكبتِ الحرّيات، وقانونيّ بسلبِ الحقوق وقضائيّ بتوقيف أشخاص وعدمِ محاكمتهم، وبتعطيل الأحكام القضائيّة، وتسييس العدالة وتوجيهها واستباحة سرّيتِها إعلامياً وسياسياً، وبالمماطلة الطويلة في إصدار الأحكام» واستشهاد سياسيّ بإقصاء موظّفين من وظيفتهم في الإدارات العامّة، باتّهامِهم وحِرمانهم من حقّ الدّفاع عن النّفس، فيما هم مخلِصون للقانون، وغير ملوّنين بلون حزبيّ، وبإجراء تعيينات من لونٍ واحد ومذهب واحد نافذٍ سياسياً، إضافةً إلى استشهاد اقتصادي».
الأخبار
الدولة تنتظر أبو غيدا: سوزان الحاج في مواجهة زياد عيتاني
ما بعد زيارة الحريري: استدارة سعودية «ناعمة»
في غضون أيام قليلة، يحسم قاضي التحقيق العسكري الاول، رياض أبو غيدا، وجهة ملف المسرحي زياد عيتاني والمقدم سوزان الحاج. القضية أخذت أبعاداً سياسية، وتُمارس ضغوط شديدة لـ«لفلفتها»، ومنع «تمدّد» التحقيق. المواجهة بين الحاج وعيتاني باتت قريبة، وكذلك القرار القضائي الذي سيحدد مَن منهما سيُحاكَم، ومن سيخرج إلى الحرية.
هل تتم «ضبضبة» ملف التحقيق مع المقدم في قوى الأمن الداخلي سوزان الحاج، المشتبه في ارتكابها جرم «الافتراء الجنائي» على المسرحي الموقوف زياد عيتاني من خلال تلفيق تهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي له؟ وفي حال أكّد القضاء صحة التحقيق الأولي القائم في فرع المعلومات مع الحاج ومع «القرصان» ا غ، فهل أن الضجيج القائم حول القضية اليوم، يهدف إلى حماية متورطين آخرين مع المقدم و«القرصان»؟ الأسئلة مشروعة في ظل غياب المرجعية التي تقدّم للبنانيين رواية واضحة، ونهائية لما جرى.
ربما سيقطع الشك باليقين (مؤقتاً، قبل الحكم النهائي) قرارٌ اتهامي يصدره قاضي التحقيق العسكري الاول، رياض أبو غيدا، يمنع المحاكمة (أي يؤكد براءة) مَن تُثبت الادلة أنه لم يكن متورطاً في ما تنسبه له النيابة العامة والأجهزة الامنية.
ويبدو أن الاتصالات السياسية والأمنية التي جرت في اليومين الماضيين، رست على أخذ الملف في هذا الاتجاه. فبعد التوتر الذي حرّكته تغريدة وزير الداخلية نهاد المشنوق القاطعة ببراءة عيتاني يوم الجمعة الماضي، قال الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري كلمتيهما الداعيتين إلى ترك الامر للقضاء. ويوم امس، استقبل رئيس الجمهورية المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي أطلعه على تفاصيل التحقيق مع الحاج و«القرصان»، وعرض عليه الادلة التي بُني التحقيق عليها. وبحسب مصادر مطلعة على اللقاء، فإن عون لم يكن غير مقتنع بتوقيف الحاج، إلا أنه «استغرب تسرّع وزير الداخلية بإطلاقه حكماً ببراءة عيتاني، فيما التحقيق مع الحاج لم يكن قد صدر بعد». ولفتت المصادر إلى ان رئيس الجمهورية ينتظر كلمة القضاء، ليبني على الشيء مقتضاه.
كلام المصادر الواسعة الاطلاع يناقض ما أشيع أمس عن نية وزير العدل سليم جريصاتي إحالة المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود ومفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني الحجار على التفتيش القضائي. فالأخير هو الذي أشرف على تحقيق فرع المعلومات مع أ. غ. حتى توقيف الحاج، قبل أن يطلب منه حمود ترك متابعة التحقيق له. وعلّقت مصادر وزارية «مستقبلية» على هذا الامر بالقول إن هكذا قرار يعني تفجير الحكومة. وأشيع كذلك أن أبو غيدا ارتكب مخالفة شكلية عندما بعث باستنابته إلى فرع المعلومات، من دون المرور بمفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، طالباً توضيح قضايا غير جليّة في ملف تحقيق المديرية العامة لأمن الدولة مع عيتاني. وفي هذه النقطة تحديداً، تضاربت أراء القضاة الذين سألتهم «الأخبار» بين من اعتبر أن مرور الاستنابة بمفوّض الحكومة إلزامي قانوناً، وبين من يرى أنه يحق لقاضي التحقيق إرسال استنابته إلى الأجهزة الأمنية مباشرة، من دون المرور بالنيابة العامة.
وعلمت «الأخبار» أن قيادة المديرية العامة لأمن الدولة بحثت في إمكان تسريب تسجيلات الفيديو الخاصة باستجواب عيتاني، والتي تُظهر اعترافاته بالتعامل مع العدو. وبُحث هذا الخيار مع المعنيين في القصر الجمهوري، فنصحوا بالتريث. ومن غير المستبعد أن تكون قضية عيتاني ــــ الحاج على طاولة الاجتماع الامني الشهري الذي سيُعقد اليوم في المديرية العامة للأمن الداخلي.
في هذا الوقت، استمر فرع المعلومات بالتحقيق مع الموقوفين في القضية، وتم تمديد فترة التحقيق الاولي مع الحاج لـ48 ساعة جديدة، للتوسع معها بالتحقيق، كما مع ا. غ. في قضايا أخرى يُشتبه في كونهما (او احدهما على الأقل) عملا على تلفيقها للإيقاع بأشخاص أبرياء بعضهم سيق إلى القضاء. وقالت مصادر وزارية إن التحقيق يشمل عمليات قرصنة ومحاولة قرصنة لمواقع الكترونية لمؤسسات وشخصيات كوزارات الخارجية والثقافة والطاقة وحسابات عائدة لوزير الداخلية وهيئة «أوجيرو». وتشير المصادر إلى أن «القرصان» زعم أن الحاج طلبت منه القيام بهذه العمليات، بعد نقلها تأديبياً من مركزها في مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية مطلع تشرين الأول الماضي، مدّعياً انها كانت تهدف من وراء ذلك إلى القول إن «البلد خربان من بعدها»!
وفي الإطار عينه، أكّدت مصادر وزارية لـ«الأخبار» أن التحقيق الذي أجراه فرع المعلومات في قضية عيتاني كشف أن الأخير لم يكن قد تواصل مع حساب «فايسبوك» الذي يُزعم أن إسرائيلية كانت تديره، وأنه لم يفتح الرسائل المشفرة التي أرسِلت من هذا الحساب (تجزم المصادر بأن ا. غ. هو الذي فتح الحساب المنسوب إلى إسرائيلية). ولفتت المصادر إلى انه سبق للمديرية العامة للامن العام ان اجرت تدقيقاً تقنياً في هذه الجزئية من التحقيق، ولم يثبت لديها أن عيتاني استخدم هاتفه لفتح الملفات المرسلة إلى بريده (مسنجر) على موقع فايسبوك، من دون أن تقدر على تأكيد أنه استخدم أجهزة غير هاتفه لتلقّي الملفات المشفّرة. ومن الأمور التي يُنتظر أن يحسم أبو غيدا وجهتها بعد إحالة كامل الملف عليه اليوم أو غداً، هو كيفية إدلاء عيتاني باعترافاته امام امن الدولة، فضلاً عن تثبيت أو نفي أجزاء تفصيلية من هذه الاعترافات، كرحلته إلى تركيا وغيرها من القضايا التي لا يُمكن البت بها، سلبا أو ايجاباً، بصورة تقنية. وبناءً على الملف بكامله، سيُصدر أبو غيدا قراره الاتهامي في القضية.
ما بعد زيارة الحريري: استدارة سعودية «ناعمة»
على مسافة شهرين من الانتخابات النيابية، قررت السعودية استقبال الرئيس سعد الحريري. عادَ الرجل، أمس، إلى بيروت، ومن مطارها توجه مباشرة إلى دارة الرئيس فؤاد السنيورة في بلس. ارتسمت مع هذه العودة أسئلة حول المسار الانتخابي لتيار المستقبل، وماذا سيكون موقف الرياض من الانتخابات وتحالفاتها والمؤتمرات الداعمة للبنان (مقال ميسم رزق).
لم يترك السعوديون لبنان في يوم من الأيام، لكن شكَل حضورهم كان يختلف من مرحلة إلى أخرى.
في السنة الماضية، وتحديداً بعد احتجاز رئيس الحكومة سعد الحريري وإجباره على الاستقالة، من الرياض، بدا أن المملكة انتقلت لبنانياً، من الدفاع إلى الهجوم، بلا أي تمهيدات.
سرعان ما سقط «الهجوم السعودي»، في غضون أيام قليلة. ليس بسبب عضلات اللبنانيين، بل بفعل قرار دولي كبير يمنع المس بمظلة الاستقرار اللبناني لاعتبارات شتى، محلية وإقليمية ودولية.
مع دعوة الحريري رسمياً إلى السعودية، قبل أسبوع، تكون الرياض قد قرّرت التعامل بطريقة مختلفة. لا انكفاء ولا هجوم، بل محاولة تحسين موازين قوى لمصلحتها من دون معاندة الوقائع اللبنانية.
اختارت السعودية، وبدفع إماراتي ــ أميركي، الاستحقاق النيابي لتوجيه رسالة إلى الداخل والخارج بأن لبنان ليس متروكاً، ما يعني أن مسار الانتخابات النيابية «لن يكون سهلاً جداً»، كما كان يشتهيه البعض لبنانياً أو إقليمياً. أولى رسائل السعوديين وصلت مع الجولة التي قام بها موفدها إلى بيروت نزار العلولا في الأسبوع الماضي على عدد من القوى السياسية، وخصوصاً زيارة سمير جعجع في معراب. في هذا الإطار، عُلم أن مُوفداً وزارياً سعودياً سيصِل الى لبنان في غضون أسبوع، على الأرجح، لاستكمال جولة الأسبوع الماضي ولقاء شخصيات لبنانية جديدة ستستمِع من ضيفها إلى وجهة الرياض في التعامل مع حزب الله وحلفائه في المرحلة المُقبلة، فضلاً عن توجيه دعوة رسمية جديدة للبطريرك الماروني بشارة الراعي لزيارة المملكة.
قبلَ مُغادرتِه الرياض، لم يكُن الحريري قد وضع محيطه السياسي الضيق في أجواء ما سمِعه في السعودية، وهو الذي تواصل مع نادر الحريري والوزيرين نهاد المشنوق وغطّاس خوري، دون أن يدخل مع أحد منهم في تفاصيل رحلته الرسمية الأولى من نوعها للمملكة.
وفق العارفين، كانت الزيارة مقررة، لكن موعدها حدد في الأسبوع الماضي، ونتائجها «إيجابية» يقول المحيطون بالحريري، أقلّه في الشكل، وهو ما أوحَت به الصورة التي نشرها الحريري مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وشقيقه خالد (سفير السعودية في واشنطن)، ولو أن الأول تقصّد عدم لقائِه في اليومين الأولين من الزيارة، ما دفع الحريري إلى تمديدها بعدما كان من المقرّر أن يعود مساء يوم الجمعة الماضي (في المقابل، يقول مصدر وزاري لبناني إن الحريري التقى محمد بن سلمان ثلاث مرات في أيام زيارته الأخيرة). وبالتالي يُمكن البناء على هذه «الشكليات» التي عزّزها مشهد الخروج من المملكة، حيث كان في وداع الحريري، أمير الرياض فيصل بن بندر بن عبد العزيز وسفير لبنان في السعودية فوزي كبارة، ومندوب عن المراسم الملكية.
وبالرغم من عدم صدور أي بيان رسمي عن نتائج مُحادثات الحريري مع الملك السعودي سلمان عبد العزيز وولي العهد، فقد شكّلت مشهدية الاستقبال والوداع، إشارة إلى كون الأخير، «لا يزال يتقدم الآخرين وهو حليف رئيسي وأساسي في لبنان»، وهي إشارة ستصبّ حتماً لمصلِحته في الانتخابات، ما من شأنه تحسين وضعيته وتحصينها في شارعه، على حد تعبير المقربين منه.
هل تكون عودة الحرارة إلى العلاقات بين الحريري والمملكة بلا ثمن، وهل هي عودة مشروطة بتفاهمات ذات صلة بالانتخابات والمرحلة السياسية التي تليها؟
حسب المعلومات التي استقتها «الأخبار»، من مصدر مواكب، «لم تطلُب الرياض اصطفافاً سياسياً صدامياً يُعيد إلى الأذهان مشهد عامَي 2005 و2009 ولم تطلب مواجهة حزب الله بالقوة، بل قرّرت أن تتعامل مع الساحة اللبنانية بشكل ناعم، بما يُعيد التوازن الذي يمنع حزب الله وحتى التيار الوطني الحرّ من السيطرة على مفاصل الدولة».
ولم يكُن صدفة أن توقيت التحرك السعودي باتجاه الحريري أتى قبل الإعلان النهائي عن طبيعة التحالفات التي يرسِمها تيار المستقبل لخوض الانتخابات التشريعية. وفيما ذكر مسؤولون في «المُستقبل» أن السعودية «طلبت من الحريري عدم التحالف مع التيار الوطني الحرّ، وتحديداً في دوائر بيروت الأولى وزحلة وصيدا – جزين»، ذكرت مصادر أخرى في التيار الأزرق أن السعودية لم تلزم الحريري بأي خيارات انتخابية، داعية إلى عدم القفز «إلى أي استنتاجات متسرعة منذ الآن».
وفيما تؤكد قيادات في المستقبل أن زيارة الرئيس فؤاد السنيورة في دارته في بلس (بيروت) كانت مقررة قبل زيارة السعودية، يشير آخرون إلى أن هذه الزيارة وإعادة ترشيح رئيس الحكومة الأسبق للانتخابات عن دائرة صيدا ــ جزين، هي نتاج الرحلة السعودية، وقال هؤلاء إن مبادرة الحريري، استناداً إلى «الهمس السعودي»، «محاولة تعويض ونوع من الاعتذار عن تعاطي الحريري معه طوال الفترة السابقة»، وأشاروا إلى أن هذا الجو كان قد بلغ السنيورة عبر نزار العلولا.
ومن المتوقّع أن يعلن السنيورة، الذي كان قد طلب مهلة لحسم خياراته، عزوفه عن الترشّح للانتخابات، في مؤتمر صحافي يعقده اليوم في مجلس النواب، على أن يبقى هو رئيس كتلة المستقبل في مرحلة ما بعد الانتخابات، إذ أكدت مصادر مطلعة على مضمون اللقاء أن السنيورة «لم يبدُ متحمساً للفكرة التي طرحها الحريري، وهو الذي رفض هذا الطلب سابقاً قبل سفر رئيس الحكومة». غير أن قبول السنيورة أو رفضه، لا يلغي حقيقة أن المملكة قررت انتهاج سياسة جديدة ستطوي حقبة ضبابية شابت علاقتها بلبنان، وخصوصاً بعد استقالة الحريري.
وكان الحريري قد أشار بعد لقائه السنيورة إلى «أننا تحدثنا عن التطورات والأحداث التي جرت خلال زيارتي للسعودية والتي كانت ناجحة، حيث قمت بالعديد من اللقاءات مع المسؤولين السعوديين، وكان هناك اتفاق على حضور المملكة في مؤتمرَي روما وباريس»، مُوضحاً أن الشكوك حول علاقتي بالسعودية غير صحيحة، والعبرة بالنتائج. وسنرى دعم السعودية للبنان وسعد الحريري».
وبعدما كان يفترض أن يعلن الحريري يوم السبت الماضي أسماء مرشحيه وبرنامجه الانتخابي، رجحت مصادر ماكينته الانتخابية الإعلان عن ذلك في نهاية الأسبوع الجاري.
القوات تلتقي الحريري اليوم
فور عودته من السعودية، أجرى الرئيس سعد الحريري، ليل أمس، سلسلة اتصالات، أبرزها بالرئيسين ميشال عون ونبيه بري. ويحفل جدول أعمال الحريري اليوم بلقاءات عدة، أبرزها ترؤسه اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة درس مشروع قانون موازنة العام 2018، واجتماعه ليلاً بموفد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الوزير ملحم الرياشي، بحضور الوزير غطاس خوري. واكتفت مصادر قواتيّة بالقول عن زيارة الحريري للسعودية: «الأجواء إيجابية جدّاً».