أكد السيد حسن نصرالله أن العدوان "الإسرائيلي" على مطار T4 في سوريا، لن يمر من دون عقاب. وقال إن إيران "ليست دولة جبانة"، وأنها سترد على قيام جيش الإحتلال الصهيوني منذ أيام، بقتل عدد من المستشارين الإيرانيين كانوا يعملون في المطار. وبهذا الوعيد ذكَّر السيد نصرالله بمسؤولية "إسرائيل" عن تأجيج التوتر الإقليمي ـ الدولي الراهن، وأن "الشعوب" ستواجه وتهزم عدوان الولايات المتحدة ـ "إسرائيل" على سوريا ومحور المقاومة، الذي واصل التهيؤ لهذه المواجهة. وكشفت معلومات الصحف هذا الصباح عن أن طائرات حربية روسية تمركزت في مطار همدان الإيراني …
الأخبار
نصرالله لإسرائيل: فعلاً… القواعد تغيّرت
نصرالله: ضربة «تي فور» مفصلية… وإسرائيل أصبحت في وجه إيران
الإعلام الإسرائيلي «الموجّه» يستنفر: للتعامل بجدية مع التهديد
خطوط تركية وفرنسيّة لـ«ضبط التصعيد»
قال السيّد حسن نصرالله إنّ «المنطقة كلّها تعيش وضعاً قلقاً». وبعد الضربة الإسرائيلية على قاعدة «تي فور»، والتهديدات الأميركية بالاعتداء على سوريا، أكدّ أنّ مواجهة الولايات المتحدة في المنطقة ستكون مع الشعوب. تكلّم نصرالله من موقع القوي، الذي ينتمي إلى فريق يملك من القدرة ما يجعله «يواجه أعتى مشاريع العالم».
قصف العدو الإسرائيلي لقاعدة «تي فور» السورية الأسبوع الماضي، «حادثة مفصلية وتاريخية في المنطقة. ما قبلها شيء وما بعدها شيء آخر. لا يُمكن العبور عنها ببساطة». الكلام للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، الذي خصّص حيّزاً كبيراً من خطابه خلال المهرجان الانتخابي لدائرتَي بعبدا وبيروت الثانية، أمس، للحديث عن الوضع في المنطقة التي «تعيش مرحلة حساسة ومهمة جداً». نصرالله اعتبر أنّه من خلال استهداف قوات من حرس الثورة الإيراني، كان «هناك تعمّد اسرائيلي بالقتل، وهذا سابقة». استشهد خلال الغارة الأخيرة عناصر من «الحرس» وجُرح آخرون، وهذا حدث «كبير وجديد ومُهّم». فسابقاً حين استهدف الإسرائيليون عناصر حزب الله في القنيطرة (عام 2015)، «لم يكونوا يعرفون أنّه يوجد معنا عُنصر من الحرس الثوري». انطلاقاً من هنا، وصف نصرالله استهداف القوات الإيرانية بالسابقة، والقرار بالردّ عليها «يُقرّره المسؤولون الإيرانيون». ولكن، حزب الله «المعني بالمنطقة»، وجّه رسالة إلى الإسرائيليين بأنّهم «بهذا القصف الفاضح، ارتكبوا خطأً تاريخياً، وأقدموا على حماقة كبرى، وأدخلوا أنفسهم في قتال مُباشر مع إيران». اختار نصرالله، كما قال، كلماته «بدقة»، متوجهاً إلى الصهاينة بأنّ «إيران ليست دولة صغيرة وضعيفة وجبانة… وأنتم تعرفون ذلك. وطالما أنّكم فتحتم مساراً جديداً في المواجهة، لا تُخطئوا التقدير، وأنتم وجهاً لوجه مع إيران». ويُسجّل للإيرانيين «شهادة كتبوها بالدم، أنّ إسرائيل تنظر إلى عددٍ قليل من حرس الثورة مع إمكانات متواضعة في سوريا على أنّه تهديد، فيما لا تعتبر خطراً عشرات الآلاف من الجماعات المُسلحة في القنيطرة ودرعا وعلى الحدود مع الجولان المُحتّل، بل تتعامل معهم وتُعالج جرحاهم وتُساندهم في القتال».
الحديث عن قصف قاعدة «تي فور» كان المدخل ليتناول نصرالله التهديدات الأميركية لشنّ ضربة عسكرية على سوريا. بدأ بالتأكيد أنّه «كلّنا ندين استخدام الكيماوي. لكن، أُحبّ أن أؤكد، خاصة لجمهورنا، أنّ ما جرى في دوما مسرحية». فلماذا سيستخدم «المنتصر الكيماوي؟ الجماعة كانوا مستسلمين، والنقاش معهم كان على بعض التفاصيل». وذكّر بأنّه «مع كلّ انتصار كبير في سوريا، تحصل مسرحية». في دوما، بنى ترامب على «مسرحية»، وبدأت سلسلة تغريداته، لنكون أمام «مشهد جديد من الاستكبار الأميركي». يريد ترامب أن يكون «مُحقّقاً من دون تحقيق، مدّعياً عاماً، قاضياً، وجلّاداً». أمام هذا الواقع، اعتبر نصرالله أنّ «من حقّ الناس أن يقلقوا، طالما هناك واحد اسمه ترامب في الرئاسة الأميركية. هناك إدارة غير منسجمة، ورئيس لا نقدر أن نفهم (كوعه من بوعه). قبل أسبوع، قال إنّه يريد الانسحاب من سوريا، بعد أسبوع يريد شنّ حربٍ عليها».
ماذا سيحصل في سوريا؟ «مع ترامب يُمكن افتراض كلّ شيء. ممكن أن نأخذ فرضية ضربة محدودة، وممكن أن يكون هناك فرضية حرب». إلا أنّ نصرالله طلب أن «يعلم العالم كلّه، أنّ كلّ هذه التغريدات لم تُخِف ولن تخيف لا سوريا ولا إيران ولا روسيا ولا حركات المقاومة في المنطقة ولا الشعوب. لا ينتظر (ترامب) أن يخضع أو يتنازل له أحد. هناك قوّة كبيرة تأسّست على قاعدة انتصارات، وخاضت معارك كُبرى، وأسقطت مشاريع كُبرى، وتملك من القدرة ما يجعلها تواجه أعتى مشاريع العالم». أما رئيس الولايات المتحدة الأميركية، «فليُهوّل ويقم بما يريده». هذا الرجل «يُهدّد ويُغرّد ضدّ محور خارج من انتصارات، فيما أميركا خارجة من الهزائم. هُزم المشروع الأميركي في العراق وسوريا ولبنان، وما زالت أميركا عاجزة في اليمن وأمام إيران. وتاريخ أميركا من الحروب عبارة عن رصيد كبير من الهزائم، فيما نحن رصيد كبير من الانتصارات». وشدّد على أنّ حرب الولايات المتحدة على المنطقة «لن تكون مع الأنظمة والجيوش، بقدر ما ستكون مع شعوب المنطقة».
على صعيد آخر، تحدّث الأمين العام عن الانتخابات في دائرتَي بيروت الثانية وبعبدا. فقال إنّ الهدف من خوض الانتخابات في «بيروت 2» هو أن تتمثل فئات مُعينة «وليس مُصادرة قرار بيروت كما تدّعي لائحة تيار المستقبل»، التي اختارت للمعركة عنوان «العروبة بمواجهة المشروع الفارسي. ما المقصود بالهوية العربية؟»، سأل نصرالله، مُضيفاً: «هل العروبة تعني الخضوع والتبعية لأميركا وخوض معاركها بالوكالة؟ هل تعني التخلي عن الشعب الفلسطيني والموافقة على صفقة القرن؟ هل تعني الاعتراف أنّ لهؤلاء الغزاة حقّاً في أرض فلسطين؟ هل العروبة في تقديم مئات المليارات من الدولارات لأميركا من أجل إنعاش اقتصادها وتأمين فرص العمل لملايين من أفرادها، فيما في الوطن العربي بطالة وفقر وعوز وهجرة ونزوح ومجاعة؟ هل العروبة في تحريض إسرائيل على شنّ حرب تموز؟ ليست هذه عروبة بيروت». فعاصمة لبنان «لم تكن تنأى بنفسها عن القضايا العربية. وعنوانها هو عنوان المقاومة».
أما عن بعبدا، فقال نصرالله إنّه «من حيث انطلقت الحرب الأهلية، يجب أن ينطلق الوفاق الوطني». من تلك المنطقة أُعلن تفاهم مار مخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر في الـ2006، «وبُني عليه إنجازات كثيرة. الأهم من كلّ إنجازاته السياسية، التلاقي الشعبي والاجتماعي، وما يُسميه الرئيس ميشال عون السلام الداخلي، وهو ما يجب أن نُحافظ عليه». من هنا، «كُنّا مُصرّين على الاتفاق الانتخابي في بعبدا، وهو في عمقه حرصٌ على التوافق السياسي. وهذا الاتفاق صمد 12 سنة». وأوضح نصرالله أنّ «التفاهم لا يعني أنّنا صرنا حزباً واحداً. هناك تفاهم على القضايا الاستراتيجية مع التيار، ولكن في القضايا السياسية ممكن أن نختلف أو نتفق».
الإعلام الإسرائيلي «الموجّه» يستنفر: للتعامل بجدية مع التهديد
كان لكلمة أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، وقعاً خاصاً في إسرائيل، إن لجهة التغطية الخبرية التي احتلت النشرات الرئيسية في قنوات التلفزة والإذاعات والمواقع الإخبارية على الإنترنت، أو لجهة تعليق الخبراء والمراسلين العسكريين الذين أسهبوا في شرح مضمونها، والرسائل التي تضمنتها (مقال يحيى دبوق).
وعلى خلفية الكلمة، التي وصفت إسرائيلياً بـ«المقلقة جداً» والدالة على جدية إيرانية في الرد على هجمات إسرائيل في مطار «تي فور» السوري قبل أيام وأيضاً بسببها، خرجت وسائل الإعلام العبرية ومراسلوها، دفعة واحدة وبتزامن ملفت، برواية موحدة ومنسّقة حاولت من خلالها المؤسسة العسكرية تحويل اعتداء «تي فور» السوري من فعل عدائي ابتدائي، إلى ردّ فعل على عمل «عدائي» تلقّته هي قبل شهرين، من الجانب الإيراني.
بحسب رواية أمس، فإن الطائرة المسيّرة التي قيل إنها إيرانية وأسقطت في الأجواء الفلسطينية قبل شهرين، والتي أعقبها إسقاط الدفاعات السورية طائرة حربية من طراز «أف 16»، كانت (المسيّرة) محمّلة بشحنة مواد متفجرة، وكانت تهدف إلى «الانتحار» فوق أهداف عسكرية إسرائيلية. «الكشف» الذي أريد له أن يكون منفصلاً عن كلمة نصر الله، فشلت إسرائيل في فصله، وكان واضحاً جداً أنه نتيجة الكلمة وبسببها، رغم تشديد الرواية الإسرائيلية على أنه خلاصة تحقيق استمر ما يقرب من شهرين، لكن للمفارقة جاء في موازاة كلمة السيد نصر الله.
وفيما شدد عدد من المعلقين الإسرائيليين على أن «البيان الدراماتيكي» للجيش الإسرائيلي حول حمولة الطائرة المسيّرة الإيرانية يأتي في توقيت حساس جداً وضمن سباق وصراع بين إسرائيل وإيران على المشروعية وعلى اكتساب مكانة رد الفعل على أعمال عدائية، أشارت قناة «كان» العبرية إلى أنّ الإعلان الإسرائيلي عن «المسيّرة» الإيرانية يعدّ رداً على الموقف الروسي الذي اتهم إسرائيل بأنها تعمل على زعزعة الاستقرار في سوريا، بعد هجومها على مطار «تي فور».
عدد من المعلقين الإسرائيليين شدّد على ضرورة التعامل بجدية مع التهديد الذي صدر على لسان نصر الله، وأيضاً التعامل بجدية مطلقة مع التحدي الإيراني ومستواه. ولفت التعليق الإسرائيلي إلى أن الجهود الإيرانية لا تقتصر فقط على تهيئة الرد المباشر على إسرائيل، بل أيضاً على تأليب الموقف الروسي ضدها، مع توفير تسهيلات خاصة للجانب الروسي، الذي تكشّف اليوم (أمس) مع هبوط عدد من المقاتلات الروسية في مطار همدان الإيراني، الأمر الذي يشير، بحسب التعليقات الإسرائيلية، إلى عودة التعاون الوطيد بين الجانبين، ليس تجاه إسرائيل وحسب، بل أيضاً تجاه التوثب الأميركي لتوجيه ضربة عسكرية في سوريا.
القناة العاشرة العبرية أشارت إلى أن ما يجب أن يقلق إسرائيل ليس فقط التهديدات الصادرة على لسان نصر الله، وكذلك التهديدات الواضحة جداً الصادرة عن لسان المسؤولين الإسرائيليين، بل في موازاة التهديدين، البطاقة الصفراء التي رفعتها موسكو في وجه تل أبيب بعد الهجوم على «تي فور»، و«ستكون إسرائيل أمام مشكلة في الهجوم المقبل، لأن فرصة الاحتكاك مع الجانب الروسي ارتفعت بالفعل. الروس أزالوا هذا الأسبوع القناع الذي وضعوه على وجوههم، ليبدوا أصدقاء لإسرائيل، فهم الآن يقفون إلى جانب العدو».
خطوط تركية وفرنسيّة لـ«ضبط التصعيد»
«تظهر التطورات الحالية أن مستوى التوتر (بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية) قد بدأ يتراجع»؛ هكذا وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واقع الحال أمس، وهو الذي تلعب بلاده دور الوساطة بين البلدين عقب التهديدات الأميركية بالتحرك عسكرياً ضد سوريا. هذا التراجع في التوتر لا يعني أن واشنطن وحلفاءها قد ألغوا من حساباتهم العمل العسكري، ولكنه قد يشير إلى أنهم يجهدون لتحييد أي اشتباك محتمل مع روسيا، حين تنفيذ خطتهم. ويتقاطع هذا مع المماطلة الأميركية التي تتيح المجال أمام نشاط ديبلوماسي واسع على أعلى المستويات، بين الدول المعنية بهذا الملف. فبعد الاتصالات التي أجراها أردوغان مع كل من نظيريه الروسي والأميركي، شهد أمس اتصالاً لافتاً بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون، تضمن التأكيد على ضرورة «تواصل الحوار» بين البلدين لتجنّب التصعيد في سوريا، فيما انفرد بيان «الكرملين» بالقول إن بوتين حثّ على ضرورة دعم «تحقيق شامل وموضوعي» بشأن الهجمات الكيميائية المفترضة، وإن الرئيسين أشادا بزيارة وفد «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» إلى دوما. أما بيان «الإليزيه»، فقد أشار إلى أن ماكرون أعرب عن أسفه للفيتو الروسي الأخير في مجلس الأمن الذي منع «رداً موحداً». وفي وقت متأخر من ليل أمس، أشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، إلى أن الرئيس دونالد ترامب تحدث بدوره هاتفياً مع نظيره الفرنسي، حول الملف السوري، من دون ان تعطي أي تفاصيل إضافية. وكشفت أيضاً أن «مجلس الأمن القومي» سوف يُعقد مجدداً (أمس) على مستوى النواب، وهو ما اعتبره متابعون لشؤون البيت الأبيض دليلاً على أن قرار الضربة العسكرية لن يكون «وشيكاً»، على الرغم من أن لقاء المجلس على مستوى النواب هو مكان «صياغة القرارات»، على حدّ تعبير بعضهم. وجاء ذلك بالتوزاي مع تأكيد وزارة الخارجية خلال مؤتمر صحافي للمتحدثة باسمها، هيذر نورت، أن واشنطن تملك دليلاً على استخدام القوات الحكومية السورية لأسلحة كيميائية في دوما.
الاتصالات عبر أنقرة وباريس عكست نوعاً من «الهدنة» بين المعسكرين، الروسي والغربي، ترافق مع إشارات تركية مماثلة تلت زيارة المبعوث الرئاسي الروسي الخاص ألكسندر لافرنتييف لأنقرة ولقائه أردوغان، بعد انتهائه من زيارة مماثلة لطهران. وسلّم أردوغان، على حد قوله، ضيفه الروسي «تسجيل فيديو» حول الهجوم الكيميائي في دوما، من دون أن يوضح طبيعة هذا التسجيل ومحتواه. وفي ضوء هذه التطورات، بدا لافتاً ما قاله مستشار الرئيس التركي، إيلنور سيفيك، خلال حديث إلى قناة «RT» أمس، إذ اعتبر أن الضربة الأميركية المحتملة ستكون محدودة الفاعلية، ومشابهة لما جرى العام الماضي في مطار الشعيرات. وأضاف أن «ترامب يحتاج إلى تحرك لاستهلاكه محلياً… وأعتقد أنه لن يكون هجوماً يؤثر على توازن القوى في سوريا، أو ضد روسيا». ولفت إلى أن «تركيا وروسيا وإيران شركاء في تحقيق السلام في سوريا. وتركيا لا ترغب في أي خطوة قد تفسد هذا الأمر… نحن حلفاء مع الولايات المتحدة، لكننا نملك مصالح مع روسيا».
من جانبها، اتهمت موسكو «أجهزة استخبارات دولية» بفبركة التسجيلات التي انتشرت عن ضحايا الهجوم المفترض في دوما، وعرضت وزارة الدفاع الروسية ما قالت إنه لقاء مع اثنين من الطاقم الطبي لأحد مستشفيات دوما، يوضحان فيه كيف تم استخدام ضحايا أصيبوا جراء غارات جوية في «تمثيل المشاهد التي عرضت على أنها لضحايا هجمات كيميائية». وجاء ذلك فيما وصل خبراء من «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» إلى سوريا، لبدء التحقيق في الهجوم نفسه، وسط توقعات من وزير الخارجية سيرغي لافروف بأن الفريق لن يعثر على أي أدلة تشير إلى استخدام أسلحة كيميائية. ولفت في معرض حديثه إلى أن بلاده تتمنى «ألا تحدث أي مغامرة في سوريا على غرار التجربة الليبية والعراقية». وبالتوازي، وخلال جلسة مجلس الأمن التي عقدت أمس بناءً على طلب روسي، اتهمت المندوبة الأميركية نيكي هيلي القوات الحكومية السورية باستخدام الأسلحة الكيميائية لخمسين مرّة على الأقل، وفق تقديرات بلادها، مؤكدة في الوقت نفسه أن ترامب «لم يتخذ قراراً بعد بشأن إجراء محتمل في سوريا». وبينما أكدت أنه «في وقت ما يجب القيام بشيء ما»، أثنت على «تروّي» الرئيس، واعتبرت أنه يجري تحليلاً لجميع المعلومات ويتخذ إجراءات لتجنّب أي تداعيات غير مرغوب فيها. وبينما رأى المندوب الفرنسي فرانسوا ديلاتر أن على العالم أن يقدم «رداً قوياً وموحداً وحازماً»، قال المندوب الروسي فاسيلي نيبنزيا إن «كل ما يهم (الغرب) هو إسقاط الحكومة السورية»، متسائلاً عن مدى قانونية شنّ ضربات عسكرية ضد سوريا. وحذّر الجانب السوري، من جانبه، من أن «لا خيار» أمامه سوى الدفاع عن نفسه وفق مقتضى القانون الدولي، ولفت المندوب إلى مجلس الأمن بشار الجعفري إلى أن «هذا وعد كل السوريين وليس تهديداً». وتأتي تلك التطورات فيما تتواصل عملية إجلاء المسلحين والمدنيين من مدينة دوما إلى الشمال، وتم أمس تجهيز 63 حافلة لإخراجها بشكل جماعي إلى ريف حلب الشمالي، نحو جرابلس.
اللواء
13 نيسان الإنتخابي: امتعاض جنبلاطي من تقارب الحريري – إرسلان
تطويق «إشكال خطير» في قصقص… واستجرار الكهرباء من سوريا أمام مجلس الوزراء بعد القمة
22 يوماً، ويتوجه اللبنانيون بعد ان يسبقهم المغتربون إلى صناديق الاقتراع، على وقع شبح الإشكالات المتنقلة في الشوارع والمربعات، في المدن الكبرى والارياف البعيدة، والناس، وهي تتوجس من أجواء التهديدات الأميركية والغربية بضربات جوية ضد أهداف في سوريا، على خلفية اتهام النظام باستعمال الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً، ما يزال جيل منهم يتذكر وجع الحرب الأهلية (1975 – 1976) وآلامها وحرائقها، مع احتفال في المتحف الوطني (نقطة التقاطع بين خطوط التماس خلال الحرب بين غربي العاصمة وشرقها)، يدعو للحفاظ على السلم الأهلي والتعايش المشترك، في «لحظة حقيقية» بعد 43 عاماً على مجزرة عين الرمانة التي فجرت حرب السنتين في لبنان.
وسط هذه الأجواء الملبدة في المنطقة، يتوجه الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري إلى القمة العربية اليوم في المملكة العربية السعودية التي ستعقد في الظهران ويشارك في الوفد الرسمي، إلى الرئيسين، الوزراء: جبران باسيل، نهاد المشنوق ورائد خوري.
في غضون ذلك، أكّد مصدر وزاري لـ«اللواء» ان الموقف اللبناني من الموضوع الإقليمي، ومن تطورات ما يمكن ان يحصل في سوريا من تداعيات تحت وطأة الهجوم الأميركي المتوقع، أصبح معروفاً وهو اعتماد سياسة النأي بالنفس، وقال انه «لا يرى أي تخوف من انعكاس الوضع الإقليمي والحرب في سوريا على الساحة الداخلية اللبنانية، خصوصاً وأن الوحدة الداخلية ضرورية ومطلوبة في هذه المرحلة الحسّاسة والدقيقة والصعبة التي تمر بها المنطقة برمتها، مشيراً إلى ان هناك تأكيداً دولياً على وجوب استقرار لبنان وتحييده عن أي خلافات أو صراعات إقليمية.
وفي تقدير مصادر وزارية أخرى، ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب سينفذ تهديداته في غضون الساعات المقبلة، لكنه لن يأخذ الأمور إلى مواجهة واسعة مع الروس، لأنه يُدرك ان تداعيات المواجهة مع موسكو لن تكون محصورة في نطاق معين، وإنما ستفتح الباب امام حرب إقليمية مفتوحة على كل الاحتمالات.
وكشفت المصادر ان بعض المسؤولين اللبنانيين تلقوا معلومات من أوساط أميركية وأوروبية عليا مفادها ان التحضيرات اوشكت على الانتهاء استعداداً لضربات أميركية وفرنسية وبريطانية، بعدما أخذت هذه الدول قرارها بمعاقبة الأسد ونظامه، رداً على استخدام السلاح الكيماوي. وان موسكو باتت تدرك ان ترامب يريد ان يدخل إلى لقائه التاريخي مع الزعيم الكوري الشمالي متسلحاً بالرد على النظام السوري الذي استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه، في رسالة واضحة يريد توظيفها في الحوار المرتقب على عدوه اللدود.
وكشفت مصادر دبلوماسية ان المفاوضات الدولية الجارية مع موسكو تركز على ثلاثة مطالب اميركية:
1- ان تتولى الولايات المتحدة الاشراف على ما تبقى من أسلحة كيمائية لدى النظام في سوريا
2- استئناف مفاوضات جنيف، بهدف التوصّل إلى تسوية سياسية، تمهّد للانتقال السياسي، وقيام حكم انتقالي يمهد لخروج الرئيس بشار الأسد من السلطة.
3- أن يتوقف النظام عن استخدام الطيران الحربي السوري، وان تتولى روسيا التحرّك جواً لضرورات يجري التنسيق حولها مع الجانب الأميركي.
ملف الكهرباء
ويفترض ان يعود مجلس الوزراء في جلسة الأسبوع المقبل إلى بحث ملف الكهرباء في ضوء التقرير الذي اعده وزير الطاقة سيزار أبي خليل والذي لم يتسنَ للحكومة مناقشته، سوى البند الأوّل فيه والمتعلق بمعمل دير عمار-2 والذي اثار سجالاً حاداً بين الوزيرين جبران باسيل وعلي حسن خليل، مما اضطر الرئيس عون إلى رفع الجلسة، وترحيل الموضوع إلى الجلسة المقبلة.
والمعروف ان التقرير يتضمن في أحد بنوده اقتراح استجرار الطاقة من سوريا بقوة 850 ميغاوات بصورة مؤقتة لحين إنشاء معامل على البر، وثمة وزراء باتوا يميلون إلى هذا الحل، باعتبار ان الربط الكهربائي مع سوريا قد يمهد على المدى البعيد لربط آخر مع تركيا، وغيرها من الدول القريبة جغرافياً، لكن مصدراً وزارياً استبعد لـ«اللواء» إمكان طرح ملف الكهرباء مجدداً على جدول أعمال مجلس الوزراء في جلساته القليلة المقبلة، والتي قد لا تتجاوز الجلستين أو الثلاث، الا ان ما قد يتطرق إليه المجلس فقط هو تجديد عقود بواخر الكهرباء التي تنتهي في شهر أيلول، خوفاً من ان يستغرق تأليف الحكومة الجديدة وقتاً طويلاً.
أزمة حساسية
ومع انه ما يزال يفصلنا عن موعد الاستحقاق الانتخابي سوى ثلاثة أسابيع فقط، فإن التنافس الانتخابي، بين القوى السياسية، واللوائح ذات التحالفات الهجينة، بلغ ذروته في اليومين الماضيين، علماً ان التوتر مرشّح لأن يتصاعد مع ارتفاع وتيرة الاحتكاكات المسلحة بين أنصار المرشحين، ولا سيما في بيروت الثانية، على خلفية نزع وتعليق صور المرشحين، مثلما حدث مساء أمس في قصقص حيث حوصر المرشح على المقعد الدرزي رجا الزهيري في منزل زميله في لائحة «كرامة بيروت» الدكتور محمّد خير القاضي، على اثر حصول اشكال بين مرافقيه وانصار تيّار «المستقبل» في المحلة المذكورة، تطوّر إلى اطلاق نار في الهواء، وتدخلت قوى الجيش والأمن الداخلي لمعالجة الوضع.
وحصل هذا الحادث، فيما كان الرئيس سعد الحريري يجول في قرى حاصبيا والعرقوب ومرجعيون في زيارة انتخابية لشد عصب المرشح على المقعد السني في دائرة الجنوب الثالثة عماد الخطيب، ضمن لائحة تحالف الوزير طلال أرسلان التيار الوطني الحر، لكن الجولة التي شملت 8 محطات، لم تنته من دون إثارة «ازمة حساسية» مع الحزب التقدمي الاشتراكي، لا سيما بعد الاستقبال الذي أقامه الوزير أرسلان في السرايا الشهابية في حاصبيا وإصراره على ان يزور الحريري خلوات البياضة للموحدين الدورز، حيث استقبله هناك الشيخ غالب الشوفي، من اتباع الشيخ نصر الدين الغريب شيخ عقل للطائفة.
وعبر عن هذه الأزمة، عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور الذي اعتبر ان «للبيوت ابوابها»، وان باب حاصبيا هو النائب وليد جنبلاط، اما النوافذ الأخرى أو المداخل الضيقة، فلا تعبر عن حاصبيا، في إشارة إلى أرسلان، موضحا ان الحزب التقدمي الاشتراكي «آثر ان يبقى بعيدا عن هذه الزيارة التي تهدف لاعلان تحالف سياسي»، معتبرا انه «تحالف هجين سينقضي في السادس من أيّار ليلا».
اما النائب جنبلاط، فقال تعليقا على هذا الموضوع لـ «اللواء» انا لن انجر الى هذا السجال ولم اهتم كثيرا بالموضوع، وان كنت اشارك الوزير ابو فاعور شعوره، لكني كنت منشغلا بحفل تكريم رئيس «مؤسسة العرفان التوحيدية» الشيخ علي زين الدين بتقليده وساما فرنسيا تقديرا لانجازته، وكنت اتمنى استقبال الرئيس الحريري بطريقة اوسع وارحب في منطقة حاصبيا.
وقالت مصادر قيادية في الحزب الديموقراطي ان سبب التحالف في دائرة الجنوب الثالثة مع «المستقبل والتيار الحر» يعود الى عدم اخذ الحلفاء في «حزب الله وامل» والحزب القومي بالاعتبار وجود حيثية كبيرة سياسية وشعبية وانتخابية للوزير ارسلان في حاصبيا ومرجعيون، ورفض ترشيح مرشح الحزب الديموقراطي الدكتور وسام شروف في الدائرة، اضافة الى رفض ترشيح مرشح الحزب في بيروت الثانية عن المقعد الدرزي نسيب الجوهري، وترك المقعد فارغا على اللائحة لمرشح الحزب الاشتراكي فيصل الصايغ، فاضطر ارسلان الى نسج تحالف انتخابي مع المستقبل والتيار لاثبات حيثيته في المنطقة.
لكن المصادر اكدت ثبات الحزب الديموقراطي على مواقفه الاستراتيجية بالعلاقة مع المقاومة ومع الرئيس نبيه بري، وان التحالف الانتخابي لا يلغي هذا الموقف الاستراتيجي والخيار الوطني الكبير.
جولة الحريري
وكانت جولة الحريري بدأت في مرجعيون التي وصلها في طوافة عسكرية، حيث أقيم له احتفال في الساحة، ثم انتقل عصرا إلى حاصبيا يرافقه المفتي الشيخ حسن دلي ونادر الحريري والمرشح عماد الخطيب، حيث نظم له أرسلان استقبالا شعبيا في ساحة القلعة الأثرية، وكانت له كلمة ردا على كلمة ترحيبية من أرسلان. شدّد فيها الحريري على ضرورة ان يستعيد المواطن ثقته بالدولة، مؤكدا على ان أساس تفاهم اللبنانيين هو العيش المشترك والاعتدال.
وبعد زيارة خلوات البياضة، انتقل الحريري إلى بلدة شبعا، مرورا بقرى عين قنيا وشويا، مشيرا إلى ان «زمن غياب الدولة عن تحمل مسؤولياتها في حماية منطقة الشريط الحدودي والدفاع عنها انتهى»، وان «استراداد مزارع شبعا وتلال كفرشوبا مسؤولية الدولة، وكل اللبنانيين صف واحد خلف الجيش اللبناني في حماية الحدود، وجميعنا صف واحد في مواجهة أطماع إسرائيل بأرضنا وثرواتنا النفطية.
ومن شبعا انتقل الحريري الى بركة النقار المتاخمة للبوابة الشرقية لمزارع شبعا المحتلة ومنها الى كفرشوبا حيث كان استقبال حاشد من ابناء البلد ، انتقل بعدها الى كفرحمام ليضع حجر الاساس للمبنى البلدي ، ومنها الى راشيا الفخار لينتقل بعدها الى محطته الاخيرة في الهبارية وكان استقبال حاشد في المعبد الروماني.
نصر الله
وفيما كان الحريري يجول في القرى الحدودية الجنوبية، كان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، يصوب على تيّار المستقبل، في خلال المهرجان الانتخابي لدائرتي بعبدا وبيروت الثانية في منطقة الجاموس- الحدث، موضحا ان لائحة «وحدة بيروت» لا تخوض الانتخابات من أجل مصادرة قرار بيروت كما تدعي لائحة «المستقبل»، لافتا إلى ان الذين ينتخبون اللائحة أو غير لوائح هم: من أهل بيروت، «يجب التنبيه أن بيروت لها ميزة عن كل الدوائر أنها عاصمة لبنان، يجب أن لا تفقد هذه الميزة وبيروت التي هي عاصمة لبنان هي تحتضن كل اللبنانيين وتختصر في تركيبتها كل اللبنانيين، فيها مسلمون من كل المذاهب ومسيحيون من كل المذاهب، ويجب أن تكون مدينة بيروت خلاصة لبنان وعنوان لبنان ورمز لبنان والتعبير عن التركيبة اللبنانية».
واعتبر أنه «لا يجوز لأي تيار او حزب او حركة او جمعية او زعامة أن تختصر بيروت بلونها الخاص، لون بيروت يجب أن يبقى لون الشعب اللبناني، ويجب أن يشعر الجميع أنهم أمام فرصة حقيقة للتمثيل».
وشدد على أن « بيروت عاصمة لبنان كانت تحمل القضايا العربية وهمومها، وكانت تتظاهر من اجل القضايا العريبة»، لافتاً الى أنه «لم تكن بيروت في يوم من الايام تنأى بنفسها عن القضايا العربية «.
ولفت الى أن «الخصومة السياسية بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل»، وبين التيار وتيار «المردة» يجب أن نسعى لان نجد لها حلا»، مشدداً على أن «التفاهم والتحالف لا يعني على الاطلاق أننا أصبحنا حزبا واحدا».
وستكون للسيد نصر الله إطلالة ثانية غروب الاثنين في مهرجان لدعم مرشّح الحزب في دائرة كسروان- جبيل، على ان تكون له اطلالات أخرى في الأيام التي تلي من دائرتي الجنوب الثانية أي صور- الزهراني، المرتاحة إلى وضعها. وبعلبك الهرمل التي يخوض فيها الحزب معركة شرسة في مواجهة أربع لوائح، خوفا من حصول اختراق في أكثر من مقعد فيها.
اشكال قصقص
وفيما سجلت مسيرات سيّارة لتيار «المستقبل» جابت احياء وشوارع بيروت الثانية، أفادت «الوكالة الوطنية للاعلام» الرسمية عن حصول اشكال وإطلاق نار في حيّ العرب في منطقة قصقص، بين مناصرين للمرشح رجا الزهيري وعناصر من تيّار المستقل على خلفية إزالة صور للزهيري، أثناء زيارته لزميله في اللائحة المرشح الدكتور محمّد خير القاضي، وطوق مناصرو «المستقبل» منزل القاضي، فيما عمد أنصار الزهيري لاطلاق النار في الهواء لتفريق المتجمعين، وحضرت على الفور دورية للجيش وعملت على إخراج الزهيري من منزل القاضي من دون ان يتعرّض لأذى.
وعزا تيّار المستقبل في بيان اعتذر فيه عن المشاهد التي رافقت الحادث، ان ردة فعل شبان منطقة الطريق الجديدة، جاءت بعد استفزاز مقصود تخلله إطلاق رصاص، لكنه اعتبر ان ردة الفعل «لا تستقيم مع توجهات قيادة التيار والمسؤولية الملقاة عليها في حماية العملية الانتخابية والانشطة المواكبة لها، والتأكيد على حقوق كافة المرشحين للقيام بما تقتضيه المنافسة الانتخابية.
وناشد البيان الأنصار في كافة المناطق ولا سيما في الطريق ال جديدة، عدم الانجرار إلى أي استفزاز مهما كانت دوافعه وتجنب أية ردّات فعل غير مسؤولية من شأنها ان توقع الضرر بالأهداف التي يعمل لها تيّار «المستقبل» والرئيس سعد الحريري.
ولاحقاً، أصدرت لائحة «كرامة بيروت» التي يرأسها القاضي خالد حمود، بيانا اعتبرت فيه بيان تيّار «المستقبل» بأنه جاء منصفاً وحكيماً، لكنها أكدت رفضها المطلق لكل أساليب العنف والتشبيح والبلطجية ودعت إلى إبقاء المعركة ضمن نطاقها الديمقراطي البحت، وشكرت الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية على تأمينها سلامة المرشحين القاضي والزهيري.
ولكن بيان اللائحة روى تفاصيل الحادث بشكل مختلف متهماً من اسماهم «شبيحة» منطقة الطريق الجديدة بمحاصرة المرشحين المذكورين داخل عيادة القاضي، ومن ثم خلع أبوابها وتكسيرها واقتحامها، في وقت أطلق آخرون النار على المنزل والعيادة ومن فيها لمدة 30 دقيقة.
البناء
اليوم تدخل بعثة التحقيق دوما… والدفاع الروسية: استجوبنا بعض المشاركين في فيلم الكيميائي
إيران قرّرت رداً مزلزلاً على استهداف «التيفور» باعتباره إعلان حرب إسرائيلية سيلقى العقاب
نصرالله: ما قبل الغارة الإسرائيلية ليس كما بعدها… وأي ضربة لسورية ستشعل حرباً شاملة
تراجعت حظوظ الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحليفيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي في تسجيل سبق خوض نصف حرب على سورية، مع الارتباك الناجم عن الاحتمالات الواضحة لتحوّل أيّ عمل عسكري لحرب شاملة مع إيران وروسيا وسورية وقوى المقاومة، وتقدّم النشاط الدبلوماسي على النشاط العسكري، ورغم الطابع الحادّ للكلمات والاتهامات المتبادلة بين طرفي المواجهة، سورية وحلفائها وواشنطن وحلفائها، يبدو أنّ نقل منصة الاشتباك إلى سلسلة ماراتونية من اجتماعات مجلس الأمن الدولي هو أفضل السبل لتفادي تركيز الأضواء المحرجة على تراجع دور المنصة العسكرية تحت شعار المزيد من التشاور، ودراسة الاحتمالات. وقد صار واضحاً أنّ الفرنسيين أبلغوا أكثر من جهة خشيتهم من استهداف مصنع الإسمنت الذي تملكه إحدى كبريات شركاتهم شمال سورية وسبق ودفعت تمويلاً لداعش لحمايته، بينما يخشى البريطانيون على ضباطهم الموجودين في جنوب سورية، والخشية الأميركية هي الأكبر من تحوّل القواعد التي تنتشر شمال شرق سورية وفي العراق والأردن أهدافاً سهلة. لكن يبدو أن التحوّل الأكبر الذي غيّر قواعد الاشتباك يتمثل في ما تبلغته كلّ الجهات الدولية عن قرار إيراني متّخذ على أعلى المستويات، بردّ مزلزل على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت أحد المقار القيادية للحرس الثوري الإيراني في سورية، في مطار التيفور، وأنّ روسيا نقلت للأميركيين والإسرائيليين أنها حاولت تهدئة الموقف الإيراني، لكنها لم تفلح، فإيران تعتبر أنها دخلت حالة حرب مع «إسرائيل»، التي بادرت لإصابة مهابة إيران كدولة عظمى في المنطقة، ويجب أن تدفع الثمن، ووفقاً للمعلومات المتوافرة فإنّ الجهود الدبلوماسية تنصبّ على البحث عن حدود الضربة الإيرانية التي تحقق لإيران قدراً من الرضى من دون أن تأخذ المنطقة للحرب، وليس على حدود الضربة الأميركية لسورية التي ترضي البيت الأبيض ولا تهدّد بمواجهة شاملة.
مصادر متابعة تؤكد أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تولّى شخصياً الاتصالات بالرئيسين الإيراني والأميركي ورئيس حكومة الاحتلال لهذا الغرض، وتجزم أنّ إيران أبلغت عزمها على ردّ يليق بمكانتها وبشهدائها الذين سقطوا في الغارة، ونيّتها تلقين «إسرائيل» درساً كي لا تكرّر العبث مرة أخرى، وأنّ أيّ عمل عسكري أميركي ضدّ سورية لن يحجب العزم الإيراني على الردّ بل سيمنحه فرصة أفضل. وتقول المصادر إنّ الأرجح بقاء حال التوتر السياسي والإعلامي، ريثما تتبلور صورة تفاوضية تطال الملفات الكبرى التي تحتشد استحقاقاتها في شهر أيار المقبل، سواء في ملف إيران النووي أو التفاوض الأميركي مع كوريا الشمالية، أو مستقبل ما ستحمله الانتخابات النيابية في لبنان والعراق من تثبيت لهوية إقليمية لبلدين حساسين، أحدهما يحتلّ المركز الأول في أمن «إسرائيل»، والثاني يحتلّ المركز الأول في الانتشار الأميركي والمصالح الأميركية. بين ما يدور على منصة مجلس الأمن والدور المرتقب للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش وبعثة تقصّي التحقيق التي تصل اليوم مدينة دوما في غوطة دمشق، للتأكد من وجود آثار لاستعمال سلاح كيميائي، خرجت وزارة الدفاع الروسية لتعلن أنها استجوبت بعض الذين شاركوا في إنتاج وتمثيل الفيلم الخاص بمزاعم استعمال سلاح كيميائي في دوما وأنها ستعرض الشهادات قريباً. وجاء الكلام الروسي رداً على كلمة للرئيس التركي رجب أردوغان قال فيها إنه أرسل نسخة من الفيلم المصوّر لما جرى في دوما بفعل السلاح الكيميائي إلى الرئيس الروسي لإقناعه بأنّ ما جرى كان حقيقة وليس فبركة.
على خطّ هذه التحوّلات كانت الكلمة المفصلية للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي قال فيها، إنّ الإسرائيليين ارتكبوا حماقة كبرى باستهداف إيران مباشرة في سورية، وإنّ ما قبل غارة التيفور غير ما بعدها. وعن التهديدات الأميركية بالحرب على سورية قال السيد نصر الله، نحن نحمل انتصاراتنا وهم يحملون هزائمهم، ولا تخيفنا تهديداتهم، وكلّ عمل عسكري سيعني حرباً شاملة مع محور المقاومة وحلفائه.
رسائل نصرالله إلى «إسرائيل»
أطلق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله سلسلة مواقف تضمّنت رسائل بالغة الدلالة والأهمية باتجاه «إسرائيل» والولايات المتحدة الأميركية، لكن من دون أن يخوض في التفصيل ما يزيد درجة الرعب الذي يعيشه كيان الاحتلال بعد الضربة الجوية التي شنّها على مطار «التيفور» في ريف حمص واستهدف قاعدة للحرس الثوري الإيراني.
الغموض في موقف السيد نصرالله شمل كيفية ردّ حزب الله على العدوان الأميركي الغربي المحتمل على سورية، كي لا يفتح نافذة للسجال المحلي ويمنح أخصام المقاومة في الداخل مادة انتخابية يستفيدون منها قبيل الانتخابات النيابية، لكنّه أشار إلى «جهوزية المقاومة في لبنان كجزء من المنطقة لأي مواجهة محتملة في لبنان أو في سورية».
ومن موقع المُطلع والشريك في اتخاذ القرار في محور المقاومة، لا من موقع التحدث باسم إيران، حمل السيد نصرالله رسالة ثلاثية الأبعاد وبالغة الخطورة من طهران إلى «إسرائيل»، مفادها أن الاستهداف الإسرائيلي المباشر لإيران في سورية عمل خطير وسيؤدي إلى مواجهة مباشرة بين إيران و«إسرائيل»، وبأن قيادة العدو فتحت باباً للحرب المباشرة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية واستدرجت قوات الحرس الثوري للمواجهة المباشرة معها، وأوحى السيد نصرالله بأن هناك رداً إيرانياً عنيفاً بحجم الاعتداء على مطار التيفور لإفهام الإسرائيلي بأن الاعتداء على إيران ليس نزهة، وبالتالي رسم معادلة ردع استراتيجية بالغة الأثر.
وقرأ السيد نصر الله كلاماً مكتوباً بخط اليد للدلالة على دقته وخطورته. وقال فيه: «كحزب الله أريد أن أقول للإسرائيليين ما يلي: عليكم أن تعرفوا أنه بهذا القصف الفاضح أنهم ارتكبوا خطأ تاريخياً. وأقدموا على حماقة كبرى وأنهم ادخلوا انفسهم في قتال مباشر مع إيران وهذه الجمهورية ليست دولة صغيرة ولا ضعيفة ولا جبانة وانتم تعرفون ذلك». وتابع «هذه الحادثة مفصلية في المنطقة وما قبلها غير ما بعدها، ولا يمكن العبور عنها بشكل عابر. فهي مفصل تاريخي، وعندما أقول للإسرائيليين إن تقديركم خاطئ وأقول لكم لا تخطئوا التقييم وأنتم في مواجهة مباشرة مع الجمورية الإسلامية الإيرانية».
ويرى خبراء استراتيجيون لـ «البناء» أن «خطاب السيد نصرالله سيكون محلّ دراسة معمّقة لدى القيادة الأمنية والعسكرية والسياسية في «إسرائيل» بما يتعلق بكلامه عن الرد الإيراني وفي مجلس الأمن القومي في أميركا، بما يخصّ الرسائل لأميركا، كما شكّل معادلة ردع جديدة ستدفع رعاة الحرب على سورية إلى إعادة حساباتهم إلى جانب الخوف على أمن إسرائيل واستهداف القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة وأمن النفط والطاقة».
كما يرى الخبراء أن «السيد نصرالله يقود هجوماً معاكساً باسم محور المقاومة على الهجمة السياسية والإعلامية والدبلوماسية والعسكرية للمحور الأميركي الغربي»، وأشاروا إلى أن «كلام السيد نصرالله يؤكد التنسيق مع أركان المحور لا سيما القيادة الإيرانية لتوجيه رسائل حازمة وقاسية من إحدى ساحات المحور الأساسية في لبنان، ومن قائد كالسيد نصرالله لما له من ثقة وتأثير على إسرائيل حكومة ومستوطنين». ولفتت مصادر عسكرية لـ «البناء» إلى أن «الرد الإيراني بات محسوماً وقراراً مأخوذاً وقدراً محتوماً وينتظر الزمان والمكان المناسبين».
وقد حاولت «إسرائيل» من خلال استهدافها لقاعدة عسكرية إيرانية في سورية تغيير قواعد الاشتباك واستعادة زمام المبادرة وكسر التوازن الاستراتيجي مع محور المقاومة بعد حادثة إسقاط الجيش السوري الطائرة الحربية الإسرائيلية، لكن محور المقاومة لن يسمح بكسر المعادلات وقواعد الاشتباك القائمة التي صنعها بالتضحيات والانتصارات ما يؤكد أن الردّ الإيراني آتٍ لا محال ومرتبط بالوضع الميداني وباللحظة السياسية الملائمة والإمكانات والهدف، وبالتالي فإن المواجهة الإيرانية الإسرائيلية المباشرة قد بدأت»، أما أين ستضرب إيران «إسرائيل» فهناك ساحات عدة، بحسب المصادر «تستطيع إيران إيلام إسرائيل، لكن الشرق الأوسط برمّته تحوّل ساحة مواجهة، لكن الساحة الأقرب ستكون سورية».
التهديدات «الترامبية» لا تخيفنا
وفنّد السيد نصر الله الادعاءات الأميركية حول استخدام الكيميائي، وقد تطرّق إلى تهديدات دونالد ترامب بضرب سورية، ووجّه رسالة إلى الولايات المتحدة بأن «أي عدوان على سورية لن يبقى محصوراً في الجغرافيا السورية بل سيجرّ إلى مواجهة شاملة مع محور المقاومة برمّته».
واعتبر نصر الله أنه «طالما هناك شخص اسمه ترامب في رئاسة الولايات المتحدة، فمن حق الدول والشعوب أن تكون قلقة»، موضحاً أن «هناك رئيساً لا نفهم منه شيئاً ولا كيف يفكر وانفعالي. وفي حال غضب يأخذ موقفه على تويتر دون أن يرجع إلى إدارته». وقال «ليسمع الأميركي وكل العالم أن هذه التهديدات الترامبية الهوليوودية لا تخيف لا إيران ولا سورية ولا محور المقاومة».
ولفت السيد نصر الله إلى أن «ترامب يهدّد ويفكر بالعدوان على محور خارج من انتصارات في مقابل أميركا الخارجة من هزائم متعدّدة من العراق إلى لبنان وسورية واليمن». وأضاف أنهم «يأتون بهزائم كثيرة. وفي المقابل نحن نذهب إلى أية حرب بانتصارات كثيرة، لذلك على الإدارة الأميركية أن تعرف أن الحرب على المنطقة لن تكون مع الجيوش بقدر ما ستكون مع شعوب المنطقة».
تفاهم مار مخايل راسخ وثابت
وفي ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية في 13 نيسان، جدّد السيد نصرالله تأكيده على التحالف السياسي مع التيار الوطني الحرّ ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وقال خلال المهرجان الانتخابي لدائرتي بيروت وبعبدا الذي أقيم في ساحة عاشوراء في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت: «لا نريد حرباً أهلية في لبنان، بل سلماً أهلياً وأصرينا في بعبدا أن نكون سوية كحزب الله وأمل والتيار الوطني الحر بمعزل عن المصالح الانتخابية لتثبيت المصالح السياسية»، لافتاً إلى أن «تفاهم مار مخايل راسخ رغم الاختلافات في ملفات عدة ورغم الاختلاف الانتخابي الذي لا يعني تطيير التفاهم»، موضحاً أن «الإضاءة على الحرب الأهلية ليس من أجل نبش القبور ولا إثارة الحساسيات ولا نريد ان نحاكم أحداً، لكن للتنبيه بأن الحرب الأهلية أياً تكن خلفياتها ونتائجها كانت مدمرة ومحزنة. وهذا وحده كافٍ ليدفع اللبنانيين دائماً عندما تأتي هذه الذكرى ليتمسّكوا أكثر بالسلم الأهلي والعيش الواحد والمشترك ومعالجة خلافاتهم السياسية وحساسياتهم الحزبية بعيداً عن منطق الشارع أو القتال والصدام والمواجهة».
بيروت للجميع
وأكد السيد نصر الله أن «لائحة وحدة بيروت لا تسعى لمصادرة قرار بيروت، كما يدّعي المستقبل، بل الهدف هو أن هناك شرائح من حقها أن يكون لها من يمثلها»، موضحاً أن «بيروت هي عاصمة لبنان ويعني أنها تمثل كل اللبنانيين والتكوين اللبناني. وهذه الميزة لا يجوز لأي تيار او حزب أو زعامة أن تختصر بيروت بلونها الخاص». أكد أن «تيار المستقبل تجاوز مرحلة ماذا قدّم لبيروت ليذهب إلى عناوين الهوية العربية والعروبة في مواجهة المشروع الفارسي لشدّ العصب».
وشدّد السيد نصر الله على أن بيروت كانت تحمل هموم الأمة العربية، وهي التي أخرجت «إسرائيل» تحت النار لا بشروط ولا بمكاسب ولا باعتراف، معتبراً أنه لا يجوز لأحد أن يذهب إلى خطاب طائفي أو مذهبي أو تحريضي، بل يجب أن يكون في خدمة بيروت وتحقيق حاجات أهلها.
تحليق إسرائيلي جوي شمالاً
إلى ذلك كررت طائرة استطلاع إسرائيلية أمس، اختراق الأجواء الشمالية فوق أعالي جرد محافظة عكار، لتحلق على علو مرتفع فوق المنطقة نفسها التي كانت حلقت فيها لثلاثة أيام متتالية أواخر الاسبوع الماضي، وأتى على أثرها استهداف طائرات العدو الإسرائيلي لمطار التيفور في سورية من فوق الأراضي اللبنانية. وأفاد شهود عيان من أبناء المناطق الجبلية في عكار، أن طائرة الاستطلاع تجري مسحاً جوياً متواصلاً فوق هذه المناطق العكارية، وتلك المجاورة لها في جرود الهرمل.
الى ذلك، أعلنت شركة طيران الشرق الأوسط أنها قرّرت، بالتنسيق مع وزارة الأشغال العامة والنقل، الاستمرار في تعديل بعض مساراتها الجوية حتى مساء الإثنين.
عون إلى السعودية
يغادر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في القمة العربية التي تُعقد في الظهران، على رأس وفد يضم كلاً من رئيس الحكومة سعد الحريري ووزراء الخارجية والداخلية والاقتصاد جبران باسيل، نهاد المشنوق ورائد خوري، إضافة إلى مندوب لبنان في الجامعة العربية انطوان عزام. يلقي الرئيس عون كلمة لبنان في القمة ويتناول فيها المستجدّات في المنطقة، إلى قضية النازحين السوريين وما يتحمّله لبنان من عبء اقتصادي ومالي واجتماعي. كما ستكون القضية الفلسطينية في شقيها العسكري والاجتماعي في أولوية كلمة الرئيس. وسيبلّغ المؤتمرين موافقة لبنان على عقد القمة المقبلة في بيروت.
الجمهورية
المنطقة في دائرة الغليان… ولبنان يتقلّب بين ارتكابات السلطة وتمادي أمن الدولة
باق من الزمن 22 يوماً على موعد الانتخابات النيابية في السادس من أيار المقبل. وعلى طريق هذا الاستحقاق، تنصرف القوى السياسية الى حشد عدتها وعديدها، وكل يوم يتكشّف أكثر فأكثر السقوط المدوي لقانون انتخابي أريد له ان يشكّل فرصة إصلاحية وتصحيحية للتمثيل، وكذلك سقوط قوى السلطة في ادارة الدولة، ونجاحها لا بل تفوّقها في التأسيس لدولة مزرعة مشوّهة، فاقدة لكل معانيها. كل هذا التأسيس، يجري فيما المنطقة، ولبنان جزء منها، ترقص على حافة هاوية وتوشك على السقوط فيها، وها هي الصواريخ الاميركية التي تنتظر ساعة الصفر لإطلاقها على الميدان السوري، وسط سيناريوهات خطيرة وتهديدات من الجانب الاميركي والغربي، ومن الجانب الروسي وحلفائه، تنذر بتحويل هذه المنطقة برمّتها ملعباً لاختبارات مصيرية وكارثية.
تكاد السلطة تتباهى بإعدامها قانون الانتخاب، من دون ان يرفّ لها جفن، وامام القاصي والداني أكدت بجشعها وفجعها كم هي مستميتة لإلقاء القبض على القانون والسطو على الانتخابات والانصياع لمحرّماته ومصادرة إرادة الناخبين بالترغيب والترهيب ودجل الوعود.
ولم يعد خافياً انّ السلطة تراكم يوماً بعد يوم، وبلا خجل او رادع، ارتكاباتها أكثر فأكثر حتى صارت اعلى من جبال نفايات اهلها، وبات سيل شعاراتهم الفارغة وطوفان وعودهم الكاذبة أعجز من ان يحجب هذه النفايات التي يفرزها أداؤهم، وروائحها الكريهة التي لوّثت أجواء البلد بالمزاد المفضوحة للرشاوى وشراء الاصوات، والتي يقدم من خلالها المتسلّطون على الدولة والناس شهادة لا لبس فيها على عزمهم وسعيهم الدؤوب للتأسيس لمستقبل مشوّه للبنان، مستقبل على مقاسهم، يتأتّى عنه واقع سياسي مريض وعاجز ومهترىء، ونيابي هَشّ او أخف من وزن الريشة السياسية والتمثيلية، وحكومي مصادر من فئات نافذة ومتحكمة يأكلها فجعها على السلطة وامتيازاتها وعلى الصفقات وبَلع اموال الخزينة وإفقار الناس.
الشكوى… لمن؟
في هذا الجو، صارت الناس معتادة على الشكوى، والمشكلة الكبرى انها لا تجد من تشكو له، خصوصاً انّ ما يفترض ان تشكو له هو من تشكو منه، ولا من يحاسبه على ارتكابات يحاول ان يجعلها القاعدة. وامّا النزاهة والحيادية والشفافية التي يفترض ان يتحلى بها، فيجعلها الاستثناء. وهذا ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول استحقاق انتخابي يديره من فقد الناس الثقة به ويسخّر بعض أجهزته الادارية والامنية في خدمة هذا المرشّح وذاك لقاء إكراميّات وحفنة من الدولارات.
باتَ من الضروري ان تعرف الناس كل الحقائق، تعرف انها تتعرض للالغاء والتهميش على يد فئة من السياسيين تستميت لاختزال التمثيل بمحاسيبها وأزلامها، وشطب كل من وما يمتّ الى تاريخ نظيف في لبنان، صار على الناس ان تعرف من يحاول ان يجعل لكل مواطن سعره الرخيص وشراء صوته، لا بل شراء مستقبله ببضع دولارات، وبتعليقه على حبل طويل من الشعارات التي فقدت صلاحيتها وصارت مقيتة ومُخجلة، ومن الوعود الكاذبة بالتوظيف او التوزير وبإغداق المكرمات عليه بعد الانتخابات.
أزلام وأتباع
صار من حق الناس ان تعرف انّ السكوت على ارتكابات هؤلاء لم يعد ممكناً ولا جائزاً. صار من الضروري ان يعرفوا ما يقوم به بعض الاتباع، الذين يقدّمون يوميّاً شواهد فاضحة على استزلامهم واسترضائهم لبعض المرجعيات والمستويات السياسية، والمثال هنا ما يقوم به جهاز أمن الدولة، من ضغوط وتهويل وتهديد للناس، وبتوجيه مباشر من قيادته، التي قدّمت شهادة صريحة بأنها لا تحترف سوى نقل البارودة من كتف الى كتف.
هذه القيادة، أكدت بأدائها انها ليست مؤهلة لتكون على رأس جهاز امن الدولة الذي ينفذ مهامه انطلاقاً من روح الدستور اللبناني، ويكرّس لذلك هدفاً وحيداً هو حماية لبنان، أرضاً وشعباً ومؤسسات، ويلتزم ضمن هذا الاطار مبدأ المساواة بين جميع المواطنين، ويؤمن أنّ الجميع هم سواء أمام القانون، فيصون حريتهم الشخصية، وبالتالي لا يأتي أداؤه إلّا وفقاً لأحكام القانون وليس وفقاً لمشيئة هذا الفريق او ذاك.
ولكن هذه القيادة، يبدو انها تحاول ان تخلع عن هذا الجهاز ثوبه، وتلبسه ثوباً آخر يستجدي استرضاء هذا وذاك من السياسيين، ثوب تديره عقلية ميليشياوية تحوّل مراكز امن الدولة مكاتب انتخابية، وتسخّر العناصر في مواجهة الناس وعاملاً ضاغطاً عليهم ومتدخّلاً في أبسط شؤونهم، ومهدداً لهم بالويل والثبور وعظائم الأمور.
لقد حاولت «الجمهورية» ان تسلّط النظر على الشكوى المتعالية لدى الناس، وعلى مكامن الخلل والثغرات الفاضحة التي برزت في الطريق الانتخابي، والدور المريب الذي يمارسه جهاز امن الدولة بقيادته الحالية. الّا انّ المثير انّ قيادة هذا الجهاز، وبدل ان تتّعِظ وتقرّ بما صنعت وتسبّبت من خلل وثغرات، وتستدرك خطأها او خطاياها التي ارتكبتها، هربت الى الامام، ونسيت هويتها الامنية، او بالأحرى نسيت موقعها كموظف محكوم بأصول وقوانين، ونصّبت نفسها طرفاً سياسياً، ناطقاً باسم طرف سياسي بكلام واتهامات لسياسيين، تَحطّ من قيمة جهاز أمن الدولة وقدره ومعنوياته، قبل ان تُسيء للآخرين.
جهاز مسيّر بـ«الريموت»!
من العيب ان يوضع جهاز امن الدولة في خدمة طرف سياسي، ايّاً كان هذا الطرف ومهما علا شأنه، هناك اصول وقوانين ينبغي الانصياع لها، ومن العيب اكثر ان يكون هذا الجهاز بقيادته الحالية «فاتح على حسابو»، والعيب الاكبر إن كان هناك في الدولة من يغطّيه، ويؤمن له الحماية السياسية، ويمدّ له الحبل على غاربه. وإن صحّ ذلك، فهنا المصيبة اكبر.
وبصرف النظر عن مشغّليه السياسيين، فإنّ هذا السلوك غير المسبوق، الذي قدمته قيادة جهاز امن الدولة، يعطي مثالاً عن الفلتان الوظيفي، وعن الفساد في الدولة، ويؤشّر الى حجم الاستهتار بهذا الجهاز الامني ومحاولة جعله فرعاً تابعاً لطرف سياسي مسيّراً بـ «الريموت كونترول»، ومنفّذاً رغباته وأوامره وأداة طيّعة وغب الطلب في يده لتنفيذ سياساته. كما انّ هذا السلوك يوجِب دق جرس الانذار لحماية هذا الجهاز من قيادته، التي قدّمت وما زالت تقدّم أداء مريباً يستوجب المساءلة والمحاسبة لدى الجهات المختصة في الدولة.
ريفي
وتعليقاً على تجاوزات «جهاز أمن الدولة» وتدخله في الانتخابات، يقول وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي لـ»الجمهورية»: «نبهنا السلطة مراراً من استعمال الوسائل غير المشروعة في الانتخابات، ونرى اليوم انها مستمرة في صرف النفوذ بكل الاشكال من توظيفات وتسخير للوزارات والادارات لشراء الذمم، والأخطر استعمال بعض الاجهزة للضغط على المواطنين. لقد سبق وتوجهت الى بعض الاجهزة بكل صراحة وناشدتهم ان لا يكونوا اداة للسلطة، فواجبهم هو حماية الامن وتأمين سلامة الانتخابات، وليس ترهيب المواطنين للتأثير في العملية الانتخابية».
ويضيف: «يتعرض مناصرونا كما يتعرض مناصرو قوى سياسية معارضة لحملة من الضغوط، ويطلب اليهم ان يغيروا إقتناعاتهم تحت طائلة التضييق عليهم، كذلك تكلف السلطة بعض الاجهزة الضغط على رؤساء واعضاء المجالس البلدية، وهذا سيؤدي الى ردة فعل عكسية، لأن السلطة تستغل النفوذ بشكل واضح، واركانها تقاسموا الحكومة والوزراء المرشحون للانتخابات يتصرفون وكأن الوزارات غرف عمليات انتخابية، كذلك الرؤساء حولوا المقرات الرسمية الى مقرات لإدارة حملاتهم الانتخابية وكل ذلك نضعه بتصرف هيئة مراقبة الانتخابات والهيئات الدولية المعنية بمراقبة نزاهة الانتخابات.
وقال: نسجل امام اللبنانيين والرأي العام العربي والدولي ان هذه الحكومة تفتقد للحيادية وان هذا العهد يغطي التدخل في سلامة ونزاهة العملية الانتخابية.
الى القمة
على صعيد داخلي آخر، يتوجّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري والوفد المرافق على متن طائرة واحدة الى السعودية، للمشاركة في القمة العربية الدورية السنوية التاسعة والعشرين التي تبدأ أعمالها غداً في الدمام.
وستكون لرئيس الجمهورية كلمة في القمة، على ان يعود في ختام أعمالها مساء اليوم نفسه الى بيروت، ومنها يسافر قبل ظهر الاثنين الى قطر للمشاركة في افتتاح المكتبة الوطنية تلبية لدعوة من امير قطر تميم بن خليفة آل ثاني.
من جهته، سيبقى الحريري في المملكة للمشاركة في المناورات العسكرية التي تشهدها، بمشاركة عدد من الدول الحليفة الى جانب الملك سلمان بن عبد العزيز.
المنطقة… غليان
غليان المنطقة لم يهدأ بعد، بل ينحى في اتجاه اكثر سخونة، وهو ما تؤشّر اليه الوقائع المرتبطة بالتهديدات الاميركية بتوجيه ضربة عسكرية الى سوريا ونظام بشار الاسد، واللهجة المتصاعدة من الجانبين الاميركي والروسي. اضافة الى التحركات العسكرية التي باتت ملحوظة في البحر والقواعد العسكرية، وكذلك الجو الاحترازي الذي بات مشهوداً في سوريا من خلال إخلاء جيش النظام لقواعد ومراكز حساسة، وكذلك الاخلاءات التي قام بها حلفاء النظام لمراكزهم وقواعدهم ومن بينها قواعد ومراكز «حزب الله»، الذي لوحظ انه اعتمد في الفترة الاخيرة سحباً تدريجياً لعناصره من المناطق والمواقع المهددة بالاستهداف.
واللافت للانتباه لبنانياً، حركة اتصالات مكثفة تجري على مستوى رفيع في الدولة في اتجاهات دولية مختلفة لجلاء الصورة الحقيقية لِما يجري. وبرز في هذا السياق «تقرير» وصِف بغير الرسمي، ورد الى بعض المراجع في الدولة، وفيه قراءة تقديرية للموقف في ظل التطور الاميركي حيال سوريا.
وكشفَ مرجع سياسي مضمون خلاصته لـ»الجمهورية»، والتي ورد فيها «انه ببضع تغريدات، دفع الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالصراع مع روسيا، وليس سوريا، إلى نقطة الذروة ووضع العالم على تخوم حرب يصعب التوقّع بنتائجها الكارثية، وبات العالم بأسره مترقّباً للحظة التي تصدر فيها أوامر إطلاق «الصواريخ الذكية».
ويشير التقرير الى أنّ الاتصالات الديبلوماسية تتسارع على أكثر من خط، لاحتواء الموقف الخطير، في ظل هامش قليل من الوقت المتبقّي أمام ضربة عسكرية مدمّرة. وعليه، فإنّ المشهد العام يتحرك حالياً على وقع أربعة سيناريوهات:
السيناريو الأول، ان تتمكن الاتصالات الديبلوماسية من التوصّل الى تفاهمات، إنطلاقاً من تجارب سابقة.
السيناريو الثاني، مرتبط بالعمل العسكري الأميركي، وهو الأكثر ترجيحاً، ويقوم على إطلاق صواريخ «توماهوك»، في وقت واحد، أو على دفعات، على أهداف «أقل من كبيرة»، بمعنى أنها تتجاوز في بنك أهدافها الهجوم الأميركي في العام الفائت على مطار الشعيرات، ثم يعلن ترامب عن إنجازه المتمثّل في «معاقبة الطاغية بشار الاسد»، ويسير كل شيء بعد ذلك على النحو المعتاد.
السيناريو الثالث، وهو متوسط الترجيح، وأعلى خطراً، ويقوم على أن تستهدف الضربة الاميركية نقاطاً أكثر حساسية وأهمية، بما في ذلك المستشارين العسكريين الروس أو حتى وحدات من القوات المسلحة الروسية، وهو ما يتطلّب رداً كافياً من روسيا من أجل تَجنّب الخسارة المعنوية.
السنياريو الرابع، وهو الأقل ترجيحاً، والأشد خطورة، ويقوم على ضرب المرافق الرئيسية المشتركة بين روسيا وسوريا، بما في ذلك قاعدتي حميميم وطرطوس، ما يعني الحرب الفورية، التي لن يكون هناك مفر منها. ويحدد التقرير في هذا السياق، مجموعة عوامل ترجّح كفّة السيناريو الثاني.
ويلحظ التقرير حرص المؤسسة العسكرية الأميركية على تجنّب الاحتكاك المباشر مع القوات الروسية المتواجدة في سوريا، فيما لو تقررت الضربة. الّا انه يشير في خاتمته الى «انّ المخاطر تبقى قائمة.