انتهت القمة العربية في الظهران السعودية قبل أن تبدأ. عدوان الولايات المتحدة، بريطانيا وفرنسا على الجمهورية العربية السورية، فرز "جمهرة" الملوك والأمراء والشيوخ والرؤساء العرب، حتى قبل أن يحسوا بدفء المقاعد الوثيرة التي بسطها تحتهم "الأمير محمد بن سلمان".
يجتمع "القادة العرب" صباح اليوم الأحد 15 نيسان / أبريل 2018 من دون جدول أعمال عربي مشترك. فقد أحرقت نيران "العدوان الثلاثي 2018" الذي وقع فجر يوم السبت 14 نيسان / أبريل 2018، جدول الأعمال الذي أعده لهم وزراء الخارجية الخميس الماضي.
كان "الوزراء" قد اقترحوا على "القادة" أن تركز القمة على ملف القضية الفلسطينية، ولا سيما إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب مدينة القدس عاصمة لـ"إسرائيل". وكان اقتراحاً جيداً. لأن الشعب العربي " من المحيط إلى الخليج" ـ لا يزال ـ يدرك أهمية أن تبقى فلسطين المحور الأول في السياسة العربية الرسمية.
هذه النتيجة الوحيدة المفيدة، التي كانت متوقعة، من "قمة الظهران"، أطاحتها دول "التعاون الخليجي" مسبقاً، بتأييدها "العدوان الثلاثي". إعلان السعودية وقطر والإمارات والبحرين بأنها جزء من العدوان الغربي على سوريا، دفن هذه النتيجة بين أنقاض العدوان وركامه.
تستضيف السعودية القمة العربية في الظهران، وقد حطمت كل "قوارب العودة" إلى النظام العربي السابق، المعروف باسم "جامعة الدول العربية". ليس تأييد "الرباعي الخليجي" للعدوان موقفاً عابراً، بل إشهار باعتماد خيار إقليمي ـ دولي آخر، غير "الجامعة".
السعودية وبقية "الرباعي الخليجي" ماضون في تنفيذ مشروع نتنياهو ـ بن سلمان ـ كوشنر لإقامة "النظام الإقليمي الشرق أوسطي ـ نسخة ترامب". وهذا المشروع هو ما بات يعرف باسم مشروع "صفقة القرن". وهذا المشروع هو خيار ورهان "بن سلمان" و"أعدقائه" في أبوظبي وقطر، لتجديد التبعية "الخليجية" للقوى الإمبريالية، وفرضها على "بقايا" نظام "جامعة الدول العربية".
هذا هو هدف "قمة الظهران". تشريع أو تبرير أو تغطية "المبايعة الخليجية"، ولا سيما نظام بن سلمان، لـ"نظام الشرق أوسطية ـ الترامبية". وهي "مبايعة" تامة، تفدي المصالح الأميركية والصهيونية بالمال العربي وبالدم العربي وبالوجود العربي، من أجل حماية عروش وإملاء كروش حكام شبه الجزيرة العربية.
هدف "قمة الظهران" ليس "حماية قضية فلسطين"، ولا "عروبة القدس"، طبعا. ولا "الحل السياسي" في سوريا. ولا "تعزيز وحدة العراق". هدف القمة التي سيمسك بناصيتها، اليوم، "بن سلمان"، ليس "حماية الأمن في لبنان"، ولا "إقامة حوار يمني ـ يمني"، ولا بكل تأكيد "تحرير السعوديين من ظلام الوهابية".
هدف "قمة الظهران" هو حشد "العرب" في مشروع "الشرق أوسطية الترامبية". فمن رضي منهم سَلِمَ إلى حين، ومن أبى، كما فعل الرئيس بشار الأسد، يفلت عليه "الرباعي الخليجي" جيوش الإرهاب التكفيري، أو جيوش الإرهاب الأميركي ـ الصهيوني.
هذا هو معنى إعلان "التأييد الخليجي" لقوى "العدوان الثلاثي 2018" ضد الشعب العربي وضد مؤسساته الوطنية في الجمهورية العربية السورية، وذلك قبيل ساعات من "قمة الظهران". وهكذا هو "المستقبل العربي" الذي صممه "العربي المسلم بن سلمان" مع "اليهودي الصهيوني جاريد كوشنر".
إعلان "التأييد الخليجي" لقوى "العدوان الثلاثي 2018" إنذار. أجل، إنه إنذار.
بيانات الرياض وأبوظبي والدوحة والمنامة بمؤازرة "العدوان الثلاثي" الإمبريالي ـ الصهيوني على سوريا من دون انتظار وصول "القادة العرب" إلى قاعة "قمة الظهران"، هي إنذار لـ"بقايا" النظام العربي السابق، المعروف باسم "جامعة الدول العربية".
"الرباعي الخليجي" يعرض على هذه "البقايا" الإستسلام لـ"النظام الشرق أوسطي الترامبي" أو القتال ضده.
"معي أو ضدي"…
أزمة "العروش والكروش" تدفع "بن سلمان" إلى سياسة الفرز الواضح والصريح بين العرب.
استباق "الرباعي الخليجي" بيان "قمة الظهران" المنتظر، ببيانات تأييد عدوان حكومات ترامب ـ ماي ـ ماكرون الإمبريالية على حكومة الرئيس بشار الأسد الشرعية، هو الفرز بعينه.
لكن "رُبَّ ضارة نافعة"!؟.
نعم. لأن سياسة "معي أو ضدي" السعودية، قد تحمل أو تجبر البعض على التقارب مع محور المقاومة والإستقلال، بل وحتى الإنضمام إليه، واعتماد خياراته الإقليمية ـ الدولية.
هيئة تحرير موقع الحقول
الأحد، 30 رجب، 1439، الموافق 15 نيسان/ أبريل، 2018
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعتذر هيئة تحرير الحقول إلى القراء عن تأجيل نشر "الجزء الثاني" من الإفتتاحية السابقة : كيف نعيد تنظيم "الإخوان" إلى محور المقاومة؟