من المتوقع أن تطرح بعض القوى السياسية أسئلة قانونية بشأن تصويت المغتربين في الدول العربية يوم أمس. منع ناخبون من الإقتراع، وجرى إرهابهم بالطرد، بسبب تصنيف بعض هذه الدول لمرشحين بأنهم إرهابيون، على ما ذكرت "الأخبار" و"البناء". وحول نسبة تصويت المغتربين المنخفضة، بالمقارنة مع عدد الناخبين المسجلين، قالت "الجمهورية" إنها "انتخابات لم تردّ رسمالها، بل لم تردّ بعضاً من الكلفة التي صرفت على السفرات الخارجية والمؤتمرات" لإنجازها …
الأخبار
تحطيم الأوهام: نصف بيروت لخصوم الحريري
عيد العمال: في الشارع كما في الصناديق
يخوض الرئيس سعد الحريري الانتخابات مطمئناً إلى قوته. في حسابات ماكينته، أسوأ نتيجة سيحققها تياره هي الحصول على 21 نائباً. مقارنة بالعدد الحالي لأعضاء كتلة المستقبل (33 نائباً)، يكون الحريري أول الخاسرين من النسبية. إلا أن رئيس الحكومة لا ينظر إلى الأمر من هذه الناحية. فهو سيحتفظ، في حال تجاوزه عتبة العشرين نائباً، بلقب رئيس أكبر كتلة نيابية. كما أنه سيبقى «السني الأقوى»، والمرشح الأول لرئاسة الحكومة، وسيكسر «شائعة» أنه «الأول بين متساوين في الطائفة السنية»، ليقول: أنا الأول، والفارق شاسع بيني وبين الآخرين (مقال حسن عليق).
لكن، تحت هذا العنوان الكبير، ثمة معارك «صغيرة» يخوضها الحريري، خسارتها تلحق به ضرراً معنوياً كبيراً: معركة «الدائرة السنية الأكبر في لبنان»، أي دائرة الشمال الثانية (طرابلس ـــ المنية الضنية)، حيث يواجه خصمين: نجيب ميقاتي بهدف محاصرته، وأشرف ريفي لكسره؛ معركة الحصول على مقعدين في صيدا ــ جزين؛ معركة الحصول على مقاعد غير سنيّة، ومسيحية بالدرجة الأولى؛ والأهم مما سبق، معركة الزعامة في بيروت، وتحديداً، في دائرة «بيروت الثانية».
أهمية النسبية أنها ستلغي نتائج الانتخابات النيابية التي أجريت في الأعوام 2000، و2005، و2009. لم تعد بيروت «زي ما هيي». غازي كنعان ليس هنا ليهندس للحريري قانوناً يناسبه، وتحالفات تسمح له بحسم المعارك. يقف رئيس التيار الأزرق اليوم ليواجه الحقيقة كما هي: نصف بيروت لا تؤيده.
في حسبة بسيطة، يمكن أن تصل نسبة التصويت في «بيروت 2» إلى أكثر من 46 في المئة: نحو 50 في المئة عند الناخبين السنة (106 آلاف مقترع)؛ نحو 50 في المئة عند الناخبين الشيعة (38 ألفاً)؛ ونحو 30 في المئة لدى المسيحيين (15 ألفاً)؛ ونحو 50 في المئة عند الدروز (2500)؛ ليبلغ عدد المقترعين نحو 162 ألفاً (الحاصل الانتخابي، أي الحد الأدنى اللازم للحصول على مقعد، يمكن أن يصل إلى نحو 14700 صوت). وبحسابات غالبية الماكينات، لن يكون بمقدور الحريري الحصول على أكثر من 65 في المئة من أصوات المقترعين السنّة، أي أقل من 70 ألف صوت. فباستثناء لائحتي 8 آذار وحركة الشعب وحلفائها، سيغرف الآخرون من صحن «المستقبل».
وإذا أضيف إلى سلة التيار الأزرق نحو ألفي صوت شيعي، و5 آلاف صوت مسيحي، ونحو 2000 صوت درزي، فستصبح النتيجة نحو 80 ألف صوت كحد أقصى، في مقابل نحو 80 ألفاً لخصوم الحريري: قوى 8 آذار، فؤاد مخزومي، «المجتمع المدني»، صلاح سلام ـــ الجماعة الإسلامية، أشرف ريفي، حركة الشعب والمرابطون وحلفائهما، وبقية اللوائح.
80 ألف صوت ستمنح «المستقبل» 6 مقاعد.
أما لائحة 8 آذار، فيمكن أن تحصل على نحو 35 ألف صوت شيعي، و10 آلاف صوت سني، و5 آلاف صوت مسيحي، أي ما مجموعه نحو 50 ألف صوت.
بدوره، يمكن أن يحصل مخزومي على 15 ألف صوت (على رغم أن بعض التقديرات ترجّح عدم فوز لائحته). وإذا لم تؤمن بقية اللوائح أيَّ حاصل، فهذا يعني تقاسم المقاعد وفق الآتي: 6 مقاعد للائحة المستقبل، 4 مقاعد لقوى 8 آذار، ومقعد للمخزومي.
ما ينقذ الحريري من هذا السيناريو، هو حصر التمثيل بلائحته وبلائحة 8 آذار (ألا تفوز أي لائحة أخرى بأي مقعد). وهنا، سيحصل (في حال تحقيقه الأرقام المذكورة أعلاه) على 7 مقاعد، ليبقى لخصومه 4 فقط.
لكن، ثمة سيناريوات أخرى، يمكن وصفها بسيناريوات الرعب للحريري. «عمودها» ألا تصل نسبة التصويت السني إلى 50 في المئة، وعدم تمكّن اللائحة الزرقاء من الحصول على 65 في المئة منهم، وأن تتجاوز 4 لوائح الحاصل: «المستقبل»، 8 آذار، مخزومي، و«المجتمع المدني» أو «سلام ـــ الجماعة»، مع الأخذ في الاعتبار أن اللوائح الثلاث الأخيرة ستقاسم المستقبل أصواته، وستخفض بالتالي نسبة تصويت الناخبين السنة له. في هذه الحالة، قد يتراجع عدد الفائزين من لائحة الحريري إلى 5!
ماذا يعني ذلك؟ ثمة واقع لا يمكن تجاوزه. حتى لو فاجأت النتائج رئيس الحكومة نفسه، والعاملين في ماكينته الانتخابية، وكل شركات الاستطلاع، وقضى الأسبوع المقبل منفقاً المال، وشاداً عصب جمهوره، وساعده الحظ بعد إسقاط كافة الأصوات التي صبّت للوائح التي لم تبلغ الحاصل، وتمكّن من حجز 7 مقاعد، فسيبقى الواقع البيروتي يؤرقه: نصف ناخبي العاصمة ليسوا معه. وهنا الهدف الأول للنسبية: تحطيم الأوهام التي بناها النظام الأكثري.
عيد العمال: في الشارع كما في الصناديق
بمناسبة عيد العمّال في الأول من أيار، دعا الحزب الشيوعي اللبناني للمشاركة في تظاهرة يوم الثلاثاء المقبل، انطلاقاً من وطى المصيطبة ـــ ساحة الشهيد جورج حاوي، الساعة 11 صباحاً.
وتوجّه الحزب الشيوعي في بيان إلى عمال لبنان وكادحيه، لـ«نكون صوتاً واحداً في الشارع كما في صناديق الاقتراع في السادس من أيار، من أجل إقامة الدولة الوطنية الديموقراطية، دولة الرعاية والعدالة الاجتماعية على أنقاض الدولة الطائفية المذهبية، تأمين حقوق العمال والمستخدمين والأجراء وأصحاب الدخل المحدود. بناء اقتصاد وطني منتج يوقف هجرة الشباب ويضمن حقوق المرأة، بديلاً من مسلسلات مؤتمرات باريس، التي أفقرت اللبنانيين وشرّعت الخصخصة والفساد وزادت حجم الدين العام. تحقيق الخدمة العامة والحقوق الاجتماعية في الكهرباء والمياه ورفع الحد الأدنى والسلم المتحرك للأجور والضمان الصحي وحق السكن والتعليم الرسمي عالي الجودة».
هل تهدي «8 آذار» مقعداً لـ«المستقبل»؟
تشكو لائحة 8 آذار في دائرة بيروت الثانية من عطب بنيويّ. فهي غير مكتملة: لا يوجد فيها مرشح درزي ولا أرثوذكسي، كما أنها تركت 3 مقاعد سنية شاغرة. هذه المقاعد الشاغرة تعرّض اللائحة لخطر خسارة مقعد فازت بحاصله. ففي حال حصدت هذه اللائحة أربعة حواصل، ولم تقدر مكوناتها على توزيع الأصوات التفضيلية بطريقة تضمن لها الترتيب الآتي: مقعدان شيعيان ثم مقعد سني ثم المقعد الإنجيلي؛ وإذا حجزت اللوائح المنافسة («المستقبل» على وجه الخصوص) خمسة مقاعد سنية والمقعد الإنجيلي عبر حصول مرشحيها على أصوات تفضيلية أكثر من مرشحي قوى 8 آذار، فيمكن أن تأتي النتائج على غير ما تشتهيه هذه القوى. في هذه الحالة، سيكون من نصيبها المقعد الدرزي أو الأرثوذكسي، وهما مقعدان شاغران، فيؤولان حكماً إلى اللوائح أخرى (المرجّح أن يكون «المستقبل»)! وفق هذا السيناريو (وإن كان صعب التحقق، لكن غير مستحيل)، ستحصل لائحة 8 آذار على 3 مقاعد فقط، على رغم نيلها 4 حواصل.
اللواء
إقتراع المغتربين: رهانات على تعديل الموازين في 6 أيار
مخاوف من التلاعب قبل نقل الصناديق إلى بيروت.. وأزمة بين «أمل» و«التيّار» في بعبداا مراء في ان توجه بضعة آلاف من اللبنانيين المغتربين في ست دول عربية (7530 ناخباً) من أصل 12611 لبنانياً سجلوا اسماءهم في السفارات اللبنانية في تلك الدول، لا سيما في المملكة العربية السعودية، ومصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، وقطر والكويت وسلطنة عُمان، يُشكّل خطوة يمكن اعتبارها تاريخية، ووصفها الرئيس ميشال عون من مبنى الخارجية، بأنه إنجاز ان يتمكن لبنان من تنظيم الانتخابات في 40 دولة حول العالم.
وغداً، الأحد، أي قبل أسبوع واحد من الانتخابات في لبنان تجري عمليات الاقتراع لـ82900 لبناني سجلوا اسماءهم في 39 دولة، من بين مليون يحملون الجنسية اللبنانية، ويحق لثلثهم الانتخاب (حسب وكالة فرانس برس).
وحظيت الخطوات اللوجستية والإدارية والتنظيمية باهتمام دبلوماسي وسياسي، وواكبتها وزارتا الخارجية والداخلية.
نظراً لما هو متوقع من هذه الخطوة، بعد إتمام عمليات الاقتراع، وجمع الصناديق في السفارات اللبنانية في الدول حيث كان الانتخاب، بعد ختمها بالشمع الأحمر، ضمن مظاريف مقفلة، على ان ترسل إلى وزارة الداخلية لإتمام عمليات الفرز.. مع الإشارة إلى أن نسب الاقتراع تراوحت بين 60 و45٪ (وتحفظ قبل ذلك في البنك المركزي).
اجرائياً أيضاً، يتوجه الأحد 6 أيّار 3.7 مليون شخص للانتخاب في 232 قلم اقتراع في بيروت ومختلف المحافظات اللبنانية.
بالتقييم اللبناني، كانت عملية الاقتراع ناجحة وذهب الإعلام العوني إلى وصفها بالتاريخية، ان المنتشرين اللبنانيين اقترعوا للمرة الأولى، وإن مشاركتهم في الحياة السياسية لم تعد حبراً على ورق.
ولم يشأ اعلام «المستقبل» ان يذهب بعيداً واكتفى بالاشارة إلى ان اقتراع المغتربين، الذي يجري لأول مرّة في تاريخ لبنان، واكبته الخارجية منذ الصباح.
اعلام حزب الله، لاحظ تفاوت التقييم، بين من رأى فيها فخاً لوصل الاغتراب بالحياة الوطنية، أو وصفها «بالفلكلورية» تخضع لاستنسابية اختيار المراكز والتوزيع في ظل عدم قدرة المغترب على امتلاك حرية صوته».
وكتبت «فرانس برس» لطالما شكلت مشاركة اللبنانيين في الخارج مطلباً رئيسياً للزعماء المسيحيين الذين يحرصون على إبقاء المسيحيين لاعباً مؤثراً في المعادلة السياسية في لبنان، بعد حركة الهجرة الكبيرة خصوصاً في القرن التاسع عشر وأثناء الحرب الأهلية (1975-1990)، ومع تراجع عدد المسيحيين في الداخل، ويقوم النظام السياسي في لبنان، البلد الصغير ذي الامكانات الهشة، على توازن دقيق بين المسيحيين والمسلمين الذين يتقاسمون مناصب السلطة ومقاعد البرلمان.
وقالت أن «السنة كانوا يعارضون هذه المشاركة بشكل عام ويعتبرونها بمثابة محاولة لتقليص وزنهم الديمغرافي المتنامي». واذا كان القادة الشيعة، بدلوا رأيهم مراراً مع هجرة مواطنيهم إلى غرب افريقيا، الا انهم دعموا هذا المطلب.. (وفقاً لتحليل اكرم خاطر مدير مركز خير الله لدراسات الانتشار اللبناني في جامعة نورث كارولينا في الولايات المتحدة).
على ان الأخطر هي المخاوف من التلاعب بالنتائج، وسط تشكيك قواتي – كتائبي، بعد ان اعترض مندوب الكويت على عدم تسليم حزبه محضر الاقتراع هناك.. والانتقادات التي سبقت على لسان أكثر من مسؤول قواتي. وبقاء مندوبي الأحزاب في قطر في حال استنفار بعد اقفال الصناديق، وعقد هؤلاء اجتماعاً مع السفير اللبناني، وهم على اتصال مع قياداتهم قبل نقل الصناديق إلى بيروت.
ومع انتهاء عمليات اقتراع المغتربين في الدول العربية تكون قد انطلقت رسمياً فعاليات الانتخابات النيابية التي تشهد غداً محطتها الثانية في دول أميركا وأوروبا واوستراليا وافريقيا، والتي ستكون بطبيعة الحال أوسع وأشمل، نسبة إلى كثرة عدد المسجلين الذين وصلوا إلى حدود الـ70 الفاً، وشمولها دولاً عديدة بلغت بحدود 40 دولة، الأمر الذي يستدعي ترتيبات مختلفة نسبة عن تلك التي وضعت للاشراف عليها من قبل وزارة الخارجية بالتعاون مع وزارة الداخلية، مع فارق التوقيت الزمني، حيث يفترض ان تمتد العملية بالنسبة الى الولايات المتحدة إلى ظهر الاثنين المقبل، ما يجعل مراقبة العملية من بيروت اصعب.
وأبرز ما أسفرت عن نتائج صناديق اقتراع في الدول العربية الست كان على النحو الآتي:
في سلطنة عُمان اقترع 221 من أصل 296 ناخباً، وبلغت النسبة 74.6 بالمئة.
في الإمارات بلغت نسبة المشاركة 60.5 بالمئة وعلم ان جبيل وبعبدا حصلت على أعلى نسبة مشاركة فيها.
وفي الكويت اقترع 1298 ناخباً من أصل 1878 مسجلاً والنسبة بلغت 69.1 بالمئة.
وفي قطر اقترع 1402 مغترب من أصل 1832 مسجلاً وبلغت النسبة 76.5 بالمئة.
وأقفلت نسبة المشاركة للمغتربين في مصر على 66 بالمئة، مع ان عدد المسجلين كان ضئيلاً.
وفيما كانت عمليات الاقتراع تجري بهدوء في القنصليات اللبنانية في هذه الدول، تحوّلت وزارة الخارجية في قصر بسترس إلى خلية نحل لمتابعة الحدث الانتخابي الاغترابي، والتي انتقل إليها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لمتابعة هذا الاستحقاق، حيث جال في الوزارة وتفقد غرفة العمليات، قبل ان ينوه بما شاهده مهنئاً «المنظمين الذين كلمة مستحيل ليست موجودة عندهم»، وقال: «ليس قليلاً ان ننظم بهذا المستوى من التقنية، والحرفية الاستحقاق في 40 دولة».
اما الوزيرجبران باسيل فاعتبره يوماً تاريخياً قال ان اللبنانيين صنعوا معنا يوم التغيير»، مضيفاً «ما حصل نموذج على اننا قادرون على الإنجاز عندما تتوافر الإرادة»، وعقد اجتماع ضم الرئيس عون والوزير باسيل، والوزير نهاد المشنوق الذي جاء مباشرة من مطار «رفيق الحريري الدولي»، وتابع مع الرئيس عون وباسيل مجريات العمليات الانتخابية.
أسبوع الحسم
انتخابياً أيضاً، بقيت الاستعدادات ليوم الاقتراع الطويل الذي سيجري يوم الأحد المقبل في 6 أيار في لبنان الشغل الشاغل للقوى السياسة المتصارعة أو المتحالفة، ومعها اللوائج العديدة وماكيناتها الانتخابية، على اعتبار ان الاسبوع الفاصل عن موعد الاستحقاق الانتخابي سيكون حاسماً ومصيرياً بالنسبة لجميع القوى السياسية والمرشحين الذين جيشوا كل امكانياتهم وقدراتهم التحشيدية استعداداً ليوم المنازلة الكبرى، خاصة وان عامل الوقت بات داهماً، علماً ان الجميع يؤكدون انهم باتوا مستعدين بعد ان انهمكوا على مدى الشهرين الماضيين في شد عصب جمهورهم بكل ما ملكت أيديهم، وبكل ما لديهم من طاقات وأساليب لم تكن في كثير من الأحيان سليمة أو نزيهة وديمقراطية، ووزع هؤلاء كل جهودهم لكسب أصوات الناخبين، والحض على رفع نسبة التصويت من أجل رفع الحاصل الانتخابي، فيما بقيت كلمة السر بالنسبة للصوت التفضيلي، مجهولة بالنسبة لكثير من اللوائح، التي يبدو انها اعتمدت التريث في توزيع هذا الصوت حتى قبل 48 أو 24 ساعة من موعد الاقتراع.
وبحسب اجندات القوى السياسية، فإن أسبوع الحسم سيكون حافلا بالمهرجانات الانتخابية واللقاءات يبدأه الرئيس نبيه برّي عصر اليوم بالمهرجان المركزي الذي ستنظمه حركة «امل» في ساحة البوابة في مدينة صور- دعماً للائحة «الوفاء والامل»، حيث سيكون للرئيس برّي كلمة سياسية شاملة، هي الأولى له وربما الأخيرة في المعركة الانتخابية التي افتتحت منذ شهرين، علما ان المهرجان سيكون مركزيا ووحيدا سيشارك فيه مناصرو الحركة من مختلف المناطق.
واللافت ان المهرجان سيترافق مع الجولة التي يقوم بها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل على قرى دائرة صور- الزهراني، التي ينافس فيها التيار اللائحة التي يرأسها الرئيس برّي في هذه الدائرة، والتي كان يُمكن ان تفوز بالتزكية لو لم تترشح ضدها لائحة رياض الأسعد بالتحالف مع التيار العوني.
ومن هنا تبدو جولة باسيل في هذه الدائرة مثيرة للاهتمام، خاصة بعدا المواقف التي أطلقها في «الهبارية»
خلال جولته في قرى مرجعيون وبنت جبيل، والذي غمز فيها من قناة برّي الذي ردّ عليه معتبرا جولته الانتخابية بأنها عبارة عن «سياحة انتخابية».
ولا تستبعد بعض المصادر ان تتضمن كلمة برّي في صور اليوم إشارات أو مواقف تتصل بالنزاع الحاصل والمتفاعل بين «امل» و«التيار الحر»، على أساس ان يكون يوم الانتخاب هو «يوم الحساب» بين الرجلين.
أما الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، فهو سيطل مجددا عصر الثلاثاء، على مهرجانين ينظمهما الحزب لحشد التأييد للائحتيه في كل من بعلبك- الهرمل وزحلة، سيكون الأوّل في عين بورضاي لبعلبك، والثاني في رياق لزحلة، وقد يكون خاتمة الاطلالات العديدة للسيد نصر الله في هذا الموسم الانتخابي الذي كان حافلا بالتوضيحات والمواقف والشروحات نظرا للتنافس الانتخابي الحاد، ولا سيما في دائرة بعلبك- الهرمل، حيث يخشى الحزب من خروقات قد تطال أحد مرشحيه الشيعة. مع الإشارة إلى ان الأنظار تتجه إلى دائرة بعبدا، في ضوء أزمة الثقة بين «امل» وحزب الله، والاتجاه لغياب مرشّح الحركة فادي علامة عن مهرجان ينظمه التيار الوطني الحر.
جولة الحريري الطرابلسية
في هذا الوقت، شكلت الجولة التي بدأها الرئيس سعد الحريري في طرابلس أمس، ويستكملها اليوم في المنية والضنية، وغداً في عكار، والاثنين في الكورة والبترون، حدثاً سياسياً لافتاً، ليس فقط بالنسبة للمواقف التي أطلقها في جولته الطرابلسية.
وكان الرئيس الحريري استهل جولته في طرابلس بزيارة منزل وزير العمل والمرشح على لائحة «المستقبل» محمّد كبارة الذي وصف الزيارة بالتاريخية، ثم انتقل إلى مقر دار الافتاء في المدينة، حيث استقبله مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار في حضور النائب سمير الجسر والمرشحة ريما جمالي. وبعد خلوة قصيرة مع المفتي الشعار توسع الاجتماع بانضمام مشايخ دار الفتوى في الشمال.
وصحب المفتي الشعار الرئيس الحريري إلى المسجد المنصوري الكبير لأداء صلاة الجمعة، علما ان المسجد المنصوري يقع داخل احياء طرابلس القديمة، والتي دخلها الحريري سيراً على الاقدام وسط حشود كثيفة من المواطنين الذين رحبوا به وهتفوا بحياته ونحروا له الخراف.
وبعد الصلاة التي تخللها خطبة الجمعة المفتي الشعار، زار الحريري النائب محمّد الصفدي في مركز الصفدي الثقافي، في حضور ماكينته الانتخابية، ثم لبى دعوة للغداء في الميناء، وبعدها انتقل إلى منطقة البداوي، وفي طريق عودته منها، جال في احياء التبانة وباب الرمل والقبة وهي الاحياء الشعبية الطرابلسية الأكثر فقراً، قبل ان يختم جولته بزيارة بلدة القلمون.
بيان بروكسل
في غضون ذلك، سارعت بعثة الاتحاد الأوروبي، في لبنان ومكتب المنسق الميم للأمم المتحدة، أمس، إلى إصدار بيان توضيحي للبيان الختامي الذي صدر عن مؤتمر بروكسل- 2، حول «العودة الطوعية» للنازحين السوريين، ما استدعى ردود فعل رسمية وسياسية منددة بمضمونه الذي اعتبرته مقدمة «لتوطين مقنع».
وشدّد البيان التوضيحي على ان موقف الأسرة الدولية من لبنان «لم يتغير» وان وجود اللائجين السوريين في لبنان «مؤقت»، والحلول التي يتم البحث عنها للاجئين هي خارج لبنان، وان المشاركة في سوق العمل حصراً يُمكن ان تتم وفقاً لاحكام القانون اللبناني».
وفي إشارة إلى المواقف الرسمية الرافضة لبيان بروكسل، أوضح بيان الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ان المقطع الذي ورد في الإعلان المشترك للمؤتمر أشار إلى «وجوب ضمان أن تكون عمليات إجلاء المدنيين آمنة، ومبنية على توفر المعلومات لمَن يتم إجلاؤه، وذات طابع مؤقت وطوعي، وأن تكون الحل الأخير المتاح، وأن تشمل هذه الموجبات اختيار وجهة الإجلاء وحفظ الحق في العودة أو اختيار البقاء، وفقاً للقانون الدولي الإنساني». ويتعلق هذا المقطع بوضع السكان المتأثرين بالنزاع داخل سوريا ولا يرتبط بلبنان ولا يتعلق باللاجئين.
وفي تقدير مصادر مطلعة ان التوضيح الأممي من شأنه أن يبدد الالتباس الحاصل حول عبارات بيان بروكسل، مع العلم ان وزارة الخارجية كانت على علم بالبيان قبل صدوره، وان الوفد اللبناني الذي رافق الرئيس الحريري حاول تعديل مضمونه، لكنه لم ينجح في ذلك، على ما أكد عضو الوفد الوزير معين المرعبي الذي شدّد ان الوفد لا يتحمل مسؤولية هذا البيان ولم يكن طرفاً في صياغته.
ودعا المرعبي إلى عدم المزايدة بهذا الخصوص ومتابعة الموضوع بشكل لصيق وليس من خلال تصريحات «دونيكيشوتية» في إشارة إلى وزير الخارجية فلم الذي لم يحضر بنفسه إلى المؤتمر.
وكان الرئيس عون أبلغ السفير البريطاني في لبنان هوغو شورتر الذي زاره أمس في بعبدا إن رفض لبنان للعبارات التي ودرت في البيان يعود إلى كون هذه العبارات ملتبسة وتتناقض مع توجهات الدولة اللبنانية التي تتمسك بالعودة الآمنة للنازحين السوريين إلى بلادهم، لا سيما إلى المناطق المستقرة أمنياً، وتلك التي لم تعد تشهد قتالاً.
البناء
قمة الكوريتين تفتح زمناً دولياً جديداً… ولقاء ترامب ميركل يتابع ما بدأه ماكرون
لبنان يواجه الحقيقة: سقوط كذبة الدعم الدولي في مؤتمرات روما وسيدر وبروكسل
انتخابات المغتربين في الخليج 1 من المقيمين و60 من المسجلين… وبمندوبي اللون الواحد
بعد سبعين عاماً من الانتظار تخطّى زعيم كوريا الشمالية ممسكاً بيد رئيس كوريا الجنوبية منطقة وقف النار وسارا معاً بيداً بيد، نحو صفحة جديدة في العلاقات بين شطري شبه الجزيرة، ليعلنا أن الكوريين شعب واحد، وبعدما كان منتظراً أن تتحسن العلاقات الأميركية الكورية الشمالية لتتولى واشنطن إقناع سيول بتخطي عقدة الخلاف المحلي وتقبل التفاهمات الإقليمية كإطار للاستقرار، خطت العلاقات بين الكوريتين مسافة من التقدم والتحسن بحماس شعبي وسياسي، ينتظر أن يفرض نفسه على الموقف الأميركي وسقوف التفاوض، بعدما أدى الرعب النووي إلى دفع شعوب شرق آسيا للضغط نحو مسارات سلمية لحل الخلافات، خصوصاً رفض حروب الآخرين بالواسطة، كما عبرت الصحف الكورية الجنوبية في تغطيتها للقاء القمة الذي جمع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون بالرئيس الكوري الجنوبي مو جي إن، ولقي اللقاء صدىً عالمياً واسعاً وتشجيعاً على مواصلة الحوار ومسار التهدئة، بصورة أظهرت شعار القمة المعلن، لشبه جزيرة كورية خالية من السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل قطعاً لنصف المسافة نحو نجاح القمة المنتظرة بين الزعيم الكوري الشمالي والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
على مسار موازٍ كان ترامب يواصل ما بدأه أوروبياً مع الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بلقائه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لبحث التفاهم النووي مع إيران وفقاً لمعادلة اختصرتها مركيل بالقول إن التفاهم غير كافٍ لكن يجب البناء عليه، وأوضحت أن المطلوب الاطمئنان للسياسات الإيرانية في سورية، ما يعيد تثبيت عناوين القمة الفرنسية الأميركية بالحفاظ على التفاهم النووي والتمهيد لتفاوض يطال مستقبل الدور الإيراني الإقليمي، خصوصاً ما يقلق الغرب تجاه أمن «إسرائيل» مع تعافي سورية واسترداد الدولة السورية وجيشها زمام المبادرة، وتقدم رئيسها كثابتة لا يمكن القفز فوقها في كل بحث جدي بمستقبل سورية.
بين السياسات الغربية ومستقبل سورية يحضر لبنان كساحة تجاذب، حيث فضح بيان بروكسل الخلفيات الحقيقية للدول المنظمة. وهي الدول ذاتها التي حاولت إخفاء وتمويه خطابها ومشروعها في بيانات المؤتمرات السابقة التي نظمتها، وهي مؤتمرا روما لدعم الوضع الأمني في لبنان وسيدر لدعم مسيرة الاقتصاد والنمو. وقد بات واضحاً بعد مؤتمر بروكسل، أن المعروض على لبنان ببساطة هو المساهمة المالية في تدعيم موازنته بالديون وتقديم بعض المساعدات المتواضعة للجيش والقوى الأمنية بما لا يمكن لبنان من مواجهة خطر العدوان الإسرائيلي، وتخصيص موازنات مجزية تحت عنوان المساعدة على إيواء ودمج النازحين السوريين، مقابل التزامات سياسية مطلوبة من لبنان تطال مقاومته وسلاحها من جهة، واستعداده لربط عودة النازحين بالشروط الغربية التي تريد وضع اليد على مستقبل سورية من بوابة الابتزاز بقضية النازحين، ولو أدى ذلك الإيواء والدمج لتوطين مديد للنازحين ومنعهم من العودة إلى سورية. وهو ما بات معلوماً وواضحاً ولا يقبل الاجتهاد والالتباس وفقاً للمواقف الصادرة عن رئيسي الجمهورية ومجلس النواب مقابل صمت مريب لرئيس الحكومة، الذي شارك بتظهير المؤتمرات كإنجازات أراد ترصيدها سريعاً في حسابه السياسي قبيل الانتخابات، والتزم الصمت بعدما انفضحت الخديعة.
لبنانياً، كان أمس احتفال وطني بنجاح التجربة الأولى لانتخاب المغتربين اللبنانيين، ولم يفسد الفرحة اللبنانية بهذا الإنجاز اللوجستي والإداري كون المشاركة لم تتجاوز الـ 1 من المقيمين في الدول التي شهدت المرحلة الأولى من اقتراع المغتربين وهي الدول العربية المسجلة، بعدما بلغت النسبة 60 في المئة من أصل الناخبين المسجلين، فيما كانت الملاحظة الأساسية ظهور مراكز الاقتراع، خصوصاً في الخليج، وبصورة أخص في السعودية، كمراكز للون الواحد، حيث يسيطر حضور مندوبي القوى والأحزاب المدعومة من الحكومات المحلية، مقابل حضور مقنن وضعيف لسواها، وغياب كامل لقوى أخرى، خصوصا حزب الله، بصورة طرحت سؤالا قانونياً جوهرياً حول كيفية ضمان تكافؤ الفرص بين مرشحين بعضهم تعتبره الحكومات التي تتم الانتخابات على أراضيها إرهابيين ومرشحين آخرين تعتبرهم هذه الحكومات أبناء البيت، وتقدّم لهم الدعم ليربحوا الانتخابات في لبنان، فيكف وقد صار جزء منها على أرضها، وبيدها أن تقرر لمن تمنح الترجيح والامتيازات وعلى من تفرض الملاحقة والضغط والمنع.
إقفال صناديق اقتراع المغتربين على نسبة 66
انتهت المرحلة الأولى من انتخابات المغتربين في ست دول عربية. وهي الإمارات وسلطنة عمان ومصر والسعودية وقطر والكويت، على أن تنطلق المرحلة الثانية في الدول الأجنبية يوم غدٍ الأحد، حيث أُقفلت صناديق الاقتراع قبيل منتصف ليل أمس على نسبة اقتراع 66 في المئة. وبدأت عملية إحصاء الظروف وتدوين المحضر تمهيداً لنقل الصناديق إلى بيروت، حيث أصدر الأمين العام لوزارة الخارجية هاني الشميطلي تعميماً إلى جميع البعثات الدبلوماسية والقنصلية في الدول العربية والأجنبية المشاركة في عملية الاقتراع، توجيه كاميرات المراقبة نحو صندوق الاقتراع لنتمكّن ومندوبي وزارة الداخلية والبلديات وهيئات المراقبة الموجودة في مقر الوزارة من متابعة عملية احصاء الاوراق وتدوين المحضر وتوضيبها وفق الاصول.
كما طلب التعميم من رؤساء المراكز السماح لمن يرغب من المندوبين عن الأحزاب البقاء في المركز الانتخابي، بحضور رئيس المركز شخصياً الى جانب الحقائب الدبلوماسية المختومة بالشمع الأحمر الى حين وصول مندوبي شركة DHl لنقلها الى لبنان، مع وجوب إبقاء كاميرات المراقبة موجهة نحو تلك الحقائب.
وفي القراءة الأولية للتجربة الانتخابية الأولى في الدول العربية التي نقلتها وسائل الاعلام مباشرة عبر كاميرات مراقبة من داخل أقلام الاقتراع، بدت الأجواء إيجابية، إذ سارت العملية بديموقراطية وحماسة لافتة وإقبال كثيف على الصناديق رغم بعض المخالفات التي خلفت علامات استفهام عدة، حيث بلغت نسبة الاقتراع 60 في المئة، ما يدل على أن اللبنانيين المنتشرين في الخارج يعوّلون على إحداث تغيير في «الطبقة السياسية» في ظل القانون الحالي القائم على النسبية الذي أتاح لهم فرصة المشاركة في الانتخابات في أماكن انتشارهم فضلاً عن أنه يمنح حق التمثيل الحقيقي لجميع القوى السياسية، وفقاً لأحجامها رغم بعض الثغرات التي تعتريه، على عكس النظام الأكثري الذي يكرّس «المحادل». لكن مصادر مراقبة تساءلت عن الفارق الكبير بين الذين سجلوا أسماءهم في السفارات للاقتراع وبين المقترعين الفعليين، مشيرة الى أن «النسبة منخفضة قياساً بالأسماء المسجلة، ومن المنطقي أن تصل النسبة الى 90 في المئة، ما يدفع الى التساؤل عن سبب تراجع اندفاعة جزء كبير من المسجلين عن القدوم الى مراكز الاقتراع!».
وسجلت مندوبة الجمعية اللبنانية من اجل ديموقراطية الانتخابات LADE بعض المخالفات. أبرزها زيادة أسماء بخط اليد في أحد اقلام الاقتراع، الأمر الذي نفاه الأمين العام لوزارة الخارجية هاني الشميطلي، وأوضح أن «المغلف الخاص بتصويت الناخب لا يُقفل، وهذا ما ينص عليه القانون كي لا تفسد اوراق الاقتراع».
علماً أن هذه المخالفات لم تقتصر على اليوم الانتخابي أمس، فبحسب المعلومات عمدت بعض الأحزاب في 14 آذار الى استمالة بعض المغتربين الذي تأخروا في تسجيل أسمائهم في السفارات من خلال الاتصال بهم وحثهم على المجيء الى لبنان مقابل حجز تذاكر السفر لهم على الحساب الخاص للأحزاب المذكورة. وأظهرت التغطية الإعلامية مشاركة فاعلة لبعض الأحزاب كـ «القوات» وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي على وجه الخصوص من خلال عدد المندوبين الكثيف المنتشرين في داخل وخارج أقلام الاقتراع في حين بدت مشاركة التيار الوطني الحر وتيار المردة والأحزاب الأخرى خفيفة.
وقد عزت مصادر الأمر الى غياب الودّ السياسي بين دول الاقتراع الخليجية وبين أحزاب 8 آذار والتيار الوطني الحر، وسط تردد الناخبين الذين ينتمون الى أحزاب المقاومة من الاقتراع خوفاً من الترحيل في ظل موقف دول الخليج السياسي من المقاومة، في حين أفادت معلومات «البناء» عن دعم وتسهيلات تلقتها أحزاب 14 آذار لا سيما المستقبل و«القوات» من سلطات تلك الدول، في حين سجلت جمعية المشاريع الخيرية اعتراضاً على منع مندوبيها من الدخول الى داخل أقلام الاقتراع، معتبرة في بيان ذلك بأنه مخالف للقانون.
وقد أثار بقاء صناديق الاقتراع في الدول التي لا تعمل فيها خدمة «DHL» بلبلة في أوساط بعض الأحزاب وسط مخاوف من حصول عمليات تزوير، واعتبرت الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات أن «هذا يشير إلى تقصير وسوء تنسيق من قبل الوزارة المكلفة قانوناً بالترتيبات اللوجستية لنقل الصناديق ما يزعزع الثقة في نتائج اقتراع غير المقيمين في الدول العربية».
لكن مستشارة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، باسكال دحروج، أوضحت أنّه «في البلدان الّتي لا تعمل فيها خدمة «DHL» اليوم ستبقى الصناديق في غرفة واحدة تحت مراقبة رئيس القلم ويحقّ للمندوبين البقاء مع تسليط كاميرات المراقبة عليها». وأشار مسؤول ماكينة «المردة» في قطر سامر فرنجية إلى أن «مندوبي المردة سيبقون إلى جانب صناديق الاقتراع إلى حين نقلها إلى لبنان».
لكن لم يُحدّد مواعيد لوصول الصناديق الى بيروت.
وفي حين أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، في تصريح بعد تفقده غرفة العمليات في وزارة الخارجية، أن «الداخلية لم تتلقّ أي شكوى، ولا يوجد أي خطأ»، وتأكيد هيئة الإشراف على الانتخابات على هذا الأمر، فضلت مصادر حركة أمل انتظار انتهاء عملية الاقتراع لاكتمال المعطيات لديها التي تصل من المندوبين في بعض دول الخليج الى الماكينة الانتخابية المركزية في بيروت، مشيرة لـ«البناء» الى أننا «لن نعطي تقييمنا لعملية الاقتراع عبر ما ينقل في وسائل الاعلام»، ولفتت الى أن «نسبة الاقتراع جاءت عالية بحسب المتوقع، ووضعت المصادر جملة من الملاحظات على أداء الأجهزة المعنية والمراقبة أهمهما عدم تكافؤ في عدد المندوبين داخل الأقلام وخارجها، حيث لم يُسمح لحركة أمل وغيرها من الأحزاب الحليفة إرسال عدد أكثر من المندوبين المطلوبين لمراقبة عملية الاقتراع، وذلك لاعتبارات سياسية»، وأشارت الى أن «بقاء صناديق الاقتراع في قطر يثير الشكوك. وهذا ما تخوّفنا منه في السابق».
وقال وزير الداخلية الأسبق مروان شربل لـ«البناء» ان «عملية الاقتراع جيدة كتجربة أولى من حيث الأداء وتنظيم عملية الاقتراع ونسبة الاقتراع وتدني المخالفات وغياب كامل للإشكالات الأمنية». ولفت الى أن «نسبة الاقتراع كانت متوقعة من خلال أعداد المسجلين في السفارات». وأوضح أن «بقاء صناديق الاقتراع في بعض الدول لا يعتبر مخالفة ولا يوجد احتمال للتزوير في ظل وجود الصناديق مع حراسة وخضوعها لمراقبة كاميرات ومندوبي اللوائح».
كما أشار شربل الى أن «تسريب داتا أسماء الناخبين لا يُعَد مخالفة، إذ إن معظم الناخبين في الخارج لديهم انتماءات سياسية وحزبية ولا تؤثر فيهم الضغوط أو الاستمالة، اضافة الى أن الداتا متوافرة لدى كل القوى السياسية».
وعن عدم ورود بعض الناخبين على لواح الشطب، أوضح بأن هذا الأمر «مسؤولية الناخبين وليس وزارة الخارجية، لأن بعض الذين تقدموا بتسجيل أسمائهم الكترونياً لم يتأكدوا من تسجيلها في الخارجية». واعتبر شربل بأن ما حصل «عملية ديمقراطية بامتياز وخطوة ممتازة، حيث أصبح المغتربون شركاء أساسيين في العملية السياسية والديمقراطية في لبنان بعدما تغيبوا في الفترة الماضية».
غرفة عمليات في الخارجية
وتابع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاستحقاق الاغترابي من وزارة الخارجية التي تحوّلت غرفة عمليات، وجال في الوزارة وتفقد غرفة العمليات التي تواكب سير الانتخابات قبل أن ينوّه بما رآه قائلا «ليس قليلاً ان ننظم بهذا المستوى من التقنية والحرفية الاستحقاق في 40 دولة. وأهنئ المنظمين الذين كلمة مستحيل ليست موجودة عندهم». أما باسيل فاعتبر أن «ما حصل إنجاز للعهد وللرئيس عون». وبعدها، عقد اجتماع في قصر بسترس ضمّ الرئيس عون ووزيري الخارجية والداخلية.
تساؤلات حيال صمت الحريري عن بيان «بروكسل 2»!
ولم تحجب عملية الاقتراع في دول الخليج الأضواء عن التداعيات الداخلية للبيان الختامي لمؤتمر «بروكسل2» وسط استغراب محلي شديد لصمت رئيس الحكومة سعد الحريري عن مضمون البيان. وقد بدا عليه الإحراج الشديد خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة في بعبدا، حيث طلب الدخول مباشرة في جدول الأعمال لتجنب مساءلة الوزراء له حول خلفيات البيان وصمته والوفد الوزاري المرافق، حيث تشير مصادر رئيس الحكومة الى أن «كلمة الحريري تعبر عن الموقف الرسمي للدولة اللبنانية والجميع متفق عليه، أما البيان الختامي فهذا شأن الدول وليس الحكومة»، لكن مصادر تساءلت: «لماذا لم يُعلن الحريري موقفاً واضحاً من البيان إثر صدوره؟ وهل يعني الصمت موافقة ضمنية على البيان؟».
ولفتت أوساط مقربة من الرئيس نبيه بري لـ «البناء» الى أن «البيان الختامي لمؤتمر بروكسل 2 شكل صدمة للبنان، ويمثل دعوة الى التوطين بشكل مباشر وليس مواربة كما كان في السابق، إضافة الى تشجيعه على تهجير الشعب السوري وتقسيم سورية ويعبر عن قرار دولي باستمرار الحرب على سورية». ودعت المصادر الحكومة الى استلحاق نفسها واعلان موقف رسمي رافض للبيان، مرجحة تصاعد المواجهة الدبلوماسية مع المجتمع الدولي ما سيرتب اشتداد الضغط الدولي على لبنان وابتزازه بالمساعدات المقررة في مؤتمري روما وباريس. ودعت المصادر الحكومة لـ«الإسراع بالتنسيق مع سورية لإعادة النازحين كي لا يصبح التوطين أمراً واقعاً مع الوقت ويستحيل بعده حل الأزمة».
واستقبل بري في دارته في المصيلح، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي أعرب عن ارتياحه «للتحضيرات المتعلقة بالاستحقاق الانتخابي».
وأيد ابراهيم موقف كل من الرئيسين عون وبري حيال البيان الأممي الأوروبي في بروكسل، وقال: «لن أزيد ولن أنقص أي كلمة وأبصم بالعشرة».
وفي سياق ذلك، أبلغ الرئيس عون سفير بريطانيا في لبنان هوغو شورتر الذي استقبله في بعبدا أمس، «رفض لبنان لعدد من العبارات التي وردت في البيان المشترك الذي صدر عن الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة بعد اجتماع بروكسل، يعود الى كون هذه العبارات ملتبسة وتتناقض مع توجهات الدولة اللبنانية التي تتمسك بالعودة الآمنة للنازحين السوريين الى بلادهم، لا سيما الى المناطق المستقرة امنياً، وتلك التي لم تعد تشهد قتالاً، وهي كثيرة على امتداد الاراضي السورية». وشدد عون على ان «لبنان لم يقم يوماً بطرد نازحين سوريين من ارضه وهو الذي استضافهم منذ العام 2011 ووفر لهم الرعاية الاجتماعية والتربوية والصحية والانسانية والامنية، لكنه في المقابل يسهل ويشجع الراغبين منهم في العودة الى بلدهم، خلافاً لما تقوم به جهات دولية تحذرهم من هذه العودة وتعرقل تحقيق رغباتهم».
في المقابل حاولت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان ومكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان، التخفيف من وطأة بيان بروكسل وأعلنت في بيان أنه «لم يحصل أي تغيير في موقف الأسرة الدولية. وقد تمّ تأكيد هذا الموقف في ورقة الشراكة بين لبنان التي أعدّتها بصورة مشتركة لمؤتمر بروكسل حكومة لبنان والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والشركاء الدوليون».
الجمهورية
إنتخابات المغتربين: السلطة تشيد بنفســها وجنبلاط لـ«الجمهورية»: لوقف التشنج
ضاقت المساحة الزمنية الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية، ولم يتبقّ سوى أسبوع واحد قبل فتح صناديق الاقتراع في السابعة صباح الاحد 6 ايار. وعلى باب هذا الاسبوع الاخير، مرّت الجولة العربية من انتخابات المغتربين بسلام، ولكن مع هفوات وأخطاء في أقلام الاقتراع، اضافة الى ثغرات عكستها وسائل الاعلام التي واكبت هذه الانتخابات، من دون ان تشير الى حجمها، أكانت من النوع البسيط، او من النوع الذي يمكن ان يؤثر على العملية الانتخابية.
إتكلت السلطة على الكاميرات وراقبت انتخابات الأمس من بعيد، مثلها مثل اي مواطن مقيم في لبنان، ومن دون ان تنسى طبعاً الإشادة بما سَمّته «العرس الانتخابي»، الذي جرى بشكل طبيعي جداً ولم يسجّل فيه ما تمّ التخويف منه في لبنان، علماً انّ التشكيك بانتخابات المغتربين الذي عبّر عنه بعض السياسيين، لم يكن حول مجريات العملية الانتخابية وكيفية إدارتها في الخارج، بقدر ما كان وما يزال على كيفية نقل صناديق الاقتراع من الخارج، وعلى من يضمن عدم العبث بها خلال شحنها بالطائرات من تلك الدول الى بيروت.
وبصرف النظر عمّا اذا كانت نسبة الإقبال التي فاقت الخمسين في المئة، الا انها لم تخضع الى تقييم داخلي موحّد، بحيث اعتبرتها مصادر حزبية في الثامن من آذار في حدود المتوقع، فيما اعتبرتها جهات اغترابية رسمية بأنها دون سقف التوقعات الذي رسمت لها، بل مخيبة للآمال التي علّقت على استجابة اكبر للمغتربين وتسجيل نسبة اكبر من النسبة التي سُجّلت في انتخابات الأمس. وفي هذا السياق، لفت التوصيف الذي أطلقه معارضون للسلطة بأنها «انتخابات لم تردّ رسمالها، بل لم تردّ بعضاً من الكلفة التي صرفت على السفرات الخارجية والمؤتمرات في سبيل الوصول الى هذا الانجاز».
جنبلاط لـ«الجمهورية»
على انّ اللافت في المقابل، كان مُسارعة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزيرا الداخلية والخارجية الى إدراج انتخابات المغتربين في خانة الممتازة والانجاز الكبير، فيما وصفها رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط بالجيدة، وقال لـ«الجمهورية»: «إنتخابات المغتربين مؤشر جيد، لأنه في نهاية الامر باتَ هؤلاء يتمكنون من الانتخاب».
وأعرب جنبلاط عن استيائه من «الخطاب الذي يشيع جواً متشنّجاً عشية الانتخابات»، آملا في ان «ينتهي هذا الخطاب بعد الانتخابات، ومع تشكيل حكومة جديدة. فإعادة جَمع البلد مسؤولية مشتركة بين الجميع».
وقيل لجنبلاط انّ هناك من يطرح فكرة دخول الفرقاء في حوار بعد الانتخابات، فقال: «انا من المنادين دائماً بالحوار، ولطالما قلت انّ الحوار هو الطريق لأيّ حل. هناك حاجة كبرى لإنهاء المناخ السائد، خصوصاً انّ بعض الخطاب الذي صدر، ويصدر خلال هذه الفترة، هو خطاب متشنّج وغير ايجابي، ومن الضروري وقفه».
شكاوى
وعلى رغم اعلان السلطة بأنّ الجولة العربية من انتخابات المغتربين مرّت بسلاسة، وانّ وزارة الداخلية لم تتلق اي شكاوى حول اي ثغرات او ما شابَهها، علمت «الجمهورية» انّ مراجع وجهات سياسية تَلقّت على مدى نهار أمس، سلسلة من الشكاوى من بعض اللبنانيين المسجّلين في هذه الانتخابات، وكذلك من مندوبي بعض الماكينات التابعة لهم، حول حصول الكثير من الامور المُلتبسة، ومنها خلو لوائح الشطب من أسماء بعض المسجلين، وإضافة أسماء على بعض اللوائح في بعض الاماكن بخَط اليد وخلافاً للقانون، والتضييق على بعض الناخبين الذين ينتمون الى مناطق معينة وممارسة التهويل عليهم وتقييد حريتهم.
وبحسب المعلومات، فقد أفيدت المراجع المذكورة بأنه في بعض الاقلام في احدى العواصم العربية، تمّ منع ما يزيد عن 30 لبنانياً من احدى المناطق الجنوبية من الادلاء بأصواتهم، وابلغ بعضهم انّ اسماءهم تحت الخانة السوداء.
وهذا الامر حَرّك في الساعات الماضية اتصالات على اكثر من خط داخلي، عبّرت خلاله بعض المراجع عن استنكارها لهذا الامر الذي من شأنه ان يضع هذه الانتخابات مع نتائجها في خانة الشبهة، التي لا يمكن ان يُقبل بها. وقالت: «في الأساس، كنّا نخشى على كيفية نقل صناديق الاقتراع من العواصم العربية الى بيروت، وحذّرنا من أنها لن تكون مأمونة، لأنها تفقد في الطائرات من يحميها، وتكون عرضة للتلاعب فيها. والآن إضافة الى ذلك تبلّغنا بما أكّد خشيتنا ممّا كنا نخشى منه من ضغوطات وما شَابَه على الناخبين من لون معيّن ومن مناطق معينة».
وقال مصدر مسؤول معنيّ بلوائح الثنائي الشيعي لـ«الجمهورية»: «إن صحّت هذه المعلومات، فمن الصعب علينا ان نُمرّر هذا، لا بل يستحيل علينا ان نمرّرها، وسنواجهها حتماً بالخطوات الملائمة لها، والتي ستكشف عن نفسها بنفسها».
في سياق متصل، أجمعت قراءة بعض الخبراء في الشأن الانتخابي للانتخابات الاغترابية العربية، على انّ أهميتها تكمن في انها المرة الاولى التي يشهد لبنان مشاركة للمغتربين في انتخاباته، وهو أمر يسجّل للقوى السياسية التي وافقت على هذا الامر. وبالتالي، لا يمكن مصادرة هذا الانجاز وتجييره لفريق دون غيره من الفرقاء. كذلك تكمن أهميتها في أنها قدّمت الصورة التقريبية لِما سيكون عليه حال انتخابات السادس من ايار من حيث نسبة الإقبال، ذلك انّ المزاج اللبناني واحد سواء أكان مقيماً او مغترباً.
وبالتالي، حماسة الناخبين تبقى دائماً ضمن السقف (قيل انها تخطت الستين في المئة)، فالناخبون في الخارج هم من مختلف الدوائر وبلغت نسبة إقبالهم اكثر من خمسين في المئة بدرجتين او ثلاثة، ما يعني انّ هذه النسبة هي النسخة المصغّرة عن النسبة التي ستصل اليها انتخابات 6 ايار، والتي تشكّل اختلافاً جوهرياً عن النسبة التي حققتها انتخابات العام 2009 والتي بلغت 55.65%.
ما يعني انّ الناخب اللبناني متأثّر بما هو متأثّر به سابقاً، وليس بالمؤثرات الجديدة التي سعى بعض الاحزاب والتيارات، وخصوصاً أحزاب السلطة، الى استخدامها لتحشيد الناخبين سياسياً وطائفياً ومذهبياً».
وكانت الجولة العربية من انتخابات المغتربين قد انطلقت في 6 دول هي: مصر، السعودية، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، قطر، وسلطنة عمان، حيث بلغ عدد الناخبين المسجّلين فيها للانتخاب 12615 ناخباً. وقد فتحت صناديق الاقتراع في السفارات والقنصليات في حضور مندوبي اللوائح والمرشحين، اعتباراً من صباح امس وأقفلت عند الحادية عشرة ليلاً.
وعكست مواقف الديبلوماسيين والقناصل المُشرفين على العملية الانتخابية، انها تمّت في أجواء طبيعية في كافة الاقلام، وانّ عملية الانتخاب تتمّ بحرية من دون تَدخّل من أحد. وتمّ نقل وقائع العملية الانتخابية عبر كاميرات جهّزت لهذه الغاية في 6 دول عربية وفي 32 قلم اقتراع، وذلك حفاظاً على تأمين الحق الانتخابي بأعلى معايير الشفافية والنزاهة، على حدّ تعبير الامين العام لوزارة الخارجية هاني شميطلي، الذي اشار الى «اننا لم نلحظ وجود مشاكل والتفاصيل التي أبلغنا عنها تمّ تذليلها، لم نلحظ أيّ مشكل خارج المألوف، بعض الانتقادات البسيطة قمنا بتوضيحها».
قائد الجيش
الى ذلك، أكد قائد الجيش العماد جوزف عون، خلال اجتماع عقده في اليرزة أمس مع الضبّاط العامّين والضبّاط القادة في الجيش، حيادية المؤسسة العسكرية في الاستحقاق الانتخابي. وقال: «الجيش على مسافة واحدة من مختلف الأفرقاء والمرشحين، وما يهمّ المؤسسة العسكرية ويعنيها هو فقط حفظ الأمن والاستقرار قبل العملية الإنتخابية وخلالها، وبالتالي إنجاز الاستحقاق النيابي بأعلى درجات الوعي والانضباط والحيادية المُطلقة».
جعجع وباسيل
على صعيد انتخابي وسياسي، يبدو انّ الهوّة السياسية الفاصلة بين حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» تتسِع أكثر فأكثر، ويلاحظ انّ الطرفين زادا في الآونة الاخيرة من وتيرة الخطاب التصعيدي بينهما المَقرون بتبادل «إبر ودبابيس سياسية» في محطات مختلفة.
وجديد هذه الجبهة القصف المباشر الذي وَجّهه رئيس «القوات» سمير جعجع في احتفال انتخابي في البترون أمس، باتجاه الوزير جبران باسيل، حين قال: «مَعو حق الوزير باسيل، كلّ عمرنا لا نستطيع ان نفعل ما فعله، لأننا أصلاً لا نريد ان نفعل ما فعله».
بروكسل
من جهة ثانية، ومع تفاعل المواقف الداخلية من البيان المشترك الصادر عن مؤتمر «دعم مستقبل سوريا والمنطقة» الذي عقد في بروكسل في 24 و25 نيسان الجاري، إضطرّت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان ومكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان الى إصدار بيان رسمي مشترك أرفِق بالنص الحرفي لِما سمّي «إعلان الرؤساء» المشاركين في المؤتمر، أكدت فيه «على أنه لم يحصل أي تغيير في موقف الأسرة الدولية». وقد تمّ التأكيد على هذا الموقف في «ورقة الشراكة مع لبنان»، التي أعَدّتها بصورة مشتركة لمؤتمر بروكسل حكومة لبنان والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إضافة الى الشركاء الدوليين.
عون: توضيحات
وكشفت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» انّ البيان الذي صدر عن الهيئتين الأوروبية والأممية جاء بناء على طلب مُلحّ من رئيس الجمهورية، الذي شَدّد في حركة اتصالات ديبلوماسية على أهمية توضيح ما وَرد في البيان من عبارات أثارت مخاوف لبنانية جدية على المستويات الرسمية والحكومية والنيابية.
واكدت المصادر انّ اللقاء الذي جَمع رئيس الجمهورية بالسفير البريطاني في قصر بعبدا أمس، والذي حَدّد موعده قبل صدور البيان المشترك عن المؤتمر، شَكّل مناسبة للبحث في هذا الموضوع، وأكد خلاله رئيس الجمهورية على «رفض لبنان لعدد من العبارات المُلتبسة، والتي تتناقض مع توجّهات الدولة اللبنانية التي تتمسّك بالعودة الآمنة للنازحين السوريين الى بلاده، لا سيما الى المناطق المستقرة أمنياً، وتلك التي لم تعد تشهد قتالاً، وهي كثيرة على امتداد الاراضي السورية».
وشدّد الرئيس عون على انّ لبنان لم يقم يوماً بطرد نازحين سوريين من ارضه، وهو الذي استضافهم منذ العام 2011 ووَفّر لهم الرعاية الاجتماعية والتربوية والصحية والانسانية والامنية، لكنه في المقابل يشجّع الراغبين منهم في العودة الى بلدهم ويسهّل لهم ذلك، خلافاً لما تقوم به جهات دولية تحذّرهم من هذه العودة وتعرقل تحقيق رغباتهم.
السفير البريطاني
وعلمت «الجمهورية» انّ السفير البريطاني أكد لعون انّ بلاده لم ولن تخرج عن جوهر ومضمون المواقف المعلنة من ملف سوريا بكل وجوهه الديبلوماسية والعسكرية، ومسألة النازحين واللاجئين بشكل خاص، والتي لم يطرأ عليها أي تبديل.
وقال لعون: «نحن لم نطالب لبنان لا في الماضي ولا اليوم ولا في المستقبل بأيّ خطوات تشكّل خروجاً على قوانينه، وتهدّد أنظمته وآلية العمل في مؤسساته التي ترعى المقيمين على ارضه، ولا يمكن ان نقبل بأن يخالف النازحون واللاجئون السوريون هذه القوانين، وفي الوقت نفسه لا نقف بوجه من يرغب بالعودة الى سوريا».
وانتهى اللقاء على أمل أن يطلع السفير البريطاني رئيس الجمهورية على نتائج اتصالاته مع حكومته والتشاور في المستقبل، ممّا يخفّف من حدة القلق اللبناني.