تضررت مصالح لبنان (ودول عربية وأجنبية كثيرة) من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقض الإتفاقية النووية مع إيران. فقد هوت أسعار سندات الدين اللبنانية في الأسواق الخارجية، وهناك معلومات عن خسائر مالية بحوالي مليار دولار. وبغض النظر عن "تطمينات" حاكم مصرف لبنان، فإن المخاوف تتعاظم من أن يقلص التراجع في أسعار السندات حجم الإقبال على شرائها …
اللواء
إحتفالات «النصر الإنتخابي»: تداعيات مالية واشتباكات وتطيير مجلس الوزراء!
«لوائح بيروت» ترفض الإنتخابات «المسخرة» وتُطالِب باستقالة المشنوق.. وإلاّ التحرُّك في الشارع
يبقى من عمر المجلس الحالي عشرة أيام فقط، وتطوى صفحة، لتفتح صفحة في العلاقات السياسية والتفاهمات أو الاختلافات مع استكمال الكتل الفائزة، أياً كان حجمها، المضي في إقامة «احتفالات النصر» (وليس الفوز مثلاً)، غير آبهة بتداعيات الحوادث التي ضربت البلاد من الشويفات إلى الشمال مروراً بالعاصمة، أو تلك التي تتهدد الاقتصاد اللبناني في ضوء تراجع الإقبال على شراء سندات خزينة لبنانية بالعملة الأجنبية في إطار مبادلة ديون لتعزز الحكومة احتياطات البنك المركزي وتقلص تكاليف خدمة الذين، على حدّ ما أعلن حاكم المركزي رياض سلامة.
وتخوفت الأوساط الاقتصادية من ان يؤدي التوتر الإقليمي – الدولي على خلفية قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع ايران إلى عدول المستثمرين عن القيام بأي مشروع استثماري تخوفاً من أي تصعيد عسكري محتمل، متعدد المصادر والاتجاهات، مع الانهيارات المتلاحقة في البورصة الدولية وارتفاع سعر النفط وسط تكهنات مع ارتفاع المشتقات النفطية في المدى القريب..
وكشفت وكالة «رويترز» عن تراجع السندات اللبنانية المقومة بالدولار، بما يصل إلى 2.745 سنت مسجلة أدنى مستوياتها في عدّة أشهر، لكن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رأى ان تراجع السندات اللبنانية هو مؤقت ومحدود.
وتكبدت سندات بقيمة مليار دولار تستحق في 2022 أشدّ الخسائر إذ هوت إلى 90.66 سنتاً وهو أدنى مستوى لها منذ تشرين الثاني 2017 وفقاً لبيانات تومسون رويترز، التي اضافت إلى هذا العامل الإقليمي، تقريرها بأن الأسواق اللبنانية تحت ضغط بالفعل بعد ان ابرزت نتيجة الانتخابات التي جرت يوم الأحد تنامي نفوذ طهران في المنطقة.
تداعيات على السلطة
في هذه الاثناء، لم يطرأ أي جديد يوحي بأن الانتخابات أصبحت وراءنا، ذلك ان تداعيات النتائج التي أفرزتها هذه الانتخابات، بقيت هاجس النواب المنتخبين، إلى جانب اللوائح التي استهدفتها رياح السلطة من دون ان تأتي لمصلحتها، فباتت مهيأة للطعن بنتائج الانتخابات لدى المجلس الدستوري، بعد ان حضرت ملفاً متكاملاً بالمخالفات والتجاوزات والأخطاء فضلاً عن التزوير المباشر، من دون ان تغفل التلويح بالنزول إلى الشارع.
وفي تقدير مصادر سياسية، انه لو كانت السلطة مرتاحة إلى وضعها وإلى الانسجام بين الأطراف لكانت عملت على متابعة أعمال الحكم والحكومة، من خلال جلسة لمجلس الوزراء، لكن تداعيات الانتخابات فرضت عدم انعقاد الجلسة اليوم، خلافاً للمعلومات التي سربت من دوائر عليا اوحت باحتمال عقدها لمعاودة البحث في ملف الكهرباء، غير ان الوزراء أكدوا أمس انه لم يتبلغوا شيئاً عن الجلسة، وان الحكومة ما تزال في عطلة الانتخابات، في إشارة ملطفة، إلى ان النتائج باتت عبئاً على السلطة، بدلاً من ان تكون عاملاً مساعداً لها في رسم معالم المرحلة المقبلة، بما تحمله من استحقاقات دستورية، وفي مقدمها انتخاب رئيس جديد للمجلس المنتخب وتشكيل حكومة جديدة.
وبحسب هذه المصادر، فإن السلطة التي تتنازعها رياح تكتلات نيابية كبيرة، لم تعد قادرة على التحكم بزمام الأمور، رغم امتلاك العهد كتلة نيابية وازنة من 29 نائباً، بسبب جموح أطراف آخرين لهم تقريباً نفس حجم كتلة العهد، بأن تكون لهم حصة يفترض ان تعادل حصص الآخرين سواء في تركيبة المجلس أو الحكومة العتيدة.
وفي هذا السياق، كان لافتاً للانتباه ما سربته مصادر في الثنائي الشيعي، من انه أصبح رسمياً صاحب الكلمة الفصل في تسمية رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس، في حين ان حلفائه من السنة أصبحوا مرشحين محتملين لرئاسة الحكومة، في حال فشل التفاهم مع الرئيس سعد الحريري على التزام حكومته بالسياسات العامة لمحور المقاومة،والتي تنادي علناً وسراً بالابقاء على ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.
وقالت مصادر الثنائي لـ«اللواء» ان التزام «حزب الله» وحكماً الرئيس نبيه برّي كحليف ثابت وشريك في الانتصار، بسياسة مكافحة الفساد، يعني ان الثنائي بات على مسافة واحدة من جميع الفرقاء الآخرين، حتى حليفه «التيار الوطني الحر»، أو بمعنى آخر فإن من يوافق على السير بمشروع مكافحة الفساد، حتى لو كانت «القوات اللبنانية» يصبح حليفاً مقترحاً ولو بشكل غير رسمي لهما بما يفتح الباب امام مصالحات داخلية، قد تفرض معادلات سياسية جديدة وتكتلات نيابية مختلفة داخل المجلس والحكومة، الامر الذي قد يهمش دور «التيار الوطني الحر» ويفرض عليه إعادة حساباته.
وكشفت بأن الحزب يلتزم تحديداً بالرئيس برّي رئيساً ثابتاً للمجلس النيابي، في حين ان الرئيس الحريري هو مرشّح ثابت أيضاً لرئاسة الحكومة، لكن تحت سقف التزامه بتوزير شخصيات سنية من حلفاء المقاومة، ونيل الثنائي مقاعد وزارية تتخطى الخمسة مقاعد تناسب حجم تكتله النيابي (31 نائباً) مع الإبقاء على حقيبة المالية كحقيبة سيادية من حصته. ولا تتردد مصادر الثنائي الشيعي في التأكيد على ان ثمانية مقاعد وزارية على الأقل ستكون من حصته مع حلفائه الجدد، باستثناء حصة «التيار الحر».
وتبعاً لهذه المعطيات الجديدة، أقرّ الرئيس برّي بأن تشكيل الحكومة قد يتأخر نظراً إلى ما وصفه «بالتعقيدات»، كاشفاً بأن مرشحه لرئاسة الحكومة هو الرئيس الحريري «بغض النظر عن موقف الاخير من وزارة المال، مشيراً إلى ان الفصل بين الوزارة والنيابة في حاجة إلى تعديل الدستور بما يعني ان هذا الموضوع ليس مطروحاً في تشكيل الحكومة الجديدة.
وأوضح الرئيس برّي بحسب ما نقلته محطة M.T.V انه لم يُحدّد بعد موعد جلسة انتخاب الرئيس الجديد للمجلس، بانتظار التشاور مع الرئيسين ميشال عون والحريري، مؤكداً ان للجميع الحق في الترشح، وقال انه حتى لو فزت بالتزكية، ففي الجلسة نفسها سيتم انتخاب نائب رئيس مجلس النواب وأعضاء هيئة المكتب واللجان.
وحول المداورة في الحقائب الوزارية، شدّد على «انه متمسك بوزارة المال للطائفة الشيعية، وتحديداً للوزير علي حسن خليل»، موضحاً أن «قانون الانتخابات في حاجة إلى تطوير»، لافتاً إلى ان «حجم كتلة «التنمية والتحرير» معروف، والنائب المنتخب مصطفى الحسيني أبلغني انه سيكون ضمن الكتلة، وإذا أراد آخرون الانضمام، فسنشكل كتلتين».
اما القوات اللبنانية التي ستجتمع كتلتها النيابية اليوم (15 نائباً) برئاسة الدكتور سمير جعجع في معراب، فقد أكدت مصادرها الانفتاح على كافة القوى السياسية، مشيرة إلى انه في هذا الاجتماع سيتم اتخاذ القرار في شأن إمكانية انتخاب الرئيس برّي أم لا، مع العلم ان القوات في مجلسي 2005 و2009 لم تنتخبه كموقف سياسي وليس لموقف شخصي.
وأوضحت مصادر القوات لـ «اللواء» ان موضوع تكليف الرئيس الحريري برئاسة الحكومة مرتبط بلقاء سياسي يجمع الحكيم والحريري، لأن المرحلة الجديدة تستدعي عقد مثل هكذا لقاء، ونفت ان يكون هناك جفاء بين الرجلين، لا سيما وان المسألة ليست شخصية، وهناك مقاربات وطنية تجمعهما.
ونفت المصادر ان يكون لدى القوات أي شروط لتسمية الحريري، وكل ما يطلبه الحزب هو حوار سياسي من أجل التفاهم على عناوين سياسية، خصوصا وان لدينا وجهات نظر نتشاطرها مع قوى سياسية أخرى.
وعلم ان اجتماع الكتلة سيكون من ضمن احتفال تنظمه القوات في معرب يتخلله عرض راقص ولفتة إلى الشهداء.
طعون بالنتائج
وبالنسبة إلى الطعون بنتائج الانتخابات، والتي هي، في نظر مصادر مراقبة، من أولى تداعيات هذه الانتخابات، فقد تواصلت الحملة السياسية التي باشرها مرشحو اللوائح السبع المستهدفة من قبل السلطة لاسقاطهم في الاجتماع الذي عقد في مكاتب «اللواء» أمس الأوّل، وكانت محطتها الثانية مؤتمر صحاف عقد أمس في «نادي الصحافة» وحضره عدد من مرشحي هذه اللوائح في دائرة بيروت الثانية، ووفد البعثة الأوروبية لمراقبة الانتخابات، تلا في خلاله الزميل صلاح سلام بيانا فند فيه المخالفات والتجاوزات واعمال التزوير والأخطاء التي رافقت العملية الانتخابية واعمال الفرز وإصدار النتائج، مؤكدا على السير بالطعن بالانتخابات برمتها في دائرة بيروت الثانية من خلال ملف موثق يتضمن كل الوقائع التي تثبت الغش والتزوير. وطالب باسم كل مرشحي اللوائح السبع، وزير الداخلية نهاد المشنوق بالاستقالة فورا ومحسابة كل من يدينه التحقيق بالتقصير من مسؤولي قوى الأمن الداخلي الذين تولوا طرد مندوبي المرشحين ونقل صناديق الاقتراع ومواكبة المغلفات.
وأكّد المجتمعون على ان تحركاتهم ستنتقل إلى الشارع لأنهم يرفضون تزوير إرادة البيارتة ومصادرتها.
الشويفات: نار تحت الرماد
في هذا الوقت، بقي اشكال الشويفات الذي تسبب أمس الأول بسقوط قتيل من الحزب التقدمي الاشتراكي هو علاء أبو فرج، في واجهة التداعيات الانتخابية، لكن الجهود السياسية التي تواصلت أمس، لم تسفر حتى الساعة عن طمر نار الاحتقان الذي بقي تحت الرماد، بانتظار دفن جثمان الضحية اليوم، وتسليم الجاني بقتله.
وفيما خيم هدوء حذر على المنطقة، أعلنت مديرية الإعلام في الحزب الديمقراطي اللبناني، انه بقرار من رئيس الحزب الوزير طلال أرسلان، تمّ تسليم المطلوبين لقيادة الجيش على ان تأخذ العدالة مجراها، كما أعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عن تسليم ثلاثة آخرين من المتورطين في الاشكال، الا ان مشايخ ومخاتير وعائلات الشويفات، وبعد اجتماع عقدوه في منزل أبو فرج، طالبوا أرسلان بتسليم مسؤول الأمن لديه أمين نسيب السوقي باعتباره المتهم الرئيسي بالحادثة، وابلاغهم الجواب القاطع بالتسليم أو عدم التسليم خلال 24 ساعة من تاريخ صدور هذا البيان، حرصا على وحدة الطائفة ووأد الفتنة داخل البيت الواحد. فيما اعتبر النائب المنتخب تيمور جنبلاط انه «في هذه الأوقات الصعبة التي تمر بها الشويفات، فإن تسليم جميع المتورطين في الحادثة كمدخل لمعالجة الذيول بات ضرورة ملحة».
ولاحقاً، أعلن جنبلاط إلغاء المهرجان المركزي الذي كان مقررا الأحد في المختارة، «بالنظر للظروف المستجدة في الشويفات وتضامنا مع اهل الشهيد أبو فرج».
الا ان الوزير أرسلان الذي عقد مؤتمرا صحافيا في دارته في الشويفات، فقد أعلن انه ما زال مصرا على الصمت الكامل احتراما لعلاء أبو فرج الذي اعتبره شهيد الحزب الديموقراطي، لكنه أشار إلى انه سيكون له بعد المأتم كلام تفصيلي بشأن كل ما حدث.
ولفت إلى ان كل ما طلب منه قدمه، وانه سلم الذين عنده، اما الذين غير الموجودين لديه فليس مهمته البحث عنه، في إشارة إلى ان السوقي ليس موجودا في منزله، بحسب ما ذكرته معلومات، مؤكدا انه يرفع الغطاء عن كل من يثبت تورطه.
مواكب بيروت
وعلى صعيد المسيرات والمواكب في بيروت والتي رافقت صدور نتائج الانتخابات من جانب حزب الله وحركة «امل» وكادت تعيد إلى الأذهان احداث7 أيّار 2008 بسبب ما رافقها من أعمال شغب وفوضى وإثارة للنعرات الطائفية، فقد ذكرت معلومات ان مواكب سيّارة جالت في منطقة الزلقا- جل الديب ورفعت اعلام وشعارات حزب الله وصور أمينه العام حسن نصر الله، وتوقفت عند بعض التقاطعات الرئيسية متسببة بحال من الامتعاض في أوساط سكان المنطقة، لكن المسيرة انتهت من دون حادث، فيما عدل وزير الداخلية نهاد المشنوق قراره السابق، فمدد منع سير الدراجات النارية في نطاق مدينة بيروت الإدارية حتى صباح الاثنين المقبل 14 أيّار الحالي، والزم قراره الجهات التي وضعت اللافتات والإعلام والصور والشعارات الحزبية والدينية المخالفة بنزعها خلال مهلة 72 ساعة.
واللافت انه بعد صمت استمر ثلاثة أيام، نفى حزب الله في بيان، أي علاقة له بالمواكب السيّارة والدراجة التي جالت احياء بيروت وبعض المناطق، لا قرارا ولا إدارة ولا توجيها، معلنا ادانته التصرفات الخاطئة والشعارات المسيئة إلى كرامات النّاس، طالبا من الجميع التوقف عن تسيير أي موكب مهما كان شكله أو المشاركة فيه، واصفا الحديث عن ان هدف هذه المواكب الجوالة، هو فرض شروط سياسية بأنه «كلام سخيف وتافه ومرفوض».
البناء
الخامنئي وروحاني لأوروبا: العقوبات على بيع النفط والمصرف المركزي يقرّران مصير التخصيب
قصف بعشرات الصواريخ لمواقع إسرائيلية حساسة… ونتنياهو يفشل بتوسيط بوتين مع إيران
بري: أرشح الحريري والمالية لخليل
جعجع: تساوينا مع «التيار» ونريد ضعف الحصة الحكومية
مع تساقط الصواريخ على المواقع الإسرائيلية في الجولان المحتلّ، قالت البيانات الإسرائيلية إنّ إيران نفذت تهديداتها بالردّ المؤلم على الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع للحرس الثوري في سورية، مسقطة كلّ محاولات الاستخفاف بجدّيتها وقدرتها على تنفيذ هذه التهديدات، التي سبق وأكد جدّيتها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي دعا الإسرائيليين للاستعداد لردّ مؤلم، والتنبّه لكون حكومتهم قد ارتكبت حماقة كبرى وستندم على فعلتها، وبدون أن تعلن أيّ جهة مسؤوليتها عن هذه الصواريخ جاء إطلاق عشرات الصواريخ على مواقع إسرائيلية حساسة، نجحت بتخطّي شبكات الدفاع الجوي الإسرائيلية المكوّنة من بطاريات الباتريوت المستنفرة، والقبة الحديدية التي وضعت منذ أيام في حال جهوزية كاملة، بينما كان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يعود من زيارة إلى موسكو حاول خلالها إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتوسط مع إيران للامتناع عن الردّ على الغارة التي استهدفت موقعاً إيرانياً في مطار التيفور قرب حمص، مقابل وقف التصعيد الذي بدأته «إسرائيل» تحت شعار استباق الردّ الإيراني ومنعه عبر وصف الغارات التي استهدفت منطقة الكسوة جنوب دمشق بأنها استهداف لمنصات صواريخ إيرانية معدّة لاستهداف مواقع إسرائيلية.
المواقع الإسرائيلية نقلت فشل نتنياهو في إقناع الرئيس بوتين بالوساطة، وسمع منه غضباً روسياً شديداً من القرار الأميركي بالانسحاب من التفاهم النووي مع إيران والدور الإسرائيلي في التحضير لهذا القرار والتحريض عليه، ومثله الغضب الروسي من اللعب الإسرائيلي بنيران إشعال حرب في المنطقة عبر التصعيد في سورية.
محور المقاومة الذي لم يعلن أيّ من قواه بتوجيه الضربة، مستنفر لمواجهة كلّ الاحتمالات كما قالت مصادر مقرّبة من المقاومة، مضيفة أن لكلّ فعل إسرائيلي ردّ فعل، وأنّ السيادة السورية ليست مستباحة ولن تترك «إسرائيل» طليقة اليدين في الأجواء والأراضي السورية، والجيش السوري والحلفاء مستعدون لكلّ الفرضيات.
الردّ الإسرائيلي جاء موضعياً على المناطق القريبة من الحدود، والمصادر المتابعة تضع الردّ الإسرائيلي ضمن احتمالَيْ استيعاب الضربة، كما فعلت بعد عملية مزارع شبعا النوعية التي ردّت بها المقاومة على غارة القنيطرة قبل ثلاثة أعوام، وهذا يعني ولادة معادلة ردع جديدة، وسقوط نظرية أولوية إخراج المقاومة وإيران من سورية بالقوة، أو الذهاب للردّ في تصاعد قد يوصل المنطقة إلى مواجهة كبرى، لا تبدو «إسرائيل» جاهزة لها.
تأتي هذه الجولة بالتلازم والترابط بين تصعيدين دولي وإقليمي تقف إيران شريكاً فيهما، حيث تسير «إسرائيل» من جهة، وتسير واشنطن وأوروبا من جهة أخرى، في تحمّل مسؤولية ما سيفعله محور المقاومة وفي رسم خريطة طريق مستقبل ما ستفعله إيران تجاه التصعيد مع «إسرائيل» من زاوية، ومن زاوية مقابلة تجاه الالتزام بالتفاهم النووي ومندرجاته أو الخروج منه، وخصوصاً قرارها بالعودة إلى تخصيب اليورانيوم، أو مواصلة التزامها بما نصّ التفاهم عليه من الامتناع عن تخصيب مرتفع النسبة لليورانيوم، وذلك متوقف كما قال مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي والرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، بأنّ القرار يتوقف على طبيعة الجواب الأوروبي عن سؤالين، يتصلان بالتعامل مع العقوبات التي أعلنها الرئيس الأميركي، فهل ستتمكّن إيران من مواصلة بيع نفطها؟ وهل سيتمكن المصرف المركزي الإيراني من مواصلة التعامل مع المصارف الأوروبية؟
لا تهتمّ إيران كثيراً إذا جاء الجواب الأوروبي إيجابياً، بأنّ شيئاً لن يتغيّر بعد القرار الأميركي، ما إذا كان هذا الجواب حصيلة توزيع أدوار ضمني بين أميركا وأوروبا، أو حصيلة قرار أوروبي بالصمود بوجه الضغوط الأميركية ومواجهتها، فما يهمّها بالحصيلة هو تثبيت معادلة التفاهم الأصلية على طرفيه الغربي والإيراني، وقف التخصيب مقابل المتاجرة الحرّة بالنفط والتعامل الطبيعي مع المصرف المركزي الإيراني، وهذه المعادلة وضعت قيد التنفيذ مع بدء التفاهم، وستوضع مع تعرّضه للاهتزاز للتنفيذ أيضاً.
على الضفة الموازية لجهة التصعيد على الجبهة الإيرانية الإسرائيلية، كانت زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لموسكو، محاولة إسرائيلية لوساطة تتولاها موسكو عنوانها الحصول على تعهّد إيراني بعدم الردّ على الغارات الإسرائيلية على سورية، خصوصاً الغارة على مطار التيفور قرب حمص والتي استهدفت موقعاً إيرانياً، ونقلت الصحف الإسرائيلية خيبة أمل نتنياهو من استجابة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لطلباته، وتسجيل اعتراضه الغاضب على القرار الأميركي حول التفاهم النووي مع إيران من جهة، وعلى التصعيد الإسرائيلي من جهة ثانية، وعادت المواقف الإسرائيلية مع نهاية زيارة نتنياهو إلى موسكو للتحذير من خطورة الموقف، خصوصاً لجهة تأكيدات التقارير الإسرائيلية التي تتداولها القنوات التلفزيونية والمواقع الصحافية والإلكترونية، بأنّ إيران عازمة على توجيه ضربة قاسية لـ»إسرائيل»، وأنّ «إسرائيل» ترصد تحركات تبعث على القلق في الأراضي السورية، وبعد ساعات قليلة من نقل الإعلام الإسرائيلي لهذه التحليلات كانت الصواريخ قد بدأت بالتساقط في المواقع الإسرائيلية الشديدة الحساسية في الحرب الألكترونية والرصد والتنصّت وتلقي صور الأقمار الصناعية، كما وصفتها بعض المصادر.
لبنانياً، يتوزّع المشهد السياسي بين ثلاثة محاور، يشكل أوّلها القلق اللبناني من تداعيات التوتر المحيط بالمنطقة في ضوء التصعيد على جبهتي الملف النووي الإيراني، واحتمالات الذهاب لمواجهة بين أطراف محور المقاومة و»إسرائيل»، ومخاطر أن يطال لبنانَ بعضٌ من تداعيات هذا التصعيد المزدوج، والحاجة للتنبّه لمخاطر تعرّض الأمن اللبناني للاهتزاز. ويتلازم مع هذا القلق المشهد الناتج عن الأحداث المتفرعة عن الانتخابات النيابية ونتائجها، على مستوى الشارع واستمرار عناوين للتوتر، سواء عبر ما تشهده العاصمة بيروت أو تداعيات حادث الشويفات، لتلتقي دعوات القيادات السياسية للعودة إلى خطاب هادئ يبتعد عن لغة التشنّج والتراشق الكلامي التي رافقت الانتخابات. أما العنوان الثالث، فيرتبط باستحقاقات ما بعد الانتخابات النيابية، سواء لجهة التصويت في انتخابات رئاسة مجلس النواب، ونائب رئيس المجلس، وتسمية رئيس الحكومة، وتوزّع الحقائب، حيث سجل رئيس المجلس النيابي نبيه بري جملة مواقف كان أبرزها تأكيده إعادة تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة الجديدة، وتمسكه بإسناد حقيبة المالية للوزير علي حسن خليل في هذه الحكومة، بينما طالب رئيس حزب القوات اللبنانية بضعف عدد الحقائب التي تشغلها القوات في الحكومة الحالية انطلاقاً من كونها قد ضاعفت تمثيلها النيابي، متمهّلاً في تأكيد التصويت للرئيس بري في رئاسة مجلس النواب، وفي تسمية الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة، بينما قدّم مقاربة لقراءة النتائج في الانتخابات، تقوم على اعتبار حاصل ما نالته القوات موازياً لما ناله التيار الوطني الحر في التصويت المسيحي، وتقارب عدد المقاعد التي نالها كلّ من الفريقين، للدعوة لتغيير قواعد التعامل مع الوضع المسيحي، حيث هناك ثنائية تتقاسم النسبة الرئيسية من هذا التمثيل هي القوات والتيار بالتساوي.
شروط لعودة الحريري إلى السرايا؟
بينما ظّل الاستحقاق الانتخابي بتداعياته السياسية والأمنية يخيم على المشهد الداخلي، خطف قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الأضواء وسط ترقّب تأثيراته السلبية على العالم والمنطقة برمّتها، بما فيها لبنان، مع توقعات بأن تتصاعد الضغوط الأميركية السياسية والعقوبات المالية على حزب الله ربما تصل الى منعه من المشاركة في الحكومة المقبلة. غير أن مصادر مطلعة في فريق المقاومة أشارت لـ «البناء» الى أنه «بعد نتائج الانتخابات التي كرّست ثنائي أمل وحزب الله الممثل الشرعي للطائفة الشيعية في لبنان بحصدهما جميع المقاعد النيابية الشيعية وارتفاع حجم تمثيلهما الوطني إلى 75 نائباً من خلال التحالفات والتفاهمات مع قوى أخرى، لم يعُد بإمكان الولايات المتحدة ولا أي قوة في العالم منع حزب الله من المشاركة في الحكومة». وأوضحت المصادر أن «حزب الله وأمل والقوى الحليفة حصنوا المقاومة وسلاحها من خلال المجلس النيابي الجديد في المواجهة المفتوحة مع أميركا وإسرائيل ودول الخليج. وبالتالي سلاح المقاومة أُبعد أكثر عن دائرة الخطر الداخلي والخارجي أيضاً»، وأكدت بأن «حزب الله سيكون شريكاً أساسياً وفاعلاً في اختيار رئيس الحكومة والتركيبة الحكومية الجديدة والبيان الوزاري ولجهة فعالية مشاركته في الملفات الداخلية بحجم مشاركته في القضايا الخارجية والوطنية الكبرى»، ولفتت المصادر الى أن «الموقف الأوروبي من القرار الأميركي هو الذي سيحسم تأثير الانسحاب الأميركي السلبي على المنطقة، وبالتالي في ظل الموقف الأوروبي المعارض لقرار أميركا، فإن مفاعيل هذا القرار ستكون محدودة».
وأضافت المصادر بأن حزب الله لم يحسم خياره بمسألة استحقاق رئاسة الحكومة حتى الآن. وهو سيربط عودة الحريري أو غيره الى السرايا الحكومي بشروط تتعلق بمدى استجابة هذا الرئيس المكلف بالعمل وفق المصلحة الوطنية وليس للدول الخارجية والخليجية تحديداً، وبمدى التزامه بالأولويات الداخلية كملف النازحين السوريين والعلاقة مع الدولة السورية والسياسات المالية والاقتصادية. وتساءلت المصادر هل يستطيع الرئيس سعد الحريري الانفكاك عن التحالف الأميركي الخليجي لصالح تحالف داخلي لحل مشاكل البلد المتفاقمة؟ وهل سيبقى ممثل السعودية في لبنان والمعترض على سياسة العهد في ملفات عدة لا سيما النازحين السوريين والانفتاح على سورية؟ وأشارت المصادر إلى أن «حزب الله ليس ملزماً بتسمية الحريري والأمور مرهونة بمواقيتها».
الى ذلك يطل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم الاثنين المقبل، حيث يلقي كلمة يتطرق فيها الى التطورات الإقليمية ومستجدات الملف النووي الإيراني والعدوان الأخير على سورية، وذلك في الاحتفال التكريمي الذي يقيمه حزب الله في الذكرى السنوية الثانية لشهادة القائد الجهادي السيد مصطفى أمين بدر الدين «السيد ذو الفقار» في ثانوية الإمام المهدي مجمع شاهد التربوي – طريق المطار.
«التيار الحر»: التسوية مع «المستقبل» باقية وتتمدّد
غير أن مصادر التيار الوطني الحر تؤكد لـ «البناء» أن «استحقاق رئاسة الحكومة محسوم بالنسبة لتكتل لبنان القويّ ومرشحه الأوحد سعد الحريري انطلاقاً من التسوية الرئاسية المنجزة بين الرئيسين ميشال عون والحريري وهذه التسوية باقية وتتمدّد»، موضحة أن «تجربتنا مع الرئيس الحريري خلال العامين الماضيين تجعله الأقرب إلينا في المرحلة الحالية، لكن الأمر يحتاج الى مزيد من التشاور والتفاهم على بعض الملفات الخلافية كملف النازحين والعلاقة مع سورية»، أما في استحقاق رئاسة المجلس فرأت المصادر بأن «التيار لم يبحث هذا الأمر حتى الآن ولم يحسم خياره، وإن كان الرئيس نبيه بري المرشح الأوحد فلا يعني أننا سنصوّت له»، وأوضحت بأن «تصويتنا للرئيس بري يحتاج الى سلة تفاهم على جملة من الملفات أهمها طائفية الوزارات، حيث أعلن بري تمسكه بوزارة المال. وهذا نرفضه لأن لا طائفية للوزارات، بل للرئاسات فقط، والأعراف تؤكد اعتماد مبدأ المداورة في الوزارات السيادية»، وإذ لفتت بأن الحديث عن الحصص في الحكومة سابق لأوانه، لفتت الى أن «الرئيس عون والتكتل منفتحان على القوى السياسية للمشاركة في الحكومة التي ستكون وحدة وطنية كما الحكومة الحالية بما فيها القوات، لكن في حال فضلت استثناء نفسها عن المشاركة والبقاء في المعارضة. فهذا أمر يعود لها».
وأضافت المصادر بأن «نتائج الانتخابات كرّست التيار الوطني الحر الممثل الأول للمسيحيين واستطاع تأمين تكتل سياسي واسع مع الحلفاء يصل إلى 29 نائباً وسيرتفع خلال الأسبوع المقبل الى 30 مع انضمام أحد النواب إليه من دون ذكر اسمه الآن»، واشارت بأن «هذا التكتل سيكون داعماً لرئيس الجمهورية وبتصرفه ما يعزز قوة وشعبية الرئيس ميشال عون على الساحتين المسيحية والوطنية ويؤكد بأنه الرئيس القوي».
برّي: المالية خارج النقاش
إلى ذلك تنقل مصادر الرئيس بري عنه إصراره على التمسك بوزارة المال وللوزير علي حسن خليل تحديداً، مشيرة الى أن «هذا ما تؤكده كواليس ومداولات اتفاق الطائف وكرّسته الأعراف، وإلا كيف تتحقق مشاركة الطائفة الشيعية في السلطة التنفيذية؟»، مؤكدة «بأن لا مساومة في هذا الأمر الخارج عن النقاش ومسألة الفصل بين النيابة والوزارة تحتاج الى تعديل الدستور».
وتابع بري في أحاديث صحافية: «لم أحدّد بعد موعد جلسة لانتخاب رئيس المجلس النيابي الجديد وللجميع الحق بالترشّح وفي الجلسة نفسها سيتمّ انتخاب نائب الرئيس وأعضاء هيئة المكتب واللجان». وأكد انّ النائب المنتخَب «مصطفى الحسيني أبلغني سيكون ضمن كتلة التنمية والتحرير».
وتوجّه بري إلى المهنئين بفوز لائحة «الأمل والوفاء» في الانتخابات النيابية 2018 ، الّذين زاروه في المصيلح، قائلاً: «إنّني مشتاق، لأن المسّ يد كلّ منكم، كما أنتم بهذا الشوق نفسه. فهذا من كرامة من القلب إلى القلب، فلم ولن أبتعد عنكم، ولكن أعدكم أنّ في القريب العاجل تكون لنا لقاءات أخرى إن شاء الله». ولفت إلى «أنّني اليوم أطلب العذر والاعتذار من كلّ واحد وواحدة منكم وأشكركم والى لقاءات في مواعيد أخرى».
احتواء شرارة الفتنة في الجبل
في غضون ذلك، بقي الوضع الأمني المتوتر في منطقة الشويفات أولية الاهتمامات، مع نجاح المساعي الحزبية والسياسية والدينية في احتواء شرارة الفتنة في الجبل بعد الاشتباكات المسلحة بين مناصري الحزبين الاشتراكي والديمقراطي التي وقعت أمس الأول والتي أدّت الى سقوط قتيل من «الاشتراكي».
وأعلن النائب طلال أرسلان في مؤتمر صحافي، أن «الشاب علاء أبو فرج هو شهيد طلال أرسلان وشهيد الطائفة وكلّ بيت»، مبيّناً أنّني «سأبقى مصرّاً على الصمت الكامل في هذا الموضوع وبعد الدفن والمأتم، سيكون لنا كلام توضيحي بأدقّ تفاصيل ما حصل ويحصل في كلّ ثانية ودقيقة»، مضيفاً بأنّ «كلّ ما طُلب منّا من قبل الجيش اللبناني والأجهزة القضائية قدّمناه، وما هو عندي سلّمته ومَن ليس عندي، فأنا رفعت الغطاء عن كلّ مَن له علاقة من قريب أو من بعيد في الموضوع. إنّما الموضوع يجب أن يؤخذ بكامله وليس بجزئيته، فهناك محرّض وصاحب فتنة وكلام غير مسؤول». إلا أن مشايخ ومخاتير وفاعليات وعائلات المدينة، وبعد اجتماع عقدوه في منزل ابو فرج أمس، طالبوا ارسلان بـ «تسليم أمين نسيب السوقي المتواري والمتهم الرئيسي بحادثة الشويفات وابلاغنا الجواب القاطع بالتسليم او عدم التسليم خلال 24 ساعة من تاريخ صدور هذا البيان، حرصاً على وحدة الطائفة ووأد الفتنة داخل البيت الواحد».
واعتبر النائب تيمور جنبلاط ان «في هذه الأوقات الصعبة التي تمر بها الشويفات تسليم جميع المتورطين في الحادثة كمدخل لمعالجة الذيول بات ضرورة ملحّة». وغرّد رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب سائلاً: «هل أصبح أمين السوقي بنظر طلال إرسلان أهم من كل مشايخ وفعاليات الدروز ودماء أبنائهم ليرفض تسليمه».
حزب الله: لا علاقة لنا بأحداث بيروت
وأشارت مصادر أمنية لـ «البناء» الى أنه رغم الأحداث الأمنية التي وقعت قبل الانتخابات وأثناءها وبعدها، لا سيما في بيروت والجبل غير أنها لن تؤثر على الاستقرار الأمني الداخلي الذي لا يزال ممسوكاً ومتماسكاً، مؤكدة أن «اللعب بالأمن خط أحمر. وهناك غطاء سياسي كامل للأجهزة الامنية بضبط الأمن بالقوة».
وحملت مصادر سياسية بيروتية وزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس الحكومة وتياره السياسي المسؤولية عن الأحداث الأمنية في بيروت، نظراً للشحن الطائفي الذي مارسوه وانعكس سلباً على القواعد الشعبية في بيروت. واستغربت المصادر «تحميل حزب الله وأمل مسؤولية الاشتباكات في وقت على وزير الداخلية والأجهزة الأمنية حفظ الأمن وملاحقة المخلين بالامن واعتقالهم وتقديمهم للعدالة»، ولفتت لـ «البناء» الى أن «بيروت أثبتت من خلال نتائج الانتخابات بأنها لا زالت في موقع المقاومة للمشروع الأميركي الإسرائيلي وكسرت احتكار تمثيلها من قبل تيار المستقبل الذي تراجعت شعبيته». وأشارت الى أن «الانتخابات أعادت هوية لبنان المقاومة من بوابة عاصمته بيروت»، مشيرة الى «تنظيف المجلس النيابي من معظم النواب أصحاب الخطاب المتطرف والطائفي أمثال اللواء أشرف ريفي وخالد الضاهر ومعين المرعبي وفؤاد السنيورة وغيرهم».
وأشار حزب الله في بيان له الى أنه «تعليقاً على المواكب السيّارة والدرّاجة التي جابت مدينة بيروت وبعض المناطق وما رافقها، وتأكيداً على الموقف الذي صدر عن رئيس مجلس النواب نبيه بري باسم حزب الله و حركة أمل ننفي أي علاقة له بهذه المواكب، لا قراراً ولا إدارةً ولا توجيهاً»، مديناً «التصرفات الخاطئة والشعارات المسيئة إلى كرامات الناس بشكل قاطع».
ورأى الحزب أن «الحديث عن أن هذه التحركات والمواكب الجوّالة تهدف إلى فرض شروط سياسية، هو كلام سخيف وتافه ومرفوض»، مطالباً «الجميع بالتوقف الكامل عن تيسير أي موكب، مهما كان شكله أو المشاركة فيه، وعدم الاستجابة لأي دعوة من هذا النوع تصدر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ونعتبرها دعوة مشبوهة ومرفوضة».
الجمهورية
لبنان على عتبة تصريف أعمال طويـــل… وجُرح الشويفات قيد المعالجة
إجتماع في اليرزة بحضور السفيرين الأميركي والبريطاني
لبنان يواكب بحذَر تداعياتِ الانسحابِ الأميركي من الاتّفاق النووي مع إيران، ويحاول رصدَ الاحتمالات التي قد تترتّب على هذه الخطوة التي أربكت العالم، وأما على الضفة الداخلية، فما زال البلدُ تحت تأثير النتائج التي تمخّضت عنها الانتخاباتُ النيابية، وأحدثت تغييراً نوعيّاً في الخريطة النيابية وأحجام القوى والكتل، وبالتالي في الصورة السياسية بشكل عام. وإذا كان من المبكر الحديثُ عن كيفية تسييل هذه الخريطة سواءٌ على الصورة المجلسيّة التي تقترب من الحسم بعد انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي في العشرين من الشهر الجاري، وانتخاب رئيس المجلس وهيئة مكتبه خلال الأسبوع الذي يلي 20 أيار، فإنّ الاهتمامَ الداخلي ظلّ منصبّاً على العامل الأمني، في ضوء الاشتباك الدرزي بين الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديموقراطي اللبناني، والذي أخذ أبعاداً خطيرة ونحا الى تصعيدٍ غيرِ مسبوق بين الطرفين أدّى الى سقوط ضحايا ورَبط العلاقة بينهما بحبالٍ من جمرٍ قابل للاشتعال.
ظلّ العالم ومعه لبنان منشغِلاً بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد إعلان الانسحاب من الاتّفاق النووي مع إيران، وإعادة فرض العقوبات الأميركية عليها، والتي ستدخل حيّزَ التنفيذ «قريباً جداً»، على حدّ ما أعلن ترامب أمس متوعّداً طهران بـ»تداعياتٍ في غاية الخطورة» إذا ما شرعت في تطوير برنامجها النووي العسكري. قائلاً: «إذا لم تتفاوض إيران فإنّ شيئاً ما سيحدث لها».
وفي وقتٍ تواصلت فيه ردّات الفعل على القرار الأميركي، بين التأييد والرفض والأسف والانزعاج، وتأكيد الالتزام الأوروبي بالتنفيذ الكامل والفعّال للاتّفاق النووي، بدأت القراءاتُ السياسية في تداعياتِ خطوةِ الانسحاب السياسية والاقتصادية.
عون
وتابع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التطوّرات التي استجدّت في المنطقة عقب انسحاب ترامب من الاتّفاق النووي وردّات الفعل التي تركها وتحديداً العمليات التي استهدفت دمشق. واطّلع عون على التقارير التي تناولت التطورات قبل الحديث عن قرارِ لبنان بما يضمن مصالحَه ويحميه ممّا يجري من حوله.
ونُقل عن رئيس الجمهورية اعتبارُه أنّ الوضع دقيق وصعب للغاية. فالقرارُ الأميركي لم تتّضح نتائجُه المباشرة وغير المباشرة بعد، ولم يحظَ بالتأييد الدولي الجامع، فالعديد من الدول عارضته وكذلك الإتّحاد الأوروبي لم يوافقه الرأي، وهم أطراف أساسيون في هذا التفاهم. ولا سيما أنه تبيّن أنّ بعضاً من اركان الإدارة الأميركية يعارضه أيضاً.
طبارة لـ«الجمهورية»
وقال سفير لبنان في واشنطن سابقاً رياض طبارة لـ»الجمهورية»: إنّ الرئيس ترامب مصرٌّ على تفكيك كل الاتّفاقات المتعددة الأطراف التي حقّقها الرئيس باراك أوباما خلال تولّيه الرئاسة. ورأى «أنّ أوروبا ستبذل جهدَها لإنقاذ الاتّفاق النووي، ولكنها ستجد صعوباتٍ كبيرة في هذا المجال».
معتبراً أنّ « الرابحَ الأكبر سيكون روسيا، والى حدٍّ ما الصين، إذ إنّ إيران ستُضطر إلى الارتماء في أحضانهما أكثر فأكثر إذا لم تسارع أوروبا إلى إنقاذ الموقف وهي التي أصبحت لها مصالح اقتصادية حيوية مع إيران».
واعتبر طبارة أنّ «الضغوط الأميركية المتزايدة على إيران سترفع درجة الاحتقان المرتفعة أصلاً وقد تكثّف من المواجهات المحدودة المتبادَلة بين إسرائيل وإيران في سوريا، ولكنّ الأمور لن تصل إلى حربٍ إقليمية مفتوحة لأنها تحتاج إلى ضوءٍ أخضر أميركي بالنسبة لإسرائيل وضوءٍ أخضر روسي بالنسبة لإيران، ولا مصلحة لأحد في حربٍ كهذه خصوصاً أنها تحمل خطرَ المواجهة العسكرية المباشرة بين أميركا وروسيا في المنطقة».
جنبلاط
ورأى النائب وليد جنبلاط أنّ الشرق الأوسط دخل في المجهول مع كل الاحتمالات بعد خروج الولايات المتحدة من الاتّفاق النووي مع إيران، وقال في تغريدة: «لذا، وأكثر من أيّ وقت مضى، يجب إعادة النظر في المشاريع المفرطة في الفساد لباريس أربعة واتّباع سياسة إنتاجية بدل ترف الاستملاكات المشبوهة بقيمة 500 مليون دولار» .
تداعيات مالية
وفيما تمحور السؤال المطروح محلّياً، على التداعيات المحتمَلة لقرار ترامب، ظهرت أولى التداعيات أمس من خلال تراجع قيمة سندات لبنان الأجنبية (اليوروبوند) الى أدنى مستويات لها منذ أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري في تشرين الثاني الماضي.
وقد تراجعت السنداتُ اللبنانية المقوّمة بالدولار بما يصل إلى 2.745 سنت لتسجّلَ أدنى مستوياتها في عدة أشهر. وتكبّدت سندات بقيمة مليار دولار تستحق في العام 2022 أشدّ الخسائر، إذ هوت إلى 90.66 سنتاً.
يأتي ذلك في وقت، أعلن فيه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أنّ المركزي سيبيع سنداتٍ دولية بمليارَي دولار على مدى عام في إطار مبادلة ديون تقول الحكومة إنها ستعزّز احتياطيات البنك المركزي وتقلّص تكاليف خدمة الدين.
وفي هذا الإطار، رأى خبير اقتصادي أنّ توقيت تراجع قيمة السندات الدولارية المتداوَلة غيرُ مناسب للبنان، لأنه سيؤثر سلباً على سعر السندات التي يعتزم مصرف لبنان طرحَها للبيع في الأسواق الدولية والتي تصل قيمتها الى مليارَي دولار.
وقال لـ«الجمهورية» إنّ هذا الأمر قد يدفع مصرف لبنان ربما الى تأجيل عملية طرح السندات دولياً، الى أن تتوضّح أكثر صورةُ التداعيات الإقليمية للقرار الأميركي. (تفاصيل ص 11)
الشويفات
من جهة ثانية، ما زال الإحتقان يسيطر على الشويفات بعد الإشكال الذي شهدته بعيد الإنتخابات، وأدّى الى وقوع قتيل من مناصري الحزب «التقدمي الاشتراكي»، والذي توعّد أهلُه بعدم دفنه لحين تسليم الحزب «الديموقراطي اللبناني» قاتله.
وفي السياق، أعلن النائب طلال أرسلان أنه «سلّم من عنده وليس من واجبه التفتيش على باقي المتورّطين». فيما عقد اجتماع في مجلس آل ابي فرج في مدينة الشويفات، في حضور مشايخ الطائفة، مطالبين بتسليم القاتل خلال 24 ساعة.
الجيش
وعلمت «الجمهورية» أنّ قيادة الجيش أبلغت مَن يعنيهم الأمر في الحزب الديمقراطي اللبناني ولا سيما رئيسه الوزير أرسلان أنّ تسليم الجناة جميعهم أمر مطلوب قبل أن تُضطر قيادة الجيش الى اتّخاذ التدابير اللازمة لتأمين وقوفهم أمام المراجع الأمنية المختصّة.
كما علم أنّ القيادة لن تستكين قبل إتمام هذه المهمة ومن الأفضل أن تتمّ على يد المسؤولين الذين يوفّرون الحماية لهم. وفي الرسالة التي وجهت الى المعنيين لا مكان للرؤوس الحامية بين المدنيّين وإنّ الأمن خط أحمر وممنوع العبث به على الإطلاق.
مصادر عسكرية لـ«الجمهورية»
تزامناً، قالت مصادر عسكرية لـ«الجمهورية» إنّ على الجميع فهم معنى الرسالة التي وجّهتها الجولة التي قام بها قائد الجيش غداة الإنتخابات النيابية على مناطق الجنوب وبيروت وطرابلس لجهة إصرار المؤسسة العسكرية على الحفاظ على الأمن في أيّ منطقة من لبنان، فالجيش جاهز للقيام بما يجب من أجل أن تبقى الحياة طبيعية وأن يتحرّك اللبنانيون والمقيمون بأمان أينما شاؤوا.
ما بعد الانتخابات
داخلياً، وفي وقت تتواصل القراءات في أرقام نتائج الانتخابات، بالتوازي مع تحضّر مرشحين للطعن، نقلت قناة الـ«MTV» عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، قوله أنه لم يحدّد بعد موعدَ جلسة لانتخاب رئيس مجلس نيابي جديد، وأنه سيتشاور مع رئيسَي الجمهورية والحكومة لتحديده، مشيراً الى أنّ «للجميع الحقّ في الترشح. وحتّى لو فزتُ في التزكية، ففي الجلسة نفسها سيتمّ انتخابُ نائب رئيس مجلس النواب وأعضاء هيئة المكتب واللجان».
وأشار الى أنّ «تشكيل الحكومة قد يتأخر نظراً إلى التعقيدات»، وأنّ «مرشّحي لرئاسة الحكومة هو سعد الحريري بغضّ النظر عن موقف الأخير من وزارة المال»، مشيراً إلى أنّ «الفصلَ بين الوزارة والنيابة في حاجة إلى تعديل الدستور».
وأكّد تمسّكه بوزارة المال للطائفة الشيعية، وتحديداً للوزير علي حسن خليل»، وقال إنّ «قانون الإنتخابات في حاجة إلى تطوير»، لافتاً إلى أنّ «حجمَ كتلة «التنمية والتحرير» معروف، والمرشّح المنتخَب مصطفى الحسيني أبلغني أنّه سيكون ضمن الكتلة، وإذا أراد آخرون الإنضمام، فسنشكّل كتلتين».
وفي موضوع الإشكالات في بيروت، أوضح بري «أنّني لا أغطّي أحداً، وطلبتُ من الأجهزة الأمنية القيام بما يلزم».
نحاس
في غضون ذلك، كشف النائب المنتخَب نقولا نحاس لـ»الجمهورية» أنّ كتلة الرئيس نجيب ميقاتي ستكون نواةً لتحالف أكبر، مشيراً الى أنّ العمل بدأ لتشكيل كتلة نيابية وازنة تستطيع أن تشكّل قوة ضغط حقيقي في مجلس النواب من أجل تصحيح المسار الانحداري في البلاد. لافتاً الى أنّ الكتلة ستضمّ نواباً يشبهوننا ويُثبت تاريخُهم بالفعل لا بالقول، أنّ لديهم نفس توجهاتنا لبناء دولة فعلية».
الإتّحاد الأوروبي
وأثنى الاتّحاد الأوروبي على سير إجراءات العملية الانتخابية في لبنان، مؤكّداً «الوفاء بجميع الالتزامات التي تمّ التعهّد بها في أولويات الشراكة بين الاتّحاد الأوروبي ولبنان وكذلك الالتزامات التي أُقرّت في الأسابيع الأخيرة في مؤتمرات روما وباريس وبروكسل 2».
إجتماع اليرزة
ترأس قائد الجيش العماد جوزف عون في اليرزة، اجتماع لجنة الإشراف العليا على برنامج المساعدات الأميركية والبريطانية لحماية الحدود البرية اللبنانية، بحضور السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد والسفير البريطاني هيوغو شورتر، إلى جانب أعضاء فريق العمل المشترك. وتمّ خلال اللقاء عرض المساعدات التي قدّمها البلدان خلال المراحل السابقة والخطوات المقبلة لتلبية احتياجات وحدات الجيش المكلّفة بضبط الحدود الشرقية والشمالية».
مجلس الوزراء
على صعيد آخر، وعلى عكس المعلومات التي راجت أمس الأول علمت «الجمهورية» أنّ تفاهماً جرى بين المديرية العامة لرئاسة الجمهورية والأمانة العامة لمجلس الوزراء على تأجيل جلسة مجلس الوزراء التي قيل أنها ستُعقد اليوم الخميس الى الأسبوع المقبل، من أجل إفساح المجال أمام جميع الوزراء المشارَكة فيها بعد الإنتهاء من البرامج المقرّرة هذا الأسبوع والمرتبطة بالإحتفالات التي أعقبت الإنتخابات النيابية التي أُنجزت الأحد الماضي.
وعلمت «الجمهورية» أنّ الجلسة التي ستكون «الجلسة الوداعية» قبل دخول الحكومة مرحلة تصريف الأعمال فور انتهاء ولاية المجلس النيابي في العشرين من أيار الجاري ليس محسوماً أنها ستقارب الملفات الكبرى كملفات الكهرباء وغيرها. والمهلة الأخيرة التي أُعطيت لوزير الطاقة بشأن ملف الكهرباء ليست سلّة متكاملة، وأنّ بإمكانه تقديم تقارير مفصّلة الى مجلس الوزراء تتناول الملفّ من زوايا مختلفة دون أن يُعتبر ملفاً كاملاً.
فملفّ رفع إنتاج الطاقة إنتاجاً أو استيراداً ليس ملفاً واحداً وهو أمر منفصل عن التفاهم الذي طلب منه ومن وزير المال حول تقديم عرض الى الشركة التي بنت معمل دير عمار لإنتاج المزيد من الطاقة، لإدارته عن طريق الـ «BOT» وإنّ أيّاً من هذه التقارير إن تمّ إنجازُه سيُطرح على مجلس الوزراء فوراً.
الأخبار
برّي: لن أتخلّى عن الماليّة
حادثة الشويفات تتفاعل: المشتبه فيه يتوارى عـــن الأنظار
تحذير أميركي لـ«الطيران المدني»!
قدّم الرئيس نبيه برّي أمس، رواية شبه كاملة عن مسألة وزارة المالية في اتفاق الطائف وتجربته مع الرئيس الراحل رفيق الحريري في عام 1992. رئيس المجلس لن يتنازل عن وزارة المالية، وهو يضع نصب عينيه «تكتلاً نيابياً وطنياً عريضاً يحمي التوازن في البلاد»
«أوعا الصّبي»، «أوعا الصّبي»، يصرخ الرئيس نبيه برّي من على شرفة بيته في مصيلح، وهو يستعد لإلقاء كلمته أمام جموع المهنّئين بالفوز، الذين ضاقت بهم باحة البيت الفسيحة. كيف وصل الصبي إلى المنبر وعلى رأسه طاقيّة حركة أمل الخضراء، لا يهمّ، المهمّ أن رئيس المجلس النيابي «السابق»… والمقبل، عينه على الصغير، خشية تدافع عشرات الرجال حوله.
هو استفتاء يوازي الاستفتاء الذي نالته لوائح حركة أمل وحزب الله في الجنوب. هذا الجنوب قال كلمته وانتقى المقاومة خياراً بكل ألوانها، وأهله يجدّدون العهد ويأتون أفواجاً إلى مصيلح حاملين صور شهدائهم منذ صباح يوم الاثنين.
الوصول إلى مضافة الرئيس يكاد يكون مهمةً مستحيلة، الناس المتجمهرون من المدخل يجتاحون البوابات، ورجال الأمن حائرون. وهناك في الداخل، السعادة تمسح التعب المتراكم عن وجه الرئيس، الواقف منذ ثلاثة أيّام يسلّم على زوّاره باليد، وينحني لكي تقبّل الجنوبيات كتفه، وهو يطبع القبل على جبين صغارهم.
وكما في السيّاسة، كذلك على المائدة، يتابع نبيه برّي أدقّ التفاصيل، وببساطة جنوبية، يسأل عمّن لم يذق بعد كمّونة البندورة والبرغل وكبّة البطاطا، ويضيف أصابع «المسخّن» الصغيرة إلى صحون ضيوفه. على المقلب الآخر من الطاولة، تجلس زوجته رندة برّي. ومثل لاعِبَي «بينغ بونغ» يتبادلان المواقف والتعليقات والنّكات. حتى إن النّقاش في القانون الانتخابي الجديد وسيئاته، كاد أن يسبّب انقساماً داخل العائلة. انقسامٌ انتهى بنكتة، بعد أن أضاف برّي سيئة جديدة إلى القانون بأنه «بيعملّي مشكل مع رندة».
رئيس المجلس النيابي استبشر خيراً بخطاب رئيس الجمهورية ميشال عون. كلام عون مطمئن بالنسبة إليه، لكنّه يترك أيضاً خيارات أخرى، إن لم ينعكس الخطاب على سلوك التيار الوطني الحرّ والرئيس سعد الحريري في المرحلة المقبلة. عدّته بين يديه: كتلة كبيرة متنوّعة، وحلفاء موثوقون في كلّ المناطق ومن كل الطوائف، ومشروع لتشكيل «تكتل وطني» كبير يفوق الخمسين نائباً، «يشكّل ضمانة لكي يبقى البلد متوازناً». والتكتّل جاهز وأسماء أعضائه مدوّنة على ورقة بيضاء مطويّة، يلوّح بها رئيس المجلس ثمّ يضعها في جيبه رافضاً كشف تفاصيلها.
الأسئلة كثيرة، والضيوف تتفوّق عليهم حشرية الصحافيين، بينما ينتقي الرئيس كلماته وأجوبته بعناية.
الحديث عن نتائج الانتخابات، يفتح الباب على مصير عددٍ من النّواب، من النائب مصطفى الحسيني الذي فاز في جبيل، إلى نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، إلى النائب مصطفى حسين في عكّار. الحسيني صديق قديم لبرّي، أقله منذ عام 1992، وسرعان ما زاره بعد صدور نتائج الانتخابات، زيارة نائب صديق هذه المرّة. لم يحسم الحسيني خياراته بعد، وعندما سأل برّي عن رأيه، توافقا على أن ينسّق الحسيني مع حليفه النائب فريد هيكل الخازن، وإذا أرادا الانضمام إليه، ينضمّان إلى «التكتل»، لا إلى «كتلة التنمية والتحرير». يقول رئيس المجلس: أصعب أمرٍ عليّ أن يخون إنسان حليفه، أنا لا أقبل ولا مصطفى، شاركا معاً ويقرّران معاً خياراتهما وقدرتهما على الالتزام (مع التكتل)». أمّا الفرزلي، ومع أنه ترشّح عن التيار الوطني الحرّ في البقاع الغربي، فهو صديق «لدود» لبري، ورافقه في نيابة رئاسة المجلس، وهم يتقنان باحتراف صياغة «المؤامرات». لا يعرف برّي بعد من سيكون نائباً لرئيس مجلس النواب، لكنّه سمع أن «التيار» يريد النائب إلياس بو صعب، وهو يفضّل أن ينتظر ليعرف من أصحاب الشأن.
هل يشبه هذا التكتل تكتّل «لقاء عين التينة» الذي تشكّل قبيل صدور القرار 1559 والتحوّلات التي حصلت في تلك المرحلة؟ لا، يجيب برّي «الأخبار» بثقة، ويقول إن الظروف مختلفة والأمور أكثر تعقيداً، ومهمتنا في لبنان أن «ندير بالنا على البلد ونحفظ وحدتنا وتماسكنا الوطني، لا أن نفرق بين بعضنا وبعض».
أكثر الذين فرح برّي بفوزهم، كان النائب إبراهيم سمير عازار في جزّين لأن «المعركة كانت حامية». كان سعيداً طبعاً بفوز النائب ميشال المرّ في المتن، لكنه لم يُفاجأ.
ومن قانون الانتخابات، إلى أسئلة الحكومة. لم يحدّد رئيس المجلس إطاراً زمنيّاً لمهلة تشكيل الحكومة، لكنّها مهمّة لن تكون سهلة في اعتقاده و«ستأخذ وقتاً، للأسف»، لكنّه يفضّل لو أنّها تتشكّل سريعاً، لأن الأمور في المنطقة تتطوّر.
الحكومة تعني الأحجام، والخلافات حول الوزارات السيادية والخدماتية وسائر التعقيدات. لكنّ المعضلة الأبرز، هي وزارة الماليّة. الرئيس سعد الحريري لم يوافق برّي حول بقاء وزارة الماليّة مع «الشيعة»، ولمّح إلى المداورة، ولو أنه لم يقلها صراحةً.
قبل أن يعطي الرئيس جواباً حاسماً حول موقفه، يعود بالذاكرة إلى اتفاق الطائف. يومها لم يكن يشارك هو ووليد جنبلاط في المفاوضات. مثّلهُمَا هناك، النائب السابق زاهر الخطيب. كان الخطيب يبلغه عبر الهاتف مجريات المفاوضات، وما حصل من اتفاق لتحويل وزارة المالية إلى عرف من حصّة الطائفة الشيعية. وكذلك الأمر، يؤكّد برّي أن رئيس المجلس النيابي السابق الرئيس حسين الحسيني عاد وأكّد له هذا الأمر، وأن العرف مذكور في محاضر الاتفاق. وتابع برّي حول تجربته مع الرئيس الراحل رفيق الحريري، وكيف حصل الانقلاب على هذا العرف. بعد اتفاق الطائف، تولّى الوزير الراحل علي الخليل وزارة المال في حكومة الرئيس سليم الحصّ، أُولى حكومات عهد الرئيس الياس الهراوي، ثمّ عاد الخليل وتولّى حقيبة المال في حكومة الرئيس الراحل عمر كرامي، ثمّ تولّى الوزير أسعد دياب الحقيبة نفسها في حكومة الرئيس الراحل رشيد الصلح، التي تولّت إجراء الانتخابات النيابية (1992). وحين كُلِّف الرئيس رفيق الحريري، التقى الحريري برّي وسأله عمّن يريد وزيراً للمال، فسمّى برّي الوزير الراحل رضا وحيد، الذي كان في السابق مديراً عاماً لصندوق الضمّان الاجتماعي وأحد مؤسسي الصندوق في عهد فؤاد شهاب، «لم انتقِ حزبيّاً، بل مهنيّاً محترفاً»، يقول برّي. لم يشمل الاتفاق فقط اسم وزير المال، بل أيضاً طلب الحريري من برّي أن يُمنح صلاحيات استثنائية لحكومته، وقَبِل رئيس أمل بذلك.
في اليوم التالي، هرع سكرتير برّي (سيف) من الطابق الثاني إلى الثالث من مبنى مكتبه في بربور، ليبلغه بأن الحريري والهراوي شكّلا الحكومة، وعيّنا رضا وحيد وزير دولة لشؤون المغتربين وأن الحريري صار وزيراً للمال والسنيورة وزير دولة للشؤون المالية! زعل رئيس المجلس، وقرّر الاعتراض على طريقته، حتى لو كانا قد اتفقا مع السوريين، أي اللواء الراحل حكمت الشهابي ونائب الرئيس عبد الحليم خدّام. كان برّي متسلّحاً بعلاقته بالرئيس حافظ الأسد. ثم انتقل من بيروت إلى مصيلح، رافضاً أن يشارك في التقاط الصورة التذكارية.
بعد ساعات، تلقّى بري اتصالاً من الحريري يدعوه فيه إلى الصورة التذكارية، أجابه على عجل، لن أشارك بالصورة، «قولوا إني مريض»، سأله الحريري: لماذا؟ فقال له: «أنت خنتني أوّلاً، ولأنكما تخطيتما العرف ولم تطلعاني على التشكيلة الحكومية قبل إعلانها كما تقضي الأصول الدستورية». بعد الحريري، حاول الهراوي مرّة أخرى، متذرّعاً بأنه لم يكن يعلم بالاتفاق بينهما. لم يصدّق برّي، لكنّه ثبت على موقفه الرافض. لم يهدأ الحريري، واستعان بالشهابي وخدّام. في مساء اليوم ذاته، دعا خدّام برّي إلى زيارة دمشق في اليوم التالي. وفي دمشق، لم يكن يعلم أن الحريري قد سبقه إلى هناك، فدخل إلى مكتب الشهابي ليجد خدام والحريري هناك. بدأ الشهابي كلامه بالتأكيد أن بري «عروبي ولا طائفي»، قاطعه بري: «عروبي نعم، لكن طائفي»، قال الشهابي: «بلا مزح»، ردّ برّي: «تعلمنا الطائفية»! ثمّ روى ما حصل بينه وبين الحريري، مؤكّداً أنه لن يتراجع عن إسناد المالية إلى وزير شيعي، مكرراً أن الحريري خان الاتفاق و«لازم ما تزعل، وحدة بوحدة». فما كان من الحريري إلّا أن لمّح إلى إمكانية استقالته من التكليف، فقال له بري: استقل. شعر السوريون عندها بأنه صار ضرورياً أن يتدخل الرئيس حافظ الأسد. ذهب الشهابي جانباً وخابر الأسد، وبعد وقت، قال لبرّي إن الرئيس يريد أن يكلّمه على الهاتف. شرح برّي للأسد تفاصيل ما جرى، وطلب منه الرئيس أن يسهّل للحريري تحمّل مسؤولية وزارة المال، وبعد أخذ وردّ، ونتيجة المعطيات الاقتصادية والمالية، قال الأسد لبري: «الحريري يقول إنه يستطيع أن يضبط الدولار». وافق بري، وتبلغ المجتمعون بذلك، فما كان من الحريري إلا أن قال لبري: «وماذا عن اتفاقنا على منح الحكومة صلاحيات استثنائية»، فأجابه بأن أقصى ما يمكن أن يقدمه إليه هو التنازل عن وزارة المال، رغم اقتناعه بأنه بذلك يخالف روحية اتفاق الطائف».
عندها، خرج الشهابي من الغرفة، وتحدث مجدداً مع الأسد، وعاد طالباً من الرئيس نبيه بري أن يتابع الملف الحكومي مع الرئيس السوري. قال الأسد ما يعتقد أنه يبرر منح الصلاحيات الاستثنائية للحكومة. قال له الرئيس بري: أنت تعلم يا سيادة الرئيس أن هناك بعض النواب فازوا بالتزكية في دوائر مسيحية، ومع ظاهرة مقاطعة جزء كبير من المسيحيين للانتخابات الأخيرة، سيرسخ منح صلاحيات استثنائية للحكومة الانتقاص من صلاحية السلطة التشريعية المطعون في شرعيتها على خلفية موقف المسيحيين من الانتخابات، الأمر الذي قد يوحي للبعض بأن انقلاباً قد حصل، وأنّ الحريري مُنحَ كل شيء، وهذا الأمر لا يضرّ بالمجلس الجديد، بل وبسوريا الراعية للتسوية اللبنانية». صمت الأسد ثلاثين ثانية على الهاتف، ثمّ قال لبرّي: «تمسّك بموقفك حتى النهاية، لا صلاحيات استثنائية إذا أصرّ على وزارة المال». وهكذا كان، فبقي الحريري وزيراً للمالية، وبقي التجديد للسنيورة وزيراً مكلّفاً لشؤون المال، وطارت الصلاحيات الاستثنائية.
كلام رئيس المجلس مؤشّر إلى مدى تمسّكه بوزارة المال في المرحلة المقبلة. هو لن يربط تكليف الحريري برئاسة الحكومة، وسيسمّيه، لكنّه لن يساوم على وزارة المال. «إن كان لديهم مشكلة مع الوزير علي حسن خليل مثلاً أو أي وزير آخر، فليقولوا ما هي ويحضروا وثائق، وأنا أسمي غيره، لكن أن يكون الموقف اعتباطياً من الوزراء، فهذا غير مقبول». ماذا عن فصل النيابة عن الوزارة؟ يقول الرئيس إن «هذا الأمر يحتاج إلى تعديل دستوري، والرئيس عون يعرف ذلك». هل يمكن أن يصير عرفاً بلا قانون، خصوصاً أن السيد حسن نصر الله قال إن الحزب يخطّط لفصل النيابة عن الوزارة: «ممكن، ولكلّ قوّة سياسية حريّة الخيارات، لكن كيف؟ ما دام رئيس الحكومة نفسه نائباً، فلنبدأ من هناك».
بري: «الله يلعنهم… زعران»
الرئيس نبيه بري مستاءٌ جدّاً ممّا يقوم به بعض «المتفلّتين» في الشوارع بالمواكب السّيارة والدراجات النارية. بالنسبة إليه، هؤلاء يسيئون إلى كل البلد وإلى حزب الله وحركة أمل… «الله يلعنهم زعران». يقول رئيس المجلس النيابي إن الأجهزة الأمنية أوقفت حتى الآن 12 متورّطاً، وهو طلب من الأجهزة أن تتابع التحقيقات لمعرفة المتورّطين الآخرين وتوقيفهم.
كلام برّي، يصبّ في ذات الاتجاه الذي عبّر عنه بيان لحزب الله، أمس، نفى فيه الحزب أي علاقة له بهذه المواكب، «لا قراراً ولا إدارة ولا توجيهاً». وأدان «التصرفات الخاطئة والشعارات المسيئة إلى كرامات الناس بشكل قاطع»، مؤكّداً أن «الحديث عن أن هذه التحركات والمواكب الجوالة تهدف إلى فرض شروط سياسية، هو كلام سخيف وتافه ومرفوض». وختم الحزب بمطالبة «الجميع بالتوقف الكامل عن تسيير أي موكب مهما كان شكله أو المشاركة فيه، وعدم الاستجابة لأي دعوة من هذا النوع تصدر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ونعتبرها دعوة مشبوهة ومرفوضة». كذلك دعا «القوى الأمنية والأجهزة المعنية إلى تحمّل مسؤولياتها كاملة حفاظاً على الاستقرار وكرامات الناس وحقوقهم».
حادثة الشويفات تتفاعل: المشتبه فيه يتوارى عـــن الأنظار
لا تزال حادثة مقتل الشاب علاء أبو فرج في بلدة الشويفات، أول من أمس، تترك توتّراً كبيراً في البلدة بين مناصري الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديموقراطي اللبناني. إذ إن عائلة الشاب الضحيّة كانت ترفض حتى مساء أمس دفنه قبل أن يسلَّم المسؤول الأمني في الديموقراطي أمين السوقي نفسه لاستخبارات الجيش اللبناني، الذي تتهمه العائلة والاشتراكي بأنه المسؤول عن إطلاق قذيفة صاروخية على مكتب الاشتراكي في الشويفات أدت إلى وفاة أبو فرج.
طوال يوم أمس استمرت الاتصالات السياسية والرسمية وتدخلات الفعاليات الدينية والقوى الحزبية بالنائب طلال ارسلان بهدف إقناعه بتسليم السوقي، إلّا أن أرسلان يرفض ذلك، مؤكّداً لمراجعيه أنه لا يعرف مكان المطلوب. وبحسب المعلومات، فإن اتصالات عديدة أجرتها استخبارات الجيش وقادة أجهزة أمنية، بالإضافة إلى اتصالات سياسية عديدة حاولت إقناع أرسلان بتسليم السوقي، إلّا أنه بقي مصرّاً على موقفه، مؤكّداً أن السوقي ليس في منزله في خلدة. فيما تشير مصادر أمنية إلى احتمال أن يكون السوقي قد نُقل إلى سوريا. وقام عدد من مشايخ طائفة الموحّدين الدروز بالاتصال بأرسلان وزيارته، مطالبين إياه بتسليم السوقي، من دون أن يفلح هؤلاء بالوصول إلى النتيجة المرجوّة.
ومساءً، أطلّ أرسلان بمؤتمرٍ صحافي من منزله في خلدة، مستنكراً وفاة أبو فرج، وأنه «شهيد طلال أرسلان وشهيد الطائفة وكلّ بيت»، مؤكّداً أنه «بعد الدفن والمأتم، سيكون لنا كلام توضيحي بأدقّ تفاصيل ما حصل ويحصل في كلّ ثانية ودقيقة». غير أن أرسلان أشار إلى أن «كلّ ما طُلب منّا من قبل الجيش اللبناني والأجهزة القضائية قدّمناه، وما هو عندي سلّمته ومن ليس عندي، فأنا رفعت الغطاء عن كلّ من له علاقة من قريب أو من بعيد في الموضوع. إنّما الموضوع يجب أن يؤخذ بكامله وليس بجزئيته، فهناك محرّض وصاحب فتنة وكلام غير مسؤول»، في إشارة إلى الفيديو الذي انتشر للنائب أكرم شهيّب بعد الانتخابات.
كلام أرسلان لم يخفّف من التوتّر مع إصرار العائلة على تسليم السوقي قبل الدفن. وكان سبق كلام أرسلان، بيان صادر عن مشايخ الشويفات وفعالياتها، طالب أرسلان بـ«تسليم أمين نسيب السوقي المتواري والمتهم الرئيسي بحادثة الشويفات التي أدت إلى استشهاد الشاب علاء عقيد أبي فرج، وإبلاغنا الجواب القاطع بالتسليم أو عدم التسليم خلال 24 ساعة من تاريخ صدور هذا البيان، وذلك حرصاً على وحدة الطائفة ووأد الفتنة داخل البيت الواحد». النائب تيمور جنبلاط دعا بدوره إلى تسليم «جميع المتورطين في الحادثة كمدخل لمعالجة الذيول بات ضرورة ملحة، كما نثني على مضمون بيان مشايخ وأهالي الشويفات المطالب بتسليم الجاني خلال 24 ساعة، وكل التضامن مع أسرة الشهيد علاء أبي فرج ومع أهلنا في الشويفات».
تحذير أميركي لـ«الطيران المدني»!
بعد اعتداء طيران العدوّ الإسرائيلي على مطار الـ«تي فور»، في 9 نيسان الماضي، واستخدام العدوّ للأجواء اللبنانية لإطلاق الصواريخ التي استهدفت قوة من «الحرس الثوري» الإيراني ومستودعات إيرانية، أرسلت مديرية الشؤون السياسية في وزارة الخارجية اللبنانية مُذكرة اعتراض للأمم المتحدة والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. لم تتلقّ، في حينه، الخارجية اللبنانية أي ردّ على مُذكرتها. إلى أن وصلت، يوم أمس، إلى قصر بسترس، مُذكرة صوتية يرد فيها أنّه «يجب على مديرية الطيران المدني اللبناني أن تتخذ الإجراءات اللازمة، أمام احتمال حدوث أعمالٍ إرهابية». مصدر المُذكرة، هي السفارة الأميركية لدى لبنان. وقد استُلحق «التحذير»، باتصال أحد المسؤولين في السفارة الأميركية، بالخارجية اللبنانية، للتأكد من تسلّم «المذكّرة الصوتية». وبحسب مصادر دبلوماسية لبنانية، فإنّ «المُذكرة تجاهلت الاعتراض اللبناني السابق على استخدام العدوّ الإسرائيلي للأجواء اللبنانية، كما لو أنّهم باتوا يعتبرون أنّ الأجواء اللبنانية هي ساحة حرب، يجب أن يتم التعامل معها باحتياط». وقد تزامنت المُذكرة مع «تحليق للطيران الأميركي والفرنسي، أول من أمس، قبالة الشاطئ اللبناني».