سألت مصادر سياسية عما إذا كان الرئيس سعد الحريري "قالها من قلبه" : "مِن المستحيل أن أزور سوريا، لا في وقتٍ قريب ولا في وقتٍ بعيد، حتى وإن انقلبَت كلّ المعادلات، وإذا اقتضَت مصلحة لبنان ذلك. فساعتها بتشوفولكم حدا تاني غيري". وألمحت إلى أن هذا التصريح يأتي برسم "القلق الخليجي"، وتحديداً السعودية، من فقدان ـ مزيد من ـ النفوذ السياسي والإستراتيجي في لبنان. وما يدعم "نظرية" هذه المصادر، إعلان الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، عن أن "تأخر تأليف الحكومة تفوح منه الأوامر الخليجية. ظنّاً منهم أنّهم قد يربحون بالسياسة ما خسروه في الحرب والانتخابات". من ناحية أخرى اتخذ الإتحاد الأوروبي مواقف سلبية جديدة ـ تابعتها "الجمهورية" ـ في ملف عودة النازحين السوريين في لبنان.
اللواء
لاءات الحريري: لا حكومة أكثرية ولا تطبيع مع نظام الأسد
عيد الجيش اليوم يجمع الرؤساء.. وبرّي يوصل ما انقطع بين باسيل وبيت الوسط
قبل ان يجمع عيد الجيش اللبناني الـ73 الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه برّي وسعد الحريري، غط رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في عين التينة، بترتيبات وساطة قام بها نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي، وبحضوره، في محاولة لتجاوز قطيعة الماضي القريب والتي دامت ما لا يقل عن 5 أشهر، ومعلناً عن الشروع بفتح صفحة جديدة من التعاون التشريعي، قبل تشكيل الحكومة أو بعدها.
على ان البارز على هذا الصعيد، ما نقله زوّار رئيس المجلس ان الموضوع الحكومي حضر خلال الاجتماع من زاوية الخروج من المأزق..
ووفقاً لمعلومات «اللواء» فإن الرئيس برّي اثار الحاجة إلى إعادة وصل ما انقطع مع الرئيس الحريري، من زاوية حرصه على حكومة وحدة وطنية، لأن حكومة الأكثرية، قد تؤدي إلى انقسام داخلي لبنان في الغنى عنه في هذه المرحلة..
وبناءً عليه، أوفد الرئيس برّي معاونه السياسي وزير المال علي حسن خليل للقاء الرئيس الحريري في بيت الوسط، وهذا ما حصل فعلاً، ناقلاً إليه ان البحث يمكن ان ينطلق مما تمّ التداول فيه بين الرئيسين عون والحريري في لقاء بعبدا الأخير..
وقال النائب الفرزلي لـ«اللواء» ليلاً: «هناك تأكيد مركزي ان ما من أحد يشكل عقبة أمام الحكومة، ولكن المهم حُسن انتاج الحكومة مؤكداً ان التيار الوطني الحر لم يكن عقبة امام التأليف.
ورأى ان المطالبة بوضع المعيار لا يعني ان التيار هو العقبة. واعتبر انه اذا كانت النوايا سليمة فبالامكان الذهاب الى حكومة وحدة وطنية، وإن لم يؤيدها هو.
ووصف الاجتماع في عين التينة بأنه كان مناخ تسهيل وليس مناخ تعقيد.
ووفقاً لما اشارت مصادر مطلعة لـ«اللواء» فإن الرئيس عون سيتطرق في حفل تقليد السيوف اليوم إلى الملف الحكومي وما ينتظر لبنان في المرحلة المقبلة.
ولم تستبعد ان يُشكّل الاحتفال مناسبة لتداول الرؤساء في موضوع الحكومة.
ونقل عن الرئيس عون تأكيده على ضرورة تأليف حكومة في وقت قريب، لأن البلد لا يتحمل أي تأجيل في ظل تطورات إقليمية حاسمة، وكذلك تطبيق مقررات مؤتمر (سيدر 1) الذي يشترط فيه حكومة جديدة تلتزم برنامج الإصلاحات وآلية صرف المساعدات المالية التي اقرها..
الحريري: شوفو حدا غيري
من جهته، أبلغ الرئيس الحريري موفد الرئيس برّي رفضه تشكيل حكومة أكثرية، واعتبر ان الأساس هو معيار الشراكة رافضاً تشكيل حكومة أكثرية.
وفي مجال متصل قال الحريري: «من المستحيل ان ازور سوريا، في أي وقت، حتى ولو انقلبت المعادلات وإذا اقتضت مصلحة لبنان ذلك، فساعتها بتشوفولكم حدا تاني غيري»..
وحول العلاقة مع سوريا، أكّد الرئيس الحريري انها من صلاحية مجلس الوزراء ورئيسه الذي هو الناطق باسم الحكومة واي سباق نحو نظام الأسد لن تنعشه ضخات الاوكسجين الخارجية، وهو ما لاحظه الرئيس سعد الحريري فغرد قائلاً «بعض السياسيين في لبنان راكضين يروحو عسوريا قبل النازحين يا سبحان الله». واصفاً «المشكلات التي تواجه التأليف بأنها مفتعلة من قبل كل من يضع إعاقات في درب تشكيل الحكومة».
وكانت كتلة «المستقبل» قالت بعد اجتماعها برئاسة الرئيس الحريري إن «التزام مقتضيات الدستور في تأليف الحكومة هو الذي يحكم المسار الذي اختاره الرئيس المكلف، ويتقدم على ما عداه»..
واوضحت «ان التطابق والتفاهم كانا سيّدي الموقف حكومياً، اذ ان الرئيس بري والوزير باسيل اتّفقا على اهمية توحيد المعايير في تشكيل حكومة وحدة وطنية، وان الرئيس بري تأكّد خلال اللقاء اين مصدر العرقلة ومن يطلب اكبر من حجمه، علماً ان الجميع مستعجل لولادة الحكومة في اسرع وقت»، معتبراً ان تخريب تشكيل الحكومة هو تخريب للعهد.
وعلى ضفة التشريع، اتّفق الرجلان على التعاون والتنسيق، خصوصاً ان المجلس مُقبل على ورشة تشريعية مهمة على الصعد كافة، اذ ان باسيل ووفق المصادر حريص على تفعيل العمل التشريعي وانجاحه، وان تكتل «لبنان القوي» سيكون له الدور الفاعل في هذا المجال».
وكان التكتل الذي اجتمع برئاسة باسيل، طالب بأن يكون هناك تشريع بصورة دائمة، ولو في غياب الحكومة.
وعلمت «اللواء» ان باسيل أبلغ برّي استعداده لتلبية أية دعوة لزيارة بيت الوسط والاجتماع بالرئيس الحريري.
وفي السياق، علم من مصادر عين التينة ان الرئيس برّي يعتبر المجلس النيابي في حالة انعقاد استثنائي وفق المادة 69 من الدستور وبالإمكان عقد جلسة تشريعية ما ان تنجز مشاريع واقتراحات القوانين التي تدرس في اللجان، مع التأكيد ان عقد جلسة استثنائية تشريعاً أو مناقشة عامة ليست الغاية منها الا الحث على تأليف الحكومة وان المجلس سيّد نفسه.
والمادة 69 من الدستور تقول في فقرتها الثالثة انه «عند استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة يصبح مجلس النواب حكماً في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة».
وكان باسيل تحدث بعد اللقاء عن فن اللقاء الذي هو دائماً أفضل من استراتيجيات الصراع مع التسليم بالديمقراطية التي تحكم لبنان وتقتضي شروط التمثيل والعيش السياسي اللذين يتم من خلالهما تشارك الحكم بميثاقية وطنية كاملة أساسها التفاهم الوطني، وشدّد باسيل على ان البحث تطرق إلى كل ما هو خير للبنان مختصراً هذا اللقاء بكلمة واحدة، الخير. كما تحدث باسيل عن «فن المعايشة»، التي هي أبعد من التعايش».
تحذير البنك الدولي
وسط هذه الأجواء المربكة، حذر مسؤول رفيع في البنك الدولي من «دقة» وضع الاقتصاد في لبنان أمس، مشيراً الى قروض بقيمة أكثر من مليار دولار «عالقة» في أدراج مجلس الوزراء أو البرلمان بانتظار تحويلها استثمارات فعلية. وقال نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا فريد بلحاج خلال مؤتمر صحافي في بيروت بعد سلسلة لقاءات عقدها مع المسؤولين اللبنانيين: «الاقتصاد اللبناني في وضع دقيق». وأضاف «لا أشعر بالقلق على الاقتصاد، ولكنه في حال من الهشاشة» غير «الجديدة لكنها موجودة الى حد كبير ويجب أن نوليها اهتماماً بالغاً».
وأوضح بلحاج أن لدى البنك الدولي مشاريع بقيمة «نحو 1.1 مليار دولار لم يتم تحويلها بعد استثمارات فعلية. بمعنى أنها عالقة في (أدراج) البرلمان أو في مجلس الوزراء». وشدد على أن «وقف هذه المشاريع أو الغاءها سيكون عاراً وخسارة هائلة للجميع» مؤكداً في الوقت ذاته أن ذلك «بوضوح ليس تفضيلنا ونود حقاً المضي قدماً بهذه المشاريع في أقرب وقت ممكن». وأكد أن تحقيق نمو اقتصادي مستدام يمر عبر هذه «الاصلاحات البنيوية العالقة منذ سنوات».
وفي خطوة بالغة الأهمية لحماية الاستقرار المصرفي نجح الأمن العام اللبناني في تسجيل إنجاز جديد بالتعاون مع الاستخبارات العراقية عبر توقيف شبكة مؤلفة من عراقيين تقوم بتزوير وثائق حول ارصدة مفترضة بملايين الدولارات ونشر اخبار ملفقة بغرض ابتزاز عدد من المصارف اللبنانية وفق ما كشف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، إذ أكد من المطار، ان «الشبكة التي تتمّ ملاحقتها في العراق، والتحقيقات جارية على هذا الصعيد بما يخص القطاع المصرفي في لبنان فقال: «هذا الملف نتابعه منذ فترة بالتعاون مع السلطات العراقية المختصة، وعندما اكتمل لدينا الملف الاربعاء الماضي استوجب ذلك سفري الى العراق والتنسيق مع السلطات العراقية في محاولة لوضع حد له، واعتقد اننا نجحنا الى حد بعيد ونحن نبحث من وراء هذه العصابة لانه ليس هناك شيء بالصدفة يطال مئات ملايين الدولارات، فالموضوع يتجاوز المليار دولار».
وتابع: «اعتقد ان هناك استهدافا للقطاع المصرفي في لبنان، ونحن نلاحظ ونتابع ذلك منذ فترة، وكلنا يعلم ان احدى ركائز الاستقرار في لبنان هو القطاع المصرفي في البلد، ومن الممكن انه كان المطلوب ضرب الاستقرار في البلد».
ذكرى عيد الجيش
ويتطرق الرئيس عون في كلمته في احتفال تقليد بالسيوف اليوم للضباط الذين تحمل دورتهم اسم «فجر الجرود» وهم 35 ضابطا (24 من عداد الجيش، و10 من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وأمن المديرية العامة لأمن الدولة).
وقبيل العرض، يلقي الرئيس عون كلمة يتناول فيها دور الجيش اللبناني وأهمية انتصارات الجيش في مواجهة الإرهاب، حيث شدّد قائد الجيش جوزف عون للمناسبة الاستمرار في حماية لبنان ورسالته الجامعة في وجه العدو الإسرائيلي والخطه الارهابي.
البناء
التزام تركي في سوتشي بإنهاء النصرة وتسليم الطريق الدولي للجيش السوري وتسهيل الحلّ السياسي
باسيل في عين التينة والخرق الذي تسلّلت منه خطة 14 آذار الحكومية جرى إغلاقه
الحريري يردّ على عون برفض أيّ علاقة مع سورية… والأمن العام ينقذ المصارف
يواصل المسؤولون الروس في سوتشي حياكتهم الهادئة للثوب التركي الجديد، بعدما نجح الجيش السوري بإيصال رسالته بالنار عن التحضير لعملية تستهدف جبهة النصرة وداعش في مدينة إدلب وريفها، في ظلّ التلكّؤ التركي عن تنفيذ تفاهمات أستانة وتحوّل الوجود التركي إلى احتلال غير مشروع للأرض السورية. فكانت محادثات سوتشي حول النازحين وإدلب مدخلاً لتجديد الالتزام التركي هذه المرة بخطة تتضمّن إنهاء «النصرة» وفتح الطريق الدولي بين حماة وحلب وصولاً إلى الحدود التركية وتسليمها للجيش السوري، وتسهيل الحلّ السياسي عبر دفع الجماعات المحسوبة على تركيا في تشكيلات المعارضة للانخراط بتسويات ميدانية مع الجيش السوري، وصولاً للمشاركة في العملية السياسية تحت سقف سوتشي، خصوصاً أنّ الهاجس التركي الذي صار ذريعة للبقاء في سورية، هو القلق من الانفصال الكردي، يبدو وقد سلك طريقه التفاوضي نحو تسليم مناطق سيطرة «قسد» للدولة السورية، ما يسمح بجدول تنفيذي للالتزامات التركية وصولاً للانسحاب من سورية بالتوازي مع تقدّم التفاهمات بين القيادات الكردية والدولة السورية.
الفرصة الممنوحة للأتراك محكومة بسقوف ومهل، وقد تشبه المهلة التي منحت للأميركيين في الجنوب وعندما انقضت كان الخيار العسكري جاهزاً. وكما صار على الأتراك وجماعاتهم التحسّب لضياع المهلة عليهم الاستعداد للاختيار بين مواجهة مع النصرة أو مع الجيش السوري وحلفائه، وفي حال واجهوا النصرة سيجدون الدعم من سورية وحلفائهم ويحجزون مقعداً في التسوية الشاملة في سورية، وفي حال اختاروا مواجهة سورية والحلفاء ستكون تجربة شبيهة بما حدث في الجنوب.
في لبنان، شكّلت زيارة رئيس تكتل لبنان القوي وزير الخارجية جبران باسيل، لرئيس المجلس النيابي نبيه بري بمشاركة نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي فرصة لترميم الحلف الذي تصدّع عشية الانتخابات النيابية، وشكل تصدّعه الخرق الذي تسللت منه خطة الرابع عشر من آذار الحكومية للسيطرة على الثلث المعطل، بينما يشكل إغلاق هذا الخرق فرصة لإعادة التوازن للمفاوضات حول الحكومة، بحيث باتت اليوم أمام الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري، أغلبية برلمانية من 74 نائباً هم 45 نائباً من قوى الثامن من آذار و29 نائباً لتكتل لبنان القوي، وهذه الأغلبية بالمعنى الدستوري معادلة الثقة التي تحتاجها أيّ حكومة لتحكم، وعليه أن يصغي لها وهي تقول، إنّ الحكومة يجب أن تعبّر عن نتائج الانتخابات النيابية، وإنّ حجم الرابع عشر من آذار مساوٍ لحجم الثامن من آذار، مقابل ثلث ثالث مساوٍ لهما يمثله تكتل لبنان القوي وحصة رئيس الجمهورية، فما هي صيغة الحريري لتمثيل متساوٍ لكلّ من الثامن والرابع عشر من آذار؟ وما هو جوابه على الرسالة التي وصلته من الأغلبية النيابية؟
هل يشكل كلام الحريري عن رفض حكومة الأغلبية رداً معناه أنه يعتبر حكومة الأغلبية هي الحكومة التي تطلبها الأغلبية؟ أم أنّ كلامه عن العلاقة مع سورية وقوله إنه لن يذهب إلى سورية مهما حصل، وإنْ استدعت المصلحة الوطنية ذلك فسيرفض ويقول فتشوا عن غيري، والردّ موجه ضمناً لرئيس الجمهورية الذي قال إنّ العلاقة بسورية مصلحة وطنية؟
يحتفل لبنان اليوم بعيد الجيش في ظل حكومة تصريف أعمال. فالآمال التي كانت معلقة على تأليف حكومة قبل الأول من آب بدّدتها غيوم الصراع السياسي أواخر شهر تموز. ويبدو أن الحكومة لن تبصر النور قريباً. كل فريق متشبث بمواقفه وفق ما تقتضيه مصالحه. وبينما يلمّح كثيرون الى رغبة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بتأليف حكومة أكثرية وأقلية، فإن الردّ جاء بالمباشر من الرئيس المكلف سعد الحريري الذي أعلن في دردشة مع الصحافيين بعد ترؤسه اجتماع كتلة المستقبل أنه حصد 112 صوتاً ليس لينجز حكومة أكثرية، بل حكومة وفاق، والمشاورات حصلت باتجاه حكومة وفاق»، مؤكداً أن «المعيار الوحيد هو معيار الشراكة الوطنية. والأساس أن كل واحد يستوعب الآخر والمشاكل التي تواجه التشكيل»، مشيراً إلى أن «المشكلات التي تواجه عملية التأليف مفتعلة من كل مَن يضع العراقيل»، قائلاً «بعض المطالب محقة»، في إشارة الى مطالب القوات والحزب التقدمي الاشتراكي.
وبينما كان منتظراً أن يحطّ النائب البتروني في بيت الوسط، التقى الرئيس المكلف المعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل، وكان توافق على أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية. في حين أكدت مصادر التيار العوني لـ «البناء» أن لقاء الحريري باسيل سيحصل عندما يوجه الرئيس المكلف دعوة لرئيس التيار الوطني الحر، مشيرة الى أن القنوات مفتوحة بين تيار المستقبل وتكتل لبنان القوي عبر الوزير غطاس خوري والنائب الياس بوصعب، فما يهمنا لا يعد تجاوزاً للدستور أو إقصاءً لأحد، فكل ما نطالب به ضرورة اعتماد الرئيس المكلف المعايير الواضحة في التأليف، لا سيما أن كل تجاوب وتساهل من قبلنا لمطالب القوات، يقابلهما وضع معراب العصي في دواليب الحكومة من خلال لجوئها إلى فرض شروط على نوعية الحقائب وغير ذلك، وكذلك الحال مع النائب السابق وليد جنبلاط الرافض حقيقة أن انتخابات 6 أيار خلقت واقعاً جديداً على الساحة الدرزية سيأخذ بالحسبان عند تأليف الحكومة، في إشارتها إلى حق النائب طلال أرسلان بالتوزير.
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن الحكومة ليست مكافآت، بل هي تمثيل يجسد نتائج الانتخابات، والنتائج معروفة فضعوا قاعدة النتائج وليتمثل كل بحسب نتائجه. وعندها ننطلق في التشكيل من قاعدة موضوعية بدلاً من هذا التأخير الذي تفوح منه الأوامر الخليجية، التي تمنع تشكيل حكومة تتوازن مع واقع لبنان ظناً منهم أنهم قد يربحون بالسياسة ما خسروه في الحرب والانتخابات، محمّلاً «من يؤخر تشكيل الحكومة مسؤولية التدهور الذي يحصل في الوضع الاقتصادي وفي كل الأزمات الموجودة في البلد».
من ناحية أخرى، دخل الوزير باسيل إلى عين التينة بعد قطيعة طويلة بدأت قبل الانتخابات النيابية عقب وصف وزير الخارجية رئيس المجلس بـ»البلطجي» في أحد لقاءاته الانتخابية في البترون، معلناً أن «فن اللقاء أفضل من استراتيجيات الصراع مع التسليم بالديمقراطية التي تحكم لبنان وتقتضي شروط التمثيل والعيش السياسي اللذين يتمّ من خلالهما تشارك الحكم بميثاقية وطنية كاملة أساسها التفاهم الوطني». وشدّد باسيل على أن «البحث تطرّق إلى تأليف الحكومة وملف النزوح»، مختصراً اللقاء بأنه «لقاء الخير».
وشدّدت مصادر أمل لـ»البناء» على أن زيارة باسيل الى عين التينة جاءت نتيجة مساعي أطراف عدة ترتبط بعلاقة جيدة بالطرفين، مشيرة إلى أن الزيارة طوت الصفحة الماضية وعادت العلاقة الشخصية الى سابق عهدها، مؤكدة أن التوافق على الثوابت الاستراتيجية بين الحركة والتيار موجودة في السابق ولا تزال لا سيما العلاقة مع سورية ومقاربة ملف النازحين وأن الخلاف على بعض الملفات الداخلية لن يؤثر على هذه العلاقة، مشيرة الى أن الرئيس بري كرّر أكثر من مرة أنه لم يصوّت للرئيس عون في انتخابات الرئاسة، لكنه سيكون داعماً للعهد في سبيل المصلحة الوطنية.
وأمل رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية «أن يوفق الرئيس نبيه بري بمساعيه في هذا الإطار للوصول الى الحلّ المطلوب». ولفت الى أن «تشكيل الحكومة يواجه عقبات والبلد يحتاج الى إيجابية. وهذه المنافسة السلبية التي ما زلنا نعيش فيها منذ سنين هي المشكلة، حيث نلجأ بكل شيء الى السلبية للحصول على مطالبنا»، مشدّداً على أن «معالجة الوضع الاقتصادي تحتاج إلى دولة ومقوماتها و«نفضة».
وفي سياق الحرب المستعرة على جبهتي الرابية المختارة، شنّ النائب السابق وليد جنبلاط، هجوماً على باسيل ووزير الطاقة، مستشهداً بخطوة إقالة وزير الطاقة العراقي الذي هدر 40 مليار دولار»، قائلاً «البنك الدولي ينصح لبنان بالتخلي عن البوارج العثمانية وبناء معامل». متسائلاً «أليست هذه فرصة أيضاً لإقالة الوزير الحالي ومعلمه لحل عقدة الوزارة والكهرباء معاً، وأرقام الهدر تتساوى تقريباً بين العراق ولبنان؟»، علماً ان جنبلاط نفسه يعي ان الوزيرين جبران باسيل وسيزار ابي خليل هما في حالة تصريف الأعمال، إلا أن تغريدته أتت، بحسب المقربين منه، لتؤكد المؤكد أن الأمور على حالها، وأنه لن يتراجع قيد أنملة عن مطلبه.
واشارت مصادر بري لـ»البناء» إلى أن رئيس المجلس بانتظار تأليف الحكومة ولن يدعو الى جلسة تشريعية في الوقت الراهن كي يؤثر على مسار التأليف، لكن في حال طال أمد ولادة الحكومة، فإنه قد يلجأ إلى هذا الخيار كي لا تترك البلاد من دون مؤسسات فاعلة تواجه الازمات وتواكب الاستحقاقات لا سيما المالية والاقتصادية. وبالتالي يمكن ان يسد المجلس النيابي بعض الفراغ الحكومي حتى تولد الحكومة الجديدة مؤكدة بأن المجلس يحق له التشريع في ظل حكومة تصريف الأعمال ولا يمنع الدستور ذلك.
ولفتت مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي لـ»البناء» إلى أن التكتل سيكون مؤيداً للتشريع خلال مرحلة تصريف الأعمال إذا قرّر بري الدعوة الى جلسات عامة لهذا الشأن، من منطلق أن الوضع يستوجب إقرار مشاريع واقتراحات عدة لمواجهة التحديات.
وفي سياق آخر، في ذكرى شهداء الجيش أكد الرئيس العماد ميشال عون أن لا شيء يعوّض خسارة الاستشهاد سوى متابعة النضال في سبيل الوطن الذي حلم به شهداؤنا واستشهدوا من أجله. وأكد قائد الجيش في أمر اليوم، متوجهاً الى العسكريين بالقول «أدعوكم إلى مزيد من اليقظة للحفاظ على جهوزيتكم الكاملة، وضمان وحدة الوطن وسلامة أراضيه وسلمه الأهلي. وإذا كان لبنان قد حقق نصراً حاسماً على الإرهاب، فإن ذلك لا يعني إطلاقاً أنه أصبح بمأمن. فالعدو الإسرائيلي هو المستفيد الأول من الإرهاب في المنطقة، وعينه على أرضنا وثرواتنا الطبيعية، وهو لن يوفر فرصة إلا وسيحاول من خلالها تحقيق أطماعه، لكن لبنان القوي بجيشه المحصّن بشعبه، سيدافع عن حقه في أرضه وكيانه وثرواته، وسيتصدّى لأي محاولة لمسّها أو الانتقاص منها مهما غلت التضحيات».
من ناحية أخرى، نجح الأمن العام اللبناني في تسجيل إنجاز جديد بالتعاون مع الاستخبارات العراقية عبر توقيف شبكة مؤلفة من عراقيين تقوم بتزوير وثائق حول أرصدة مفترضة بملايين الدولارات ونشر أخبار ملفقة بغرض ابتزاز عدد من المصارف اللبنانية.
وأكد مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم أن «حجم الاستهداف للمصارف اللبنانية بلغ حوالي مليار دولار»، مشيراً الى أن «الشبكة مؤلفة من عراقيين ولبنانيين، دور العراقيين أساسي فيما اللبنانيين ثانوي». وأوضح ان «التحقيقات في العراق يجب أن تكشف عن هذا الاستهداف للقطاع المصرفي في لبنان».
الجمهورية
مرحلة جديدة بين برِّي وباسيل… لكنّ طريق التأليف ما تزال مقفلة
تتّجه الأنظار اليوم إلى قصر بعبدا حيث يُرتقب انعقاد لقاء بين الرؤساء الثلاثة إثر تقبُّلِهم التهاني بعيد الجيش ومشاركتِهم في احتفال تقليد السيوف لضبّاط دورة «فجر الجرود» المتخرّجين من الكلّية الحربية. فيما تترقّب الأوساط السياسية مضمونَ الخطاب الذي سيُلقيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الاحتفال بعِيد الجيش، حيث يُنتظر أن يتضمّن أن يعطيَ مقاربةً واضحة وصريحة للتطوّرات الداخلية والإقليمية، وكذلك لبعض الملفات المطروحة وما يواجه لبنان في هذه المرحلة الحرجة من استحقاقات حكومية وسياسية وأمنية واقتصادية.
في خضمّ غرق تأليف الحكومة بين أطواق من التعقيد منذ أكثر من شهرين على تكليف الرئيس سعد الحريري، خطفَ الاضواءَ أمس اللقاء في عين التينة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل الذي زاره في حضور نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، وذلك بعد قطيعةٍ امتدّت بضعة أشهر منذ واقعة فيديو «محمرش» الذي وصَف فيه باسيل رئيس المجلس بـ«ألبلطجي».
وقد عوّل البعض على ان يقدم لقاء عين التينة جرعة من الايجابيات بما يساهم في حلحلة العقد التي تعوق ولادة الحكومة، خصوصاً انّ موضوع تأليف الحكومة حاز القِسط الاكبر من البحث بين بري وباسيل، إذ دام اللقاء بينهما نحو ساعة وعشر دقائق. وعلمت «الجمهورية» انّ الاجواء «كانت ودّية»، ودار خلالها البحث حول قضايا مختلفة، وشكّل الوضع الحكومي نقطة البحث الرئيسة فيه واستحوَذ على معظم اللقاء.
وفيما اكتفى بري بالاشارة امام زوّاره الى «انّنا ركّزنا خلال اللقاء على الوضع الحكومي». علمت «الجمهورية» انّ باسيل قدّم عرضاً لموقف «التيار الوطني الحر» من مسألة تأليف الحكومة، وكان حريصاً على تظهير صورة انّ التيار وهو شخصياً «ليسا في الموقع المعطل للتأليف، خصوصاً انّ ما يطالب به «التيار» هو ما يَعنيه حصراً».
وخلال حديثه بدا باسيل مستاءً من المناخ العام الذي يضعه هو في موقع المسبّب بتعطيل تأليف الحكومة. وحسب المعلومات فإنّ بري وباسيل تبادلا الافكار والآراء حول الوضع الحكومي، لكن من دون التركيز على نقطة او تفصيل محدد. وكان اللافت في هذا المجال تعمُّد بري نعيَ فكرةِ «حكومة الاكثرية» امام صاحب هذه الفكرة نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، حيث كرّر إصراره على «انّ البلد لا يقوم إلّا بحكومة وحدة وطنية»، مشدداً على «أنّ الحوار والتلاقي هما السبيل الى حلّ كل الالتباسات والعقبات، والأهم هو عدم تمترسِ ايّ طرف خلف مواقفه وشروطه لأنّ هذا التمترس لا يوصِلنا الى شيء، بل يُبقي على الأزمة مكانها. واستشهد بري بعبارة وردت في إحدى خطبِ البابا فرنسيس يشدّد فيها على الحوار، وتلاها على مسمع باسيل.
وفي المعلومات ايضاً أنّ باسيل كرر القول مرّات عدة خلال اللقاء ما مفاده «أنّنا لا نستهدف احداً ولا أيّ طرف، وأنّ ما نقوم به فقط هو انّنا نطالب بحصّتنا نحن كتيّار وطني حر وتكتل «لبنان القوي»، وإذا أراد احد ان يعطيَ فليعطِ من حصته»، وقال: «إنّ هناك من يُحمّلني مسؤولية تعطيل تأليف الحكومة، مع العِلم انّني لا اطالب إلّا بحصتنا لا اكثر».
وإذ انتهى اللقاء الى أملٍ في ان تبرز الايجابيات على خط التأليف بما يؤدي الى ولادة الحكومة قريباً، أوفَد بري بعده الوزير علي حسن خليل الى «بيت الوسط» حيث أطلع الحريري على اجوائه.
وسُئل بري امام زواره: هل دخلتَ على خط الوساطة لتسهيل تأليف الحكومة؟ فأجاب: «أنا لستُ وسيطاً ولم يفوّضني احد بذلك، ولكن تبعاً لِما جرى خلال اللقاء مع الوزير باسيل احببتُ أن ابادر الى نقلِ الايجابيات التي يمكن ان تقرّبَ بين المواقف». وأكّد «انّ الاهمّ هو عدم تمترس جميع الاطراف خلف مواقفهم».
وسُئل بري ايضاً عمّا يُحكى عن مطالب بعض الافرقاء بأن تكون حصصهم في الحكومة نسبةً الى احجامهم النيابية، فقال: «اذا اعتمدنا هذه النسبية، فمعنى ذلك انّ حصتي انا كثالث اكبر كتلة نيابية تكون اكبر ممّا ارتضيناه، أي ثلاثة وزراء، وقد ارتضَينا بهذه الحصة في سبيل تسهيل تأليف هذه الحكومة، ونحن على اقتناع بذلك».
وعمّا اذا كانت الايجابيات التي انتجَها اللقاء مع باسيل يمكن ان تثمرَ ولادة الحكومة قريباً، قال بري: «أنا ما زلت عند موقفي وهو انّ الحكومة يجب ان تؤلَّف في اسرع وقت ممكن، وهذا ينبغي ان يكون هدفَ الجميع، والطريق الى ذلك يبدأ بالجلوس الى الطاولة وانعقاد لقاءات ونقاشات، وأهم شي تصير لقاءات».
وعمّا إذا كانت هناك عوامل خارجية تعوق تأليفَ الحكومة، قال بري: «هناك ظنٌّ بذلك، وهو ظنّ مشروع، ولكن أنا شخصياً لم ألمس دليلاً يؤكّده حتى الآن».
باسيل
ومن جهته، وصف باسيل اللقاء مع بري بـ«لقاء الخير»، وقال إنّ «فنّ اللقاء هو أفضل من استراتيجيات النزاع، ونحن في حاجة إلى الالتقاء مع بعضنا كلبنانيين». وقال: «تكلّمنا في كثير من المواضيع المفيدة للبلد والتي إن شاء الله تساعدنا في كلّ المجالات، من تأليف الحكومة الى حلّ مشكلات لبنان السياسية، الى موضوع النازحين».
الحريري والتأليف
الى ذلك وعلى جبهة التأليف وبعد مرور اكثر من شهرين على التكليف، حسَم الحريري امس موقفَه الرافض تأليفَ حكومة اكثرية، فقال: «أنا لست مع حكومة أكثرية»، مشيراً الى انه حصَل على 112 صوتاً من النواب لتسميته رئيساً للحكومة لكي يشكّل حكومة وفاق وطني، وأكّد «أنّ المشكلات التي تواجه تأليف الحكومة مفتعَلة من كل من يضع إعاقات في درب التأليف»، معتبراً «أنّ بعض المطالب محقّة. وأكد انّ «المعيار الوحيد هو معيار شراكة وطنية».
وفيما الجميع ينتظر انعقاد اللقاء المرتقب بينه وبين باسيل، قال الحريري: «لم يحصل فرصة للقاء باسيل، وأرى أنّ ايّ شيء فيه تواصُل نحن لسنا ضده».
أمّا مصادر تكتل «لبنان القوي» فقالت لـ«الجمهورية»: «عندما يطلب الحريري من باسيل اللقاء يلبّي». وشدّدت على انّ العلاقة بينهما «جيّدة»، وأنّ «الاتصالات قائمة».
وقالت مصادر وزارية مطّلعة على حركة الاتصالات التي كانت جارية بين القصر الجمهوري و«بيت الوسط» لـ«الجمهورية»: «إنّ تمسّك الحريري بحكومة وفاق وطني تلتقي مع رغبة ودعوة رئيس الجمهورية الذي شدّد ايضاً على الحفاظ على معيار واحد في التشكيلة الحكومية المنتظرة». واضافت: «أنّ حكومة من هذا النوع تلزِم السعي الى تشكيلة تعتمد معياراً واحداً لتتحقّق المساواة بين جميع الأطراف بعد ترجمة احجامها، ولا تُغلّب فريقاً على آخر».
«الحزب»
في هذا الوقت، قال «حزب الله» بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم إنّ «كلّ المبررات التي يسوقونها لتبرير تأخير التأليف هي مبررات غير مقنعة، لأنّ طبيعة الإشكالات لها علاقة بالمحاصصة والمغانم وليس لها علاقة بتمثيل الناس داخل الحكومة». وشدّد على «انّ الحكومة ليست مكافآت، بل هي تمثيل يجسّد نتائج الانتخابات، والنتائج معروفة، فضعوا قاعدةَ النتائج وليتمثّل كلٌّ بحسب نتائجه وعندها ننطلق في تأليف الحكومة من قاعدة موضوعية بدلاً من هذا التأخير الذي تفوح منه الأوامر الخليجية، التي تمنع تأليفَ حكومة تتوازن مع واقع لبنان ظنّاً منهم أنّهم قد يربحون بالسياسة ما خسروه في الحرب والانتخابات. وهنا نحن نُحمّل من يؤخر تأليفَ الحكومة مسؤولية التدهور الذي يحصل في الوضع الاقتصادي وفي كلّ الأزمات الموجودة في البلد».
«التيار» ـ «التقدمي»
مِن جهةٍ ثانية، تكهربَت الأجواء مجدداً ومِن دون سابق إنذار بين «التيار الوطني الحر» والحزب التقدمي الاشتراكي، وانطلقت حرب تغريدات بدأها رئيس الحزب وليد جنبلاط بالقول: «في العراق وبعد اسابيع من الاحتجاج اقيلَ وزير الطاقة الذي هدرَ 40 مليار دولار… والبنك الدولي ينصح لبنان بالتخلّي عن البوارج العثمانية وبناء معامل». وسأل: «أليست هذه فرصة ايضاً لإقالة الوزير الحالي ومعلّمِه لحلّ عقدة الوزارة والكهرباء معاً… وأرقام الهدر تتساوى تقريباً بين العراق ولبنان»؟
وردّ وزير الطاقة سيزار ابي خليل سريعاً على جنبلاط بتغريدة قال فيها: «فعلاً لمّا بدَّك تقلّل شِئمة ببَطِّل في شي عيب… إنّو يا بدنا نشتري منكن كهرباء من وحدات إنتاجية توضع على سنسول الكوجكو أو الهدر يلّي عملتوه من سنة 1990 لليوم، بكون مسؤوليتنا؟»
أبي خليل لـ«الجمهورية»
وقال ابي خليل لـ«الجمهورية»: «لا يحقّ لمن فشِل في إدارة 4 دوائر في كهرباء لبنان ان يعيّر سواه، ولا يحقّ لمن رفض كلّ الحلول المطروحة في مجلس الوزراء وعرقلَ المشاريع ان ينتقد سواه. نحيلكم الى تصريح الوزير اكرم شهيّب الشهير في 25 حزيران 2012 : «نحن في الحكومة لعرقلةِ مشاريع تكتّل التغيير والإصلاح».
«التقدمي»
من جهتها، اوضَحت مصادر «التقدمي» لـ«الجمهورية» أنّ جنبلاط «يتابع ملف الكهرباء منذ فترة طويلة، وهو يضغط باتجاه ايجاد الحلول اللازمة له، خصوصاً وأنه يستنزف ملايين الدولارات سنوياً من دون جدوى وبعد فشلِ كل المقترحات وسقوط المواعيد المتتالية لتزويد اللبنانيين الكهرباء 24 على 24 من حق جنبلاط الدعوة الى إقالة وزير الطاقة. فلماذا هذه الحساسية المفرطة لدى «التيار» في كلّ مرّة يُثار فيها ملف الكهرباء؟ أهيَ صفقات يا ترى؟».
من جهته، سأل مفوض الإعلام في «التقدمي» رامي الريّس في تغريدة: «قبل ان تنطلق جوقة الردود الخالية من أيّ مضمون إلّا الشتائم، وبعضها انطلق بالفعل، هل استعاد اللبنانيون الكهرباء مثلما وُعدوا بها منذ عشر سنوات؟ وهل لمسَ الرأي العام اللبناني شفافية في إدارة هذا الملف الذي تفوح منه رائحة الصفقات؟ ولماذا كفّت يد إدارة المناقصات؟».
النازحون والاتحاد الأوروبي
وفيما لا يزال الاتفاق الاميركي – الروسي حول النازحين السوريين يتفاعل، ويَبحث لبنان عن آليات عملية للتطبيق، اعتبَر الاتحاد الأوروبي أنّ عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، يجب أن تتمّ تحت راية المفوّضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وبموجب مقتضيات القانون الدولي، بحيث تتمّ مراعاة مبدأ الطوعية وعدم الترحيل القسري.
جاء هذا الموقف في تعليق أحدِ المتحدثين باسمِ الاتحاد على موضوع إعادة اللاجئين السوريين من لبنان برعاية روسيّة، والذي قال: «في ظلّ الظروف الحالية حيث انعدام الأمن، نرى أنّ شروط العودة الطوعية غير متوافرة».
وقال لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء: «إنّ بروكسل تراقب ما يجري في لبنان من عمليات إعادة للّاجئين سوريين. ونحتاج حالياً إلى ضمان الحماية المستمرّة لهؤلاء من مخاطر الإخلاء القسري وتحسين وضع إقامتهم القانوني». وأكد أنّ الاتحاد الأوروبي «يتفهّم مخاوف الدول التي استضافت اللاجئين السوريين على مدى سنوات»، مذكّراً «أنّ الدول والمؤسسات الأوروبية قد حشدت منذ 2011 مبلغ يصل إلى 10,8 مليارات يورو لمساعدة اللاجئين والمجموعات المضيفة لهم».
موقف بكركي
في هذا الوقت، صدر أوّل موقف لبكركي من الاتفاق الاميركي ـ الروسي، وقالت مصادرها لـ«الجمهورية»: «إننا نرحّب بهذا الاتفاق، وكنّا ننتظره منذ فترة لأنّ الحل للأزمة السورية ولأزمة النازحين هو في يد الدول الكبرى، ونتمنى أن تكون هناك جدّية في التطبيق لأنّ الوضع لم يعد يُحتمل». وأكدت أنّ «حلّ أزمة النزوح مطلب وطني، ونتمنى أن ينتج عن هذا الإتفاق عودة كاملة لأنه يجب على السوريين أن يعودوا الى وطنهم بكرامة، وهذا مطلبهم قبل أن يكون مطلبنا».
الحريري وسوريا
ومن جهةٍ ثانية قال الحريري في دردشة مع الصحافيين بعد اجتماع كتلة «المستقبل» أمس إنه لن يزور سوريا، قائلاً: «مِن المستحيل أن أزور سوريا، لا في وقتٍ قريب ولا في وقتٍ بعيد، حتى وإن انقلبَت كلّ المعادلات، وإذا اقتضَت مصلحة لبنان ذلك «فساعتها بتشوفولكم حدا تاني غيري». وكان الحريري قد انتقد إصرارَ البعض على تطبيع العلاقات مع النظام السوري، وقال في «تغريدة»: «بعض السياسيين بلبنان راكضين يروحو عسوريا قبل النازحين… يا سبحان ألله، مدري ليش…».
الأخبار
لقاء عين التينة: رفض التشاطر والتعطيل
الحريري وجنبلاط وجعجع: معاً في الحكومة وخارجها
لم تساهم المشاورات التي جرت، أمس، في كسر المراوحة المستمرة في ملف تشكيل الحكومة، بل صبّت في خانة سعي معظم الأطراف إلى إبعاد تهمة العرقلة أو تحمّل مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة عن نفسها. وفيما كان من المُنتظر أن يزور وزير الخارجية جبران باسيل وادي أبو جميل للقاء رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، فاجأ باسيل الجميع بزيارة عين التينة للقاء الرئيس نبيه برّي، في مسعى قام به نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي لفتح أبواب جديدة أمام رئيس التيار الوطني الحر، بعدما قرر هو إقفال أبوابه مع الحريري وقبله مع النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
وقد وصفت مصادر المجتمعين في عين التينة اللقاء بـ«سوبر إيجابي، وساده الكثير من الودّ». وأوضحت لـ«الأخبار» أن «شقاً من اللقاء كان استراتيجياً، وكان هناك توافق كبير على مقاربة قضايا المنطقة والحرب في سوريا وملف النازحين». وكذلك الأمر في ما يتعلق بملف تأليف الحكومة و«ضرورة اعتماد مبدأ وحدة المعايير»، مع التشديد على «أننا كلنا نريد حكومة وحدة وطنية ونريد سعد الحريري على رأسها». كذلك فإن الرؤية كانت متقاربة في أن سبب التأخير في تأليف الحكومة يبدو خارجياً أكثر منه خلافاً على الحصص والحقائب، وفي «أن هناك محاولة للتشاطر عبر إظهار منسوب كبير من التفاؤل ومحاولة رمي التعطيل على أطراف أخرى».
من جهته، كرر الفرزلي في اللقاء موقفه الداعي إلى تشكيل حكومة أكثرية، إلا أن بري كان واضحاً في إصراره على حكومة وحدة وطنية، وشدد على استمرار الحوار وعدم التمترس وراء الشروط والشروط المضادة، «لأن مثل هذا التمترس لا يُمكن أن يصل بنا الى أي مكان، بل سيبقي الأزمة مستمرة».
أما باسيل، فقد أكد أنه لا يستهدف أحداً، إنما «أطالب بحصتي فقط. من يُرِد أن يعطي فليعطِ من حصته»، فأجابه بري: «المهم أن لا نتمترس عند مواقفنا». هنا، تطرق باسيل إلى موضوع النسبية في الحكومة، مشيراً إلى أن «هذه النسبية تجعل حصتنا أكبر. مع ذلك ارتضينا بحصتنا كما هي الآن، وذلك في سبيل تسهيل التأليف. ونحن على قناعة بذلك».
وأشار باسيل إلى أن الجميع يحمّلوننا مسؤولية العرقلة، إلا أنني لا أطالب إلا بحصتي. علماً أن بري سأله في الاجتماع عن سبب عدم لقائه الحريري، فأجابه: «إذا اجتمعت به ولم تحصل أي حلحلة، فإنني بذلك أثبت التهمة الموجهة إليّ بعرقلة التشكيل».
واستقبل الحريري الوزير علي حسن خليل الذي أطلعه على مضمون لقاء بري والفرزلي وباسيل. وفيما تردد أن الحريري سأل عمّا إذا كان باسيل قد طلب من بري أن يكون وسيطاً بينه وبين الحريري، قال رئيس المجلس بعد اطلاعه من خليل على نتائج اللقاء مع رئيس الحكومة المكلف: «لست وسيطاً، ولم يفوّضني أحد، لكنني أحببت أن أبادر إلى نقل الإيجابيات التي سمعتها لتقريب المواقف».
من جهته، أبلغ الفرزلي «الأخبار» أنه مع تفهمه لسعي معظم الأطراف إلى حكومة وحدة وطنية، إلا أن الإصرار عليها هو الذي يساهم في تأخير تشكيل الحكومة وتعطيل دور مجلس النواب. وأكد أن معركته كمواطن هي إعادة إنتاج النظام الديموقراطي البرلماني، وأول شروطه وجود حكومة ومعارضة برلمانية قادرة على المحاسبة (حكومة أكثرية تقابلها معارضة فاعلة).
ومن بيت الوسط، لم يتأخر الحريري بالرد على الدعوة إلى تشكيل حكومة أكثرية في حال تعذُّر تشكيل حكومة وحدة وطنية، فشدد على أنه «حصل على 112 صوتاً من النواب لتسميته رئيساً للحكومة لكي يشكل حكومة وفاق وطني». وقال: «أنا لست مع حكومة أكثرية، بل على العكس، الإجماع الذي حصلنا عليه والتسوية التي قمنا بها، هما فقط لكي يكون كل الأفرقاء في الحكومة، ونتحمل جميعاً مسؤولية الأمور في البلد»، مؤكداً أن «أحداً لم يطالبه بحسم قراره». وقال: «إذا كان هناك من يرغب في تحميلي المسؤولية، فإن الشعب اللبناني يعرف من المسؤول عن العرقلة في الواقع».
وكانت كتلة المستقبل قد عقدت اجتماعاً برئاسة الحريري، وأكدت دعمها للرئيس المكلف «في جهوده لتأليف حكومة وفاق وطني تتمثل فيها المكونات الفاعلة للشراكة الوطنية في المجلس النيابي، وذلك بما يتلاءم مع أوسع نطاق ممكن لما أسفرت عنه نتائج الاستشارات النيابية الملزمة». ورفضت الكتلة أي آراء واقتراحات ومحاولات لإسقاط أي أعراف جديدة على عملية التأليف. ولفتت انتباه كل المعنيين في هذا الشأن إلى أن المعيار الوحيد الذي يتمسك به الرئيس المكلف ويعمل بمقتضاه هو المعيار الذي نصّ عليه الدستور، ومعيار المصلحة الوطنية التي توجب الخروج من دوامة الحصص والشروع بإطلاق عجلة العمل الحكومي في أسرع وقت.
كذلك أعلن تكتل «لبنان القوي» بعد اجتماعه برئاسة باسيل، أن التأليف بيد الرئيس المكلف «وقد طالبنا باعتماد معايير مشتركة نتيجة الانتخابات النيابية». وقال النائب شامل روكز الذي تلا البيان للمرة الأولى إن تأخير ولادة الحكومة «تفوح منه الأوامر الخليجية، التي تمنع تشكيل حكومة تتوازن مع واقع لبنان ظنّاً منهم أنهم قد يربحون بالسياسة ما خسروه في الحرب والانتخابات». وكان التكتل حاسماً في تأييده لعقد المجلس النيابي جلسات تشريعية، في ظل تصريف الأعمال.
الحريري وجنبلاط وجعجع: معاً في الحكومة وخارجها
لا تتراجع القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي عن حقهما في التمثيل الحكومي. ولن يتراجع الرئيس المكلف عن تأييدهما. لكن الثلاثة، ولا يقف الرئيس نبيه بري بعيداً منهم، في واد، والعهد في واد آخر (تقرير هيام القصيفي).
ليس أمراً إيجابياً أن يضرب العهد مواعيد لتشكيل الحكومة. فأن يحدد موعد الأول من آب للتأليف ولا يتحقق ذلك، إشارة سلبية تضاف إلى مؤشرات أخرى تحول دون تأليف الحكومة.
المعطيات الأخيرة لا توحي بقرب التأليف، لا بل ثمة خلاصات تحددها أوساط سياسية رفيعة بالآتي: لا السعودية تتدخل لحل الأزمة، ولا إيران تبادر، وهي أصلاً منشغلة بملف سوريا وبموعد الرابع من تشرين الثاني المتعلق بإعادة فرض عقوبات أميركية عليها. وفي الداخل، الأطراف المحليون واثقون أن لا حكومة في المدى المنظور، وقد برزت في الساعات الماضية المعلومات الآتية:
أسفرت اللقاءات الأخيرة، عن تعميق التفاهم بين الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع. يتعدى هذا التفاهم الشكليات، إذ بات الثلاثة على ثقة بأن كل واحد منهم يساند الآخر ويساهم في تثبيت موقفه. يتمسك الحريري بالقوات منعاً لمنعه من التأليف. ويتمسك جنبلاط بالقوات وبالحريري، فتتعزز مطالبته بحصة درزية صافية، وبذلك لا يتراجع الحريري تحت وطأة الضغوط والمساومات. تتمسك القوات بموقفها وتنسيقها مع حليفيها. ترجم هذا التفاهم الثلاثي بكلام واضح عن ضرورة التمسك بالسقف الذي وضعه كل واحد منهم وبالتالي لن يتراجع عنه، وشمل التفاهم الدخول سويا إلى الحكومة تحت هذا العنوان وحده. السؤال ماذا لو قرر الثلاثة الخروج من الحكومة، تحت شعار إما أن ندخل معاً أو نخرج معاً؟.
كان الحريري واضحاً حين نقل إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عدم التراجع عن تأييده مطالب القوات وجنبلاط، لا سيما أن الثلاثة يحظون بدعم من الرئيس نبيه بري، فهو «متعاطف مع طروحات الثلاثة المنطقية والعقلانية والطبيعية»، ولا يمانع بحسب ما أبلغ الوزير ملحم الرياشي في إعطاء القوات حقيبة سيادية، فضلاً عن تأييده مئة في المئة مطالب جنبلاط. فما جمعته سنوات الحرب والاتفاقات بينهما لن تمحيه حكومة العهد الذي لا يجمعه معه ود شخصي أو نضال مشترك.
أبلغت القوات اللبنانية، وستبلغ كل يوم، من يعنيهم الأمر، موقفاً واضحاً لا تراجع ولا مساومة عليه، بالحصول على حقيبة سيادية أو بالحد الأدنى نائب رئيس حكومة مع حقيبة، أي كما هي الحال اليوم. وأبلغ جعجع معاونه الرياشي وكان متشدداً في قراره، بوقف التفاوض إذا لم يتم التجاوب مع أحد هذين الشرطين. لا تساوم القوات على عدد الوزراء، ووفق اتفاق معراب يحق لها بستة وزراء مع حلفائها أي مناصفة بينها وبين التيار، ووفق حسابات الوزير جبران باسيل الأخيرة حول كيفية التمثيل يحق لها بخمسة وزراء. والقوات لن تتنازل عما حققته من تمثيل شعبي، فتصر على خمسة وزراء، ولن تتنازل عن الوزير الخامس إلا لتسهيل عمل الرئيس المكلف أو رئيس الجمهورية فقط لا غير. لكن ما وصلها من اقتراحات من جانب باسيل حتى الآن، يؤكد انقلابه على اتفاق معراب وحتى نقضه للحسابات النسبية التي أجراها بنفسه. إذ يصر على ثلاث حقائب وزارية للقوات فحسب من دون نيابة الرئيس ومن دون حقيبة سيادية. وكذلك أبلغ باسيل المعنيين أن الجيش لا يقبل بأن تكون القوات على رأس وزارة الدفاع، أما القوات بحسب مصدر وزاري فيها فترد: «هذا الكلام مردود ومرفوض، فالقوات تدعم الجيش وتقف إلى جانبه، أما ما حدث في التاريخ القديم، فحصل قبل المصالحة، وهو صراع بين القوات والعماد ميشال عون حين كان قائداً للجيش، وليس مع الجيش».
حالياً التواصل الجدي مقطوع بين باسيل والقوات، ولا حوار بين رئيس التيار الحر وبين الحريري الذي يرفض رفضاً قاطعاً المعيار الذي يضعه باسيل لتمثيل الكتل النيابية. بالنسبة إلى الحريري «المعيار السليم هو الحجم السياسي للقوى السياسية ثم الحجم الانتخابي». على هذا الأساس، يتعامل الرئيس المكلف مع جنبلاط والقوات، والاتصالات التي يجريها الوزير الياس أبو صعب مع الوزير غطاس خوري لا تقدم ولا تؤخر. وهي أكثر من شكلية.
يرفض الحريري إعطاء باسيل عشرة وزراء أو أحد عشر وزيراً، لا ثلث معطلاً للعهد، مهما كانت التبريرات. وهو يلتقي بذلك إلى حد كبير مع بري، لأن الأحجام الانتخابية لا تعطيهما هذا العدد. فالحصة التمثيلية الحقيقية للعهد والتكتل ثمانية وزراء في الحد الأقصى لأن ثمة نواباً نجحوا على أساس أنهم كتلة العهد ولا يجوز احتسابهم من حصة التيار حيناً والعهد حيناً آخر.
وفق هذه المحصلة، لم يتحقق أي خرق في مسار تأليف الحكومة، وزيارة باسيل إلى عين التينة، أمس، هي تعبير عن مأزق يواجه العهد ورئيس التيار الوطني الحر الذي قطع قنوات الاتصال مع معراب وكليمنصو وبيت الوسط، فقرر أن ينفتح على رئيس المجلس النيابي، غير أن فك الحصار السياسي شيء وتأليف الحكومة شأن آخر، لا بل كيف يمكن توفير الحلول إن لم يتواصل باسيل، الذي أوكل عون إليه المفاوضات، مع الحريري وجنبلاط والقوات، وإذا كان رئيس الجمهورية يتمسك بالحريري منعاً لحصار دولي وإقليمي عليه، فهل هذا هو السبيل الصحيح لتشكيل الحكومة وللإقلاع بالإصلاحات الاقتصادية التي يتحدث عنها يومياً؟.