بقي موقف الرئيس سعد الحريري الذي رفض تشكيل الحكومة من "بوابة معبر نصيب"، موضع قراءة وتحليل، قالت "الجمهورية". وهذا الموقف المتشبث بالقطيعة مع سوريا يكشف، بحسب "البناء"، عن أن الحريري وضع قرار ولادة الحكومة بيد السعودية حصراً. أما الواضح لـ"اللواء" فهو "عدم الزحزحة" في العقد المعروفة، وسفر المسؤولين في إجازات عيد الفداء. لكن "الأخبار" وجهت الإنتباه نحو كرسي الرئاسة الأولى، وقالت : أنه "مهما سعى البعض إلى إبعاد معركة رئاسة الجمهورية عن معركة تشكيل الحكومة، فإن أحداً لن يتمكن من فصل الترابط بينهما، الذي يقتنع به أكثر الضالعين في المفاوضات الحكومية، وأولهم الحريري نفسه" …
البناء
تركيا وإيران تنجحان بوضع حدّ لتدهور العملة… وباكستان تنتقل الأسبوع المقبل لموقع مناوئ للسعودية
دعوات «إسرائيلية» للخليج للتعاون بسحب الودائع من لبنان… تكشف خفايا قرار التعطيل السياسي
14 آذار تلوّح بالمحكمة الدولية في البازار الحكومي… و8 تردّ بـ«معادلة نصرالله»: المطالب ستتغيّر
تبدو المنطقة وفي قلبها لبنان على موعد مع انتظار نهاية العام حتى تتبلور الصورة الجديدة للتوازنات أمام القراءات المتباينة للتطورات، حيث تعيش السعودية ومعها «إسرائيل» وحلفاؤهما في لبنان والمنطقة رهان الانتظار للعقوبات الأميركية على إيران وحزب الله، وتحشدان معها كل الأوراق التي تفترضان أنها ذات تأثير على موازين القوى ويمكنها تعديل الخلل الذي أصيب به حضورهما في ضوء تطورات الحرب في سورية واليمن، بالتزامن مع تعثر صفقة القرن التي لا تزال تبحث عبثاً عن شريك فلسطيني يوقع عليها.
على جبهة العقوبات الأميركية التي استهدفت إيران ولحقتها تركيا، حملت أخبار اليومين الماضيين نجاح تركيا بالسيطرة على سوق العملات ووقف تدهور سعر صرف عملتها، في مواجهة الضغوط التي أشعلتها العقوبات الأميركية، بينما كانت إيران قد سجلت أسبوعاً من الاستقرار النقدي بعد استيعاب الصدمة الأولى للضغط في سوق الصرف تحت تأثير العقوبات الأميركية وما ولدته من حركة سلبية في الأسواق.
جديد العقوبات هو ما قاله مسؤولون إسرائيليون عن سياق تعاون إسرائيلي خليجي في مواجهة حزب الله لإقناع الإدارة الأميركية بفرض عقوبات على لبنان، حيث أقرّ رئيسُ مجلسِ الأمنِ الصهيوني السابقُ الجنرال يعقوب عميدرور بالفشلِ أمامَ محورِ المقاومةِ في سورية، كما أقرّ رئيسُ الموسادِ الصهيوني السابقُ تامير باردو بفشلِ الحلِّ العسكري لما وصفَها بمعضلةِ حزبِ اللهِ وصواريخِه، وقدمَ باردو نصائحَ عبرَ موقعِ إيلاف السعودي عن أدواتِ المواجهةِ المقبلةِ داعياً لفرضِ عقوباتٍ اقتصاديةٍ على لبنان، حاضّاً السعوديةَ والإماراتِ للضغطِ على الغربِ، خصوصاً الولاياتِ المتحدةَ وفرنسا لتضغطَ بدورِها على لبنان، ومن نصائحِه للدولتينِ سحبُ ودائعِهما الماليةِ أو عدمُ الايداعِ بشكلٍ كبيرٍ في لبنان.
على جبهة موازية كانت السعودية تتلقّى نبأ هزيمتها في باكستان ومعها واشنطن، بإنتخاب أسد قيصر ممثل حزب الإنصاف الذي يتزعّمه عمران خان برئاسة البرلمان الباكستاني تمهيداً لتولي خان المناوئ للسياسات السعودية والأميركية رئاسة الحكومة الأسبوع المقبل، في تحوّل يراه المراقبون الغربيون مفصلياً في مكانة الزعامة السعودية في العالمين الإسلامي والعربي، وفي مكانتها لدى واشنطن.
في قلب الرهانات التي يبشر بها فريق الرابع عشر من آذار لفرض رؤيته لتشكيل الحكومة المعاكسة لنتائج الانتخابات النيابية، والتي تشكل تمديداً عملياً للمجلس النيابي السابق، تحضر العقوبات الأميركية على إيران وحزب الله، لكن الجديد كان تبشير القنوات التلفزيونية المحسوبة على تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية بالمحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري ودعوة حزب الله لقبول الصيغة الحكومية المعروضة تفادياً لما سيحدث بعدما تصدر المحكمة أحكامها، تحت شعار احتموا بالحكومة، كما قالت قناة «أم تي في»، وقد ردّت مصادر في قوى الثامن من آذار على هذا التعبير الواضح الذي يفسّر السقوف العالية لتشكيل الحكومة لدى قوى الرابع عشر من آذار، فقالت يبدو أن قدر اللبنانيين انتظار تبخّر رهانات وأوهام هذا الفريق الذي يخسر حلفاؤه في المنطقة ويعيشون حال الإنكار، ويريد أن يعيشها معهم، كما يريد ربط مصيره بهم، ومصير الحكومة اللبنانية بالتوازنات الجديدة في المنطقة بعد اختبار كل هذه الرهانات. وفي هذه الحالة فإن المنطقي أن تسير قوى الثامن من آذار بما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ومعادلة خطابه الأخير، إن ربط مصير الحكومة برهانات وأوهام خارجية سيرتّب تغيير مطالبنا بعد سقوط هذه الرهانات، وهي ستسقط.
الحريري – «التأليف» بيد «المملكة»!
قُنبلة جديدة زرعها الرئيس المكلف سعد الحريري على طريق تأليف حكومته عبر رفضه بشكل علني أي علاقة رسمية مع سورية تُقيمها حكومة لبنان المقبلة، عقدة أُضيفت الى مجموعة العقد التقليدية الثلاث: عقدة تمسّك «القوات اللبنانية» بالحقيبة السيادية أو بموقع نائب رئيس مجلس الوزراء وعقدة احتكار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط التمثيل الدرزي وإقصاء النائب طلال أرسلان، واحتكار الحريري التمثيل السني وإبعاد المعارضة السنية.
وبذلك وضع رئيس حكومة تصريف الأعمال قرار تأليف الحكومة حصراً بيد السعودية، بحسب مصادر مطلعة في 8 آذار، التي اعتبرت كلام الحريري أحد الشروط التعجيزية الإضافية لتبرير تأخير ولادة الحكومة، بانتظار أن يتلقى الضوء الأخضر من القيادة السعودية، التي يُنفّذ تعليماتها وقراراتها منذ الإفراج عنه من سجن المملكة في تشرين الثاني الماضي حتى اليوم، من حملة الإقالات في مكتبه الى إعادة رأب الصدع مع القوات والاشتراكي الى التزامه بشروط ومعادلات في التأليف. وبالتالي باتت الحكومة رهن أمرين: موافقة السعودية وإما مبادرة الأكثرية النيابية بالتنسيق مع رئيس الجمهورية الى سحب التكليف من الحريري وإعادة تكليف شخصية أخرى لتأليف حكومة أكثرية، وعلى الأرجح من فريق 8 آذار وتردّد أن أسهم النائب فيصل كرامي مرتفعة الى جانب النائب عبد الرحيم مراد وآخرين. وبهذه الحالة يتم استبعاد القوات اللبنانية والحزب الاشتراكي من التشكيلة الحكومية، إلا أن مصادر «البناء» لفتت الى أن «هذا أحد الخيارات الذي وضع على الطاولة، لكنه لم يناقش بشكل جدي بين قيادات 8 آذار ورئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، إذ إن كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب ذكرى انتصار تموز، بحسب المصادر، أوحى بأن «الحريري لا يزال الخيار القائم حتى إشعار آخر، وأننا لازلنا ضمن المهلة المعقولة للتأليف وأن الحريري أمام فرصة قد تكون الأخيرة لإنقاذ الموقف، لكن عندما يطول الوقت يصبح حينها البحث عن خيارات بديلة ضرورياً، لأن البلد لا يحتمل مزيداً من الانتظار الى ما لا نهاية».
وتشير المصادر إلى التنسيق في الموقف بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والسيد نصرالله في الردّ على الحريري بموضوع العلاقة مع سورية، فبعدما وجّه السيد نصرالله رسالة أقرب للنصيحة الهادئة للحريري بلجم حصانه وألا يُطلق مواقف مرتفعة السقف ويُضطر إلى التراجع عنها في ما بعد، وجّه الرئيس بري انتقاداً الى مواقف الرئيس المكلف الرافضة للتواصل مع سورية، ورأى بري أن «تصريحات الحريري عن العلاقة مع سورية غير واقعية ولا تفيد». ولفت الى أن «هناك علاقات دبلوماسية بين الدولتين وسبق للحريري نفسه أن عيّن، قبل أشهر قليلة، سفيراً للبنان لدى سورية، ناهيك عن وجود مجلس أعلى لبناني سوري، وها هو لبنان قد طلب أخيراً من سورية تزويده بالطاقة الكهربائية، فيما أن التعاون بين الجانبين اللبناني والسوري قائم، خصوصاً بما يخصّ عودة النازحين السوريين إلى بلادهم».
ولفتت أوساطٌ مطلعة لـ»البناء» الى أن «مواقف الحريري تُلزمه فقط ولا تلزم لبنان واللبنانيين. وهو كشف عن تبعيته للموقف السعودي». وتساءلت الأوساط: ما هو موقف الحريري إن قرّرت السعودية الانفتاح على سورية عندما تقتضي مصالحها ذلك؟ هل سيبقى على موقفه حينها أم أنه سينساق الى الموقف السعودي ويصبح في طليعة المُنظّرين للانفتاح على سورية؟
وأشارت الى أن «العلاقة مع سورية قائمة وهناك 3 وزراء يذهبون الى دمشق بشكل دوري»، وكشفت بأن «روسيا قالت للحريري مجدداً ولكل من أرسلهم الى موسكو للمساعدة في إعادة النازحين، بأن «الطريق الى دمشق أقرب اليكم فسارعوا للتنسيق معها لحل أزمتكم». ولفتت الأوساط الى أن «الحركة التي يقوم بها مستشار الرئيس المكلف جورج شعبان ليس لها أي تأثير على عودة النازحين وهي أقرب للسياحة السياسية»، واعتبرت أن «العمل الجدي والميداني لإعادة النازحين يتم فقط من خلال رئيس الجمهورية عبر مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وحزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي، أما الجهود الدولية فتراجعت مع انقلاب الولايات المتحدة على نتائج قمة هلسينكي مع روسيا، إذ إن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو كان واضحاً بموقفه الرافض لإعادة النازحين إلا عندما تتوافر الظروف الآمنة، وكذلك موقف رئيس مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة».
وفي سياق ذلك، شدّد السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي على أن العودة الطوعية للنازحين مستمرة ومفتوحة والأعداد تزداد كل يوم، وهناك من يحرّض النازحين على عدم العودة لمآرب خاصة، واكد أن سورية تريد عودة أبنائها».
وأضاف السفير السوري في حديث تلفزيوني: «كل المتابعين يدركون أن الإجراءات والمراسيم والقرارات تساهم في تسهيل عودة النازحين الى بلدهم»، واعتبر أن «العقوبات والحصار لا زال كبيراً وهذا يُحرم السوري من الأمان والعودة». اضاف «نحن بحاجة الى عودة الخبرات للمساهمة في إعادة الإعمار والى اصحاب الورش والمختصين في الحقول و الزراعة» .
بدوره، أشار وزير المال علي حسن خليل الى أنه «انطلاقاً من الواقعية السياسية وتقدير المصلحة اللبنانية، علينا أن نعيد النظر في مواقفنا من العلاقة مع الشقيقة سورية، هذه العلاقة التي بالنسبة إلينا ذات بعد عميق ثقافي وجودي إنساني وسياسي واقتصادي واجتماعي، وبالتالي علينا أن ننظر إلى إعادة إطلاق وتنظيم هذه العلاقات على أسس واضحة متينة، وعلى الجميع أن يعي بموضوعية أن لا مصلحة لنا باستمرار الخطاب المتشنّج على هذا الصعيد، اليوم نقول هذا لأننا نستشعر أن هناك حاجة ماسة لتجاوز هذا المنطق الذي يعرقل انطلاق الحياة السياسية، وبحاجة ماسة أيضاً إلى الاستفادة من التحولات من أجل معالجة وتحسين أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية».
ودعا خليل الجميع إلى أن «يوقفوا المضاربة السياسية وتسجيل النقاط وأن يلتفتوا إلى ما يجري، على مستوى منطقتنا من تسارع كبير للأحداث السياسية وما يجري على مستوى الداخل من ضغط اقتصادي ومالي يستوجب منا أن ننتقل إلى المرحلة التي توجد فيها حكومة قادرة قوية تضع كل الملفات على الطاولة من أجل النهوض بهذا الوطن».
و«المستقبل» يلوّح بالشارع!
وإذ غابت حركة الاتصالات واللقاءات يوم أمس، على صعيد تأليف الحكومة، بدا أن الشارع يُنذر بما هو أعظم وأخطر، فيما لو طال أمد التأليف، حيث بدأ الأمن يملئ الفراغ الحكومي، ويبدو أن تيار المستقبل عمد الى استغلال عبارات أطلقها إعلامي على إحدى الشاشات بحق الرئيس الحريري للتلويح بورقة الشارع في رسالة استباقية لفريق 8 آذار ورئيس الجمهورية بعدم التفكير بخيارات بديلة عن الحريري ورفض الضغط على الأخير بوسائل سياسية ودستورية وشعبية لدفعه لتأليف الحكومة، حيث عمد أنصار المستقبل إلى قطع طريق كورنيش المزرعة باتجاه البربير في العاصمة بيروت، كما قطعوا طريق السعديات الدامور وتخلل الاحتجاج إطلاق نار في الهواء من أسلحة رشاشة، بحسب شهود عيان، وبعدما استشعر المستقبل خطر انزلاق الشارع، أصدرت الأمانة العامة للتيار بياناً في وقت متأخر من ليل أمس، أكدت فيه رفض «تيار المستقبل استخدام الشارع وسيلة للتعبير عن الآراء، وهو يدعو كافة المناصرين والمحازبين الى الامتناع عن اللجوء لأي تحرّك يقطع الطرقات ويعطل مصالح المواطنين ويندرج في خانة مخالفة القانون».
وكان لافتاً نشر صورة النائب الاشتراكي هادي أبو الحسن على مواقع التواصل الاجتماعي متوسطاً مجموعة من الحزبيين التقدميين باللباس العسكري، أثارت جملة من ردود الفعل على شبكات التواصل وفي وسائل الإعلام، قال الحزب الاشتراكي في بيان إنها تعود الى مرحلة التحضير لإحياء ذكرى رحيل كمال جنبلاط في 19 آذار 2017.
وبالتزامن مع هذه الأحداث الأمنية، بدأ الحديث عن توتر مقبل في العلاقة بين بعبدا وبيت الوسط، حيث نقلت قناة «أم تي في» عن مصادر مقرّبة من رئيس الحكومة المكلف بأنه «هناك توجّه لدى نواب من تكتل لبنان القوي وعلى رأسهم نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي لتنظيم اصطدام سياسي بين رئيس الجمهورية ميشال عون والحريري»، مشيرةً إلى أن «رئيس الحكومة لن يُستدرج الى تصادم يسعى إليه البعض مع رئيس الجمهوريّة. وهو متمسّك بتأليف حكومة لا تعمل وفق أجندات إقليمية».
وقد اتهمت مصادر نيابية في التيار الحر القوات اللبنانية بعرقلة تأليف الحكومة، عبر «تمسكها بمطالبها بالوزارة السيادية»، مشيرة الى أن «الحريري هو المسؤول والمكلف بالتشكيل، ولا ينفع أن يرمي المسؤولية على الأفرقاء»، واعتبرت أن «هناك ليونة زائدة لدى الحريري في التعاطي مع الأفرقاء المعرقلين لتشكيل الحكومة». وناشدت المصادر العونية الرئيس بري «التدخل مع جنبلاط لمساعدة الحريري في التأليف»، من جهته، كشف عضو كتلة التنمية والتحرير النائب أنور الخليل أن موضوع توزيره عن الدروز لحل العقدة الدرزية، لم يتخطَّ المواقف، «وهو اقتراح من رئيس المجلس النيابي نبيه بري». ونفى الخليل في حديث تلفزيوني، أن يكون تلقّى أي اتصال من المعنيين في هذا الإطار، وبخاصة من الرئيس المكلف سعد الحريري، مشيراً إلى أن «بري يعتبر أن سعيه لدى جنبلاط يبدأ عندما تحلّ العقدة المسيحية».
الجمهورية
التطبيع يستكمل عُقد التأليف… و«الحزب» يلوِّح بتعديل مطالبه
في ظل الانكفاء النسبي لمشاورات التأليف، وتراجع أسهم ولادة الحكومة العتيدة في هذه المرحلة، بفعل تمسّك بعض القوى السياسية بمطالبها (حقائب وزارية ومقاعد)، برز ملف عودة العلاقات بين لبنان وسوريا الى الواجهة بعد إعلان الرئيس المكلف سعد الحريري رفضه تأليف حكومة إذا كان بيانها الوزاري مشروطاً بعودة العلاقة مع سوريا عبر عنوان معبر «نصيب»، وردّ الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله عليه من غير ان يسمّيه بنصحه بعدم إلزام نفسه بمواقف و«لاءات» قد يتراجع عنها. وقد بدا جلياً انّ هذه العقدة الجديدة ستؤثر حتماً على مسار التأليف، ما يعقّد الأمور أكثر فأكثر. وقد توقف المراقبون عند اللقاء الذي شهدته موسكو أمس بين الممثل الخاص للرئيس الروسي ميخائيل بوغدانوف والسيد جورج شعبان الممثل الشخصي للرئيس المكلف سعد الحريري، ولاحظوا أن هذا اللقاء يسبق زيارة الوزير جبران باسيل للعاصمة الروسية نهاية هذا الأسبوع، واعتبروه تطويقاً حريرياً لما يحمله باسيل الى القيادة الروسية حول تطورات الأوضاع اللبنانية، ولا سيما منها ما يتعلق بتأليف الحكومة وعودة النازحين والمطروح في شأن إعادة تطبيع العلاقات اللبنانية- السورية.
إستغربت مصادر وزارية قريبة من رئاسة الجمهورية، عبر «الجمهورية»، الربط الذي أحدثه الحريري بين مساعي التأليف ومعبر «نصيب»، ولفتت الى «انّ هذا الربط فاجأ الجميع»، معتبرة انها محاولة لم تنته قراءتها بعد لاستكشاف مراميها وأهدافها. واشارت الى ان افتعال هذا الربط سيؤدي حتماً الى تعقيد مساعي التأليف، فمن طرح هذا الموضوع ومن أدرجه على جدول اعمال المفاوضات والإتصالات الجارية لتأليف الحكومة الجديدة؟ وهل المقصود التغطية على عُقد أخرى قد تكون حديثة بغية تجميد مساعي التأليف؟
ولفتت المصادر الى ان هذا الموضوع ليس أوانه على الإطلاق ويمكن مقاربته بعد تأليف الحكومة، ولدى البحث في مضمون البيان الوزاري الذي سيتضمن العناوين والقضايا السياسية الوطنية ومستقبل العلاقة اللبنانية ـ السورية ومضمونها، كسائر العناوين التي تم التفاهم عليها في البيان الوزاري لـ«حكومة استعادة الثقة» التي تصرّف الأعمال حالياً، ويمكن اضافة كثير من العناوين الخلافية التي تمّ البت بها واعتبرها البعض في حينه عملية «ربط نزاع» كالحديث عن السلاح غير الشرعي وسلاح المقاومة والإستراتيجية الدفاعية وموضوع «النأي بالنفس» عن أزمات العالم العربي وفي المنطقة».
وقالت: «اليوم هو أوان التشكيل، قبل الحديث عن ملفات سياسية إقليمية ومحلية ودولية، والى ان يحين زمن البحث فيها سيتّفق اللبنانيون على المخارج، فاللغة العربية مليئة بالتعابير التي يمكن ان تشكّل مخارج في حال حصول إشكال حول اي عنوان عند صوغ البيان الوزاري، وقد سبق للبنانيين ان وفّروا مثل هذه المخارج لشكل العلاقات مع سوريا في الحكومات التي تعاقبت منذ نشوء الازمة السورية، وليس هناك من جديد يمكن طرحه تحت هذا العنوان الكبير.
«القوات»
داخلياً، ومع الفشل في تأليف الحكومة، استمر الانقسام الداخلي حول مسألة اعادة العلاقات السياسية بين لبنان وسوريا. وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»: «إحياء العلاقات اللبنانية – السورية هو افتعال مقصود من بعض القوى السياسية بغية إعادة ربط لبنان بسوريا ربطاً بحاجة النظام السوري إلى دور إقليمي يستعيد عبره شرعيته المفقودة داخل سوريا وخارجها»، واستغربت «هذا الاستعجال في تطبيع العلاقات قبل ان تكون الحرب قد انتهت ونشأ نظام جديد يحظى بمشروعية سورية وعربية ودولية».
ووضعت المصادر موقف الحريري «في إطار الرسالة التحذيرية من انّ الإمعان والإصرار على التطبيع سيقود حُكماً إلى عدم تأليف الحكومة أو شلّ الحكومة متى تألّفت، لأنّ هذا الموضوع من المواضيع الخلافية التي تمّ الاتفاق على استبعادها عن النقاش، وأي محاولة لإدخالها في صلب النقاش السياسي ستقود إلى إحياء الانقسام العمودي وليس إحياء العلاقات بين لبنان وسوريا». ودعت المصادر «إلى سحب هذا الموضوع من التداول إلّا في حال وجود توجّه لإحياء الانقسام السياسي»، وقالت: «يخطئ من يعتقد أنّ في إمكانه إمرار التطبيع، ومن يعتقد خلاف ذلك ما عليه سوى المحاولة وسيتحمّل أمام الشعب اللبناني مسؤولية الإطاحة بالانتظام المؤسساتي والاستقرار السياسي والنأي بالنفس، ورسالة الحريري هي على طريقة «أعذر من أنذر»، لأنّ هناك من يحاول تهريب التطبيع، الأمر الذي لن يتحقق».
«الاشتراكي»
وبدورها، أكدت مصادر «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ«الجمهورية»: «انّ محاولات التسلل المتكررة التي تقوم بها جهات رسمية او غير رسمية في لبنان لتطبيع العلاقات مع النظام السوري وإعادة إحياء حقبات قديمة مضى عليها الزمن ودفع اللبنانيون في سبيل التخلص منها الاثمان الباهظة، من شأنها أن تضع مزيداً من العراقيل امام عملية تأليف الحكومة. وواضح انّ مسألة العلاقات اللبنانية ـ السورية ليست محل إجماع وتفاهم وطني، هناك عدد من القوى التي تعترض عليها وفي مقدمها الرئيس المكلف سعد الحريري. وبالتالي، إعادة الانتظام للقنوات الرسمية في العلاقة المشتركة بين أي بلدين لا يمكن ان تتمّ من دون قبول رئيس الحكومة، فكم بالحري بالنسبة الى بلد مثل لبنان حيث القضايا الكبرى تتطلب تفاهماً وطنياً وإجماعاً داخلياً ليست ظروفه متوافرة حتى الآن. وبالتالي، ندعو الى عدم التسرّع في هذا الامر لأنه يَمسّ بتضحيات شريحة كبيرة من اللبنانيين، واذا كانت الظروف الاقليمية او الدولية توحي بأنّ نظام الاسد سيبقى في موقعه، فهذا لن يمحو ما قام به في خلال السنوات الماضية من قتل وتدمير وتهجير الملايين من أبنائه داخل سوريا وخارجها».
«حزب الله»
في المقابل، قالت اوساط قريبة من «حزب الله» لـ«الجمهورية» إن نصرالله «لم يشترط حتى الآن تفعيل العلاقة مع سوريا أو إدراج هذا المطلب في البيان الوزاري، لتسهيل ولادة الحكومة الجديدة، على رغم انّ في إمكانه ان يفعل ذلك، من موقع الشريك في انتصارات الميدان السوري والحليف لدمشق، ولكن كل ما طلبه الحزب مع حركة «أمل» هو تمثيلهما بـ6 وزراء انسجاماً مع التوازنات اللبنانية المرهفة، إضافة الى مراعاة بعض الحلفاء مثل تيار «المردة» والمجموعة السنّية المستقلّة عن تيار «المستقبل».
وعن استعداد الحريري لعدم تأليف الحكومة إذا أصرّ البعض على التطبيع مع النظام السوري، اعتبرت الاوساط «أنّ هذا الموقف يندرج في إطار افتعال ذريعة جديدة لتبرير الاخفاق المستمر في التأليف». ورأت «انّ من مصلحة الحريري وحلفائه تأليف الحكومة أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد، لأنّ ما يمكنهم تحصيله الآن قد يصبح متعذّراً لاحقاً»، مشيرة الى «انّ التطورات المتلاحقة من الجنوب السوري الى الحُدَيدة في اليمن تُبيّن بوضوح انّ موازين القوى لا تسمح بمزيد من الرهانات الخاطئة والعبثية». (راجع ص 4)
ملف النازحين
في الموازاة، ظل ملف عودة النازحين السوريين الى بلادهم متصدّراً الاهتمامات المحلية والدولية، في وقت برز موقف اميركي معارض عَبّر عنه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي أكد بعد لقاء مع المبعوث الدولي إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، دعم واشنطن لعودة اللاجئين إلى سوريا «عندما تكون الأجواء آمنة ومضمونة»، وقال: «إنّ أي حديث عن إعادة إعمار سوريا سابق لأوانه في ظل غياب حل سياسي يؤدي إلى إصلاح دستوري وانتخابات حرة وعادلة».
في هذا الوقت، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنّ الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف استقبل أمس (امس الأول) في موسكو الممثل الشخصي للرئيس المكلف سعد الحريري جورج شعبان، واستمع منه الى «تطورات الأوضاع في لبنان والجهود المبذولة لتأليف حكومة جديدة، كذلك جرت مناقشة الأوضاع في سوريا والعمل الجاري لتأمين الظروف المناسبة لعودة النازحين السوريين الموجودين على أراضي الجمهورية اللبنانية».
الإستقرار والـ1701
في الموازاة، يستمر الاهتمام الدولي بالاستقرار اللبناني. وفي هذا السياق، ذكر الناطق باسم قوات حفظ السلام الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) اندريا تيننتي انّ «رئيس بعثة «اليونيفيل» وقائدها العام المعيّن أخيراً اللواء ستيفانو ديل كول، موجود حالياً في نيويورك، حيث التقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس والمسؤولين الكبار في الأمم المتحدة. وخلال الإحاطات التعريفية التي يجريها هناك، بادرَ مقر الأمم المتحدة أيضاً الى تنظيم سلسلة اجتماعات تمهيدية منفصلة له مع ممثلي البعثات الدائمة للبنان وإسرائيل لدى الأمم المتحدة، وذلك للاستماع إلى وجهة نظرهم في شأن قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 الذي يهدف إلى الحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق».
20 ألف حاج
من جهة ثانية، إستكملت سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان أمس إعطاء التأشيرات للحجّاج اللبنانيين، وقد بلغ عددها في موسم الحج الحالي 20 ألف تأشيرة. وكان مسك الختام لهذه التأشيرات أنّ السفارة، وبحسب معلومات لـ«الجمهورية»، أنجزت في الساعات الـ48 الماضية 4600 تأشيرة، هي من الحصة المخصصة للرئيس المكلف سعد الحريري. وقد مدّدت السلطات السعودية فتح الأجواء أمام الحجّاج اللبنانيين الى الأحد المقبل، لتمكينهم جميعاً من الوصول الى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج.
الأخبار
إطارات ومطالب تقطع طريق الحكومة
اختبار مستقبلي للشارع: باسيل لم يوافق على حصة من عشرة
معظم أهل الدولة في إجازة، أقله حتى منتصف الأسبوع المقبل. هذه الإجازة لم تنعكس على الكلام السياسي. في الوقت نفسه، ورغم تأكيد معظم السياسيين رفض خيار اللجوء إلى الشارع، كان لافتاً للانتباه نزول جمهور تيار المستقبل إلى الطريق الساحلي بين بيروت وصيدا وقطعه لبعض الوقت بالإطارات المشتعلة، وكذلك في كورنيش المزرعة (قرب جامع عبد الناصر)، احتجاجا على كلام صادر عن أحد الإعلاميين المحسوبين على فريق 8 آذار.
مهما سعى البعض إلى إبعاد «معركة رئاسة الجمهورية» عن معركة تشكيل الحكومة، فإن أحداً لن يتمكن من فصل الترابط الذي يقتنع به أكثر الضالعين في المفاوضات الحكومية، وأولهم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري نفسه.
وفيما يلتزم الحريري الصمت حول تفاصيل العقد، هناك من يجزم في محيطه بأن العرقلة الفعلية لا تأتي من حزب القوات اللبنانية ولا من الحزب التقدمي الاشتراكي، بل من عند التيار الوطني الحر. المقرّبون من الحريري يعتقدون أن رئيس التيار الحر الوزير جبران باسيل يسعى إلى فرض إيقاعه على تشكيل الحكومة، «ليس لشيء إلا لحسابات مرتبطة بمعركة رئاسة الجمهورية».
ويزداد هذا الاقتناع ترسخاً في ظل اقتناع الحريري بأن من حق النائب السابق وليد جنبلاط الحصول على الحصة الدرزية الثلاثية، تماماً كما يتقاسم حزب الله وحركة أمل الحصة الشيعية الوزارية، و«التيار» و«القوات» معظم الحصة المسيحية، بالرغم من أنهما لا يمثلان كل المسيحيين، وكما يستحوذ هو نفسه على الحصة السنية، بالرغم من أن 10 من النواب السنّة ليسوا في تكتّله.
الأكيد أن السياسة، كما التشكيل، في إجازة، ربطاً بوجود عدد كبير من الوزراء والنواب والمسؤولين خارج لبنان. وقد كان لافتاً أن الوجهة المفضّلة لدى هؤلاء هي الجنوب الفرنسي، ولا سيما نيس وكان وموناكو، بالإضافة إلى وجهات بحرية أخرى كقبرص وتركيا. وحده رئيس الحكومة المكلف، الذي يتوقع أن يغادر بيروت قريباً، قد لا تكون وجهته سياحية بحتة هذه المرة، إذ درجت العادة أن يزور السعودية في عيد الأضحى، آملاً بصورة تجمعه مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، كما جرت العادة في السنوات الماضية.
إلى ذلك، فإن تطوراً وحيداً شهده مسار تأليف الحكومة، تمثّل في الزيارة التي قام بها رئيس «اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط (قبل أن يغادر إلى فرنسا) برفقة النائب وائل أبو فاعور إلى بيت الوسط، أول من أمس، حيث جدّدا التأكيد أمام الحريري على تمسّك «الاشتراكي» بحصة درزية كاملة. وحتى المحاولة التي جرت ليسمّي النائب أنور الخليل ابنه زياد لتولّي الحقيبة الدرزية الثالثة أجهضت في مهدها، مع قيام أنور الخليل نفسه بإبلاغ وليد جنبلاط أن الأمر غير مطروح، لا عنده ولا عند الرئيس بري.
في المقابل، فإن «القوات»، وخلافاً لما تردّد عن إمكانية قبولها التنازل عن الحقيبة السيادية مقابل أربع حقائب وازنة، أعادت مصادرها تأكيد موقفها المصرّ على الحقيبة السيادية قبل النقاش في أيّ أمر آخر، وهي أبلغت الأمر إلى الحريري الذي يبدي تفهّماً لموقفها.
كما يبدو، فإنه صار محسوماً أن سنّة «الثامن من آذار» لن يمثَّلوا في الحكومة، خاصة مع استبعاد أن يوزّر رئيس الجمهورية النائب فيصل كرامي من حصته، انطلاقاً من أن الأخير هو جزء من كتلة سليمان فرنجية النيابية (برئاسة طوني فرنجية)، وبالتالي فإنّ من المرجّح أن يسمي عون المصرفي فادي عسلي عن المقعد السنّي الذي بادله مع الحريري بمقعد وزاري ماروني سيكون من نصيب غطاس خوري.
في السياق نفسه، كشفت مصادر في التيار الوطني الحر لـ«الأخبار» أن كل ما قيل عن موافقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل على أن تكون حصتهما في الحكومة الجديدة هي فقط عشرة وزراء «هو قول غير دقيق وغير واقعي ويطرح تساؤلات عن الجهة صاحبة المصلحة في تعميم معطيات كهذه غير دقيقة، خصوصاً أنه لا بعبدا ولا قيادة التيار الوطني الحر قد علّقا على هذه المعلومات»، وجدّدت القول إن التيار الوطني يترقب محصلة المشاورات التي يجريها الرئيس المكلف «حتى يبنى على الشيء مقتضاه».
«لعبة الشارع»
من جهة ثانية، وفي اختبار لم يكن عشوائياً للشارع في عدد من المناطق اللبنانية، نزل المئات من أعضاء ومناصري تيار المستقبل إلى الشوارع، وهم يحملون أعلام تيار المستقبل وصور الحريري، وذلك في معرض الاحتجاج على الكلام الذي قاله الإعلامي سالم زهران، أول من أمس، بحق الحريري، عبر شاشة «إم تي في» (برنامج الزميل وليد عبود)، حيث قال زهران حرفياً: «إذا بكرا محمد بن زايد شرّف على سوريا، وقال للحريري ابغاك تلحقني على سوريا. بيروح أو ما بيروح. بيروح و(…) على (…)».
وكان لافتاً للأجهزة الأمنية إقدام المحتجين على قطع أوتوستراد السعديات والدامور وكذلك كورنيش المزرعة في بيروت، حيث تم قطع الطريق بالإطارات المشتعلة لبعض الوقت، قبل أن تتدخل القوى الأمنية وتعيد فتح هذه الطرق.
وفي وقت لاحق، أصدرت الأمانة العامة لتيار المستقبل بياناً أوضحت فيه أن مجموعات من الشبان في بيروت والمناطق «أقدمت على إقفال طرقات وإشعال إطارات، استنكاراً لكلام نابٍ تلفّظ به إعلامي على إحدى الشاشات»، وأكدت رفض تيار المستقبل «استخدام الشارع وسيلة للتعبير عن الآراء»، ودعت «كافة المناصرين والمحازبين الى الامتناع عن اللجوء لأي تحرك يقطع الطرقات ويعطل مصالح المواطنين ويندرج في خانة مخالفة القانون، سيما وأن الاعتراض يتناول شخصاً ينطق عادة بصفاته وصفات المدرسة السياسية التي تلقّى فيها علوم الشتيمة والإساءة الى الكرامات، ولا يستحق إحراق عجلة واحدة في أحياء العاصمة والمناطق».
اللواء
مَنْ يُفخِّخ التكليف.. ومَنْ يُعرقِل التأليف؟
عطلة مبكَّرة في الأضحى.. و«المستقبل» يرفض التعبير في الشارع
قد يكون من المشروع، مع اقتراب الشهر الثالث من تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، طرح السؤال: هل هناك مَن يفخّخ هذا التكليف؟ ولمَ وكيف، ووفقاً لأية مصالح وحسابات؟
ثم إذا كانت الحكومة، ستؤلف حكماً، فلمَ عرقلة التأليف، ومن الجهة أو الجهات العاملة على هذا الخط؟
هذه الأسئلة فرضت نفسها على جدول الاهتمام للاعتبارات التالية:
1- عدم تحقيق أية زحزحة عن الخيارات المعلنة، منذ الأيام الأولى للاستشارات. الأخطر من ذلك «المباهاة» بأن أي تراجع لم يحصل لا لدى التيار الوطني الحر، وهو التكتل الأكبر نيابياً، ولا لدى خصومه، سواء «القوات اللبنانية» أو الحزب التقدمي الاشتراكي، أو حتى حلفائه في أحزاب 8 آذار.
2- إقحام نقاط خلافية في صميم عملية التأليف، من باب فتح الباب امام نقاش، من شأنه ان يعرقل، ليس إلا، التأليف، وهو المتعلق تارة بالنازحين السوريين، أو فتح معبر نصيب، أو حتى تطبيع العلاقات مع نظام الرئيس بشار الأسد..
3- العودة إلى طرح مسألة التشريع، وعقد الجلسات التشريعية، لإنقاذ مؤتمر «سيدر» وهذا ملف خلافي، كما هو معروف..
4- اللعب على حافة الهاوية الاقتصادية، بضخ معلومات عن وضع اقتصادي سيئ، يكاد يلامس الانهيار! على الرغم من تأكيدات معاكسة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
على ان الأخطر، التلويح بالشارع، على الرغم من معارضة مختلف القوى والمراجع الرسمية والأمنية لمثل هذا الخيار المدمّر، ليس للتسوية وحسب، بل للاستقرار أيضاً.
تطويق التشنج في الشارع
وليل أمس، نجحت الاتصالات العاجلة التي جرت بين القيادات السياسية والحزبية والأمنية من احتواء الموقف المتشنج، الذي خرج إلى الشارع، بعد أقل من 24 ساعة، مما تفوّه به سالم زهران (مدير مركز الارتكاس الاعلامي) بحق الرئيس سعد الحريري، وموقفه الرافض لتطبيع العلاقات مع النظام السوري الحالي، والذي جاء خلال برنامج تلفزيوني «بموضوعية» على شاشة محطة M.T.V ليل أمس الأوّل.
وأشار بيان صدر عن الأمانة العامة «لتيار المستقبل» إلى ان «مجموعات من الشبان في بيروت والمناطق أقدمت على اقفال طرقات واشعال اطارات استنكاراً لكلام نابٍ تلفظ به اعلامي على إحدى الشاشات».
وإذ أكّد المستقبل «رفضه استخدام الشارع، دعا المناصرين إلى الامتناع عن مثل هذه الأعمال، لأن الاعتراض يتناول شخصاً ينطق بصفاته وصفات مدرسته السياسية، ولا يستحق إحراق عجلة واحدة في احياء العاصمة والمناطق».
على ان مصادر سياسية متابعة لأجواء الاحتقان الداخلي، على خلفية تضمين البيان الوزاري موقفاً للتطبيع مع النظام السوري، حذّرت من مخاطر التفلت، لأن نقل المشكلة إلى الشارع، لن يساهم في حلحلة عقد التأليف، ولا يسرع هذه العملية، بل على العكس، يُهدّد بتشتيت الجهود، وإيجاد عقبات يكون من الصعب تجاوزها..
والمتفق عليه، لدى مختلف الأوساط المواكبة لعملية التأليف ان «اللي ضرب ضرب» فلا إمكانية لحكومة قبل عيد الأضحى، وحتى بعده مباشرة.. فالبلاد دخلت العطلة، قبل أربعة أيام من أيام العيد الثلاثة الثلاثاء والاربعاء والخميس، مع سفر عدد من النواب والوزراء والمسؤولين إلى الخارج لتمضية العطلة هناك..
تبرير التأخير
ومع الترقب والانتظار، علَّ الاتصالات والمشاورات تسفر عن شيء إيجابي «تتناسل» العقد لدرجة يختلط معها المحلي والإقليمي، بعد ان دخل الرئيس نبيه برّي على الخط، معتبراً رفض الرئيس الحريري «تضمين البيان الوزاري مطلب عودة العلاقات مع النظام السوري» بأن كلام غير واقعي ولا يفيد، مثنياً على ما جاء في خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله الأخير..
وأكدت اوساط سياسية مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» انه من غير المستبعد ان يكون الهدف من ورإء اثارة موضوع العلاقات اللبنانية _ السورية تبرير التأخير في تشكيل الحكومة او صرف النظر او التصويب على مكان اخر.
ولفتت الى انه لا يمكن ايقاف تشكيل الحكومة كي تحدد سلفا المواضيع الواجب معالجتها لان ربط التأليف بملف ما قد يدفع الى المطالبة بإثارة ملف اخرى على مثال حزب الله وسلاحه. ومن هنا دعت الاوساط المطلعة الى قيام الحكومة الجديدة بالإنصراف الى بحث كل المواضيع مذكرة بأن جميع الاطراف معنية بها في وقت لاحق بعد اتمام عملية التأليف وليس قبلها.
وافادت ان موضوع العلاقة مع سوريا تحدده الحكومة والبيان الوزاري.
إلى ذلك، نفت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية اي كلام عن مهلة للتكليف وقالت ل اللواء ان الدستور لم يحدد مهلة وبالتالي لا حديث ابدا في هذا الموضوع.
وفي السياق، توقف مصدر دبلوماسي عند المشاورات الجارية في موسكو، سواء في الشق السوري، وما يحضر لإدلب، أو الملفات الإقليمية المفتوحة، في ضوء الأزمة الأميركية – التركية، وما يحضر للبنان، سواء في ما خص الملف الحكومي أو دور لبنان، وعلاقاته في المرحلة المقبلة.
على ان اللافت، وسط الأجواء الضبابية القائمة المحيطة بالملف الحكومي، ما اشارت إليه محطة «المنار» في نشرتها المسائية أمس، نقلاً عمّا وصفته بـ«مرجع متابع» من ان الرئيس الحريري «لا يملك خياراً الا خيار تشكيل الحكومة، وإلا فإن الخيارات السياسية والدستورية تصبح متاحة لإنقاذ لبنان من عجزه»، أي كما يفهم من السياق من عجز الرئيس المكلف عن التأليف.
وهذا الموقف، يثير أكثر من علامة استفهام، لا سيما وأنه يأتي عشية الاطلالة الثانية، هذا الشهر للسيد نصر الله، من الهرمل، الأحد المقبل، على الارجح، حيث سيتناول لمناسبة تحرير الجرود، الوضع الحكومي أيضاً..
محاكمة الحريري الفصل الأخير
وكان الملفت للاهتمام ما اشارت إليه «المستقبل» من ان الشهر المقبل سيشهد محطة مهمة على طريق العدالة «في محاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، إذ من المقرّر ان تستمع المحكمة في النصف الأوّل من أيلول إلى مطالعة الادعاء والدفاع الأخيرة، قبل ان يلفظ قضاة المحكمة الحكم.
وقالت مصادر مطلعة ان الأدلة التي سيقدمها الادعاء في الفترة بين 3 و10 أيلول، وهي قوية، ومن الصعب دحضها، لكن المصادر استدركت ان الأمور تخطت الحكم الذي سيصدر..
وكان الرئيس الحريري استقبل في «بيت الوسط» مساء الاربعاء ، رئيس كتلة «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط يرافقه النائب وائل ابو فاعور. وتناول اللقاء الوضع السياسي العام ولاسيما في ما يتعلق بتأليف الحكومة الجديدة.
وغرد النائب جنبلاط، عبر حسابه على «تويتر»، عن اللقاء مساء في «بيت الوسط»، قائلا: «لقاء إيجابي مع دولة الرئيس (المكلف تأليف الحكومة سعد) الحريري تداولنا خلاله في أبرز الملفات المهمة وعلى رأسها تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، وضمان صحة التمثيل عبر اعتماد معيار ثابت هو نتائج الانتخابات».
وكشفت مصادر نيابية، في اللقاء الديمقراطي، ان الرئيس الحريري مؤيد لموقفنا بأن نتمثل بثلاث حقائب، عبر اعتماد معيار ثابت هو نتائج الانتخابات.
«القوات» خطأ الإيحاء بالتخلي عن السيادية
ورفض مصدر قريب من التيار الوطني الحر استمرار تمسك الفريق الجنبلاطي بالحصة الدرزية كاملة، في إشارة إلى نهج قديم، عندما كانت الوصاية السورية، تضع تشريعاً خاصاً لجنبلاط في قوانين الانتخابات..
وجدّد المصدر القول ان القوات لم تعد متمسكة بوزارة سيادية والمهم نوعية الوزارات التي ستكون من حصتها، وعددها أربعة.
لكن مصادر وزارية وزارية قواتية قالت لـ«اللواء» رداً على سؤال عن تخلي «القوات» عن مطلب الوزارة السيادية بأنه «خطأ».