احتفل اللبنانيون يوم أمس بعيد الانتصار على الارهاب التكفيري. واستذكروا كيف استطاع لبنان بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، أن يدمر التنظيمات الإرهابية ويهزمها في جرود الجبال الشرقية. وقد كشف وزير الدفاع يعقوب الصراف، عن تعرض الجيش لضغوط وتهديدات كي لا يدخل في المعركة مع الإرهاب. ويوم أمس أيضاً، غرّد النائب جميل السيد مذكراً، بأن رئيس "حزب القوات" سمير جعجع هو مجرد "رواسب إسرائيلية" …
الأخبار
العلاقات اللبنانية ــ السورية: التطبيع لتسريع عودة النازحين
الحريري وسوريا: نعامة تدفن رأسها في الرمال
أولوية الغرب اليوم: منع عودة النازحين
يختبئ رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، في ملّف العلاقة مع سوريا، خلف إصبعه… وخلف المبادرة الروسية لعودة النازحين. ظنّ أنّ بوابة موسكو، ستُشكّل له المفر من تعاون صريح مع الحكومة السورية، فإذا به يصطدم باقتناع روسي بضرورة عدم تأجيل التنسيق اللبناني ــــ السوري (مقال ليا قزي).
قبل أسبوعين، وصل إلى لبنان وزير الطاقة السوري محمد زهير خربوطلي. الخبر كشف عنه وزير المال علي حسن خليل لقناة «الميادين»، مُضيفاً أنّ سوريا قدّمت إلى لبنان عرضاً لاستجرار الطاقة أرخص «من البواخر أو حتّى المعامل، مع إمكانية أن تصل التغذية إلى 350 ميغاواط. أنا كوزير مال، أرسلت الموافقة إلى مؤسّسة كهرباء لبنان لوضعها موضع التنفيذ». هل وصل الخبر إلى مسامع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وفريق 14 آذار السياسي، «المنتفضين» ضد «التطبيع» مع الدولة السورية؟ الأرجح أن يكون الجواب إيجابياً، ولكنّ هذا الفريق السياسي الذي انغمس «حتى العظم» في مشروع استهداف سوريا، يتعامل مع الأمر وفق سياسة النعامة التي تدفن رأسها في الرمال.
ملف العلاقة بين لبنان وسوريا استراتيجي، إلى درجة أنّ بعض أركان الدولة اللبنانية يعتقد أنّ بالإمكان تقرير مصيره من خلال تصريحات إعلاميّة أو شعبوية. رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، في مقدّم هؤلاء، الذين قرّروا التعامل مع الملّف اللبناني ــــ السوري بديماغوجية، بعيداً من أي منطق سياسي أو مصلحة وطنية. لم يكتفِ بذلك، بل ذهب حدّ ذرّ الرماد في عيون الرأي العام اللبناني، من خلال تقديم معلومات، يُدرك تماماً عدم صحّتها.
في 14 آب، قال رئيس تيار المستقبل إنّه غير موافق على «عودة العلاقات اللبنانية ــــ السورية… هذا أمرٌ لا نقاش فيه». لافتةٌ لغة الحسم التي استخدمها الحريري. ولكنّها كانت لتكون أكثر إقناعاً، لو لم تكن العلاقات الثنائية بين البلدين الجارَين الشريكين في مُحاربة الإرهاب والعدّو الصهيوني، قائمة ولم تنقطع يوماً! لا بل عمد الجانب اللبناني إلى «تعزيزها» من البوابة الدبلوماسية. فحكومة سعد الحريري، هي التي وافقت في تموز الـ2017، على تعيين السفير سعد زخيا على رأس البعثة اللبنانية في دمشق، بعد أن كان المنصب بعهدة القائمة بالأعمال فرح برّي. لو أراد لبنان توجيه رسالة سلبية إلى الدولة السورية، لكان خفّض التمثيل الدبلوماسي، عوض إرسال دبلوماسي برتبة سفيرٍ إلى سوريا لتمثيله.
لا يتعلّق الأمر فقط بالجانب الدبلوماسي. فلا يُمكن أحداً أيضاً القفز فوق التنسيق الثنائي، الأمني والإنساني (النزوح) والزراعي والصناعي والكهربائي العلني والذي تتمّ المُجاهرة به. في أيلول 2017، التقى الوزيران جبران باسيل ووليد المُعلّم، مُتحدّثين عن العلاقات الثنائية «بين البلدين الشقيقين»، ومن ضمنها «التنسيق والتعاون السياسي والاقتصادي». وفي بداية آب، كشف الوزير سيزار أبي خليل، أنّه «على تواصل مستمر مع وزير الطاقة السوري، وتأمين الكهرباء من سوريا أمر واردٌ». كما أنّ تلبية وزراء لبنانيين، لدعوات من الحكومة السورية لم تتوقف، وآخرها مُشاركة الوزير حسين الحاج حسن في «معرض رجال الأعمال والمستثمرين في سوريا والعالم 2018»، وقد تحدّث يومها وزير الصناعة عن عددٍ «من المصانع المشتركة بين البلدين يتمّ العمل عليها عند المناطق الحدودية في الهرمل وبعلبك والقاع». قريباً، سيطل عدد كبير من الوزراء اللبنانيين وممثلي القطاع الخاص في لبنان عبر معرض دمشق الدولي (أيلول المقبل).
ليس الحريري وحلفاؤه (بعضهم يأمل في أن يكون شريكاً في إعادة إعمار سوريا)، بمعزلٍ عن هذه الوقائع، وإن كابروا عليها. والتأكيد على ذلك، ليس بحاجةٍ إلى ضيافة جديدة للحريري في قصر تشرين، و«مُصافحة حارّة» مع الرئيس بشار الأسد. يكفي أن يكون المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مُكلّفاً رسمياً من رأس الدولة اللبنانية لمتابعة ملّف النازحين، حتى يكون التواصل قائماً بصورة «شرعية».
أصلاً، لا يُمكن الحديث عن مُبادرة روسية في ملف النازحين، أو غيره، من دون إدراك أنّ الحكومة السورية ستكون في صلبها. هذا ما أبلغته موسكو صراحة للحريري. سوريا لن تقبل إلا باحترام كامل للسيادة السورية في كل الملفات من دون استثناء. وما تُريده سوريا، هو الانتهاء من ملّف النازحين وعودتهم إلى بلدهم، قبل الانتخابات الرئاسية في الـ2021. فتكون عندئذٍ، قد أسقطت صفة النازح عن أي سوري يبقى خارج بلده، على أن لا يُشارك في الاستحقاق الرئاسي إلا من هو في الداخل. لذلك، تريد الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، عرقلة أي عودة للنازحين إلى سوريا، قبل الـ2021، وهو ما يُعبّر عنه الحريري محلياً، برفضه أي عودة جماعية للاجئين إلا برعاية الأمم المتحدة ووفق آليات متناغمة مع غير مصلحة لبنان وسوريا.
علاقة «الوصاية» من السعودية تجاه الحريري، تدفع البعض إلى الاعتقاد بأنّ موقفه أخيراً من التنسيق اللبناني ـــ السوري، تعبيرٌ عن وجهة نظر سعودية. لا سيّما أنّ الحريري، وفي لحظة توافق سعودي ــــ سوري، غطّ في العاصمة دمشق. إلا أنّ مصادر سياسية مُطلعة، تُرجّح أن يكون رئيس الحكومة المُكلّف «يُعبّر عن رأي شخصي، مُفترضاً أنّه بهذا الكلام يتكلّم لغة الرياض، وبالتالي يتوجّه إليها برسالة تُطمئنها». علماً أنّ الرياض «تُفضّل في هذه المرحلة اعتماد سياسة الصمت، في ظلّ الحديث عن مُحاولتها طرق أبواب دمشق، من دون أن تلقى جواباً حتى الآن».
موقف الحريري استدعى ردّاً من الرئيس ميشال عون، فنقل عنه زوّاره («الأخبار» عدد 17 آب 2018) أنّ الجانبين اللبناني والسوري سيتفقان في الوقت المناسب على آلية رسمية في شأن فتح معبر نصيب. ثمّ أتى خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، ناصحاً «بعض القيادات» (الحريري ضمناً) «تهدي حصاناتها»، في موضوع العلاقة مع سوريا. دعا هؤلاء «ألا يلزموا أنفسهم بمواقف قد يتراجعون عنها». وكان لافتاً أنّ عون ونصرالله، فصلا ما بين تشكيل الحكومة وملّف التنسيق مع سوريا، على عكس الحريري الذي اعتبر أنّ الثانية ستنسف الأولى. مصادر سياسية مُطلعة توضح أنّ «الغاية من كلام عون ونصرالله، أن لا يُصور وكأنّ في البلد وجهة نظر واحدة (سلبية) من العلاقة مع سوريا». وتُضيف المصادر أنّ مصلحة لبنان الاقتصادية قائمة على تعزيز التعاون مع سوريا. وفي النتيجة، «سيكون هناك تطور تدريجي للعلاقة مع دمشق، سيفرض نفسه، مُعزّزاً بوضع سوريا الميداني».
أولوية الغرب اليوم: منع عودة النازحين
في مقاربة ملف العلاقات اللبنانية ـــــ السورية، يجدر تجاوز مواقف قوى سياسية أساسية في لبنان. المشكلة هنا أن التجاوز أو الاهمال، صار فعلاً ضرورياً في ضوء إصرار هذه القوى على أن تتصرف على خلفية مشتركة في ما بينها تجمع خليطاً من الحقد الخاص والعمى السياسي وقلة الاخلاق. وبالتالي، فإن من يفكر في إعادة بناء علاقات قوية بين لبنان وسوريا، عليه تجاهل مواقف كلاً من سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع (مقال إبراهيم الأمين).
يشترك هؤلاء الثلاثة ببعد شخصي في الموقف من سوريا. والموقف هنا لا يتعلق فقط بالحكم في سوريا، بل بسوريا عموماً، خصوصاً أن جنبلاط وجعجع يتصرفان بطريقة مجنونة إزاء فكرة جبل لبنان، أو دولة لبنان الصغير، بينما لا يفهم الحريري أنه رئيس حكومة لبنان الكبير، وهذا اللبنان الكبير ليس سوى جزء من سوريا. وسيظل كذلك مهما قيل ويقال ومهما جرى ويجري. حتى قبول بشار الاسد بافتتاح سفارة سورية في لبنان، واستقبال سفير لبناني في دمشق، سيبقى مجرد خطأ قابل للإصلاح متى حان الوقت.
كذلك فإن المشترك بين الثلاثي المذكور، أن جنبلاط لديه ثأر قديم مع كلّ من حَكَمَ سوريا، وخصوصاً حزب البعث وآل الاسد، أما جعجع، فهو شريك الاطراف التي تعتقد ـــــ والله اعلم من أين يأتيها الإلهام ـــــ بأن المسيحية بوصفها نمط تفكير وحياة، لا أساس لها في بلاد الشام. وهو ما يجعل محازبين له يظهرون الاستعداد لنفي الصلة بمار مارون إذا تبين أن هذا القديس أصله سوري!
اما الحريري، فمشكلته في اقتناعه ـــــ لا اعتقاده ـــــ بأن سوريا منعت والده من الحكم في لبنان، وأن سوريا مسؤولة عن قتله. لذلك لم يمنع الحريري نفسه من التورط في محور الشر الذي تقوده السعودية الى حدود الانخراط في خطوات سياسية واعلامية ومالية وتسليحية، في سياق ما يعتقد انه يخدم من خلاله «الشعب السوري الثائر». وعندما أصابت الهزيمة حلفاء الحريري في سوريا، بات يتصرف على أساس أنه مهزوم ايضاً. لكنه، لا يميّز الآن بين موقعه كرئيس تيار سياسي اخطأ التقدير مرات ومرات، وموقعه كرئيس لحكومة كل لبنان. وهذا أمر سيكون له انعكاسات سلبية على كل شيء.
وإذا كان ملف العلاقات بين لبنان وسوريا يشتمل على بنود حياتية ومصيرية كثيرة، فإن الداهم اليوم يتعلق بملف النازحين السوريين في لبنان، والذي لم يعد يقف عند حدود لبنان، خصوصاً أن الدول التي تورطت في الحرب على سوريا لن تتوقف عن مساعيها لإنهاك الشعب السوري أكثر، اعتقاداً منها أن ذلك يتسبّب في مزيد من الضغط على النظام في سوريا.
ماذا يُعدّ الغرب المتوحش للنازحين عندنا وعند غيرنا؟
وفق كل المؤشرات السياسية والميدانية، فإن استعادة الدولة السورية سيطرتها على كامل البلاد باتت في متناول اليد فعلاً. قضية إدلب قريبة من حل قد يفاجئ الجميع بنوعيته. والمفاوضات الجارية مع الأكراد، والتطورات على الحدود العراقية ـــــ السورية، تشي بقرب انسحاب أميركي ـــــ إلزامي ــــــ ما يفرض على القوى الكردية تسريع التفاوض مع الحكومة السورية، كما هو الحال بالنسبة إلى تركيا التي باتت تتصرف ـــــ وفق دبلوماسي عربي ـــــ على أساس أن استقرار سوريا يخدم مصلحتها، وأن تعاونها سيساعدها على ضمان أمنها في مواجهة ما تسميه «الخطر الكردي».
هذه الحصيلة تعني بالنسبة إلى أعداء سوريا شيئاً واحداً، وهو فشل مشروعهم. وبالتالي، فإن مسار الحياة سوف يفرض على الجميع الدخول في عملية تطبيع ولو تدريجية مع الحكومة السورية. كذلك فإن النازحين السوريين سيعودون الى بلادهم ولو على دفعات. لكن واقعهم اليوم حيث يعيشون، لن يشجع أحداً منهم على البقاء لاجئاً إلا من تيسّرت له فرصة حياة أفضل، وهو أمر سيكون من حظ فئة قليلة منهم.
هذا الانعدام في التوازن، جعل أعداء سوريا يدركون أن الحيلة الوحيدة التي يمكن أن يمسكوا بها هي ورقة النازحين السوريين، وهم يقولون علناً، إن تأخير عودة هؤلاء، يصبّ في خدمة مصلحتهم الهادفة الى إجبار النظام في سوريا على تقديم تنازلات في ميادين شتى. ولذلك، فإن العواصم الغربية مع عدد من الدول العربية الفاعلة، تنشط حالياً على خط عرقلة لا بل منع عودة النازحين من دول الجوار الى ديارهم، بالتعاون مع مجموعة من المعارضين السوريين الذين باتوا يعيشون على قهر إخوتهم، وأيضاً مع مجموعة من القوى والحكومات التي تتصرف وفق ما تمليه عليها الارادة الغربية. في لبنان، هؤلاء يمكن العثور عليهم في وجوه الحريري وجنبلاط وجعجع ومن يعادلهم.
فكرة الغرب، تقوم الان على اعتبار الوضع في سوريا «غير مناسب لعودة طوعية وآمنة للنازحين». وعندما يحصل نقاش حول معنى العودة الآمنة، يبدأ الحديث عن الصعوبات الاقتصادية والحياتية وآثار الحرب المباشرة، ثم ينتقل الحديث عن خطر تعرض النازحين للقمع والقهر من جانب السلطات السورية، وصولاً الى الحديث عن أن العودة اليوم ومن دون شروط، قد تشكل عاملاً معطلاً لبرنامج الضغط الغربي على النظام لإجراء تغييرات سياسية داخلية بالطريقة التي يشتهونها.
وفق هذه السياسة، يرى الغربيون أن من المفيد تعطيل العودة السريعة للنازحين. ويسعون الى تأجيل هذه العملية لسنوات عدة. ويتحدثون عن استمرار المفاوضات مع النظام ومع روسيا وإيران لفرض تعديلات على الدستور وعلى النظام السياسي في سوريا. ويصل الامر بالغربيين، الى حدّ القول إنه يجب بقاء النازحين خارج سوريا حتى إقرار انتخابات عامة، نيابية ورئاسية، وفق شروط دولية، على أمل مشاركة النازحين السوريين في هذه الانتخابات، حيث يقيمون، وكل ذلك، في ظل رهان غربي على أنه في هذه الحالة، سوف تتكون كتلة سورية كبيرة معارضة للنظام في سوريا. وسوف يتم منح هذه الاصوات وما تمثل،شرعية قائمة على مبدأ التمثيل الديموقراطي، وهو كلام يفضحه بعض المعارضين السوريين بالقول، إنه في حال توقف إطلاق النار، يجب المبادرة الى تنظيم أطر سياسية شعبية في الخارج على شاكلة حكومة او برلمان منفى. ويكفي أن يحصل ذلك، حتى يبادر أعداء سوريا النافذين في العالم، مطالبة العالم بالتصرف مع الحكومة السورية على أنها منتقصة الشرعية، أو أنها دولة تعيش تحت الاحتلال. وفي هذه الحالة، لا يمانع الغرب تسويق صفة النازح أو اللاجئ على كل سوري موجود خارج بلده، وبالتالي، أن يتم إلزام الدول المستضيفة لهؤلاء بالتعامل معهم بطريقة تشبه تعاملهم مع اللاجئين الفلسطينيين.
عملياً، يسعى الغرب الآن ليس الى منع استعادة الدولة كامل سيطرتها، بل منعها من ممارسة كامل سلطاتها، وسوف نسمع الكثير في القريب، عن حق جماعات سورية في الشمال ـــــ الشرقي ومناطق الحدود مع تركيا، في حكم ذاتي، وعن ضرورة احترام خصوصيات ذات طابع اثني وعرقي وديني وغير ذلك. وسوف يحاول الغرب فرض نظام علاقات يربط أي دعم لإعادة إعمار سوريا بتنازلات من قبل الحكومة هناك. وفي كل الاحوال، سيتم استخدام النازحين أداة لهذه الغاية. فكيف إذا كان أعداء سوريا، وكلهم من الاشرار، يفكرون ايضاً في استخدام آلاف المقاتلين السوريين الهاربين الى الخارج، في أعمال هدفها ليس تخريب سوريا فقط، بل تخريب ما أمكن من البلاد التي لا تسير في فلك الغرب المجرم.
إذا كان هناك قيادات لبنانية، على شاكلة الحريري وجنبلاط وجعجع، لا تأبه لكل الحسابات الوطنية الكبرى، فمن الخطأ على الآخرين، وخصوصاً الرئيس ميشال عون وحزب الله وحلفاءهما ترك الامور رهن توافق سياسي لن يحصل. وأن تتم المبادرة الى فرض أمر واقع يقوم على تواصل عام مفتوح مع القيادة السورية، يساعد على تجاوز كل العقبات، ويسرّع في عودة أكثر من مليون سوري الى بلادهم اليوم قبل الغد.
ليكن 14 آب السوري حقيقة قريبة، كما كان 14 آب اللبناني (2006) حقيقة أجهضت مشروعاً دولياً كبيراً للتآمر على المقاومة وسلاحها.
اللواء
31 آب: تنازلات متبادَلَة أم إفتراق رئاسي؟
جعجع ينتقد الاستدعاءات و«القوات» تذِّكر بالحقائب الخمس.. ولا تدخُّل روسياً بالحكومة
في الذكرى السنوية الأولى لمعركة «فجر الجرود» بدا اللبنانيون موحدين، حول موضوع الانتصار في المعركة التي أبعدت «الارهاب» عن أرضهم.
ولئن تزامن الاحتفال مع عيد الأضحى المبارك، فإن اشياء تعد ولا تحصى، تنغص على اللبنانيين فرحتي الانتصار والعيد، ليس أقلها تراجع احتمالات تأليف الحكومة، في وقت مبكر بعد العيد، أو في الأسبوع الأوّل من أيلول، حيث من المرجح ان يتوجه الرئيس ميشال عون إلى نيويورك، في 12 من الشهر المقبل، للمشاركة في أعمال الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، ولقاء عدد من رؤساء ومسؤولي دول العالم، الذين سيشاركون في تلك الدورة.. وإن بدا ان تاريخ 31 آب، بوصفه نهاية الشهر الجاري قد يكون مفصلياً، بين تقديم تنازلات متبادلة لتأليف الحكومة، أو الافتراق الرئاسي بين أطراف التسوية الرئاسية عام 2016.
وعليه، تفرملت مشاورات التأليف، على ان تستأنف في الأسبوع الأخير من آب، وبعد عطلة الأضحى وعودة الرئيس سعد الحريري الذي أجرى اتصالاً بعد ظهر أمس بالرئيس ميشال عون، وأبلغه بسفره، وأنه سيمضي إجازة الأضحى مع عائلته.
ولم تستبعد مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان يعاد تحريك الملف الحكومي بعد عطلة عيد الأضحى لان استمرار الوضع على ما هو عليه يترك مضاعفات. وكشفت عن وجود تطورات في ما يتعلق بهذا الملف تقود الى خطوة الى الامام لكن ذلك مرهونا بالاتصالات التي تحصل ويتوقع لها ان تتكثف داخل لبنان وخارجه.
وكانت مصادر «مستقبلية» قد لفتت الى ان الرئيس المكلف قدم الكثير في هذا الملف وان المطلوب ملاقاته من خلال تنازلات يقوم بها الافرقاء من اجل تأليف الحكومة.
الى ذلك توقعت مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي ان لا يحمل شهر آب معه أي تطور ابجابي حكوميا في ظل تداخل البعد الخارجي بالملف الحكومي من اكثر من جهة.
واوضحت ان من يعرف رئيس الجمهورية جيدا يدرك انه لا يرغب بان تتمادى الامور وان لا تكون هناك حلول مشيرة الى انه في المقابل بعرف الدستور جيدا وهو يسعى بشكل دائم الى مساعدة الرئيس المكلف في جهوده لتأليف حكومته كما انه يريد النجاح لعهده.
ولكن كانت ملفتة للانتباه تغريدة وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال سليم جريصاتي عبر «تويتر» حيث قال: «آب يحمل كل الانتصارات، على فارق أيام معدودة، من 2006 الى فجر الجرود، وسوف يحمل بحلول نهايته حلاً للأسر الحكومي»… لكنه اضاف: بالقول: إن حسم الحريري خياراته وأقدم».
ووصف جريصاتي تغريدته في انها حث للرئيس المكلف وليست تغريدة تفاؤل..
وحدد جريصاتي 31 آب موعداً لحسم الخيارات، معتبراً رداً على سؤال لـ«اللواء»: «أن الرئيس عون لديه مشاريع يريد تحقيقها لبناء دولة ومكافحة الفساد وإنهاض اقتصاد ودعم المؤسسات الامنية اكثر، عدا عن ضرورة إنجاز الموازنة العامة وعقد جلسات تشريع مفتوحة على كل شيء لا تشريع الضرورة، لذلك نحن استحسنّا جدا موقف الرئيس نبيه بري بحثّ الرئيس المكلف والدعوة الى وقف اللعب بالوقت الضائع».
وما لم يقله الوزير جريصاتي، قاله مصدر مطلع على خلفيات ما يجري في الكواليس: ما لم يحمل الرئيس الحريري التشكيلة خلال أيام، فإن ثمة حلولا لدى رئيس الجمهورية «تراعي الدستوري وتحافظ على التسوية الكبرى» اما كيف، فالمصدر اكتفى بالايماء، وبتغريدة وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال.
بالمقابل، أعاد عضو كتلة «القوات» أنيس نصار التأكيد على ان حصة تكتل الجمهورية القوية 5 وزراء، كحق طبيعي، معتبراً ان المعيار الواحد هو الذي يرضي جميع الكتل. فالقوات حققت نموا بنسبة 100٪ في الانتخابات، اما التيار الوطني الحر فكانت نسبة «نموه صفراً».. «ونحن نطالب بحجمنا الطبيعي».
لافروف وباسيل
دبلوماسياً، الوضع في سوريا، وعودة النازحين، ستكون على الطاولة بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، لدى استقباله اليوم في موسكو.
وتضمن بيان الخارجية الروسية قبيل مغادرة باسيل إلى موسكو، أمس مسألتين على جدول الاعمال: «الوضع في لبنان وسوريا بصورة تفصيلية».
2 – والمبادرة الروسية لإعادة النازحين، السوريين، الذي يعودون تباعاً منذ 18 تموز الماضي»..
وكشف دبلوماسي لبناني لـ«اللواء» ان مؤتمرا صحافيا سيلسي الاجتماع، على ان تستكمل المحادثات على مأدبة غداء.
وقال المصدر: سيوضح الجانب اللبناني الإجراءات التي اتخذت لتأمين عودة آمنة وكريمة للنازحين الراغبين بالعودة.
وأشار المصدر إلى ان الوزير باسيل سيتطرق إلى أهمية الاستقرار في لبنان، والمنطقة لمنع التطرف وحماية التنوع الثقافي والديني والحضاري في المنطقة.
وقال مصدر روسي لـ «اللواء» ان موسكو لا تتدخل في موضوع تأليف الحكومة، ولكن يعني الروس الاستقرار في لبنان، وهم مهتمون به كثيراً.
ومن هذه الزاوية، يسعىالروس إلى إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، لا سيما الموجودين في لبنان والأردن، وعددهم يتراوح بين المليون وسبعمائة ألف أو مليون وتسعمائة ألف، إلى مناطقهم التي بالإمكان السكن فيها والعيش فيها بأمان، وهي المناطق التي تضررت جزئياً، أو لم تتضرر اطلاقاً».
الاستدعاءات
وفيما شنت محطة OTV في نشرتها المسائية في الليلة ما قبل الماضية حملة على الذين ينتقدون الاستدعاءات على خلفية الانتقادات على مواقع التواصل، والتي تتعرض أحياناً للعهد ورئيسه.
قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، امام لقاء طلابي «قواتي» في معراب، هناك ظواهر تذكر برواسب النظام الأمني السوري- اللبناني، وهي التي تتم على خلفيّة تعليقات يقوم البعض بنشرها عبر مواقع التواصل الإجتماعي». واوضح أن بعض تلك التعليقات تستوجب الإستدعاء لأننا نعيش في بلد يحكمه القانون ويجب ألا يتم تخطيه كي لا تعم الفوضى إلا أن هناك تعليقات تأتي في سياق حريّة التعبير عن الرأي، وانا أعتقد أنني كمواطن لبناني لدي كامل الحق في أن أنشر بشكل موضوعي عبر صفحتي على «Facebook».
غرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط: ايا كانت الخلافات السياسية اتمنى على الحزبيين والمناصرين ان لا ينفعلوا وان لا يدخلوا في حلبة الشتائم، مهما قيل فينا كحزب وفيّ كشخص. مشاكل البلاد أهم من سجالات عقيمة توتر الجو.
البناء
فشل محاولات تشكيل أغلبية نيابية بدون الحشد في العراق… ونصرالله يستقبل ممثل الحوثي
باسيل في موسكو للقاء لافروف… وبولتون في تل أبيب… والموضوع سورية
حزب الله يعرض صواريخ تموز… وحردان للإسراع بتشكيل الحكومة بحسابات لبنانية
تبدو عملية الشدّ والجذب التي تشهدها المنطقة على إيقاع تطورات المشهدين السوري واليمني، تحضيراً للقاءات جنيف في السادس من أيلول المقبل هي الطاغية، حيث يسعى الفريق الخاسر في المواجهة الميدانية، بعد خسارة السعودية و»إسرائيل» لمعركة الجنوب السوري وفشل الهجوم على الحُديدة في اليمن، لملمة أوراق افتراضية يأمل أن تحسّن وضعه التفاوضي، لا يزال البارز فيها تعطيل تشكيل الحكومتين في لبنان والعراق طالما تفرض التوازنات الموضوعية التي أفرزتها الانتخابات النيابية فيهما، حكومة لا تلبّي رغبات الرياض ومن ورائها واشنطن، ضمن مشروع المواجهة مع محور المقاومة الذي تشكّل إيران عمقه الاستراتيجي وتشكّل المواجهة معها عنوان التحالف الأميركي السعودي «الإسرائيلي».
لقاءات تشاورية غطت النشاط السياسي تحت عنوان الاستكشاف والتنسيق على ضفتي المواجهة، وفيما يزور مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون تل أبيب ويلتقي رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والموضوع هو تقييم الوضع في سورية في ضوء انتصارات محور المقاومة، التقى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله محمد عبد السلام موفداً من قائد حركة أنصار الله اليمنية السيد عبد الملك الحوثي. ووصل إلى موسكو وزير الخارجية جبران باسيل للقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وبحث الوضع في سورية، خصوصاً ملف النازحين السوريين وخطط عودتهم التي ترعاها موسكو وشكلت موضوع لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
بالتوازي مع زيارة بولتون لكيان الاحتلال استعرض حزب الله صواريخ حرب تموز التي يقول الخبراء «الإسرائيليون» إنّ ما لدى المقاومة اليوم يشكل مئة ضعف قوّتها كمّاً ونوعاً، ويحذّرون قادتهم من التفكير بالانزلاق لمواجهة وصفها السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن ميشال أورين لمجلة «أتلانتيك» الأميركية بأنها ستكون محرقة لـ «إسرائيل»، بينما قال نائب رئيس مجلس الأمن السابق لكيان الاحتلال عيران عتصيون إنّ تعزية النفس بالقدرة على تدمير بيروت لن تنفع «إسرائيل» طالما أنّ تل أبيب ستكون قد دمّرت هي الأخرى، وقال القائد السابق للفرقة 91 في جيش الاحتلال المتخصّصة بقتال حزب الله الوزير السابق آفي ايتام للقناة العبرية السابعة إنّ حزب الله في 2018 جيش جبار يُحسَبُ له ألف حساب عديداً وعتاداً وخبرة وقدرة ونمط قتال.
في العراق فشل ليل أمس، الاجتماع الذي كانت تروّج له السعودية كإنجاز لتشكيل الكتلة النيابية الأكبر لتسمية رئيس الحكومة من دون مشاركة الحشد الشعبي، وخرج المشاركون ببيان شكلي، بسبب عدم حضور العدد اللازم لتكشيل الكتلة الأكبر، بينما يدعو نواب الحشد الشعبي لصيغة جامعة تعبّر عن الأحجام النيابية في الحكومة الجديدة، وتسمية رئيس للحكومة يلقى قبول الجميع.
في لبنان لا يزال التعثر الممدّد له يحكم مستقبل الحكومة الجديدة بعدما استحضر الرئيس المكلف لتشكيلها عقدة العلاقة مع سورية التي ستشكل أولوية العمل الحكومي معلناً رفضه أيّ خطوة باتجاه التعاون اللبناني السوري الحكومي، واستحضر تياره التلويح أمام المقاومة بالمحكمة الدولية مجدّداً، كما درجت العادة مع استحقاق سياسي، بصورة جعلت الحديث عن أسباب خارجية للتعطيل يطغى على تحليلات المراقبين، وتشكل الدعوة لإعادة الأولوية للاعتبارات اللبنانية في تشكيل الحكومة بعيداً عن إيحاءات الخارج وحساباته عنوان الدعوات السياسية، التي عبّر عنها رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان في كلامه يوم أمس.
الحكومة أسيرة الرهانات والتدخلات الخارجية
في وقت احتفل لبنان أمس، بمقاومته وجيشه وشعبه بالسنوية الأولى لتحرير الجرود الشرقية من الجماعات الإرهابية، بقيت الحكومة العتيدة أسيرة المواقف الداخلية والرهانات والتدخلات الخارجية، إذ إن فرص ولادتها انعدمت والمفاوضات مجمّدة بحسب مصادر «البناء»، مع سفر الرئيس المكلف سعد الحريري الى السعودية ورئيس تكتل لبنان القوي وزير الخارجية جبران باسيل الى روسيا، فيما دخلت البلاد منذ اليوم في عطلة عيد الأضحى تستمرّ حتى أواخر الأسبوع الحالي.
وإذ أكدت مصادر قواتية لـ«البناء» بأن «من حق القوات اللبنانية الحصول على 5 وزراء، إلا أنها تنازلت عن وزير واحد بهدف تسهيل مهمة الرئيس الحريري، لكن مقابل أن تحصل على 4 حقائب واحدة منها سيادية أو نائب رئيس الحكومة، ولن تتراجع عن ذلك وقد أبلغت موقفها للحريري عبر الوزير ملحم رياشي خلال اللقاء الأخير بينهما». كما أكدت المصادر بأن «الرئيس المكلّف لن يفرض على القوات أي حصة لا توافق الأخيرة عليها». أما مصادر بعبدا فتشير لـ«البناء» الى أن «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كما التيار الوطني الحر متمسكان بالتسوية السياسية مع رئيس الحكومة المكلّف. وهذا يعني تمسّكهما بالحريري لتأليف الحكومة الجديدة لكن الرئيس عون لن يبقى الى أمدٍ طويل بانتظار أن يرفع الحريري صيغة حكومية اليه، لا سيما أن صلاحيات رئيس الجمهورية تمنحه هامشاً للتصرف والتحرك لدفع عجلة التأليف الى الأمام ما ينسجم مع نتائج الانتخابات النيابية ومع الدستور والميثاق». وتستشهد المصادر بالموقف المتقدم لرئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي حذّر من حرق الوقت دون التوصل الى نتيجة على الصعيد الحكومي لمواجهة الأزمات الاقتصادية والحياتية، ما يعني أن معظم الأطراف باتت تريد حكومة في أقرب وقت دونما تأخير الأمر الذي يستدعي من الحريري تفعيل خطوط التواصل لإخراج الحكومة من دائرة العقد الداخلية والخارجية».
غير أن مصادر مطلعة في تيار المستقبل تنفي لـ«البناء» صحة ما يُقال عن أن الحكومة ستتألف بعد عيد الأضحى وتقول «لا شيء سيتغير بعد العيد والأمور ستبقى على حالها بل تتعقد أكثر».
أما مصادر حزب الله فتؤكد لـ«البناء» أن «لا تطوّر على صعيد الملف الحكومي إلا أنها تشير الى ضرورة أن يسارع الحريري الى التشكيل، انطلاقاً مما أفرزته الانتخابات مع تشديدها على أن عاملاً خارجياً يقف وراء مطالب بعض الأحزاب السياسية وتحديداً القوات اللبنانية».
وأشار وزير الشّباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال محمد فنيش الى أن «اللجوء الى افتعال واستحضار الخلافات السياسية يزيد من عراقيل تأليف الحكومة، والمطلوب بدايةً شكل الحكومة وتحمّلها مسؤوليّتها في اتخاذ القرارات في كل الملفات»، وقال: «نمدّ يدنا من موقعنا الى مختلف القوى السياسية على قاعدة أننا نريد أن نبني دولة وعلى قاعدة اننا نريد ان نحترم القانون. ويجب ان يكون الهدف استعادة هيبة الدولة واستعادة دور الدولة القوية التي تُحسن إدارة مواردها وإدارة شؤون الناس وتتحمّل مسؤوليتها في مختلف القضايا».
لبنان والانتصاران…
وفيما واصل لبنان الاحتفاء بعيد الانتصار على «إسرائيل» في العام 2006، احتفل اللبنانيون أمس بذكرى الانتصار على الارهاب، حيث تمكن لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته من استئصال التنظيمات الإرهابية ودحرها من الجرود الحدودية مع سورية، رغم الضغوط والتهديدات التي تعرض لها الجيش لعدم الدخول في المعركة مع الإرهاب، كما كشف وزير الدفاع يعقوب الصراف. بينما كشف حزب الله أمس عن صاروخ «خيبر 1»، الذي يُعدّ إحدى مفاجآت حرب تموز 2006، حيث استخدمه حزب الله في استهداف مواقع إسرائيلية، ووضعت أربعُ نسخ منه في «معلم مليتا» في إقليم التفاح جنوب لبنان، لعرضه أمام روّاد المعرض وجمهور المقاومة.
واعتبر نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أن المقاومة حمت لبنان وخيارات الناس في المنطقة وقد أصبحت نموذجاً للمقاومات في كل المنطقة وأداؤها في لبنان أداء نموذجي ولا مثيل لها لا في التاريخ ولا في الحاضر». وأشار قاسم في كلمه له في بلدة الطيري الجنوبية أن «المقاومة فتحت مجالاً لمقاومات في المنطقة، والطريق أمام المواجهة للإرهاب التكفيري من بوابة لبنان وسورية والعراق، فهزم الإرهاب التكفيري شر هزيمة، ولم تَعُد له قائمة في منطقتنا. فهذه إنجازات المقاومة، التي هي إنجازات عز وخير». وقال: «إن نصر تموز حقق الاستقرار السياسي والأمني في لبنان، وأعطى لبنان مكانة محترمة على مستوى العالم، بحيث أصبحنا نتغنى بلبنان القوي، بينما كان البعض يتغنّى بلبنان الضعيف، فلبنان القويّ له خياراته، وعلى الدول الأجنبية أن تحترمها، فبعد لبنان القويّ لا توطين في لبنان، ولا عبور للمؤامرات على حسابه، ولا قبول بالاحتلال مهما كان صغيراً ومحدوداً، ولا يمكن أن نقبل إلا بوحدة الشعب والجيش والمقاومة، ولن تستطيع إسرائيل أن تصنع معادلتنا في لبنان، فنحن الذين نصنع معادلتنا في لبنان، وسنؤثر في معادلة المنطقة، بما يعني أن تصنع شعوب المنطقة مستقبلها وسيادتها».
أنصار الله في الضاحية
في غضون ذلك، استقبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وفداً من حركة انصار الله برئاسة الناطق باسم الحركة محمد عبد السلام، وكان استعراض لآخر التطورات على الساحة اليمنية.
وتأتي زيارة وفد أنصار الله الى الضاحية ولقاء السيد نصرالله عقب الرسالة التي بعثها الأمين العام لحزب الله في خطابه الأخير من الضاحية الجنوبية الى ضحيان في اليمن، قالت مصادر بأنها شكلت رسالة من حلف المقاومة الى المحور الأميركي للإشارة الى تماسك محور المقاومة وصمود اليمنيين وقدرتهم على الانتصار الكامل في وقت قريب، غير أن هذا المشهد لم يَرُق لحلف العدوان على اليمن من السعودية والإمارات، الذين يعملون على حصار اليمنيين لدفعهم للاستسلام والتسليم بالشروط الأميركية السعودية، حيث غرّد وزير الخارجية الإماراتي انور قرقاش، قائلاً: «كيف تتسق سياسة النأي بالنفس والتي يحتاجها لبنان لتوازنه السياسي والاقتصادي وموقعه العربي والدولي مع استقبال نصر الله لوفد من المتمردين الحوثيين؟ سؤال نتمنى من لبنان أن يتعامل معه».
باسيل إلى موسكو
على صعيد آخر، وفي إطار متابعة ملف النازحين السوريين والمبادرة الروسية لإعادتهم الى سورية، غادر الوزير باسيل أمس، بيروت متوجهاً إلى العاصمة الروسية موسكو، في زيارة عمل بدعوة من نظيره الروسي سيرغي لافروف.
ويعقد باسيل اجتماعاً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف يليه مؤتمر صحافي مشترك، ومن ثم تستكمل المحادثات على غداء عمل، بحسب ما أشار المكتب الاعلامي في وزارة الخارجية، الذي أكد في بيان أن «ملف عودة النازحين السوريين سيشغل الحيز الأساسي من المحادثات، وذلك في ضوء المبادرة الروسية بتأمين العودة».
كما سيطرح باسيل على بساط البحث «الإجراءات التي اتخذها لبنان لتأمين كل مستلزمات العودة الممرحلة والآمنة والكريمة للنازحين السوريين الذين يبدي كثيرون منهم الرغبة في العودة إلى بلادهم».
الى ذلك، زار رئيس مجلس الوزراء السوري عماد خميس مركز جديدة يابوس الحدودي مع لبنان، واطلع على إجراءات تسهيل عودة المواطنين السوريين المهجّرين في الخارج.
وقال: «إن هناك خطوات لتسهيل عودة المواطنين إلى وطنهم، وهذا ما تشهده المعابر الحدودية ومطار دمشق الدولي»، لافتاً إلى أن «الحكومة تتواصل مع الدول الصديقة لتسهيل عودة المهجرين السوريين فى الخارج، وتم تشكيل هيئة تنسيق فى هذا الخصوص، كما أن الحكومة تقدم التسهيلات اللازمة على المعابر الحدودية للمجموعات أو للافراد إلى جانب الخدمات الطبية لمن يحتاج».
الجمهورية
مرجع كبير يُحذِّر: عقارب الساعة تعود إلى الوراء وتهدِّد العهد
البلاد في استراحة تفرضها إجازة عيد الأضحى اعتباراً من اليوم، والرئيس المكلّف سعد الحريري في عطلة خارجيّة، ومشاورات التأليف جامدة، أو معلّقة حتى إشعار آخر، ولا حكومة في الأفق.
لكن يبدو أنّ فترة الانتظار هذه لن تطول، إذ كشفت مصادر مطّلعة على حركة الاتصالات لـ«الجمهورية» أنّ «الحديث بدأ في الغرف الخاصّة عن مسار جديد ستسلكه عملية تشكيل الحكومة بعد 31 آب الجاري». ونقلت في هذا السياق عن مرجع كبير قوله انّ 1 أيلول هو وقت مفصليّ، واعتبر انّ عقارب الساعة بدأت تعود إلى الوراء وتهدّد العهد.
وقالت المصادر: «بعد 3 أشهر، ومع انتهاء الإجازات وفصل الصيف، وانتهاء الترف السياسيّ، حان وقت الجدّ، ويجب أن توضع النقاط على الحروف». ولم تشأ المصادر الكشف عن الخطوات التي يمكن أن تُتّخذ للتسريع في التأليف، لكنّها أكّدت أنّ المرحلة لن تكون كالسابق: «نفَس طويل وانتظار».
في المقابل، قلّلت مصادر سياسية رفيعة المستوى من مفعول هذا الكلام، وقالت لـ«الجمهوريّة»: «لا خيارات بديلة عن الموجود، لأن الخيارات البديلة ستوقع البلاد في مشكل أساسيّ ربما تكون عواقبه أسوأ من الوضع الحالي، وبالتالي لن يكون أمام الجميع سوى الانتظار استناداً إلى قناعة أبدتها كلّ الأطراف السياسيّة، بعدم الدفع بالبلاد نحو المجهول، ومن انتظر 3 أشهر لن «يغصّ» بشهر إضافي، وفي السياسة يخلق الله ما لا تعلمون».
«الحوثيّون» عند نصرالله
وفيما الملف الحكومي على حاله من المراوحة، طفا على سطح الخلافات الداخلية ملفّ خلافيّ جديد، يُضاف إلى الخلاف المستمرّ على التطبيع مع النظام السوري، والانقسام اللبناني حوله. فقد أثار إعلان «حزب الله» استقبال أمينه العام السيّد حسن نصرالله وفداً من «أنصار الله» اليمنية (الحوثيين)، برئاسة الناطق الرسميّ محمد عبدالسلام، جدلاً لبنانياً وإماراتيّاً ويمنياً واسعاً.
وقالت مصادر معارضة لـ«حزب الله» لـ«الجمهورية» انّه كان في استطاعة السيّد نصرالله أن يلتقي الوفد الحوثيّ من دون أن يُعلن عن هذه الزيارة، لكنّ كشف النقاب عنها يشكّل رسالة تُضاف إلى تصعيده الكلامي في خطابه الأخير، وبالتالي من الواضح أنّ الأمور في المنطقة بدأت تَستعر.
فنصرالله يقول للمملكة العربيّة السعوديّة من الضاحية الجنوبية: «أنا أستقبل «الحوثيين» وأنا في مواجهة معك». فالزيارة تُشكّل رسالة بأنّه لا يلتزم بسياسة النأي بالنفس، وكذلك هي رسالة من قلب الضاحية ضدّ الرياض، وهي رسالة خطيرة، تؤكد الإصرار على إقحام لبنان في مشاكل المنطقة.
وطبعاً هذه الرسالة تضاف إلى الرسائل المتتالية منذ حوالى الشهر إلى اليوم، والمتعلّقة بالتطبيع مع النظام السوري. ولذلك، خلفيّات عرقلة تشكيل الحكومة باتت معلومة وهي خلفيّات إقليمية. فمن طرح التطبيع مع سوريا، ومن يستقبل اليوم وفداً حوثيّاً، ومن يتهجّم على السعودية على هذا النحو، يريد إقحام لبنان في الصراع الإقليميّ.
فما يحصل ليس بريئاً ويدل إلى أنّ هناك رسائل إيرانية بضرورة التصعيد من أجل حرف الأنظار عمّا يجري في طهران، وعن العقوبات الأميركية، أو أنّ إيران أرادت القول للولايات المتحدة إنّها قادرة على تحريك الساحات في المنطقة ردّاً على هذه العقوبات. وبالتالي، فلبنان يدفع الثمن دائماً، ولا يُفترض أن يمرّ هذا الأمر مرور الكرام، لأنّ السكوت عنه يعني التمادي في سياسة خرق النأي بالنفس وتحويل لبنان ساحة نفوذ وصراعات مفتوحة».
سفارة اليمن
من جانبها، اعتبرت السفارة اليمنيّة في واشنطن، في تغريدة لها على «تويتر»، انّ زيارة الوفد «الحوثيّ» لنصرالله «دليل دامغ آخر يُضاف إلى الأدلّة الكثيرة الأخرى لدور «حزب الله» المزعزِع للاستقرار في اليمن، ودعمهم لـ«الحوثيين»، وتأتي هذه الزيارة قبل أسبوعين من جولة محادثات سلام جديدة في جنيف».
تجدر الإشارة إلى أنّ وزير الخارجية اليمنيّ، خالد اليماني، كان قد بعث برسالة احتجاج شديدة اللهجة إلى نظيره اللبناني جبران باسيل، داعياً الحكومة اللبنانيّة إلى «كبح جماح الميليشيات الموالية لإيران وسلوكها العدواني، تماشياً مع سياسة النأي بالنفس، وذلك على خلفيّة تورّط ميليشيات «حزب الله» اللبنانية المتزايد في دعم الحوثيين».
قرقاش
ورفض وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجيّة أنور قرقاش استقبال لبنان لقاء لوفد «أنصار الله». وسأل عن سياسة النأي بالنفس، وطالب لبنان بألّا يكون محطة لوجستية أو سياسية لـ«الحوثيين». وسأل في تغريدة على «تويتر»: «كيف تتّسق سياسة النأي بالنفس، التي يحتاجها لبنان لتوازنه السياسيّ والاقتصاديّ، وموقعه العربيّ والدوليّ مع استقبال حسن نصرالله لوفد من المتمرّدين الحوثيين؟ سؤال نتمنى من لبنان أن يتعامل معه».
وأكّد أنّ أزمة اليمن وحربها من الأولويّات التي ترتبط جوهريّاً بمستقبل أمن الخليج العربي واستقراره». وأضاف أنّها «ليست بالموضوع الثانويّ لنا، وفي هذا السياق لا يمكن للبنان أن يكون محطة لوجستية أو سياسيّة للحوثي، وتجاهل التعامل مع الموضوع سيفاقم تداعياته».
وكان «حزب الله»، أشار في بيان، إلى أنّ زيارة الوفد جاءت «في إطار الجهود المستمرة لعرض ما يواجهه الشعب اليمني من عدوان غاشم وحصار جائر». وتمّ خلال اللقاء «تناول الوضع السياسيّ والإنساني في اليمن، واستعراض عموم المستجدّات الإقليمية والتحوّلات الدوليّة. ونقلَ عبد السلام سلام القيادة السياسية وتحيات الشعب اليمنيّ للسيد نصرالله، واعتزازها بمواقفه الشجاعة والمبدئية تجاه اليمن في مواجهة العدوان الأميركي السعوديّ الغاشم.
وبارك الوفد لسماحته العيد الثاني عشر لانتصار المقاومة الإسلامية بقيادته الفذّة، في مواجهة العدوان الإسرائيليّ عام 2006، والذي كان انتصاراً للأمّة جمعاء».
عودة النازحين
إلى ذلك، يَحضُر ملفّ عودة النازحين السوريين في محادثات وزير الخارجيّة جبران باسيل في موسكو اليوم، مع نظيره الروسيّ سيرغي لافروف، إضافة إلى الوضع في الشرق الأوسط.
وأشارت وزارة الخارجيّة الروسيّة إلى أنّه خلال المحادثات «من المقرّر أن تتمّ مناقشة القضايا الدوليّة والإقليميّة بالتفصيل، مع التركيز على تطوّر الوضع في الشرق الأوسط، وبشكل أساسيّ في لبنان وسوريا وما حولهما، والعمل الشامل الجاري بمبادرة من روسيا، لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم».
وأشار بيان الخارجيّة إلى أنّه عند مناقشة العلاقات الثنائية، «سيتمّ التركيز على تعزيز التنسيق بين موسكو وبيروت في الساحة الدوليّة، والحفاظ على حوار سياسيّ نشط حول مجموعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك».
«الخارجية»
من جهتها، ذكرت مصادر الخارجيّة اللبنانيّة أنّ اجتماعاً ثنائيّاً سيُعقد بين الوزيرين باسيل ولافروف في حضور وفدَي البلدين، يليه مؤتمرٌ صحافي مشترك، ومن ثمّ تُستكمل المحادثات على غداء عمل».
وأشارت المصادر «إلى أنّ ملف عودة النازحين السوريين سيشغل الحيّز الأساسي من المحادثات، وذلك في ضوء المبادرة الروسيّة بتأمين العودة». وأكّدت «أنّ أهمية الزيارة هي في توقيتها، إذ انّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يكثّف اتصالاته بعد قمّة هلسينكي مع الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب، لتأمين الدعم الماليّ والغطاء السياسيّ الدوليّ لنجاح مبادرة العودة».
وأشارت إلى أنّ باسيل «سيطرح على بساط البحث الإجراءات التي اتخذها لبنان لتأمين كافّة مستلزمات العودة المُمرحلة والآمنة والكريمة للنازحين السوريين، الذين يُبدي كثيرون منهم الرغبة في العودة إلى بلادهم».
ولفتت إلى أنّه «بالإضافة إلى ملفّ النازحين، تتناول المحادثات العلاقات الثنائية من جميع جوانبها السياسية والاقتصاديّة وآفاق التعاون بين البلدين اللذين تربطهما مصالح مشتركة، وتجمعهما رؤية واحدة لجهة تأمين استقرار الشرق الأوسط، ومنع سيطرة التطرّف والإرهاب، وحماية التنوّع الثقافيّ والدينيّ والحضاريّ في المنطقة».
ميركل – بوتين
دوليًّا، وفي لقاء «يستهدف ببساطة «مراجعة المواقف»، بحسب المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، بحثت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصراع في كل من أوكرانيا وسوريا، بالإضافة إلى الوضع في إيران ومشروع خط أنابيب الغاز «نوردم ستريم 2»، وذلك خلال محادثات صعبة جرت بينهما خارج برلين وانتهت من دون تحقيق تقدم واضح أو أي اتفاق. وعبر الزعيمان عن القلق تجاه الوضع في سوريا والمأساة التي يعيشها كثير من اللاجئين بسبب الحرب المستمرة منذ سبعة أعوام هناك.