تتحرك وزارة الخارجية مع ممثلي الدول لدحض اكاذيب حكومة العدو "الإسرائيلي". لكن ما لفت المراقبين التنبيه العلني الذي وجهه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لـ"إسرائيل"، من عواقب ارتكابها أي اعتداء على لبنان. في شأن التأليف الحكومي ألمحت "اللواء" إلى وقوف حلف المُعَرْقِلَين (ج + ج) وراء الشائعات التي تحدثت عن اجتماع يعقد في دار الفتوى، للرد على تصريح الرئيس العماد ميشال عون، بشأن احتمال تشكيل حكومة أكثرية، لا تضم مؤيديه. وصدر عن دار الفتوى بيان كذّب هذه الشائعات وحذر منها.
الأخبار
تحرك رسمي لمواجهة نتنياهو
الحسابات تابع: «المالية» سدّدت قرضاً لم تحصل عليه!
رغم التقدير بأن العدو الإسرائيلي لن يجرؤ على شن عدوان على لبنان، ربطاً بالتوازن الذي أرسته المقاومة، وخاصة منظومتها الصاروخية، إلا أنه لا يمكن التعامل مع خطوة رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو من على منبر الأمم المتحدة، وتوجيهه اتهامات للبنان وحزب الله ببناء معامل للأسلحة في المناطق المأهولة قرب مطار بيروت، سوى كتمهيد لعملٍ عسكري وعدوان إسرائيلي على لبنان، يتمّ خلاله قصف مناطق مأهولة بالمدنيين. وهي السياسة ذاتها التي ينتهجها العدوّ دائماً بخلق الذرائع أمام الرأي العام العالمي للقيام باعتداءات ضد لبنان وقطاع غزّة وسوريا، عبر تلفيق التهم واختلاق الأكاذيب.
وعلى هذا الأساس، بدأ لبنان الرسمي بالتحرك للتصدي للدعاية الإسرائيلية، ومخاطبة الدول المعنية عبر الردّ على ادعاءات نتنياهو. مصادر رسمية لبنانية بارزة أكّدت لـ«الأخبار» أن «كلام نتنياهو من على أعلى منبر دولي ليس أمراً بسيطاً يمكن المرور عليه. اتهاماته جاءت أمام ممثلي دول العالم، ونحن دعونا ممثلي هذه الدول لدحض هذه الاتهامات». ووصفت المصادر الجولة التي تنظّمها وزارة الخارجية اليوم لجميع السفراء المعتمدين على أحد المواقع (مطار بيروت) التي زعم نتنياهو أنها تحوي مخزناً للصواريخ، والتي يسبقها لقاء في وزارة الخارجية للاستماع إلى رد الوزارة على تصريحات نتنياهو، بأنها «تأتي في سياق المعركة الدبلوماسية التي نحن مسؤولون عن خوضها ضد إسرائيل. وفي حال كان كلام نتنياهو استباقياً للإعداد لأي عدوان، فإن واجبنا أن نعمل وقائياً لسحب مثل هذه الذرائع».
وبدا لافتاً في الأيام الماضية ردّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على كلام نتنياهو، وتحذيره إسرائيل من القيام بأي اعتداء على لبنان. من جهتها، قالت مصادر دبلوماسية روسية لـ«الأخبار» إن كلام وزير الخارجية الروسي يأتي استباقاً لأي عمل تخطط له إسرائيل بالاعتداء على لبنان، معتبرةً أن «أي حركة إسرائيلية قد تفجّر الأوضاع في لبنان والمنطقة وتعيق جهود إعادة الاستقرار».
من جهة ثانية، علمت «الأخبار» أن باسيل اتصل أمس برئيس مجلس النواب نبيه بري وهنّأه على إعادة انتخابه رئيساً لحركة أمل في المؤتمر الـ14 للحركة السبت الماضي. وفي المعلومات أن الاتصال ساده جوّ من الودّ والإيجابية. ونقل زوار عين التينة عن بري تنويهه بخطوة باسيل دعوة السفراء المعتمدين في لبنان إلى زيارة أحد المواقع التي ادّعى رئيس حكومة العدو أن حزب الله يخزّن فيها صواريخ قرب مطار بيروت.
وفي سياق آخر، علمت «الأخبار» أن باسيل كلّف مدير الشؤون الاقتصادية في وزارة الخارجية السفير بلال قبلان بتمثيله في معرض إعادة إعمار سوريا في دمشق. ووصفت مصادر رسمية لبنانية الخطوة بأنها «أمر طبيعي»، مؤكّدةً أن «لدينا تمثيلاً دبلوماسياً مع سوريا، وموضوع إعادة إعمار سوريا من المواضيع التي نحن، كلبنانيين، معنيون بها وبالاطلاع على خططها». وأكدت المصادر أن تكليف «مدير الشؤون الاقتصادية في وزارة الخارجية لا يحتاج إلى قرار حكومي، وهو من ضمن العمل الروتيني للوزارة».
وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قد تطرق في مقابلة تلفزيونية، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى العلاقة مع لبنان، مشيراً إلى أن «العلاقة مع الرئيس ميشال عون طيبة، وكذلك مع كلٍّ من حزب الله وحركة أمل وقوى سياسية أخرى». لكنه قال في المقابل: «إن من يعادينا سنعاديه»، مؤكداً أن «المعادلة السابقة ستختلف».
وأشار المعلّم إلى أن سوريا تنسّق مع روسيا في ملف إعادة اللاجئين، مستطرداً: «استقبلنا آلاف العائدين، وأدعو البقية الى العودة، وستؤمن لهم الدولة السورية سبل الحياة الكريمة وأمنهم ومستقبلهم ومساهمتهم في إعادة إعمار بلدهم».
الحسابات تابع: «المالية» سدّدت قرضاً لم تحصل عليه!
في الحسابات المالية التي يُفترض أن تعلن وزارة المالية قريباً انتهاءها، الكثير من الفضائح الموثّقة. معظمها صار متداولاً، لكن أكثرها لا يزال ينتظر ساعة الحقيقة. في حساب القروض، على سبيل المثال، يتبين أنه في عام 1997 حُوّلت اتفاقية قرض إلى المجلس النيابي بقيمة 30 مليون دولار، لشراء محرقة لاتحاد بلديات المتن الشمالي. التدقيق في المستندات يبين أن لبنان لم يتسلّم المحرقة، والمجلس النيابي لم يبرم الاتفاقية، لكن وزارة المالية سددت القرض (مقال إيلي الفرزلي)!.
لا تنتهي المخالفات التي كُشفت أثناء إعداد الحسابات المالية. في كل حساب من الحسابات الـ13، التي صُححت أو أعيد إعدادها، مصيبة. بين ديوان المحاسبة والنيابة العامة المالية والتفتيش المركزي عشرات الملفات المحوّلة من وزارة المالية، متضمنة مخالفات موثّقة للقوانين، ولا سيما قانون المحاسبة العمومية. ليس دور «المالية» التدقيق في الخلفيات الجرمية لهذه المخالفات. واجبها توثيقها وتحويلها إلى الهيئات الرقابية للتدقيق فيها والتأكد مما إذا كانت مرتبطة بارتكابات متعمّدة أو بأخطاء حسابية. علماً أنه مهما كانت المخالفة، فهي لا تعفي مرتكبها من المسؤولية القانونية، التي يمكن أن تتدرج عقوبتها لتصل إلى السجن، في حال ثبوت الاختلاس أو السرقة أو هدر المال العام.
مع ذلك، فقد صار جلياً بالنسبة إلى المتابعين للملف أن هذا الكم من الفوضى والأخطاء في الحسابات لا يستوي إلا بقرار متعمّد ومدروس، كانت نتيجته عزل الإدارة بنحو منهجي ومنعها من القيام بعملها، مقابل ترك المهمة للمركز الإلكتروني الذي كان يديره نبيل يموت، الذراع اليمنى للرئيس فؤاد السنيورة على مدى سنوات طويلة، بمعاونة مجموعة من المتعاقدين على الساعة، لا يتحمّلون أي مسؤولية إدارية تجاه العمل الحساس الذي يقومون به. فكانت النتيجة حسابات ناقصة، قيود غير مسجّلة، أرشيف غير ممسوك بطريقة علمية، مستندات مرمية في مخازن غير مؤهلة، والأهم إصرار على رفض التدقيق ومواجهة أي محاولة لإعداد الحسابات، مع سعيٍ حثيث لإنهاء الأمر بتسوية سياسية.
إضافة إلى المخالفات التي اكتشفت في حسابات عديدة وأحيلت على النيابة العامة المالية، ومنها حسابات: المصرف (تصفير الحسابات وحسابات خاطئة)، الهبات (92 منها غير مسجلة أو قبضت دون مراسيم)، الصندوق (اختلاسات وعمليات قبض مزورة وإقراض أموال عمومية بفوائد لمصلحة القيّمين عليها، شيكات غير محصلة أو مفقودة…)، السلفات (غير مسددة أو مسجّلة على الحساب الخطأ…)، الحوالات (دفع حوالات بأكثر من قيمتها الحقيقية…)، كان لافتاً ما ورد في حساب القروض تحديداً. فالبيانات المالية للوزارة لم تكن تعكس حجم الدين الفعلي، بسبب عدد من الأخطاء، أبرزها عدم تسجيل السحوبات والأصول المموّلة من طريق القروض مقابل الاكتفاء بتسجيل عمليات التسديد فقط. وهو السبب الذي أدّى إلى جعل حسابات القروض مدينة (يفترض أن تكون دائنة لأن القروض مستمرة ولا يمكن أن تكون قد سددت جميعها).
لكن أين أصول الديون أو القروض ولماذا لم تسجّل؟ تبين أثناء التدقيق أن السبب يعود إلى أن أموال السحوبات كانت تحوّل مباشرة إلى مجلس الإنماء والإعمار من دون المرور بالخزينة اللبنانية. وأكثر من ذلك، تبين أنه في بعض الأحيان تذهب مباشرة إلى المقاول المتعاقد مع مجلس الإنماء والإعمار أو إلى الوحدة المنفذة للمشاريع في الإدارات العامة. وفي المقابل، لم تكن وزارة المالية تُلزم كلاً من مجلس الإنماء والإعمار أو الوحدة المنفذة في الإدارات بآلية عمل تسمح بتسجيل الأصول التي حصلت عليها الحكومة والمموّلة من القروض.
ذلك ليس كل شيء. حساب القروض مليء بالفضائح، لكن أكبرها يتمثل في قرض سددته وزارة المالية لشركة «ساتشي» الإيطالية (عن اتحاد بلديات المتن الشمالي) بقيمة 30 مليون يورو. كان القرض ثمناً لمحرقة تبين أن الدولة لم تحصل عليها. لا بل أكثر من ذلك، تبين أن المجلس النيابي لم يُبرم اتفاقية القرض تلك. وهذا أمر مثبت في الاستشارة الصادرة بتاريخ 20/7/1999 عن هيئة التشريع والاستشارات، والتي خلصت إلى أن «متابعة التسديد غير ممكنة في الوضع الحاضر»، إذ جاء في متنها: «لا يمكن ملاحقة الدولة اللبنانية أمام «نادي باريس» أو أمام أي مرجع، لأن الاتفاقية الموقعة مع ممثل الحكومة الإيطالية لم يبرمها مجلس النواب، ورغم ذلك جرى تنفيذ مضمونها». والأغرب أن التنفيذ جرى من جهة واحدة هي الجهة اللبنانية، التي دفعت ثمن المحرقة بالرغم من أن الجانب الإيطالي لم يسلّمها!
وتنص الاتفاقية، في مادتها الخامسة، على أنها لا تصبح نافذة إلا بعد إبرامها من السلطات اللبنانية المختصة، أي من مجلس النواب. وبالفعل، فقد أحيلت على المجلس بموجب المرسوم 11095 تاريخ 1/10/1997، لكن مجلس النواب لم يصدقها ولم يبرمها. ومع ذلك، قامت وزارة المالية بتنفيذ مضمونها من دون انتظار إبرامها من المجلس النيابي، وبالرغم من أنه لم يكن بإمكان الجهة المقرضة مطالبة الحكومة اللبنانية بالدفع. وعليه، فقد دفع لبنان، عبر وزارة المالية، مبالغ ضخمة غير متوجبة ثمناً لمحرقة غير موجودة، خلافاً للقانون وخلافاً لرأي هيئة التشريع، ومن دون انتظار موافقة مجلس النواب. أقفل الملف منذ ذلك الحين، وربما مع إماطة اللثام عن الحسابات المالية، بما تحتويه من فضائح، من الضروري إعادة النظر بالموضوع بكامله، وصولاً إلى تحديد المسؤوليات، وربما الوصول يوماً إلى المحاسبة.
البناء
لم تصدر الجريدة على الموقع السبراني
آخر تحديث الساعة 05:20
اللواء
المخاطر تسابق الجمود الحكومي: مَنْ يجرؤ على التنازل؟
جولة دبلوماسية اليوم في ملعب المزاعم الإسرائيلية.. ومساءلة نيابية مالية واشتباك بين خوري وأصحاب المولِّدات
يزدحم الأسبوع الأوّل من تشرين الأوّل بجملة استحقاقات داهمة، وطنية، وقائية، ودبلوماسية واجتماعية، اقتصادية، من دون ان يتضح بعد المسار الذي يمكن ان تسلكه الحركة التأليفية وسط أجواء استقطاب بين الأطراف، وخيارات غير واضحة المعالم، ونصائح دولية، وتحذيرات من مخاطر محدقة بالبلاد.
فعلى صعيد أوّل، دعا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل رؤساء البعثات الدبلوماسية والسفراء المعتمدين في لبنان إلى الحضور إلى الخارجية عند الساعة الثالثة، والاستماع إلى ردّ لبنان على مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وادعاءاته حول ما قاله عن مخازن الصواريخ، على ان يقوم الوزير والسفراء بزيارة ميدانية للتحقق من ان ما بثه اعلام العدو لا يعدو ان يكون مزاعم، لا أساس لها من الصحة.
وعلى صعيد مالي، تتابع لجنة المال النيابية الاستماع إلى وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، للبحث في وضع حدّ للانفاق غير المبرر، والذي يرتفع على خلفية انفاقات طارئة عبر توظيفات، اما بالفاتورة، أو بالمياومة، أو سوى ذلك من انفاقات تتجاوز السقوف المعتمدة.
وعلى صعيد خدماتي، ومع تدني مستويات تقديم الكهرباء والمياه، وخلافها، يجرّب وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال رائد خوري حظه في الكباش مع أصحاب المولدات، من خلال تركيب العدادات للمولدات المملوكة من القطاع الخاص، وسط استمرار التجاذب حول الأسعار والتهديد بقطع الكهرباء عن المستهلك، والرد بتكليف البلديات وفقاً للقانون 550 مصادرة المولد..
حكومياً، اكتفت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة بالقول لـ«اللواء» ان ما من شيء منتظر على صعيد تأليف الحكومة الا اذا طرأ تطور اخر باعتبار انه حتى الان ما من عامل جديد على هذا الصعيد. ولفتت الى ان الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري لم يقدم ولم يعرض شيئا. اما اذا كان هناك من لقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري فإن المصادر نفسها اشارت الى فرضية حصوله اوعدم حصوله قائمة.
على صعيد آخر اوضحت مصادر مطلعة ان لا معلومات عن إمكانية انعقاد المجلس الاعلى للدفاع لبحث التطورات التي سجلت مؤخرا ولاسيما في ما خص الكلام عن خرق امني يتصل بسفر الرئيس عون الى نيويورك وغير ذلك من مواضيع.
والسؤال، من يجرؤ على التنازل لمصلحة الحلحلة وكسر الجمود على جبهة التأليف.
أسبوع واعد
وبقي الاهتمام السياسي مشدوداً إلى الاتصالات التي يفترض ان تتبلور الأسبوع الطالع المرشح لحركة سياسية باتجاه بلورة مسار تأليف الحكومة، علماً ان أي اتصال معلن لم يتم من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري بالرئيس ميشال عون منذ عودته يوم الجمعة الماضي إلى بيروت، بما يؤشر بإمكان قيامه بزيارة إلى بعبدا في بحر هذا الأسبوع، في ظل معلومات رجحت ان لا تتم هذه الزيارة قبل لقاء الرئيس المكلف برئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل الذي عاد من سمار جبيل إلى اتهام خصوم العهد بعرقلة تأليف الحكومة، مثلما يعرقلون تأمين الكهرباء والنفط ومشاريع التيار للبناء.
وفي تقدير مصادر سياسية متابعة، ان لبنان امام مرحلة مفصلية وصعبة، وسط سباق بين التفاؤل والتشاؤم، وان كانت بعض القوى السياسية تؤكد استحالة ولادة حكومة في فترة قريبة، مشيرة إلى ان الجميع بات في هذه الأجواء، وان كان الكلام التفاؤلي مطلوباً لتوفير جرعات طمأنة اقتصادية، بعدما بات الخوف على الليرة يقضّ مضاجع اللبنانيين.
وأفاد مصدر نيابي في تكتل «الجمهورية القوية» (القوات) لـ«اللواء»، ان الأمور في الملف الحكومي ما زالت تراوح مكانها، في ظل انتفاء المبادرات الهادفة إلى وضع أسس تركيبة حكومية متوازنة، بالشكل على صعيد الحصص والحقائب، وفي المضمون لناحية ان يكون البيان الوزاري متضمناً مجموعة ثوابت سبق ان توافق عليها الأفرقاء في الحكومات أو خلال جولات الحوار السابقة.
ونفى المصدر علمه بأي صيغة جديدة ينوي الرئيس المكلف عرضها على رئيس الجمهورية أو القوى السياسية، باستثناء بعض ما يسرب في الإعلام من صيغ أبعد ما تكون عن الواقع من جهة وعن الصفة التمثيلية النيابية والشعبية للقوات اللبنانية، والتي ترجمت بحجم الكتلة التي خرج بها الحزب في الانتخابات الأخيرة.
حكومة الأكثرية
في هذا الوقت، دل نفي المكتب الإعلامي في دار الفتوى، من ان يكون الدار دعا إلى اجتماع طارئ لبحث طرح الرئيس عون تأليف حكومة أكثرية إذا تعذر تشكيل حكومة وحدة وطنية، على وجود جهات تسعى للبلبلة في ظل قلق سياسي كبير لدى بعض القوى السياسية، ولا سيما الحزب التقدمي الاشتراكي و«القوات اللبنانية»، من ان يكون هذا الطرح بمثابة تمهيد لتوجه جدي لابعادهما عن المشاركة في الحكومة، مع ان أمين سر «تكتل لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان، حاول التخفيف من وطأته، بأنه «يأتي في سياق التحفيز والدفع إلى الامام لإنجاز التشكيلة الحكومية»، لتبديد هذا القلق، فيما اعتبرته مصادر سياسية أخرى بأنه «وسيلة ضغط على الحريري للإسراع بإنجاز الصيغة الجديدة للحكومة»، قبل ان يكون سياسة احراج وصولاً للاخراج.
واللافت على هذا الصعيد، صدور مجموعة مواقف من نواب في «تيار المستقبل» و«القوات» و«الاشتراكي» إضافة إلى كتلة حركة «أمل» وتيار «المردة» ترفض تشكيل حكومة أكثرية، وتصر على حكومة وحدة وطنية، فيما سارع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى إيفاد عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب اكرم شهيب الى معراب حيث التقى رئيس «القوات اللبنانية» الدكتور سميرجعجع، وهي مهمة كان لها طابع واحد على ما ظهر وهي تنسيق المواقف من الطروحات الجديدة حول تشكيل الحكومة وحول اقتراح «القوات» عقد جلسات ضرورة للحكومة لمعالجة المشكلات الاقتصادية والمعيشية، وهو امر لم يبت به بعد الرئيس الحريري. ولم يحظَ حسب المعلومات بحماسة وتشجيع من معظم القوى السياسية التي فضلت التروي وترك المجال اكثر للرئيس الحريري لانجاز تشكيلته الحكومية.
ففي حين رأى نواب في كتلة «المستقبل» (محمّد القرعاوي، محمّد الحجار وسامي فتفت) ان حكومات الأكثرية تسعى إلى تأمين غلبة فريق على آخر، وان الرئيس الحريري متمسك بحكومة وفاق وطني ويسعى لتشكيل حكومة متوازنة ومتجانسة وقادرة على مواكبة التحديات، ولن يسمح لأي طرح بالحصول على الثلث المعطل في الحكومة، شدّد عضو «التكتل الوطني» النائب طوني فرنجية، علىانه باسم «المردة» وباسم التكتل يُصرّ على حكومة وحدة وطنية تضم كل الأفرقاء وتحترم نتائج الانتخابات، وناشد رئيس الجمهورية «تقديم التنازلات صوناً للوطن وعلى قاعدة ان العهد لا يقاس بعدد وزرائه بل بعدد انجازاته».
وبخلاف هؤلاء، لم يشأ وزير «حزب الله» في حكومة تصريف الأعمال حسين الحاج حسن، تحديد موقف الحزب من حكومة الأكثرية، علماً انه سبق له ان أكّد مطالبته بحكومة وحدة في غير مناسبة وموقف، الا انه (أي الوزير) حرص مجدداً على الإشادة بمواقف الرئيس عون الأخيرة في الأمم المتحدة، لكنه غمز من قناة تيّار «المستقبل» ومن «القوات» عندما لفت إلى ان عقدة تشكيل الحكومة، تكمن في ان هناك قوى سياسية لا تزال تسعى إلى تجاوز نتائج الانتخابات النيابية التي افرزت قوى سياسية لم تعد كما كانت في السابق، والبعض يظن انه يستطيع ان يُبادر إلى تشكيل حكومة من دون الأخذ بهذه النتائج الانتخابية سياسياً ونيابياً، وبالتالي وزارياً. وقال انه «من دون الأخذ بهذه النتائج هناك تعقيدات امام تشكيل الحكومة، نأمل ان تذلل وتشكل الحكومة».
وبحسب المصادر السياسية، فإن كل هذه الطروحات سواء حول موقف الرئيس عون او حول اقتراح «القوات» بعقد جلسات حكومية للضرورة، ادت الى عملية خلط اوراق حول تشكيل الحكومة، خاصة مع غموض الصيغة الدقيقة التي يتردد ان الرئيس الحريري انجزها وهو بصدد عرضها على رئيس الجمهورية في اي لحظة، ومنها ما هو مقبول ومنها المرفوض اذا صحت التسريبات. والسؤال هوهل سيوافق الرئيس عون اولا على مطلب «القوات» بعقدجلسات الضرورة للحكومة،ام هل يستبق الرئيس المكلف كل هذه الطروحات بتسريع تقديم الصيغة التي يراها مناسبة الى الرئيس عون؟
دولة المولدات
في غضون ذلك، ينتظر ان يتصاعد الدخان الأبيض من وزارة الاقتصاد، في ضوء الاجتماع مع أصحاب المولدات اليوم، وبعد دخول قرار تركيب العدادات حيز التنفيذ ابتداءً من أوّل تشرين الأوّل، وسط معلومات عن ان ما من مخرج ستحمله الساعات المقبلة للافق المسدود، في ظل تباعد وجهات النظر بين الوزارات المعنية بالملف وهي الاقتصاد والطاقة والداخلية من جهة وأصحاب المولدات من جهة ثانية.
وتُشير المعلوات إلى ان عداد الكهرباء سيوضع موضع التنفيذ اعتباراً من اليوم، بعد ان قبل أصحاب المولدات تركيب العدادات لكن بشرط رفع سعر الكيلوات من 340 ليرة إلى 410 ليرات، بحسب الاتفاق الذي تم قبل يومين في وزارة الطاقة، وبهذه النتيجة تكون الدولة قد رضخت لابتزاز أصحاب المولدات، على حساب جيب المواطن، الذي لن يتهنى بالعداد، لأن ما كان سيوفره سيسحبه منه صاحب المولد من خلال رفع سعر الكيلوات 70 ليرة دفعة واحدة، ومن يُبرّر للمواطن هذا الفرق، وهل هكذا تعالج الامور: كباش بين الدولة اصحاب المولدات يفوز فيه أصحاب المولدات.