تحدثت "الأخبار" عن "اعتكاف الرئيس المكلف في باريس". ونقلت "اللواء" عن "مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية" أن "الاتصالات والمبادرات لا تزال مستمرة لمعالجة عقدة توزير" سنة 8 آذار. في هذا السياق زار النائب اللواء جميل السيد قصر بعبدا أمس. لكن مصادر "البناء" تحدثت عن "مراوغة" قام بها الرئيس المكلف "لتأجيل البحث بالعقدة السنية ورمى كرة التعطيل بوجه حزب الله". وقالت إن "الحرص المتبادل على علاقة رئيس الجمهورية وحزب الله، كان محور الرسائل التي أراد الفريقان تأكيدها. وربما يزور وفد قيادي من الحزب القصر الجمهوري، على طريقة ما حصل خلال مناقشة قانون الانتخابات النيابية" …
البناء
توافق أميركي أوروبي تركي على زيادة الضغط على ولي العهد السعودي في قضية الخاشقجي
الحوثيّون يردون على مبادرة ماتيس لوقف الحرب بالإصرار على رفع الحصار
مساعٍ هادئة لاحتواء التباين بين رئيس الجمهورية وحزب الله حول الحكومة
كشفت المواقف الصادرة عن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو ولاحقاً عن الناطقة بلسان الوزارة بعد محادثة هاتفية بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والتركي رجب أردوغان، عن تطابق في المواقف الأميركية الجديدة مع المواقف التركية الصادرة عن وزير الخارجية التركي شاويش أوغلو وعن المدّعي العام التركي، ومحور المواقف يدور حول رفض التستر السعودي على مصير جثة جمال الخاشقجي من جهة، وتفسير كيفية صدور الأوامر للفريق الذي قام بعملية قتل الخاشقجي وتقطيع جثته وتذويبها بالأسيد، كما تقول المصادر التركية وتنشر الواشنطن بوست وتكرّر الـ»سي أن أن». وهي ضغوط مباشرة على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تتقاطع مع الحملة التي تشهدها أوروبا تحت عنوان رفض نتائج التحقيقات السعودية، والدعوة لتحقيق دولي ولوقف مبيعات السلاح إلى السعودية.
الضغوط على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وربما البحث لبديل عنه، تتصاعد إلى الواجهة في توقيت بدأت واشنطن بشخص وزير دفاعها جيمس ماتيس تحركاً هادفاً لوقف الحرب على اليمن من وراء ظهر إبن سلمان، في تصرّف غير مسبوق منذ بدء الحرب التي ساندتها واشنطن واعتبرتها واحدة من ركائز التعاون الأميركي السعودي في مواجهة إيران، وفي ظل انصياع سعودي لأوامر ماتيس، أعلن أنصار الله موقفهم من دعوات ماتيس بلغة حازمة تحمّل واشنطن مسؤولية الحرب وتدعوها لوقف إرسال السلاح إلى السعودية والإمارات، مع الإصرار على ربط أي وقف للنار بإنهاء الحصار، وفتح الباب للحل السياسي دون شروط مسبقة كالتي تحدّث عنها ماتيس من نوع الدعوة لحكم ذاتي من جهة ووضع صواريخ أنصار الله تحت إشراف دولي من جهة مقابلة.
لبنانياً، بدت العطلة الحكومية ممتدّة حتى مطلع الأسبوع المقبل، بعدما أظهر موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تناغماً بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري حول قضية التمثيل السني في الحكومة، وهو ما قاله الرئيس عون بوضوح لجهة اختلافه مع حزب الله حول هذه القضية، بحيث تقدّم هذا الاختلاف وسبل معالجته على القضية الخاصة بالحكومة. وقالت مصادر متابعة لعلاقة رئيس الجمهورية وحزب الله إن الحرص المتبادل على العلاقة كان محور الرسائل التي أراد الفريقان تأكيدها في ظل هذا الاختلاف من جهة، والحرص على حل القضية والخلاف حولها بروح التفاهم، حرصاً على عدم عرقلة وتأخير ولادة الحكومة، وعدم وقوع إجحاف بحق فريق يستحق التمثيل، والحرص الأكبر على تحصين العلاقة الاستراتيجية التي يؤكد رئيس الجمهورية وتؤكد قيادة حزب الله أنها لن تهتز بتأثير هذا الاختلاف، ولن يعدم الحليفان اكتشاف طرق إدارة الاختلاف إذا بدا التفاهم معقداً. وتوقعت المصادر أن يترجم السعي المتبادل للبحث عن حلول، ولقطع الطريق على أي محاولات لتضخيم الخلاف والاستثمار عليه، واللعب بمشاعر بعض القواعد الشعبية لتعميقه، بلقاءات غير بعيدة، ربما تتمثل بزيارة وفد قيادي من حزب الله إلى القصر الجمهوري، على طريقة ما حصل خلال مناقشة قانون الانتخابات النيابية والخلاف الذي ظهر حينها بين رؤية كل من رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من جهة، وحزب الله من جهة مقابلة.
الحريري إلى باريس تاركاً عقدة متفجّرة!
بقي المشهد الحكومي تحت تأثير موقف رئيس الجمهورية ميشال عون من عقدة تمثيل سنّة المعارضة، ففي حين حسم عون قراره برفض حل العقدة القائمة من حصته لاعتبار أنه قدم تنازلات عدة لا سيما نائب رئيس الحكومة الى القوات اللبنانية ولا يريد تقديم المزيد كي لا يفقد الثلث الضامن، فضّل الرئيس المكلف سعد الحريري أخذ استراحة محارب متوجّهاً الى باريس في زيارة أفيد أنها خاصة ستستمر أياماً قليلة بعد جولات مفاوضات شاقة خاضها مع الأطراف السياسية. وأراد الحريري الإيحاء من خلال سفره بأنه أدى قسطه الحكومي للعلى وبات غير معني بحل العقدة القائمة التي قد تتحوّل متفجرة تطيح بالحكومة. إذ حذرت مصادر معنية من أن تمسك المعنيين بتأليف الحكومة على ضرب مبدأ عدالة التمثيل واقصاء أحد مكوّنات المجلس النيابي عن الحكومة سيضرب مبدأ حكومة الوحدة الوطنية ما سيفرض بحسب ما قالت المصادر لـ»البناء» اعادة وضع معايير وأسس جديدة لتمثيل المكوّنات النيابية قد تفقد أكثر من كتلة ما حصدته من حصص زائدة في هذه التشكيلة بغير حق، وإعادة توزيع عادلة للحصص والحقائب الوزارية. أما الخيار الثاني بحسب المصادر فهو استقالة الرئيس الحريري وإعادة تكليفه على أسس وشروط جديدة كما سبق وهدّد رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل.
وتساءلت المصادر: لماذا لم يهدد الحريري بالاستقالة عندما عرقلت القوات تأليف الحكومة طيلة خمسة أشهر ونيّف كما يفعل الآن؟
وقد نشطت الاتصالات أمس، على خط حارة حريك بعبدا لمعالجة الخلاف المستجدّ في وجهات النظر إزاء تمثيل اللقاء التشاوري لسنة المعارضة المستقلين. وأفادت قناة المنار أن «الاتصالات انطلقت بين الحزب والرئيس عون لهذه الغاية»، ولفتت إلى أن «الحريري أبلغ الرئيس عون في اللقاء الأخير في فصر بعبدا رفضه توزير سنة 8 آذار حتى لو من حصة رئيس الجمهورية». وقد علمت «البناء» أن النائب اللواء جميل السيد يقوم بمسعى على هذا الصعيد بين بعبدا والضاحية عبر اقتراح عرضه على رئيس الجمهورية خلال زيارته له أمس، كما دخل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على خط المعالجة أيضاً.
لكن لم توحِ الاتصالات حتى الآن بأن العقدة قد حلت ولا أن الحكومة ستولد في اليومين المقبلين، وقالت أوساط بعبدا لـ»البناء» إن «موقف الرئيس عون في الحوار الإعلامي الاخير لا يعني إقفال الأبواب على الحلول»، كاشفة عن حركة موفدين باتجاه بعبدا أمس بين الضاحية وبعبدا، ونفت أن يكون الحزب طلب موعداً للقاء عون، لكن مصادر «البناء» لم تستبعد أن يعقد لقاء بين وفد من الحزب والرئيس عون والوزير جبران باسيل خلال الأيام القليلة المقبلة». ورجحت مصادر «البناء» أن يتمّ التوصل الى حل للعقدة السنية شبيهاً بحل العقدة الدرزية، لكن مصادر 8 آذار شدّدت لـ»البناء» على أن «فريقنا السياسي لن يقبل بحلول مشبوهة أو منقوصة تأتي على حساب تمثيل حلفائنا السنة بل نريد حلاً واضحاً من ضمن النواب الستة أو ممن يرتضونه»، كما رفض سنة 8 آذار وحزب الله بحسب معلومات «البناء» توزير الدكتور عبد الرحمان البزري كحل وسطي وعلمت «البناء» أيضاً أن حزب الله «بعث برسالة الى الرئيس عون بعد موقفه الأخير مفادها بأننا متمسكون بموقفنا ولا تضغطون علينا وتحرجونا». وقالت مصادر حزب الله لـ»البناء» إن «الحريري حمل الأمر أكثر مما يحتمل بما يخالف المعايير المتفق عليها»، متحدثة عن مراوغة قام بها الحريري، حيث حاول طيلة الأشهر الخمسة تأجيل البحث بالعقدة السنية حتى حلّ جميع العقد الأخرى وعندما حلها نفض يديه من العقدة الأخيرة ورمى كرة التعطيل بوجه حزب الله». ورجّحت مصادر سياسية لـ»البناء» أن يكون «تعنت الرئيس المكلف مرتبطاً بعدم موافقة السعودية على تمثيل ما يسمّونه سنة الحزب وإيران، إذ إن الضوء الاخضر السعودي جاء بما خص العقدة القواتية، وهذا ما ظهر بتنازل القوات بعد أيام على عودة الحريري من السعودية، لكن المملكة ترفض توزير سنة لا يدينون بالولاء لها»، واستغربت المصادر الحملة الاعلامية على الحزب واتهامه بتعطيل ولادة الحكومة في وقت يتجاهلون تعطيل القوات خمسة أشهر على وزير واحد أو حقيبة واحدة». غير أن مصادر الحزب والتيار الوطني الحر أكدوا لـ»البناء» أن «العلاقة والتحالف الاستراتيجي بينهما لن يتأثر وهو الذي مر بامتحانات أصعب وأقسى مما نشهده في الخلاف الحكومي اليوم». على أن مصادر الحزب نفسها أكدت أن حزب الله ليس وحيداً في دعم مطلب السنة المعارضين بل إن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يدعم ذلك ايضاً، كما تحدثت مصادر إعلامية عن أن عين التينة دخلت جدياً على حلّ العقدة السنية، وأكد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر في تصريح تلفزيوني على أن مطلب تمثيل سنة المعارضة مطلب حق وفقاً لنتائج الانتخابات النيابية ولا يجوز التقليل من قيمة أي نائب، لا سيما النائب فيصل كرامي الذي يعتبر من عائلة عريقة دفعت ثمناً كبيراً من أجل الوطن ولديه حيثية كبيرة في طرابلس والشمال. والامر نفسه للنائب جهاد الصمد الذي انتخب بأصوات السنة في الضنية ولا يوجد حزب الله في الضنية، ودعا جابر رئيس الجمهورية الى معالجة الأمر بحنكته بالتعاون مع الرئيس المكلف.
في المقابل أكدت مصادر بيت الوسط أن «الحريري متمسّك بموقفه في مسألة رفضه توزير ممثّل عن النواب السنة المستقلين»، ولفتت إلى أنّ «الموقف الّذي أعلنه رئيس الجمهورية أمس، في هذا الإطار ممتاز ومنطقي، ويتطابق مع ما كان الحريري قد أعلنه مرارًا أنّ هؤلاء النواب ليسوا كتلة نيابية واحدة، وقد شاركوا في الاستشارات النيابية كلّ ضمن كتلته»، مركّزةً على أنّ «الطابة ليست في ملعب الحريري بل في ملعب مَن يدعم توزير النواب السنة المستقلين، وفي مقدّمهم « حزب الله ». وقد انعكست مواقف عون الداعمة للحريري ولتثبيت التسوية معه ارتياحاً في الأوساط المستقبلية، وغرّد النائب سمير الجسر على تويتر بالقول «موقف فخامة الرئيس ميشال عون مما سُمي بالعقدة السنية المفتعلة متميز وبعيد النظر ويحمي الوحدة الوطنية». بينما لاحظت جهات مراقبة الى أن الرئيس عون رمى بموقفه الأخير الى احتواء الحريري وانتزاعه من الفلك القواتي والسعودي واستمالته الى صفه».
وغير أن اللافت هو دخول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على خط الأزمة، متهجّماً على سنّة 8 آذار، فغرّد عبر «تويتر» قائلاً «يبدو ان اخبار لبنان وصلت الى بغداد فأخذ العراقيون يبحثون في شارع المتنبي عن كتاب حول السنّة المستقلين. والبعض الآخر وجد التقرير الاخير للبنك الدولي عن لبنان انه مخيف فهل قرأه السنة المستقلون. بالمناسبة مستقلون عن مَن؟ في هذه المناسبة التحية لأسامة سعد على موقفه الوطني». فردّ النائب فيصل كرامي بعنف على جنبلاط عبر «تويتر»: «عم تتهضمن يا بيك؟! السنّة المستقلون الذين أعجزك إيجاد تعريف لهم لدرجة الذهاب الى بغداد والبحث في شارع المتنبي عن الكتب، هم السنّة اللبنانيون الذين لم يكونوا تابعين لتشكيلة من الدول الأجنبية والعربية خلال تاريخهم السياسي».
السيد: الوضع الراهن من أدقّ الأوضاع التي تستوجب تشكيل الحكومة
استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، النائب اللواء جميل السيد، وأجرى معه جولة افق تناولت الاوضاع العامة والتطورات المتعلقة بالوضع الحكومي في ضوء المستجدات الأخيرة والمواقف التي عبر عنها الرئيس عون.
بعد اللقاء، قال النائب السيد: «من الطبيعي حسب السوابق اللبنانية في تشكيل الحكومة منذ تطبيق اتفاق الطائف، أن يشهد تشكيل الحكومات هذا النوع من المد والجزر، سواء على مستوى التوازنات والحقائب أو تسمية الوزراء، وكان دائماً يتم التوصل في نهاية المطاف الى تسوية تحفظ استمرارية الدولة ومصالح الناس. ولعل الوضع الراهن هو من ادق الاوضاع التي تستوجب تشكيل الحكومة، لا سيما في ظل الاستحقاقات الإقليمية المرتقبة وفي ظل المصاعب الاقتصادية التي تشهدها الحالة الراهنة».
وأوضح أنه أثار مع الرئيس عون «مواضيع خدمية مرتبطة بمنطقة البقاع وطريق ضهر البيدر ونتائج امتحانات مجلس الخدمة المدنية، حيث أكد فخامته أنه سيعتمد حلاً قريباً بما يؤدي الى إنصاف أصحاب الحقوق بالسرعة اللازمة».
اللواء
حزب الله «عاتِب وغاضِب».. وتعليق البحث بالمخارج!
الحريري في باريس ويعود السبت إليها.. ولا موعد «لسُنَّة العُقدة» في بعبدا
الثابتة الوحيدة مع العد العكسي للتحضيرات الجارية للاحتفال بالذكرى الـ75، لاستقلال لبنان، وبعد أسبوع من دخول التكليف للتأليف شهره السادس، هو ان طريق الاتصالات لم تكن سالكة بعد، لمعالجة عقدة ربع الساعة الأخير، المتمثلة بمطالبة حزب الله تمثيل سنة 8 آذار في الحكومة، من حصة الرئيس المكلف.
والمعلومات حول تجمّد الاتصالات تدحض من دون أدنى اجتهاد، ما دأبت المصادر القريبة من التيار الوطني الحر على الترويج له، في محاولة للتغطية على تطوّر جديد في المشهد السياسي، يتمثل ببروز الخلاف بين الرئيس ميشال عون وحزب الله إلى العلن، وتصويرالحزب انه يخطئ بالتكتيك، واعتبار محطة O.T.V ان كلام رئيس الجمهورية في الإطلالة التلفزيونية، من ان «العقدة السنية مختلقة وغير مبررة» من انه كان «رسالة واضحة إلى ما يعنيهم أمر الوطن قبل التأليف»، من ان الكلام، يستهدف الجهة المعنية بالعرقلة، ومن ضمنها حزب الله، والنواب السنة الستة المعنيين.
ولم يخفِ النائب آلان عون وجود تباين مع حزب الله، لكن ذلك لا يعني إنهاء التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، الموقع منذ العام 2006، إلا ان تغريدة النائب العوني زياد الأسود، من كتلة لبنان القوي، حول انه لا إمكانية لحكم سيّد، ما دام له ما ينافسه بالسيادة بقوة السلاح..
وتنقل أوساط ذات صلة ان حزب الله غاضب على ما أعلن في الندوة التلفزيونية، فضلاً عن عتبه علىعدم الاستماع للنوابالسنة، على نحو ما حصل مع «القوات» أو النائب طلال أرسلان أو سوى هذين الطرفين.
ومع ان مغادرة الرئيس الحريري قبل ظهر أمس بيروت، متوجهاً إلى باريس في «زيارة خاصة» على حدّ ما أوضح المكتب الإعلامي للرئيس المكلف فإن سفره جمّد المساعي، فقصر بعبدا لم يشهد لقاءات، لا علنية ولا سرية، ولا حتى اتصالات، أو زيارات، وفقاً لما كشفته مصادر قريبة من حزب الله، خلافاً لما ذكرته مصادر بعبدا عن وجود اتصالات، من الممكن ان تتوضح صورتها في الأيام القليلة المقبلة.
وتجدر الإشارة إلى ان الرئيس الحريري الذي يعود في الأيام القليلة المقبلة، سيغادر مجدداً إلى باريس للمشاركة في مؤتمر حول السلام، دعا إليه الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون.
وكانت «اللواء» اشارت إلى المؤتمر ودعوة الرئيس الحريري إليه قبل عدّة أيام.
تجميد محركات التأليف
وفي تقدير مصادر سياسية مطلعة، ان سفر الرئيس الحريري المفاجئ إلى باريس، في زيارة خاصة، تعني ببساطة، ان محركات تأليف الحكومة جمدت أو أعطيت «اجازة اجبارية»، وان لا حل في الأفق، أقله في الأيام المقبلة، لعقدة تمثيل النواب السنة من 8 آذار، فيما انصرف «حزب الله»، بعدما باتت الكرة في ملعبه، إلى تقييم الوضع، لا سيما بعد موقف الرئيس ميشال عون برفض تمثيل هؤلاء النواب باعتبار انهم «فرادى وليسوا تكتلاً أو مجموعة»، إلا ان معظم أركان الحزب غابوا عن السمع، في حين كانت تجرى اتصالات «بالواسطة» مع الرئيس عون لإيجاد المخرج اللائق والممكن لهذه العقدة، بما يضمن الإسراع في تشكيل الحكومة، في وقت ذكرت مصادر المعلومات ان الرئيس عون لم يُقرّر بعد من سيكون الوزير السني من حصته، علماً ان الوزير الدرزي الثالث لن يكون من حصة رئيس الجمهورية، بل هو متفق عليه بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان، ما يعني انه ستكون للرئيس عون حصة من أربعة وزراء، عدا الوزير الدرزي الثالث، بينهم مسيحيان وسني والوزير الرابع غير معروف بعد.
وأوضحت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية ان إعلان الرئيس عون رفضه توزير أحد النواب السنة المستقلين، لأنهم ليسوا كتلة موحدة، لا يعني ان الاتصالات توقفت لمعالجة هذه العقدة، بل ان الاتصالات والمبادرات لا تزال مستمرة من خلال من اسمتهم «سعاة خير» ينقلون رسائل ومبادرات بين الأطراف المعنية بملف التشكيل، والعمل جار للخروج من هذه الدوامة، معتبرة ان اعتماد «التكتيك» في التشكيل الذي تحدث عنه الرئيس عون في حواره مع الإعلاميين أمس الأوّل، لا يعني ان طرفاً معيناً لا يريد الحكومة، بل ان هناك عملية «شد حبال» بين الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة.
وقال المصادر، انه على الرغم من سفر الرئيس الحريري، فإن الاتصالات ستتواصل، معتبرة ان ما حصل ربما جمد التشكيل، لكنه لم يجمد البحث في موضوع التأليف.
وفي المعلومات، أن أياً من نواب سنة 8 آذار لم يزر قصر بعبدا، مثلما تردّد، كذلك لم يعرف اما إذا كانت الاتصالات شملت «حزب الله»، حيث تردّد أيضاً احتمال قيام وفد من الحزب برئاسة رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بزيارة القصر، إلا ان مصادر الحزب نفت ذلك.
حزب الله على موقفه
وقالت مصادر موثوقة مطلعة على موقف «حزب الله» لـ«اللواء»: ان الحزب متمسك بشدة بموقفه من توزيراحد النواب المستقلين بحكم معادلة الانتخابات النيابية، وانه كان قدابلغ الرئيس الحريري والرئيس عون والوزيرجبران باسيل منذ اكثر من شهرين واكثرمن ثلاث مرات موقفه هذا، لذلك فهذه القضية ليست مستجدة ووليدة ساعتها، بل هي مثارة منذ اشهر وتم تجاهلها لحين معالجة مسألة تمثيل «القوات اللبنانية».
ونقلت المصادر عن قياديين في «حزب الله» قولهم: ان لا علاقة لهذا الموقف بما يثار بوجه الحزب عن سعيه للحصول على ثلث ضامن له في الحكومة او تشليح الرئيس عون او الرئيس الحريري ثلثا ضامنا يسعيان اليه، المسألة ان تمثيل النواب السنة المستقلين الستة من خارج «المستقبل» هي قضية حق، ونحن سنبقى على موقفنا حتى لو تأخر تشكيل الحكومة اياما فنحن اوفياء وصادقون مع الحلفاء والاصدقاء.
واستغربت المصادر القيادية «انتظار تشكيل الحكومة خمسة اشهر لحل مسألة تمثيل «القوات» وعدم انتظار حل مسألة تمثيل النواب السنة المستقلين اياما قليلة»؟ وقالت: غير صحيح ان «حزب الله» يريد تطويق الرئيس الحريري او تعجيزه او إحراجه لإخراجه، والا لما كان عمل منذ بداية الطريق على تسميته لتشكيل الحكومة وعمل على تسهيل التشكيل.
واوضحت المصادر ان موقف الحزب ليس موجها الى احد، لكن فيصل كرامي وجهاد الصمد وعبد الرحيم مراد واسامة سعد لهم حق بالتمثيل في الحكومة حتى لو لم يكونوا ضمن تكتل واحد، لأنهم يمثلون شريحة سنية كبيرة ولم يأتوا بأصوات الشيعة في مناطقهم.
وعما تردد عن ان الحزب سيعرقل تشكيل الحكومة اذا لم يتم توزير احد النواب السنة المستقلين، قالت المصادر: انها ليست عرقلة بل تمسك بمطلب حق.
وحول القول ان الكرة الان باتت في ملعب «حزب الله»، قالت المصادر: انها في ملعب من يصدر مراسيم تشكيل الحكومة ولسنا نحن من يُصدر مراسيم التشكيل.
وعن رأي الحزب بموقف الرئيس عون الرافض لتوزير هؤلاء النواب؟ قالت المصادر: «ان الرئيس عون عبّر عن رأيه والحزب ايضا عبر عن رأيه، وهذا لا يعني ان هناك خلافاً بيننا وبينه، فهو ما زال حليفاً وصديقاً كبيراً وتحصل اختلافات بوجهات النظر بين الحلفاء».
ونفت المصادر اتهام الحزب بأنه يحاول تأخير تشكيل الحكومة بسبب العقوبات الأميركية عليه وعلى إيران، معتبرة انه بالعكس، فإن العقوبات المرتقبة سبب أساسي يدفعنا لطلب تسريع تشكيلها.
مناورة أم استحقاقات خارجية؟
غير ان مراقبين ينظرون بعين الريبة إلى ما آلت إليه عملية تأليف الحكومة، يرون ان تمسك الثنائي الشيعي بتمثيل السنة المعارضة في الحكومة يندرج في إطار من اثنين: إمّا أن يكون مناورة لتضييع الوقت بانتظار ما ستؤول اليه الانتخابات النصفية الأميركية وانعكاسها على السياسة الخارجية لواشنطن تجاه طهران مع قرب الدفعة الثانية من العقوبات التي ستطال أيضا شخصيات جديدة في حزب الله، وإمّا تعبيرا عن تحفّظ على شكل الحكومة الحالية لا سيما بعد التسوية التي قام بها الرئيس عون مع النائب السابق جنبلاط والتي قد تمنحه بشكل غير مباشر ثلثا معطّلا في الحكومة، إذا ما سمّى شخصية درزية من حصّته تكون أقرب الى الوزير إرسلان.
لكن هؤلاء يفضلون التحليل الذي ستؤول إليه التطورات الخارجية على مسار تأليف الحكومة, بدءاً من الانتخابات الأميركية، وصولاً إلى ما يُحكى عن رغبة أميركية شديدة بإنهاء الحرب في اليمن، تمثلت في اليومين الأخيرين بالتصريحات الأميركية الواضحة لوزيري الدفاع والخارجية بضرورة جلوس الأطراف المتنازعين الى طاولة المفاوضات بعد الفشل الذي ألمّ بها في شهر أيلول الفائت، وكأنّ وقت التسوية في هذا البلد قد حان بالتوازي مع أفول الحرب في سوريا وتسوية الأوضاع السياسية في العراق، ومسار صفقة القرن في فلسطين المحتلة.
إلى ذلك، ذكرت مصادر «اللقاء التشاوري» للنواب السنة المستقلين، ان هناك استحالة لولادة حكومة من دون هؤلاء السنة، حتى ولو قرّر الحريري البقاء مكلّفاً حتى نهاية العهد». والمسالة الآن بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعد حريري اللذين يتوجب عليهما مراجعة الأرقام التي أنتجتها الانتخابات النيابية والحجم التمثيلي للنواب السُنة في كلّ لبنان، كما العودة إلى المعايير التي على أساسها تم تشكيل الحكومة الإفتراضية التي لا يتمثل فيها السُنة المستقلون، وعندها سيكتشفان بأنّ المعيار المُتَّبع ينطبق علينا أكثر مما ينطبق على جهات أخرى ممثلة في الحكومة».
واكدت المصادر «نحن جبهة سياسيّة قائمة منذ منتصف حزيران وليست طارئة، ولم تعمد الى تجميع أعضائها في اللحظة الأخيرة كما يقال».
سجال تويتري
وفي هذ الصدد، طرأ سجال عنيف عبر «تويتر» بين جنبلاط والنائب فيصل كرامي، على خلفية سؤال الأوّل عمن يمثل هؤلاء النواب المستقلين، موجهاً في المناسبة تحية للنائب اسامة سعد على موقفه الممتنع عن الدخول في عملية التوزير.
وقال جنبلاط في تغريدته: «يبدو ان اخبار لبنان وصلت الى بغداد فأخذ العراقيون يبحثون في شارع المتنبي عن كتاب حول السنة المستقلين والبعض الآخر وجد التقرير الاخير للبنك الدولي عن لبنان .انه مخيف فهل قرأه السنة المستقلون. بالمناسبة مستقلون عن من؟».
ورداً على جنبلاط غرد النائب كرامي، على حسابه على تويتر، فكتب: «عم تتهضمن يا بيك»؟!السنة المستقلون الذين اعجزك ايجاد تعريف لهم لدرجة الذهاب الى بغداد والبحث في شارع المتنبي عن الكتب، هم السنة اللبنانيون الذين لم يكونوا تابعين لتشكيلة من الدول الاجنبية والعربية خلال تاريخهم السياسي.
أضاف، غامزاً من قناة جنبلاط: «السنّة المستقلون هم السنّة اللبنانيون الذين لم يتورطوا في حروب المذابح والفرز المذهبي الذي حوّل لبنان الى فيدرالية طوائف، وهم الذين لم يستقبلوا شيمون بيريز في قصورهم ولكنهم ماتوا اغتيالاً في دفاعهم عن عروبة لبنان، وهم الذين لم ينهبوا المال العام بشراهة غير مسبوقة اوصلتنا الى تقرير البنك الدولي المرعب والخطير الذي تتحدّث عنه».
تحية الى روح المناضل الكبير «سلطان باشا الاطرش».
الكهرباء وتلوث جونية
في غضون ذلك، بدا ان لبنان مهدد بالعتمة الكاملة، بسبب النزاع القائم بين وزارتي الطاقة والمال بصرف السلفة التي طلبتها وزارة الطاقة، للوفاء بالتزاماتها تجاه الشركة الجزائرية التي تؤمن الفيول لمؤسسة الكهرباء، فيما أعلن ان مجموعتين في معمل الذوق توقفتا أمس عن العمل، في حين ان معملي الحريشة والذوق القديم مهددان بالتوقف، الأمر الذي من شأنه ان يغرق كافة المناطق اللبنانية بالظلام، علماً ان مؤسسة الكهرباء، بدأت اعتباراً من أمس، تطبيق نظام من التقنين القاسي للتيار في العاصمة والمناطق بمعدل 12 ساعة في اليوم.
وذكرت مصادر وزارة الطاقة، انها أجرت اتصالات مع الشركة الجزائرية «سوناتراك» لتأمين وصول الفيول لمؤسسة الكهرباء، على ان يتم صرف الاعتمادات لها لاحقاً.
يُشار الى ان الوزارة كانت طلبت سلفة مالية بـ638 مليار ليرة، بموجب مرسوم، لكن وزارة المال اعترضت على أساس انه لا يجوز صرف السلفة بمرسوم، لأن صرف أي مبلغ يفوق الاعتمادات المقررة يحتاج إلى قانون، وهو أمر غير متاح إلا إذا انعقدت جلسة تشريعية، لا يبدو موعد انعقادها ملحوظاً في الأفق القريب.
في هذا الوقت، تداعى نواب كسروان إلى اجتماع يعقد السبت لمتابعة ما ورد في تقرير منظمة «غرينبيس» الدولية، من ان مدينة جونية حلت في المرتبة الخامسة عربياً والـ25 عالمياً بين المدن الملوثة، بسبب الدخان المنبعث من مداخن معمل الكهرباء في الذوق.
ودعا نائب كسروان فريد هيكل الخازن وزير الطاقة سيزار أبي خليل إلى تحمل مسؤوليته في هذا الموضوع، فيما سأل النائب شامل روكز، خلال مؤتمر صحفي عقده في مجلس النواب عن أسباب عدم اتخاذ الوزارة المعنية الخطوات المطلوبة من أجل استبدال الفيول اويل المستخدم في معمل الذوق بمادة الغاز، على الرغم من الإجماع على كون ذلك يُخفّف من الفاتورة الصحية ويقلل من كلفة تشغيل معامل الكهرباء ويزيد من انتاجية المعامل بنسبة 15 إلى 20 في المئة؟
على ان اللافت في الموضوع، بحسب ما ورد في ردّ الوزير ابي خليل، قوله ان مناقصة تحويل إنتاج الكهرباء بواسطة الغاز، لن تنتهي قبل سنة تقريباً، بما يُؤكّد ان المعالجات لن تكون متاحة لإنقاذ مدينة جونية من التلوث قبل سنة، وبالتالي فإن على المواطنين ان يتحملوا التلوث في صحتهم سنة أخرى من المعاناة.
الأخبار
ماذا يريد حزب الله؟
الحريري «يعتكف» في باريس… وانقطاع اتصالات التأليف
لأن لا حكومة ولا مشاورات حكومية، فلا حاجة لأن يبقى الرئيس المكلّف سعد الحريري في بيروت. طائرته حملته أمس إلى باريس، في إجازة من التشكيل هي أشبه بالاعتكاف، على رغم نيته العودة قريباً. ويعوّل فريق الحريري على غيابه، لخفض «السقوف العالية» التي لا تزال تحول دون البدء بالبحث عن مخارج جدية للعقبة الأخيرة التي تمنع تأليف الحكومة: سنّة 8 آذار. هؤلاء النواب لم يكونوا ليتوقعوا أن الحكومة يمكن أن تقف على تمثيلهم. مع ذلك، فهذا أمر يحسبونه لحزب الله، الذي يجدونه متمسكاً بحقهم في التمثيل. حتى اللحظة، يبدو أن الحزب «ارتكب خطأ تكتيكياً». فسياسة التفاوض «السري» التي سبق أن جرّبها مع وسطاء إطلاق الأسرى من معتقلات العدو، تبدو غير ذات فاعلية في الداخل اللبناني. فالعلنية جزء من أسلحة المعركة.
طوال الأشهر الخمسة الماضية، كان أطراف التفاوض يتراشقون التهم بالتعطيل، محيدين حزب الله وحركة أمل. ساهم الثنائي في حلحلة الكثير من العقد (عقدة التمثيل الدرزي، عقدة تمثيل المردة، فضلاً عن مشاركة حزب الله في تذليل مشكلة وزارة المالية)، وكان رئيس الحكومة المكلف يكيل المديح لخصومه في الضاحية، بسبب عدم مساهمتهم في العرقلة. ارتكب الحزب خطأ بعدم إعلان مطالبه على الملأ، مستنداً إلى قاعدة «سرية المفاوضات» التي طالب باعتمادها أمينه العام السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير (19 تشرين الأول). لكن هذا الأمر انقلب عليه. فحتى حلفاؤه الذي يخوض معركة توزيرهم الآن، سبق أن سلموا أنهم لن يكونوا جزءاً من الحكومة. في 15 تشرين الأول الماضي، كان النائب فيصل كرامي صريحاً إلى أبعد الحدود في حديثه عن «حرماننا من حقنا الطبيعي في التمثل حكومياً على مرأى ومسمع من فريقنا السياسي».
وإذا كان حزب الله لم يُبشر حلفاءه بالخير، فقد كان ذلك واضحاً عند كل من يتابع تشكيل الحكومة: العقدة السنية لن تكون عقبة في وجه التشكيل. حتى الرئيس نبيه بري كان، حتى نهاية الأسبوع الماضي، يبشّر بقرب ولادة الحكومة، ويجيب سائليه بأن تمثيل «سنة 8 آذار» لن يكون عقدة. كما لم يكن وزير الخارجية جبران باسيل يصدّق، فجر الاثنين الماضي، بأن مصير الحكومة متوقف على مقعد حكومي لـ«سنة 8 آذار».
فما الذي تغير؟
حتى الآن لا أحد يملك الجواب سوى حزب الله نفسه والرئيسين ميشال عون وسعد الحريري. والمفارقة أن كل فريق من ثلاثي عون – الحريري – حزب الله، تعامل في المفاوضات على قاعدة رمي الكرة في ملعب الآخرَين. حزب الله يرى حل العقد مسؤولية الرئيسين. وعون يراها مشكلة بين حزب الله والحريري، فيما الأخير يعتبر نفسه خارج دائرة التنازل، وكان يتوقع أن تُحل المشكلة بين شريكي تفاهم مار مخايل.
رئيس الجمهورية تحدث في مقابلته أول من أمس عن خطأ في التكتيك (لم يسمّ حزب الله، لكن السياق يوحي بأنه كان يقصده) فعن أي تكتيك يتحدث؟ هل في ذلك إشارة إلى استغلال حزب الله لأزمة التمثيل السني لتعطيل تشكيل الحكومة؟ وإن كان صحيحاً، فلماذا لا يريد حزب الله حكومة الآن؟ فريق الهجوم على المقاومة في لبنان سارع إلى ربط القضية، كما دأبه في كل أمر مهما صغر أو كبر، بالمفاوضات الجارية إقليمياً، وبخاصة بشأن العدوان على اليمن. يعتقد هؤلاء أن حزب الله يرى السعودية في موقف حرج، فلماذا سيعطي حليفها في لبنان ما يجعلها أكثر اطمئناناً، فيما المطلوب منها دولياً تقديم التنازلات؟
في المقابل، لماذا كان رئيس الجمهورية حاداً في موقفه الرافض لإعطاء سنة 8 آذار مقعداً من حصته؟ ولماذا لا يلتقط فرصة توزير فيصل كرامي، ويحوّلها إلى حجر يرمي به عصفورين دفعة واحدة: احتضان «سنة المعارضة» بما يُبعِدهم عن سليمان فرنجية؛ وإدخال كرامي إلى مجلس الوزراء حيث سيقف في المرصاد لوزراء القوات اللبنانية الذين لا برنامج عمل لهم سوى إفشال وزراء التيار الوطني الحر؟ أليس في ذلك مردود أكبر من مردود توزير شخصية سنية لا حيثية شعبية لها، كفادي عسلي أو أحمد عويدات؟ ترفض مصادر 8 آذار هذه الأسئلة، معتبرة أن المشكلة هي في ملعب الحريري، لا بين عون وحزب الله اللذين سيؤكدان مجدداً قوة تحالفهما.
سؤال إضافي يُطرح حالياً: لماذا أراد عون أن يظهر كمعارض علنيّ لتوجه حزب الله في هذا الوقت تحديداً؟ ولماذا لم يلجأ إلى قنوات التواصل المعتادة بين بعبدا وحارة حريك؟ هل لذلك أي رابط بالعقوبات المتوقعة على الحزب، والتي تكثر الإشارة إلى أنها ستطاول مقربين وحلفاء له؟ تعلّق مصادر في 8 آذار على السؤال الأخير باعتباره سخيفاً ولا داعي للتعليق عليه. فعندما كان عون مهدداً بشخصه من قبل الإسرائيليين والأميركيين، رفض أن يتنازل عن دعم المقاومة، في خضم عدوان تموز 2006 وبعده. وبالتالي، لا قيمة لأي تهديد في قاموس رئيس الجمهورية.
وماذا عن الحريري؟ ألا يرى نفسه معنياً بقراءة ما يجري حالياً من منظار يتجاوز اختزال الأزمة بـ«أن الأيام أثبتت صحة موقفي، وها هون عون يبتعد عن حزب الله»؟ ولماذا يمنحه حليفا مار مخايل ما يخوله اللعب على هذا الوتر؟
ما تقدم ليس سوى تحليلات تحيد عن السبب المباشر، بحسب مصادر في «8 آذار»، تؤكد أن الحزب يتعامل مع الموضوع على قاعدة أنه «كما كان وفياً مع حلفائه طوال السنوات الماضية، وتأخرت ولادة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي 8 أشهر من أجل توزير جبران باسيل في الطاقة، وكما عطّل كل المؤسسات الدستورية سنتين ونصف السنة من أجل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، فإن «أصول الوفاء» في السياسة أن يقف مع حلفائه الذين وقفوا إلى جانبه منذ عقود وعانوا ما عانوه من تكفير سياسي وغير سياسي، خصوصاً بعد العام 2005».
وقالت المصادر إنه يستحيل أن يضع الحزب نفسه في موقف السجال مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، وهو إن كان لديه ما يقوله له، فإنما يقوله عبر التواصل المباشر وليس عبر الاعلام.
كذلك تؤكد المصادر أن «الحزب لم يفتعل المشكلة الآن، إنما كان يطرح مسألة تمثيل حلفائه في الحكومة مع الحريري كل الوقت. وعندها كان الحزب، باعتراف الحريري، من أكثر القوى تسهيلاً لتأليف الحكومة، كان الرئيس المكلف يتهم، عبر مقدمة تلفزيون المستقبل ومانشيت جريدة المستقبل، الوزير جبران باسيل بالتعطيل، فيما كان التيار الوطني الحر يتهم الحريري حيناً، والقوات أحياناً، بتأخير التأليف». وتستغرب المصادر «قبول الجميع» بتوقف تأليف الحكومة خمسة أشهر على بند حصة القوات، من دون أن ينتظر أحد خمسة أيام قبل بدء الهجوم على حزب الله واتهامه بالتعطيل بذريعة الأوضاع الإقليمية». وتشدد المصادر على أنه كما أن حزب الله رفض إلباس «العقدة القواتية» لبوساً خارجياً، فإنه يرفض اتهامه بالتعطيل لأسباب غير لبنانية.
في جميع الأحوال، لا يرى حزب الله نفسه «مضغوطاً». لكن ذلك لا يعني أن قيادته لن تكون مضطرة إلى مخاطبة جمهورها بالدرجة الأولى، وعموم اللبنانيين، لشرح وجهة نظرها، ووضع النقاط على الحروف…