مستقبل حرب فرنسا ضد شبكات “القاعدة” في مالي

لبنان : الأمن العام يحذر من عملاء "إسرائيليين" ينشطون عبر مواقع التواصل الإجتماعي
ما هي سمات العلاقات الراهنة بين دول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي، وهل من إمكانية للإتجاه نحو الشرق؟
حدود التحالف بين مصر والسعودية

خاص ـ الحقول / يكشف خبير مصري بارز عن أن السبب الرئيسي للتدخل العسكري الفرنسي في مالي، هو اقتصادي مادي. تختزن أراضي هذا البلد الإفريقي المسلم ثالث أكبر إحتياطي للذهب في القارة الإفريقية. وجود قواتها الحربية في مالي، سمح للحكومة الفرنسية بتشديد السيطرة السياسية والإقتصادية على دولة النيجر المجاورة.

يضمن احتلال مالي مصالح شركة AREVA، عملاق الصناعة النووية الفرنسية. تحتكر هذه الشركة العالمية إنتاج مناجم اليورانيوم النيجرية. يجري استخراج أكثر من 80 في المئة من حاجات الإقتصاد الفرنسي المدنية والعسكرية إلى خام اليورانيوم، من اراضي النيجر الزاخرة باحتياطات هائلة من هذه المادة الإستراتيجية الهامة.

ويضيف هذا الخبير أن فرنسا شكت دائما، من مضاربة الحلف الأنكلو ساكسوني في دول غرب إفريقيا على شبكات مصالحها الحيوية في تلك الدول. نجح هذا الحلف الذي يضم الولايات المتحدة وبريطانيا وبلجيكا إضافة إلى “إسرائيل”[1]، بتقليص النفوذ الفرنسي في بعض مواقعه الإفريقية “التقليدية”، ما أدى إلى تراجع المردود الإقتصادي الذي كانت تحصله باريس من موروثات الحقبة الكولونيالية.

والآن، تخشى فرنسا منافسا جديدا في إفريقيا : الصين التي تتوسع شركاتها ويندفع خبراؤها في اقتصاد دول القارة السمراء. تشير إحصاءات هذا الخبير المصري إلى أن حجم التبادل التجاري الإفريقي ـ الصيني قد وصل إلى 128 مليار دولار في عام 2012. كما بلغ حجم الإستثمارات المباشرة الصينية في اقتصادات الدول الإفريقية 15 مليار دولار.

يتوارى تأثير الصين في الوضع الإفريقي، وراء “وكالة” إقليمية لبعض الدول، مثل جنوب إفريقيا. في حالة النيجر، يعمل الصينيون بأنفسهم على استثمار مناجم اليورانيوم في منطقة Imouraren، الممتدة ما بين الساحل والصحراء الكبرى. ويتوافر الخام في هذه المنطقة على سطح الأرض تماما، ولذا فهي كناية عن حقول شاسعة، تصنفها شركة AREVA أنها أهم مكامن لليورانيوم في العالم.

خوف الفرنسيين من نفاذ الصين إلى Imouraren، وإبعادهم عن موارد هذه المنطقة النيجرية الإستراتيجية، هو من أبرز أسباب مسارعتهم إلى زج جيوشهم في حرب مالي، والإدعاء بأنها “حرب ضد الإرهاب”[2]، وتجاهل الدعوات العربية / الإفريقية إلى الحوار السياسي بين الماليين[3]، ونبذ العنف في نزاعهم على السلطة والثروة في هذا البلد الإقريقي البائس.

أشهرت فرنسا سكاكين القتل ضد القاعدة في مالي والنيجر، وكذلك في تشاد. لكنها براي بعض الباحثين، قد تكون علقت بـ”فخ أفغاني” نمطي. ويجد الراي بأن تسير أزمة مالي وفق “سيناريو الأفغنة”[4]، قبولا وترجيحا بمجرد سماع دعوات شبكات “القاعدة” الإرهابية في دول المغرب العربي وجنوب الصحراء والساحل إلى مجاهدة قوات الإحتلال الفرنسي في مالي[5].

ونقلا عن مصادر “إسلامية” معادية للنظام الحاكم في سوريا، يقول هذا الخبير المصري في الشؤون الإفريقية، فإن بعض المجموعات الوهابية السلفية الفاعلة في المواجهات العسكرية الجارية على محور طرابلس (الشام) ـ حمص، قد بدأت تتلقى عروضا مالية مغرية لترك مواقعها في سوريا، والإلتحاق بـ”قوافل المجاهدين” في مالي وتشاد ومناطق إفريقية.

وأوضح أن هذه العروض تحظى باهتمام في أوساط الإرهابيين العرب، وكذلك باهتمام الإرهابيين الأوروبيين، ومنهم السلفيين الفرنسيين وهم بالعشرات، من الذين قامت أجهزة استخبارية فرنسية بـ”تصديرهم” أو بالتغاضي عن “تصديرهم” إلى جبهات الموت في سوريا، أملا بتخليص الأمن الداخلي في فرنسا من شرورهم المحتمة[6].

وأضاف هذا الخبير إنه يجري إغراء هؤلاء المسلحين بقلة الأخطار في مالي، بالمقارنة مع لبنان وسوريا والعراق، كما يجري تحريضهم على فرنسا، بزعم أنها جردت “حملة صليبية” ضد عناصر “القاعدة” في هذا البلد الإفريقي، تحت مسمى “حملة بربروسا”، وأنها تخطط لدفع حركة تحرير دلتا النيجر/MEND (Le mouvement pour l’émancipation du delta du Niger) لشن حرب طائفية تقتل المسلمين، وخصوصا شخصياتهم البارزة، وتدمر المساجد، في ما بين تشاد ـ نيجر ـ مالي، وصولا إلى نيجيريا.

ويقول الخبير المصري إن “سماسرة” يوالون حكومة قطر، هم الذين يديرون عملية “إعادة تصدير” الإرهابيين والتكفيريين من سوريا إلى مالي، مع تحرك عجلة الحلول السياسية في سوريا، وذلك لصالح مشاريع الحلف الأنكلو ساكسوني (أميركا، بريطانيا، بلجيكا و”إسرائيل”) الذي يريد انتزاع الثروات الإقريقية من يد فرنسا.

وختم بأن الحلف المذكور يدرك أن قرار الرئيس فرنسوا هولاند بالتدخل العسكري في مالي تحت شعار “حرب ضد الإرهاب”[7]، قد وضع فرنسا في نزاع مباشر مع المجموعات الإرهابية في بلاد المغرب العربي ودول جنوب الصحراء الكبرى[8]، ولذلك ترى قطر ودول هذا الحلف بأن الورطة الفرنسية مع الإرهاب في مالي وجوارها قد تكون فرصة لها، لانتزاع أو إعادة اقتسام الغنائم الكولونيالية السابقة.

مركز الحقول للدراسات والنشر

12 أيار/مايو 2013

[1] ذكر الباحث الفرنسي Pierre Péan معطيات مطابقة حول هذا الحلف، في محاضرة قدمها في بيروت، يوم 23 نيسان/ ابريل الماضي.

[2] التلفزيون الأميركي. 13-05-2013

http://www.alhurra.com/content/french-troops-in-mali/217712.html

[3] “الجزائر تدعو إلى حوار سياسي دولي مستعجل من أجل الأزمة في مالي”. 30 أيلول / سبتمبر 2012

http://www.eladjwaaonline.com/Article/21234.html

[4] “سيناريو الأفغنة: مآلات العملية العسكرية الفرنسية في شمال مالي”. إيمان أحمد عبد الحليم، السياسة الدولية، 5 آذار/ مارس 2013

http://www.siyassa.org.eg/NewsContent/2/100/2960/%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA/%D8%B4%D8%A6%D9%88%D9%86-%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9/%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%88-%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%BA%D9%86%D8%A9%20.aspx

[5] “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” تدعو إلى مقاتلة فرنسا في مالي، بيان التنظيم على موقع التلفزيون الفرنسي، يوم 18/03/2013

http://www.france24.com/ar/20130317-%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D9%8A-%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7

[6] أشارت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية الإثنين، 24 ايلول / سبتمبر 2012 إلى توافد مئات المقاتلين الأجانب، من بينهم شيشان وفرنسيون وافغان وعرب، الى سوريا للقتال إلى جانب ميليشا “الجيش الحر”.

http://www.alarabiya24.com/ar/news/7344/%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%B3%D9%84%D8%AD%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%AE%D8%AA%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%8A%D9%82%D8%A7%D8%AA%D9%84%D9%88%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AC%D8%A7%D9%86%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1

[7] التلفزيون الأميركي. 13-05-2013

http://www.alhurra.com/content/french-troops-in-mali/217712.html

[8] “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” تدعو إلى مقاتلة فرنسا في مالي، بيان التنظيم على موقع التلفزيون الفرنسي، يوم 18/03/2013

http://www.france24.com/ar/20130317-%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D9%8A-%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7

Please follow and like us:

COMMENTS