صدرت "الأخبار" صباح اليوم، لأنها لم تستبق عطلة عيد ميلاد السيد المسيح، مثل بقية الصحف، وتعطل يوم أمس. المهم، أن "الأخبار" عرضت تقريراً خطيراً عن وضع "شركة سوليدير" الذي يقترب من الإنهيار. ما يشير إلى أن إحدى ركائز الثروة العينية ـ المالية للرئيس سعد الحريري تتآكل. كما أكدت ما بات معروفاً لدى المواطنين، وهو أن اتصالات تجري لتحريك ملف التأليف الحكومي … مجدداً.
اللواء
لم تصدر اليوم.
البناء
لم تصدر اليوم.
الأخبار
اتفاق بين حزب الله والتيار على وقف التراشق الإعلامي
الاتصالات الحكومية مجمّدة
«سوليدير» على حافة الانهيار
دفع التراشق الإعلامي بين مصادر كل من حزب الله والتيار الوطني الحرّ قيادتَي الطرفين الى تكثيف الاتصالات والتوصل الى اتفاق يقضي بوقف تبادل الاتهامات بعرقلة تأليف الحكومة. في الوقت عينه، تجمّدت الاتصالات بين مختلف القوى المعنية بالتأليف، لا بسب عطلة الأعياد، بل لأن فشل المبادرات الأخيرة تسبب بتوتير العلاقات بين الشركاء المفترضين في الائتلاف الحكومي
ما بلَغه الوضع الحكومي، غداة فشل المبادرة الأخيرة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، واسترداد أعضاء اللقاء التشاوري تفويض رئيس مجلس إدارة شركة «الدولية للمعلومات» جواد عدرا لتمثيلهم في الحكومة، خلقَ أزمة بين حزب الله ووزير الخارجية جبران باسيل، دفعت بهما الى تكثيف الاتصالات والتوصل الى اتفاق بين قيادتَي الحزب والتيار يُلزم جميع المسؤولين فيهما بعدم إطلاق أي موقف سلبي تجاه الحليف، لأن «الظرف لا يسمح بأي مشادات أو حرب إعلامية» بحسب ما علمت «الأخبار». حصل ذلك إثر المواقف التي نقلتها وسائل إعلام عن «مصادر في حزب الله» تتهم باسيل بعرقلة تأليف الحكومة، في مقابل مواقف منسوبة إلى «مصادر في التيار الوطني الحر» تعتبر أن ما حصل «في الملف الحكومي يأتي في إطار الانقلاب على التفاهمات، وعلى عهد الرئيس ميشال عون»، وأن «حزب الله إذا كان يرفض أن يحصل التيار على الثلث المعطل، فليعترف علناً وعندها تُحل المشكلة». هذه الاتهامات المتبادلة ولّدت أجواء متفجرة على مواقع التواصل الاجتماعي بين جمهورَي الحزب والتيار، وصولاً إلى بعض المقربين من الحزب ومسؤولين في التيار، أظهرت وكأن تفاهم مار مخايل باتَ على وشك الانهيار. وهذا الأمر استدعى تحركاً سريعاً من قبلهما، إذ أجري أكثر من اتصال ليل أول من أمس بين باسيل ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا اللذين اتفقا على التهدئة. وترجم الحزب الاتفاق بداية بإصدار بيان أول من أمس أكد فيه أنه «للمرة الألف، لا يوجد مصادر في حزب الله أو مصادر قريبة منه»، وأن «كل ما ينقل عن المصادر ما لم يصدر عن جهة رسمية أو مسؤول محدد في حزب الله باسمه، لا يعنينا إطلاقاً»، قبل أن يصدر تعميماً لمسؤوليه كافة بـ«منع التعرض للوزير جبران باسيل». وفي المقابل، عمم باسيل على مسؤولي التيار والمقربين منه ضرورة عدم التعرض لحزب الله.
الوضع الجديد الذي أعاد ملف الحكومة الى ما قبل الصفر لم ينسحب حصراً على التيار الوطني الحر وحزب الله اللذين لم تنقطع بينهما سبل التواصل اليومي. فالتعقيدات المتداخلة المتعلقة بإعادة تدوير الحصص والحقائب، أدت الى توقف الاتصالات بين جميع الأطراف المعنية بتأليف الحكومة، وسط إعلان الرئيس المكلف سعد الحريري «الصمت»، وتعبير رئيس مجلس النواب نبيه برّي عن تصوره بأن «ثمة شيئاً غير بريء» من وراء تعثّر المفاوضات، لفتت أوساط سياسية مطلعة إلى أن العلاقات بين الأطراف متوترة جداً، وأن الاتصالات متوقفة: من جهة بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والحريري، إذ علمت «الأخبار» أن الأول لم يُجب على الاتصالات به منذ نهار الجمعة الماضي، ولا يريد التشاور مع أحد في ما آلت اليه الأمور؛ ومن جهة أخرى بين الحريري وباسيل بسبب ما يراه الأول سعياً من الثاني لوضع عراقيل إضافية تحول دون تأليف الحكومة، ربطاً بالمطالب المستجدة لدى رئيس التيار الوطني الحر بشأن تبديل بعض الحقائب. حتى رئيس مجلس النواب عبّر أمام زواره أكثر من مرة عن انزعاجه من طريقة تعامل الحريري، ولا سيما محاولته سحب بعض الحقائب من حركة أمل وحزب الله. أما الأخير، فقد أكد للحريري أن «الكلام في موضوع الحقائب ليس معه وإنما مع الرئيس بري».
وحده نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي كسر حالة التشاؤم أمس بتصريح له لـ«أم تي في» قال فيه إن «الرئيس عون سيُعطي من حصته، واللقاء التشاوري سيمثَّل، والحريري سيجتمع بالتشاوري ويعترف بتمثيلهم». الفرزلي، في اتصال مع «الأخبار»، قال إن «كلامه لا يستند الى تطورات جديدة، وإنما انطلق من أن المبادرة الأخيرة نجحت، لكن حصل سوء تدبير في الإخراج». وناشد الفرزلي عبر «الأخبار» وزير الخارجية الذي «نجح في إيجاد المبادرة أن يعود فيوجد قوة دفع لها، ويعطيها القوة التنفيذية التي يجب أن تنفذ بها بالتنسيق مع الرئيسَين بري والحريري والقوى الفاعلة».
«سوليدير» على حافة الانهيار
تقف شركة «سوليدير» على حافة الانهيار. نتائجها المالية لا تترك مجالاً للشكّ. ففي النصف الأول من هذه السنة سجّلت الشركة خسارة بقيمة 100 مليون دولار. تعويض هذه الخسارة في الأشهر الباقية من السنة غير متاح أيضاً. الظروف المحلية والإقليمية التي أحاطت بالقطاع العقاري خلال فترة الخسارة لم تتغيّر في النصف الثاني، بل ازدادت الأوضاع المالية المحلية سوءاً (مقال محمَّد وهبة).
في 17 كانون الأول الجاري، اطّلع مجلس إدارة شركة «سوليدير» على النتائج المالية في النصف الأول من السنة. تبيّن أن الشركة سجّلت خسارة بقيمة 99.1 مليون دولار. مصدر الخسارة يُعزى إلى مجموعة أزمات تمرّ بها الشركة، أبرزها المؤونات التي اتخذتها الشركة لتغطية خسائر المبيعات بقيمة 78 مليون دولار، والخسائر الناجمة عن الشركات التابعة بقيمة 12.7 مليون دولار، والأعباء الإدارية البالغة 13.7 مليون دولار، وكلفة الفوائد على الديون بقيمة 16.5 مليون دولار.
لا يتوقع أن تكون الشركة قد تمكّنت من تعويض هذه الخسارة أو تقليصها خلال الأشهر الستة الباقية من السنة. فالظروف السياسية والاقتصادية في لبنان والمنطقة لم تتغيّر نحو الأحسن، بل ازدادت سوءاً، وهو ما دفع مجلس الإدارة إلى اتخاذ قرار في جلسته الأخيرة بخفض أسعار العقارات إلى نحو 1500 دولار لـ«متر الهوا»، أي المتر القابل للبناء. وقد جاء القرار على أساس أن هناك اهتماماً من مشترين محتملين قد يتحفّزون لإتمام الصفقات في حال خفض السعر.
أيّاً تكن المحاولات التي تقوم بها الشركة لتجميل ميزانياتها، فإن خفض الأسعار لا يشكّل حلّاً للانحدار الكبير في ميزانية الشركة. فهذه الخسارة المسجلة خلال ستة أشهر، تزيد على الخسارة المسجّلة في الفترة نفسها من عام 2017 بنسبة 424%. الأسوأ أن الخسارة لا تنحصر بالنتيجة المالية، بل بكون سيولة الشركة على المدى القصير تساوي نصف ما يترتّب عليها من ديون على المدى القصير أيضاً. سيولة الشركة من موجودات مصرفية وشيكات قيد التحصيل وسندات قيد التحصيل لا تزيد على 274 مليون دولار، في مقابل تسهيلات مصرفية قصيرة الأجل ومدفوعات ومصاريف وأقساط قروض عن هذه الفترة تبلغ جميعها 500 مليون دولار. هذا ينبئ بأنّ الشركة لا تعاني حصراً من أثر الأزمة الاقتصادية الخانقة التي ضربت مبيعات العقارات وجمّدتها، بل تعني أيضاً أن وتيرة مخاطر الشركة تتسارع فيما تقف على حافة الهاوية.
حتى نهاية حزيران 2018، لم تكن الشركة قد نفذت أي عملية بيع، أي أنها لم تحقق أي إيراد. وبشكل غريب لا تزال إيرادات الشركة من تأجير العقارات عند مستواها السابق البالغ 30 مليون دولار. صافي إيراداتها من العمليات التشغيلية انخفض من 23.4 مليون دولار في النصف الأول من 2017 إلى 17.1 مليون دولار في نهاية حزيران 2018، وكانت الخسارة من الشركات التابعة تبلغ 10.24 مليون دولار ثم ارتفعت إلى 12.7 مليون دولار. أما مصدر الخسارة الأكبر، فهو يأتي من حجم المؤونات التي اتخذتها لمواجهة الخسائر، إذ ارتفعت من مليون دولار إلى 78 مليون دولار.
وتشير النتائج المالية إلى أن السندات قيد التحصيل تراجعت من 205 ملايين دولار إلى 31 مليون دولار، كذلك فإن قيمة الديون المتعثّرة بلغت 400 مليون دولار، منها نحو 210 ملايين دولار مشكوك في تحصيلها وصارت قابلة للشطب.
خسارة الشركة بدأت في 2015، ثم تواصلت في السنوات التالية، رغم محاولات الشركة لإجراء عمليات تجميل محاسبية، أو رغم محاولة تحفيز المبيعات. الأخطر بالنسبة إلى أي شركة عقارية لا يتعلق بأرباحها مقارنة بموجوداتها، بل بقدرتها على الاستمرار في الاستدانة والتسديد على المدى القصير والمتوسط، مقارنة بمبيعاتها وسندات التحصيل في الفترة نفسها. نسبة الموجودات إلى الأرباح لا تزال مرتفعة، لكن نسبة المبيعات تعدّ متدهورة مقارنة مع الاستدانة والتسديد. قراءة النتائج المالية للشركة تشير إلى أنها على حافة الانهيار.