نعت الرئيس سعد الحريري النائب السابق وليد جنبلاط بأنه من "حراس الهدر". هذا تشخيص صحيح، لحال جنبلاط. لكن مع استثناءات طفيفة، يمكن القول أن كل أركان "الطبقة السياسية" الذين أداروا النظام الطائفي اللبناني منذ عام 1992 إلى اليوم، هم، بعينهم، "حراس الهدر" وأرباب الفساد. خلاف الحريري ـ جنبلاط ليس مبدئياً، بل خلاف على حجم المحاصصة الطائفية أو المذهبية، والمواطنون يرون فيه جولة من جولات الصراع المستدام بين "الحراس". ليس خلافاً مبدئياً، لأن كلا الطرفين حريصان على صحة النظام الطائفي الفاسد، على حساب الصحة الإجتماعية ـ الإقتصادية للمواطنين.
الأخبار
الحريري لجنبلاط: إلى التقاعد!
تسلّل «ماكنزي» ووزير قواتيّ إلى لجنة البيان الوزاري!
نصرالله: متمسكون بـ«مار مخايل»
عقدت لجنة صياغة البيان الوزاري أمس أولى جلساتها في السراي الحكومي. وفيما يُتوقّع إنجاز البيان، «بهدوء» هذا الأسبوع، لا تزال الجبهة الكلامية بين رئيس الحكومة ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي مشتعلة، إذ ردّ الأول على الثاني مهدداً بإحالة «حراس الهدر» على التقاعد!
إنطلقَت أمس أولى جلسات مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري في مكتبه بالسراي الحكومي، وفقَ الوتيرة التي كانَت متوقّعة. هدوء في النبرة، لم يعكّره سوى «تسلّل» الوزير القواتي كميل أبو سليمان إلى اللجنة التي لم يعيّنه مجلس الوزراء عضواً فيها، ومحاولة الرئيس سعد الحريري تحويل تقرير شركة «ماكنزي» إلى واحدة من «الثوابت الوطنية» التي يتم إيرادها في البيان الوزاري. في الأولى، فوجئ أعضاء اللجنة ورئيسها (رئيس الحكومة) بوصول أبو سليمان للمشاركة بالاجتماع، فاعترض الوزير سليم جريصاتي على هذا الأمر لأن «أعضاء اللجنة محددون بقرار من مجلس الوزراء»، فردّت عضو اللجنة الوزيرة مي شدياق بأن زميلها في كتلة القوات حضر «لمساعدتها في ملفات إقتصادية»، فأجاب جريصاتي بأن «كان عليها طلب ذلك خلال الجلسة الأولى للحكومة في بعبدا»، قبل أن يتدخّل الحريري ويتصل برئيس الجمهورية العماد ميشال عون لحل هذه المعضلة، فتوافقا على مشاركة أبو سليمان في جلسات اللجنة. أما في الثانية، فتبيّن ان مسودة البيان التي قدّمها الحريري لاعضاء اللجنة، من أجل البناء عليها للاتفاق على البيان الذي سيقره مجلس الوزراء، تتضمّن تبنياً لتقرير شركة «ماكنزي» بشأن الاقتصاد اللبناني. وللتذكير، فإن الحكومة السابقة كلّفت الشركة المثيرة للجدل بإعداد دراسة لواقع الاقتصاد، واقتراح حلول لحل أزماته. وبعد اكثر من عام، أصدرت تقريراً وصفت فيه الواقع على طريقتها، واقترحت حلولاً لا تختلف عن «الوصفة الجاهزة» التي تقدّمها المؤسسات الدولية للاقتصادات المتعثّرة، والتي لا تؤدي عادة سوى إلى مزيد من الافقار ورهن الدول للمؤسسات الدائنة. وأبرز ما أتى في تقرير ماكنزي: الخصخصة، خفض أجور القطاع العام، رفع الدعم، النموّ بالدين، زيادة التخصّص بالهجرة وخدمة الاقتصاد الإقليمي! (راجع «الأخبار»، 5 كانون الثاني 2019). لكن غالبية الحاضرين رفضوا اقتراح الحريري، لأنهم لم يطلعوا على التقرير، ولم يناقشه مجلس الوزراء السابق. مصادر اللجنة أشارت إلى «إيجابية المداولات»، إذ «لم نشهد أي نية من أي وزير للعرقلة». ومع أن المناقشات لا تزال في بدايتها، فإن المزاج الذي عكسته الجلسة الأولى يشي بأن لا مفاجآت ستطرأ من شأنها أن تؤخّر إنجاز البيان الذي أكدت مصادر اللجنة أن «الإنتهاء منه سيكون خلال هذا الأسبوع». بحسب مداولات الجلسة فإن «الإهتمامات الفعلية تتركزّ على مرحلة ما بعد منح الحكومة الثقة والعمل على الملفات الداهمة، تحديداً في الشأن الإقتصادي والمالي».
على صعيد آخر، تزداد حدة الحرب الكلامية بين رئيس الحكومة ورئيس الحزب الإشتراكي وليد جنبلاط، عبر شاشات التلفزيون وموقع «تويتر». وقد بات واضحاً بأن تشكيل الحكومة، إضافة إلى نسفها جسور التواصل المباشر بين الحريري وجنبلاط، وضعت العلاقة أمام مفترق غير مسبوق. فقد أشار الحر يري في رد على جنبلاط من دون أن يسميه، الى أن «الدولة ليست ملكاً لنا حتماً، لكنها ليست مشاعاً مباحاً لأي زعيم أو حزب. مشروعنا واضح هدفه انقاذ الدولة من الضياع واحالة حراس الهدر على التقاعد»! وأكد الحريري في تغريدة على «تويتر» أن «التغريد على التويتر لا يصنع سياسة، إنها ساعة تخلّي عن السياسة لمصلحة الإضطراب في الحسابات». وكان جنبلاط قد غرد قائلاً «لا يا صاحب الجلالة الدولة ليست ملكاً لكم أو لزميلكم وهي ليست دفتر شروط. أول بند في مشروع البيان الوزاري المقترح هو الاستثمار العام وخلاصته استدانة 17 مليار دولار»، مشيراً الى أنه «يكفي أن يتصدر هذا البند الأولويات كي يتبين الى أي هوة نحن سائرون»، مشدداً على أنه «لم يعد هناك الحد الأدنى من الحياء لجشعهم. أعماهم المال والحكم». ولاحقاً، حذف جنبلاط التغريدة. وكان رئيس «الاشتراكي» قد التقى في منزله في كليمنصو أمس، السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد، في حضور وزير الصناعة وائل أبو فاعور.
من جهة أخرى، وخلال محاضرة ألقاها في معهد العلوم السياسية في باريس، إعتبر وزير الخارجية جبران باسيل أن «من صالحنا إعادة العلاقات مع سوريا التي لا تزال تحتفظ بمقعدها في الأمم المتحدة، حتى لو كنّا قد خضنا معارك سابقة معها، لأنها الجار الوحيد للبنان».
نصرالله: متمسكون بـ«مار مخايل»
دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في كلمة متلفزة أمس، جميع القوى السياسية إلى «الهدوء في الفترة المقبلة، والابتعاد عن السجالات الإعلامية وتهدئة المناخ السياسي»، مشيراً إلى أن «أمام الحكومة استحقاقات كبيرة، وعلى القوى السياسية الاعتراف ببعض المخاوف ونقاط القلق المطروحة عند بعض الأفرقاء في الداخل، وهذه النقاط ليست عند فريق واحد».
وأوضح أن «الحكومة يجب أن تضع أولويات عمل في المرحلة المقبلة، وعلى رأسها الوضع الاقتصادي». وفيما أسف لإلغاء وزارة مكافحة الفساد، اعتبر أن «مكافحة الفساد والوقوف في وجه الهدر المالي من أوجب الواجبات، والمؤشر الحقيقي لجدية الحكومة هو في معالجة تداعيات الانهيار الاقتصادي».
وطالب السيد نصرالله بمتابعة الملفات المعيشية للناس، داعياً «جميع الشركاء في الحكومة الى الهدوء في طرح المشاريع»، فـ«هناك من يريد القول هذا مشروعي ويجب إقراره أو يتهم الآخرين بالتعطيل». وأضاف: «يجب عدم الانطلاق من مصالح شخصية ومصلحة الزعيم، لأن مصالحنا مُرتبط بعضها ببعض، من كهرباء وتوظيف وغيرهما، ويجب مناقشة طرق الحل بطريقة علمية»، مشيراً إلى أن «مجلس الوزراء يجب أن يتحول إلى مجلس قرار حقيقي، وبالتالي يجب أن «نطوّل بالنا ع بعضنا» وان لا يأخذ أحد أحداً بالتهويل».
وبالنسبة الى وزارة الصحة، علّق نصرالله على التحذيرات الأميركية من تسلم حزب الله هذه الحقيبة، مشدداً على أن الحزب «قرر توزير وزير صحة غير حزبي، بعدما كان التوجه توزير 3 حزبيين. وقدّمنا مصلحة البلد على أي شيء آخر». ورداً على الادعاءات الإسرائيلية والاميركية بأن حزب الله سيستخدم أموال الوزارة لتمويل احتياجاته الحزبية، أكد نصرالله أن «مال الدولة هو للدولة، ولا يجوز شرعاً التصرف بأموال الدولة خارج إطار ما يسمح به القانون، وهذا الموضوع محسوم في وزارة الصحة وغير وزارة الصحة، وبالتالي نحن لدينا ضمانات إضافية، وهذه الوزارة كل مالها وما ينفق فيها سيكون مفتوحاً للتفتيش ولديوان المحاسبة، وسنتعاطى بأقصى شفافية ممكنة، وما يهمنا تقديم صورة شفافة، ونحن سنسهم عبر المساعدات التي سنحصل عليها في إنجاح مشاريع وزارة الصحة لإنجاح البلد وإنجاح مشروعنا».
وأكد أن «ملف الاستشفاء هو أهم ملف سنعمل عليه، كما سنعمل على تخفيض كلفة الدواء على الدولة وعلى المواطن وتسهيل وصول الدواء الى المواطن».
ولفت إلى أن «رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو يقول إن هذه الحكومة هي حكومة حزب الله، وهو يحرّض العالم ودول الخليج، وبعض الداخل اللبناني يتحدث بالسياق نفسه، إلا أن هذا التوصيف خاطئ والحكومة الحالية ليست حكومة حزب الله، وهناك قوى سياسية حضورها أكبر من حضورنا».
وعلى أعتاب ذكرى توقيع اتفاق 6 شباط 2006 مع التيار الوطني الحر، اعتبر السيد نصرالله أن «هذا التفاهم خطوة مهمة وتاريخية على المستوى الداخلي، وأسست لمرحلة كاملة، وأول تداعيات هذه الخطوة المواقف في حرب تموز 2006»، مشدداً على أن «التفاهم بين جهتين لا يحولهما إلى جهة أو مؤسسة واحدة»، ومؤكداً «التمسك بهذا الاتفاق، حيث إن هناك جهات داخلية كانت تحرض على سقوط هذا التحالف كما تعمل على تكبير التباينات بين حزب الله وحركة أمل».
من جهة أخرى، أشار السيد نصرالله الى أن «الثورة الإسلامية في إيران التي غيّرت وجه المنطقة وكانت مفصلاً تاريخياً هي ذكرى غالية جداً لها علاقة بمصير فلسطين والمقاومة وبتاريخنا»، وأن انتصار هذه الثورة بعد مضي 40 عاماَ «يثبت فشل الرهانات الأميركية على فشلها». ودعا إلى المشاركة في الاحتفال الذي يقيمه الحزب في الضاحية غداً الاربعاء، لمناسبة الذكرى الأربعين لانتصار الثورة في إيران.
اللواء
حكومة «التوربو»: إحالة حرّاس الهدر إلى التقاعد!
الكهرباء 24/24 بلا جدول زمني.. والهجوم الجنبلاطي على باسيل يبحث عن حلفاء
حدّدت لجنة صياغة البيان الوزاري اليوم، تاريخاً استثنائياً، لإنجاز بيان «حكومة العمل» اليوم، حتى ولو في جلسة مسائية، لقراءة المسودة الأخيرة، ووضع الرتوش عليها.
وبعيداً عن «ايجابية المناقشات» و«انجاز الجزء الاكبر» وفقاً لبيان وزير الإعلام جمال الجراح، فإن طيف «الاشتباك البعيد» بين الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط، كان حاضراً على الوجوه، وفي المداخلات، وفي بعض أجواء الارتباك، التي انتقلت إلى الاجتماع الأوّل، مع وزراء اللقاء الديمقراطي والتيار الوطني الحر، وحتى رئيس الحكومة شخصياً، الذي لم يتورع في رفع السقف، رداً على التغريدات الجنبلاطية، التي كشفت عن «قلوب مليانة» أكثر من كونها تحمل نكاتاً وسخرية، وحسابات بألوان محلية وإقليمية، حملت الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله لمطالبة الأفرقاء المحليين بالهدوء، معلناً «متابعته الشخصية لعمل وزراء الحزب، والحكومة بهدف الحؤول دون وقوع الهيكل على رؤوس الجميع.. معلناً ان وزارة الصحة التي يقف على رأسها وزير «مقرب من الحزب» وموثوق به من قياداته هي للبنان ولكل اللبنانيين وانه لا يجوز شرعاً التصرف بأموال الدولة خارج ما يسمح به القانون»..
خرج الرئيس الحريري عن صمته، وغرّد رداً على جنبلاط: «الدولة ليست ملكاً لنا حتماً، لكنها ليست مشاعاً مباحاً لأي زعيم أو حزب. مشروعنا واضح هدفه انقاذ الدولة من الضياع واحالة حراس الهدر على التقاعد. التغريد على التويتر لا يصنع سياسة.. انها ساعة تخلي عن السياسة لمصلحة الاضطراب في الحسابات. هيك.. مش هيك ؟!».
ولاحظت مصادر سياسية واسعة الاطلاع ان ما كشفه الرئيس الحريري من ان قراراً متخذاً على مستوى الرؤساء الثلاث، هو واقع في محله، سواء لجهة التفاهم، أو الأولويات، أو المواضيع: «محاربة الفساد وتخفيض نفقات القطاع العام وترشيق الادارة» (بتعبير الرئيس الحريري امام وفد بيروتي زاره مساء أمس في بيت الوسط)، وكدليل على هذه الجدية، مواكبة «حزب الله» للتوجه المشار إليه، عبر أمينه العام، في رسالة متعددة الأبعاد، محليا واقليمياً ودولياً.. لا سيما بالنسبة للأميركيين والأوروبيين.
وقالت المصادر ان صرخة الرئيس الحريري، انه لن يكل ولا يملّ، وسيعمل ليل نهار، تعبّر عن اتجاه واندفاع إلى حكومة «هيَّا إلى العمل»، من دون إسقاط ولو بأي قدر احتمالات التجاذب أو التصادم، المحكوم بفترة 100 يوم، سماح، لكن بجهد استثنائي، لاستعادة ثقة ممولي «سيدر» والمرتبطة بإجراءات تتعلق بالاصلاحات، وطرائق الانفاق، وانعاش الدورة الاقتصادية.
صياغة على إيقاع السجالات
على ان اللافت للانتباه، وسط هذا الجو السياسي المحموم، كان اقتحام «السجالات التويترية» التي حفلت بها الساحة السياسية، من عمليات التسلم والتسليم في عدد من الوزارات، وإلى حدّ معين داخل اجتماع لجنة صياغة البيان الوزاري للحكومة الجديدة، حيث برز خلاف في وجهات النظر حول موضوع الكهرباء، وتم حذف تحديد المهلة الزمنية بسنة لتأمين التغذية التيار 24 على 24 ساعة، كذلك تمّ حذف تفنيد الأرقام بالنسبة لاموال «سيدر» لكل قطاع، علماً ان هذين الموضوعين كانا في صلب السجالات التي اشتعلت بين رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط والرئيس الحريري، وشارك فيها وزراء الاشتراكي مع «التيار الوطني الحر» خلال عمليات التسلم والتسليم.
وفي تقدير مصادر سياسية لـ«اللواء» انه إذا كانت لجنة صوغ البيان استغرقت في نقاش دام زهاء خمس ساعات، في صياغة رؤية اقتصادية جديدة تحفز على النمو وتخفف العجز، لتأمين الاستقرار المالي، وتجنبت بذلك الدخول في نقاشات خلافية، فإن خوض اللجنة في الشق السياسي اليوم، يعني فتح المجال امام نقاش مستفيض حول معظم النقاط المتصلة بعلاقات لبنان الخارجية وملفي المقاومة والنازحين، إضافة إلى السعي على إبقاء موضوع الحوار من أجل الاستراتيجية الدفاعية.
وإذ توقعت المصادر ان تطاول تنقيحات البيان الوزاري السابقة لحكومة «استعادة الثقة»، فإنها اشارت إلى ان أي تعديل جوهري يطالب به أحد أعضاء اللجنة يعني حكماً الدخول في تباينات، ولذلك فإن الابقاء على النص القديم يجنب النقاشات المطولة للبيان، من دون ان يؤجل البت به.
وعلمت «اللواء» ان لا سقف زمنياً لإنجاز البيان الوزاري الذي بمجرد ان ترفعه اللجنة الوزارية إلى مجلس الوزراء تعقد جلسة للحكومة لإقرار البيان ويحق للمجلس إدخال أي تعديل على البيان.
وبحسب معلومات «اللواء» فإن مشروع البيان الوزاري سيكون على غرار بيان الحكومة السابقة «استعادة الثقة» مع ادخال بعض التعديلات الطفيفة عليه، لا سيما فيما خص المواضيع الاقتصادية والاصلاحات المتعلقة بمؤتمر «سيدر».
وكشفت مصادر المشاركين في الاجتماع لـ«اللواء» ان الرئيس الحريري أوعز الى اعضاء اللجنة بضرورة الاسراع في انجاز المشروع للعمل كـ«توربو»، وأكدت بانه تم انجاز كل البنود المتعلقة بالمواضيع الاقتصادية ولا يزال امام اللجنة سوى بند يتعلق بالحماية الاجتماعية وآخر بالتربية، قبل الانتقال الى اخر صفحتين في المشروع من اصل عشر صفحات والمتضمنتين المواضيع السياسية.
وفي المعلومات أيضاً ان الوزير سليم جريصاتي حاول تضمين مقدمة البيان ما يشبه التحذير من التشويش السياسي على عمل الحكومة، إلا ان طلبه قوبل بالرفض من قبل الوزراء ممثلي الاشتراكي و«امل» و«القوات»، وهو كان أبدى معارضته على مشاركة الوزير كميل أبو سليمان في الاجتماع ممثلاً لـ«القوات اللبنانية» إلى جانب الوزيرة مي شدياق، لكن الرئيس الحريري أجابه بأنه يحق للوزير حضور الاجتماع، مؤكداً انه عانى سابقاً من تأثير التجاذب السياسي على التضامن الوزاري.
سجال «تويتري» وتصعيد
وكان التصعيد الجنبلاطي ضد احادية تأليف الحكومة وما رافق ولادتها، قد استحوذ أمس، على حيز واسع من الحركة السياسية، واقتحم عمليات التسلم والتسليم في عدد من الوزارات، ولا سيما تلك التي كانت من حصة الحزب الاشتراكي، في حين حرص الرئيس الحريري على توجيه انتقادات قاسية لجنبلاط، مستخدماً أسلوب السخرية الذي برع فيه زعيم المختارة، وهو اغتنم مناسبة الاحتفال التكريمي الذي أقامه أمس في السراي الحكومي للأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل والأمين العام لمجلس الأعلى للدفاع اللواء سعد الله حمد وموظفين آخرين لمناسبة احالتهم على التقاعد، للغمز من قناة جنبلاط، عندما أكّد انه اتخذ قراراً بالعمل ليل نهار للتعويض عن المرحلة السابقة الطويلة التي استغرقتها عملية تشكيل الحكومة، وقال: «من يريد ان يقف ويعطل عملية الانتاج فعليه ان يحيد من الطريق، وإذا لم يفعل فأنا مستمر ولو اصطدمت بأي كان».
وأشار الى «أننا لم نبدأ العمل بعد، ومع ذلك بدأت المهاترات السياسية»، مشددا على أن «المواطن اللبناني قرف من هذه المهاترات وقرف سماع رأي حزب في حزب آخر»، موضحا «أننا اذا لم نعمل بفاعلية وننتج ونحقق مطالب الناس ونحل مشاكلهم فسنذهب كلنا الى بيوتنا».
وأضاف: «إذا اعتقد أحد انه بزعامته يستطيع السير على المواطن اللبناني، فهذا لن يحصل لان هذا المواطن سيمشي علينا جميعا في النهاية اذا لم نعمل لمصلحته».
وتزامن كلام الحريري مع تغريدة صباحية لجنبلاط واصل فيها حملته على الحكومة، معلناً معارضته لمشروع الاستدانة بـ17 مليار دولار بموجب مقررات «سيدر» للاستثمار العام، وقال: «يكتفي ان يتصدر هذا البند أولويات مشروع البيان الوزاري كي يتبين إلى أي هوّة نحن سائرون».
واضاف معلقاً: «لم يعد هناك الحد الأدنى من الحياء لجشعهم، اعماهم المال والحكم».
ولاحقاً، كتب جنبلاط عبر «تويتر» أيضاً واصفاً الحريري «بصاحب الجلالة»، مؤكدا ان «الدولة ليست ملكاً له أو لزميله (وكان يقصد الوزير جبران باسيل) ومحذراً من زيادة التعرفة على الكهرباء في حال توظيف مال إضافي في الكهرباء داعياً إلى تحصيل الهدر في الجباية والذي يقدر بـ40 في المائة.
وسارع الحريري للرد على جنبلاط، بنفس الطريقة، أي «تويتر»، فكتب قائلاً: «الدولة ليست ملكاً لنا حتماً، لكنها ليست مشاعاً مباحاً لأي زعيم أو حزب. مشروعنا واضح هدفه انقاذ الدولة من الضياع واحالة حراس الهدر على التقاعد. التغريد على التويتر لا يصنع سياسة.. انها ساعة تخلي عن السياسة لمصلحة الاضطراب في الحسابات. هيك.. مش هيك؟!».
تسليم مشحون لوزارات
في هذا الوقت، اغتنم الوزير الاشتراكي وائل أبو فاعور، فرصة تسلمه حقيبة الصناعة من سلفه الوزير حسين الحاج حسن للرد على الوزير باسيل، الذي اتهم وزراء الحزب الاشتراكي بممارسة «الحرتقة» و«الطقطقة» على الطناجر، فقال: «أولا، يعرف الوزير باسيل اننا اذا اردنا «الطقطقة» فلا «نطقطق» على الطناجر. ثانيا، بمقدار ما هو المطلوب ايقاف «الحرتقة» و«الطقطقة»، المطلوب وقف الهرطقة من الوزير باسيل. وهذه «المونة» الزائدة على البلد يجب ان يخفف منها قليلا، لأنها لا تمشي معنا، ثم أعطى أمثلة في الشكل والمضمون.
ومنها حضور وزراء «التيار الوطني الحر» بعد 40 دقيقة من وصول سائر الوزراء الآخرين، معتبراً ذلك بمثابة وزراء بزيت ووزراء بسمنة، ومنها أيضاً عدم توزيع وثائق تتعلق بالدستور ووثيقة الوفاق الوطني والنظام الداخلي لمجلس الوزراء مثلما جرت العادة عند أوّل جلسة لمجلس الوزراء، معتبراً ذلك خطأ في المضمون وليس بالشكل، إذا كنا نريد العيش بذات الهواجس التاريخية والحقد التاريخي على اتفاق الطائف.
لكن وزير الدفاع الياس بو صعب، رد على أبو فاعور، خلال تسلمه الحقيبة من سلفه الوزير يعقوب الصرّاف، نافياً رواية الوزير الاشتراكي عن عدم توزيع وثائق تتعلق بالطائف، مشيراً إلى ان مغلفاً وضع على الطاولة، امام كل وزير يحوي على الوثائق الثلاث، ولكن يبدو ان الزميل أبو فاعور لم ينتبه إلى المغلف ولم يطلع عليه.
اما الوزير السابق مروان حمادة، فلم يشأ الدخول في السجالات الدائرة، لكنه اعرب عن سروره في سياق تسليم حقيبة التربية لزميله اكرم شهيب لتحرره من منظومة حكم اسرت البلد على مدى السنوات الماضية، متمنياً ان لا يستمر هذا النهج، محذراً من ان تقترب الأمور من الخط الأحمر بالنسبة للدستور والميثاق واتفاق الطائف مما ارتضيناه لندعم العيش المشترك.
وازاء تفاقم الحملات المتبادلة، استغرب الرئيس ميشال عون الانتقادات الموجهة للحكومة والوزراء، قبل ان يتسلموا عملهم، معتبراً ذلك امراً خاطئاً، خصوصاً بعد ان نجحنا في اجتياز الأزمة المالية التي طرأت في ظل ما كان يتم التداول فيه عن انهيار سيحصل لليرة.
واستدعى الهجوم الجنبلاطي على التيار الوطني الحر تحركاً لحشد مؤيدين، سواء في عين التينة، التي رفضت الدخول في لعبة «التويتر» بعدما استقبل الرئيس برّي النائب السابق غازي العريضي والنائب وائل أبو فاعور، أو في معراب، مع زيارة الوزير شهيب ولقائه مع رئيس حزب القوات سمير جعجع بالتزامن مع إيضاح القوات حقيقة الرسالة التي بعث بها إلى الإدارة الأميركية..
نصر الله: للتهدئة
اما الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، الذي تزامنت اطلالته عبر قناة «المنار» مساء أمس مع الذكرى 13 لتفاهم 6 شباط 2006 مع «التيار الوطني الحر»، والتي انحصرت في الشأن اللبناني، فدعا إلى الهدوء بعد تشكيل الحكومة والابتعاد عن السجالات الإعلامية وتوتير الأجواء، لافتاً إلى ان امام الحكومة مسؤوليات واستحقاقات كبيرة، كما دعا القوى السياسية لأن تعترف بمخاوف بعض القوى الداخلية، طالباً التعاطي مع هذه المخاوف بإيجابية.
واوضح ان هناك إجماعاً بوجود خطر مالي وإقتصادي على البلد، مؤكدا وجوب أن يكون لهذا الأمر أولوية مطلقة. ورأى «ان مكافحة الفساد والهدر المالي تأتي في مقدمة خطوات التحصين الداخلي»، مشدداً على «أن مكافحة الفساد مسؤولية الحكومة مجتمعة، معتبراً أن هذا الأمر يُعدّ مؤشراً على مدى جديتها في العمل».
وإذ أوضح ان الأمور داخل الحكومة غير خاضعة لاقلية أو أكثرية بل للنقاش، وإلى ان الحزب منفتح على الحوار في كل الملفات، لفت إلى ان وزير الصحة الذي سماه الحزب هو وزير لكل اللبنانيين، مؤكداً انه وزير «كفوء وموضع ثقة، وهو شخصية مستقلة ومقربة وغير حزبية»، مشدداً على أن ما يهمنا في وزارة الصحة هو موضوع الاستشفاء الذي يعني جميع اللبنانيين، بالاضافة الى ملف تخفيض كلفة الدواء على الدولة والمواطن وتسهيل وصول الأدوية إلى الناس لا سيما أدوية الأمراض المستعصية، وأكد على أن أموال وزارة الصحة ستكون متاحة أمام التفتيش المركزي وديوان المحاسبة.
واعتبر نصر الله وصف الحكومة بأنها حكومة «حزب الله» بأنه توصيف خاطئ ومجاف للحقيقة، وكذب على النّاس، لكنه أقرّ بأن وجود الحزب في الحكومة مؤثر وأساسي أكثر من أي وقت مضى، وختم مباركاً لقيادتي الحزب والتيار الحر بذكرى تفاهم مار مخايل، الذي اعتبره خطوة تاريخية اسست لمرحلة جديدة نبنى عليها آمالاً كثيرة.
وللمناسبة سيعقد اليوم لقاء حواري مع الوزير باسيل في كنيسة مار مخايل يتخلله قراءة في ما تحقق من التفاهم وما ينتظر منه، يليه نقاش مفتوح حول آخر التطورات السياسية.
البناء
ابتزاز عربي أوروبي لسورية بالإعمار من بروكسل… والمقداد يردّ… دمشق لا تخضع للشروط
نصرالله: إلى الهدوء… وزير الصحة ليس حزبياً… وتفاهم مار مخايل ثابت ويحقق الإنجاز
حردان يستبق البيان الوزاري… التذرّع بالنأي بالنفس في العلاقة بسورية انحياز لأعدائها
فتح الأوربيون والحكام العرب باب التفاوض الضمني مع دمشق تحت عنوان مقايضة الاعتراف بنصر سورية، مقابل طلبات تتصل بعلاقة سورية بقوى المقاومة ومحور المقاومة، تحت شعار رفض الوجود الأجنبي الذي لا يطال الاحتلال الإسرائيلي للجولان، بل يستهدف تحقيق المطالب الإسرائيلية بفك سورية لعلاقتها بإيران وقوى المقاومة، وجاء مؤتمر بروكسل الذي عقد تحت عنوان إعادة الإعمار في سورية مناسبة لصدور المواقف التي تندرج تحت العنوان ذاته، التسليم بفشل الحرب التي تشارك أعضاء المؤتمر في تمويلها ورعايتها ضد سورية، والتسليم بنصر سورية، والانتقال إلى التفاوض عن بعد حول إمكانية التأثير بسورية الجديدة وهويتها وموقعها في المنطقة بعروض ماليّة سخيّة تقدَّم تحت عنوان الإعمار وتربَط بالشروط السياسية. وفي السياق ذاته وضعت العلاقات العربية بسورية وعودتها للجامعة العربية. فلم تتأخر سورية عن الرد بلسان نائب وزير الخارجية الدكتور فيصل المقداد الذي قال إن سورية على عهدها لا تخضع للضغوط والشروط، وهي مرتاحة لموقعها وموقفها من القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ولن تسمح للذين شنوا الحرب عليها بأن يحققوا في السياسة وتحت عنوان الإعمار الأهداف التي فشلوا في تحقيقها عبر الحرب.
لبنانياً، مع تصاعد وتيرة السجال بين رئيس الحكومة سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط على خلفية اتهامات جنبلاطية للحريري بتقاسم المشاريع والصفقات مع التيار الوطني الحر ومراكمة الديون على لبنان والذهاب لخصخصة ما تبقى من ثروات الدولة وتقاسمه سياسياً، وردود حريرية لا تقلّ قساوة، بقي النقاش حول الوضع الحكومي في الصدارة، مع تقدم لجنة صياغة البيان الوزاري في مهمتها التي يمكن أن تنتهي اليوم، لتتسنى مناقشة مشروع البيان والمصادقة عليه وإحالته إلى مجلس النواب في جلسة للحكومة بين الخميس والجمعة، لينعقد المجلس في جلسة مخصصة لمناقشة البيان ومنح الثقة للحكومة مطلع الأسبوع المقبل.
الوضع الحكومي كان محور كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي دعا إلى الهدوء السياسي والإعلامي في التعامل مع الشأن الحكومي للخروج من السجالات الموروثة من تجاذبات التشكيل وعقدها، وإلى عدم التسرّع والتهويل في تناول الملفات التي ستوضع على طاولة مجلس الوزراء والتي يجب أخذ الوقت في مناقشتها، موضحاً أن حزب الله قرر تسمية غير حزبي لوزارة الصحة إفساحاً في المجال لاختبار فرصة عدم تحميل الدولة والناس تبعات خصوماته، معلناً أن الحديث عن القلق على أموال الوزارة مفتعل وافتراء. فالمال العام هو مال اللبنانيين ومحرَّم علينا شرعاً فوق كون التصرف به خارج موجباته ومفرداته ممنوع قانوناً ومعيب أخلاقياً. وتناول نصرالله ذكرى توقيع اتفاق مار مخايل مع التيار الوطني الحر، مؤكداً أن التفاهم لا يزال ثابتاً وأنه أنجز الكثير منذ توقيعه ولا يزال، والخلافات والتباينات لا تقلّل من وزنه وأهميته وثباته.
في الشأن الحكومي أيضاً كان كلام لرئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الإجتماعي أسعد حردان مستبقاً إقرار البيان الوزاري للفت نظر المعنيين إلى أن اتفاق الطائف والدستور يحكمان العلاقة اللبنانية المميّزة بسورية وأن ملف النازحين واحد من ملفات الأولوية اللبنانية غير قابل لحل دون التنسيق مع الدولة السورية من موقع التفاعل الإيجابي والشراكة والتعاون. واعتبر حردان أن الحديث عن النأي بالنفس لتبرير الابتعاد عن سورية أو التردد في ترجمة العلاقة معها وفقاً لما تمليه المصلحة اللبنانية العليا هو انحياز لمعسكر أعداء سورية وليس نأياً بالنفس، فربط العلاقة اللبنانية السورية بعلاقة الآخرين، الذين يناصبونها العداء، بها، هو إعلان انضمام إلى الحلف المعادي لسورية ومخالفة فاضحة لاتفاق الطائف تسقطه كمرجعية لشؤون اللبنانيين، بينما يردّد الجميع التمسك بالطائف دون أن نشهد تحركاً على خط العلاقة اللبنانية السورية وفقاً لموجبات الطائف.
أطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس، متحدثاً عن الشأن اللبناني بعد تشكيل الحكومة، فعرض لكيفية تعاطي «حزب الله» مع هذه الحكومة، وقال: «نحن نحتاج الى الهدوء، وأخذ نفس، والابتعاد عن السجالات الإعلامية وللمزيد من التلاقي».
وأضاف عبر شاشة قناة «المنار» «أمام الحكومة رهانات كبيرة واستحقاقات كبيرة»، داعياً «القوى السياسية الى الاعتراف بالقلق من طبيعة الملفات التي ستعالجها الحكومة، لأنها على درجة عالية من الحساسية خاصة في المجال الاقتصادي والمالي».
وطالب القوى السياسية المشاركة في الحكومة بـ«التعاطي بإيجابية مع القلق الموجود كي نعالجه». وأعرب نصرالله عن «اعتقاده أن رأس أولويات الحكومة هو الوضع الاقتصادي»، لافتاً الى أنه «في مقدمة تحصين الوضع هو مكافحة الفساد والهدر».
وأوضح ان «حزب الله كان خارج النقاش حول إلغاء حقيبة مكافحة الفساد». مشدداً على «أهمية الممارسة والقرارات في كيفية مكافحة الفساد».
وأكد أن «وزارة الصحة هي لكل لبنان وليست للوزير الذي يتولاها ولن يكون للحزب الذي يمثل». وقال «الوزير جميل جبق ليس في «حزب الله»، لكنه كفوء وصديق وأخ وموثوق وشخصية مستقلة». وتابع: «أعطينا الأولوية لمصلحة البلد في اختيار وزير غير حزبي في وزارة الصحة، وذلك لمنع المحاذير والتداعيات السلبية». ووعد السيد نصر الله بأن «تكون تجربة وزير الصحة بمثابة رهان وسنكون الى جانبه»، نافياً «وجود مشاريع أو تجارة لدى «حزب الله».
ووصف ملف وزارة الصحة بـ«الملف الإنساني ولا يجوز أن يموت الناس على أبواب المستشفيات»، معلناً عن «السعي من أجل تخفيض كلفة الدواء وتأمين وصولها الى الناس».
ونفى أن تكون «الحكومة الجديدة حكومة «حزب الله» كما يدّعي نتنياهو وغيره»، ملمحاً الى وجود قوى في الحكومة أكبر عدداً». وتمنى على «قوى الداخل ممن يتهم الحكومة بأنها حكومة حزب الله بألا يفعل ذلك لأن ليس فيها خدمة للبنان»، معلناً أن «حزب الله سيتحمل المسؤولية في الحكومة من موقع الشراكة والأمانة».
وتطرّق الى «تفاهم حزب الله والتيار الوطني الحر يوم 6 شباط 2006»، واصفاً إياه بـ«الخطوة العظيمة والتي تجلت أثناء عدوان اسرائيل على لبنان في تموز 2006»، مؤكداً «إيمان حزب الله بهذا التفاهم». وألمح الى «رغبات البعض بأن ينتهي هذا التفاهم بصبهم الزيت على النار في بعض حالات كانت تحصل».
حردان: الحكومة مطالبة ببيان وزاري يلتزم اتفاق الطائف
وأكد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان أن الحكومة الحالية، مطالبة بموقف واضح وصريح، وبأن تتخلى عن سياسة التضليل والمراوغة، من خلال تحمل المسؤوليات الوطنية التي تقتضيها مصلحة لبنان، وهذا يتطلب دوراً راعياً ومساعداً لتحقيق عودة النازحين السوريين، من دون الرضوخ إلى أية إملاءات خارجية تتعارض مع المصلحة اللبنانية وتناقض الدستور اللبناني.
وأشار حردان إلى أن الحكومة الحالية لا تستطيع الاستمرار على النحو الذي كان قائماً، وهي مطالبة بأن تضع في بيانها الوزاري بنوداً واضحة تلتزم اتفاق الطائف بكل مرتكزاته وعناوينه السياسية والإصلاحية، وفي المقدمة تأكيد العلاقة الطبيعية بين لبنان وسورية، وتفعيل هذه العلاقة من خلال التواصل بين الحكومتين، من دون التلطي وراء بدع النأي، ومن دون ممارسة التضليل السياسي.
وتابع حردان: وإلى المسؤولية عن تفعيل العلاقة الأخوية مع سورية، وتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولياتها الأخلاقية والانسانية في اعادة النازحين السوريين، فإن الأولية أيضاً يجب أن تكون لتحقيق الأمن الاجتماعي، من خلال وضع خطة عمل مجدية لمعالجة كل الملفات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومشكلات الكهرباء والمياه والطرقات والالتزام بمطالب الناس المحقة، وكذلك وضع آلية عملية لتحقيق الإنماء المتوازن ليطال هذا الإنماء المناطق اللبنانية كافة، وكل هذه المسائل، هي من موجبات تطبيق الدستور.
لجنة صياغة البيان الوزاري.. لا خلافات
وتعقد لجنة صياغة البيان الوزاري اجتماعها الثاني في الثانية من بعد ظهر اليوم. وبحسب المعلومات فإن النقاش في اجتماع اللجنة أمس، كان هادئاً وتركز على إقرار البنود الاقتصادية والإصلاحية على ان يتم البحث غداً في بند المقاومة.
وفيما اشارت مصادر وزارية لـ»البناء إلى أن الأجواء كانت إيجابية، ولم تتأثر بالتغريدات الصباحية، أشارت الى أن البيان سيقارب المواضيع المطروحة على الصعيد الاقتصادي والسياسي والأمني بمسؤولية. ولفتت المصادر إلى أن النقاش كان موضوعياً فلا بنود خلافية انطلاقاً من ان الجميع اتفق على أن البيان سيكون اشبه ببيان الحكومة السابقة مع بعض الاضافات. وشدّدت على أن تعديلات أُدخلت على البنود الاقتصادية والإصلاحية في مسودة البيان الوزاري منها حذف الأرقام المخصّصة للقطاعات بموجب سيدر، كما حذفت مسألة وضع سقف زمني لمسألة تأمين الكهرباء 24 /24. ولفتت المصادر إلى أن وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي دعا إلى تضمين مقدمة البيان الوزاري تحذيراً من العرقلة السياسية لعمل الحكومة، غير ان الوزراء علي حسن خليل وأكرم شهيب ومي شدياق رفضوا ذلك.
بري.. جلسة الثقة الأسبوع المقبل
إلى ذلك، أشارت مصادر عين التينة لـ»البناء» إلى أن رئيس مجلس النواب يتجه الى دعوة المجلس النيابي لجلسة الثقة بالحكومة الجديدة الأسبوع المقبل لا سيما أن لجنة صياغة البيان الوزاري ستنتهي اليوم على الأرجح من دراسة البيان، وبالتالي فإن إقراره في مجلس الوزراء لن يتأخر.
وكان بري بحث مع السفير الفرنسي في بعض القوانين المتعلقة بمؤتمر سيدر وترسيم الحدود البحرية والبرية الجنوبية بأسرع وقت في ظل طرح «إسرائيل» التلزيم بمحاذاة هذه الحدود في محاولة للسرقة من المخزون اللبناني.
حرب مشتعلة بين بيت الوسط والمختارة
إلى ذلك وفي إطار الحرب المشتعلة على خط بيت الوسط المختارة، أكد الحريري خلال احتفال في السراي انه اتخذ قراراً بالعمل ليل نهار لتعويض المرحلة السابقة الطويلة التي استغرقتها عملية تشكيل الحكومة، وقال رداً على النائب السابق وليد جنبلاط من دون أن يسميه: من يريد أن يقف ويعطل عملية الإنتاج فعليه ان يزيح من الطريق وإذا لم يفعل فانا مستمر ولو اصطدمت بأي كان. ورأى انه اذا اعتقد احد انه بزعامته يستطيع السير على المواطن اللبناني، فهذا لن يحصل لأن هذا المواطن سيمشي علينا جميعاً في النهاية إذا لم نعمل لمصلحته.
وكان رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط واصل حملته على الحكومة. فغرّد عبر حسابه على موقع «تويتر» قائلاً: «صاحب الجلالة مستعجل وبعصب بسرعة. نصيحة لكم ولزميلكم في الحكم كي لا نقول شريككم، الأمور ليست بهذه الطريقة. كلا الدولة ليست ملكاً لكم ودفتر شروط لتلزيمها كما ورد في مشروع البيان الوزاري. أهم شيء قبل سيدر تحديد مكامن الهدر والتهريب، ورفض زيادة سعر الكهرباء. حصلوا الهدر 40/100 مثلاً».
وشدّدت مصادر وزارية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» على ان الحرب على الحكومة قبل ان تنال الثقة هي حملة مشبوهة بامتياز، مستغربة كيف تلجأ بعض مكوّنات هذه الحكومة الى محاولة النيل من مجلس الوزراء تحت شعارات رنانة لا اساس لها من الصحة، وشددت على ان الرئيس ميشال عون هو أكثر من يلتزم باتفاق الطائف وبتطبيقه مناصفة، لافتة الى أن من لا ينقطع عن التغريد ليل نهار مدافعاً عن حقوق المواطن وضد الفساد، الاجدر به أن يسهل عمل الحكومة لا سيما على الصعيدين الاقتصادي والمالي لأن من شان ذلك أن ينعكس ايجاباً عن الوضع المعيشي للمواطن، وان لا يغطي الفاسدين. وقالت المصادر: نحن متفائلون بهذه الحكومة التي حققت المناصفة الى حد كبير التي كسرت الى حد كبير الأحادية في الطوائف. وهذا من شأنه أن يساهم في تفعيل العمل الحكومي وتحقيق الإنتاجية.
وبعيداً عن التوتر الحريري الجنبلاطي، أكدت وكالة « موديز» لخدمات المستثمرين والتصنيف الائتماني أن إعلان تشكيل الحكومة سينعكس إيجابياً على اقتصاد البلاد. ولفتت الوكالة، في تقرير صدر أمس، إلى أنه من المتوقع أن تقوم الحكومة الجديدة بتنفيذ الإصلاحات المالية الضرورية لإطلاق حزمة الاستثمارات التي تبلغ قيمتها 11 مليار دولار لمدة خمس سنوات. وأوضحت «موديز» أنه « ظل طر ا ن ر ، ظراً ن ا و الاقتصادي ا ف داً سيكون تحدياً لجهود الدمج المالي للحكومة».
وبحسب التقرير، فإن «الموقف المالي والخارجي للبنان، سيظل ضعيفاً طالما استمرّ نقص ثقة المستثمرين في التأثير على الودائع».
من ناحية أخرى، فيما يتجه رئيس الجمهورية الى تحريك ملف النازحين بأسرع وقت، لا سيما أنه أراد تسليم الملف لشخص قادر على التواصل مع الجانب السوري لما فيه مصلحة لبنان، بعدما كان في عهدة تيار المستقبل، تردّدت معلومات أمس، أن رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان زار والوزير الغريب دمشق يوم أمس.
وشدّد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل على تمسك لبنان بهويته وحماية حدوده وصون سيادته في ظل الحروب المدمّرة والاطماع الإسرائيلية المستمرة، مؤكداً دوره في المحافظة على استقرار المنطقة من دون الانخراط في تحالفات واصطفافات لا تخدم وحدته الوطنية.
واعتبر باسيل من باريس أن من صالحنا اعادة العلاقات مع سورية التي لا تزال تحتفظ بمقعدها في الأمم المتحدة حتى لو كنّا قد خضنا معارك سابقة معها، لأنها الجار الوحيد للبنان..