النواب اعطوا الثقة. لا نعرف لماذا تكلموا من على منبر المجلس النيابي طيلة الأيام الماضية. طالما أنهم لم يحجبوا الثقة عن الحكومة، لماذا ضيَّعوا وقت المواطنين. خطاب الرئيس سعد الحريري رداً عليهم، تضمن كل مواصفات "الحكومة السيدرية". من المؤسف أن نسمع ذلك. والحكومة على وشك الإقلاع. لكن هذه هي الحقيقة. الحكومة ستسمع من الدائنين، وستدفع للدائنين، وتمنحهم والمتمولين والمصارف الظروف الملائمة لانتزاع موارد الدولة عبر مشاريع الخصخصة.
البناء
سوتشي لحسم إدلب واتفاق أضنة… ووارسو يفشل في إسقاط التفاهم النووي وتظهير صفقة القرن
ثقة 110 نواب لحكومة «ممنوع الفشل»… والمئة يوم الأولى تحت المجهر… وحاسمة
حردان: الحكومة تجاوزت الدستور والطائف بتجاهل قانون الانتخاب والعلاقة بسورية
في ظل بلوغ التجاذب الأميركي الداخلي درجة السخونة بين الرئيس دونالد ترامب والكونغرس على خلفية تعطيل الحكومة وإعلان حال الطوارئ، والحرب في اليمن والانسحاب من سورية، ظهرت واشنطن المتورطة في معركة جديدة عنوانها إسقاط الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بلا خارطة طريق تؤدي للهدف، تنتقل في الحشد لمواجهة محور المقاومة من البوابة الإيرانية إلى حصاد هزيل في وارسو مثّله حضور 70 دولة بدلاً من 130 حشدتهم واشنطن لحربها الأولى على محور المقاومة من البوابة السورية قبل ست سنوات، في مؤتمر أصدقاء سورية في تونس عام 2012، وبدا التراجع أكبر من مجرد الأرقام، بنوعية المشاركين ومستواهم التمثيلي، وهوية الغائبين وهم حلفاء واشنطن التقليديون والوازنون، وخصوصاً أوروبا وتركيا، ولم يعوّض ذلك المشهد الكوميدي العربي المتهالك نحو «إسرائيل»، لكن العاجز عن تخطي مكانة القضية الفلسطينية، والعاجز بالتوازي عن إيجاد شريك فلسطيني يغطي التورّط في التخلّي عن القدس، فبدا مؤتمر وارسو منبراً للكلام أكثر مما هو حلف سياسي أو جبهة عسكرية، بعدما حدّد نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الأولوية بانسحاب أوروبا من التفاهم النووي مع إيران، كان الردّ الأوروبي سريعاً بإعلان التمسك بالتفاهم رغم الملاحظات الكثيرة في ملف العلاقات مع إيران.
بالتوازي كان مقابل حلف المهزومين في الحرب على سورية المنعقد في وارسو، ومعهم الخائفون من تداعيات الهزيمة بانتعاش القوى المنتصرة وعلى رأسها روسيا وإيران والحركات التحريرية في المنطقة وقوى المقاومة والحكومات المستقلة في العالم، حلف المنتصرين ومعهم الخارجون من حلف المهزومين ينعقد في سوتشي، حيث روسيا وإيران تمثلان روح النصر في سورية، وتركيا تمثل نموذجاً يشبهه حال أوروبا للذين قرروا مغادرة المركب الأميركي الغارق والالتحاق بمركب قادر على الأخذ بهم إلى بر الأمان. وبعكس وارسو حيث كلام وكلام للكلام، في سوتشي خطط عمل وخارطة طريق، تبدأ بالتوافق على الحسم المتدرّج مع جبهة النصرة في إدلب بقضم مناطق سيطرتها بالنار وتقدّم الجيش السوري وتراجع الأتراك ومَن معهم تسهيلاً للمهمة، وبالتوازي إنعاش لمسار تركي باتجاه القبول باتفاق أضنة إطاراً للحفاظ على الأمن عبر الحدود مع سورية، وما يعنيه ذلك من تحضير لتنظيم مستويات من الحوار السوري التركي بشراكة روسية إيرانية وصولاً للتسليم التركي العلني باعتماد العلاقة بالدولة السورية إطاراً لحفظ أمن الحدود، واعتبار ملء الفراغ الناتج عن الانسحاب الأميركي مسؤولية حصرية للجيش السوري.
لبنانياً، نالت حكومة الرئيس سعد الحريري الثقة بتصويت 110 نواب لصالح الثقة بها مقابل ستة أصوات حجبت الثقة، بعد ثلاثة أيام من المناقشات للبيان الوزاري، ركزت جميعها على مضامين الأولويات الخدمية للمواطنين ومكافحة الهدر والفساد، وإنعاش الاقتصاد، مع إجماع على تقدير درجة الخطورة التي يعيشها الوضع الاقتصادي والمالي التي تجعل فشل الحكومة ممنوعاً باعتباره فشلاً للبنان، واعتبار المئة يوم الأولى من عمر الحكومة موضوع مراقبة ومتابعة من النواب والرأي العام والإعلام للحكم على مسارها باعتبارها المؤشر الحاسم على الوجهة التي تأخذ الحكومة البلاد إليها، وقد برز مصطلحا ممنوع الفشل والمئة يوم الأولى في الكثير من مداخلات النواب، وصولاً لربط عدد من النواب منهم الثقة للحكومة بالأيام المئة، كما فعل النائب في الكتلة القومية سليم سعادة.
رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان قارب الملف الحكومي من زاوية معايير الدستور واتفاق الطائف، التي تجاهلها البيان الوزاري، كما قال حردان في عناوين قانون الانتخاب خارج القيد الطائفي، والعلاقة المميّزة مع سورية.
أخيراً ستنكبّ حكومة العهد الأولى على العمل بدءاً من الأسبوع المقبل بعدما حصلت على ثقة 110 نواب من أصل 116 نائباً حضروا الجلسة، في حين حجب ستة نواب عنها الثقة.
وبينما أجمعت غالبية المداخلات يوم أمس، أسوة بيومي الثلاثاء والأربعاء على ضرورة محاربة الفساد ومكافحة الهدر وإيجاد حل لأزمة النازحين، فضلاً عن التأكيد على ضرورة وضع رؤية اقتصادية واضحة، تعهّد رئيس الحكومة سعد الحريري، في كلمة عقب انتهاء مداخلات النواب في جلسة مناقشة البيان الوزاري، بأنّ «كلّ عمل الحكومة سينصبّ لتحقيق النهوض الاقتصادي». وأضاف: «أننا متفاهمون بإيجابية ومتفقون أن البلد سيفرط إذا لم نتوافق، مع الأسف هناك من يرى برنامج سيدر رشوة للقبول بالتوطين»، وشدّد الحريري على أن «سيدر برنامج لبناني مئة بالمئة ونحن أخذنا الإصلاحات التي طالب بها القطاع الخاص اللبناني»، متسائلاً «من منكم ضد قانون عصري وحديث للمناقصات العامة وضد تطوير الجمارك وتسهيل بيئة الأعمال ومن ضد مكننة إدارات الدولة؟ مَن ضد إعادة هيكلة القطاع العام؟ ومَن ضد تخفيض عجر الموازنة؟ ومَن يرى أن البنى التحتية لا تحتاج الى تأهيل؟».
واعتبر أنّ «لبنان لديه فرصة تاريخية وأمامنا خطة عمل يشارك فيها الجميع وهذا بلدنا، امامنا برنامج واضح وعلينا مسؤوليات في الحكومة ومجلس النواب لتحويل ذلك الى افعال»، مؤكداً أن «مجلس النواب يملك قراره وقادر على القول إن برنامج الحكومة غير صالح، بكل ثقة أقول أن سنة 2019 هي سنة إيجاد حل جدي للكهرباء واذا لم يحصل ذلك فنكون قد فشلنا جميعاً».
وتابع: «إنّنا سمعنا كلاماً عن القطاع المصرفي وفوائد السوق هو من يقررها وليس الحكومة، والقطاع المصرفي بكل الازمات كان ولا يزال يلعب دوراً إيجابياً في الحلول»، مشيراً إلى أنه «عندما نكون كحكومة ومجلس ملتزمين برزمة الإصلاح يكون القطاع المصرفي متجاوباً ومعالجة العجز في الكهرباء هي البداية».
إلى ذلك، أشارت المعلومات الى ان وزير المال علي حسن خليل سيسلّم الحسابات المالية بعد جلسة الثقة وسيتولى الرد على كل مَن تناول الملف المالي، وشدد خليل في ختام جلسة مناقشة البيان الوزاري على ان لا أرقام مخفية في وزارة المال، مشدداً على أن أي قرش لم ينفق خارج إطار الموازنة والاصول والاعتمادات الاضافية. وقال نحن أمام واقع مالي صعب وإذا لم نقرر معاً اتخاذ خطوات مسؤولة وجريئة فإن العجز سيزداد.
وكان النائب سليم سعادة أكد أنه «ليس في لبنان الطائف بيانات وزارية بل وزارات بيانية أما البيان الوزاري فهو للتسلية أما بالنسبة للباقين فهو «بوتوكس» الحكومة تكتبه لتظهر أجمل وأفضل».
ولفت إلى أن «جميع حكومات الطائف قامت بالالتفاف على القرارات الإصلاحية والتصحيحية في الإدارة والمال و الاقتصاد وانحازت إلى نقيضها الشعبوي خوفاً من انكشاف أنفاق الهدر والفساد والرشوة»، مشيراً إلى أن «شبح المصارف المالية يتهدّدنا في كل يوم تفتح به المصارف أبوابها». ورأى أن «80 بالمئة من أرباح مصرف لبنان تعود إلى خزينة الدولة وأكلاف الهندسات المالية تزاد إلى الدين العام ، ونسبة إلى الناتج المحلي هي الأعلى في العالم. وهذا يعني أن مظلومية خدمة الدين هي الأقصى والأعتى في الدنيا».
واعتبر سعادة أن «الشيطان في هذه الحكومة ناتج عما لم تقم به حكومات الطائف ابتداء من ملف شركة الكهرباء التي تبيعنا العتمة والظلام منذ عشرات السنين»، موضحاً أن «الحكم استمرار في الانحدار أو اجترار بدون قرار أو خيار»، لافتاً إلى أن « اتفاق الطائف استشرف أن هذا النظام الطائفي هو نظام متحجّر غير قابل للحياة، وقد أخرجنا من الحرب إلى بحر من الفساد والفوضى».
وأكد أن «نواب الكورة قرروا رفع دعوى ضد شركات الإسمنت وإحالتها للقضاء، لأن محافظ الشمال رمزي نهرا يقوم برقص التانغو مع شركات الإسمنت»، مشيراً إلى أن «السهل تحوّل مستنقعاً وأصابته أمراض لم نسمع بها من قبل».
ودعا «وزير المالية علي حسن خليل لفرض ضريبة على بيع الإسمنت لأن أسعاره مرتفعة»، معتبراً أن «مسببات الفساد هي النظام السياسي القائم وهناك عملية تسطيح للإدارة والإرادة».
وجرى أمس تطويق التوتر الذي حدث على خط حزب الله حزب الكتائب بعد سجال حصل بين النائب نواف الموسوي والنائبين سامي ونديم الجميل، وذلك بعيد اجتماع ضمّ بعض نواب التيار الوطني الحر والقوات والكتائب للتداول في ما ورد على لسان الموسوي، وإثر مساعٍ قام بها النائب ألان عون خارج القاعة، حيث اجتمع التيار والقوات والكتائب داخلها وتم تداول في الامر مع نواب كتلة الوفاء للمقاومة لا سيما رئيسها النائب محمد رعد، طلب رعد الكلام، وتلا من موقعه في القاعة كلمة مكتوبة جاء فيها «في جلسة أول من أمس حصل للأسف سجال غير مرغوب به بين بعض الزملاء وانطوى على كلام مرفوض صدر عن انفعال شخصي من أحد إخواننا في الكتلة وتجاوز الحدود المرسومة للغتنا المعهودة في التخاطب والتعبير عن الموقف، أستمحيكم عذراً في بداية هذه الجلسة وأطلب باسم كتلة الوفاء للمقاومة شطب هذا الكلام وشكراً».
وكان سبق تحرّك النائب عون اتصال النائب جورج عدوان بالنائب حسن فضل الله وعرض عليه فكرة ترتيب الموقف بصورة مشتركة، بعدما كان تواصل في هذا الشأن مع الوزير جبران باسيل والنائب سامي الجميل.
ورأى النائب ألان عون أن ما قام به رئيس كتلة الوفاء للمقاومة اليوم في مجلس النواب قمّة المسؤولية. وعن الكلام الذي طال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أشار النائب ألان عون الى ان نية النائب نواف الموسوي الحسنة تقابلها انطباعات خاطئة لدى بعض الرأي العام واستغلالات من بعض الأوساط السياسية، مؤكداً أن التيار الوطني الحر لم ينكر جميل حزب الله في وصول عون إلى الرئاسة، لكنه وصل بعملية سياسية صرف لم يكن فيها أي دور لأي سلاح.
وشدّد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب اسعد حردان في تصريح على أن الأولوية هي للانصراف إلى معالجة المشكلات ولتحقيق الأمن الاجتماعي وتحصينه، لكن هل الحكومة التي تشكلت في لبنان ستذهب الى المعالجات في وقت لم نلمس هذا الاتجاه جدياً في بيانها الوزاري ولا حتى تحديد جدولة زمنية للمعالجات الملحة؟ وأضاف: اللافت أن البيان الوزاري شكل تجاوزاً للدستور، من خلال إغفال مندرجات الدستور وفي مقدمها سنّ قانون جديد للانتخابات النيابية على اساس النسبية لبنان دائرة انتخابية واحدة وخارج القيد الطائفي، علماً أن النسبية التي اعتمدت في القانون الحالي جرى تشويهها وتفريغها من مضامينها باعتماد الدوائر الطائفية.
وأشار حردان إلى أن الإنماء المتوازن هدف اساسي نص عليه الدستور، غير أن غياب آلية حكومية واضحة لترجمته على ارض الواقع، يثير علامات استفهام حول النهج الحكومي في التعاطي مع الإنماء وقصايا الناس وأوجاعهم.
وأكد حردان أن العلاقات اللبنانية السورية المميزة في صلب وثيقة الوفاق الوطني، والمطلوب تعزيزها على كل المستويات، وليس مقبولاً إخضاعها لاعتبارات بعض الأفرقاء والتعاطي معها بما يرضي قسماً من المجتمع الدولي أو بعض المنظومة العربية التي شاركت في العدوان على سورية. هذا تعاطٍ خاطئ وغير مسؤول، لأن العلاقات اللبنانية السورية مصلحة للبنان واللبنانيين، ومصلحة لبنان تتقدم على كل الاعتبارات.
من ناحية أخرى حظيت كلمة الرئيس سعد الحريري في ذكرى 14 شباط بمتابعة وأعلن الحريري أنّ أمامنا ورشة عمل كبيرة وبين أيدينا برنامج واضح له تمويل وآليات عمل واضحة فيها الشفافية والإصلاحات، مشدّدًا على أنّ لا مجال للهدر ولا لـ»حرامية الحصص وقنّاصي الفرص». اعتبر الحريري أنّ الدستور وصيغة الوفاق الوطني هما القاعدة الأساس للعيش المشترك بين اللبنانيين، لافتًا إلى أنّ الكلام عن الطائف واضح ومباشر في البيان الوزاري، وغير خاضع للتأويل والتفسير. وفي ما يتعلق بملف النازحين السوريين، قال الحريري إنّ افضل ما يمكن أن نقدمه للنازحين هو إعادتهم لبلادهم بشكل طوعي، مضيفًا أنّ المطلوب من المجتمع الدولي خطوات فعلية في ملف النزوح.
واشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى ان البارز كان محاولة الرئيس الحريري تأكيده التمسك باتفاق الطائف بعيداً عن مواقف بعض الفرقاء التي تدعي أن الحريري فرط باتفاق الطائف. ولفتت المصادر الى ان كلام الحريري عن الوحدة الوطنية يأتي في سياق الدعوة الى التماسك الوطني ووضع الخلافات جانباً والعمل ضمن منطق التهدئة والتوافق داخل الحكومة وخارجها. ولفتت المصادر الى ان الحريري يتطلع الى عودة الثقة العربية والخليجية والدولية بالمؤسسات اللبنانية. ومن هنا فإن مجلس الوزراء سوف يجهد في الفترة المقبلة لاتخاذ عدد من الإجراءات المتصلة بمقررات مؤتمر «سيدر»، في ما خص معالجة الفساد وضبط الهدر وخفض النفقات. ولفتت المصادر الى أن الحريري اتفق والرئيسين ميشال عون ونبيه بري على ضرورة العمل لتحقيق الانتاجية المطلوبة.
وفي حين استغربت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ»البناء» خروج الرئيس الحريري عن مضمون البيان الوزاري حيال ملف النازحين، بتأكيده العودة الطوعية لا الآمنة، وكأنه يبعث برسائل للمجتمع الدولي تدحض ما ورد في البيان الوزاري. غير أن مصادر تيار المستقبل شددت في المقابل لـ»البناء» على ان الرئيس الحريري ملتزم بـ المبادرة الروسية الوحيدة المتكاملة، وهي تأتي من دولة تشبك علاقات جيدة مع كل الأطراف المعنية بالأزمة السورية فضلاً عن سورية وبإمكانها المساعدة في هذا الشأن. من ناحية اخرى شددت المصادر على ان لبنان سيبقى معتمداً سياسة النأي بالنفس، مع تشديدها على انه لن يكون تابعاً لأي محور ويخطئ من يعتقد غير ذلك او يعتب أن بإمكان فريق في لبنان أن يحكم لاعتبارات إقليمية دون الأخر، ففي لبنان لا غلبة لأي طرف على الآخر.
وأشاد رئيس مجلس النواب نبيه بري بمضامين الخطاب الذي ألقاه الحريري في مهرجان ذكرى 14 شباط، واصفاً إياه بالمعتدل والجيد والمتفهم كلام النواب خلال جلسات مناقشة البيان الوزاري للحكومة الجديدة.
وأكد المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا أن «المملكة العربية السعودية تنظر بعين الإيجابية للتطورات الأخيرة في لبنان، بعد تشكيل الحكومة وتفعيل المؤسسات الدستورية اللبنانية»، مؤكداً ان «بلاده لا تفرّق بين لبناني وآخر الا من زاوية من يريد الخير للبنان». وأوضح العلولا في حديث صحافي أن «رفع التحذير الذي كانت المملكة أعلنته، أتى بعد تحسّن الوضع الأمني في البلاد»، وقال ان «خطوة رفع التحذير أتت في سياقها الطبيعي بعد تشكيل الحكومة الجديدة»، مؤكداً ان المملكة «تريد الخير للبنان»، مشيراً الى ان «ثمة اتفاقات ومشاريع ثنائية كثيرة تنتظر بدء الحكومة عملها لوضعها على مسار التنفيذ». وعما تردد عن مساعدات إضافية للبنان وودائع مصرفية، أكد ان «هذا كله موجود ضمن تعهدات مؤتمر «سيدر»، وان ما كان يعوق التنفيذ هو عدم وجود حكومة في لبنان، كبقية مشاريع والتزامات «سيدر».
ويترأس الحريري قبل ظهر الاثنين في السراي الحكومي، اجتماعاً تشاورياً موسعاً، يشارك فيه ممثلون عن الصناديق العربية والأوروبية والدولية والمؤسسات المالية التي التزمت بمساعدة لبنان في مؤتمر «سيدر» ويخصص للبحث في الخطوات المستقبلية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
6 «لا ثقة» للبيان الوزاري «الرسمي» | «بيان» الحريري: سيدر والمصارف خط أحمر
بـ ١١١ صوت ثقة خرجت حكومة الرئيس سعد الحريري في اليوم الثالث من جلسات مناقشة بيانها الوزاري، مقابل ٦ نواب صوتوا ضد (أسامة سعد، جميل السيد، بولا يعقوبيان، سامي الجميل، نديم الجميل، الياس حنكش). وبعدَ أن كان من المفترض أن تمتد جلسة الثقة إلى اليوم بسبب مطولات النواب التي لا تقدّم ولا تؤخر، انتهت المناقشة في الجولة الخامسة بعدَ جلسة استمرت أكثر من ٨ ساعات… ختمها الحريري رداً على مداخلات النواب بالدفاع عن المصارف و«سيدر» (مقال ميسم رزق).
ليسَت هي المرة الأولى التي يقِف فيها النواب على مِنبر الهيئة العامة لمناقشة البيان الوزاري، وفتح الملفات، والمطالبة بحكومة أفعال لا أقوال. ولن تكون المرة الأخيرة التي سيجلس فيها رئيس الحكومة مُحاطاً بوزراء حكومته، مُستمعِاً إلى مطولات في الأخلاق والعفة والوطنية، وهو العارِف بأن الثقة مضمونة في جيبه.
هكذا تعامل الرئيس سعد الحريري خلال الجولة الخامسة أمس في ساحة النجمة، مُتحدّياً الملل من كلمات النواب بتضييع الوقت، إما بالتسامر مع أصحاب المعالي والسعادة، وإما بالخروج والدخول المتواصِل من القاعة وإليها. فكان مع كل «ثقة» من نائب إضافي يرخي جسمه على الكرسي، قبَل أن ينال منه السأمُ، فيلتجئ إلى الرئيس نبيه بري بعد حوالي ثلاث ساعات من بدء الجلسة للاستفسار عن عدد النواب «طالبي الكلام». حتى رئيسة كتلة «المستقبل» بهية الحريري تدخلت للمساعدة في تقليص العدد، فالجميع بدأ يضجر. حتى هذه اللحظة كان لا يزال الحريري ضاحكاً في سره على كلام المنابر الذي لا يقدّم ولا يؤخر، إلى أن حصل سِجال بينه وبين النائب جميل السيد على خلفية كلام للنائب سامي فتفت. لولا هذه «الخناقة»، لم يكُن الحريري آبهاً بكل الكلام عن الفساد والوضع المهترئ وتقصير الحكومة السابقة. صار الرجل يفهم اللعبة. فلا ضيرَ إذاً من ترك الآخرين يسترسلون في الهيئة العامة للتنظير، ما دامت الكلمات لن تؤثر في عدد مانحي الثقة وحاجبيها. وقبل التصويت، اعتلى الحريري المنبر، ليرد على النواب، فإذ به يتلو ما يمكن وصفه بـ«البيان الوزاري الحقيقي»:
1- دافَع عن المصارف، ورسم خطاً أحمر يحول دون مطالبتها بالمشاركة في كلفة الخروج من الأزمة، إلا بعد إجراء «إصلاحات» يتحمّل كلفتها، بطبيعة الحال، ذوو الدخل المحدود والمتوسط. وقطع الطريق على الدعوات إلى التفاوض مع المصارف لخفض الفوائد (خفض كلفة الدين العام) بالقول إن أسعار الفوائد تحدّدها السوق لا الحكومة!
2- دافع عن قرارات وشروط «سيدر»، مطالباً المجلس النيابي بالبديل في حال لم يوافق على «سيدر»، مدلياً بكلام لا يُفهم منه إلا أنه يطلب ثقة «المجتمع الدولي» لا ثقة النواب، إذ قال: «من يرى الفرصة في غير برنامج الحكومة ليتفضل ويعطي البديل، ومجلس النواب يملك قراره ويستطيع أن يقول أن برنامج الحكومة غير نافع. لنذهب إلى برنامج آخر، ليس لدي أي مانع. ونستطيع أن نقول للمجتمع الدولي والأشقاء العرب: «لا تؤاخذوننا»، برنامج سيدر لا يناسبنا. لكن الحكومة وأنا نرى الفرصة بما طلبنا الثقة على أساسه»؛
3- كشف الحريري مصدر ما يسميه «إصلاحات» اشترطها الدائنون في مؤتمر «سيدر»، قائلاً إنها «الإصلاحات التي يطالب بها القطاع الخاص اللبناني منذ سنوات…». هذه العبارة في «البيان الوزاري الحقيقي» للحريري لا تحتاج إلى الكثير من التفسير. كل الإجراءات التي ستُقدَّم إلى اللبنانيين بصفتها إصلاحات هدفها تحسين أوضاعهم ليست سوى شروط طالبها بها ما سمّاه رئيس الحكومة بـ«القطاع الخاص»، أي أصحاب المصارف وكبار المودعين و«الهيئات الاقتصادية» الذين راكموا الثروات في سنوات الأزمة، ويريدون اليوم أن يدفع ذوو الدخل المحدود والمتوسط كلفة الخروج من الأزمة؛
الحريري يقطع الطريق على الدعوات إلى التفاوض مع المصارف لخفض كلفة الدين العام
4- سعى الحريري إلى التبرؤ من المسؤولية عن كل ما ارتُكِب في السنوات الماضية، فذكّر الحاضرين بأن غالبيتهم شركاء له في الحكم منذ 14 عاماً.
حالُ جلسات الثقة عبّر عنها النائب علي عمار في كلمته حينَ قال أن النواب في القاعة نوعان: «نوع يرى فيها مسرحاً للشهرة يجعله محل مديح وثناء. ونوع يتحدث مع الناس باللغة التي يريد الناس سماعها حتى لو كانت قاسية». وفي الحقيقة أن أغلب النواب هم من النوع الأول الذي يستغل هذا المنبر لتسجيل مواقف وكأنه من كوكب آخر خارج الكتل السياسية المشارك أغلبها في عملية تدمير البلد. لكن كلمة عمار استرعت أمس انتباه الجميع، علماً أن التفاعل معه سلباً أو إيجاباً كان «على القطعة». فمثلاً، الوزيرة شدياق صفقت له حين قال إن «من يظن بأنه قادر على إلغاء الآخر فهو واهم»، ثم عادت وأغلقت أذنيها عندما صاح مستذكراً شهداء المقاومة.
جلسة الثقة يوم أمس وهي الأخيرة (بعدَ إصرار من الرئيس بري على إنهائها) أظهرت بأن غالبية النواب «طلعت روحها وبدها الصرفة». وحدها مداخلة رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، وكلمة النائب علي عمّار، حرّكت الجو. الجلسة استؤنِفت عند الساعة الثالثة بغياب لافِت لعدد من النواب، وأكثر من نصف الحكومة. أبرز ما فيها كان اجتماع جانبي ضمّ رعد والنواب حسن فضل الله وأمين شري وأنور جمعة مع النائبين إبراهيم كنعان وآلان عون. اتضح بعدها بأن الأخيرين كانا يقومان بوساطة لحلّ تداعيات ما تحدث به زميلهم نواف الموسوي رداً على النائب سامي الجميل. في هذه الأثناء لوحظ غياب نواب القوات والكتائب عن الجلسة بعد نحو نصف ساعة من افتتاحها. فجأة دخل هؤلاء معاً، قبل دقائق من موقف أطلقه رعد قال فيه «في الجلسة السابقة حصل سجال غير مرغوب به بين بعض الزملاء تجاوز الحدود المرسومة في التعبير». وأضاف: «أستميحكم عذراً يا دولة الرئيس، وأطلب شطب الكلام من المحضر». فقابله النواب والوزراء جميعهم بتصفيق حار، لا سيما الوزيرة شدياق، وما إن أنهى رعد كلامه حتى غادر نواب كتلة الكتائب القاعة مجدداً.
وكان واضحاً أن عون وكنعان يسعيان إلى إظهار تكتلهما في موقع «حاضن الكل»، حتى خصومهم في السياسة. فبعدَ أن أنجزا وساطتهما، أكد عون في كلمته «رفض التعرض لشخصية سياسية تعتبر مقدسة عند شريحة من اللبنانيين»، لافتاً إلى أن «الرئيس ميشال عون وصل إلى بعبدا بإرادة ناسه بالدرجة الأولى ومن ثم دعم حلفائه». أما كنعان، وبعدَ أن أثنى على موقف رعد قال: «إن كان هناك من ثلاثية تطرح فهي الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح».
كلمات النواب الذين تحدثوا كانت نسخة طبق الأصل عن كلمات زملائهم في الأيام الماضية. نقاش في أزمات الكهرباء والمياه والأدوية والصناعة والزراعة واللاجئين والفساد وسرقة المال العام. الملاحظات الجانبية وحدها التي بإمكانها أن تلفت النظر. كأن يجلس مثلاً وزير المهجرين غسان عطالله الذي أثار تعيينه حفيظة رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، جنباً إلى جنب مع النائب الاشتراكي هادي أبو الحسن ويتبادلان الحديث. أو يُرصد رئيس تكتل «لبنان القوي» وزير الخارجية جبران باسيل للمرة الأولى جالساً في مقاعد النواب. وللمرة الأولى أيضاً لم تكُن بين يديه مجموعة ملفات يتصفح أوراقها، بل ورقة ملاحظات صغيرة حملها وذهب بها إلى الرئيس الحريري متحدثاً إليه قبل أن يعود إلى مكانه.
من على باب المجلس النيابي استكمل النائب حسن فضل الله ما كان قد قاله خلال كلامه من على المنبر منذ يومين، معلناً قبل الجلسة: «أننا اطلعنا على مستندات ووثائق تدين رؤساء حكومات سابقين تؤدي بكثيرين إلى السجن ونريد من القضاء أن يتحمّل مسؤوليته». وأضاف: «حين تصلني هذه المستندات لن تبقى سراً، وسأكشفها للشعب اللبناني لأن من حقه أن يعرف أين هُدرت أمواله»، مؤكداً أن البلاد «أمام وضع خطير وحسّاس ومشكورة وزارة المالية لأنها أنجزت الحسابات».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
المجلس يمنح الثقة لحكومته بـ111 صوتاً.. وأولى المعارك مع الكهرباء!
إتجاه لعقد أول مجلس وزراء الثلاثاء.. وحزب الله يعتذر عن الإساءة لبشير الجميِّل
بعد ثلاثة أيام بنهاراتها ولياليها، وبعد 24 ساعة من الكلام فوق منبر ساحة النجمة، ومداخلات، وخلافات، واشتباكات كلامية وعنفية، أدلى بها 54 نائباً يمثلون كل الكتل الكبرى والصغرى الممثلة بالحكومة، ومطالعة التزم فيها الرئيس سعد الحريري بالشغل والعمل، لمكافحة الفساد وانعاش الاقتصاد ومعالجة قضية النازحين السوريين، منح المجلس حكومته الأولى، أو حكومة العهد الأولى أو الثانية ثقة بـ111 صوتاً، بينهم أصوات كتلة الوفاء للمقاومة التي تمنح الثقة لأول مرة لحكومة يشكلها الرئيس سعد الحريري أو الرئيس فؤاد السنيورة، فضلاً عن الامتناع عن منح الثقة أيام حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فيما امتنع حزب الكتائب بنوابه الثلاثة، وثلاثة نواب من المنفردين.
من احتفال الذكرى الـ14 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، وما اتسمت به المناسبة من روح ترفع، واعتدال سيطر على روحية كلمة الرئيس سعد الحريري، ووصفها الرئيس نبيه برّي بأنها كانت معتدلة وجيدة، ومتفهمة لكلمات النواب في جلسة منح الثقة، إلى الجلسة المشار إليها التي بدأت الثلاثاء الماضي بجلستين يومياً، واصر خلالها النواب الجدد على تقديم أنفسهم، بأبهى الصور وأجملها، لجمهورهم، من زاوية ان الكلام يتقدّم على الأفعال، خلافاً لتوجه الحكومة، التي انتخب لها رئيسها تسمية «الافعال لا الأقوال».
وفي اليوم الأخير لجلسات الثقة، اجتازت الحكومة الامتحان، ونالت ثقة المجلس، التي هي حكومته بـ111 صوتاً، في وقت تجاوز فيه الشارع ومواقع التواصل تبريداً على خلفية ما وصف باعتذار النائب محمّد رعد باسم كتلة الوفاء للمقاومة عمّا صدر عن لسان عضو الكتلة نواف الموسوي، على خلفية سجال مع النائب نديم الجميل، إيذاناً بالذهاب إلى العمل بدءاً من الأسبوع الأوّل.
عند الحادية عشرة وعشر دقائق ليلاً، رفع الرئيس نبيه برّي الجلسة، بعد منح الحكومة الثقة بـ111 صوتاً، وحجب الثقة من قبل 6 نواب، هم النواب: اسامة سعد، جميل السيّد، سامي الجميل، نديم الجميل، إلياس حنكش وبولا يعقوبيان، من أصل 117 نائباً حضروا الجلسة الختامية، وغياب 11 نائباً.
كانت كلمة الرئيس الحريري، الختامية التي طلب على أساسها الثقة تضمنت تعهداً بحل مشكلة الكهرباء وان يكون قراره العمل لحل المشكلات، داعياً إلى التعاون بين أعضاء الحكومة، فضلاً عن التعاون والمجلس النيابي.
إلى العمل
خرجت «حكومة إلى العمل» قبيل منتصف الليل بثقة قياسية، تجاوزت ما توقعته «اللواء» بصوت واحد، وان كانت غير مسبوقة في تاريخ تأليف الحكومات اللبنانية، إذ صوت 111 نائباً مع الثقة من أصل 117 نائباً حضروا الجلسة المسائية، فيما حجبها ستة نواب فقط باتوا معروفين.
وبهذه الثقة العالية التي خرجت بها الحكومة من جلسات مناقشة بيانها الوزاري، التي تواصلت على مدى ثلاثة أيام، وتحدث فيها 54 نائباً، بما مجمله 24 ساعة نقاش، بحسب الرئيس نبيه برّي، ستنصرف الحكومة مباشرة إلى العمل، بحسب الشعار الذي ارتضه، حيث كشفت مصادر وزارية لـ«اللواء» عن ان هناك اتجاهاً لعقد أوّل جلسة للحكومة يوم الثلاثاء المقبل، أي مباشرة بعد انتهاء العطلة الأسبوعية، الا ان المصادر لم تشأ الحديث عن عقد أكثر من جلسة في الأسبوع الطالع، مشيرة إلى ان ما من شيء نهائي في ما خص المواضيع التي ستدرج على جدول الأعمال.
وفهم من المصادر ان ثمة بنوداً مؤجلة من الحكومة السابقة وليس واضحاً ما إذا ستعود مجدداً إلى الحكومة الجديدة، مع العلم ان الحكومة مستعجلة لتنفيذ المشاريع الممولة من قبل مؤتمر «سيدر» وتنفيذ الانفاق الاستثماري في المؤتمر نفسه، وكذلك مناقشة وإقرار موازنة العام 2019.
وتوقعت المصادر ان توجه الحكومة، في أوّل جلسة تعقدها، تحية تقدير إلى القيادة السعودية على الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها واعلنها سفير المملكة في لبنان وليد بخاري برفع حظر سفر المواطنين السعوديين إلى لبنان، في إشارة إلى حرص المملكة على تعزيز العلاقات بين البلدين، وهو ما أكده الموفد الملكي المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا خلال الزيارة التي انهاها أمس.
ويترأس الرئيس الحريري بعد غد الاثنين، اجتماعاً يُشارك فيه ممثلون عن الصناديق العربية والدولية التي التزمت بمساعدة لبنان في مؤتمر «سيدر» في سياق برنامج معالجة الاقتصاد ومواجهة النزوح السوري ومكافحة الفساد، الذي أخذ حيزاً في مناقشات مجلس النواب، وفي البيان الوزاري أيضاً.
ولم تستبعد المصادر نفسها ان تحضر وقائع جلسات الثقة، في المواقف التي سيستهل بها عادة، كل من الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، في أوّل جلسة لمجلس الوزراء، وهي مواقف لن تكون بعيدة عن مضمون ردّ رئيس الحكومة على مداخلات النواب، والتي شدّد فيها على ان البرنامج الاستثماري لمؤتمر «سيدر» هو الفرصة الأخيرة للبنان، وانه برنامج لبناني مائة بالمائة لا علاقة له لا بالتوطين ولا بالنازحين السوريين، وان كان وجودهم زاد الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على اللبنانيين.
ووصف الرئيس الحريري في ردّ الحكومة على النواب الهدر في الكهرباء انه «أم المصائب»، لكنه لاحظ مبالغات في كلام النواب عن الهدر والفساد، مذكراً بما عانته البلاد وما دفعته خلال السنوات الماضية من أكلاف نتيجة حروب المنطقة والأزمات السياسية، وتعطيل للانتخابات النيابية ورئاسة الجمهورية وتأليف الحكومات، محذراً من انه إذا لم نتفق مع بعضنا فإن البلد سيفرط بين ايدينا، مؤكداً بأنه ليس من أحد من اللبنانيين أو النواب ضد قانون عصري حديث للمناقصات، أو مكننة الإدارة، أو إعادة هيكلة القطاع العام وتخفيض عجز الموازنة أو إعادة تأهيل البنى التحتية، لافتاً إلى اننا جميعاً شركاء، ومشدداً على ان سنة 2019 ستكون سنة إيجاد حل لمشكلة الكهرباء، وإذا لم نتمكن فسنكون جميعاً قد فشلنا الحكومة والمجلس والعهد.
وخالف الرئيس الحريري توجه بعض النواب إلى ضرورة خفض الفوائد على الودائع في المصارف، معتبراً ان هذا الأمر يجب ان يكون ضمن رزمة إصلاحات، والبداية ستكون من خلال معالجة عجز الكهرباء، ملاحظاً ان كل شيء بات معروفاً، ولا شيء مخبي، وان البلد شبع من المهاترات والمزايدات والتعطيل والتنظير، وهو يحتاج فقط إلى العمل، وهذا قراري، لكنه يتطلب تعاوناً بين الحكومة والمجلس.
وسبق ردّ الحريري توضيحان مطولان من وزير الاشغال العامة يوسف فنيانوس حول ما اثير من أرقام بالنسبة لاشغال الأملاك البحرية، ومن وزير المال علي حسن خليل الذي نفى ان تكون هناك أرقام مخفية لدى وزارته، وانه لم ينفق قرش واحد خارج إطار الموازنة والأصول القانونية، مؤكداً بأننا امام واقع مالي صعب لأسباب داخلية وخارجية، لافتاً إلى انه ستكون هناك قرارات جريئة لتخفيض عجز الموازنة بنسبة 1 في المئة، ثم عدد أرقام الدين العام رسمياً والذي بلغ بحسب خليل 85 مليار دولار أي بزيادة 7 في المئة عن العام الماضي.
جلسات الثقة
إلى ذلك، توقفت مصادر نيابية عند الرقم 111، إذ خرجت الحكومة عندالساعة 11.11 بثقة 111 نائباً، وغاب 11 نائباً، فيما كان لافتاً ان نواب «حزب الله» منحوا الحكومة الثقة للمرة الأولى منذ مشاركتهم في الحكومة، إذ كانوا عادة ما يمتنعون عن التصويت، الا انه لوحظ ان النائب نواف الموسوي غاب من ضمن النواب الـ11 عن الجلسة المسائية منعاً للاحراج نتيجة القرار الذي اتخذته كتلة الوفاء للمقاومة بما يشبه الاعتذار عن الجدال الذي اندلع بينه وبين نواب الكتائب و«القوات اللبنانية» على خلفية انتخاب الرئيس الراحل بشير الجميل، والذي كاد ان يتطور إلى إشكالات في الشارع، الا ان اتصالات عاجلة جرت بين النواب على هامش الجلسة، لاحتواء الموقف، أعلن بعدها رئيس الكتلة النائب محمّد رعد الذي طلب الكلام بالنظام، مؤكداً ان ما حصل من سجال غير مرغوب فيه انطوى على كلام مرفوض صدر عن زميل لنا نتيجة انفعال شخصي تجاوز الحدود المرسومة في تعبيرنا، وطلب رعد باسم الكتلة شطب ذلك من المحضر، ولقى هذا الموقف من قبل «حزب الله» اشادة واسعة من نواب مختلف الكتل، وترك صدى طيباً كان يمكن ان ينعكس على مجريات الجلسة، لولا اندلاع سجال آخر عالي النبرة استخدمت خلاله الكلمات النابية، بدأ أولاً بين النائبين جميل السيد وسامي فتفت، الذي كان اثار في كلمته موضوع التوقيفات منذ العام 1992، حيثما كان السيد مسؤولاً في الامن العام، فرد عليه السيّد واصفاً اياه «بالصوص»، وما لبث هذا السجال ان تطوّر، حيث تدخل فيه الرئيس الحريري ومعه الوزير جمال الجراح الذي كاد ان يشتبك بالايدي مع السيّد، لولا تدخل عدد من النواب للفصل بينهما.
في المقابل، لوحظ ان مداخلة النائب علي عمار والذي أكّد فيها ان ايدينا ممدودة للجميع وان مصيرنا واحد، فلنختلف في السياسة دون ان نبلغ حدّ التنازع أوحت أن «حزب الله» يتجه لانتهاج سياسة مختلفة عن السياسات السابقة وهذا الأمر في تقدير مصادر نيابية يُشكّل قوة دفع للحكومة في تحقيق أهدافها لا سيما الإصلاحية منها، خصوصا وان «حزب الله» يعتبر نفسه رأس حربة في عملية محاربة الفساد.
مؤتمر الجميل
وجاءت أيضاً لتهدئة الخطاب الآخر الذي عبر عنه رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، في افتتاح المؤتمر الكتائبي العام، مأخوذاً بالجدالات التي حفلت بها جلسات الثقة، والاوصاف التي أعطيت للرئيس الراحل بشير الجميل حيث اعتبر الجميل ان سيادة لبنان منتقصة اذ ان هناك سلاحا غير شرعي يجرّ لبنان الى صراعات غصبا عنه وأصبح يؤثر على انبثاق السلطة، مشددا على ان مقاومتنا ليست موجّهة ضد احد انما هدفها بناء لبنان.
واذ اكد ان لدينا رمز شهيد هو الرئيس بشير الجميّل الذي علّمنا قول الحقيقة والا نساوم عليها ولم يعلّمنا المواربة وان نغش الناس، توجّه الى من «يقول انه اوصل الرئيس عون الى رئاسة الجمهورية» فقال: «طالما انه لديكم رئيس تثقون به وحكومة تهندسونها وتقررون انبثاقها ومجلس نواب لكم اكثريّة فيه، فلماذا لا تسلّمون الرئيس عون سلاحكم؟»، مؤكدا ان لا شراكة عندما نُجبَر على التخلي عن السيادة.
وشدد الجميّل على اننا مستمرون بالدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله حتى لو كنا وحدنا، مشيرا الى ان احدا لن يقدر على اسكاتنا ولا التهويل سيؤثر علينا ولن نخاف.
ذكرى 14 شباط
وكان تيّار «المستقبل» أحيا الخميس الماضي الذكرى 14 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، في احتفال أقامه في مجمع «سي سايد ايرينا» في الواجهة البحرية لبيروت، تميز بحضور لافت للموفد الملكي السعودي المستشار نزار العلولا، إلى جانب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وعقيلته السيدة ستريدا، خلافاً للعام الماضي حيث ارسل ممثلاً عنه، كما كان لافتاً حضور جميع الوزراء باستثناء وزراء «حزب الله» و«اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين»، فيما غاب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي آثر زيارة ضريح الشهيد الحريري ووضع زهرة عليه.
وشدّد الرئيس الحريري في كلمته ان عام 2019 ستكون سنة العدالة التي ننتظرها لمعرفة الحقيقة، لكنه أوضح بأننا نريد الحقيقة من خلال الحكم الذي سيصدر عن المحكمة الدولية للعدالة وليس للانتقام.
وفي ردّ مباشر على اتهامه من قبل جنبلاط بالتخلي عن الطائف، قال الحريري: «نحن، حراس اتفاق الطائف، ولبنان ليس دولة تابعة لأي محور وليس ساحة لسباق التسلح في المنطقة وأي أمر آخر يكون وجهة نظر لا تُلزم الدولة ولا اللبنانيين، مشيرا الى انه والرئيسين عون وبري اتخذوا قراراً بتحويل مجلس الوزراء ومجلس النواب الى خلية عمل لأخذ البلد نحو فرصة إنقاذ حقيقية»، مؤكداً انه لن يسكت تجاه أي محاولة لتعطيل العمل وعرقلة برنامج الحكومة، ورأى انه أمامنا ورشة عمل كبيرة وبين أيدينا برنامج واضح له تمويل وآليات عمل واضحة فيها الشفافية والإصلاحات ولا مجال للهدر ولا لـ«حرامية الحصص وقناصي الفرص»، مشيرا الى ان الكلام عن أن البلد ذاهب لرهن نفسه لمزيد من الديون وأن الدولة تعرض نفسها للبيع خارجاً لا علاقة له بالاقتصاد وببرنامج الاستثمار وهو وكلام للتعطيل وللعرقلة.
واعتبر ان افضل ما يمكن تقديمه للنازحين هو اعادتهم لبلادهم بشكل طوعي والمطلوب من المجتمع الدولي خطوات فعلية في الملف.(راجع التفاصيل ص 2)