تبدو الموازنة في صحف اليوم، أنها حلبة صراع طبقي لنقل الثروة من فئة اجتماعية إلى أخرى. وصفت "الأخبار" مشروع الموازنة بعد "التعديلات"، بأنه "لا يقول شيئاً في الاقتصاد. مجرّد حسابات لا تحتاج إلى «سلطة سياسية» لإقرارها، بل مجموعة محاسبين يقصّون من النفقات، ولو كانت مجدية، ويزيدون الأعباء على المكلفين، ولو كانت مؤذية، بهدف تحقيق الأرقام التي تعهّدت بها الحكومة أمام مؤتمر «سيدر»". الأذى الضريبي الذي يسببه "الفريق السيدري"، حمل موظفي القطاع العام على إعلان الإضراب الشامل بعد غدٍ الإثنين، "مع تثبت النيات بـ«مدّ يد سيدر» على رواتب ومعاشات التقاعد" المخصصة لهم، بحسب "اللواء". يُضْرِب موظفو الدولة لمنع "السيدريين" من "المس بالرواتب والأجور والتقديمات الاجتماعية، بدلاً من التوجه الى مكامن التهرب الجمركي والضريبي لتعزيز الواردات"، حسبما قالت "البناء". يلاحظ المواطنون كيف أن تيار "السيدرية" في الحكومة، يستغل سلطته لينقل الثروة من الأجراء والموظفين إلى حسابات "حزب المصارف" المحلي ـ العالمي. يوم 9 نيسان الماضي، نشرت مجلة "الشهرية" تقريراً إحصائياً، يبين أن الأرباح الصافية للمصارف في لبنان، ارتفعت من 63 مليون دولار عام 1993 إلى 2,050 مليار دولار عام 2018. وأن إجمالي الأرباح بلغ 22,140 مليار دولار خلال 26 سنة. وبالطبع، مصدر الإحصاءات هو مصرف لبنان. إنه صراع طبقي ولا شك.
هيئة تحرير موقع الحقول
يوم السبت 18 أيار، 2019
اللواء
ولادة الموازنة متعسرة بين متاريس الحكومة ومتاريس النفايات!
تحذير قوي للحريري من ضياع «سيدر».. و«زلة لسان» الأسمر تحرّك القضاء
في الوقت الذي تتهيب فيه الطبقة السياسية تجرّع «الكأس المرة»، أي الإقتطاع او التجميد من الرواتب.. كشفت المناقشات الماراتونية، شبه اليومية، عن خلل، في عمل المؤسسات الدستورية، عبّر عنها على نحو تلميحي، ذي دلالات الرئيس سعد الحريري، الذي اعتبر ان «الممارسة السياسية تقدم أحياناً صورة مشوهة عن الشراكة» التي اعاد تجديد مفاهيمها اتفاق الطائف..
ووصف ما يجري من مناقشات وتسريبات ومناكفات في مجلس الوزراء بأنه تعطيل للسلطة التنفيذية «عندما يتحول مجلس الوزراء الى متاريس سياسية». محملاً المسؤولية للكل، يعني للكل، مؤكداً انه لا يمكن لأي «جهة على طاولة مجلس الوزراء ان تتنكر للقرارات التي تتخذ سواء بالتوافق أو بالتصويت».
والأخطر في كلام الحريري في مأدبة الافطار غروب امس في السراي الكبير تحذيره من ان القرارات الملحة في ما خص البرنامج المالي، المرتبط بـ«سيدر»، يشكل فرصة للبلد، ويحتاج الى قرارات جريئة، وسيكون بلا جدوى اذا قررنا تأجيل القرارات الملحة ستة اشهر او سنة والقرار بأيدينا وشركاؤنا في مؤتمر «سيدر» ينتظرون وعلينا ان نبادر.
بموازاة ضغوطات حركة الشارع الآخذة بالاتساع مع تثبت النيات بـ«مدّ يد سيدر» على رواتب ومعاشات التقاعد للموظفين في القطاع العام من مدنيين وعسكريين، في التعليم، او الادارة او القضاء، حتى الجمارك والعسكريين العاملين والمتقاعدين، الامر الذي دفع بخبراء ومحللين الى التساؤل حول تأثير الخلافات ليس فقط على العلاقة بين الدولة وموظفيها، بل ايضاً حول قدرة الحكومة الحالية على الاحتفاظ بالتماسك، في ظل احتدام الخلافات بين الفرقاء السياسيين.
الجلسة 14
واللافت ان مجلس الوزراء الذي استأنف امس درس مشروع موازنة العام 2019، في جلسة حملت الرقم التسلسلي 14، لم يصل بعد الى مقاربة الارقام في الموازنة الجديدة التي حملها وزير المال علي حسن خليل الى المجلس، ولم تقترب بشكل مباشر الى الملفات الحساسة، حيث اقتصر النقاش على ورقة وزير الخارجية جبران باسيل الذي كان قدمها الى المجلس بداية الاسبوع، وعكف على دراستها بنداً بنداً، مع العلم ان العديد من البنود والمقترحات المدرجة في الورقة تم التطرق اليها في وقت سابق، ما دفع عدداً من الوزراء الى اعتبار ما يجري بأنه نوع من المماطلة ما زالت تحكم جلسات مجلس الوزراء، بالرغم من بعض القرارات التي تتخذ سواء من صلب المشروع الاساسي للموازنة ام من خارجه، كذلك دفع الوزير خليل الى الاعراب عن استيائه من هذه المماطلة الناتجة عن طرح بعض البنود اكثر من مرة، او طرح مقترحات جديدة، وهو عبر عن ذلك بقوله للوزراء: «لقد اعدنا صياغة الموازنة والجداول اكثر من مرة، وهي باتت في صيغتها النهائية».
وانسحب هذا الاستياء من المماطلة على وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي و«القوات اللبنانية»، خاصة بعد استغراق المجلس مطولاً في تفاصيل ورقة باسيل، رغم ان الكثير من بنودها وارد في الموازنة.
وفي المعلومات انه ما زال امام المجلس مناقشة، الصفحة الاخيرة من تصور باسيل المكون من ست صفحات، على ان يكون ذلك في الجلسة التي تقرر عقدها ليل الاحد، قبل الانتقال لقراءة موازنة خليل الجديدة التي سلمها الى الامانة العامة لمجلس الوزراء امس على CD لتوزيعها على الوزراء الذين يفترض ان يعكفوا على دراستها اليوم، خلال فترة الاستراحة، بعدما اصبحت في حوزتهم، قبل بحثها في جلسة الغد، واذا استدعى الامر عقد جلسة اخرى ظهر الاثنين للمتابعة.
وتضاربت توقعات الوزراء بالنسبة لموعد الانتهاء من درس الموازنة، فبينما توقع عدد منهم ان تكون جلسة الاحد ختامية اشار عدد آخر الى ان الامر لا يزال يحتاج الى جلسات عدة لانجازها، قبل الدعوة لعقد جلسة الاقرار النهائية في قصر بعبدا، وشكك مصدر وزاري مطلع بإمكان الانتهاء من الموازنة غداً الاحد.
على ان الجديد الذي سجل في الجلسة امس، هو الاتفاق على ان يتخذ المجلس الاعلى للدفاع القرار في شأن التدبير رقم 3 الخاص بالعسكريين، وجاء هذا القرار نتيجة الاجتماع الذي عقد قبيل الجلسة بين الرئيس سعد الحريري ووزيري الدفاع الياس بوصعب والداخلية ريا الحسن، وهو تتمة للاجتماع الذي عقد بين الوزيرين امس الاول في الدفاع، والذي وضع الوزير بوصعب الرئيس ميشال عون في اجوائه قبل وصوله الى السراي، على ان يتخذ القرار بصيغته النهائية في مجلس الوزراء بموجب مرسوم مستقل عن الموازنة.
ومن الجديد ايضاً طرح موضوع تخفيض بدل النقل لموظفي القطاع العام من ثمانية آلاف ليرة الى ستة آلاف، الا انه لم يتخذ قرار نهائي في شأنه.
وعلمت «اللواء» ان التخفيضات في وزارة الدفاع شملت ما يعرف بقانون التجهيز والمحروقات والصيانة والدورات والاتصالات وبلغ الوفر فيها 443 مليار على ان الرئيس عون الذي التقى الوزير بوصعب كرر ان لا مس برواتب وتعويضات العسكريين. اما بالنسبة الى التدبير 1و2و 3 فيعود الى المجلس الأعلى للدفاع البت به ووفق توجيهات رئيس المجلس.
وقالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» انه لا يمكن الغاء هذا التدبير المتعلق بمهام أمنية. وكان مجلس الوزراء كلف الجيش بمهمة حفظ الأمن .
واعلن وزير الاعلام جمال الجراح بعد الجلسة: اتخذنا جملة اجراءات في ملف التهرب الضريبي والجمركي وتم تكليف وزارة الدفاع بوضع الية لمنع التهريب عبر المعابر غير الشرعية. واتخذنا قرارا بالزام البلديات أن تصرح عن الشركات والمؤسسات العاملة ضمن نطاقها لفرض الضريبة عليها وان يتم تصديق ميزانية الشركات والمؤسسات من وزارة المالية، وان تشمل الضريبة على القيمة المضافة الشركات التي يبلغ حجم اعمالها خمسين مليون ليرة بدل مائة مليون.
وكشف الجراح انه «تم طرح تخفيض بدل النقل لموظفي القطاع العام من 8 آلاف الى 6 آلاف ليرة». لكن علم انه تم طرح امكانية خفض بدل الانتقال ايضا للقطاع الخاص لكن لم يتخذ قرار بالموضوع كون القطاع الخاص لم يستفد من سلسلة الرتب والرواتب، على ان تكون الاجراءات بهذا الخصوص وغيره ضمن سلة واحدة.
الحريري في افطار السراي
أما الرئيس الحريري، فلم يشأ في الكلمة التي القاها خلال مأدبة الافطار التي اقامها في السراي الكبير، الدخول في نقاش حول مسار مناقشات مجلس الوزراء، في خصوص الموازنة، والحراك الحاصل في الشارع، لكنه عبر عما يمكن ان يوصف بالامتعاض مما اسماه «المزايدات والسباق في ميادين الاعلام». لافتاً الى ان هناك بياناً وزارياً جرى التوافق عليه فقرة فقرة، ولدينا برنامج توافقنا عليه وعرضناه في مؤتمر «سيدر»، وهو يشكل فرصة للبلد ويحتاج الي قرارات جريئة ولارادة من كل الشركاء لوقف النزيف الاداري والمالي. محذراً بأن ما «نتوصل اليه اليوم سيكون بلا جدوى اذا قررنا تأجيل القرارات الملحة ستة اشهر او سنة»، مؤكدا بأن «القرار بايدينا وشركاؤنا في مؤتمر «سيدر» ينتظرون، وعلينا ان نبادر».
واكد الحريري على ان اتفاق الطائف اعاد تجديد العمل بالمفاهيم الكاملة للشراكة، لكن الممارسة السياسية تقدم احيانا صورة مشوهة عن الشراكة ونحن نريد ترجمة الشراكة من خلال المؤسسات الدستورية وتحديدا على طاولة مجلس الوزراء الذي يتصدى بكل مسؤولية للاصلاح الاقتصادي والمالي ولاسباب الهدر في الانفاق العام. وشدد على ان طاولة مجلس الوزراء، محكومة بان تكون طاولة للحوار المسؤول والقرارات المسؤولة، وخط الدفاع الاول عن تطبيق القوانين وحماية حقوق اللبنانيين، لافتا الى انه «عندما يتحول مجلس الوزراء الى متاريس سياسية، على صورة العديد من التجارب السابقة، تتعطل السلطة التنفيذية وتتوقف الدولة عن العمل». وقال: «الكل في مجلس الوزراء مسؤول، يعني الكل مسؤول، وما من جهة على طاولة مجلس الوزراء تستطيع ان تتنكر للقرارات التي تتخذ، سواء بالتوافق او بالتصويت».
وكان الحريري استهل كلمته بالحديث عن وداع البطريرك الراحل نصر الله صفير، ووصفه ببطريرك لبنان والعرب وحارس السيادة الوطنية والعيش المشترك، واعاد الى الاذهان دور البطريرك صفير في انهاء الحرب الاهلية عبر اتفاق الطائف، وفي انتفاضة الاستقلال ومصالحة الجبل، وقال ان «الكلام عبر عن البطريرك الراحل في مناسبة رمضانية ليس مجرد تكريم لركن من اركان الشراكة الوطنية بل هو تعبير عن رسالة لبنان التي تجمعنا مسلمين ومسيحيين في حياة مشتركة ترعاها الدولة ومؤسساتها الشرعية».
اختتام التعازي
تجدر الاشارة الى ان البطريركية المارونية في بكركي اختتمت مساء امس تقبل التعازي برحيل البطريرك صفير، ووجه البطريرك الماروني بشارة الراعي شكره الى البابا فرنسيس والى رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة ورؤساء الدول والملوك والامراء، والى جميع القيادات الروحية ورجال الدين والوزراء والنواب والهيئات السياسية والديبلوماسية الروحية والقضائية والادارية والعسكرية والحزبية والنقابية والاجتماعية والاقتصادية والاعلامية ورؤساء البلديات والمخاتير والروابط والاتحادات والجمعيات، كما إلى الابرشيات والرهبانيات والمدارس والجمعيات والى جميع الذين قدموا التعازي مسيحيين ومسلمين، سواء في مشاركتهم صلاة الجناز ام بالحضور خلال ايام التعازي، ام بارسال البرقيات ومن نعاه عبر وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، والذين عملوا الى جانب البطريركية على اعداد المأتم المهيب له، سائلاً الله ان يغدق عليهم نعمه ويمدهم بالصحة مع عائلاتهم.
الى ذلك، كشفت مصادر مطلعة لـ«اللواء ان وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الذي التقى الرئيس عون على هامش تقديمه واجب العزاء بالبطريرك صفير استوضح مسار الاجراءات التي تتخذها الحكومة لوضع توصيات «سيدر» موضع التنفيذ مؤكدة انه اوحى بكلامه ان هناك انتظارا للأمور التي تمت الأشارة اليها في سيدر من دون ان يتم وضع موعد محدد او توقيت مستعجل من اجل «سيدر».
وعلم ان الرئيس عون اكد ان الحكومة بصدد انجاز الموازنة الأسبوع المقبل وتضم إصلاحات ونقاطا تؤدي الى ضبط الانفاق من دون اي هدر وتساعد على تعزيز قطاعات الانتاج.
وافادت انهما أجريا جولة افق تناولت التطورات الأقليمية والوضع في سوريا، واكد الوزير الفرنسي بإسم الرئيس ماكرون وقوف بلاده الى جانب لبنان ودعمه في كل المجالات.
وعلمت «اللواء» من جهة ثانية ان زيارة الرئيس الفرنسي الى بيروت لا تزال قائمة في جدول اعماله.
الحراك الى الشارع
وقبل ان تعود الحكومة الى درس الموازنة في السراي، عادت القطاعات النقابية والعمالية والموظفون والمتقاعدون العسكريون الى الشارع، رفضاً للمس بحقوقهم ومكتسباتهم، واعلنت هيئة التنسيق النقابية الاضراب المفتوح وصولاً لكافة اشكال التصعيد وتعطيل الادارات والمؤسسات العامة ومقاطعة الامتحانات الرسمية والمدرسية، في حال اي مس بحق من الحقوق»، ودعت كل الاساتذة والمعلمين والموظفين الى الاضراب العام الشامل يوم الاثنين المقبل في 20 الحالي، والاعتصام عند الثالثة عصرا في ساحة رياض الصلح، «دفاعا عن الحقوق والمكتسبات».
وكذلك دعا نقيب المعلمين في المدارس الخاصة الى الاضراب والتظاهر الاثنين المقبل، في وقت نفذ فيه الموظفون في الادارات العامة اضراباً شمل مختلف المناطق ملوحين بالاضراب المفتوح في حال تم اقرار الاقتراحات التي تسعى الى قضم الحقوق.
بينما نصب العسكريون المتقاعدون خيمة في ساحة رياض الصلح اطلقوا عليها اسم «خيمة شهداء الوطن» ورفعوا لافتات كتب عليها «حقوق العسكر خط احمر»، ووزع المعتصمون بياناً شددوا فيه على رفض فرض ضرائب او اقتطاع ليرة واحدة من رواتب العسكريين المتقاعدين او العسكريين في الخدمة الفعلية».
اما القضاة الذين عقدوا جمعية عامة في محكمة التمييز في قصر عدل بيروت، بناء على دعوة مجلس القضاء الاعلى، فلم يصدر عنهم اي قرار بتعليق الاعتكاف او توقيفه ما يؤكد استمرار القضاة في الاعتكاف.
واكتفى بيان مجلس القضاء بأنه وضع القضاة بما آلت اليه، نتائج الاتصالات بخصوص ما هو متعلق باستقلال القضاء وصندوق التعاضد. واعلمهم انه جرى ادخال التعديل اللازم على مشروع قانون الموازنة بما يمكن صندوق التعاضد من المحافظة على الامان الاجتماعي للقضاة وعائلاتهم.. وجرت دعوة القضاة الى تحمل مسؤولياتهم وعدم تحميل المتقاعدين اعباء اضافية في هذه المرحلة الصعبة التي يمر فيها لبنان.
ومن جهته، ناشد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر الرؤساء والثلاثة التدخل السريع لانهاء الوضع المستجد، آملاً في «صحوة ضمير من الحكومة والوزراء».
واعلن في مؤتمر صحافي عقده في مقر الاتحاد حول مناقشات الموازنة ان «الاتحاد لن يتوانى عن اتخاذ كل الخطوات الضرورية الضاغطة من الاضراب الوطني المتدرج وصولاً الى الاضراب الشامل والاعتصامات والتحركات الشعبية اذا لزم الامر».
يشار الى ان مواقع التواصل الاجتماعي تناقلت امس كلاماً للاسمر وصف بأنه مهين بحق البطريرك صفير، فيما اعتبره رئيس الاتحاد العمالي بأنه «زلة لسان» واضعاً اعتذاره بتصرف البطريرك الراعي، لكن الاعتذار لم يكن كافياً، حيث اعلن وزير العدل البرت سرحان عن تحرك النيابة العامة التي كلفت قسم المباحث الجنائية مباشرة التحقيق ليبنى على الشيء مقتضاه، علماً ان مؤسسات مارونية عدة استهجنت كلام الاسمر وطالبت بتوقيفه او باستقالته او اقالته من الاتحاد (راجع تفاصيل ص3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
الدفاعات الجوية السورية تتصدّى لصواريخ إسرائيلية من الجولان المحتل فوق ريف دمشق
ترامب يتحدّث عن نيات تهدئة تمهيداً للتفاوض مع إيران عبر وسطاء
الحكومة تلملم أجزاء الموازنة المتفرقة إلى الأحد وتناقش ورقة باسيل
مع فشل التصعيد في مجلس الأمن بوجه سورية لتوفير الحماية للجماعات الإرهابية، والفشل الأميركي في دفع إيران لتقديم تنازلات تحت ضغط التهديدات والعقوبات والتلويح الأميركي بالحرب عبر الحشود العسكرية، وانقلاب المشهد الخليجي عكسياً بعد التطورات التي حملتها الهجمات على الناقلات والمنشآت النفطية، قام الإسرائيليون بإطلاق مجموعة صواريخ من الأراضي المحتلة في الجولان باتجاه ريف دمشق الجنوبي قالت المصادر العسكرية السورية إن الدفاعات الجوية السورية أسقطت أغلبها، دون أن تترتب على الصواريخ إصابات بشرية، وتأتي العملية الإسرائيلية، وفقاً لمصادر متابعة بلا أهداف عسكرية معينة كما الحال غالباً بالنسبة للاعتداءات السابقة، بل لجذب الأنظار عن عناوين الفشل الأميركي الإسرائيلي في المواجهات المتعددة الممتدة من إدلب إلى الخليج إلى غزة.
في المواجهة الأميركية الإيرانية واصلت إيران تحقيق النقاط وسط تراجع أميركي واضح عن التلويح بالخيار العسكري، وتواصلت الإشارات التي تنقل تسريبات من البيت الأبيض للصحف الأميركية عن نيات تهدئة يقف وراءها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي نقلت عنه النيويورك تايمز إنزعاجه من مناخات التصعيد التي أشاعها مستشاره للأمن القومي جون بولتون، ونيته إيصال رسائل لإيران لدعوتها لمفاوضات غير مباشرة عبر وسطاء، رجحت مصادر مطلعة ان تكون موسكو، بعدما كانت زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى سوتشي ولقاؤه بوزير خارجية روسيا سيرغي لافروف وتالياً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ناقلاً في تصريحاته انطباعات إيجابية عن إمكانية لعب موسكو دوراً في التهدئة مع إيران وفي معالجة الملفات المتأزمة في فنزويلا وكوريا الشمالية.
في إيران سير بالاتجاهين معاً، استعداد متواصل لأي فرضية مواجهة مقبلة، واستعداد موازٍ لمساعي الوساطة سعياً للتهدئة، وعلى الطاولة وضوح في الرؤية لما تريده إيران بداية لجهة ضمان حصة نفطية مناسبة مع آليات مالية لتحويل عائداتها، يتم بعدها البحث في فرضيات أخرى من نوع البحث عن الخيارات التفاوضية، أما في مهلة الستين يوماً التي حددتها إيران لأطراف الاتفاق النووي في روسيا والصين واوروبا، فالمطلوب شيء واحد وهو الإيفاء بالالتزامات التي تترتب على موقعي التفاهم، خصوصاً ضمان العائدات المستحقة لإيران من التفاهم ليتم تثبيت بقائه من جانب إيران والبحث تحت سقفه بالأمور الأخرى، وإلا فعندما تنتهي المهلة ولا تحصل إيران على مطالبها فسيسقط الاتفاق ويسقط معه السقف الذي يفترض أنه مظلة اي تفاوض يجري الحديث عنه.
لبنانياً، بدت جلسة الحكومة موزعة بين شقين، شق يتصل بلملمة شظايا الموازنة، ومحاولة تجميعها بالأرقام تمهيداً لمواصلة العمل عليها في جلسة الأحد، أملاً بإنهائها الإثنين والمصادقة عليها الثلاثاء لإرسالها إلى المجلس النيابي، بينما كان الشق الثاني من النقاش مخصصاً لأوراق قدمها وزير الخارجية جبران باسيل.
لم يستعرض مجلس الوزراء أرقام الموازنة التي أعدّها وزير المال علي حسن خليل، بل ناقش أغلب البنود الواردة في ورقة وزير الخارجية جبران باسيل على أن تتم مناقشة ورقة وزير المال في جلسة تعقد مساء غد الاحد عند الساعة التاسعة والنصف في السراي وسط توقعات وزارية أن تكون جلسة الاثنين الاخيرة في السراي لتعقد بعدها جلسة الثلاثاء في بعبدا لإقرار الموازنة وإحالتها الى المجلس النيابي.
وبحسب مصادر وزارية، فإن سجالاً حصل في الجلسة، أبدى خلاله وزير المال علي حسن خليل انزعاجه من المماطلة في إقرار الموازنة. ولفتت المصادر إلى أن النقاط التي أرجئت باقتراحات باسيل تتعلق بالاقتصاد والميزان التجاري وضريبة التبغ والتنباك، في حين أن مادة أضيفت لمشروع الموازنة تتعلق بخفض مكافآت الموظفين بنسبة 70 بالمئة بعدما كانت 40 بالمئة، مع إشارة المصادر لـ»البناء» إلى أن الوزراء لم يطلعوا على الأرقام التي قدمها وزير المال وربما تتغير هذه الأرقام في كل لحظة تجري خلالها إضافة بنود أو إجراءات على مشروع الموازنة.
وأشارت المعلومات إلى أن « مجلس الوزراء قرر إقفال أندية الميسر التي تنافس كازينو لبنان، لأنها تجذب اللاعبين من أمام الكازينو وتحرم خزينة الكازينو من الأموال، في حين أن موضوع زيادة 2 و3 في المئة على البضائع المستوردة لم يقر في الجلسة»، لأنه يحتاج الى درس في ظل وجود اتفاقات دولية تجول دون فرض ضرائب.
وأعلن وزير الاعلام جمال الجراح أنه تم اتخاذ جملة إجراءات بملف التهرب الجمركي وتم تكليف وزارة الدفاع بمنع التهريب عبر المعابر غير الشرعية، لافتا إلى أنه تم أيضاً اتخاذ قرارات تتعلق بضبط الانفاق والتهرب الضريبي. وأكد أنه تم اتخاذ قرار بإلزام البلديات أن تصرح لوزارة المال عن المؤسسات في نطاقها البلدي لمنع التهرب الضريبي، كاشفاً أنه تم طرح تخفيض بدل النقل لموظفي القطاع العام من 8 آلاف الى 6 آلاف ليرة.
وبينما أوحى كلام وزير الخارجية أننا سنحتاج إلى الاسبوع المقبل للانتهاء من الموازنة، وأشار باسيل بعيد الجلسة إلى أن «النقاش كان ايجابياً وللمرة الأولى ندخل في الملفات الساخنة، مشيراً إلى أننا لم نبحث فقط في بنود الموازنة بل مواضيع تتعلق بالتهرب الضريبي والفساد وهنا يظهر عمق الازمة». وفيما خص معاشات التقاعد، أوضح باسيل أن هناك حالات فاضحة في معاشات التقاعد ومكلفة على خزينة الدولة ويجب توقيفها، موضحاً أنه لم يشمل كل المستفيدين من المعاشات والتعويضات العائلية بل تحدث عن حالات معينة.
وكان باسيل اقترح بحسب المعلومات تخفيض أسعار تذكرة سفر خطوط الشرق الأوسط الجوية بنسبة 30 بالمئة لأن سعرها مرتفع. ورأى باسيل أن «ذلك سيشجع السياح على السفر الى لبنان ما يساهم في الحركة السياحية». كما طالب بأن يعود مردود عدد من أنشطة المطار الى خزينة الدولة وليس الى طيران الشرق الأوسط.
ونفى وزير الدفاع الياس بوصعب كل ما يثار في الإعلام والصحافة حول خلافه مع رئيس التيار الوطني الحر في موضوع العسكريين، موضحاً أن «باسيل يعمل على بنود أخرى في الموازنة وأنا على تنسيق دائم معه وهو ايضاً لم يرض الاستفراد بالعسكريين والمس بحقوقهم». أما في ما خص التدبير رقم 3 فأشار وزير الدفاع الى أن رئيس الحكومة أبلغ الوزراء أن هذا الموضوع سيبحث في جلسة مجلس الدفاع في بعبدا.
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اطّلع من بو صعب قبل الجلسة على نتائج الاجتماع الذي عُقد ليل أول أمس في اليرزة مع وزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن، لدرس الإجراءات الواجب اعتمادها في مشروع الموازنة، في ما يتعلّق بتطبيق تدابير الاستنفار 1 و2 و3 في الجيش والمؤسسات الأمنية.
وقال نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني لـ»البناء» «إننا لم نصل الى النتيجة المرجوة حتى الآن في مسألة تخفيض العجز في الموازنة لجهة تعزيز الإيرادات لا سيما في المرفأ وغيرها من مواقع الهدر والتهرب الجمركي والضريبي فلا يكفي فقط تخفيض الانفاق، لافتاً الى أننا نسأل في الجلسة عن سبب الإصرار على المس بالرواتب والأجور والتقديمات الاجتماعية قبل التوجه الى مكامن التهرب لتعزيز الواردات ولا نلقى جواباً».
وتحدّثت مصادر وزارية لـ»البناء» عن هدر كبير جراء التهرب الضريبي إن كان عبر المطار أو المرفأ أو الحدود الشمالية والشرقية، كاشفة عن «155 معبراً غير شرعي على الحدود يجري تمرير جميع أنواع البضائع المستوردة من دول عدة الى الداخل اللبناني ومن دون جمرك»، مشيرة الى أن المجلس بصدد «اتخاذ اجراءات حاسمة في هذا الموضوع». كما لفتت المصادر الى توجه حكومي لإشراك المصارف بتخفيض كلفة العجز في الموازنة وفي الدين العام عبر إجراءات يتفق عليها بين وزير المال وحاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف من خارج الموازنة».
وقال وزير التربية أكرم شهيب لـ»البناء» إننا «للمرة الاولى نعمل على موازنة اصلاحية في ظل حكومة مكونة من كتل نيابية عدة ومن مختلف التيارات والرؤى الاقتصادية والسياسية لذلك ما أنجزه مجلس الوزراء حتى الآن إيجابي».
وأوضح شهيب أن «المجلس يناقش كل المواضيع المتعلقة بمكافحة التهرب الضريبي والجمركي والهدر في الادارات العام وسيتخذ إجراءات في هذا الخصوص عن طريق الموازنة او من خارجها. كما أوضح الى أن تخفيض رواتب السلطات العامة غير مطروح بل تخفيض التعويضات والتقديمات»، وفي مجال آخر اوضح شهيب أنه «لا يمكن قانونياً الفصل بين أساتذة التعليم الرسمي والخاص لجهة الرواتب».
وأكّد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أنّه عندما يتحول مجلس الوزراء الى متاريس سياسية، تتعطل السلطة التنفيذية وتتوقف الدولة عن العمل، مشيرًا إلى أنّ الكل في مجلس الوزراء مسؤول، وما من جهة على طاولة مجلس الوزراء تستطيع ان تتنكر للقرارات التي تتخذ، سواء بالتوافق او بالتصويت.
وشدّد في كلمة له خلال الافطار الرمضاني السنوي الذي أقامه في السراي الحكومي على أنّ الدستور هو الذي يحكم مسار الامور ومسار النقاش.
وقال: «نحن نريد ترجمة الشراكة من خلال المؤسسات الدستورية، وتحديداً على طاولة مجلس الوزراء، الذي يتصدى في هذه المرحلة، بكل مسؤولية للإصلاح الاقتصادي والمالي ولأسباب الهدر في الانفاق العام».
ولفت إلى أنّ هناك بيانًا وزاريًا جرى التوافق عليه، فقرة فقرة، والمسؤولية توجب ترجمة البيان في السياسات العامة للدولة وفي البرنامج المالي والإصلاحي والاقتصادي.
إلى ذلك، عادت القطاعات النقابية والعمالية والمتقاعدون الى الشارع. ودعت هيئة التنسيق النقابية إلى الاضراب العام الشامل الاثنين المقبل والاعتصام عند الساعة 3 في ساحة رياض الصلح دفاعاً عن الحقوق والمكتسبات. وأكدت أن الرواتب والتقديمات الاجتماعية ومن ضمنها المنح التعليمية وبدلات النقل خط أحمر لا تراجع عن اي جزء منها. وأشارت إلى أن معاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة معفاة من الضرائب لكونها تراكمت من الاشتراكات والحسومات على الرواتب والاقتطاع منها مرفوض قانوناً.
وأعلن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أن الاتحاد «لن يتوانى عن اتخاذ كل الخطوات الضرورية الضاغطة من الإضراب الوطني العام المتدرّج وصولاً إلى الإضراب الشامل والاعتصامات والتحركات الشعبية إذا لزم الأمر». وناشد الرؤساء الثلاثة «التدخل السريع لإنهاء الوضع المستجد،»، آملاً في «صحوة ضمير من الحكومة والوزراء ومجلس النواب».
ونفذ الموظفون في مختلف المناطق إضراباً عاماً تنفيذاً لدعوة الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الادارة العامة إلى الإضراب رفضاً للاقتراحات التي تسعى إلى قضم مخصصاتهم وحقوقهم، معلنين التوجه نحو إضراب مفتوح قد لا ينتهي».
الى ذلك يستمرّ القضاة في اعتكافهم، حيث لم يصدر عن اجتماع قضاة لبنان في محكمة التمييز في قصر عدل بيروت أي قرار بتعليق الاعتكاف أو توقيفه.
وفي ساحة رياض الصلح، اعتصم الضباط والعسكريون المتقاعدون، حيث نصبوا خيمة أطلقوا عليها اسم «خيمة شهداء الوطن» ورفعوا لافتات كتب عليها «حقوق العسكر خط أحمر». ووزّع المعتصمون بياناً شددوا فيه على «رفض فرض ضرائب أو اقتطاع ليرة واحدة من رواتب العسكريين المتقاعدين او العسكريين في الخدمة الفعلية».
على خط آخر، أكد الموفد الشخصي لأمير دولة قطر، وزير الدولة حمد بن عبد العزيز الكواري خلال جولته على المسؤولين أن للبنان مكانة كبيرة لدى قيادة بلاده على حد سواء، مشدداً على أنها إذا وعدت وفت. وأعرب رئيس الجمهورية خلال لقائه الكواري عن أمله في أن تشهد الأشهر المقبلة عودة للمواطنين القطريين إلى الربوع اللبنانية لتمضية عطلة الصيف، مشيراً الى ان الحجوزات في الفنادق والمؤسسات السياحية تؤشر الى موسم اصطياف واعد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
موازنة «سنيورية» بامتـياز
مشروع منقّح يدرسه مجلس الوزراء… بلا رؤية اقتصادية
تكاد تنقضي المهلة التي منحها مجلس النواب لمجلس الوزراء، ولنفسه، لإقرار الموازنة، ولا تزال الحكومة عاجزة عن تقديم مشروع موازنة جدي. يكفي لإظهار انعدام الرؤية أن مشروع قانون الموازنة الذي أحاله وزير المال علي حسن خليل على مجلس الوزراء قبل أسابيع كان يتضمّن 62 مادة قانونية، فإذا بالنسخة المنقحة التي قدّمها خليل نفسه أمس، تضم 82 مادة! خليل عبّر عن غضبه في جلسة مجلس الوزراء أمس. طالبه الوزير ريشار قيومجيان بنسخة جديدة من مشروع الموازنة، فقال وزير المال: لا يجوز أن نعدّ مشروع الموازنة أكثر من مرة. هذا أمر يحتاج إلى وقت طويل. بعض زملائه رأوا في «غضبته» هذه امتعاضاً من ورقة زميله، وزير الخارجية جبران باسيل، التي «هبطت» على طاولة النقاش بعد أكثر من 12 جلسة حكومية. لكن خليل أعطى نسخة منقّحة من المشروع إلى الأمين العام لمجلس الوزراء، الذي أرسلها، بعد الجلسة، إلى الوزراء الذين تعهّدوا بعدم تسريبها. حصلت «الأخبار» على نسخة من المشروع الجديد، فإذا به كالنسخة الأولى، لا يقول شيئاً في الاقتصاد. هي مجرّد حسابات لا تحتاج إلى «سلطة سياسية» لإقرارها، بل مجموعة محاسبين يقصّون من النفقات، ولو كانت مجدية، ويزيدون الأعباء على المكلفين، ولو كانت مؤذية، بهدف تحقيق الأرقام التي تعهّدت بها الحكومة أمام مؤتمر «سيدر». يكفي أيضاً للتدليل على انعدام الرؤية الاقتصادية أحد البنود في ورقة باسيل الذي تحوّل في الأيام الماضية إلى وزير مالية ظل، إنما داخل مجلس الوزراء. هذا البند (لم يتم التوافق عليه)، يقترح فرض رسوم باهظة على العامل الأجنبي، في حال كان أفراد عائلته يعيشون في لبنان، لتشجيعهم على المغادرة. ويعني ذلك أن هذا العامل سيرسل الجزء الأكبر من دخله إلى عائلته خارج لبنان، بدلاً من إنفاقه في لبنان في حال كانت عائلته تعيش معه. يقترح باسيل ذلك، فيما البلاد تعاني من نزف في العملة الأجنبية، نتيجة الاستيراد وانخفاض تحويل الأموال إلى لبنان.
الخلاصة الرئيسية التي يمكن الخروج بها بعد الاطلاع على المشروع الجديد للموازنة، أن الأقوى حضوراً داخل مجلس الوزراء، ليس سوى الرئيس الأسبق للحكومة، فؤاد السنيورة. وبصرف النظر عن نظرة الخبراء لمشاريعه، إلا أن مقترحات السنيورة، وزيراً للمال ورئيساً للحكومة، التي كان «الرأي العام» يبغضه بسببها، كانت الحاضر الأبرز في النقاشات، وفي البنود التي جرى تبنّيها: تمجيد للتقشف، وعداء للقطاع العام، وحرص مبالغ فيه على المستفيدين الكبار من النموذج الاقتصادي المعمول به في لبنان.
إذاً، بعد كل الجلسات التي عقدها مجلس الوزراء، قدّم وزير المال نسخة منقّحة من مشروع موازنة عام 2019، يتضمن التعديلات التي جرى التوافق عليها. المفارقة أن انعكاس كل ذلك على الأرقام كان محدوداً جداً، إذ ارتفعت قيمة النفقات في النسخة الجديدة نحو 37 مليار ليرة من 23 ألفاً و617 ملياراً إلى 23 ألفاً و654 مليار ليرة، في حين ارتفعت الإيرادات بقيمة أكبر بلغت 621 مليار ليرة، من 18 ألفاً و265 ملياراً إلى 18 ألفاً و886 مليار ليرة.
احتفظ المشروع المنقّح بأكثرية المواد الواردة في المشروع الأصلي، مع تعديلات طفيفة عليها وإضافة مواد جديدة، بعضها تجرى محاولة إمرارها منذ سنوات طويلة، كخفض الضريبة المفروضة على إعادة تقويم الأصول الثابتة والعقارات من 10% إلى 3% و2%. وكذلك التعديلات على نظام التقاعد والمبالغة في زيادة رسوم إجازات العمل للأجانب الى مستويات مرهقة ستزيد البؤس الذي يعيشون فيه.
تجدر الإشارة الى أن المشروع المنقّح ليس النسخة الأخيرة، اذ لا يزال النقاش مستمراً في مجلس الوزراء وخارجه للتوافق على المزيد من الإجراءات الضريبية (مثل فرض رسم جمركي على المستوردات) أو التي تطاول الأجور (مثل خفض بدل النقل اليومي من 8 آلاف ليرة الى 6 آلاف ليرة، وكذلك المنح التعليمية ووضع قواعد جديدة لتطبيع التدبير الرقم 3 في الأسلاك الأمنية والعسكرية وزيادة الحسومات التقاعدية من 6% إلى 9%).
يمكن إيجاز أبرز ما تضمنه المشروع المنقّح، على الشكل الآتي:
الرواتب والملحقات ونظام التقاعد
ـ إخضاع معاشات التقاعد لضريبة الدخل على الرواتب والأجور، ما عدا تعويضات نهاية الخدمة من صندوق الضمان وتعويضات الصرف التعسفي.
ـ تجميد طلبات الإحالة الى التقاعد لمدة 3 سنوات، ما عدا السلك القضائي وبلوغ السن القانونية. وإذا أصر صاحب الطلب يتمّ حسم 25% من حقوقه التقاعدية.
ـ اقتطاع 3% من رواتب ومعاشات تقاعد العسكريين للطبابة والاستشفاء والتقديمات الاجتماعية.
ـ باستثناء حالة الاستشهاد المحددة في قانون الدفاع الوطني، لا يجوز الجمع بين معاش تقاعدي وأي مخصصات من المال العام، وفي هذه الحالة يستحق الأعلى.
ـ رفع سنوات الخدمة قبل التقاعد في السلك العسكري من 18 سنة الى 23 سنة للأفراد والرتباء، ومن 20 الى 25 سنة للضباط، ومن 15 سنة الى 18 سنة لضباط الاختصاص. أمّا في السلك الإداري، فمن 20 سنة الى 25 سنة للموظفين كافة، مع مراعاة الأحكام الخاصة بالمرأة وأوضاع موظفي الفئة الأولى الذين يدخلون الوظيفة العامة في سنّ لا يسمح لهم بالاستمرار بالخدمة لمدة 25 سنة.
ـ تحديد حد أقصى لمجموع التعويضات وملحقات الراتب بنسبة 75% من الرواتب الأساسية خلال سنة مالية واحدة.
ـ تخفيض الإجازة السنوية من 20 يوماً الى 15 يوماً، على أن يضاف يوم كل 5 سنوات من الخدمة الفعلية، ما عدا العطل المدرسية والقضائية.
ـ وقف العمل بتوزيع أنصبة الأرباح والرواتب الإضافية، ما عدا الراتب الثالث عشر والرابع عشر في المؤسسات العامة الاستثمارية.
ـ تخفيض قيمة مساهمة الدولة عن كل تلميذ مسجل في المدارس الخاصة المجانية.
التعديلات الضريبية والإعفاءات والحوافز للقطاع الخاص
ـ رفع الضريبة على ربح الفوائد من 7% الى 10%.
ـ زيادة شطر على الرواتب والأجور وأرباح المهن الصناعية والتجارية وغير التجارية يفوق 225 مليون ليرة، وفرض معدّل ضريبة عليه بنسبة 25%، بدلاً من 20%.
ـ خفض رقم الأعمال للمكلفين بالضريبة على القيمة المضافة من 100 مليون الى 50 مليون ليرة.
ـ إلغاء الإعفاءات من الرسوم الجمركية، ما عدا لبعض الفئات والسلع، منها السيارات الجديدة الهجينة أو العاملة على الكهرباء.
ـ تعديل بعض الرسوم التي يستوفيها الأمن العام.
ـ تعديل رسوم السير وتحويل حصيلة غرامات السير المستوفاة بموجب طوابع مالية الى الخزينة. أمّا الغرامات المستوفاة بموجب أحكام قضائية فتوزّع بين الخزينة وصندوق تعاضد القضاة وصندوق المساعدين القضائيين على مدى سنتين، على أن تحوّل اعتباراً من السنة الثالثة الى الخزينة كلها.
ـ تنظيم بيع الأرقام المميزة وفرض رسوم عليها.
ـ فرض رسم مقابل إشغال غرفة في فندق أو شقة مفروشة عن كل ليلة.
ـ زيادة رسوم إجازات العمل من مليون الى 3 ملايين ليرة للفئة الأولى، ومن مليون الى مليوني ليرة للفئة الثانية، ومن 300 ألف الى مليون ليرة للفئة الثالثة ومن 50 ألفاً الى 300 ألف ليرة للفئة الرابعة، وزيادة رسم تصديق نظام داخلي للشركات وتصديق دوام العمل في الشركات الى 100 ألف ليرة.
ـ إعفاء المؤسسات العامة والقطاع الخاص من الغرامات بنسبة 85% على الضرائب والرسوم البلدية ورسوم الميكانيك والسير واشتراكات الضمان الاجتماعي.
ـ خفض الضريبة على إعادة تقويم استثنائية للأصول الثابتة الى 3%، وعلى العقارات إلى 2%.
ـ خفض رسم التسجيل العقاري للذين بحوزتهم عقود بيع أو وكالات غير قابلة للعزل منظمة لدى الكاتب العدل، ليصبح 2% للشطر تحت 375 مليون ليرة و3% للشطر الذي يزيد على 375 مليون ليرة، شرط أن يسجّلوا عقاراتهم قبل نهاية هذا العام.
ـ خفض رسوم السير وتسجيل الدراجات النارية الصغيرة.
ـ تمديد مهل التراخيص المتعلقة بتملك الأجانب لمدة 3 سنوات. بعدها يتم فرض غرامة سنوية تراكمية بنسبة 2% من قيمة العقد في حال عدم المباشرة بتشييد البناء.
ـ إعطاء حوافز وإعفاءات وتخفيضات ضريبية للمشاريع الاستثمارية القائمة في لبنان التي تقوم بالتوسيع وإجراء توظيفات جديدة.
ـ تتحمل الدولة تسديد الاشتراكات للضمان، لمدة سنتين، عن الأجراء اللبنانيين الذين يتم استخدامهم من تاريخ نفاذ القانون حتى آخر سنة 2021، بشرط أن يكونوا يعملون لأول مرّة أو عاطلين من العمل أو تركوا العمل قبل 6 أشهر من نفاذ هذا القانون، على ألا تزيد قيمة الأجر على 18 مليون ليرة سنوياً.
ـ تكليف المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات تسديد كامل الاشتراكات للضمان عن العمالة الماهرة اللبنانية التي يتم استخدامها في وظائف جديدة في قطاعَي التكنولوجيا والمعلوماتية والاتصالات، وذلك لمدّة سنتين.
ـ إخضاع الإنفاق على دعم فوائد القروض الاستثمارية للأصول المنصوص عليها في قانون المحاسبة العمومية، أمّا القروض المدعومة من مصرف لبنان فيعود لمجلس الوزراء تحديد الأولويات القطاعية، بعد استطلاع رأي حاكم مصرف لبنان.