خاص ـ الحقول / يستمر التحقيق في لغز الهجوم الإرهابي الذي تعرض له مطار دوموديدوفو بموسكو، وراح ضحيته 35 قتيلا وجرح 120 آخرين. ووفقا لمتحدث باسم “هيئة التحقيق والادعاء” في روسيا، فإن إرهابيا انتحاريا من سكان أحد الأقاليم القوقازية، قد أزهق أو آذى هذه النفوس البريئة.
وتحظى مواقف التضامن العربية والأجنبية مع روسيا، استنكارا للإعتداء الإرهابي في مطار موسكو، بأهمية كبيرة، بلا ريب. لكنها تبقى أقل إثارة للإهتمام من الإدانة القاطعة التي أصدرها حزب الله اللبناني بحق مرتكبي هذه الجريمة.
فالحزب، وهو حركة مقاومة إسلامية ضد الصهيونية تحظى باحترام وإجلال شعوب العرب والمسلمين، يطلق إدانة سياسية، و”إسلامية” بلا مراء، لفعلة الإرهابي القوقازي وأعوانه القتلة، الذين يزرعون الخراب تحت مسمى “إمارة القوقاز الإسلامية”.
وتأتي هذه الإدانة “الإسلامية” للجريمة، بعد وقت قصير على الفتوى ـ الإدانة التي نشرها الفقيه العربي البارز الشيخ يوسف القرضاوي حول أعمال الإرهاب في الشيشان. وبقدر ما تحبط هذه المواقف السياسية والفقهية “الإسلامية”، ادعاء الإرهابيين بأنهم يعملون للإسلام، فإنها تفرض طرح السؤال التالي :
من يقف وراء هذه العناصر والجماعات الإرهابية التي تشوه مضمون الدين الحنيف؟. ويلح هذا السؤال، بالضبط، عندما تتواتر تقارير صحفية تفيد بأن التحقيقات توصلت إلى أن “انتحاري مطار موسكو كان قد تلقى تدريبه في باكستان”؟.
طبعا، من يعرف العلاقة “التاريخية” بين الإستخبارات الباكستانية وجماعات الإرهاب التكفيري لن يفاجأ بهذه التقارير، بغض النظر عن تنصل إسلام آباد منها. ولن نرجع عقودا إلى الوراء لتذكر الجرائم الإرهابية التي استولدتها هذه العلاقة الآثمة.
فأن تكون استخبارات بلد مسلم كبير هو باكستان، متورطة بدعم قتلة مطار دوموديدوفو، كما تذكر التقارير الصحفية، أمر لا يدهش بتاتا. لأن جماعة “جند الله” الإرهابية لا تكف وحتى أسابيع قريبة، عن سفك دماء المواطنين الإيرانيين في زهدان بجنوب الجمهورية الإسلامية. وبالطبع، فإن الإستخبارات العسكرية في إسلام آباد هي التي تمد هذه الجماعة التكفيرية بأدوات الجريمة ونفقاتها.
لقد ارتكبت جريمة مطار دوموديدوفو وفق تكتيك “الإرهاب الصامت”. وحتى الآن، مضى أكثر منذ أسبوع على التفجير الإرهابي في أهم مطارات العاصمة الروسية، من دون أن تعلن أي “جهة” مسؤوليتها عنه. ويعدو هذا الصمت “السياسي”، بحد ذاته، عن كونه محاولة لإخفاء هوية الإرهابيين عن هيئات الأمن وأوساط التحقيق الروسية. فهنا نرى تمويها لهوية جهات عربية ودولية لا تكف عن دعم وتمويل الإرهاب التكفيري من أجل بلوغ مآربها السياسية والإستراتيجية.
الدين الإسلامي براء، على كل حال.
لكن الدول “الإسلامية” التي تتبع سياسة الولايات المتحدة و”إسرائيل” ليست براء بالتأكيد. فمن باكستان مرورا بالخليج العربي ومصر والأردن وفلسطين المحتلة والمغرب، لدينا أجهزة استخبارات “إسلامية” متورطة بتقديم خدمات وسخة للأميركيين و”الإسرائيليين”. وبعض هذه الخدمات الدموية يشمل القوقاز الروسي بكل تأكيد.
أما عن “إسرائيل” ودورها في دعم مجرمي “الإرهاب الصامت”. فإن الكيان الصهيوني قد استفاد ولم يزل يستفد من جرائم الإرهاب التكفيري الذي ضرب روسيا في السنوات الأخيرة. ولنر كيف يتحرك مجرمي الحرب الصهاينة صوب موسكو، بعد كل جريمة إرهابية معلنة أو صامتة تصيب روسيا، ليعرضوا على زعامتها “التعاون ضد الإرهاب”، أملا في كسب تأييدها ضد العرب والفلسطينيين.
إن السنوات الماضية حافلة بالشواهد “السياسية” و”الأمنية” على أن ادِّثار الإرهاب التكفيري بالدين الإسلامي الحنيف، يسهل مهمة الصهيونية الدولية و”إسرائيل” في نشر “الإسلاموفوبيا” لإثارة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين في كثير من دول العالم.
وفي دولة فيدرالية متعددة القوميات والأديان، مثل روسيا، فإن استهدافها بالإرهاب القوقازي التكفيري، يطلق أسوأ كوابيس “الإسلاموفوبيا” فيها، لأنه يحقق للنظام الصهيوني ـ عبر العالم، هدفا استراتيجيا رئيسيا وهو إثارة البغضاء بين أبناء الأمة الروسية (المسيحيين والمسلمين) أنفسهم!.
وأخيرا، فإن دور “إسرائيل” في التفجير الإرهابي في مطار دوموديدوفو، يجب أن ينظر إليه في ضوء المعلومات الصحفية التي تحدثت عن وجود “شركة” أمن “إسرائيلية”، تنفذ مقاولات أمنية خاصة في مطار موسكو، وفي عدد من مطارات دول الإتحاد الأوروبي. فهل سيتم التحقيق في دور هذه “الشركة”؟
مركز الحقول للدراسات
الأربعاء، 28 صفر، 1432، الموافق 02 شباط، 2011
COMMENTS