الأميركيون ينتهكون سيادة اليمن : احتلوا سوقطرة، وتموضعوا في عدن والحديدة، وركزوا كوماندوس في صنعاء! (تقرير ديبلوماسي)

التكفير وخطوط سايكس ـ بيكو : “القصيريون” إلى لبنان وفراغ القوة في طرابلس وعكار؟
تقرير عن محضر اجتماع حمد بن جاسم ـ نتنياهو في الإليزيه، و…”المعارضة السورية” في حضن “إسرائيل”؟
النظام الدولي المتعدد الأطراف وضعف الإنعزالية الأمريكية

خاص ـ الحقول / يمضي الأميركيون في توسيع انتشار جيوشهم في شبه الجزيرة العربية. ويظهرون في الآونة الأخيرة، تركيزا متميزا على اليمن، مستفيدين من تضخم صورته اليومية في الإعلام الغربي، باعتباره موئلا لتنظيم القاعدة، ومصدرا لأحدث فنون الإرهاب الذي ترتكبه عناصره[1].

ويبرع الأميركيون في حصر اليمن داخل صورة الدولة المؤذية. ويعاند “خبرائهم”، لدى نقاش “تفاقم أزمة المياه” اليمنية، مثلا، بأن هذا البلد العريق “يتحول إلى دولة أشد عنفاً وملاءمة لنمو التطرف فيه، وهو تحول له تأثيره المباشر على الأمن القومي الأميركي”[2].

أما مسؤولي الاستخبارات الأميركية فيبوحون لمصادرهم، بأن “اليمن يعد المنطقة التي يوجد بها أحد أكثر فروع القاعدة نشاطاً وتنظيماً، خارج الشريط الحدودي الباكستاني ـ الأفغاني”[3]. أما جنرالات الجيش الأميركي فيجزمون بأن “اليمن خطر على أميركا بعد أن تمركز فيه تنظيم القاعدة”[4].

إن طبيعة الأهداف والأنشطة الأميركية في اليمن هي التي تستولد هذه الهالة الإرهابية حوله. ويتواطأ في ذلك، مسؤولون عرب[5]، وغربيون، خاصة خلف الكذاب البريطاني بلير[6]، وكذلك “إسرائيل”.

ويبين تقرير ديبلوماسي أوروبي، إن “لدى واشنطن خطة تنفيذية لتكثيف تموضع الجيوش الأميركية في جنوب شبه الجزيرة العربية، وتحديدا في اليمن”. وحسب معلومات هذا التقرير، فإن “الأميركيين عازمون على جعل اليمن حلقة متكاملة مع سلسلة القواعد الحربية الأميركية في السعودية وقواعد الأسطول الأميركي الخامس المنتشرة في البحرين وغيرها من دول الخليج العربي، وصولا إلى جيبوتي، وجزيرة دييغوغارسيا”.

ويكشف هذا التقرير عن “أن الأميركيين قاموا بزيادة عدد الروبوتات الجوية/ الطائرات من دون طيار في اليمن إلى 12 طائرة. وهذه الروبوتات القاتلة وضعت في جزيرة سوقطرة على بعد نحو 500 كلم عن الساحل اليمني، حيث أقيمت فيها قاعدة أميركية تأوي طائرة صهريج للتزود بالوقود جوا. كما انتشر في سوقطرة نحو سريتين (200 عنصر تقريبا) من جنود مشاة البحرية /مارينز”.

ويضيف التقرير “إن زيادة أعداد الروبوتات الجوية، يندرج ضمن توجه الجيش الأميركي لنشر قواته في موانئ عدن، والحديدة. وذلك، بعدما نشر، بالفعل، وحدات كوماندوس، تتمركز في مبنيين (villa) يقعان ضمن حي حدة سيتي في العاصمة صنعاء. وتقبع في قاعدة قريبة من هذا الحي 4 طائرات هليكوبتر من طراز مي 8 الروسية، كان سبق لخبراء أميركيين أن عدلوها لتقدر على شن هجمات حربية”.

ويلحظ التقرير، أن الجدل اليمني[7] بشأن ما إذا كان الأميركيون أم الجيش اليمني هو الذي يشن الغارات الحربية السرية بواسطة الروبوت الجوي، ضد ما يسمى مواقع أو مراكز تنظيم القاعدة في اليمن “غير دقيق. فالروبوتات الجوية التي تنطلق خلسة من سوقطرة، كانت ولا تزال، قبل وبعد زيادة عددها، تدار بأيدي جنود أميركيين وحسب”.

وتحمل معلومات هذا التقرير على الإستنتاج بأن الإنتشار العسكري الأميركي في اليمن، هو جزء من خطط الإستعدادات الأميركية والإسرائيلية لشن حرب على إيران[8]، وكذلك، من أجل تمكين واشنطن من الإستمرار في إدارة اللعبة الإستراتيجية في جنوب البحر الأحمر، وخليج عدن، حيث تقع أهم ممرات التجارة الدولية[9].

ويبدو أن القيادة اليمينة لا تستطيع منع الإنتشار الأميركي المتزايد في بلادها. وحسب وثائق موقع ويكيليكس، بشأن لقاء الرئيس علي عبدالله صالح مع قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس (سنتكوم)، فإن الرئيس اليمني قد وافق على زيادة عدد الجنود الأميركان في شبه الجزيرة العربية انطلاقا من اليمن، لكنه يعارض أي وجود عسكري أميركي طويل الأجل في بلاده، مثلما تشترط واشنطن.

ومن المفهوم أن ثمة قيودا داخلية على موقف الرئيس صالح. فالمعارضة الوطنية اليمنية التي تدرك أن واشنطن تهدد مصير الدولة اليمنية ولن تتورع عن تقسيمها[10]، تطالب بـ”مراجعة السياسية الأميركية الحالية وعمق تدخلاتها في الشأن اليمني يوما بعد يوم”, وهي تخشى من “أن تتحول اليمن إلى حديقة خاصة للأميركان لينفذوا عليها كل ما يحلو لهم تحت مظلة محاربة الإرهاب أو غيرها من المسميات”[11].

أما تحويل سوقطرة إلى قاعدة عسكرية أميركية فمن المتوقع أن يثير معارضة خارجية دولية. لأن هذه الجزيرة هي محمية طبيعية تنتج أنواعا نادرة من البخور واللبان والمسك العربي، وقد وضعت تحت حماية “يونسكو”، باعتبارها من التراث العالمي.

ولوحظ من وثائق ويكيليكس أيضا، وجود أزمة كامنة بين الرئيس صالح والأميركيين. فقد حاول الجنرال الأميركي بترايوس “إغراء” الرئيس اليمني بإطلاق وعود عن نية إدارة أوباما حل مشكلات اليمن مع الإتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، طالبا إليه ألا يأخذ رأي الآخرين بالإعتبار. لكن الرئيس صالح يريد إبقاء المبادرة في يد الجيش اليمني، وقد رد على الأميركيين، “عليكم ألا تدخلوا منطقة العمليات [الميدانية]، ويجب أن تبقوا فى مركز العمليات المشترك”[12].

إن استراتيجية الحرب على الإرهاب ما بين إدارة الرئيس باراك أوباما وسلفه جورج بوش الإبن لم تتغير. ومن الملاحظ أن التقارير التي تتهم اليمن بتصدير الإرهاب، حتى إلى جواره[13]، تستند إلى ذات الأسس الإخلاقية والمصالح السياسية التي قادت إلى غزو العراق وتدميره. ومن المفيد أن نشاهد فيلم Doug Liman، وعنوانه : Fair Game، الذي يعرض في هذه الأيام[14]، لأنه يذكر بتلك “الأسس”، ويمنحنا فرصة “مشاهدة” حجم السقوط الأخلاقي للنظام السياسي الأميركي.

ويختم التقرير الديبلوماسي الأوروبي بالقول، إن “الحديث عن الإرهاب في اليمن، ليس سوى ستارة لتمويه عملية الإعداد اللوجستي العسكري والأمني الجارية، لتوسيع انتشار جيوش الولايات المتحدة على أراضيه وفي أنحاء جنوب شبه الجزيرة العربية”.

إن تمويه التدخل العسكري الأميركي بمحاربة الإرهاب، يعيدنا إلى معلومات صحفية تحدثت عن “نشاط استخباري أميركي اشتد، خلال هذه الفترة، في عدد من دول الشرق الأوسط، ضمن إطار ما وصف بالإستراتيجية الجديدة للرئيس باراك أوباما في الحرب على الإرهاب في الشرق الأوسط. وذلك بهدف إعادة ترتيب العلاقات السرية المباشرة، أو من خلال أجهزة استخبارية عربية وإسلامية، بين الأجهزة الإستخبارية الأميركية وشبكات متطرفين تكفيريين يعملون تحت لافتة تنظيم القاعدة”[15].

ولقد تبين أن الأميركيين الذين ينكرون العلاقة السرية بالإرهاب، “عمدوا إلى كشف بعض الشبكات التابعة للقاعدة لدى أجهزة أمن إقليمية، لتوقيف عناصرها، وترحيلهم، من دون محاكمة، إلى دول وأقاليم اخرى، وذلك، ليستخدمهم الأميركيون أو يعيدوا استخدامهم ميدانيا ضد دول عربية وإسلامية من بينها اليمن”[16]. وتدعم هذه المعلومات الظنون بوجود خطة أميركية ـ “إسرائيلية” مزدوجة تهدف إلى : أولا، تفجير شقاق بين اليمن السعودية[17]، ثانيا، تفجير صراع مذهبي بين أبناء الشعب اليمني[18].

إن اتباع جيوش الرئيس باراك أوباما “تكتيك الإحتلال الصامت” لتسهيل انتشارها وتمركزها في اليمن، تحت ستار “الحرب على الإرهاب”، يذكرنا بعبارة الكاتب الأميركي رييس إرليخ : “إليكم تنبيها جديا. إذن : في كل مرة تسمعون فيها من وسائل الإعلام الأميركية تقول أنه جرى قتل عضو ميليشيا ما أو إرهابي ما، عليكم أن تتخذوا موقفا مشككا في حقيقة ما تسمعونه”[19].

علي نصار، 25 كانون الأول/ديسمبر 2010

[1] يكتب فريد زكريا في مقاله الأخير في مجلة تايم أن دولة “اليمن هي مصدر الإرهاب المجهري”. نقلا عن «تايم» الأميركية، 27/12-3/1/2011، وردت في : الحياة الاربعاء, 22 ديسيمبر 2010،

http://international.daralhayat.com/internationalarticle/215136

[2] أزمات اليمن بين النمو السكاني وشح المياه. مقال : حليمة جلمان، باحثة بمركز الشؤون الدولية بجامعة نيويورك، 13 كانون الأول ،2010، نقلا عن “كريستيان ساينس مونيتور”، وقد وردت في :

http://www.alittihad.ae/details.php?id=86134&y=2010

[3] المصدر السابق

[4] لطفي فؤاد أحمد نعمان، الحياة، الثلاثاء‏، 30‏ تشرين الثاني‏، 2010

http://www.annahar.com/content.php?priority=3&table=kadaya&type=kadaya&day=Tue

[5] في كلمته أمام عدد من رجال الفكر والسياسة في كلية كنيدي للشؤون السياسية في جامعة هارفرد، عن “سياسة خارجية سعودية للقرن الجديد”، حدد الأمير تركي الفيصل اليمن كميدان للعمل الأميركي ـ السعودي المشترك ضد الإرهاب. المصدر : مقال أحمد عجاج، الإثنين, 29 نوفمبر 2010، وذلك على الرابط التالي :

http://www.daralhayat.com/portalarticlendah/207139

[6] بينما كان الحديث في أميركا عن طرود مرسلة من اليمن تتضمن أقراص كمبيوتر وكتب دينية، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بعد اجتماع لمجلس الطوارئ الوزاري (كوبرا) في لندن : إن التهديد الكبير الوافد من اليمن «تضاعف». وصرح كاميرون أمام مجلس العموم بأن «انتقال الجهاز (الذي يشكل قنبلة) من اليمن باتجاه الإمارات العربية المتحدة ثم ألمانيا فبريطانيا والولايات المتحدة يظهر المصلحة في تآزر العالم أجمع لمواجهة هذه المشكلة». كاميرون حول الطرود إلى “قنبلة”!؟.

جريدة الشرق الأوسط، 3 نوفمير 2010

http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=593705&issueno=11663

[7] حول هذا النقاش أنظر، مثلا، رد من قبل المعارضة اليمنية على الوثائق التي تم نشرها عبر موقع ويكليكس. على الرابط التالي :

http://www.mareeb2day.com/home/article807.htm

[8] أنظر مقال آلان غريش في لوموند يبلوماتيك :

La prochaine guerre

Source : http://www.alhoukoul.com/article/4304

[9] يكشف تقرير ديبلوماسي عن أن للأميركيين و”الإسرائيليين” صلة غامضة بظاهرة القرصنة في خليج عدن، من أجل تفجير الأوضاع في الصومال واليمن، وضمان السيطرة على الممرات الإستراتيجية في خليج عدن. راجع :

تقرير ديبلوماسي عن الصومال : محكمة دولية للقرصنة البحرية قد تكشف تورط أميركا و”إسرائيل”؟، وذلك على الرابط التالي :

http://www.alhoukoul.com/article/3664

وقد اعترف تقرير للكونغرس الأميركي، بتاريخ 11 تشرين الأول 2010، بوجود مصالح دولية خاصة وراء حركة القراصنة الصوماليين. راجع الرابط التالي :

http://www.al-akhbar.com/ar/node/209750

[10] اليمن مهدد بالتقسيم: دولة في الجنوب والشمال للسعودية. تصريح للرئيس الدوري لأحزاب المعارضة، يوم ‏الثلاثاء‏، 21‏ أيلول‏، 2010وذلك على الرابط التالي :

http://www.al-akhbar.com/ar/node/207079

[11] وردت حرفيا في :

http://www.mareeb2day.com/home/article807.htm

[12] http://www.mareeb2day.com/home/article807.htm

[13] أنظر تقرير مراسل الأهرام المصرية في جدة، نصر زعلوك، الذي نقل عن مصدر أمني “تفاصيل مثيرة في اعترافات القاعدة بالسعودية”. ونقل عن “المصدر الأمني”، قوله ‏:‏ “تنضوي بعض المخططات الإجرامية علي تسهيل دخول عناصر انتحارية عبر تخوم المملكة الجنوبية مع اليمن‏,‏ لتنفيذ هجمات داخل السعودية تستهدف منشآت مدنية وعسكرية‏,‏ من استراتيجياتها تقديم خدمات لوجستية كإيواء الانتحاريين‏,‏ التستر عليهم‏,‏ ونقلهم من مكان إلي آخر حتي تنفيذ المهمة التي قدموا من أجلها‏,‏ وكشفت المعلومات الأمنية أيضا أن عناصر الخلايا الإرهابية عكفت علي إجراء تجارب لصنع مواد متفجرة‏,‏ والتدريب علي تشريك الهواتف المحمولة لاستخدامها في جرائم إرهابية مثل حادثة الطرود البريدية الملغمة التي اكتشفت في مطار دبي وفي بريطانيا قبل بلوغها أهدافها في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية الشهر الماضي‏,‏ إثر النجاح المعلوماتي للسلطات في المملكة في تعقبها”‏. لقراءة كاملة للتقرير، راجع الرابط التالي : ‏

http://www.ahram.org.eg/372/2010/12/05/31/51588.aspx

[14] Doug Liman, “Fair Game”.

Source : http://www.cinemovies.fr/perso-Doug+Liman-1-2-0.html

[15] MAGAZINE, 10 decem.2010

[16] المصدر السابق.

[17] يوضح حسام تمام الباحث السعودي المتخصص في الجماعات المسلحة أن السلطات السعودية نجحت في تفكيك القاعدة من خلال عدة مؤشرات يأتي في مقدمتها زحف فلول التنظيم إلي خارج السعودية وتمركزهم حاليا في اليمن وذلك بعد الضربات الموجعة التي تلقاها التنظيم إبان وجوده في السعودية وعمليات التعقب الأمني التي أطلقتها الداخلية السعودية‏.‏ الأهرام المصرية، 8 كانون الأول/ديسمبر 2010، وذلك على الرابط التالي :

http://www.ahram.org.eg/375/2010/12/08/2/52133.aspx

[18] “حذر مراقبون سياسيون في اليمن من اندلاع مواجهات عسكرية دامية بين المتمردين الشيعة في محافظة صعدة شمال اليمن بقيادة عبد الملك الحوثي‏,‏ وما يسمى تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب‏”‏. هكذا بدأ مراسل الأهرام المصرية إبراهيم العشماوي تقريره من صنعاء. وقد نشره يوم 11 كانون الأول/ ديسمبر 2010، تحت عنوان : ” مخاوف من مواجهات دامية بين الحوثيين والقاعدة باليمن”. وفي نفس التقرير يرد صالح هبرة أحد قادة الحوثيين بأن “المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي يسعيان من وراء تفجيري الجوف وصعدة (يومي 24 ـ 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 2010) جر المسيرة لإشغالها‏,‏ بصراع هامشي مع ما يسمي بالقاعدة ـ الوهم وصرفها عن هدفها العام المتمثل في إعادة دور القران الكريم إلى حياة أتباعه ودعوة الأمة للوقوف في وجه المخططات الأمريكية واليهودية‏”. كما أشار هبرة إلى “السعي‏‏ لخلق مبرر لتحرك عسكري تنوي القيام به في المحافظات الشمالية بالتنسيق مع السلطة وأطراف أخري إقليمية ودولية‏,‏ تحت غطاء ملاحقة الإرهاب الذي دأبت علي تحريكه في أي مكان تستهدفه وهو ما بدأت تروض الشعب علي تقبل تلك الوضعية‏”. لقراءة التقرير كاملا، راجع الرابط التالي :

http://arabi.ahram.org.eg/Index.asp?CurFN=week7.htm&DID=10523

[19] اكلام حرفيا للكاتب الأميركي رييس إرليخ Reese Erlich، وقد ورد في الرابط التالي :

http://www.ipsinternational.org/arabic/nota.asp?idnews=2020

Please follow and like us:

COMMENTS