يطرح حوار بعبدا الإقتصادي أسئلة "بلا أجوبة" حسبما ذكرت "اللواء". ولفتت إلى عودة التحركات المطلبية احتجاجاً على ما قد ينتج عن هذا "الحوار"، من رسوم وضرائب تمس بمعيشة موظفي القطاع العام ومحدودي الدخل والمستخدمين وصغار الكسبة وأسرهم. أما "الإخبار" فقد تابعت ملف "جمّال ترست بنك" الذي وضعته الإدارة الأميركية على لائحة العقوبات، رغم أنه "يتعاون" مع "وكالة التنمية" التابعة لوزارة الخارجية الأميركية. وقد ربطت "البناء"، وكذلك "الأخبار" و"اللواء"، بين قرار معاقبة "جمّال ترست بنك"، وموقف الرؤساء الثلاثة من العدوان "الإسرائيلي" على ضاحية بيروت الجنوبية، يوم الأحد الماضي. حيث أكدوا على حق لبنان بالدفاع عن سيادته ضد الإحتلال "الإسرائيلي" وعلى حق المواطنين بالمقاومة ضد عدوانه على هذه السيادة.
اللواء
بوادر معارضة إقتصادية ونقابية تسبق إجراءات الإثنين الإقتصادي
بنك جمّال يرفض وصفه بالإرهاب.. وتطمينات أميركية للقطاع بعدم وجود مصارف جديدة على «أوفاك»
انطوى الأسبوع على «نمو متسارع» للمخاوف، تخطت الحدث الأمني، أو الحربي، المتوقع إلى ترقب التداعيات بالغة الخطورة للتصرف الأميركي المريب، بوضع أحد البنوك اللبنانية العاملة على لائحة العقوبات «أوفاك» على الرغم من تأكيد جمعية المصارف على «سلامة مكانة النظام المصرفي اللبناني في النظام المصرفي العالمي بما يتماشى مع القوانين والأنظمة المرعية الاجراء محلياً ودولياً».
على ان الانشغال اللبناني الرسمي السياسي والشعبي تخطى الإجراءات الأميركية العقابية إلى الخطوات التي تزمع الطبقة السياسي ادماجها بموازنة 2020، ان لجهة الضرائب أو الاقتطاع من رواتب موظفي القطاع العام في الاجتماع المقرّر لممثلي الكتل البرلمانية، وهو الذي يمكن وصفه بـهيئة «حوار وطني اقتصادي».
وقالت أوساط وزارية ان فريق رئيس الجمهورية اعد أكثر من ورقة اقتصادية للاجتماع، بعضها يتعارض مع بعض، وكشفت ان رئيس الجمهورية طلب من هذا الفريق جمعها في ورقة واحدة.
وعلمت «اللواء» ان فريق رئيس الحكومة أعدّ ورقة اقتصادية اتسمت بالواقعية، تراعي الأوضاع على الأرض، وتأخذ بعين الاعتبار الظروف المعيشية والاجتماعية.
وتجري مشاورات مع الفعاليات الاقتصادية لاستمزاج رأيها في الاقتراحات المطروحة لمعالجة الوضع الاقتصادي..
وفي الوقت، الذي تواجه فيه الهيئات الاقتصادية بالرفض لأية محاولة لفرض ضرائب جديدة، أو رفع ضريبة الأرباح على الفوائد المصرفية، وقد تدعو إلى تحركات، بانتظار صدور الإجراءات التي وصفت بالقاسية، كذلك الأمر بالنسبة للهيئات النقابية وروابط المتقاعدين، وحراك العسكريين.
سياسياً، وعشية الكلام المتوقع صدوره عن الدكتور سمير جعجع رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية، أكدت مصادر سياسية ان الاتصالات لم تفلح في ترميم العلاقة بين تيّار «المستقبل» و«القوات اللبنانية» وان التباعد مستمر بين الطرفين.
واحدة بواحدة
ولاحظت مصادر مطلعة، ان «الصفعة» التي وجهتها واشنطن للبنان، واستطراداً إلى «حزب الله» عبر ادراج مصرف «جمّال تراست بنك» على لائحة العقوبات، عادت وتلقفتها الإدارة الأميركية نفسها، من خلال الافساح في المجال امام تمرير قرار التمديد لقوات «اليونيفل» في مجلس الأمن الدولي دون أي تعديل لا في المهام ولا في العدد ولا في الموازنة بحسب ما كانت العاصمة الأميركية تلوح قبل التمديد بهدف مرضاة إسرائيل لتغيير قواعد الاشتباك التي أرساها القرار 1701.
وهذا يعني في نظر المصادر ان وشنطن كانت قاسية حازمة تجاه «حزب الله» عندما استهدفت «جمّال تراست بنك» باعتباره «جبهة مصرفية رسمية للحزب ويتمتع بتاريخ طويل في تقديم الخدمات المالية له وفق ما أعلن مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسلي، وفي الوقت نفسه كانت إيجابية مع الرغبة الرسمية اللبنانية بأن يتم التمديد لـ «اليونيفل» من دون تعديل لا في المهمات ولا في العديد وبالتالي تراجعت واشنطن عن التهديد بتخفيض مساهمتها في ميزانية «اليونيفل» ولم تستخدم حق «الفيتو» عندما تضمن القرار الدولي والذي قدمته فرنسا تنديداً واضحاً بالخروقات الإسرائيلية سواء في البر أو البحر أو الجو، وهذا ما كان ليحصل لولا وجود «قبة باط» أميركية سمح بتمرير الموقف اللبناني، بالتعاون مع الكويت في مجلس الأمن.
لكن السؤال الذي شغل بال اللبنانيين هو عن مدى تأثير القرار الأميركي بإدراج مصرف «جمّال تراست بنك» على لائحة العقوبات، على طاولة الحوار الاقتصادي التي ستعقد في قصر بعبدا الاثنين المقبل، وهل ثمة علاقة بين الخطوة الأميركية والإجراءات التي يُمكن ان تصدر عن هذا الحوار، ومن ثم من هو المصرف الذي سيشتري المصرف المعاقب؟
في تقدير الخبيرالمالي والاقتصادي غازي وزني ان القرار الأميركي لن يؤثر على طاولة الحوار الاقتصادي لأن الجانب الأميركي ردد منذ أكثر من شهر عن فرض عقوبات متشددة وأسماء جديدة ستوضع على لائحة «اوفاك». وإذا لفت إلى المصرف الذي طاولته العقوبات الأميركية مصرف محدود، رأي وزني لـ«المركزية» ان وزارة الخزانة الأميركية وجهت عبر قرارها وضع المصرف على اللائحة السوداء، رسائل عدّة في اتجاهات مختلفة، من شأنها ان تخفف من حدة القرار:
– الأولى: تحذير بوجوب أن تتقيّد المصارف والمؤسسات المالية بقانون العقوبات الأميركية.
– الثانية: الإعلان أن علاقة وزارة الخزانة الأميركية طبيعية وجيّدة مع مصرف لبنان.
– الثالثة: إن وزارة الخزانة الأميركية لديها ملء الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني، كون المصارف اللبنانية تمتثل للقوانين والتشريعات الدولية وبالتالي تطبّق القوانين والتدابير المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال.
لى القطاع المصرفي اللبناني «بالمحدودة جداً». موضحاً ان حجم مصرف «جمّال ترست بنك» أقل من 0،4 في المائة من إجمالي الودائع، كما ان علاقات بالمصارف المراسلة في الخارج ولا سيما في نيويورك شبه غائبة.
وأشار إلى أن «مصرف لبنان هو مَن سيتخذ الآلية المناسبة للمحافظة على أموال المودعين، وذلك بالتعاون مع «هيئة التحقيق الخاصة» و»لجنة الرقابة على المصارف»، وإيجاد السبل الآيلة إلى ضمّ المصرف إلى مصرف آخر»، متوقعاً أن «من السهولة جداً إتمام عملية الضمّ لأن «جمّال تراست بنك» من المصارف الصغيرة بحجم لا يفوق الـ850 مليون دولار».
استنفار لبناني مصرفي
وكان ادراج المصرف المذكور على لائحة العقوبات قد استنفر الدولة من رئيس الجمهورية، والحكومة، عبر وزير المال، إلى جمعية المصارف، تداركاً لأي انعكاسات أو تأثيرات محتملة للقرار على القطاع المصرفي.
وسارع مصرف «جمّال تراست بنك» في بيان إلى نفي الادعاءات الأميركية، مؤكداً التزامه الصارم بقواعد وانظمة مصرف لبنان والتزامه بالقواعد واللوائح الدولية المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، موضحاً انه «سيتخذ كل الإجراءات المناسبة لتبيان الحقيقة، وانه سيستأنف القرار امام «أوفاك» وكافة المرجعيات ذات الصلة.
وحضر موضوع المصرف في زيارة رئيس جمعية المصارف الدكتور سليم صفير لقصر بعبدا موضحاً للرئيس ميشال عون ان الجمعية تعكف على دراسة موضوع المصرف، مؤكداً ان حقوق المودعين محفوظة، وان لا مصارف أخرى موضوعة على جدول العقوبات، ولا صحة للاشاعات ان مصارف أخرى ستنال عقوبات».
وكان الجمعية أعلنت في بيان «عدم صحة الاخبار التي تتناول مصارف لبنانية من إشاعات، وتسميات»، وأكدت سلامة مكانتها في النظام المصرفي بما يتماشى مع القوانين والأنظمة المرعية الاجراء.
وأكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان البنك لديه تواجد في المصرف المعاقب، وكل الودائع الشرعية مؤمنة في وفق استحقاقاتها حفاظاً على مصالح المتعاملين مع المصرف. وقال: «ان السيولة مؤمنة لتلبية متطلبات المودعين الشرعيين للمصرف».
اما وزير المال علي حسن خليل فقد أكّد من جهته على قدرة القطاع المصرفي على استيعاب تداعيات القرار بحق المصرف وعلى ضمان أموال المودعين وأصحاب الحقوق، وقال ان المصرف المركزي يقوم باللازم».
وفي معلومات خاصة بـ«اللواء» ان القرار الأميركي بشأن «جمّال تراست بنك» كان له وقع الصاعقة على المسؤولين اللبنانيين الذين تبلغ عدد محدود منهم بالاجراء قبل ساعتين من حصوله، وكانت السفارة الأميركية في بيروت أكثر من تفاجأ حيث كان المسؤولون فيها ينفون أي اتجاه للاستهداف أي مصرف لبناني، وان البنك اللبناني- الكندي سيبقى الوحيد على اللائحة. وكان أشدّ المتابعين واقربهم إلى القرار الأميركي على ثقة بأن الاجراء الآتي سيكون اسمياً ولن يشمل القطاع المصرفي، وانه سيطال رجال أعمال محسوبين على حزب الله من خارج بيئة الطائفية. وثمة من يعتقد ان الاجراء الأميركي لن يكون الآخر على الرغم من التطمينات وهناك من يتداول باسم مصرف أو أكثر من المحسوبين سياسياً ومذهبياص عل البيئة الشيعية، ولا يبدو ان الإدارة العقابية على القطاع المصرفي واستطراداً على الاستقرار اللبناني الهش سياسياً واجتماعياً.
الموقف الأميركي
وكان نائب وزير الخزانة الأميركية مارشال بيلينغسلي قد أعلن في بيان ان «جمال ترست بنك» جهة مصرفية رئيسية لحزب الله في لبنان ويتمتع بتاريخ طويل ومستمر في تقديم مجموعة من الخدمات المالية «لهذه الجماعة الإرهابية»، مشيرا الى أن «جمال ترست بنك» حاول إخفاء علاقاته من خلال العديد من الواجهات التجارية لمؤسسة الشهيد التي سبق للولايات المتحدة أن أدرجتها على قائمة العقوبات.
ولفت الى أن «كافة أقسام «جمال ترست بنك» تشهد ارتكاب المخالفات، متهما النائب في كتلة حزب الله أمين شري، بتنسيق أنشطة الحزب المالية في البنك مع إدارته، وذلك بشكل علني، ودعا الحكومة اللبنانية لتأمين مصلحة أصحاب الحسابات غير المنتسبين لحزب الله بأسرع وقت ممكن، معتبرا أن أعضاء إدارة جمال ترست بنك الذين تواطؤوا مع شري و«إرهابيي» حزب الله الآخرين هم وصمة عار على سمعة لبنان المالية ويجب نبذهم من كافة الدوائر المصرفية، لذلك يتعين على القطاع المالي اللبناني ألا يكتفي بتطبيق العقوبات على هذا الكيان».
ترحيب بالتمديد لليونيفل
وعلى صعيد التمديد «لليونيفل»، والذي لقي ترحيباً فورياً من قبل الخارجية اللبنانية، سارع رئيس الحكومة سعد الحريري إلى الاتصال بالامين العام للأمم المتحدة انطونيو غويترس وأكّد له تحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن اعتدائها غير المبرر وغير المسبوق على منطقة سكنية مأهولة في ضاحية بيروت، إضافة إلى خرق القرار 1701.
وشدد على ان هذا العمل غير المقبول يهدد الاستقرار والهدوء اللذين يسودان الحدود الدولية منذ 13 عاما، منبّها الى ان أي تصعيد من جانب إسرائيل من شأنه ان يهدد بجرّ المنطقة الى نزاع غير محسوب العواقب، ما يضاعف الحاجة لكل الضغوط الدولية الممكنة على إسرائيل.
واتفق الرئيس الحريري مع غوتيريس على استمرار التواصل بينهما لمتابعة الجهود المبذولة لمنع أي تصعيد.
ومن جهته، عبر الرئيس عون عن ارتياحه لصدور التمديد، لافتاً إلى انه جاء وفق رغبة لبنان من دون أي تعديل لا في المهام ولا في العدد ولا في الموازنة، معتبراً أن قرار مجلس الامن يؤكد مرة اخرى على التزام المجتمع الدولي بالحفاظ على الاستقرار على الحدود الجنوبية، وهو ما يعمل لبنان في سبيله، خلافا لما تقوم به اسرائيل من خروقات في البر والبحر والجو التي دانها القرار».
واكد عون ان «الجهد الذي بذله لبنان على مختلف المستويات ولاسيما على مستوى الدبلوماسية اللبنانية، والتجاوب من الدول الشقيقة والصديقة، وفي مقدمها فرنسا، يؤشران الى مدى اهتمام هذه الدول بالحفاظ على سلامة لبنان، وضمان تنفيذ بنود القرار الدولي الرقم 1701، على رغم الخروقات الاسرائيلية اليومية له».
وفي السياق، أفاد مصدر أمني أن «حزب الله» سلم الطائرتين المسيرتين اللتين سقطتا في الضاحية إلى الجيش اللبناني أمس.
وأكدت مصادر قناة «المنار» أن، «التنسيق قائم بين حزب الله ومخابرات الجيش اللبناني منذ لحظة وقوع الاعتداء على الضاحية الجنوبية«، كاشفة أن «الحزب سلم مخابرات الجيش الطائرتين الإسرائيليتين».
وأشارت المصادر إلى أن «الصورة باتت واضحة والكثير مما يتم التداول به غير صحيح»، نافية انطلاق الطائرتين من داخل الأراضي اللبنانية، مرجحة أن «يكون ذلك قد تم من جهة البحر». ولفتت إلى أنه «يجري التثبت من الآلية، لا سيما أن «اليونيفيل« لم ترصد في ذلك الوقت أي بارجة إسرائيلية قبالة الشاطئ اللبناني«، مرجحة أن «تكون الطائرتين قد انطلقتا من زوارق إسرائيلية».
ونفت المصادر «توقيف أي عميل إسرائيلي، سواء في الضاحية الجنوبية أو أي منطقة أخرى».
وتعليقًا على هذا الخبر، قال رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل في تغريدة على تويتر: «وخلال هذا الوقت كانت الدولة اللبنانية وأجهزتها في قاعة الانتظار… تنتظر».
حوار بعبدا الاقتصادي
وعلى صعيد آخر، علم ان الآجتماع الذي دعا اليه الرئيس عون الأثنين المقبل في قصر بعبدا ويعقد برعايته يحضره رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ورؤساء الأحزاب والكتل النيابية في مجلس النواب.
وأوضحت مصادر مقربة من قصر بعبدا لـ«اللواء» ان الأجتماع مخصص للقيادات السياسية من اجل مواكبة الأجراءات المنوي اتخاذها لمعالجة الأوضاع الأقتصادية.
ولفتت الى ان هناك ورقة عمل رئاسية ستقدم الى المجتمعين وتضم افكارا لمعالجة الأوضاع وسيقوم نقاش حولها مع القيادات كي تكون هناك مواكبة سياسية للأجراءات الأقتصادية والأصلاحات التي تتخذ انطلاقا من الأجتماع المالي الذي عقد في قصر بعبدا وتم فيه وضع ورقة اقتصادية قبيل اجتماع المصارحة والمصالحة.
وكررت المصادر نفسها التأكيد ان الأجتماع سيواكب سياسيا الأجراءات الأقتصادية المنتظر اتخاذها سواء في موازنة 2020 او «سيدر» او «ماكينزي». وقالت ان هناك نقاشا على ورقة العمل التي يقترحها الرئيس عون اي بحثها بندا بندا على ان تتخذ التوصيات المناسبة.
وعلم ان ابرز الحضور: الرئيس نجيب ميقاتي، الوزير جبران باسيل، النواب طلال ارسلان، أسعد حردان، محمد رعد، هاغوب بقرادونيان، سامي الجميل، جهاد الصمد عن اللقاء التشاوري، النائبان السابقان وليد جنبلاط وسليمان فرنجيه ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع.
وعشية الحوار الاقتصادي، اجتمع الرئيس عون في قصر بعبدا أمس، بوفد من بعثة مجموعة «البنك الدولي» برئاسة المدير الإقليمي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ساروج كومار جاه الذي أوضح انه جرى نقاش في مجموعة من المواضيع ومنها إصلاح الكهرباء الذي يُشكّل أولوية للحكومة، وكذلك ضرورة العمل لتسريع العمل على مكننة الحكومة وتحسين التنافسية في مجال التكنولوجيا، كما تمّ اطلاع الرئيس عون على المشاريع التي يعمل عليها البنك في لبنان في قطاع النقل وتحسين الطرق على مدى نحو 800 كيلو متر والمشاريع المائية.
وقال انه أكّد باسم مجموعة البنك الدولي دعمنا القوي جداً لرئيس الجمهورية والحكومة على ما يقومان به، وبالأخص في وقت تحضر الحكومة برنامجاً جديداً من أجل التعامل مع الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه لبنان.
وإذ لاحظ رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب إبراهيم كنعان الذي شارك في الاجتماع «وجود تقارب كبير في الأولويات بين نظرة الحكومة ونظرة البنك الدولي، خصوصاً في ملف الكهرباء، ولفت إلى ان الأولويات اللبنانية ستطرح على طاولة الحوار الأسبوع المقبل، وهي محور اهتمام دولي ومحلي، مبدياً اعتقاده ان الثقة المطلوبة من خلال مبادرات الرئيس عون بدأت تسلك طريقها الىاقرار أكبر بجدية لبنان في الولوج إلى إصلاحات مالية واقتصادية تخرجنا من الأزمة الحالية».
تساؤلات بلا أجوبة
ولكن ما هي هذه الإصلاحات والإجراءات والأفكار المطروحة لتمكين الاقتصاد من الوقوف على رجليه؟ وهناك إمكانية للاتفاق على طريقة واحدة للمعالجة وماذا ستكون؟ وهي تكون بفرض ضرائب جديدة ومباشرة وغير مباشرة، تثقل كاهل اللبناني، وتزيده بؤساً على بوس. وهل ان الهدف من الاجتماع توفير مظلة سياسية من كل الأطراف لفرض مزيد من الإجراءات والقرارات المطلوبة في موازنة العام 2020 ولم تلحظ في موازنة 2019؟
المستشار الاقتصادي للرئيس الحريري الدكتور نديم المنلا، لم يجب بشكل مباشر عن طبيعة هذه التدابير التي يُمكن ان تتخذ، بانتظار ما سيتم طرحه، لكنه لاحظ ان هناك اطرافاً سياسية شددت خلال مناقشة موازنة الـ2019 على وجوب ان لا تطال الضرائب الجديدة الفئات الشعبية ذات المدخول المنخفض، مشيراً على انه على سلم الأولويات وجوب ضبط العجز وتخفيف انتفاخ القطاع العام، والاسراع في خطة الكهرباء والخصخصة، ويمكن الاستعانة ببعض الدول الشقيقة والصديقة لمساعدة لبنان في هذه المرحلة.
ولفت الى ان الدعوة لهذا الاجتماع اتى عشية تخفيض مؤسسة «فيتش» للتصنيف الائتماني، وكان هناك خوف ممّا ستعلنه مؤسسة «ستاندر اند بوزر» ما دفع القيادات السياسية جميعها في لبنان إلى حالة استنفار، معتبرا انه ربما هذا التطور السلبي سيساعد بإعطاء دفعة باتجاه المسار الصحيح من أجل تصحيح الأمور الاقتصادية.
وأشار المنلا إلى ان « سيدر» ما يزال الأداة الأساسية لإعادة تحريك وانعاش الاقتصاد، مشددا على ان مندرجاته وتوصياته يجب ان توضع موضع التنفيذ.
واكد المنلا ان المسؤول الفرنسي المختص لمتابعة تنفيذ مقرارات «سيدر» بيار دوكان سيصل الى لبنان يوم الاثنين المقبل، وذلك بالتزامن مع انعقاد طاولة الحوار الاقتصادي، ولكنه اعلن ان موعد الزيارة كان مقررا سابقا ولا علاقة بموعد التئام الطاولة الاقتصادية.
واعلن انه وخلال زيارة المسؤول الفرنسي الى لبنان سيتم الانتهاء من اللمسات الاخيرة على الية المتابعة لمؤتمر «سيدر».
الناقلة الإيرانية
إلى ذلك، اثار إعلان وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو عن ان ناقلة النفط الإيرانية ارديان داريا (غريس1 سابقاً) التي كانت محتجزة في جبل طارق، تتجه إلى لبنان وليس إلى تركيا، بلبلة في الأوساط اللبنانية، فضلا عن الخشية من وجودها في المياه الإقليمية، بالنظر إلى الملابسات التي تحيط بالناقلة الخاضعة للعقوبات الأميركية، والتي تحمل مليوني برميل من النفط، وتمنع الإدارة الأميركية تفريغ حمولتها في سوريا.
وسارع الوزير خليل إلى التأكيد لوكالة «رويترز» انه لم يتم ابلاغنا بأن الناقلة تتجه إلى لبنان، فيما أوضحت وزيرة الطاقة ندى بستاني ان لبنان لا يشتري النفط الخام من أي بلد، وانه لا يوجد في لبنان مصفاة للنفط الخام، كما لا يوجد طلب لدخول الناقلة إلى البلد.
ولاحقاً، أوضح أوغلو ان الناقلة الإيرانية لا تتوجه إلى ميناء لبناني بل إلى المياه الإقليمية اللبنانية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
هدنة في إدلب تنتظر قدرة تركيا على إلزام جبهة النصرة بتطبيق مقرّرات سوتشي بالانسحاب
واشنطن تقفز فوق مصرف لبنان… بإسناد ماليّ لجيش الاحتلال… وإرباك النظام المصرفيّ
حضور لبنانيّ جامع في يوم الإمام الصدر في النبطية… وترقب لكلمة برّي في كلّ الملفات
أعلنت موسكو عن هدنة في إدلب ينفذها الجيش السوري من طرف واحد، باعتبار أن الطرف الآخر المقابل هو جبهة النصرة وأخواتها من التنظيمات الإرهابية التي لا يشملها وقف النار وفقاً لمقررات مجلس الأمن الدولي وتفاهمات أستانة وسوتشي. ونجاح تطبيق الهدنة يتوقف على نجاح القيادة التركية بفرض التزام جبهة النصرة ومَنْ معها بمقررات سوتشي التي تنصّ على منطقة منزوعة السلاح تضمن فتح الطريق الدولية بين حماة وحلب وبين اللاذقية وحلب. ما يعني انسحاب جبهة النصرة من مرعة النعمان التي كان الجيش السوري بدأ تنفيذ عملية عسكرية لدخولها، وكذلك الانسحاب من جسر الشغور ومن سراقب، وسيظهر موقف النصرة ومن معها اليوم مدى فعالية الحديث عن الهدنة، ومدى قدرة الأتراك على توظيف الانتصارات التي حققها الجيش السوري لفرض الالتزام بالانسحاب على النصرة.
لبنان الواقع تحت الأضواء الدولية ترقباً لردّ المقاومة على جيش الاحتلال وفقاً لما وعد به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، كان موضوع شائعات عن توجّه ناقلة النفط الإيرانية نحو مرافئه، أطلقها وزير الخارجية التركية قبل أن يتراجع، فيما كان قرار العقوبات الأميركية على مصرف لبناني هو جمّال ترست بنك، يترك بصماته على الوضعين الاقتصادي والمالي، ويفتح الباب للكثير من التساؤلات السياسية، لتوقيته وشموله مصرفاً لبنانياً، وليس بعض اللبنانيين، أو بعض عملاء المصرف وزبائنه، دون سلوك الطريق المتفق عليه مع مصرف لبنان، والتي تنصّ على إيداع مصرف لبنان إثباتات تتصل بأي مخالفة مصرفية لنظام العقوبات ليتولى مصرف لبنان التحقيق واتخاذ الإجراءات المناسبة، والتوقيت في لحظة ترقب لردّ المقاومة على عدوان جيش الاحتلال على لبنان، وفشل محاولات شق الصف الرئاسي اللبناني حول الموقف من العدوان ومن تغطية رد المقاومة عليه، بحيث يصيب حجر العقوبات الأميركية عصافير عدة معاً، فهو رسالة لرئيس الجمهورية عشية حوار بعبدا الاقتصادي بوضع الاقتصاد والنقاش حوله في مناخ من الشكوك والمخاوف تجعل اللقاء المرتقب يوم الإثنين محكوماً بالرسائل الأميركيّة التي تقول بالقدرة على عرقلة كل حلول وتسميم كل مناخ إيجابي، ما لم تسمع رسائلها الداعمة لكيان الاحتلال في ملفات ترسيم الحدود كما في ملفات المواجهة بين جيش الاحتلال والمقاومة، وهي رسالة لمصرف لبنان بأن مساعيه لتحقيق الاستقرار المالي عرضة للفشل، كما مهابة سلطته على المصارف عرضة للتهميش، ما لم يستخدم سلطاته النقدية والمالية للضغط من أجل التحذير من الانهيار ما لم يتم أخذ التهديدات الأميركية السياسية بعين الإعتبار. والرسالة لا تستثني رئيسي مجلس النواب والحكومة، فرئيس مجلس النواب الذي يطلّ اليوم من النبطية في اجتماع حاشد وطنياً وشعبياً لإحياء ذكرى غياب الإمام السيد موسى الصدر، يتلقى ضربة في البيئة الحاضنة لحركة أمل والمقاومة يعرف أنها ليست حاصل عمل تقني ومهني للسلطات الأميركية كان يمكن لو صحت أن تسلك الطرق الرسمية نحو مصرف لبنان وتعالج بصمت، لو لم يكن الدويّ المطلوب إحداثه هدفاً يتقدم على مضمون العقوبات، وهو دبّ الذعر في القطاع المصرفي، وفي البيئة الشعبية التي يقودها الرئيس بري، للتأثير على الخيارات الكبرى للبنان قبيل ردّ المقاومة على جيش الاحتلال، ولذلك يترقب الجميع ما سيقوله بري اليوم في كل الملفات الساخنة من ترسيم الحدود إلى حال الطوارئ الاقتصادية والمالية، وصولاً إلى العدوان على لبنان ورد المقاومة، والعقوبات الأميركية بنسختها الأخيرة. أما رئيس الحكومة الذي بدا صمام أمان لموقف لبناني موحّد من العدوان والرد، فيبدو مستهدفاً برهانه على ظروف مناسبة لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية وفصلها عن الملفات السياسية الإشكالية، خصوصاً بعد زيارته واشنطن ومساعيه لفصل دعم الاستقرار اللبناني ورعاية الحلول الاقتصادية عن العقوبات الأميركية على حزب الله، فجاءت العقوبات الأميركية الجديدة بالصخب المرافق لها رسالة واضحة للرئيس الحريري مضمونها إعادة الربط بين الملفات ما دام قد اختار أولوية وحدة الموقف الداخلي على التماهي مع الموقف الأميركي المتربّص بالمقاومة والهادف بقراره تعويض عجزه عن تقديم الإسناد الناري بإسناد مالي.
عشية الحوار الاقتصادي في بعبدا والذي يأتي بعد اجتماع بعبدا المالي والاقتصادي، للبحث في معالجة العجز في الموازنة ولا سيما في ملف الكهرباء ، احتواء الدين العام ، وإجراءات خفض العجز في الميزان التجاري، حطّ المدير الإقليمي لمجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ساروج كومار جاه في قصر بعبدا مؤكداً لرئيس الجمهورية ميشال عون، دعم البنك الدولي للحكومة. وبحسب مصادر تابعت أجواء اللقاء فإنّ الوفد طرح مجموعة من الأفكار أمام رئيس الجمهورية وجرت مناقشتها وتتصل بضرورة إصلاح قطاع الكهرباء، فضلاً عن أهمية تنفيذ خطوات الإصلاح في القطاع العام. واعتبر وفد البنك الدولي ان هناك اصلاحات تتصل بمقررات سيدر يجب العمل على تنفيذها وأن تأخذ حيز التنفيذ مع موازنة العام 2020.
الى ذلك شكل إدراج واشنطن مصرف جمّال تراست بنك على لائحة عقوباتها الممتدّة من إيران الى لبنان محور الاتصالات واللقاءات أمس، لا سيما في القصر الجمهوري، حيث عرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع رئيس جمعية المصارف سليم صفير، الأوضاع الاقتصادية والمالية والمصرفية في البلاد في ضوء القرار الأميركي الذي طاول مصرف جمّال ترست بنك وعشية انعقاد طاولة الحوار الاقتصادي في قصر بعبدا الإثنين المقبل.
وأكد صفير تلقي جمعية المصارف، تأكيداً من الجانب الأميركي حول عدم وجود مصارف لبنانية أخرى موضوعة على جدول العقوبات، خصوصاً أنّ كلّ المصارف اللبنانية ملتزمة، وبإشراف من مصرف لبنان، بالأنظمة والقوانين المرعيّة، وشدّد على أن لا صحة لكلّ الشائعات حول وجود عقوبات أميركية على مصارف لبنانية أخرى.
وأكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لموقع Arab Economic News أنّ البنك المركزي يتابع عن كثب قضية جمّال تراست بنك بعد إدراجه على لائحة أوفاك ، موضحاً أنّ البنك المركزي لديه تواجد في المصرف، وكلّ الودائع الشرعية مؤمّنة في وقت استحقاقاتها حفاظاً على مصالح المتعاملين مع المصرف . وقال سلامة السيولة مؤمّنة لتلبية متطلبات المودعين الشرعيين للمصرف .
إلى ذلك، أعلن سلامة ارتفاع احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية من دون الذهب بما يقارب 1.4 مليار دولار أميركي مليار وأربعمئة مليون دولار وذلك في النصف الثاني من شهر آب 2019، ليقارب في نهاية هذا الشهر 38.660 مليار دولار أميركي أي ثمانية وثلاثين ملياراً وستمئة وستين مليون دولار أميركي باستثناء الذهب. وعزا البيان الصادر عن مصرف لبنان ذلك، إلى تدفق ودائع مباشرة الى مصرف لبنان، من القطاع الخاص غير المقيم وليس من دول أو جهات دولية ، ما يعكس ثقة المودعين ويعزز الثقة بالليرة اللبنانية ويساهم في خفض العجز في ميزان المدفوعات .
وعلّق وزير المالية علي حسن خليل على العقوبات الأميركية التي استهدفت المصرف، بتغريدة قائلاً: اني متأكد من قدرة القطاع المصرفي على استيعاب تداعيات القرار بحق جمّال ترست بنك، وعلى ضمان أموال المودعين وأصحاب الحقوق، والمصرف المركزي يقوم باللازم .
وليس بعيداً فإنّ مصادر مصرفية تلفت لـ البناء الى انّ جمال تراست بنك هو مصرف محدود فعلاقاته بالمصارف المراسلة في الخارج شبه معدومة، معتبرة أنّ مصرف لبنان سيتخذ الآلية للمحافظة على أموال المودعين لجهة ان يستحصل عليها هؤلاء عند اللزوم، وذلك بالتعاون مع هيئة التحقيق الخاصة ولجنة الرقابة على البنوك، قائلة اما سيتمّ اللجوء الى عملية دمج، واما شراء حقوق وموجودات هذا البنك الذي فقد إمكانية القيام بتحويلات الى الخارج.
واعتبرت مصادر اقتصادية لـ البناء أنّ القرار الأميركي يأتي في سياق الضغط على القطاع المصرفي في لبنان ليتقيّد بقانون العقوبات الأميركية، مع اشارة المصادر الى ان المصارف اللبنانية تمتثل والتشريعات الدولية وهي تلتزم وتطبق القوانين والتدابير المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال. والتي أقرّها مجلس النواب في العام 2015. ورجحت المصادر مواصلة واشنطن لسياساتها تجاه لبنان، لا سيما في ظلّ التسريبات التي تتحدث عن عقوبات ستطال مؤسسات او أشخاصاً يتعاملون مع حزب الله.
وبعدما مدّد مجلس الأمن الدولي في جلسة عقدها أول أمس، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، لمدة عام مهمة الجنود الأمميين العشرة آلاف المنتشرين في جنوب لبنان ضمن قوة اليونيفيل ووفق رغبة لبنان، اتصل رئيس الحكومة سعد الحريري بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وأكد له تحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن اعتدائها غير المبرّر وغير المسبوق على منطقة سكنية مأهولة في ضاحية بيروت منذ العام 2006، اضافة الى خرقها المتكرر لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701. وشدّد على انّ هذا العمل غير المقبول يهدّد الاستقرار والهدوء اللذين يسودان الحدود الدولية منذ 13 عاماً، منبّها الى انّ أيّ تصعيد من جانب إسرائيل من شأنه ان يهدّد بجرّ المنطقة الى نزاع غير محسوب العواقب، ما يضاعف الحاجة لكلّ الضغوط الدولية الممكنة على إسرائيل . واتفق الرئيس الحريري مع غوتيريس على استمرار التواصل بينهما لمتابعة الجهود المبذولة لمنع أي تصعيد.
وعبّر رئيس الجمهورية عن ارتياحه للقرار الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي ليل أول أمس، بالتجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب اليونيفيل لافتاً إلى أنّ القرار جاء وفق رغبة لبنان من دون أيّ تعديل لا في المهام ولا في العدد او الموازنة. واعتبر انّ قرار مجلس الامن يؤكد مرة أخرى على التزام المجتمع الدولي بالحفاظ على الاستقرار على الحدود الجنوبية، وهو ما يعمل لبنان في سبيله، خلافاً لما تقوم به إسرائيل من خروق في البر والبحر والجو التي دانها القرار. وأكد عون أنّ الجهد الذي بذله لبنان على مختلف المستويات لا سيما على مستوى الدبلوماسية اللبنانية، والتجاوب من الدول الشقيقة والصديقة، وفي مقدّمها فرنسا، يؤشران الى مدى اهتمام هذه الدول بالحفاظ على سلامة لبنان، وضمان تنفيذ بنود القرار الدولي الرقم 1701، على رغم الخروق الإسرائيلية اليومية له.
وليس بعيداً، عما نشرته البناء أول أمس، في المانشيت أكدت مصادر قناة المنار أنّ التنسيق قائم بين حزب الله و مخابرات الجيش اللبناني منذ لحظة وقوع الاعتداء على الضاحية الجنوبية »، كاشفة أنّ الحزب سلم مخابرات الجيش الطائرتين الإسرائيليتين . ورجحت المصادر انطلاق الطائرتين من جهة البحر ، مرجّحة أن تكون الطائرتان قد انطلقتا من زوارق إسرائيلية .
وأفادت المعلومات في هذا السياق الى انّ الجيش اللبناني يواصل تحليل داتا المعلومات في المسيّرتين الإسرائيليتين اللتين تسلّمهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
مصرف لبنان يعِد بتأمين الودائع «الشرعية» في «جمّال ترست بنك»: خضوع جديد للمارشال الأميركي!
المسيحيون في الإدارة العامة: الدولة المدنية هي الحلّ
حوار بعبدا الاثنين… تحت رقابة «ناظر» سيدر
إدراج «جمّال ترست بنك» على لائحة «أوفاك» الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية، جاء بمثابة رسالة سياسية في لحظة دولية وإقليمية دقيقة. هذا الاستنتاج مدعّم بتصريحات متناقضة لمساعد شؤون الاستخبارات المالية في وزارة الخزانة مارشال بيلنغسلي، ومدعوماً بالحفاوة التي تعاملت بها السفارة الأميركية في لبنان مع المصرف وتعاونه مع وكالة USAID (تقرير محمد وهبة)!.
فيما انشغل المعنيون في «جمّال ترست بنك» وخارجه، في استيعاب الصدمة الناتجة من إدراج المصرف وثلاث شركات تابعة له على لائحة «أوفاك» للعقوبات الأميركية، كان مساعد وزير الخزانة لشؤون الاستخبارات المالية مارشال بيلنغسلي يصدر بياناً سياسياً وقحاً عن علاقة المصرف «الفاسدة والشائنة» مع حزب الله، مسترسلاً في إعطاء التعليمات للحكومة اللبنانية عن «تجميد المصرف وإغلاقه وتصفيته وحلّ ديونه المستحقة الشرعية». حاكم مصرف لبنان رياض سلامة استجاب سريعاً للتعليمات الأميركية، وصرّح بأن «الودائع الشرعية (في «جمّال ترست بنك») مؤمّنة في وقت استحقاقاتها، كأنه يقرّ بأن هناك ودائع غير شرعية في المصرف، تاركاً لبيلنغسلي تحديد ما هو شرعي وغير شرعي في لبنان.
كان لافتاً أن قرار وزارة الخزانة الأميركية بإدراج «جمّال ترست بنك» وثلاث شركات تابعة له على لائحة «أوفاك»، تسرّب قبل ساعات من صدور القرار نفسه، ليتبعه بعد ساعات تصريح بيلنغسلي لجريدة «النهار» عن الاتهامات المساقة ضدّ المصرف من وزارة الخزانة الأميركية، وتوجيه تعليماته للحكومة اللبنانية بوجوب «تأمين مصلحة أصحاب الحسابات غير المنتسبين لحزب الله بأسرع وقت»… الكثير من الاتهامات التي وجّهها بيلنغسلي للمصرف وعلاقته المزعومة مع حزب الله، تتناقض مع ما قاله في 24 كانون الثاني 2018 في مؤتمر صحافي عقده في بيروت. يومها صرّح «المارشال» الأميركي بأنه «لن توجّه أي عقوبات ضدّ المصارف» وتبنّى كلاماً منقولاً عن المصارف الأوروبية والأميركية بأن «المصارف اللبنانية آمنة وخالية من أي تحويلات مشبوهة».
ما وقع فيه بيلنغسلي أوحى بأن وزارة الخزانة الأميركية سحبت من درج الاتهامات ملف «جمّال ترست بنك» في لحظة سياسية دولية وإقليمية دقيقة، ولا سيما أن تصريحه الأخير طغى عليه الطابع السياسي من دون تقديم دلائل. فالعلاقة المزعومة بين المصرف وحزب الله، بحسب ما ورد في بيان وزارة الخزانة، تعود إلى منتصف عام 2000، وهي علاقة ليست متصلة بعمليات تبييض أموال، بل بفتح حسابات لمؤسسات اجتماعية تدفع رواتب موظفيها ومساهميها من خلال المصرف، علماً بأنه لم يؤكد أو ينفِ بقاء هذه الحسابات مفتوحة أو إغلاقها ربطاً بما حصل بعد إدراج البنك اللبناني الكندي على لائحة أوفاك وما تلاها في السنوات اللاحقة من عمليات إغلاق حسابات، أو الامتناع عن فتح حسابات لمؤسسات وأفراد ورجال أعمال شيعة بشكل عام.
وربطاً بهذا الأمر، كان مقلقاً أكثر اعتماد سلامة التصنيف الأميركي للحسابات الشرعية وغير الشرعية، إذ لم يكشف الأميركيون عن مصدر معلوماتهم عن العلاقة المزعومة والدليل الذي «يدين» بنك الجمال، وما إذا كانت هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان والتي يرأسها سلامة، تبلغت مسبقاً بالتدقيق الذي تجريه وزارة الخزانة عن حسابات في بنك الجمال، وما إذا سلّمتها أي معطيات بهذا الشأن.
هناك وقائع إضافية تكشف عن «غدر الأميركيين» بالمصرف، إذ كان «جمّال ترست بنك» يحاول نسج علاقات إيجابية مع السفارة الأميركية في بيروت، واعتبر أنه نجح في هذا الأمر عندما أطلق برنامج تعاون مشترك مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID). يومها، أي في 2018، أعلنت السفارة على حسابها الرسمي على موقع «تويتر»، التعاون بين الوكالة والمصرف لرفع مستوى الحصول على الخدمات المالية عبر منتج خاص بالمصرف يسمى «وفّر واربح» للوصول إلى زبائن جدد وتعزيز الثقافة المالية لدى طلاب المدارس الرسمية في لبنان.
لا شكّ بأنه ليس أمام لبنان سوى التعامل مع مسألة إدراج «جمّال ترست بنك» على لائحة «أوفاك» على أنها مسألة محسومة النتائج، إلا أن رعب المسؤولين المصرفيين، دفعهم إلى التصريح علناً بالطاعة للأميركيين، كما فعل سلامة باعتماده التصنيف الشرعي وغير الشرعي للحسابات، ورئيس مجلس إدارة جمعية المصارف سليم صفير الذي تحدّث من بعبدا عن تطمينات أميركية بأنه ليس هناك مصارف أخرى مدرجة على جدول العقوبات. هل كان صفير يقصد التطمينات أو الغدر الأميركي؟
على أي حال، إن هذا النوع من تقديم فروض الطاعة للأميركيين كان صداه مؤلماً أمام الأذية التي لحقت بعشرات العائلات من موظفي المصرف الذين كانوا يناقشون مصيرهم المجهول، وأمام مئات أصحاب الحسابات القلقين من تصنيفهم بين شرعي وغير شرعي وفق معايير أميركية غير واضحة. لكن الجميع تخطّى هذه المسألة في اتجاه تعزيز استقرار السوق المصرفية بكل الطرق المتاحة، ولو كان بينها إعلان الخضوع للأميركيين مرة جديدة. وبات الكل يفتّش عن الحلّ الذي يمكن أن يرضي واشنطن: أي مصرف تنطبق عليه الشروط الأميركية لـ«يفوز» بصفقة الاستحواذ على مطلوبات وموجودات «جمّال ترست بنك» من دون الحسابات التي يرى الأميركيون أنها «مشكوك فيها»؟ هل يلجأ مصرف لبنان إلى معالجات مختلفة كأن يضع يده على المصرف مباشرة ويتعهد بمعالجة الحسابات المصنّفة أميركياً بأنها غير شرعية؟
بعض المصرفيين قالوا أمس إن مصرف لبنان سمح لـ«جمّال ترست بنك» بإصدار شيكات لحساب الزبائن مسحوبة على مصرف لبنان، تأكيداً لما صرّح به سلامة عن ضمان الودائع، كما سرت شائعات عن انتقال حسابات المصرف إلى فرنسبنك، وهو أمر نفاه الأخير في بيان رسمي صادر عن إدارته.
«جمّال ترست بنك»… مصرف عائلي يذوي
في نهاية عام 2018، بلغت قيمة ودائع «جمّال ترست بنك» وفق التصنيف الذي تعدّه «الاقتصاد والأعمال»، نحو 1636 مليار ليرة، ولديه ودائع بقيمة 1368 مليار ليرة، وتسليفاته بقيمة 806 مليارات ليرة، وأمواله الخاصة الأساسية تبلغ 130 مليار ليرة، وأرباحه 7 مليارات ليرة. وبحسب بنك داتا، فإن «جمّال ترست بنك» يملك 25 فرعاً مصرفياً في 2017، ولديه أكثر من 400 موظف، وهو يتعامل مع «ستاندرد تشارترد» كمصرف مراسلة في نيويورك وفي طوكيو، ولديه تعاملات مع مصارف مراسلة في كولومبو وفي لندن وفي المنامة وفي ميلان وروما، والرياض وباريس. كذلك لديه ثلاثة مكاتب تمثيلية في لندن وساحل العاج ونيجيريا.
وكان رئيس مجلس إدارة «جمّال ترست بنك»، أنور الجمال، قد تمكّن في السنوات الماضية من شراء حصص غالبية الورثة في المصرف ليصبح مالكاً لأكثر من 95% من أسهمه. كذلك باع الجمّال عقارات بقيمة تفوق 40 مليون دولار، من ضمنها عقار اشتراه من مصرف لبنان من ضمن تركة «بنك المدينة»، ثم اشترى من المطور العقاري المتعثّر سمير حداد المبنى الذي يشغله المصرف اليوم بوصفه مقرّه العام في منطقة العدلية بقيمة 20 مليون دولار أميركي.
المسيحيون في الإدارة العامة: الدولة المدنية هي الحلّ
لا تزال «حقوق الطوائف» في لبنان تأخذ حيّزاً كبيراً من النقاشات السياسية. المسيحيون، منذ انتهاء الحرب الأهلية، يشعرون بأنّهم فقدوا «دولتهم» وبأنهم يُعانون من غُبن، فابتعد قسمٌ كبير منهم عن كلّ ما يمتّ لها بصلة. استسهلوا الهجرة، فانحسر عددهم، ثمّ أسسوا قطاعاً خاصاً رديفاً للقطاع العام، فلم تعد المؤسسات العامة تُغريهم. والآن، يأتي من يُعرقل باسمهم تعيينات عامة، بحجة غياب التوازن، من دون الذهاب نحو البحث في أصل المشكلة (تقرير ليا القزي).
18 مركزاً كانت شاغرة، لوظيفة حارس أحراج، في منطقة دير الأحمر. كم عدد الذين تقدّموا بطلبات توظيف إليها من أبناء قرى دير الأحمر والمحيط؟ «ما حدا قدّم»، بحسب رئيس مؤسسة «لابورا» الأب طوني خضرا، مُضيفاً إنّه «كان سيتم توظيف أفراد، من النبطية، نجحوا في المباراة، لأن أحداً لم يتقدّم من بلدات الدير». لا يقول خضرا ذلك من باب انتقاد تعيين لبنانيين من الجنوب في البقاع الشمالي، ولكن لتظهير مشكلة «انتقائية» المواطنين المُنتمين إلى الطائفة المسيحية، في التقدّم إلى الوظائف الرسمية، «لأنّ الأمر له علاقة بالاختصاصات والوظائف التي يتقدّمون إليها». يُقدّم خضرا الدورة الأخيرة في وزارة الخارجية والمغتربين، كمثال، حين بلغت نسبة نجاح المنتمين إلى الطائفة المسيحية 58.5٪. لكن بالعودة إلى دورات أخرى لملء شواغر في الإدارة العامة، يظهر «الخلل» بالرؤية التي تتمّ بها مقاربة وظيفة «الدولة»، لدى هذه الفئة من المواطنين. عام 2017، نظمت المؤسسة الوطنية للاستخدام مباراة لملء شواغر فيها. عدد الذين قُبلت طلبات ترشحهم من «المسيحيين» لوظيفة رئيس الدائرة الإدارية مثلاً، 122 شخصاً، من أصل 526 قبلت طلباتهم. أما لوظيفة سائق، فمن أصل 104 أشخاص قُبِلَت طلبات ترشحهم، بلغ عدد «المسيحيين» 14 شخصاً فقط. في وزارة الزراعة، بلغ عدد الذين قُبلت طلبات ترشحهم 229 مسيحياً، من مجموع 1841 شخصاً، من بينهم 199 «مقبولاً» مسيحياً لوظيفة حراس أحراج وصيد وأسماك، من أصل 1684 فرداً قُبلوا لخوض امتحان هذه الوظيفة.
«الفرد المسيحي بحاجة إلى أن يتواضع أكثر، فهو لا يقبل بالحياة العادية. كان يُفتش عن الوظائف التي تؤمّن له دخلاً أكبر، يعني القطاع الخاص، بالتوازي مع عدم وجود توجيه وتوعية في المدارس والجامعات، على أهمية وظيفة الدولة»، يقول خضرا. في الإطار نفسه، يتحدّث النائب السابق فارس سعيد، عن أنّه «حين انهارت دولة المسيحيين في الـ 1975، ذهب أبناؤها يبحثون عن دولة. وكما كلّ الطوائف الأخرى، بنوا خلال الحرب مؤسسات رديفة، فتقدّم قطاعهم بتطوره وارتباطه بالغرب، على القطاع الرسمي». التقى الدافع الاقتصادي مع الأسباب السياسية، التي باعدت بين «المسيحيين» والدولة، منذ انتهاء الحرب الأهلية، ودخول الجيش السوري إلى لبنان، «ثم مقاطعة الانتخابات في الـ 1992، التي اعتُبرت محطة مفصلية. بعدها بدأ تراجع الدور المسيحي في الإدارة والدولة»، بحسب الوزير السابق يوسف سعادة. لكنّ القصة لا تقف عند وجود قطاع وظيفي بديل لهم، «بل بسبب الخوف من الخدمة على مساحة الوطن»، يقول سعيد، ذاكراً كيف أنّه ساهم في ما مضى بإدخال «30 شخصاً إلى قوى الأمن الداخلي، لم يبقَ منهم إلا ثلاثة». النائب وهبة قاطيشا مُتفائل: «حين يُصبح هناك دولة جدية، لا ينخرها الفساد للعظم، يتشجع عندها الفرد للعمل في مؤسساتها».
في الـ 1990، كانت نسبة «المسيحيين» الذين يتقدمون إلى الوظيفة العامة 48٪، يقول خضرا. انخفضت النسبة إلى 13.5٪ مع بلوغ عام 2008، «لتعود وترتفع إلى 30٪ حالياً، بسبب التوجيه والإعلان السليم عن الوظائف المتاحة. منذ بداية عملنا في الـ 2008، أمّنا توظيف 9500 شخص في الدولة. عملنا على ردّ المسيحيين إلى الدولة وليس العكس». ولكن إعادة ارتفاع نسبة «المسيحيين» في الدولة لا علاقة لها فقط بالتوجيه والتدريب، فالأزمة الاقتصادية التي تعصف بالقطاع الخاص أدت دوراً رئيسياً بتبدل المعطيات. «أصبح القطاع الرسمي مُنافساً لأرباب القطاع الخاص»، يقول النائب آلان عون، ويُضيف إليه النائب الياس حنكش «ارتفاع المعاشات، نتيجة إقرار سلسلة الرتب والرواتب، ما شجّع الناس على الوظيفة العامة».
أرقام إحصائيات المباريات للوظائف العامة، تعكس سبباً آخر لنقص نسبة المواطنين «المسيحيين»، في القطاع العام. فحتى لو وُجدت «النية»، للانخراط في المؤسسات الرسمية، «يبرز العامل الديموغرافي، كتحدّ أساسي أمامهم، لأنّه لا يوجد عددٌ كاف من المسيحيين للتقدم إلى الوظائف العامة»، بحسب أحد الخبراء الإحصائيين. في كتاب «انتخابات مجلس النواب اللبناني 2018»، الصادر عن شركة الدولية للمعلومات، يُذكر أنّ نموّ الناخبين المسيحيين وصل في تسع سنوات، إلى نحو 24.69٪، مقابل 75.31٪ نمو الناخبين المسلمين، للشرائح العمرية ما بين الـ 21 والـ 29 عاماً. وإذا استمرّ هذا الوضع، «وبغياب كوارث وحروب، فمن المتوقع أن تنخفض نسبة المسيحيين في عام 2081 إلى 11٪ مقابل ارتفاع نسبة المسلمين إلى 89٪، وذلك لأسباب عدّة تتعلّق ببناء الدولة». تدحض الأرقام، كلام الأحزاب والسياسيين «المسيحيين»، عن وجود «آخر» يستولي على «الحصة المسيحية»، ففي الأصل يوجد أسباب «ذاتية» تجدر معالجتها ليتمكنوا من إنهاء ما يعتبرونه «خللاً». وقد تكون البداية بإنهاء سياسة «وقف العدّ»، وإخراج الرأس من التراب، لتقبّل الوضع الحقيقي، وفهمه، والتمكّن من وضع استراتيجيات «إنقاذية». أما في الواقع الحالي، فستبقى مطالبتهم بالمناصفة بعيدة المنال.
يتذكّر يوسف سعادة حين كان زياد بارود وزيراً للداخلية، «فطالبنا كتيار مردة داخل مجلس الوزراء، بالتعاون مع جبران باسيل، بفتح دورة في قوى الأمن الداخلي لـ 4000 عنصر، مُخصصة للمسيحيين. تعاون الجميع لتصحيح الخلل، ونجح يومها 3000 عنصر. هذا دليل على أنّ شركاءنا يريدوننا، لكن المشكلة فينا». انطلاقاً من هنا، يتبين للخبير الإحصائي أنّ الأولوية يجب أن تكون «بناء الدولة خارج النظام الطائفي». أما لدى السياسيين المُهتمين بالحفاظ على «المسيحية» كجماعة فاعلة في المجتمع، «فعليهم البحث في كيفية الحفاظ على وجودها الفعلي، من خلال تقديم المحفزات لأبنائها حتى لا يُهاجروا، ويتناقص عددهم. فالتحدّي الأبرز لا يتعلق بزيادة مقعدين أو ثلاثة للمسيحيين في الدولة، التي يُفترض أن يتم التعامل مع المواطنين فيها بمعزل عن انتماءاتهم الدينية، بل ما يُمكن عمله للحفاظ على الوجود الفعلي للمسيحيين في المجتمع».
نتيجة النظام الطائفي القائم، تبرز كلّ مدة في لبنان هواجس واحدة من الجماعات الدينية، فتبدأ رفع الصوت مُطالبةً «بالحقوق». منذ بداية التسعينيات، والسياسيون المسيحيون، الذين خسروا الحرب أو أُخرجوا من الحكم، مُصابون بإحباط، يُحاولون تعميمه على الجماعات التي تتأثر بهم، من خلال الحديث عن غُبنٍ وحقوق مهدورة. أتى اتفاق الطائف، «ليُشعر الساسة المسيحيين بأنّ دورهم انحسر، فبدأوا البحث عن تعويض له، من دون أن يُقدّروا أنّ الطائف أعطاهم نهائية الكيان اللبناني»، يقول فارس سعيد، مُضيفاً إنّ هؤلاء «إذا لم يحكموا لبنان، تُصبح حدود دولتهم من كفرشيما إلى المدفون. وإذا حكموا البلد، يُطالبون بالـ 10452 كلم مربعاً».
وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية شكّل رهاناً لكثيرين، بأنه سيُشكّل الحجر الأساس للانتهاء من مرحلة التعامل مع المواطنين بوصفهم رعايا الطوائف، نحو بناء الدولة المدنية التي تؤمّن الحقوق لكلّ أبنائها. فالإحباط لا يُصيب جماعة دون غيرها، بل هناك حالة عامة من التقصير في تأمين حقوق كلّ المواطنين. إلا أنّ العكس هو ما حصل، مع اتخاذ التيار الوطني الحرّ موقعاً له على طاولة زعماء الطوائف، وتضييقه دائرة الاهتمام خاصته لتُصبح محصورة بـ«جماعتنا، حقوقنا، موظفينا…»، ويظهر الأمر كأنّه مُجرد مطالبة بحقوق المسيحيين العونيين، وتأمين حصّة لهم في الحكم. كرّت سُبحة مُطالبة التيار العوني «بحقوق المسيحيين»، من تعطيل التوقيع على مراسيم بحجة غياب التوازن، وصولاً إلى طلب تفسير المادة 95 من الدستور. يرفض النائب ألان عون ما سبق، مؤكداً أنّه «بعد الـ 2005، بدأنا نربح المعركة تلو الأخرى في السياسة، والآن نخوض معركة الوظائف، لأنّ البُعد الوطني يقتضي أن يكون الجميع معنياً بالدولة ويشعر بأنّها له. وبالفعل تحسّن شعور المسيحي تجاه الدولة، بعدما عُدنا شركاء». يردّ الياس حنكش بأنّه «لم يسبق أن كان للمسيحيين تمثيل ورقي قوي، منذ اتفاق الطائف، كما هو اليوم: رئيس لديه وزن تمثيلي، الوزراء مُعينون من الأحزاب المسيحية الوازنة، العدد الأكبر من النواب المسيحيين يحظون بمشروعية شعبية نتيجة قانون الانتخابات، ولكن ذلك لم يلغ دافع الهجرة لدى المواطنين المسيحيين، والقرف من البلد. المعيار يجب أن يكون الكفاءة». فالقصة، كما يقول وهبة قاطيشا، «ليست عدداً، بل دور استراتيجي، والتوحد حول فكرة قيام دولة عادلة».
يقول يوسف سعادة إنّ «الدستور واضح، بعدم ذكر المناصفة إلا بالفئة الأولى. إذا لم يكن هناك عناصر مسيحية تدخل إلى الجيش، مثلاً، لا نُشكّل جيشاً؟ المسيحي لا يتقدّم إلى الوظائف العامة، بسبب الخوف الذي يولده الخطاب الطائفي التحريضي. وهنا دور القوى السياسية المسيحية بأن توقف هذا الخطاب». أما السؤال المطروح، فهو «ما الدور الذي نريد؟ يجب أن نكون روّاد الدولة المدنية، ونشدّ بقية القوى اللبنانية نحو المواطنة».
خضرا: لوضع آلية تعتمد الكفاءة
بعيداً عن معزوفة المناصفة، وإصلاح الخلل، يطرح رئيس مؤسسة «لابورا» الأب طوني خضرا إشكالية أخرى في مباريات الخدمة المدنية. «لماذا يوجد وظائف، مهلة تقديم الطلبات إليها شهر وأخرى 15 يوماً؟ لماذا لا يوجد معيار واحد؟ اللجان الفاحصة «مزبوطة»؟ كلا! لأنّ أعضاءها يضعون الأسئلة التي يكونون قد درّسوها لطلابهم في الجامعات». لذلك، يطرح خضرا وضع آلية «تبدأ باعتماد الكفاءة، وطريقة الإعلان عن الوظيفة، وتصحيح الامتحانات، وإصدار المراسيم». هذا الحلّ «بحاجة إلى دولة علمانية. إذا أردنا بلداً متنوعاً، ممنوع على أي طائفة أن تُهيمن. فبالأساس، لبنان التنوع هو المُستهدف». ويسأل خضرا: «يريدون إصلاح البلد أم لا؟ فليُصلحوه، ويكون هناك حقوق إنسان وعدالة وتوازن، وعندها تتحسّن أمور التوظيف».
حوار بعبدا الاثنين… تحت رقابة «ناظر» سيدر
لم يسرُق الاعتداء الإسرائيلي الخطير الذي داهم منطقة الضاحية الجنوبية على غفلة فجرَ الأحد الماضي الأنظار عن التحديات الاقتصادية ــــ المالية التي يواجهها البلد. فعلى الرغم من التبعات التي رتّبها عدوان المسيّرتين الإسرائيليتين وما أعقبه من استنفار أمني وسياسي ودبلوماسي، تستعدّ البلاد للحوار الاقتصادي الذي تستضيفه بعبدا الاثنين، كمحطة انطلاق نحو مناقشة موازنة العام 2020 التي يعد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأن تكون أول موازنة تُقرّ في موعدها الدستوري (قبل نهاية العام الجاري). وتنعقد طاولة الحوار بالتزامن مع زيارة الموفد الفرنسي الخاص بمتابعة مؤتمر «سيدر»، بيار دوكان، لبيروت.
وفيما كان الأخير قد عبّر في زيارة سابقة عن استيائه من عدم جدية الأطراف اللبنانية في تنفيذ الشروط المطلوبة من دائني «سيدر»، واحتمال عدم قدرة لبنان على الوفاء بما وعد به من «إصلاحات والتزامات»، قالت مصادر سياسية لـ«الأخبار» إن «المبعوث المكلف بمتابعة تنفيذ مقررات المؤتمر يأتي الى لبنان من أجل الاطلاع على آخر المستجدات الاقتصادية والمالية في ضوء الحوار الذي يستضيفه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون».
وسبقَ الزيارة لقاء بين عون والمدير الإقليمي لمجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا ساروج كومار جاه، الذي أكد عقب لقائه رئيس الجمهورية أن «هناك قدرات كبيرة للنمو، بحثناها مع الرئيس عون، وعدد كبير منها يتعلّق بقطاع النقل وتحسين الطرقات، والمشاريع المتعلّقة بتحسين المياه، ومجموع قيمة المشاريع مليارا دولار أميركي». وأكد دعم «البنك الدولي للرئيس عون والحكومة، وخصوصاً بما تقوم به من إصلاحات». وقال رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، الذي حضر اللقاء، إنّ «الأولويّات اللبنانية هي محور اهتمام دولي ومحلّي، والثقة المطلوبة من خلال مبادرات الرئيس عون تأخذ طريقها العمليّ للخروج من الأزمة». وأوضح أنّ «هناك تقارباً بالأولويات كبيراً بين نظرة الدولة ونظرة البنك الدولي، وتحديداً بمسألة الكهرباء والحكومة الإلكترونية أو مكننة الإدارة اللبنانية».
من جهته، رأى رئيس الحكومة سعد الحريري أن «المرحلة التي يمر بها لبنان اليوم صعبة وحساسة والتحدي فيها كبير، لكن تجاوزها ليس مستحيلاً». وخلال لقائه وفداً من المشاركين في المؤتمر الشبابي السنوي التاسع الذي نظّمته مصلحة الشباب في «تيار المستقبل»، شدّد الحريري على أن إيجاد فرص العمل هو أكبر مشكلة يعانيها لبنان اليوم، معتبراً أن تطبيق مقررات «سيدر» وخطة ماكينزي «يمكن أن ينهض بالاقتصاد ويحدث نمواً في البلد وإيجاد فرص عمل في مختلف المجالات». وأشار إلى أن «الحكومة تعتزم القيام بسلسلة من الإجراءات التي يمكنها أن تحفّز الاقتصاد اللبناني، ولا سيما من خلال مزيد من الشراكة بين القطاعين العام والخاص».