تركزت افتتاحيات الصحف على موضوعين محوريين : نتائج "الحوار" الإقتصادي الذي جرى في قصر بعبدا. والعقاب الدقيق الذي نفذته المقاومة اللبنانية ضد جيش الإحتلال "الإسرائيلي" بعد عدوانه على ضاحية بيروت الجنوبية. في الموضوع الأول، لخصت "اللواء" نتائج "الحوار" بالقول : أن "الطبقة السياسية تلحس المبرد". أما "الأخبار" فلاحظت أن "لا ضرائب على الأثرياء" نتيجة "حوار بعبدا". كما كشفت "البناء" عن "إسقاط محاولات زيادة أسعار البنزين وزيادة الضرائب" خلال جلسة "الحوار". في الموضوع الثاني، الذي تابعته الصحف، كرست "الأخبار" ملفاً واسعاً لمتابعة تفاصيل عملية المقاومة في محيط مستوطنة "أفيفيم"، وردود الفعل الصهيونية. وفي الملف أوجزت "الأخبار" خطاب السيد حسن نصرالله الذي أعلن أن يوم 1 أيلول 2019، يوم تنفيذ العملية، هو بداية مرحلة جديدة في توازن الردع بين المقاومة و"إسرائيل". وخلاصة الخطاب أن معاقبة لبنان لـ"إسرائيل" هو رد ردعي ديناميكي دائم وليس رداً ستاتيكياً عرضياً.
البناء
بري في ذكرى الصدر: كمحور مقاومة لن نسمح بترميم الردع الإسرائيلي… ولتطبيق كامل بنود الطائف
المقاومة تردّ في عمق فلسطين… ونصرالله: لا خطوط حمراء بعد اليوم… وبدأت حرب المسيَّرات
لقاء بعبدا الاقتصادي: الحريري أعلن حالة الطوارئ الاقتصادية… وحردان تقدَّم بورقة عمل
ثلاثة محاور تراكمت خلال ثلاثة أيام، فيوم السبت كان يوم الإمام السيد موسى الصدر وكانت الكلمة لرئيس مجلس النواب نبيه بري وما تضمّنت من رسم لمعادلات وتثبيت لمواقف، ويوم الأحد كان يوماً من أيام المقاومة، والأول من أيلول تاريخ على كيان الاحتلال أن يحفظه جيداً، فهو يوم الردّ المؤلم في عمق فلسطين، حيث كان تتويجاً لأسبوع العقاب على محاولة العبث بقواعد الاشتباك، وصولاً لترسيخ معادلات ردع جديدة كرّسها الأمين العام لحزب الله في كلمته أمس، حيث كان له حديث المساء، بعدما كان النهار لاجتماع بعبدا الاقتصادي الذي انتهى بإعلان رئيس الحكومة سعد الحريري حالة الطوارئ الاقتصادية بعد نقاش بدأه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وشارك فيه قادة الأحزاب والكتل النيابية، وأعلن بعده رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أن محاولات زيادة أسعار البنزين وزيادة الضرائب قد سقطت.
في لقاء بعبدا كانت مشاركة الحزب السوري القومي الاجتماعي والكتلة القومية، برئيس المجلس الأعلى في الحزب أسعد حردان الذي قدم ورقة عمل، قال مشاركون في اللقاء إنها اتسمت بالجدية، والمهنيّة العملية في مقاربة الوضعين الاقتصادي والمالي، وركزت مداخلته على توجيه التحية بداية للرؤساء الثلاثة على مواقفهم المبدئية في التصدي للعدوان الإسرائيلي، وشرحاً للأزمة الاقتصادية والمالية وتداعياتها الاجتماعية، وتقديماً لعدد من المقترحات تضمّنت كيفية تأمين فرص لنمو القطاعات الاقتصادية، وكيفية تخفيض أعباء الدين العام، وضمان تخفيض عجز الخزينة محذراً من خطورة المساس بالطبقات الشعبية والتفكير بعقلية الضرائب المباشرة واستسهال تحميل المواطنين المزيد من الأعباء.
الرئيس الحريري لخص أبرز المقررات لحالة الطوارئ، بخفض عجز الكهرباء إلى النصف تقريباً في موازنة 2020، وإنهاء المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، إلى إعادة تنظيم القطاع الوظيفي في الدولة، والإسراع بإنجاز الموازنة وإقرارها، وتنفيذ مشاريع سيدر، متحدثاً عن مهلة ستة شهور للنجاح بالفوز بثقة مؤسسات التصنيف المالي الدولية.
في كلمة الرئيس نبيه بري التي سبقت لقاء بعبدا وعملية المقاومة النوعية، وكلام الأمين العام السيد حسن نصرالله مساء أمس، ملاقاة في الجوهر لما حدث وما قيل بعدها، من تكريس لمعادلة الردع بوجه جيش الاحتلال، بقوله إننا كمحور مقاومة لن نسمح بإعادة ترميم قدرة الردع الإسرائيلية في المنطقة، داعياً حركة أمل للجهوزية للمشاركة من موقع المقاومة في مواجهة العدوان الإسرائيلي، معتبراً أن المقاومة وحدها ستعيد تصويب المسار. وعن سورية التي أبدى خشيته من مشاريع التقسيم التي تتهدد وحدتها أعلن تأييد تحرير سورية لكامل أراضيها، معلناً رفض الحصار الذي تتعرض له إيران عقاباً على موقفها من فلسطين. أما تجاه الداخل اللبناني فعنوانان رئيسيان، حالة الطوارئ الاقتصادية ودعوة للتطبيق الكامل لبنود اتفاق الطائف يضعنا على مشارف الدولة المدنية.
أما الحدث الأبرز الذي برر غياب الأحداث الإقليمية عن الواجهة، فقد كان الرد المزلزل الذي وجهته المقاومة لجيش الاحتلال ليصير هو الحدث الدولي والإقليمي الأول، وقد كرّس له السيد نصرالله إطلالته الثانية في إحياء ليالي مناسبة عاشوراء، شارحاً حجم التهويل والتهديد والترهيب الذي سبق ردّ المقاومة، وكيف تحوّل الأمر إلى التهوين والتخفيف من وطأة الرد عندما تكشف الوهن الإسرائيلي والعجز والجبن والضعف أمام إرادة وعزم المقاومة.
قدّم السيد نصرالله عناوين تفصيلية للإنجازات التي تضمنتها عملية الردّ تنفيذاً لوعد المقاومة، والبداية بالوضع الداخلي المتين والمتماسك والشجاع والعازم على حفظ الكرامة الوطنية، مشيراً إلى أن هذا التماسك مكّن المقاومة من الفوز بتماسك الشعب والجيش والمقاومة في المواجهة مع معادلات الاحتلال المذعور والمردوع والخائف والهارب من الخطوط الأمامية وما وراءها، معتبر العملية بداية مرحلة جديدة، خصوصاً لجهة كونها أول إسقاط عربي للخط الإسرائيلي الأحمر المحيط بحدود فلسطين المحتلة، قائلاً إنه من اليوم لم تعد هناك خطوط حمراء داعياً جيش الاحتلال ومستوطنيه لحفظ هذا التاريخ جيداً، الأول من ايلول موعد سقوط هذا الخط الأحمر. وجدّد السيد نصرالله الدعوة لانتظار رد المقاومة على انتهاك الأجواء اللبنانية بالطائرات المسيَّرة لجيش الاحتلال، مختصراً المعادلة التي أثبتتها المقاومة، بمعاقبة كيان الاحتلال وجيشه على كل محاولة لخرق قواعد الاشتباك برفع منسوب هذه القواعد بقواعد جديدة أشد قوة، وصدّ كل محاولة للاستخفاف بمعادلة الردع بجعل مستوى هذه المعادلة أشدّ وضوحاً ورسم حخطوط حمراء جديدة أمام جيش الاحتلال وإسقاط المزيد من خطوطه الحمراء.
نصرالله: كسرنا الخطوط الحمر!
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن أكبر خط أحمر إسرائيلي منذ عشرات السنين كسرته المقاومة الإسلامية في العملية الأخيرة التي نفذتها.
وأشار السيد نصرالله في كلمته في المجلس العاشورائي المركزي في الضاحية الجنوبية، الى أن المقاومة كانت سابقاً ترد داخل مزارع شبعا المحتلة أما اليوم، فنردّ من خلال حدود 1948 التي تعتبرها إسرائيل خطاً أحمر. والجديد في الأمر أننا انتقلنا من الرد في أرض لبنانية محتلة إلى أرض فلسطين المحتلة .
وشدّد على أن لبنان كان قوياً ومتماسكاً في عملية الرد على العدو الصهيوني وفي تغطيتها، أضاف ليس فقط حزب الله لم يتزحزح من التهديدات الإسرائيلية بل أيضاً كل المسؤولين اللبنانيين . وكشف أن الإسرائيلي بذل جهده لاستيعاب العملية وقصفه الأراضي اللبنانية كان لأهداف دفاعية. كما كشف أن الطائرتين المسيَّرتين الإسرائيليتين اللتين انفجرتا في الضاحية الجنوبية لبيروت لم تحققا ما أرسلتا من أجله، مشدداً على أن المقاومة لن تقبل بفرض معادلات جديدة وتضييع الإنجازات التي حققناها في حرب تموز .
وفي سياق ذلك، أكدت مصادر البناء أن قيادة المقاومة وبعد إجراء التحقيقات استخلصت أن هدف الطائرتين المسيّرتين كان تنفيذ عملية اغتيال أحد قادة المقاومة من دون ترك أي دليل أو بصمة على تورط اسرائيلي.
وتوجّه السيد نصرالله للصهاينة بالقول: إذا اعتديتم فإن كل جنودكم ومستعمراتكم في عمق العمق ستكون ضمن أهداف ردّنا، احفظوا تاريخ 1 أيلول 2019 لأنه بداية مرحلة جديدة من الوضع عند الحدود لحماية لبنان . وأضاف الأول من أيلول بداية لمرحلة جديدة للحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة وليس هنالك خطوط حمراء. وفي الدفاع عن لبنان ليس هناك خطوط حمراء. نحن في مساحة عمل جديدة هي مواجهة المسيّرات الإسرائيلية في سماء لبنان .
وأكد أنه في ما يتعلق بمواجهة المسيّرات الموضوع هو بيد الميدان ، مشدداً على أن السماح لإسرائيل بانتهاك سيادتنا أمر انتهى . ومنح السيد نصرالله فرصة للجهود والاتصالات الدبلوماسية لمنع المسيَّرات الاسرائيلية عن خرق الأجواء اللبنانية، مع مهلة ضمنية لـ ضبضبة المسيَّرات قبل أن تفعل المقاومة ذلك بنفسها. وقال إن الحريص على استقرار لبنان يجب أن يقول للإسرائيليين انتهى زمن السماح لمسيَّراتكم بخرق سيادتنا .
وأكد أننا سننتهي من هذه الجولة إلى موقع جديد وأقوى وقد منعنا نتنياهو من توهين توازن الردع .
ولفت إلى أن المقاومة قالت علناً إنها سترد من لبنان وقلنا للعدو أن ينتظرنا، وهذه نقطة قوة للمقاومة، مشيراً الى أن العدو الإسرائيلي قام بإخلاء القرى الحدودية مع لبنان بشكل كامل ولم يكن هناك تواجد لأي جنود أو آليات على الطريق الحدودية، كما قام بإخلاء مواقع أمامية بشكل كامل، وأضاف أنا قلت لهم انضبّوا لكنهم هربوا . وهناك ثكنات عسكرية إسرائيلية تمّ إخلاؤها على الحدود، وانعدام للحركة بعمق من 5 إلى 7 كم داخل الأراضي المحتلة خلال الأسبوع الماضي بشكل كامل .
كما أوضح أن المقاومة عمدت الى إطلاق العملية في وضح النهار وليس في الليل رغم الفرص المتوفرة في هذا الوقت، وأنها ضربت في عمق معين بالرغم من كل الإجراءات والتدابير، واشار إلى أن أهم ما حصل هو الإقدام ونفس القيام بالعملية رغم كل التهديدات الإسرائيلية.
وتوقف خبراء عسكريون واستراتيجيون عند كلام الامين العام لحزب الله مستخلصين نقاطاً عدة: الأولى قدرة المقاومة على اتخاذ قرار الرد ولم تأبه لكل التهديدات الدولية وأساليب الترهيب والترغيب. وهذا بحد ذاته يعبر عن قوة واقتدار تستند الى قوة عسكرية وموقف وطني متين وحلف إقليمي واسع. وهنا تشير مصادر مطلعة لـ البناء الى مروحة اتصالات دبلوماسية من دول غربية عدة وتحديداً الولايات المتحدة وفرنسا بمسؤولين لبنانيين لا سيما برئيس الحكومة سعد الحريري للضغط على لبنان لمنع الرد، إلا أنها باءت بالفشل ولم تنتزع من لبنان أي تعهد بذلك بل كان الموقف اللبناني موحداً بأن إسرائيل هي التي اعتدت وهدّدت الاستقرار في الجنوب .
ويضيف الخبراء العسكريون لـ البناء أن المقاومة نفذت كل أركان العملية وحققت نجاحاً في أقسى الظروف والسؤال الكبير الذي سيطرحه القادة الإسرائيليون على أنفسهم بحسب الخبراء العسكريين هو: إذا كانت العملية نجحت في ظل كل هذه الإجراءات المتخذة والتأهب والاستعداد وفي نقطة على عمق 2 كيلومتر في الحدود الفلسطينية فكيف سيكون الحال إذا فاجأ حزب الله إسرائيل بهجوم؟ كما يضيف الخبراء أن حزب الله نسف كل الإنجازات التي تحدّث عنها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنه دمّر أنفاق المقاومة وحقق الاستقرار للمنطقة الشمالية وتمكّنت المقاومة من فضح كذبه والتأكيد بأنها قادرة عبر الأنفاق وغير الأنفاق أن تنفذ عمليات وتحقق نجاحات وتحقق خسائر للعدو ودون خسائر لها .
ويشير الخبراء الى مدى الخوف الذي عمّ في إسرائيل من الرد واللجوء الى الكذب وأن تبرير عدم الرد الاسرائيلي على العملية لم يقنع أحداً وجاء شريط الفيديو الذي بثته المقاومة للعملية ليؤكد كذب العدو وصدق المقاومة ما سينعكس سلباً على المؤسستين السياسية والعسكرية في إسرائيل .
وكانت المقاومة الاسلامية عرضت مشاهد خاصة للعملية التي استهدفت ناقلة جند صهيونية مدرعة من نوع وولف بصاروخ كورنيت مضاد للدروع، وأظهر الفيديو الذي بثه الاعلام الحربي عبر قناة المنار مكان انطلاق الصاروخ الذي استهدف الآلية الصهيونية بشكل مباشر ما يدحض رواية العدو عن عدم وقوع إصابات في العملية.
وتحدّثت وسائل إعلام عن صمت رسمي حتى ساعة متأخرة من مساء أمس، في الأوساط السياسية الإسرائيلية بعد كلمة السيد نصر الله فيما عبرت القناة 12 الإسرائيلية أن حزب الله أثبت بتوثيقه أنه قادر على إطلاق النار باتجاه طرق كانت تعتبر آمنة.
برّي: المقاومة سر المعادلة
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد دعا أفواج المقاومة اللبنانية – أمل ، إلى البقاء على أهبّة الجهوزية والاستعداد، لإفهام العدو بأن أرض لبنان وكل شبر منه مقاوم . وأشارت مصادر اعلامية الى أن مجموعة من المقاومين التابعين لـ أمل انتشرت على طول الحدود الممتدة من بلدة راميا حتى بلدة مركبا، تلبية للنداء الذي أطلقه بري .
موقف بري جاء خلال كلمته في المهرجان الجماهيري الحاشد، لإحياء الذكرى 41 لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه الذي أقيم في مدينة النبطية، تحت عنوان «أمل إرثها في ثورتك»، وشارك فيه مئات الآلاف من مختلف المناطق والأطياف الروحية والسياسية والشعبية.
ولفت رئيس المجلس الى أن حركة أمل، شأنها شأن محور المقاومة، لن تسمح لإسرائيل بترميم صورتها الردعية في الشرق الأوسط على حسابنا، فهي بعد أن تأكدت أن لا حرب أميركية على إيران، وأن باب التفاوض مع طهران متواصل، عبر الأقنية الفرنسية والأوروبية، وأن الأمور في اليمن وسورية لا تميل لمصلحتها، لم يبقَ لها سوى جبهة لبنان ومقاومته لتصفية الحساب، وتعديل ميزان القوى ، معتبراً أن عبارات الإدانة وحدها، لن توقف الاستباحة الإسرائيلية وعدوانيتها المتواصلة على لبنان، وحدهم المقاومون يمتلكون سر المعادلة، التي تعيد للأمة اعتبارها وتحفظ أمنها وسيادتها ، مشيداً بـ الوحدة التي أظهرها كل اللبنانيين، إزاء الاعتداء الصارخ على الضاحية الجنوبية، لا سيما موقف فخامة الرئيس ودولة الرئيس .
وأكد بري أن الشعب والجيش والمقاومة، تشكل الثلاثية الماسية بين اللبنانيين وتوحّدهم، حماية من الأطماع الإسرائيلية، التي إضافة لما تحتله من أرضنا لا تزال تحاول سرقة مواردنا وأرضنا ومياهنا الإقليمية .
وكشف بري أنه كلما اقتربنا من الانتهاء من المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية وبمشاركة الأمم المتحدة، لترسيم الحدود البحرية بيننا وبين العدو الإسرائيلي، يحاولون التملص، في سبيل استلاب هذه المرة مزارع شبعا، بحرية كبيرة، ومياهنا ومخزوننا من الغاز والنفط، هذا عدا 13 نقطة في البر . كما جدّد الوقوف مع سورية في تحرير أراضيها المحتلة ورفض مشاريع التقسيم.
ودعا بري إلى إعلان حالة طوارئ اقتصادية، كما دعا إلى تنفيذ اتفاق الطائف بكامله، وكل النصوص الدستورية، التي لم تنفذ، وهو الأمر الذي يضع لبنان على مشارف الدولة المدنية، التي تربط المواطن بوطنه، من دون وجوه مستعارة وسماسرة وطائفية .
وكان لافتاً تزامن خطاب الرئيس بري ورئيس الجمهورية ميشال عون وكلمة السيد نصرالله مع الانسجام في المواقف ما يؤكد تنسيق التوقيت بين الكلمات الثلاث وبالتالي التنسيق السياسي وتوزيع الأدوار بين الأطراف الثلاثة.
الى ذلك توالت المواقف وردود الأفعال المؤيدة والمرحبة بعملية المقاومة من مختلف القوى والشخصيات السياسية والقومية والوطنية في لبنان وفلسطين وأكدت جميعها على دور المقاومة في تثبيت معادلة الردع وحماية لبنان. بدوره، أكد الحزب السوري القومي الاجتماعي أن العملية النوعية التي نفذتها المقاومة وضعت كيان العدو في مأزق حقيقي وأعادت فرض قواعد الاشتباك بالشروط ذاتها التي وضعتها المقاومة بعد انتصارها في حرب تموز 2006.
وشدّد الحزب في بيان أصدرته عمدة الإعلام على أنّ المقاومة بكلّ قواها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أيّ عدوان صهيوني وأنها على أتمّ الجهوزية للقيام بواجبها في الدفاع عن لبنان في إطار معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي أكدت عليها المواقف الأخيرة للمسؤولين اللبنانيين من منطلق حق لبنان واللبنانيين في الردّ على غطرسة العدو واعتداءات.
واعتبر الحزب أنّ ردّ المقاومة أظهر قدرتها الكبيرة في التخطيط والتنفيذ، كما أكد إرادة مصمّمة لترجمة الوعد الصادق على أرض الواقع. والعملية التي نفذتها المقاومة، ترقى إلى مستوى العمليات النوعية البالغة التأثير والدقة وهي بمفاعيلها أشبه بحرب خاطفة تحقق أهدافها بعنصر المفاجأة الحاسمة.
كذلك اعتبر عميد الإعلام في الحزب معن حمية في تصريح أمس، أنّ العملية شكلّت رداً من العيار الثقيل، ومفاعيل هذا الردّ ليس في تحقيق الهدف وحسب، بل بارتداداته القوية التي هزّت كيان الاغتصاب الصهيوني.
وقال حمية: إنّ محاولات العدو التخفيف من وطأة الردّ، لا تنطلي على أحد، خصوصاً بعدما عرضت المقاومة مشاهد عن العملية، علماً أنّ العدو الإرهابي يبحث دائماً عن ذريعة للقيام بالعدوان والعربدة والغطرسة، لكنه اليوم، يرضخ لمعادلة الردع، وهذا اعتراف منه بقوة الردّ الذي نفّذته المقاومة.
وأكد أنّ العدو الصهيوني يدرك بأنّ كلّ تصعيد من جانبه، سيقابَل بتصعيد أكبر من جانب المقاومة، كما يدرك العدو بأنّ المقاومة بما تمتلك من عناصر القوة والردع قادرة على إلحاق هزيمة كاملة به. لذلك لم يجرؤ العدو على خوض مواجهة مع المقاومة، لكنه يعمل على تحشيد بعض الأنظمة المطبّعة وبعض الأدوات العميلة والرخيصة، للهجوم على المقاومة من بوابة استهداف معادلة الجيش والشعب والمقاومة.
وأدان حمية بشدة المواقف المناهضة للمقاومة، والتي صدرت عن بعض الأنظمة العربية المطبّعة وعن جامعة الدول العربية وعن الأدوات الرخيصة التي ملأت الشاشات المتأسرلة، تنفيذاً لتعليمات العدو بالتقليل من شأن وقوة ردّ المقاومة، في محاولة للتعمية على عجز العدو وهروبه من المواجهة.
اجتماع اقتصادي
وفي موازاة حالة الطوارئ العسكرية والأمنية التي فرضتها المقاومة على العدو الإسرائيلي، أعلن لبنان أمس حالة طوارئ اقتصادية وذلك في بيان تلاه رئيس الحكومة سعد الحريري عقب انتهاء الاجتماع السياسي الاقتصادي في بعبدا.
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون افتتح الاجتماع الذي حضره رؤساء الأحزاب وجميع الكتل النيابية ووزير المال علي حسن خليل ووزير الاقتصاد منصور بطيش إضافة الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير.
وأكد الحريري أنّه تقرّر إعلان حال طوارئ اقتصادية، ومتابعة ما تمّ إقراره في اجتماع 8 آب، والتأكيد على الاستمرار بسياسة استقرار سعر صرف الليرة، وإقرار إطار مالي متوسط الأمد .
وقال تمّ الاتفاق على الالتزام بتطبيق دقيق لموازنة 2019 وعدم ترتيب أيّ أعباء إضافية، وتقليص حجم الدين العام ضمن مناقصات تتسم بالشفافية وتضمن حقوق الدولة . وشدد الحريري على ضرورة تخفيض عجز الكهرباء إلى 1500 مليار، وتأمين الإنتاج عبر الغاز بدل الفيول وفق معايير شفافة ، لافتاً الى أنه تمّ التأكيد على منع التوظيف في القطاع العام وإصلاح أنظمة التقاعد التي بدأنا بها وإنجاز التوصيف الوظيفي الذي بدأنا به .
ولفت إلى أنّه سيتمّ دمج وإلغاء المؤسسات العامة غير المجدية خلال 3 أشهر ، وأضاف أنّه تمّ التشديد على ضرورة إقرار مجلس الوزراء لائحة المشاريع الأولى لمشاريع سيدر، ومناقشة وإقرار خطة ماكينزي، ومتابعة تنفيذ كلّ الأوراق وأولها ورقة رئيس الجمهورية التي فيها العديد من الأمور المركزية .
وكان عون في افتتاح الاجتماع شدّد على أن شعبنا ينتظر منا، كما المجتمع الدولي، حلولاً فاعلة للظروف الاقتصادية والمالية التي نمر بها، تمكننا من العبور الى الاستقرار ومن ثم النمو تجنباً للأسوأ .
وقال: الظروف الاقتصادية والمالية تتطلب منا جميعاً التعالي عن خلافاتنا السياسية أو الشخصية، وعدم تحويل الخلاف في الرأي الى نزاع على حساب مصلحة الوطن العليا . أضاف: كلنا مسؤولون ومؤتمنون على حقوق اللبنانيين، ومستقبلهم، وأمنهم، ولقمة عيشهم. لذلك، علينا أن نبادر إلى توحيد جهودنا في سبيل الخروج بحلول ناجعة للأزمة الاقتصادية التي باتت تخنق أحلام شعبنا وآماله .
وفيما ارتفع منسوب القلق لدى المواطنين من ان يكون الاجتماع تغطية سياسية واسعة ومنح مشروعية لفرض ضرائب جديدة في موازنة 2020، أكدت مصادر بعبدا أن لا ضرائب جديدة والإجراءات لا تطال ذوي الدخل المحدود وبعض النقاط تنتظر موافقة الكتل السياسية، أبرزها تحديد سعر صفيحة البنزين ورفع ضريبة الفوائد المصرفية إلى 11 في المئة وزيادة الضريبة على القيمة المضافة .
ولفتت مصادر الاجتماع الى أن اقتراحات زيادة سعر البنزين وفرض ضرائب جديدة سقطت في الاجتماع وحصلت تعديلات على ورقة وزارة الاقتصاد ، وأكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بعد الاجتماع أن لا إجراءات تمسّ بالرواتب او التقاعد ولا ضريبة على البنزين ولا ضريبة على القيمة المضافة .
وقال الخبير المالي د.حسن خليل لــ البناء إن مقررات بعبدا غير كافية لإصلاح الوضع الاقتصادي لا سيما دون معالجة موضوع الفوائد الذي هو إساسي ويوفر 4 مليارات دولار وحده ، مشيراً الى أن لا نية للمجتمعين للقيام بذلك إما عن عدم معرفة وإما لعدم المس ببعض المصالح أو شراء الوقت والسؤال حول كيفية تمويل العجز في الموازنة ومن أين سيأتي مصرف لبنان بالدولار لتمويل هذا العجز؟ ، ولفت الى ان لبنان يحتاج الى خطط متكاملة للإنقاذ تتم بمساعدة دولية حسب الوضع النقدي والمالي للدولة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
«حوار بعبدا» يشوّه خطة «لجنة الخبراء»: لا ضرائب على الأثرياء!
اجتمعت قوى السلطة في بعبدا لمناقشة خطّة تصحيح مالي – اقتصادي أعدّتها لجنة الخبراء الاقتصاديين لرئيس الجمهورية ميشال عون، فانتهى الأمر بهم إلى اتفاق على بنود مختارة منها، تتلاءم مع حساباتهم ومصالح أزلامهم، فغابت المعالجات المتعلقة بخدمة الدين العام، وحلّ بدلاً منها بيع أملاك الدولة، وأُسقطت زيادة ضريبة الفوائد بشكل دائم إلى 11% إلى جانب رفع ضريبة الـTVA على الكماليات إلى 15%… كل ما يصيب أصحاب الثروات ويفرض عليهم سداد حصّة عادلة من فاتورة التصحيح شطب تحت ضغط التهويل بأن «ستاندر أند بورز» أمهلت لبنان 6 أشهر
انتهى اجتماع بعبدا المالي والاقتصادي إلى تشويه الورقة التي أعدّتها لجنة الخبراء لرئيس الجمهورية ميشال عون. الورقة كانت عبارة عن خطّة قائمة على أساس معالجة موضعية تتضمن توزيعاً لأعباء التصحيح بين شرائح المجتمع، ومعالجة اقتصادية بنيوية تعيد هيكلة النموذج الاقتصادي من نظام يعتمد بالكامل على التدفقات من الخارج إلى نموذج منتج قادر على ”حماية الليرة»، إلا أنها تحوّلت على أيدي ”الزعماء“ إلى سلّة متفرقات، فانتقوا بنوداً معيّنة وشطبوا بعضها وأجّلوا أخرى، من دون أن يكرّروا إصرارهم على تنفيذ ما اتفقوا عليه سابقاً ولم ينفّذوه. فما الهدف من الاتفاق على تنفيذ بنود موازنة 2019 التي درستها هذه القوى على مدى 20 جلسة في مجلس الوزراء و31 جلسة في لجنة المال والموازنة؟ وما الجدوى من تكرار التزام القوى السياسية بتنفيذ خطّة الكهرباء التي لا تزال عالقة عند إطلاق مناقصات معامل الإنتاج؟ وهل علينا أن نصدّق ببراءة أن هذه القوى التزمت قرار منع التوظيف في القطاع العام الذي تكرّر ذكره مراراً منذ 2005 إلى اليوم؟ ولماذا تصرّ القوى السياسية التي تحكم لبنان على تذكيرنا بالتزامها تطبيق عشرات القوانين النافذة التي أقرّها مجلس النواب ولم توضع موضع التنفيذ منذ سنوات؟
تشويه ورقة الخبراء
اجتماع بعبدا المالي كان يفترض أن يكون منصّة لإطلاق عملية التصحيح المالي وتجنيب لبنان الانهيار. ولهذا السبب أعدّت لجنة الخبراء، بناءً على طلب من رئيس الجمهورية، برنامج عمل يمتدّ على ثلاث سنوات بهدف «تصحيح المالية العامة وضبط الدين العام، ومعالجة الخلل في الحساب الجاري، وبناء اقتصاد منتج تنافسي واحتوائي». يتضمن البرنامج أكثر من 35 بنداً في السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية أبرزها:
– خفض النفقات الجارية للموازنة، ولا سيما خدمة الدين العام، وتحديد سقف للتحويلات من الخزينة إلى مؤسسة كهرباء لبنان لا يتجاوز 1500 مليار ليرة في العام 2020 وإجراء مناقصة عمومية عالمية لشراء المحروقات لمؤسسة كهرباء لبنان.
– تجميد زيادة الرواتب والأجور في القطاع العام لمدة ثلاث سنوات مع الاحتفاط بحقوق الموظفين وبدرجاتهم لاستيفائها لاحقاً.
– إصلاح النظام التقاعدي وزيادة المحسومات التقاعدية بمعدل 1%.
– زيادة الرسوم على السجائر المحلية الصنع بقيمة 500 ليرة وعلى المستوردة بقيمة 1000 ليرة.
– زيادة ضريبة القيمة المضافة على السلع الكمالية إلى 15%.
– زيادة ضريبة الفوائد إلى 11% وجعلها دائمة (أقرّت في موازنة 2019 بمعدل 10% لثلاث سنوات فقط)،.
– إعادة النظر في تخمين الأملاك العمومية البحرية.
– تقليص حجم الدين العام من خلال اعتماد الشراكة مع القطاع الخاص.
– إقرار نظام التقاعد والحماية الاجتماعية، إقرار نظام التغطية الصحية الشاملة.
من هذه السلّة الواسعة، اختار المجتمعون في بعبدا، بحسب المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الحكومة سعد الحريري إثر انتهاء الاجتماع، شطب كل ما يتعلق بزيادة الضرائب على الشرائح الأكثر قدرة في المجتمع، وهو المبدأ الذي اعتمدته لجنة الخبراء لتكون الخطّة متوازنة إلى حدّ ما. وبدلاً من الضريبة على الكماليات، وإقرار أنظمة التقاعد والتغطية الصحية الشاملة، وزيادة ضريبة الفوائد، قرّر المجتمعون في بعبدا أن يعيدوا تذكير اللبنانيين بما أقرّوه والتزموا به في موازنة 2019 ”وتنفيذه بدقة“ كما قال الحريري. كذلك، أشار إلى اتفاق على خفض عجز الكهرباء إلى 1500 مليار ليرة، وشراء الفيول لمؤسسة كهرباء لبنان عبر مناقصة عالمية، ومنع التوظيف في القطاع العام، وتطبيق القوانين المقرّة، والسماح لمجلس الإنماء والإعمار بالاستعانة بشركات دولية ومحلية لإطلاق مناقصات المرحلة الأولى من برنامج «سيدر»، وإطلاق مشروعي «أليسار» و«ألينور»، وعرض دراسة ماكينزي على مجلس الوزراء… وخفض الدين العام عبر التشركة مع القطاع الخاص.
كيف ستنفذ القوى السياسية خفض الدين العام عبر التشركة؟ كانت فكرة الخبراء أن هناك مؤسسات عامة ذات طابع تجاري مملوكة من الدولة يمكن بيع ثلثها للعموم ضمن سقف 1% من الأسهم كحدّ أقصى لكل مكتتب ما يخلق سوقاً مالية، ويعطي الدولة إيرادات تستعمل لإطفاء جزء من الدين العام من دون أن تخسر سيطرتها على هذه الشركات… لكن العبارات المرتبكة التي عرضها الحريري عن التشركة لا توحي بأن ما اتفق عليه في الاجتماع هو نفسه ما رسمه الخبراء، فضلاً عن أن هذه الخطوة لم تكن تشكّل بديلاً من ضرورة خفض خدمة الدين العام عبر آليات متفق عليها بين مصرف لبنان ووزارة المال والدائنين (المصارف)، وهو الأمر الذي ألغي أو لم يتفق عليه.
حملة التهويل متواصلة
الشعبوية دفعت الحريري إلى سلوك حاد تجاه سؤال من مراسلة صحافية تستوضح الاتفاق على الضرائب، فسألها: «هل ذكرتُ شيئاً عن الضرائب؟ الجواب عندك». هذه الإجابة تعني أن الضرائب التي اقترحها الخبراء لتطاول الطبقة الأكثر ثراءً في المجتمع، وهي الطبقة الأكثر انتفاعاً من النموذج الاقتصادي المعتمد في لبنان، شطبت حتى الآن. يقول أحد الخبراء المشاركين في لجنة الخبراء: «ما قاله الحريري لا يطمئن، وليس مريحاً أن يتم الاتفاق على مجموعة بنود عشوائية من الخطة المرسومة بدقّة وبعناية».
ورغم أن الحريري بدا مرتبكاً بعد اجتماع دام لأربع ساعات، إلا أنه حقق انتصاراً كبيراً في نقل اجتماع بعبدا إلى لجنة متابعة برئاسته بعدما كان ممتضعاً من سلوك رئيس الجمهورية تجاه استدعاء لجنة خبراء اقتصاد، وأمضى يمارس عملية تهويل بأن لبنان واقع تحت ضغط الإنذار والمهلة الممنوحة له من ”ستاندر أند بورز“ لستة أشهر، ثم مضى يعدّد الإجراءات التي فرضت على اليونان يوم دخولها ببرنامج إنقاذي مع صندوق النقد الدولي، وهي إجراءات غير شعبية بالمطلق، ورمى أسباب الأزمة على عاتق ”الحروب بيننا“ و«المشاكل التي بدأت قبل انتخاب رئيس الجمهورية»…
باختصار، يمكن الاستنتاج بأن حالة إنكار الأزمة الفعلية الكامنة في بنية النموذج الاقتصادي اللبناني لا تزال على حالها، والمعالجات هي نفسها تتكرّر بالخصخصة والسياسات التقشفية.
وتجدر الإشارة إلى أن الاجتماع ضم إلى عون، الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري، وكلا من الرئيس نجيب ميقاتي، الوزير جبران باسيل، النواب محمد رعد، أسعد حردان، طلال ارسلان، آغوب بقرادونيان، سامي الجميل، جهاد الصمد، والنائبين السابقين وليد جنبلاط وسليمان فرنجية، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
الطبقة السياسية تلحس «المبرد الإقتصادي»: 6 أشهر قد تغيّر وجه لبنان!
الإجراءات علی حساب الموظّفين وذوي الدخل المحدود: زيادة الحسومات التقاعدية ورفع القيمة المضافة
ما كشفه نظام الإجراءات التي أعلن الرئيس سعد الحريري انه جرى التوافق عليها، في الاجتماع الاقتصادي الموسع في بعبدا، ان لبنان دخل في سباق زمن سقفه أقل من ستة أشهر لإظهار قدرته على النهوض الاقتصادي، وتجاوز الأزمة الخطيرة التي تعصف بلبنان، والتي سيبدأ مجلس الوزراء من الخميس بترجمة عناوينها بمراسيم وقرارات، لا سيما في نص مقررات «سيدر» واقتراحات ورقة ماكينزي.
أخطر ما قيل في الاجتماع، الكلام الاقتصادي التقني، سواء على لسان وزير المال علي حسن خليل، الذي شرح الخيارات الاقتصادية والمالية بالأرقام، وفقاً لتقرير ضمنه إياها، ويتألف من 200 صفحة ونيّف.
في حين تحدث حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن الخيارات الصعبة ان لجهة القروض السكنية أو احتمالات السيطرة على استمرار سعر صرف الليرة اللبنانية، في حين ذهبت جمعية المصارف على لسان رئيسها سليم صفير إلى إعلان رفض تحميل القطاع المصرفي أية ضرائب جديدة.
والثابت ان الطبقة السياسية اعفت نفسها من الإجراءات المتعلقة بتخفيض الرواتب والمخصصات العائدة لها، أو رفع الحماية عن الأملاك البحرية وسواها، والاقتصاد ان تكون الاجراءات، ولو لم يعلن ذلك على حساب الموظفين وذوي الدخل المحدود.
وتضمنت ورقة وزير الاقتصاد منصور بطيش إجراءات غير شعبية بعضها يطال العاملين في القطاع العام لجهة تجميد الزيادة على الرواتب والأجور لمدة ثلاث سنوات مع الاحتفاظ بحقوق الموظفين وتدرجهم.
وزيادة الحسومات التقاعدية من 6 إلى 7 % للعاملين في القطاع العام، وزيادة الرسوم على السجائر بمعدل 500 ليرة للعلبة من الإنتاج الوطني و1000 للمستورد، والالتزام بسقف للتحويلات من الخزينة لمؤسسة كهرباء لبنان لا يتجاوز ألفا وخمسمئة مليار ليرة في العام 2020، وانجاز الشباك الموحد في الاستيراد والتصدير، وتصحيح المالية العامة وضبط الدين العام، وضع حد أدنى وحد أقصى لأسعار البنزين.
ومن الإجراءات المقترحة أيضا: اعتماد ثلاثة معدلات للضريبة على القيمة المضافة كما يلي:
– صفر بالمئة على السلع المعفاة حاليا.
– 11% على السلع غير المعفاة والمعتبرة من غير الكماليات.
– 15% على السلع المعتبرة من الكماليات على أن تحدد هذه السلع الكمالية لاحقا، مع إمكانية زيادة النسبة بعد ثلاث سنوات.
كما تقترح الورقة اجراء مناقصة عمومية عالية لشراء المحروقات لمؤسسة كهرباء لبنان ضمن دفتر شروط متكامل.
ووصف مصدر شارك في الاجتماع لـ «اللواء» ما يجري بمثابة «لحس المبرد» ما لم تكن الإجراءات قابلة للتنفيذ، في ظل استمرار الضغط الدولي المالي والعسكري على مصارف لبنان والقرار 1701 من قبل إسرائيل.
وخارج الإجراءات، طالب الدكتور سمير جعجع باعلان فشل الطبقة السياسية، وتشكيل حكومة اقتصاديين للخروج من الأزمة.. في وقت طالب فيه رئيس تيّار «المردة» سليمان فرنجية ببيع مرفأ بيروت وممتلكات الدولة للحد من العجز والمديونية.
وحسب مصادر المجتمعين، فإن كلا الاقتراحين شكلا مفاجأة، وفي الوقت نفسه قوبلا بالرفض.
وغرَّد النائب السابق وليد جنبلاط ان اجتماع بعبدا كان مفيداً، وان اقتراحات الرئيس عون والرئيس الحريري مقدمة لمعالجة الوضع، لكن علينا ان نواجه بكل واقعية الصعوبات الهائلة التي وردت على لسان حاكم مصرف لبنان ووزير المالية.
«سوق عكاظ» اقتصادي
وبحسب القرارات التي تلاها الرئيس الحريري بعد 4 ساعات من النقاش «وسوق عكاظ» اقتصادي والتبارى في «اوراق العمل»، فإن اجتماع بعبدا، أو ما اصطلح على تسميته «بلقاء» الحوار الاقتصادي»، انتهى إلى إعلان حالة طوارئ اقتصادية ومتابعة ما تمّ اقراره في اجتماع 9 آب الماضي في قصر بعبدا، مؤكداً الاستمرار في سياسة استقرار سعر صرف الليرة وإقرار إطار مالي متوسط المدى يمتد على السنوات الثلاثة المقبلة، بما يشبه الرد على مقترحات صندوق النقد الدولي، والتي تضمنت أيضاً فرض رسوم إضافية على البنزين بمعدل 5000 ليرة، لم يؤخذ بها، وفق ما أكّد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد، الذي شدّد ان أهم ما خرج به اللقاء هو عدم فرض ضرائب جديدة ورفع سعر البنزين.
واقر المجتمعون أيضاً خفض عجز الكهرباء إلى 1500 مليار ليرة، لكن لم يعرف ما إذا تمّ إقرار زيادة التعرفة قبل أو بعد تأمينها 24 على 24، وفق ما طالب رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الذي أعلن تحفظه على المقررات، فيما أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع تأييده للبيان – الطوارئ، ومعارضته في الوقت نفسه للورقة الاقتصادية التي قدمها الرئيس ميشال عون وتلاها نيابة عنه وزير الاقتصاد منصور بطيش، والذي سبق ان قدمها في مناسبة سابقة وتم الاعتراض عليها.
ودعا الاجتماع أيضاً إلى إقرار مجلس الوزراء لائحة مشاريع المرحلة المقبلة من برنامج الانفاق الاستثماري «سيدر» والاسراع في إطلاق المشاريع الاستثمارية في مجلس النواب والبالغة قيمتها 3.3 مليار دولار، ومناقشة وإقرار تقرير «ماكينزي» ووضع آلية لتنفيذ التوصيات القطاعية الواردة فيه.
وأعلن الرئيس الحريري ان تنفيذ الإجراءات المقترحة في البيان ستكون سريعة، وبعضها سيتم اتخاذه في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، وستكون هناك جلسة أو جلستان اسبوعياً لمجلس الوزراء، إضافة إلى لجان مختصة، مشيراً إلى ان الانطلاق سيكون من خطة الموازنة الجديدة التي اعدها وزير المال علي حسن خليل وتريث في احالتها إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بانتظار ما يمكن تضمينها من قرارات لقاء بعبدا، وسيتم تقديم هذه الخطة الأسبوع المقبل متضمنة بعض الإصلاحات المطلوبة، فيما هناك اجزاء أخرى من الإصلاحات ستقدم في موازنات العامين 2021 و2022.
ولفت إلى ان الورقة التي قدمها رئيس الجمهورية والمؤلفة من 49 بنداً (12 صفحة فولسكاب) تشكّل الركيزة الأساسية للاجراءات التي ستناقش في اللجنة التي سيترأسها تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.
محضر الحوار
وذكرت مصادر المجتمعين في قصر بعبدا لـ«اللواء»: ان النقاش في الاجتماع كان مفتوحا على كل المقترحات التي قُدّمت خطياً او شفوياً، وان النقاش تركز على كيفية الخروج من الوضع الاقتصادي والمالي الصعب، وبناء لذلك تم وللمرة الاولى في لبنان اعلان حالة الطوارئ الاقتصادية وتم تشكيل هيئة الطوارئ التي سيديرها رئيس الحكومة، وان الوضع يتطلب علاجات جذرية.
وعلم انه بعد كلام الرئيس عون والذي اعتبر ان التضحية مطلوبة من الجميع ودعا إلى التعالي عن الخلافات، تحدث حاكم مصرف لبنان فعرض الوضع المالي والضغط على السيولة والارتفاع بالدولرة، مشيرا إلى تراجع السلطات خلال الأشهر الماضية.
وقال: ان القطاع العقاري مجمد ومصرف لبنان يقدم قروضاً للاسكان بالليرة للقطاعات المنتجة بالدولار. وأكّد أهمية استقرار سعر صرف الليرة، لأن اقتصاد لبنان مدولر والتخلي عن الاستقرار له مفاعيل سلبية، مشيرا إلى ان هناك إجراءات ستتخذ وهي قصيرة وطويلة الأمد كي يعمل اقتصادنا بإنتاجية أكبر.. كما أشار إلى تراجع في الإقبال على اليوروبوند.
ثم تحدث الوزير خليل الذي ذكر انه في موازنة العام 2019 تمّ عصر النفقات وما من إمكانية لخفض المزيد من موازنة العام 2020، هذا هو الحد الأقصى، مشيرا إلى ان 36 في المائة من الموازنة تذهب للرواتب والأجور، و35،2 تذهب إلى خدمة الدين العام، و10 في المائة منها للكهرباء، و8،8٪ منها نفقات استثمارية و11،2 منها نفقات جارية.
وتحدث عن أهمية تشدد الدولة أكثر في مواجهة الهدر والفساد والإنفاق غير المجدي، مشيرا الى الضغط الذي يشكله موضوع التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة مطالباً بإعادة النظر بالنظام التقاعدي والالتزام بإنجاز الموازنة في موعدها الدستوري، وقال: إذا حصل تحسن في وضع الكهرباء فذاك يؤدي إلى مزيد من الوفر».
ثم تلا الوزير بطيش الدراسة التي تضمنت مجموعة مقترحات لإجراءات إصلاحية اعدتها مجموعة من خبراء اجتمعت برئاسة رئيس الجمهورية، وقدمت مقترحات.
واعقبه الوزير خليل الذي دعا إلى تطبيق المادة 80 من الموازنة وإعادة النظر في مؤسسات الدولة غير المنتجة. وقال ان 94 مؤسسة (74 مؤسسة عامة) و20 مرفق عام يدار بلجان مؤقتة اقترح تخفيضها إلى 10 بشكل فوري. وتحدث عن واردات مرتقبة واجتماعه مع ممثلي مؤسسة «ستاندر اند بورز».
اما رئيس جمعية المصارف سليم صفير فقال ان المصارف لم تعد قادرة على تحمل فرض المزيد من الرسوم عليها ووضعها صعب ولولا مساعدة مصرف لبنان لاصبح الوضع اصعب.
ثم كان كلام للوزير بطيش، والرئيس نجيب ميقاتي والوزير باسيل. فيما شكر سليمان فرنجية الرئيس عون على الدعوة ودعا إلى ابعاد الخلافات السياسية، كما إلى حوار مع المصارف للبحث في موضوع الدين بحيث يتم الاتفاق على خفض الديون أو طريقة تسديدها أو الاستفادة من املاك الدولة لجهة بيعها أو استثمارها. وتحدث عن ضرورة استيراد الدولة النفط بشكل مباشر، وأشار موضوع رسوم الكسارات.
ودعا جعجع في كلمته إلى تغيير الطاقم السياسي الحكومي، مستعيناً من باسيل عبارات عن الصدمة الإنقاذية، وقال: «لا ثقة بين الدولة والناس ومن الضروري تغيير الواجهة والايتان بحكومة لا تضم سياسيين. كما أثار موضوع توظيف 530 شخصا والمعابر غير الشرعية، معترحاً الاتيان بفريق من الاختصاصيين والمجتمع اللبناني ليشكل ذلك صدمة إيجابية.
وتمنى رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الوصول إلى خطة شفافة في الكهرباء واستثمار الغاز مؤكدا انه للمرة الأولى يسمع بالضريبة التصاعدية من قبل الدولة مع العلم انها نظرية اشتراكية.
وأثار كذلك موضوع الأملاك البحرية والنهرية ودعا إلى اقفال الصناديق وتقليص المؤسسات واعتبر موضوع وقف التطويع في الجيش خطأ، لأن هناك حاجة إلى دم جديد، ودعا إلى إعادة الخدمة العسكرية الالزامية وضبط التهريب ووضع الضريبة على الثروات الكبيرة وتوسيع مرفأ بيروت وتعزيز مرفأ طرابلس.
وشكر النائب الجميل الرئيس عون على الدعوة، مشيرا إلى ان المقترحات تحتاج إلى غطاء سياسي، داعياً إلى قيام حكومة حيادية تنفذ الإصلاحات وتحدث صدمة، متمنياً ضبط المعابر الشرعية واجراء إدخال ضريبي، واثار كذلك تنظيف الإدارة من الوظائف الوهمية وضبط مكامن الهدر والفساد.
وركز النائب أسعد حردان على تخفيف معاناة المواطنين رافضاً الضرائب المباشرة، مشيداً بالورقة التي قدمت وتحتاج إلى درس.
ودعا النائب جهاد الصمد إلى تطبيق دولة القانون وتنزيه القضاء ورفع الحصانة عن المرتكبين، فيما لفت النائب رعد إلى ان الورقة تتضمن 49 اقتراحاً، أضيف إليها اقتراح ميقاتي وفرنجية، متحدثاً عن العمل يداً بيد لتطبيق الاقتراحات.
وتحفظ رعد على كل ما يطال رواتب الموظفين وذوي الدخل الحدود والحسومات التقاعدية والضرائب على الفئات الشعبية.
اما النائب طلال أرسلان فدعا إلى مكافحة الفساد ورسم علامات استفهام حول أداء بعض القضاة.
ودعا النائب هاغوب بقرادونيان إلى محاسبة ارتكابات الماضي وأيد طرح جنبلاط في موضوع الأملاك البحرية والكهرباء وإيجاد استثمارات جديدة.
اما الرئيس نبيه برّي فقال ان الهدف من الاجتماع الوصول إلى قرار سياسي يعكس وفاقاً سياسياً يغطي القرارات التي نتخذها، واعتبر ان الحكومات الحيادية لا تقدّم ولا تؤخّر. ولفت إلى ان الورقة لم تأت من عدم ونوقشت في معظم بنودها في اجتماع التاسع من آب.
وقال انه لا بدّ من ان يصدر عن الاجتماع مواقف تشكّل قفزة إلى الامام، وشدّد على أهمية إقرار موازنة 2020 ضمن المهلة الدستورية وتطبيق القوانين التي لم تنفذ بعد، مشيراً إلى قوانين في مجلس النواب لا بدّ من درسها، ودعا إلى مناقصة عالمية لشراء الغاز بدلاً من الديزل لمعملي دير عمار والزهراني وقيام دفتر شروط شفاف.
والتنقيب عن النفط في الحقلين 4 و9 وفق الجدول الزمني المعروض من الشركات، ودعا إلى تقليل حجم الدين العام من خلال اعتماد شراكة بين القطاعين العام والخاص وتطبيق نظام الشراكة ضمن المناقصات وإعلان حالة طوارئ اقتصادية تعكس الاجماع.
ثم تحدث الرئيس الحريري مطولاً مشيراً إلى ان العمل الاصلاحي يسلتزم جو صفر من المشاكل السياسية، وتحدث بإيجابية عن ضرائب البنزين والـTVA لجهة ما يمكن ان توفره للدولة، وتوقف عند تقارير مؤسسات التصنيف، وصف الورقة التي اعدت «بالجيدة» وتشكل مرتكزاً للبحث كما تحدث عن استقرار سعر صرف الليرة وتطوير مرافئ بيروت وصيدا وطرابلس وصور وعدلون وجونيه وخصخصة العمل فيها ومشروع اليسار و«الميدل ايست» و«الكازينو» ودعا إلى جردة للعقارات المملوكة من الدولة والتي تقدر أسعارها بالملايين، كما أثار قانون الاستملاك (تحريك الأقوال الجامدة والمقدرة بـ303 مليار ليرة) وتوقف عند رسوم على الدخان.
وختم الرئيس عون متحدثاً عن ضرورة لجم الأزمة وخطورتها وعدم الاقتراب من الفئات الشعبية والفقيرة ورأى ان كل ما قيل هو نوع من الانتقاد الذاتي وليس انتقاد الآخر، وذكّر بموقفه من سلسلة الرتب وتحذيره من انعكاساتها على الصعيد المالي.
وتقرر تشكيل لجنة متابعة من الاجتماع برئاسة الرئيس الحريري أعدت البيان وقد تحفظ الجميل على مضمون البيان.
على صعيد الأزمة بين الدبلوماسيتين اللبنانية والتركية، بعد كلام الرئيس ميشال عون عن السلطنة العثمانية، قررت وزارة الخارجية استدعاء السفير التركي للحضور إلى قصر بسترس اليوم.