امتد لقاء الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل "لساعات" بحسب افتتاحيات الصحف، و"تخلله غداء". وقد ناقش الرجلان "كل الامور المتعلقة بالمرحلة السياسية الحالية ومقاربة عملية التكليف والتأليف الحكومية، والتصور لمقاربة المرحلة المقبلة". نستنتج أن هذا اللقاء يمكن أن يسهل، لاحقاً، فرز الحراك الشعبي المطلبي ـ الإصلاحي الوطني (آخر إنجازاته، أجبار الوزير محمد شقير على قبض ثمن بطاقات الخلوي المسبقة الدفع بالليرة اللبنانية)، عن الحراك الطائفي السياسي، الذي "تستثمره" أحزاب "القوات" و"التقدمي" و"الكتائب" و"الإخوان/ الجماعة الإسلامية" (و"المستقبل" الذي لا يسيطر على قواعده المشاركة) في "تكتيك قطع الطرقات العامة" على المواطنين. وهذه الأحزاب تُحَمِّل أنصارها شعارات طائفية/ مذهبية، لا وطنية، مثل أن يُهْرَع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى الإستشارات النيابية، وأن يُخْلي الوزير جبران باسيل منصبه الوزاري، ويعزل حزب الله من تركيبة الحكومة. الفرز بين "الحراكين" سيتضح، مع توجه الرئاسة الأولى والثانية، لإدخال ممثلي الحراك الشعبي في الحكومة، وإعلان الرئيس الحريري، عن أنه "حريص على إعطاء الحراك القائم موقعاً في الوضعية السياسية المقبلة". الصحف، ما خلا "الأخبار" و"البناء"، تروج لـ"حكومة انتقالية، يريدها الحراك" الطائفي. لكن السؤال ماذا يريد الحراك الشعبي؟. وهل سيشارك في الحكومة، وكيف يستعد لهذا الإحتمال؟. اللافت أن "الجمهورية" نقلت "خوف" بعض المصادر "من أن تؤدي هذه الأحوال الى سقوط دماء". وهذا خوف مبرر، طالما أن سمير جعجع ووليد جنبلاط (وحزب "الإخوان" المسمى "الجماعة الإسلامية")، ما زالا قابضين على "المسار الثوري"، ويستخدمانه في تعطيل المسار الدستوري لتهديد حركة الحريري وشلها.
اللواء
الشارع یطالِب بحكومة.. والدولار یرفع الأسعار
لقاء الحریري – باسیل یُنھي القطیعة.. و«المركزي» للمصارف: زیادة الرسامیل 20 %
مع بداية الأسبوع الرابع على «الانتفاضة الشعبية» والوطنية العارمة، أظهر الحراك الأهلي ضد الفساد، والطبقة السياسية، العاجزة عن تحقيق أي تقدَّم في أي ملف من الملفات، حرصاً على العودة إلى الإنتظام العام من خلال الضغط لتكليف شخصية قادرة على تأليف حكومة غير سياسية، ومن خارج الطبقة السياسية المتهمة بالفساد، في وقت عمم فيه حاكم مصرف لبنان على المصارف يطلب منها رفع رساميلها من خلال السماح للمساهمين بضخ المزيد من السيولة بنسبة تصل إلى 20٪ من رأسمالها الحالي، بدءاً من نهاية 2019، وحتى نهاية 2020.
ومن شأن هذه الخطوة التي أشارت إليها «اللواء» (في عددها أمس ص1) ان تعزز رسملة المصارف بقيمة تقارب 4 مليارات دولار، لتضاف إلى رسملة تصل إلى أكثر من 20 مليار دولار، ويرفع من القدرة الحالية على مواجهة الأوضاع المالية، واي تطورات مستقبلية، فضلاً عن عدم توزيع انصبة الأرباح لهذه السنة.
وواجه عملاء البنوك قيوداً على سحب الدولار والتحويلات إلى الخارج، بينما توجه المعتصمون إلى المصارف التي فتحت أبوابها لاقفالها، وهذا ما حدث فعلاً في غير منطقة من العاصمة إلى طرابلس وصيدا..
وارتفعت سندات لبنان السيادية الدولارية مجددا امس الاثنين عقب أسبوعين تقريبا من الخسائر الفادحة في ظل مواجهة البلاد أكبر أزماتها الاقتصادية في عقود، وذلك بالرغم من أنه لا توجد مؤشرات تذكر على خفوت الاحتجاجات بحسب وكالة «رويترز». وأظهرت بيانات «تريدويب» فان المكاسب كانت لإصدارات في معظم الآجال، إذ شهدت سندات مستحقة في 2021 أكبر قفزة لتضيف 2.12 سنت في الدولار ليتم تداولها عند 74.375 سنت. لكن ذلك لا يزال أقل بكثير من مستواها قبل الاحتجاجات قرب تسعين سنتا في الدولار. وأضافت الكثير من الإصدارات الأطول أجلا نحو 1.5 سنت في الدولار امس الاثنين.
ومع ارتفاع السندات، خرقت الأجواء القاتمة، بادرة أمل مالية تمثلت في إعلان محافظ مصرف الإمارات المركزي مبارك راشد المنصوري أن «البنك يدرس تقديم مساعدات للبنان وأنه سيرفع توصية بذلك إلى قيادة الدولة، في مسعى إلى تقديم الدعم للبنان الذي يعاني من أزمة سياسية واقتصادية طاحنة» بحسب المنصوري.
وثمنّت أوساط اقتصادية المبادرة الإماراتية، كاشفة أن هذا الدعم «لا يمكن أن يكون سوى وديعة مالية في مصرف لبنان دون أي شيء آخر».
وقال متعامل في سوق الصرف ان سعر الدولار بلغ 1680 ليرة لبنانية في السوق الموازية.
عودة الاتصالات
وفي الوقت الذي تضاءلت فيه نسبة الحشود في ساحات الاعتصام أمس، باستثناء طرابلس، التي ما زالت تحتضن يومياً ألوف المواطنين في ساحة النور، وانتقل الحراك الشعبي إلى استراتيجيته القديمة بقطع الطرقات رغم التذمر منها، واعتماد لعبة الكر والفر بينه وبين القوى الأمنية، وفيما بقيت المصارف والمدارس بين الفتح والاقفال تبعاً لأوضاع كل منطقة، عادت الاتصالات المباشرة بين الرئيس سعد الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، للمرة الأولى منذ استقالة رئيس الحكومة حيث استقبل الحريري باسيل في «بيت الوسط» واستبقاه الى مائدة الغداء في لقاء امتد نحو ثلاث ساعات، بُنيت حوله التكهنات، ولم تعرف تفاصيله فوراً، خاصة بسبب تكتم الطرفين على نتائجه او على الاقل عناوينه. حيث افادت مصادر «التيار الحر» انه لم تتوافر لديها تفاصيل عن اللقاء سوى انه تناول كل الامور المتعلقة بالمرحلة السياسية الحالية ومقاربة عملية التكليف والتأليف الحكومية، والتصور لمقاربة المرحلة المقبلة.
وقالت بعض المصادر ان المدير العام للامن العام عباس ابراهيم دخل على خط تقريب المسافات بين الحريري وباسيل، فزار الرجلين وزار القصر الجمهوري، وعمل على تسهيل عقد اللقاء.
وفيما ذكرت بعض المصادر إن اللقاء بين الحريري وباسيل لم يكن سلبيّاً، ذكرت مصادر اخرى انه لو حصل تطور ايجابي بين الرجلين لكان قد صدر عن قصر بعبدا ما يوحي بقرب تحديد موعد للإستشارات النيابية لرئيس الجمهورية، لكن اوساط القصر الجمهوري اكدت مجدداً ان الرئيس عون ما زال يفضّل التوافق المسبق على التأليف والتكليف تلافيا لإطالة امد التأليف لو حصل التكليف، خاصة ان المهلة دستورية تُلزمه تحديد موعد للاستشارات، وانه حصلت سوابق حيث تم تحديد موعد الاستشارات بعد ثلاثة اسابيع من استقالة الحكومة.
الى ذلك، ثمة من قال ان احد اسباب التاخير ايضاً في تاخير تحديد موعد للاستشارات هو استمرار قطع الطرقات ما يمكن ان يحول دون وصول عددكبير من النواب الى القصر الجمهوري ما يُفقد الاستشارات حيويتها وشموليتها، مشيرة الى ان هذا السبب لوحده كان وراء تأجيل جلسة انتخاب اللجان النيابية، والتي كانت مقررة اليوم الى الثلاثاء المقبل في ١٢ تشرين الثاني.
ويبدو ان الرئيس الحريري لا زال عند موقفه بإتباع الاصول الدستورية في عملية التكليف والتأليف واستعجال الاستشارات، حيث صدر امس بيان عن «تيار المستقبل» جاء فيه: ان الرئيس الحريري لن يضع نفسه تحت أي ظرف في حلبة السباق الاعلامي على رئاسة الحكومة، ويعتبر التكليف مسألة دستورية تخضع للاستشارات النيابية الملزمة، وليس لتمنيات الباحثين عن الشحن الطائفي على مواقع التواصل». بينما يبدو ان الوزير باسيل وتياره تراجعا خطوة الى الوراء عبر التواصل المباشر مع الحريري للوقوف على رأيه في عملية التكليف والتأليف وتحديد ما يمكن تقديمه وما لا يمكن التنازل عنه، خاصة بعد الكلمة التي وجهها باسيل الى انصار التيار في مسيرة بعبدا الاحد الماضي.
وحسب مصادر متابعة أن الرئيس الحريري رفض استمرار التركيبة التي أدّت إلى الوضع الراهن، وكما رفض الشروط التي حاول البعض وضعها عليه كشرط مسبق لتسميته رئيساً للحكومة.
وأشارت المصادر إلى ان الرئيس الحريري حريص على إعطاء الحراك القائم موقعاً في الوضعية السياسية المقبلة، انطلاقاً من عدم إمكانية تجاهل هذا الواقع من قبل أحد..
ولكن كان لافتاً للانتباه، نفي مصادر مقربة من «بيت الوسط» المعلومات التي نشرها موقع الكتائب حول اجتماع «بيت الوسط» بين الرئيس الحريري والوزير باسيل، مشيرة إلى ان الاخبار التي روّجت عن ان الحريري وافق على صيغة أو اقتراحات صيغ حكومية غير صحيحة.
بعبدا متمسكة بالمشاورات
في المقابل، أوضحت مصادر مطلعة على أجواء بعبدا لـ«اللواء» ان المشاورات التي يجريها الرئيس ميشال عون تهدف أولاً وأخيراً إلى تسهيل عمليتي التكليف والتأليف تفادياً للوقوع في الفراغ.
وقالت ان هذه المشاورات تسهم في تهيئة المناخات السياسية لتشكيل الحكومة، ومن هنا يأتي تريث رئيس الجمهورية في تحديد موعد الاستشارات، وبمنح المشاورات المزيد من الوقت لتفادي حصول أي دعسة ناقصة تدخل البلاد في الجمود عند تعذر تشكيل الحكومة.
وكشفت المصادر ان رئيس الجمهورية يؤيد أي صيغة حكومية تؤمن أوسع توافق وطني، مع العلم ان الشخصية التي ستكلف تأليف الحكومة ستكون مؤشراً لشكل الحكومة الجديدة، مشيرة إلى ان ما من نص دستوري يلزم رئيس الجمهورية بمهلة للدعوة إلى هذه الاستشارات، كما ان التريث لا يُشكّل مخالفة للدستور، مذكرة بسوابق في هذا المجال عندما استقال الرئيس الحريري في حكومته الأولى وتريث الرئيس ميشال سليمان وقتها في الدعوة للاستشارات مُـدّة ثلاثة أسابيع من أجل اجراء مشاوراته.
وأشارت المصادر كذلك، إلى انه ما من نص دستوري أيضاً يلزم رئيس الحكومة المكلف بمهلة تأليف الحكومة، مشيرة إلى ان الدستور حدّد ضوابط تتصل بإنجاز البيان الوزاري للحكومة خلال مهلة شهر.
وذكرت المصادر نفسها ان الرئيس عون حدّد في خطابه مواصفات الوزراء الذين يدور حولهم الخيارات، معتبرة ان الأهمية تكمن في المشاورات التي تسبق التأليف والتحرك الذي سجل بين «بيت الوسط» وميرنا الشالوحي.
وإذ رأت ان لنوع الحكومة ظروفها، لفتت إلى ان المهم تأليف الحكومة وألا يحصل تأخير، كما حصل أيام الحكومة المستقيلة التي استغرق تأليفها تسعة أشهر.
إلى ذلك، ترددت معلومات مفادها ان تواصلاً تمّ بين القصر الجمهوري وقادة الحراك في الفترة ما بين خطابي الرئيس عون، في أعقاب الاعتصامات ولمناسبة مرور ثلاث سنوات على توليه سلطاته الدستورية.
وكان الرئيس عون أبلغ أمس المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، خلال استقباله له أمس في قصر بعبدا، ان من أولى مهمات الحكومة الجديدة بعد تشكيلها متابعة متابعة عملية مكافحة الفساد من خلال التحقيق في كل الادارات الرسمية والمؤسسات العامة والمستقلة بهدف محاسبة الفاسدين، لافتا الى ان التحقيق يشمل جميع المسؤولين الذين تناوبوا على هذه الادارات والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة، من مختلف المستويات».
واكد ان «الاصلاحات التي اقترحها ووعد اللبنانيين بالعمل على تحقيقها، من شأنها تصحيح مسار الدولة واعتماد الشفافية في كل ما يتصل بعمل مؤسساتها»، مشددا على ان «دعم اللبنانيين ضروري لتحقيق هذه الاصلاحات».
واشار الى ان «النداءات التي وجهها الى المتظاهرين والمعتصمين، عكست تفهمه للمطالب التي رفعوها»، مشيرا الى ان «لا بد من الحوار مع هؤلاء المتظاهرين في الساحات من اجل التوصل الى تفاهم على القضايا المطروحة».
قطع الطرق
ميدانياً، تراجعت نسبياً نسبة الحشود الشعبية في ساحات الاعتصام، في اليوم التاسع عشر للانتفاضة، ولا سيما في ساحتي رياض الصلح والشهداء اللتين استعاضتا عن الحشود بعقد حلقات نقاش وتجمعات حول الخيم مع اغانٍ وطنية، من دون ان تسجل أية إشكالات، بينما انتقلت الاعتصامات إلى اتباع استراتيجية قطع الطرقات، ولا سيما الرئيسية، عند جسر الرينغ، حيث أفاد آخر تقرير أمني عن قطع طريق الجسر بالاتجاهين، بعدما كان مقطوعاً خلال ساعات النهار عند مسرب الحمراء- الأشرفية في حين أعاد المعتصمون فتح المسلك الغربي من اوتوستراد جل الديب، حيث سجلت حركة مرور خانقة على الطريق البحرية بين الزقا وجل الديب. كذلك اعيد فتح الطريق على اوتوستراد الجية- عند مفرق برجا، والتي ظلت مقطوعة بالاتجاهين طول النهار. ونفى الحزب التقدمي الاشتراكي أي علاقة له بقطع الطرقات في منطقة الجبل، وخصوصاً في صوفر وعاليه وصولاً إلى إقليم الخروب.
وافيد عن اشكال حصل في خيمة الحراك في صور، تبين انه ناجم عن خلاف شخصين أحدهما فلسطيني، وتدخلت القوى الأمنية وحلت الخلاف.
وفي صيدا تجمع المجتمعون في ساحة ايليا وسط اقفال كافة المسارب الجانبية، قبل ان يعاد فتحها بعيد منتصف الليل.
ولوحظ ان المحتجين اعتمدوا اسلوباً جديداً للتعبير عن الحراك، عبارة عن قرع الطناجر من شرفات المنازل، وان هؤلاء اعتمدوا أسلوب التزمير في اليومين الماضيين من خلال شعار: «زمر إذا أنت مع الحراك».
اما في طرابلس، فقط غصت ساحة النور بالحشود الشعبية وسط إجراءات مشددة من الجيش لحماية المتظاهرين، وتخلل السهرة وقفات فنية من وحي الحراك وعروض مسرحية ذات صلة.
وذكرت معلومات ان الحراك جدد نيته قطع الطرقات في البحصاص، من الخامسة فجراً وحتى الثانية عشرة ظهراً، والدعوة إلى الإضراب والعصيان المدني للمطالبة بحكومة انتقالية تنطلق معها رحلة التغيير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
عودة الحياة لشرايين السياسة ومداولات التكليف والتأليف… وقطع الطرقات على المحك لليوم الثاني
الحريري وباسيل يقطعان نصف الطريق… ويستكملان اليوم… والوساطة للواء إبراهيم
فضيحة رفض وزير الاتصالات للتسعير بالليرة اللبنانية تسقط بفضيحة اعتماده المفاجئ لليرة
خارج الكلام الإنشائي عن استيلاد حكومة من الكفاءات القادرة على إنقاذ الوضع الاقتصادي، دبّت الحياة في شرايين الحياة السياسية بانعقاد اللقاء الأول منذ استقالة الحكومة بين رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري ووزير خارجيتها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بعدما بدت الدعوات التي تقفز فوق السياسة تذاكياً على اللبنانيين، فما وصفه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بأنه احتقار كفاءات اللبنانيين عبر القول بالحاجة لتفاهمات سياسية بين القوى الرئيسية، نوع من اللعب بالكلام كما تقول سيرة البشرية التي تعيش في كل بلاد العالم هاجس إيجاد الوصفة المناسبة لاستيلاد حكومات كهذه. والديمقراطية التي اخترعتها الثورة الصناعية كنظام سياسي جديد لم تولد إلا بوصفها مشروع وصفة لاستيلاد هذه القيادات التي تتسم بالكفاءة والأهلية والنزاهة والقدرة على إنقاذ البلاد. وآلاف الكتب وعشرات العقائد والنظريات ومئات المنظمات التي تدور مضامين نصوصها أو حركاتها حول توصيف الحكم الرشيد ليست ترفاً، وتداول الحكومات والرئاسات للحكم في بلاد العالم المتطوّر فشلاً أو نجاحاً، هو تعبير عن هذا السعي في تقديم نموذج الحكومة التي تنقذ البلاد وتضمّ الكفاءات النظيفة والنزيهة والمؤهلة للحكم. وبالتالي فالعملية التي قال البعض إنها ليست اختراع البارود في تسطيحها وتبسيطها واستسهالها لعبٌ بعقول اللبنانيين، هي فعلاً أصعب من اختراع البارود.
قطع الطرقات تحت المجهر ليوم جديد، واللبنانيون ينتظرون نتائج الاتصالات التي تجريها القيادات الأمنية والعسكرية لتأمين حرية التنقل لهم، خصوصاً أن الجهات المالية المصرفيّة والأمنيّة والحزبيّة والإعلاميّة ليست بعيدة عن التأثير على قرار القيّمين على الحراك، وربما يكون من نتائج التواصل الذي بدأ بلقاء الحريري وباسيل، ونتائجه الإيجابية كما قالت مصادر متابعة، وأكدت أنهما لم يلتقيا من نقطة الصفر بعد مساعي الوساطة التي قادها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وقد نجح اللقاء الممتدّ لساعات بتجاوز مرحلة كسر جليد أيام ما بعد الاستقالة والدخول في مناقشة صريحة للكثير من نقاط الخلاف في المقاربات والرؤى للحلول. وقالت المصادر إن الجلسة المطوّلة ليست كافية، ولذلك ستستأنف اليوم بجلسة ثانية، لمواصلة البحث. وقالت المصادر أيضاً إن الحريري كان منفتحاً على كل الخيارات دون فيتوات، وإن باسيل الذي تحدث عن اولوية الدور على الموقع من بعبدا، فتح نافذة البقاء خارج الحكومة. وأضافت المصادر أن البحث وحده سيوصل إلى تفاهم الضرورة، الذي يحرص المعنيون، وخصوصاً قيادة حزب الله والرئيس نبيه بري على نجاحه لتشكيل مظلة أمان لعملية التكليف والتأليف التي يحتاج لبنان أن تتمّ بسرعة، لا تتعدّى نهايتها آخر تشرين الثاني الحالي.
الفضيحة التي دوّت في الوسطين السياسي والإعلامي، كانت القرار الانفرادي الذي أصدره وزير الاتصالات محمد شقير بتسعير خدمات الهاتف الخلوي وفواتيره وبطاقاته بالليرة اللبنانية بعد مماطلة امتدّت لشهر رفض خلاله تلبية مضمون كتاب تلقاه من وزير الاقتصاد منصور بطيش بهذا الخصوص. وعلل رفضه آنذاك بمضمون عقود شركات الخلوي والحاجة لقرار من مجلس الوزراء لأي تعديل ووجود مخاطرة ببنود جزائية تلحق بالدولة، وفجأة بدا أن الأمر لا يحتاج تعديل عقود ولا قراراً من مجلس الوزراء، وفضيحة الرفض تتوّجها فضيحة الموافقة، استخفافاً باللبنانيين وبالقواعد القانونية، واستخدامها كذريعة استنسابية، وتعريضاً لسوق القطع لمخاطر ضغط غير مبرّر على العملة الوطنية لأسباب غير مفهومة وتطرح علامات استفهام يفترض بالقضاء أن يكشف اللثام عنها، خصوصاً أن الوزير في حكومة تصريف الأعمال لم يعد يحظى بالحصانة التي تمنع استدعاءه.
على وقع الحشد في الشارع والتصعيد السياسي غير المسبوق، انعقد لقاء بين الرئيس المستقيل سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل في بيت الوسط أمس، على مدى ثلاث ساعات تخلله غداء، وتضاربت المعلومات حول اللقاء وسط تكتم من الطرفين على نتائجه، وتناول كل الامور المتعلقة بالمرحلة السياسية الحالية ومقاربة عملية التكليف والتأليف الحكومية والتصوّر لمقاربة المرحلة المقبلة.
وفيما ذكرت المصادر أن اللقاء بين الحريري وباسيل كان إيجابياً من حيث حصوله أولاً ومدته ثانياً ذكرت مصادر أخرى أنه لو حصل تطوّر إيجابي بين الرجلين لكان قد صدر عن قصر بعبدا ما يوحي بقرب تحديد موعد للاستشارات النيابية لرئيس الجمهورية، لكن أوساط القصر الجمهوري اكدت مجدداً ان الرئيس ميشال عون لا زال يفضّل التوافق المسبق على التأليف والتكليف تلافياً لإطالة أمد التأليف لو حصل التكليف، خاصة أن لا مهلة دستورية تُلزمه تحديد موعد للاستشارات وأنه حصلت سوابق حيث تمّ تحديد موعد الاستشارات بعد ثلاثة اسابيع من استقالة الحكومة. فيما أشارت مصادر عونية لـ»البناء» إلى أن «مجرد حصول اللقاء أمر ايجابي ويفتح الباب أمام التواصل والتفاوض والتوافق على عملية التكليف والتأليف»، موضحة أن «رئيس الجمهورية يسعى إلى تأخير التكليف ريثما تتبلور صورة واضحة لشكل وطبيعة الحكومة المقبلة وبرنامجها وسياساتها ولا يريد أن يمتدّ أمد التكليف لشهور عدة، كما حصل في الحكومة المستقيلة».
وكان لافتاً استمرار التصعيد من قبل مناصري أحزاب تيار المستقبل والقوات اللبنانية والكتائب والاشتراكي ما فسّرته مصادر سياسية على أن لقاء الحريري – باسيل لم يفضِ الى نتائج واضحة تعيد تكليف الحريري.
وشهد يوم أمس، تصعيداً لافتاً تمثل بقطع الطرقات في مختلف المناطق وإذلال المواطنين الذين ظهروا على الشاشات يعترضون على هذه الممارسات، فيما اللافت أكثر سياسة الحياد التي تنتهجها القوى الأمنية والجيش اللبناني إزاء الاعتداء على المواطنين، وظهر ايضاً عدد من المشايخ المعروفي الانتماء الى التنظيمات الإرهابية كمسؤول عن مجموعات قطع الطرقات كما حصل في خلدة، فيما قيل إنه مسؤول المستقبل في خلدة، لكن المستقبل نفى ذلك في بيان.
في المقابل أفادت معلومات عن وجود «اتجاه لدى المجموعات المدنية في الحَراكِ الشعبي للدعوة الى فتحِ الطرقات خلال الـ 48 ساعة المقبلة، تسهيلاً لحياة المواطنين وإفساحًا في المجال لعودةِ الطلاب الى مدارسهم». ولفتت، إلى أنّ «المجموعات المدنية قد تستعيض عن قطعِ الطرقات بالتظاهر ومحاصرة المعتدين على المال العام وبخاصّة سالبي الأملاك البحرية، كما وإقفال الإدارات والمؤسسات العامة».
وتشير المعلومات، إلى أنّ «المجموعات المدنية تتخوَّف من تسييس عملية قطعِ الطرقات وتسلّل بعض الأحزاب وبخاصّة القوات اللبنانية والاشتراكي الى الحَراكِ، لتحسين شروطها في مفاوضات شكلِ الحكومة الجديدة ولذلك ستعمل على فتح الطرقات».
في غضون ذلك، يلقي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كلمة بمناسبة يوم الشهيد الإثنين المقبل.
وادعى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم على مجلس الإنماء والإعمار وعدد من الشركات في ملف سد بريصا في الضنية بجرم هدر الأموال العامة. وقالت المعلومات إن «الشركات الـ3 التي ادعى عليها القاضي إبراهيم هي دار الهندسة و batco و lk الى جانب مجلس الإنماء والإعمار».
الى ذلك سجل يوم أمس، انفراج في الشأن المصرفي والمحروقات وبطاقات التشريج، فقد أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعميماً جديداً يطلب فيه من المصارف «رفع رساميلها من خلال السماح للمساهمين بضخ المزيد من السيولة بنسبة تصل الى 20 من رأسمالها الحالي، بدءاً من نهاية 2019 وحتى نهاية 2020، ما يعزّز رسلمة المصارف بقيمة تقارب 4 مليارات دولار، لتضاف الى رسملة تصل الى أكثر من 20 مليار دولار ما يعزّز قدرتها المالية لمواجهة الأوضاع الراهنة وأي تطورات مستقبلية».
وأعلن المكتب الإعلامي لوزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال محمد شقير أنه قرّر تسليم بطاقات التشريج بمختلف فئاتها الى الموزعين بالليرة اللبنانية، وبحسب سعر الصرف الرسمي للدولار الأميركي الصادر عن مصرف لبنان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
رئيس الحكومة لوزير الخارجية: لا مشكلة شخصية معك!
لقاء الحريري ــ باسيل: مكانك راوح
لم يحقّق اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة المُستقيل سعد الحريري بوزير الخارجية جبران باسيل أيّ تقدّم بسبب الشروط والشروط المقابلة. وفي ظل عدم توافر مخرج ملائم حتى الآن للخروج من أزمة الفراغ، تزداد التوترات في الشارع مع وجود علامات استفهام كبيرة حول أداء الجيش,
لا يلوح في الأفق ما يشي بإمكان توفير مخرج ملائِم للفراغ الذي دخلَت فيه البلاد منذ الانقلاب الذي نفّذه الرئيس سعد الحريري ضد حلفائه في التسوية الرئاسية. بل على العكس، تزداد التعقيدات كما الحسابات المتداخلة على خطين متوازيين: الأول بين رموز الصف الأول الذين فضّل بعضهم، قبلَ البدء بمشاورات التكليف، القيام بمنازلة في الشارع لتعزيز أوراقهم التفاوضية. والثاني بين أهل السلطة والشارع الذي بدأ يأخذ منحى فوضوياً في ظل عدم وجود جهة موحدة تقوده.
وفيما شكّل اللقاء الأول، منذ الاستقالة، بين الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل «بارقة أمل» باعتبار أنه قد يكون مفتاحاً لتحديد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موعداً للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة العتيدة، فإن «الإيجابية الوحيدة» كانت في انعقاد اللقاء بحدّ ذاته.
مصادر مطلعة قالت لـ«الأخبار» إن اللقاء كسر الجليد بين الرجلين. وقد بادر باسيل الحريري معاتباً ومستفسراً عن أسباب استقالته المفاجئة، فكان ردّ الأخير بأنه لم يعد قادراً على تحمّل «ضغط الشارع». كما نفى أن يكون وراء الحملة التي شيطنت وزير الخارجية، مؤكداً له أن لا خلاف شخصياً بينهما. وأكّدت أنه أثناء البحث السياسي لم يُبد الحريري أيّ مشكلة تتعلق بوجود باسيل في أي حكومة، فيما تمَّ التطرق مبدئياً الى ضرورة أن تحكم تأليف الحكومة الجديدة معايير موحّدة على كل المكوّنات، سواء تم الاتفاق على أن تكون تكنوقراط أو سياسية أو تكنو سياسية. وفي هذا السياق قال الحريري إنه ليس متمسّكاً بالبقاء على رأس الحكومة، فيما ذكّر باسيل بأنه لم يكن يرغب في أن يُوزّر في الحكومة السابقة!
لكن مصادر أخرى أكّدت لـ«الأخبار» أن اللقاء الذي دام أكثر من ساعتين، وتخلّله عشاء، عُرِضت فيه شروط متبادلة، ولم يتمّ التوصّل الى اتفاق لعدم وجود أرضية مشتركة يمكن البناء عليها، إذ أصرّ الحريري على حكومة تكنوقراط من دون أقطاب سياسيين بذريعة تخفيف الضغط الشعبي. ما يعني، بكلام آخر، إبقاء باسيل خارج الحكومة وإخراج حزب الله منها. وقد انتهى اللقاء بترك الباب مفتوحاً لمزيد من المشاورات. وذكرت المصادر أنّ خلاصة اللقاء هي أن «الرئيس عون يفضّل بقاء ورقة التكليف في جيبه على أن يبقي الحريري ورقة التأليف في بيته، فيما فهِم باسيل أنّ الحريري يريد أن يكون في حِلٍّ من ورقة الإصلاحات الاقتصادية». وعلمت «الأخبار» أن الوزيرين علي حسن خليل ووائل أبو فاعور زارا الحريري بعد انتهاء لقائه مع باسيل.
مصادر في فريق 8 آذار أكدت أن «ما يؤخّر المشاورات هو إصرار الحريري على التكليف قبلَ التأليف، أي من دون الاتفاق على شكل الحكومة وعدد الوزراء فيها»، فيما يفضّل رئيس الجمهورية التروّي «بانتظار تراجع التوتر السياسي والشعبي والتوقف عن قطع الطرقات من قبل جهات تستغلّ الحراك لتصفية الحسابات». وأشارت المصادر إلى أن «باسيل بدأ بالتفاوض مع رئيس الحكومة مستنداً الى تأييد شريحة واسعة له في الشارع المسيحي، والى دعم الحلفاء، ما يسمح له باستخدام الفيتو على شكل الحكومة المقبلة كما يتصرف الحريري»، وبالتالي التأكيد أمام الحريري أنه «مخطئ فيما لو ظنّ أن بإمكانه استهداف التوازن الذي كان قائماً، لأن موازين القوى لم تتغيّر».
وأضافت المصادر أن «عدم التوصل الى نتيجة في اللقاء لا يعني انسداد الأفق، بل هو خطوة لأنه فتح باباً للحوار من داخل المؤسسات بدلاً من التخاطب في الشارع».
أما على صعيد الشارع، فتزداد التساؤلات حول أداء الجيش الذي يتحوّل من الحياد الى الانحياز، إذ أكدت معطيات أمس أنه يأخذ موقفاً الى جانب قاطعي الطرق، على رغم التململ الواضح الذي ظهر عند المواطنين نتيجة الحواجز المنتشرة في عدد من المناطق. ويزداد الاستغراب من هذا الأداء، لا سيما أن العناصر الذين يلجأون الى توتير الشارع لهك هوية سياسية واضحة، إن كان على طريق الجنوب التي يتولى قطعها مناصرون لتيار المستقبل بالدرجة الاولى، وللجماعة الإسلامية بالدرجة الثانية، أو في جبل لبنان الشمالي حيث القوات اللبنانية والكتائب، فيما تتذرع قيادة الجيش بأنها لا تريد التصادم مع المعتصمين لأنهم بأكثريتهم من غير محازبي القوى المذكورة التي يكتفي مناصروها بالمبادرة إلى قطع الطرقات ليلتحق بهم معتصمون لا صلة لهم بالأحزاب، علماً بأن بعض المناطق يتولى فيها أشخاص معدودون، ومعروفو الانتماء، قطع الطريق، وهؤلاء لا يحتاجون الى التصرف بمنطق القوة، لكن الجيش يتخذ منحى يُظهر بعض قطعاته كمن «يرعى قاطعي الطرق» في هذه المناطق. ويصبّ تصرفه هذا في صالح الجهات السياسية التي تراهن على التوترات التي بدأت تتصاعد بين من يقطعون الطرق وأولئك المصرّين على فتحها.
وكان تيار «المستقبل» أصدر أمس بياناً قال فيه إن «ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي يتولّون تحميل تيار المستقبل مسؤولية إقفال الطرقات في عدد من المناطق، ويردّ هؤلاء ادعاءاتهم الى أمر عمليات لمناصري التيار بالنزول الى الشارع للمشاركة في معركة شدّ الحبال بشأن الاستشارات والتكليف»، مشيراً إلى أن «التكليف مسألة دستورية تخضع للاستشارات
شقير يرضخ: «التشريج» بالليرة
بعد وقت طويل من التسويف، رضخ وزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال، محمد شقير، لمطالب اللبنانيين، وقرر تسعير بطاقات «تعبئة» الخطوط الخلوية المسبقة الدفع بالليرة اللبنانية. سبق أن قال شقير أكثر من مرة إنه لا يمكنه تعديل التسعير من الدولار إلى الليرة إلا بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء. ولكن أمام إصرار المواطنين، ووزير الاقتصاد منصور بطيش الذي أكد أن التسعير بالدولار مخالف للقانون، رضخ شقير أمس. وبحسب بيان أصدره، قال وزير الاتصالات إنه طلب من شركتي الخلوي والموزعين العاملين لديهما، بيع البطاقات بالسعر المحدد، وفقاً لسعر الصرف الرسمي للدولار. ودعا «وزارة الاقتصاد والتجارة ومديرية حماية المستهلك إلى ملاحقة كل من يخالف هذا القرار» وتجدر الإشارة إلى أن أسعار بطاقات «تشريج» الخطوط الخلوية المسبقة الدفع ارتفعت في السوق نتيجة أزمة الدولارات التي نشأت قبل انطلاق الاحتجاجات الشعبية في 17 تشرين الاول الماضي. فموزّعو البطاقات ملزمون بتسديد ثمنها بالدولار إلى الشركتين، فيما المصارف تمتنع عن تحويل ليراتهم إلى دولارات، ما دفعهم إلى اللجوء إلى الصرّافين الذين وصل سعر الدولار لديهم إلى 1900 ليرة، عندما كانت المصارف مقفلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النهار
تداعيات تصاعدية لقطع الطرق وتأخير الاستشارات
اذا كان اليوم التاسع عشر من انتفاضة 17 تشرين الاول الشعبية سجل عودة قوية لتشدد المتظاهرين والمعتصمين في مختلف المناطق اللبنانية في قطع الطرق وتصعيد تحركاتهم على سبيل زيادة الضغط على السلطة استعجالا للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديدة وتأليفها، فان السمة اللافتة الموازية لهذه العودة تمثلت في عنوانين اساسيين: الاول ان أي جديد بارز لم يسجل بعد في اذابة الجليد الذي لا تفسير منطقيا له في التأخير المتمادي في تحديد موعد الاستشارات في قصر بعبدا والذي لم تعد تستره التبريرات التي تطلق على نحو شبه يومي. والثاني ان التداعيات المتصاعدة لقطع الطرق والاضراب باتت تسابق تداعيات الازمة السياسية من حيث اثارتها القلق والمخاوف من الاضطرابات الاهلية التي تتكاثر على الاوتوسترادات والطرق المقطوعة، على غرار عشرات المواجهات التي توزعت أمس بين بيروت والمناطق.
هذا المشهد المثير للقلق تعزز ليل أمس في عدم صدور أي اشارة واضحة الى الخروج من حال المراوحة التي تطبع المشاورات والمساعي السياسية لاحداث ثغرة في جدار الجمود وتحديد موعد الاستشارات، وذلك على رغم التطور البارز الذي حصل بانعقاد اللقاء الاول منذ ما قبل استقالة الحكومة بين رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل في "بيت الوسط". كما تعزز على صعيد التحركات الاحتجاجية من خلال التصعيد النوعي الجديد الذي اعتمده المتظاهرون من خلال ما بدا انه "اسقاط للمهل" في قطع الطرق وفتحها واللجوء الى تمديد اقفالها منذ فجر أمس وطوال الليل وابقائها مقفلة اليوم أيضاً.
وبرزت معالم التصعيد وتداعياته بقوة في مناطق عدة ولا سيما منها مناطق جل الديب التي شهدت ليلاً زحمة خانقة على الطريق الرئيسية ومتفرعاتها، الامر الذي تسبب بمواجهات بين المتظاهرين والمحتجزين في سياراتهم، قبل ان يفتح مسرب جانبي لتخفيف الازمة. كما حصلت اشكالات عدة مماثلة في مناطق أخرى، فيما شهدت الطريق البحرية بين بيروت وجونية ارباكات واسعة اذ تحولت المسلك الوحيد للحركة وسط زحمة خيالية.
أما على الصعيد السياسي ووسط تمادي الجمود المتحكم بالواقع المتأزم منذ استقالة الحكومة، لم يطرأ أي جديد علني على الاقل في حركة قصر بعبدا ينبئ بالخروج من الازمة، على رغم تعاظم الاخطار المتصلة بالواقع المالي والاقتصادي في البلاد وحتمية وقف استنزاف الوقت في ظل معطيات تفرض استنفاراً استثنائياً لانجاز مراحل الاستحقاق الحكومي باقصى سرعة. وفي اطار تبرير هذا الواقع المتمادي قالت أمس مصادر سياسية متابعة إن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يؤيد أي صيغة سياسية لحكومة تؤمن توافقاً وطنياً، موضحة ان المشاورات التي تجرى في شأن تشكيل الحكومة هدفها في الدرجة الاولى تهيئة المناخات السياسية لشكل الحكومة المقبلة. واضافت ان ما من نص دستوري يلزم رئيس الجمهورية تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة، كما ان ما من نص دستوري يلزم رئيس الحكومة المكلف مهلة لتاليف الحكومة وذكرت بالسابقة التي حصلت في عهد الرئيس ميشال سليمان عندما استقال الرئيس الحريري ولم يحدد في حينه موعد للاستشارات الا بعد مرور ثلاثة اسابيع. وقالت المصادر إن الشخصية التي ستكلف ستمثل مؤشراً لشكل الحكومة العتيدة وان المشاورات جارية كي لا يستغرق تشكيل الحكومة وقتاً اضافياً.
الحريري وباسيل
في غضون ذلك، عقد لقاء طويل بين الحريري وباسيل في "بيت الوسط" لم تتسرب عنه اي تفاصيل، خصوصاً ان أوساط الحريري لم تفصح عن شيء في شأنه. لكن المصادر القريبة من باسيل قالت إن اللقاء كان ايجابياً جداً وانه استمر نحو أربع ساعات واتفق خلاله على الكثير من الامور على غرار ما كان يحصل سابقاً بين الرجلين.
ويبدو ان أي نتائج محتملة للقاء الحريري وباسيل لن تظهر قبل ان يكون وزير الخارجية اطلع عليها الرئيس عون وان يتشاور في شأنها مع "حزب الله" وبعدها يبنى على الشيء مقتضاه من حيث التكليف المرجح مبدئياً للحريري، علما أن اجواء "بيت الوسط" تتسم بتحفظ شديد عن أمر يتعلق لهذا التكليف.
وأعلن "تيار المستقبل" أمس "ان كل ما يُنشر ويُعمّم لتحميل التيار مسؤولية اقفال الطرق في عدد من المناطق واعتباره أمر عمليات لمناصري التيار بالنزول الى الشارع للمشاركة في معركة شدّ الحبال حول الاستشارات النيابية ودعم تكليف الرئيس سعد الحريري، هو من صنع الأدوات والأقلام التي تعمل على خط الفتنة وتأليب النفوس ويضيق صدرها بمشاعر التضامن مع الرئيس الحريري الذي لن يضع نفسه تحت أي ظرف في حلبة السباق الاعلامي على رئاسة الحكومة، ويعتبر التكليف مسألة دستورية تخضع للاستشارات النيابية المُلزمة وليس لتمنيات الباحثين عن الشحن الطائفي على مواقع التواصل".
كذلك أفاد الحزب التقدمي الإشتراكي أن "لا علاقة له لا من قريب أو بعيد بقطع الطرق على الخط الساحلي أو في أي من المناطق، لا مباشرة ولا بالتنسيق مع قوى أخرى". وذكر بـ"أنه من الأساس أعلن موقفاً رافضاً لقطع الطرق لما لذلك من تداعيات سلبية على مختلف المستويات". وإذ أكد مجدداً أنه "يحترم التحركات الشعبية وصرخة الناس عن آلامها ورغبتها الحقيقية بالتغيير وهو ما اكدته مواقفه السياسية المتتالية"، حذر "من إستمرار الحملة المبرمجة في هذا الإطار والمعروفة الأهداف والمرامي".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمهورية
لقاء الحريري باسيل: لا تفاهُم.. والحراك يلوّح بتصعيد أكبر
لبنان بين فكّي كمّاشة: فك السياسة المُربكة والمعقّدة والمتباينة على كل الخطوط والمفتقدة لأيّ مخارج أو حلول، وفك التحرّكات الضاغطة في الشارع مع ما يرافقها من تجمعات في الساحات وقطع للطرقات وشلّ الحركة في البلد. المشهد العام، وعلى ما تعكس الوقائع المتسارعة فيه، في ذروة الاحتدام في الشوارع والساحات، بعد عودة المحتجّين الى استئناف حركتهم الاعتراضية على السلطة في أكثر من منطقة، وقد سجّل أمس قطع العديد من الطرقات في بيروت والمناطق، الّا أنّ هذا المشهد بَدا مفتوحاً في السياسة على نقاش حول كيفية الخروج من المأزق السياسي والمطلبي المتفاقم منذ بدء التحركات الشعبية في 17 تشرين الأول الماضي.
وقد تجلّى ذلك، في اللقاء المطوّل الذي عقد في بيت الوسط أمس، بين رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري ورئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل (الذي لم يجر تصويره)، وهو التواصل الاول بينهما منذ إعلان الحريري استقالته. وهو الأوّل بينهما ايضاً كطرفين متصادمين سياسياً، خلافاً لما كان عليه الحال بينهما أيام التسوية السياسية التي كانت معقودة بينهما على مدى السنوات الثلاث الماضية وحتى ما قبل أيام قليلة.
ولقد شكل اللقاء، الذي دام 3 ساعات وتخلله غداء بين الحريري وباسيل، الحدث الاساس الذي انشَدّت اليه الانظار من كل الاتجاهات السياسية والمطلبية، رصداً لِما قد ينتهي إليه من تفاهمات او تباينات.
واذا كان ثمّة مَن عَوّل على هذا اللقاء كمناسبة لإعادة جسر العلاقة المأزومة بين الشريكين السابقين في التسوية السياسية، وخصوصاً بعد رفعهما معاً سقف الموقف تجاه الآخر، إن من ناحية الحريري وما نُقل عنه في الايام الاخيرة حول "الفيتو" الموضوع من قبله على إعادة إشراك باسيل في حكومة جديدة يترأسها، أو من ناحية "التيار الوطني الحر" ومِن خلفه رئاسة الجمهورية بمقابلة "الفيتو الأزرق" بـ"فيتو برتقالي" على إعادة تكليف الحريري، إلّا أنه في موازاة هذا التعويل يبرز تشكيك سياسي شبه عام في إمكان إعادة ما انكسر بينهما بسهولة، خصوصاً أنهما ذهبا معاً في مواقفهما من بعضهما البعض الى نقطة اللارجوع، وهو الأمر الذي رَسّخ مقولة على المستوى السياسي العام تفيد بأنّ عودة المُساكنة بينهما صارت في منتهى الصعوبة والتعقيد، خاصة أنّ الحراك الشعبي المتواصل من 17 تشرين الأول فرضَ وقائع جديدة لم يَعد من السهل تجاوزها، خصوصاً من قبل رئيس الحكومة المستقيل.
واللافت للانتباه في هذا السياق "النَقزة" التي انتابَت الحراك الشعبي الى حد الشعور بالاستفزاز من لقاء الحريري وباسيل، والخشية من أن يتعرّض هذا الحراك لِما سمّيت عملية التفاف سياسية تطيح بكل ما حققه المحتجّون منذ نزولهم الى الشوارع والساحات وحتى اليوم. وتبعاً لذلك، تعالت الأصوات في الساحات أمس، رفضاً لإعادة استنساخ السلطة السابقة تحت أي مسمّى كان، من شأنه أن يعيد إنتاج سلطة بديلة لا تختلف عن سابقاتها سوى في بعض الأسماء، وأمّا في جوهرها، فتأتي بالتركيبة السياسية ذاتها وبأداء مكمّل للأداء السابق الذي تسبّب بالوصول الى الأزمة التي يعيشها البلد.
حتى أنّ اللقاء بين الحريري وباسيل لم ينجُ من محاولات تشويش عليه، ولاسيما عبر ترويج مُتزامن مع هذا اللقاء، لمسودة حكومية جديدة من 24 وزيراً، لا تختلف في جوهرها عن الحكومات السابقة، وتضمّ الى جانب شخصيات "تكنوقراط" مجموعة الاسماء التي أدرجها الحراك الشعبي في خانة المُستفزة، وطالبَ بإسقاطها وإبعادها عن الحكومة. وعلى الرغم من مُسارعة أوساط الرئيس الحريري الى نَفي وجود مثل هذه المسودة، إلّا انّ هذا الترويج فَعلَ فِعله في أوساط المحتجّين الذين لَوّحوا برفع وتيرة التصعيد الى مستويات غير مسبوقة، فيما لو نَحت الأمور في هذا الاتجاه.
وأبلغت أوساط في الحراك "الجمهورية" قولها: "إنّ أيّ محاولة من قبل فريق السلطة لإعادة إنتاج الصيغة الحكومية السابقة، عبر عمليات تجميل ومَكيجة سطحية تُخفي بشاعة الجوهر، هي محاولة محكومة بالفشل المُسبق. أكثر من ذلك، إنها تعطي إشارة واضحة الى أنّ الطاقم السياسي يضرب عرض الحائط أوجاع الناس وما طالبوا به في انتفاضتهم ضد السلطة. وعليه، فإنّ عودتهم الى المنحى والصور السابقة، معناها أنّ الطاقم السياسي الحاكم يريد إشعال الشارع من جديد، وهذه المرة ستكون أقسى وأشد ضراوة ممّا كان عليه الحال منذ 17 تشرين الاول".
واللافت في سياق التشويش أيضاً هو تَعمُّد بعض القنوات الاخبارية غير اللبنانية نَفي حصول اللقاء بين الحريري وباسيل، وذلك في الوقت الذي كان اللقاء يُعقد في بيت الوسط. وهو ما أدرجَه مرجع سياسي كبير في سياق "إشارات من بعض الجهات، إعتراضية على حصول اللقاء أولاً، وعلى احتمال إعادة جسر العلاقة من جديد بين الحريري ومن يُمثّل ومن يحالِف، وبين باسيل ومن يُمثّل ومن يحالِف".
وقال هذا المرجع لـ"الجمهورية": "إنّ مجرّد حصول اللقاء بين الحريري وباسيل، في هذا الوقت بالذات، وعلى أثر التباين الحاد بينهما، يمكن اعتباره من حيث الشكل فسحة إيجابية من شأنها أن تكسر الجليد وتفتح باب النقاش الذي قد يؤسّس لمخارج وحلول. ولكنّ التصويب على هذا اللقاء من قبل بعض الجهات، وعبر بعض القنوات الاخبارية، جعلني أرسم الكثير من علامات الاستفهام والريبة، وأخشى من أن يكون "وراء الأكمة ما وراءها" لقطع الطريق على أي توافق قد يحصل بين الجانبين.
لا تفاهم
إلى ذلك، وفي ظل التكتّم المفروض على ما جرى بَحثه بين الحريري وباسيل، قالت مصادر متابعة لحركة الاتصالات السياسية القائمة لـ"الجمهورية": "إنّ اللقاء كان صريحاً، وقدّم كل طرف موقفه، مع التأكيد على وجوب الخروج من هذه الأزمة".
وفيما لم تُضف المصادر أي تفاصيل جوهرية، قالت: "صحيح أنّ لقاء الحريري باسيل أحدثَ خرقاً في المشهد السياسي، لكنه لم يُفض بعد الى أي تفاهم. ومن الطبيعي أن يلتقي الحريري، وهو المرشح القوي لرئاسة الحكومة الجديدة، برئيس أكبر تكتل نيابي والطرف الأقوى لرئيس الجمهورية".
ولفتت المصادر الى "أنّ ما يجري الآن ليس اتفاقاً على الاسم بشروط مقابل شروط، إنما البحث في سلة كاملة قبل تحديد موعد الاستشارات النيابية المُلزمة حتى لا يبقى التأليف بعد التكليف الى ما لا نهاية. أمّا السلة فتتضمّن الاتفاق على رئيس حكومة وشكل الحكومة ومعيار التمثيل في داخلها بما يلبّي تطلعات الشارع، مع الأخذ في الاعتبار الظروف التي أدّت الى استقالتها".
وأشارت المصادر الى "انّ معظم الاطراف السياسية تقوم بحسابات خاطئة، فمنها من يلعب لعبة الشارع، ومنها من يتقاعَس عن تَحمّل المسؤولية، والخوف في هذه الاحوال أن تؤدي الميوعة الى سقوط دماء".
وقالت: "إنّ الأزمة لا تزال في بداياتها، وقد تحوّلت الى كباش سياسي حاد بعدما استنفَد حراك الشارع نتائجه. وهناك شد حبال داخلي، يُخطىء من يفصله عن الكباش الاقليمي والدولي المعروفة أهدافه".
ولفتت الى أنّ "الهدف الاساس من لقاء الحريري باسيل هو كسر حدّة الشارع المُناصِر للطرفين، وليَكن الكلام مباشراً وصريحاً بينهما: من يريد من؟ ومن لا يريد من؟ وفي النهاية أن يكون طرف في السلطة أو خارجها، فهذا يجب أن يحصل ضمن تفاهم تَجنّباً لصدام على الارض بين مناصري الشارعَين.
وعلمت "الجمهورية" أنّ "المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم عَمل منذ 3 أيام على ترتيب هذا اللقاء في بيت الوسط، وتأمين ظروفه عبر التواصل بين الطرفين، بما يفتح أقنية التواصل والحوار، لأنها السبيل الوحيد لحل الأزمات". وبحسب المعلومات، انّ اللواء ابراهيم زار القصر الجمهوري صباح أمس، والتقى رئيس الدجمهورية العماد ميشال عون.
بيت الوسط
الى ذلك، قالت أوساط بيت الوسط لـ"الجمهورية": إنّ اللقاء بداية حوار، ولا يمكن التَكهّن بما يمكن أن يؤول إليه هذا الحوار في ظل الطروحات المُتباعدة".
وأشارت الى انّ عنوان البحث لا يحتاج الى أي تفصيل، فكلّ ما جرى على الساحة اللبنانية منذ ما قبل الانتفاضة وفيها وبعدها، ومن ضمنها استقالة الحكومة والمراحل الدستورية اللاحقة التي يستعدّ لبنان لولوجها كلها، كانت مَدار بحث، من دون أي إشارة الى ما انتهى إليه إيجاباً أو سلباً، بانتظار أن يكشف الحريري شخصياً عن هذا البحث، وهو ما زال يلتزم الكثير من الصمت خارج الدائرة الضيّقة المحيطة به. وأكدت المصادر أنّ لقاءات الرئيس المستقيل مستمرة، وهي تجري بعيداً من الاعلام.
الى ذلك، قالت مصادر وزارية على صِلة بالحريري وباسيل لـ"الجمهورية": إنّ مجرد اللقاء بينهما يشكّل إشارة الى فتح ثغرة في الإتصالات المجمّدة، بهدف تنشيطها لتسهيل العبور الى مرحلة الإستشارت النيابية الملزمة من أجل تسمية من يكلّف بتشكيل الحكومة.
أين العقدة؟
الى ذلك، ومع إبلاغ رئيس الجمهورية المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش "أنّ مِن أولى مهام الحكومة الجديدة بعد تشكيلها متابعة عملية مكافحة الفساد، وانّ التحقيق سوف يشمل جميع المسؤولين الذين تناوَبوا على الادارات والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة من مختلف المستويات، وانّ الاصلاحات التي اقترحها ووعَد اللبنانيين بالعمل على تحقيقها من شأنها تصحيح مَسار الدولة"، هناك تساؤلات في المقابل ما زالت تطرح حول مَكامن العقدة التي تؤخّر الاستشارات، وكذلك تأليف الحكومة، واذا كان الجامع بين هذه القوى الآن هو التأكيد على تشكيل حكومة لا تشبه سابقاتها وتلبّي مطالب المحتجّين؟ إنما السؤال كيف؟!
واللافت للانتباه في هذا السياق هو أنّ الطاقم السياسي مأزوم، ولا أحد من السياسيين يملك الجواب، كما لا يملك خريطة طريق للخروج من هذه الأزمة. وانّ المعطيات التي تجمّعت من مواقف أطراف الازمة الراهنة، تؤشّر الى أنّ المشهد الداخلي يتقلّب بين مجموعة "مستحيلات"، ما يعني أنّ ولادة الحكومة هي أمام مأزق عميق. أمّا هذه "المستحيلات"، فهي:
أولاً، إنّ الطروحات التي يقدمها أطراف الأزمة، ومنها ما يتصل بالـ"فيتوات"، وإبعاد قوى سياسية عن الحكومة أو عن رئاستها، هي من النوع الذي يستحيل القبول به وترجمته أو تمريره.
ثانياً، حكومة تكنوقراط، فهي تشكّل مطلباً للحراك إلّا أنها تصطدم بحائط سميك من الرفض الذي يعبّر عنه علناً "التيار الوطني الحر" وحركة "أمل" و"حزب الله" مع الحلفاء، على أساس أنّ مثل هذه الحكومة لن تكون بمستوى الأزمة التي يعيشها لبنان حالياً.
ثالثاً، الحكومة الحيادية، وهي تشكّل بدورها مطلباً للحراك، وينادي بها أيضاً البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الّا انّ ثمة مَن يفسّر هذه الحكومة الحيادية بأنها إخراج لكل القوى السياسية من الحكومة، بدءاً من تيار "المستقبل" وصولاً الى سائر الاحزاب والمكوّنات السياسية. فكيف والحال هذه ستقلّع مثل هذه الحكومة؟
رابعاً، حكومة اللون الواحد، أي حكومة من دون الحريري وحلفائه في 14 آذار، وكذلك من دون وليد جنبلاط. فحكومة كهذه هي حكومة مواجهة، والمعلومات تؤكد أن لا "التيار الوطني الحر" ولا "حزب الله" ولا حركة "أمل" في وارد الذهاب الى خيار المواجهة، لأنه قد يُدخِل البلد في انقسامات لا حدود لها، تُلقي بدورها شرارات إضافية على الوضع الاقتصادي والمالي الخطير، ناهيك عن الوضع السياسي المتأزّم طائفياً وشارعياً.
خامساً، حكومة سياسية مختلطة مع اختصاصيين، إنما من دون جبران باسيل. هذا الأمر، بمعزل عن المطالبات الصادرة من أكثر من اتجاه في الحراك، كما مِن بعض القوى السيالسية مثل "القوات اللبنانية" والحزب "التقدمي الاشتراكي"، وصولاً الى تيار "المستقبل"، ليس مقبولاً على الاطلاق من قبل فريق رئيس الجمهورية، وجرى التعبير عنه بشكل غير مباشر في التظاهرة التي نظّمها "التيار الوطني الحر" قبل يومين دعماً لرئيس الجمهورية، علماً أنّ موقف "حزب الله" لهذه الناحية يتقاطَع مع موقف فريق رئيس الجمهورية، ولاسيما لجهة تحويل جبران باسيل الى كبش فداء وتصويره وكأنه هو المسؤول الوحيد عن الازمة والمُتسبّب بها.
سادساً، حكومة مختلطة برئاسة شخصية غير الحريري. إنّ حكومة من هذا النوع هي الأصعب، ذلك ان ليس في "النادي السنّي" أي شخصية تقدّم نفسها بديلاً للحريري في هذه المرحلة، فضلاً عن أنّ الحريري، وإن كان لم يعلن ترشيحه علناً، فقد تمّ الاعلان عنه من خلال الحراك الذي قام به مناصروه في الشارع، إضافة الى أنّ معظم القوى السياسية، بما فيها خصوم الحريري، ليست لديها الرغبة في تكليف غير الحريري بتأليف الحكومة الجديدة.
إقتراحات
على صعيد سياسي آخر، يترأس رئيس المجلس النيابي نبيه بري اليوم اجتماعاً لهيئة مكتب مجلس النواب، وفي جدول أعمالها عرض للمشاريع المُنجزة التي يمكن إدراجها في جلسة تشريعية يعقدها المجلس لاحقاً.
وعلمت "الجمهورية" انّ التوجّه لدى رئيس المجلس النيابي هو لالتقاط ورقة الاصلاحات التي تمّ الاعلان عنها في الآونة الاخيرة قبل استقالة الحكومة، والشروع فوراً في طرح بنودها عبر اقتراحات قوانين تقدّم جانباً كبيراً منها كتلة التحرير والتنمية، وفي مقدمها موضوع العفو العام.
يُذكر هنا أنّ الجلسة الانتخابية، التي كان مقرراً أن يعقدها المجلس النيابي اليوم لانتخاب أعضاء اللجان النيابية، قد أرجئت الى الثلاثاء المقبل في 12 تشرين الثاني.
الرساميل
إقتصادياً، أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعميماً جديداً طلب فيه من "المصارف رفع رساميلها من خلال السماح للمساهمين بضَخ المزيد من السيولة بنسبة تصل الى 20 % من رأسمالها الحالي، بدءاً من نهاية 2019 وحتى نهاية 2020، بما يعزّز رَسملة المصارف بقيمة تقارب 4 مليارات دولار، لتُضاف الى رسملة تصل الى أكثر من 20 مليار دولار".
وفي قراءة لخلفيات هذا التعميم، يتبيّن أنه يهدف الى التعامل مع التداعيات التي ستنتج جرّاء خفض تصنيف لبنان الائتماني، وتالياً، خفض تصنيف المصارف.
كذلك، يأتي التعميم في وقت حسّاس تُطرح فيه علامات استفهام في شأن الوضع المالي في البلد، وقدرة القطاع المصرفي على الصمود. وبالتالي، فإنّ رفع الرساميل من شأنه أن يحصّن المصارف ويرسّخ الثقة بالقطاع في هذه الحقبة الحساسة، خصوصاً في ضوء الاجراءات التي تتخذها ادارات المصارف لجهة القيود المفروضة على
السحوبات والتحاويل، الأمر الذي يُقلق المودعين على مصير ودائعهم.
إقتصاد مشلول
في السياق، ساهم إقدام المصارف على وقف التسهيلات الممنوحة للشركات والمؤسسات والافراد في شَد الخناق أكثر فأكثر على التجّار والصناعيين، وباتت الحركة الاقتصادية مشلولة بالكامل.
ويقول نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش لـ"الجمهورية"، إنّ وقف التحويلات يؤدي الى توقّف استيراد المواد الأولية للصناعة، "وبالتالي، سيأتي يوم تتوقف فيه المصانع عن العمل لفقدانها المواد الاولية الضرورية للصناعة، وبالتالي ستتوقف عجلة الانتاج".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نداء الوطن
الحريري باسيل: تبايُن قبل استشارات مفخّخة
تدخل ثورة الشباب اللبناني يومها العشرين فيما السلطة لا تزال تراوغ سواء بتأخير المشاورات، او بخطة اجراء مشاورات خادعة تفضي الى استشارات ثانية. وفيما قطع الثوار امس أوصال العاصمة والشمال والبقاع وطريق الجنوب وصولاً الى صيدا معطلين المؤسسات ومصرين على مطلب تشكيل حكومة مستقلة تنهي مسيرة الفساد وتنقذ البلاد من الأزمة الاقتصادية الخانقة، كان طرفا التسوية الرئاسية الاساسيان اي "المستقبل" و"التيار الوطني الحر" يبحثان سبل تشكيل تركيبة حكومية جديدة عبر اعادة تكليف الرئيس سعد الحريري سواء بوجود وزير الخارجية جبران باسيل، او عبر حضور ملائكته بقوة فيها، ودائما ضمن رعاية يد "حزب الله" الحانية والتي عملت على ترتيب لقاء "بيت الوسط" بين الرجلين، وهي اليد الحريصة على اعادة ترميم الستاتيكو الذي كان "الحزب" مرتاحاً فيه، خصوصا لجهة متابعته سياسته الاقليمية ضمن المحور الايراني بغطاء رئاسي ووزاري ونيابي فعال.
أفادت مصادر حليفة للعهد ان لقاء الساعات الأربع بين الحريري وباسيل كان حامياً ولم يصل الى نتائج ملموسة لكنه كسر الجليد الذي اعترى مسيرة ودّهما في الفترة الأخيرة. وناقشا خلاله الاحتمالات التي كانت مدار نقاش ورسائل علنية او ضمنية في الأيام التي تلت الاستقالة. واضافت المصادر نفسها ان باسيل كان حاسماً مع الحريري لجهة رفض تكليفه قبل ان يوافق على التشكيلة والأسماء فيها. وجرى التطرق الى عدة صيغ حكومية ابرزها صيغة الحكومة التكنوسياسية مع احتمال عدم توزير باسيل فيها لكنه يتمثل بأشخاص يسميهم هو ويكونون من "التيار" وليسوا مقربين منه. كذلك أبلغ باسيل الى الحريري رفضه ان يشكل حكومة تكنوقراط كاملة، مكرراً ان حكومة كهذه يمكن ان يرأسها شخص آخر.
بعد اللقاء غادر باسيل الى بعبدا، مقر اقامته الموقت، حيث وضع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في اجواء الاجتماع الذي ستتم متابعته غداً اما هاتفيا ام عبر وسطاء.
وعلمت "نداء الوطن" ان فريق 8 آذار وبالتفاهم مع فريق رئيس الجمهورية يخطط لكسب وقت اضافي مراهنا على تعب الحراك الشعبي ومشاكل يتسبب بها قطع الطرقات. وتقضي الخطة بالدعوة الى استشارات نيابية يمتنع فيها الفريق الممانع والتيار عن تسمية الرئيس الحريري فيحصل على 50 صوتا تقريبا من اصل 128 فتعاد الاستشارات ومعها تعاد المشاورات.
اما مصادر بيت الوسط فأكدت لـ"نداء الوطن" أن لقاء الحريري مع باسيل لم يتوصل إلى نتائج عملية بل أظهر تبايناً واضحاً ليس حول مقاربة الوضع الحكومي برمته فحسب، بل حول النظرة إلى التطورات التي تعيشها البلاد. وذكرت أن الدليل إلى التباين هو عدم دعوة رئيس الجمهورية إلى الاستشارات.
وأشارت المصادر ردا على سؤال "نداء الوطن" حول ما إذا كان الخلاف ما زال قائماً على صيغة الحكومة "تكنو – سياسية" أو "تكنوقراط"، إلى أن ما جرى توزيعه من صيغ أمس لم يتم التطرق اليه خلال لقاء باسيل مع الحريري وهو ما نفاه "تيار المستقبل" أيضاً، مؤكدة أن البحث بالصيغة الحكومية مع أي جهة يفترض أن تسبقه مقاربة للتطورات في البلد في ضوء الحراك الشعبي وما نجم عنه منذ 17 تشرين الأول الماضي. وأضافت ان "هذا يحتاج لأن يعترف المعنيون بأن هناك وضعاً جديداً في الحياة السياسية اللبنانية نجم عن الحراك، وإحداث تغيير في الذهنية بالتعاطي معه، في وقت ما زال الفريق المعني يتعاطى مع الحراك على أنه سينتهي، وهذا غير واقعي".
وقالت مصادر بيت الوسط إن "التفاهم على مقاربة الحراك له أولوية على بحث مسألة تكليف رئيس الحكومة التي تصبح شكلية في ظل التباين الحاصل، لذلك فإن الحريري لا يبحث عن أصوات للتكليف، بل عن صيغة حل سياسي تستند إلى مقاربته للمعطيات الجديدة التي أملت استقالته، بينما نشهد محاولة الهروب إلى أمور أخرى والسعي إلى منافسة الحراك الشعبي على شعاراته ومطالبه".
من جهة أخرى، لفتت مصادر رسمية "نداء الوطن" إلى "وجود مناخ ترهيبي تجري إشاعته منذ قبل ظهر أمس عن أن الوضع الأمني معرض لاهتزازات بسبب حديث وتسريبات على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر رسائل صوتية عن أن "حزب الله" وحركة "أمل" يتجهان إلى فتح بعض الطرقات التي يقفلها المتظاهرون، لا سيما على جسر "الرينغ" في بيروت، وعلى الطريق الساحلي إلى الجنوب. وأشارت المصادر الرسمية إلى أن هذه الرسائل تشير إلى أنه إذا لم تفتح القوى الأمنية والجيش الطرقات فإن هناك من سيتولى فتحها. وتتعاطى هذه المصادر مع هذا المناخ على أنه جدي وتخشى أن يأخذ بعداً طائفياً في بعض المناطق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرق
الشارع يرفض تطعيم حكومة التكنوقراط بسياسيين ويستعجل الاستشارات
اعاد الشارع المقابل المتظاهرين بعد اربعة ايام على مغادرته والاكتفاء بالساحات. بين احدي الوفا والوحدة، صار ما حذر منه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، واقعاً، على رغم محاولات عدم تصويب ما جرى على هذا النحو. المبارزة بدت جليّة، فيما المطلوب واحد تحديد موعد سريع للاستشارات النيابية لتكليف شخصية تشكل حكومة تلبي صرخات الشعب الثائر. فهل تفي زيارة وزير الخارجية جبران باسيل المعوّم بشارعه البرتقالي في "احد الوفا"، لرئيس الحكومة سعد الحريري الذي قال شارعه ايضا كلمته، بالغرض، ام ان حرب الشوارع ستستعر وتفعل فعلها في تغييب الاتفاق على الاستحقاق الحكومي؟
باسيل في الوسط
على وقع تصعيد الشارع، الذي بلغ ذورته اول امس مع نزول التيار الوطني الحر الى الارض في بعبدا داعما للعهد ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير باسيل، والرد القوي الذي أعقبه على يد ثوار 17 تشرين الذين تحركوا مجددا قاطعين الشرايين الاساسية في البلاد، وفي حين لم يحدد بعد اي موعد للاستشارات النيابية المنتظرة الضرورية لتكليف رئيس للحكومة العتيدة، زار رئيس التيار الوطني الحر بيت الوسط بعد الظهر، حيث استقبله الرئيس سعد الحريري في لقاء هو الاول بين الرجلين في اعقاب استقالة الحريري، حصل بعيدا من الاضواء، وكان ملف التكليف والتشكيل الحاضر الابرز فيه بطبيعة الحال.
المستقبل
في الاثناء، اكد "تيار المستقبل" في بيان "ان كل ما يُنشر ويُعمّم لتحميل التيار مسؤولية اقفال الطرقات في عدد من المناطق واعتباره امر عمليات لمناصري التيار بالنزول الى الشارع للمشاركة في معركة شدّ الحبال حول الاستشارات النيابية ودعم تكليف الرئيس سعد الحريري، هو من صنع الأدوات والأقلام التي تعمل على خط الفتنة وتأليب النفوس ويضيق صدرها بمشاعر التضامن مع الرئيس الحريري الذي لن يضع نفسه تحت اي ظرف في حلبة السباق الاعلامي على رئاسة الحكومة، ويعتبر التكليف مسألة دستورية تخضع للاستشارات النيابية المُلزمة وليس لتمنيات الباحثين عن الشحن الطائفي على مواقع التواصل".
حزب الله
وفي انتظار تبيان ما سيرشح عن الاجتماع الثنائي الذي قيل ان حزب الله توسّط لاجرائه، اشارت مصادر الحزب الى "ان الامور تزداد سوءاً وهناك من لا يريد مصلحة البلد، ويمارس الضغط على رئيس الجمهورية". ورجّحت "اننا كحزب قد لا نُسمّي الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة، لكن هذا الامر نحسمه بالتشاور مع حلفائنا"، املةً في "ان لا ينزلق الشارع الى امور لا تُحمد عقباها".
عون والحكومة
وسط هذه الاجواء، ابلغ رئيس الجمهورية المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش خلال استقباله له قبل ظهر امس في قصر بعبدا، ان من اولى مهام الحكومة الجديدة بعد تشكيلها متابعة عملية مكافحة الفساد من خلال التحقيق في كل الادارات الرسمية والمؤسسات العامة والمستقلة بهدف محاسبة الفاسدين، لافتا الى ان التحقيق سوف يشمل جميع المسؤولين الذين تناوبوا على هذه الادارات والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة، من مختلف المستويات. واكد ان الاصلاحات التي اقترحها ووعد اللبنانيين بالعمل على تحقيقها، من شأنها تصحيح مسار الدولة واعتماد الشفافية في كل ما يتصل بعمل مؤسساتها، مشددا على ان دعم اللبنانيين ضروري لتحقيق هذه الاصلاحات. واشار الى ان النداءات التي وجهها الى المتظاهرين والمعتصمين، عكست تفهمه للمطالب التي رفعوها، مشيرا الى انه لا بد من الحوار مع هؤلاء المتظاهرين في الساحات من اجل التوصل الى تفاهم على القضايا المطروحة.
كوبيتش
وكان كوبيتش نقل الى عون اهتمام الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس والمسؤولين في الامم المتحدة بتطورات الاوضاع في لبنان، واضعا امكانات المنظمة الدولية بتصرف لبنان لمساعدته في المسائل التي يرغب في تحقيقها لمواجهة الظروف الراهنة. كما كانت جولة افق في الاوضاع الداخلية قبل ايام من اجتماع مجلس الامن لمناقشة مراحل تطبيق القرار 1701، في جلسة تُعقد في 21 تشرين الثاني الجاري.
ارجاءان
في الاثناء، أرجئت الجلسة النيابية التي كانت مقررة اليوم. وأصدرت رئاسة مجلس النواب بيانا قالت فيه "عملاً باحكام الفقرة الثانية من المادة 44 من الدستور، والمادة الثالثة من النظام الداخلي لانتخاب اميني سرّ وثلاثة مفوضين، وعملاً باحكام المادة 19 من النظام الداخلي لانتخاب اعضاء اللجان النيابية. يعدل موعد الجلسة التي كانت مقررة في الحادية عشرة من قبل ظهر غد الثلاثاء في الخامس من تشرين الثاني الجاري اليوم الواقع 12 تشرين الثاني الساعة الحادية عشرة".
كما أرجئ إجتماع مجلس القضاء الأعلى الذي كان مقررا عقده امس بدعوة من رئيسه القاضي سهيل عبود الى ظهر اليوم الثلاثاء وذلك لعدم تمكن القضاة أعضاء المجلس من الوصول الى مركز عملهم في قصر عدل بيروت.
على الخط القضائي ودوره في مكافحة الفساد، إدعى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم على مجلس الإنماء والإعمار وعدد من الشركات في ملف سد بريصا في الضنية بجرم هدر الأموال العامة.