البناء
الجيش السوريّ يحسم شمال حلب وغربها… وانهيار جبهات الإرهاب… ولاريجاني في بيروت
نصرالله للمواجهة إقليميّاً والتهدئة داخليّاً… ودياب لهيكلة الدين… وجولة عربيّة
القوميّون: تحية للشهداء… وضد صفقة القرن… واستقبال شعبيّ حزبيّ لسعادة يتقدّمه سعد
في تدحرج للانتصارات أصاب الجماعات الإرهابية ومشغلها التركيّ بالذهول، حسم الجيش السوري سيطرته على عشرات البلدات والقرى والمدن في شمال وغرب حلب منهياً سنوات من المعاناة التي عاشتها أحياء حلب جراء القصف والمفخّخات، من مواقع السيطرة التركيّة والجماعات التابعة لها، ونجح الجيش السوري باستعادة السيطرة على مدن مهمة كعندان وحريتان كانت تعتبر معاقل وحصوناً منيعة للجماعات الإرهابية، بينما باتت جبهة الأتارب وإدلب وجبل الأربعين وجسر الشغور مرشحة للاشتعال في أي وقت، وسط حالة انهيار شاملة تعيشها الجماعات الإرهابية، تمثلت بهروب مئات المسلحين من مواقعهم وترك معداتهم فيها، ما يفسّر الحشود التركية الهادفة لخوض حرب نفسيّة لردع الجيش السوري عن التقدّم تفادياً للمواجهة، وهو ما لم يفلح في تغيير روزنامة عمل الجيش السوري، وعزيمته على المضي قدماً في استرداد كل الأراضي السورية الواقعة بيد الجماعات الإرهابية؛ بينما تتموضع إيران وروسيا عند ثابتة سياسية تفاوضية مع الأتراك عنوانها التسليم بالسيادة السورية الكاملة فوق الأراضي السورية واعتبار اتفاق أضنة الإطار الصالح لضمان الجمع بين هذا المفهوم ومقتضيات الأمن التركي، كشرط لمساعي وساطة بين تركيا وسورية.
في الإطار الإقليمي أيضاً بدأ رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني زيارة لبيروت قادماً من دمشق، حيث التقى الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد وناقشا معاً خرائط المواجهات الدائرة في المنطقة بين محور المقاومة والمشروع الأميركي، ومكانة سورية في هذه المواجهة في ضوء الانتصارات التي يحققها الجيش السوري وحلفاؤه في ميادين المواجهة. وفي بيروت يلتقي لاريجاني على مدى يومين الرؤساء الثلاثة والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وقادة الفصائل الفلسطينية على مستوى الأمناء العامين، وعدداً من النخب وقادة الرأي، في جولة استطلاعية حول الوضع اللبناني بعد تشكيل الحكومة، الذي اعتبره لاريجاني مؤشراً إيجابياً على قدرة لبنان على النهوض.
الحدث الأبرز محلياً، كان أمس، خطاب السيد حسن نصرالله في ذكرى القادة الشهداء وأربعين القائدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، حيث أكد السيد نصرالله أن المواجهة الشاملة في المنطقة صارت خياراً أحادياً بعد جريمتي الاغتيال وصفقة القرن، حيث لم يترك الأميركيون مجالاً إلا لحمل البندقية. وتوقف نصرالله أمام حال الاستنهاض التي مثلتها الجريمتان لخيار المواجهة، سواء بحجم الحشود التي خرجت في تشييع الشهداء طلباً للرد، أو حجم الإجماع بوجه صفقة القرن الذي فرضه المناخ الشعبي، داعياً لرفع مستوى الردّ والجهوزية لمنع تبدد هذا المناخ وتراجعه. وركز نصرالله في خطابه على ساحتي العراق وفلسطين، حيث الأولى معنية أكثر من سواها بعنوان إخراج الأميركيين من المنطقة، والثانية هي ضمانة بقاء روح المواجهة في مواجهة مشروع تصفية القضية الفلسطينية. وبالتوازي مع الدعوة للمواجهة إقليمياً دعا نصرالله للتهدئة داخلياً، مقدماً عناوين فصل الخلافات السياسية عن الملفات الاقتصادية، ومنح الحكومة فرصة منع الانهيار، لأنه إذا وقع الانهيار فلن يبق شيء ليكون التنافس عليه، وكان لافتاً تجاهل السيد نصرالله كلام رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، في ذكرى اغتيال والده الرئيس الراحل رفيق الحريري، الذي تفادى خوض مواجهة مع حزب الله أو توصيف الحكومة بحكومة حزب الله، كما تفادى التركيز على الحزب كسبب لامتناعه عن تولي رئاسة الحكومة، حاصراً معركته مع التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل.
لبنانياً أيضاً، تتصدر الاهتمام من اليوم حتى نهاية الأسبوع المساعي التي يبذلها رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب، على المسارين السياسي والاقتصادي، حيث يتبلور سياسياً مسار العلاقات العربية للحكومة في ضوء ترقب حركة السفراء الخليجيين نحو السراي، وخصوصاً سفيري السعودية والإمارات اللذين لم يطلبا موعداً بعد لتهنئة رئيس الحكومة بالثقة، ولا زارا السراي قبلاً للتهنئة بتشكيل الحكومة؛ فيما قالت مصادر متابعة لـ البناء
إن الرئيس دياب سينتظر هذا الأسبوع قبل أن يبرمج خطته لجولة عربية يزمع القيام بها بدءاً من القاهرة، وفي ضوء ما يبدر على المسار السعودي والإماراتي سيقرّر محطات الجولة وتسلسلها. أما اقتصادياً فقالت المصادر إن الرئيس دياب حسم خياره بصدد مصير سندات اليوروبوند لجهة اعتماد هيكلة الدين العام برمته من خلال الاستفادة من دور استشاري لصندوق النقد الدولي واعتماد شركتين قانونية ومالية لمفاوضة الدائنين على الهيكلة. وقالت المصادر إن هذا الأسبوع سيكون حاسماً في بلورة صورة الموقف في ضوء اللقاءات التي ينتظر أن تشهدها السراي الحكومي مع الوفود الدولية المعنيّة، وليلاً نجح رئيس الحكومة بإلزام شركة طيران الشرق الأوسط بالتراجع عن قرارها بتسعير بطاقات السفر بالدولار الأميركي واعتماد الليرة اللبنانية كأساس للتسعير والدفع.
القوميون كعادتهم كانوا موجودين في الساحات، حيث تحضر القضايا الكبرى، فخصصوا وقفة احتجاجية على صفقة القرن في ساحة الشهيد خالد علوان في شارع الحمراء، وقدّموا تحية نسور الزوبعة في روضة الشهداء للقادة الشهداء في ذكراهم، ونظموا استقبالاً شعبياً وحزبياً للنائب سليم سعادة في الكورة رداً على ما تعرّض له على أيدي المندسّين في صفوف الحراك الشعبي، وتحية لمواقفه في مجلس النواب؛ وكان في طليعة الحضور رئيس الحزب فارس سعد الذي أعلن فتح الباب لاستيعاب كل القوميين الموجودين خارج هيكل المؤسسة الحزبية النظامية، بينما قال سعادة إنه طلب العفو عن الذين كانوا وراء الاعتداء الذي تعرّض له.
استقبلت الكورة عضو الكتلة القومية النائب سليم عبدالله سعادة عند مدخل بلدة كفرحزير – شكا، وقد علت الهتافات عند وصوله قادماً من بيروت، بالتحايا والتهنئة بسلامته، وبنثر الورود والأرز على موكبه، قبل أن ينتقل الموكب مع الوفود الشعبية والحزبية إلى منزله في أميون، حيث كان في استقباله حشد كبير من المسؤولين والشخصيات، ووفد مركزي من قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي تقدّمه رئيس الحزب فارس سعد.
وفي تصريح له، لفت سعادة الى انه “لا يمكن لنا أن نتحدث باسم المجتمع إذا كنّا نكره فريقاً من الناس، اما بالنسبة لما تعرّضت له، أنا قناعتي أنه حين ندّعي أننا نتكلم باسم المجتمع فنحن مجبرةن أن نحب كل هذا المجتمع ولا يمكنك أن تكره فريقاً وتقول إنك تتكلم باسمه كي لا تفقد مصداقيتك، ولكي تكون لديّ مصداقية يجب أن أتكلم باسم الحراك وأحب هذا الحراك ولا يمكنني أن أتكلم باسمه إلا على هذه القاعدة.
وأكد: “أنا لم أرفض الادعاء على من تعرّض لي بالضرب فقط، بل حين تم الاتصال بي من قبل المدّعي العام قلت له إني أطلب لهم العفو، لأن هؤلاء هم نتيجة وليسوا سبباً، السبب الأساسي هم ملوك الطوائف والحكم المسطح واتفاق الطائف والنظام الطائفي، الذين تعرّضوا لي نتيجة وأبرياء نزل عليهم زلزال نقدي مصرفي مالي اقتصادي كارثي. وهؤلاء الشباب كنا مثلهم في شبابنا نحب الثورة ونندفع، ورغم كل ما حصل منذ بداية الحراك حتى اليوم لم تتم مساءلة أحد من هذه المنظومة المالية وجمعية المصارف وحاكم المصرف المركزي ووزارة المالية والخزينة كيف يمكن أن تفلس الدولة بين ليلة وضحاها ولا أحد يجرؤ على لوم أحد أو يشير إلى مسؤول واحد عن هذه الكارثة، وكل واحد من هؤلاء “يخبّئ زبالته تحت سجادته” ولا يوجد من يحاسبهم او يسائلهم؟ هذا أحد أسباب غضبي النابع من قلوب الناس، تصويتي كنائب لا يؤثر لأن الكتل الكبيرة هي التي تحدث فارقاً بالاتفاق للتصويت او عدمه. واجبي الثاني هو أن أتكلم وإن لم أتكلم لماذا أكون نائباً؟ وإن شاء الله ستسمعون مني أكثر في المستقبل”.
وأكد رئيس الحزب القومي فارس سعد من جهته، أن الحزب مهما مر بأزمات يبقى حزب المؤسسات وحزب النهضة، والزعيم سعاده قال الحزب السوري القومي الاجتماعي ليس فقط عقيدة بل عقيدة ونظام ولدينا مرتكز ثالث مهم أنه لدينا ثروة هائلة من القوميين الاجتماعيين الشرفاء ولكن منتشرون. هذه ثروة مهدورة من واجبنا كما قال الأمين سليم أن نحبّ بعضنا ونعود إلى هذه المؤسسة وأتعهّد أمامكم أن القيادة تفتح قلبها للكل. ونحن اليوم أمام منعطف وأمام مؤتمر نعتبره مرحلة جديدة لصياغة معادلة جديدة، لأن هذا الحزب هو خشبة الخلاص الوحيدة”.
وشدّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على أن هناك اجماعاً بأننا بوضع صعب جداً جداً جداً على الصعد الاقتصادية والمالية والنقدية، داعياً الفرقاء والأحزاب والأطراف السياسية الى فصل معالجة الملف الاقتصادي والمالي عن الملف السياسي.
ودعا نصر الله في كلمة لمناسبة «ذكرى القادة الشهداء وأربعينيّة شهداء محور المقاومة
الى تقدير شجاعة رئيس الحكومة الحالية ووزرائها في تحمل المسؤولية في ظرف صعب وحساس، لافتاً الى أن هناك فرقاً كبيراً بين تحمل المسؤولية والهروب منها، وقال: «نحن نتحمل ومستعدون أن نتحمل كامل المسؤولية وأن نتشارك بالمسؤولية لمعالجة الأوضاع القائمة.
كما شدّد نصرالله على ضرورة وضع التراشق بالإتهامات جانباً وإعطاء الحكومة الحالية فرصة زمنية معقولة ومنطقية لتمنع الانهيار والسقوط، «لأنه في حال فشل الحكومة الحالية لا نعرف ما إذا كان سيبقى بلد ليأتي أحد على حصان أبيض ليشكل حكومة جديدة.
وقال الأمين العام لحزب الله الذي دعا لتقديم المساعدة من قبل أي جهة أو حزب أو فئة، لأن هذا واجب وطني: «تحريض البعض في الخارج وتسمية الحكومة الحالية بحكومة حزب الله يؤذي لبنان وإمكانات المعالجة ويسيء لعلاقات لبنان العربية والدولية.
واعتبر أن مَن يدعو لليأس يرتكب خيانة وطنية، ورأى أن اللبنانيين قادرون على معالجة الأزمة الصعبة والأمر بحاجة الى التضحية والتخلّي عن الحسابات الخاطئة.
وكان الرئيس سعد الحريري تحدّث عصر الجمعة بمناسبة 14 شباط ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري متطرقاً الى الاوضاع المحلية والى الاوضاع داخل تيار المستقبل ومتحدثاً عن الطائفة السنية، واشارت مصادر مطلعة لـ
البناء الى ان خطاب الرئيس سعد الحريري لم يحمل جديداً على المستوى السياسي تجاه علاقاته مع الاحزاب السياسية، فهو تقصّد تحييد حزب الله وإيران عن أي هجوم، كذلك الامر بالنسبة الى رئيس الجمهورية. وتشير المصادر الى ان كلمة الحريري جاءت فارغة من كل مضمون الا من الوزير جبران باسيل، لافتة الى ان كلمة الحريري مثلت خدمة للنائب العوني وشد العصب الباسيلي.
ولفتت المصادر الى ان الحريري الذي يحاول منذ استقالته إعادة وصل ما انقطع بينه وبين الاميركيين أراد الإشادة بالدور الخليجي تجاه لبنان فقال «هل نستطيع أن نعرف كيف نقيم سياحة بلا العرب والمواطن الخليجي؟ هل نستطيع أن نفهم كيف نفتح أسواقاً للإنتاج اللبناني من دون الأسواق العربية والخليجية خصوصاً؟ هل يمكن لأحد أن يخبرنا كيف سنحمي مصالح ربع الشعب اللبناني، الذي يستفيد من فرص عمل اللبنانيين في الخليج، في وقت هناك من يفتح على حسابه مشاكل يومية مع هذه الدول؟ ولفتت المصادر الى ان الحريري الذي اعلن عن ورشة داخل تيار المستقبل الشهر المقبل، يبدي انزعاجاً من الكثير من المستقبليين الانتهازيين كما يسمّينهم الذين أساؤوا إليه ولتيار المستقبل وفقاً لمصالحهم الخاصة.
في موازاة ذلك، رجّحت مصادر تيار المستقبل لـ البناء أن يبدأ الحريري تشكيل جبهة معارضة برلمانيّة وشعبيّة في وجه التعطيل الذي يمارسه التيار الوطني الحر في البلد بمعزل عن عدم مشاركته المباشرة في الحكومة، وإذ أملت المصادر أن تنجح الحكومة في تجنيب لبنان الانهيار، لفتت الى ان الآمال المعقودة ليست في مكانها ما دام أن الأصيل لا يزال يتدخل في كل شاردة وواردة عبر وكلائه في الحكومة في اشارة الى الوزير باسيل لا سيما في ملف الكهرباء، معتبرة أن الأمور لا يمكن ان تصلح في ظل نهج كهذا.
إلى ذلك وصل رئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران علي لاريجاني، إلى مبنى الطيران العام في مطار بيروت، آتياً من دمشق، على رأس وفد يضم عدداً من الشخصيات البرلمانية والسياسية، وذلك في زيارة رسمية للبنان تستغرق يومين، يلتقي خلالها كبار المسؤولين أبرزهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء حسان دياب فضلاً عن عدد من القيادات الفلسطينية، ومن المؤكد أنه سيلتقي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
وبانتظار اجتماع الحكومة هذا الأسبوع بالتوازي مع اللجنة الوزارية المكلفة دراسة ملف سداد لبنان لاستحقاقات اليورو بوندز، لفتت مصادر متابعة إلى أن القوى السياسية تميل بمعظمها إلى دفع سندات اليورو بوندز باستثناء حزب الله الذي يدعو إلى إعادة الهيكلة، علماً أن الأحزاب الأخرى ترى أن من الخطورة عدم الدفع وأنه يجب التفاوض مع الجهات المعنية للوصول إلى حلّ لا يضرّ بسمعة لبنان وسيدخل لبنان مشاكل مع الدائنين الدوليين والمؤسسات الاستثمارية التي يمكنها أن تتقدم بشكوى ضد لبنان وملاحقتهم في محاكم نيويورك.
وبانتظار وصول وفد من خبراء صندوق النقد الدولي لبنان خلال أيام قليلة أفيد أمس، أن صندوق النقد الدولي سيدعم لبنان بـ500 مليون دولار خلال العام 2020-2021 لدعم الأسر الفقيرة ودعم البنى التحتية. ومع ذلك اشارت مصادر نيابية إلى أن كل المساعدات المتصلة بالمبنى التحتية مرتبطة بالإصلاحات التي يفرضها صندوق النقد أسوة بالدول الداعمة للبنان والتي تربط مساعدات سيدر بتنفيذ الإصلاحات، لافتة إلى أن الواقع الراهن لا يحتمل التراخي فليس لدى أحد ترف الوقت، إنما الأزمة الاقتصادية والمالية تفرض بالجميع في الحكومة الانصراف إلى وضع خطة حقيقية للإصلاحات والبدء بالعمل.
إلى ذلك ركّز ?السفير البريطاني? في ?لبنان ?كريس رامبلنغ? على أنّ “هناك حاليًّا حكومة لبنانيّة شُكّلت بعد فترة من الفراغ، وهذا الأمر أساسي كخطوة أولى، لكن فلنكن واضحين إنّها فقط خطوة أولى وهذه?الحكومة بحاجة الآن إلى تطوير خطّة لأزمة اقتصاديّة في غاية الخطورة”.
وشدّد على أنّنا “بحاجة إلى رؤيّة هذه الخطّة الّتي عليها أن تكون شاملة وتفنّد القرارات المتّخذة، ومن المهم أيضًا أن يتيح السياسيّون للحكومة إمكانيّة وضع تلك الخطّة وتنفيذها”. وأعلن أنّ “?بريطانيا مستعدّة للدعم إنّما بناءً على الأفعال والإصلاحات”.
ولفت رامبلنغ إلى أنّ “أي شخص مرتبط بـ”?حزب الله?” عرضة للملاحقة”.
وليس بعيداً، نقل زوّار رئيس مجلس النواب نبيه بري عنه تأكيده انه “لا يستقيم البحث عن معالجات للوضع النقدي وتنامي الدين العام من دون إيجاد حلول فعّالة في ملف الكهرباء الذي يساهم بشكل أساسي في ازمة المديونية”. وقال الزوّار “ان بري مستاء من الاستمرار في ملف البواخر، علماً أن بناء معملين يبقى الخيار الأفضل”. وأكد “ان موضوع الكهرباء سيصبح قضيته الأولى في الأسابيع القليلة المقبلة”، مردّداً بصوت عالِ: “كهرباء.. كهرباء.. كهرباء”.
إلى ذلك وبناءً لطلب رئيس مجلس الوزراء حسان دياب قررت إدارة شركة طيران الشرق الاوسط MEA إلغاء قرار بيع بطاقات السفر في مكاتب الشركة بالدولار الأميركي حصراً، وعلى ان تُعقد اجتماعات لاحقة لبحث تفاصيل وأسباب هذا القرار توصلاً لإيجاد الآليات والحلول التي من شأنها أن تراعي مصلحة المواطنين وواقع الشركة”.
كما أعلنت دائرة العلاقات العامة في “الميدل إيست”، إلغاء المؤتمر الصحافي الذي كان مقرراً أن تعقده الشركة عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم “لشرح الأسباب التي أدّت إلى اتخاذ قرار قبض ثمن التذاكر بالدولار الأميركي”.
وعطفاً على البيان الصادر عن نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة حول توحيد تسعير بطاقات السفر، اوضح مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية ان الرئيس ميشال عون، بعد مراجعته من النقابة، طلب توحيد التسعير لبطاقات السفر من خلال تطبيق القوانين اللبنانية، بحيث يكون التسعير بالليرة اللبنانية.
إلى ذلك وبعدما أرسل تكتل لبنان القوي كتاباً الى حاكم مصرف لبنان للمطالبة بإجراء تحقيق لكشف الحقائق في ملف الأموال المهرّبة الى الخارج واستعادتها، وبعد مطالبة باسيل مصرف لبنان في نهاية 2019 بوجوب كشف الأموال المهربة وبتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في جلسة الثقة الأخيرة، ومع استمرار تهريب الاموال الكبيرة دعت لجنة مكافحة الفساد في التيار الوطني الحر، القطاعات المعنية والمتضررة، إلى تحرك أمام مصرف لبنان في الخامسة من بعد ظهر يوم الخميس 20 شباط 2020، من أجل المطالبة باستعادة هذه الأموال المهربة إلى الخارج، ووجوب معرفة كامل الحقائق في هذا الملف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
صندوق النقد يستعجل الإجراءات.. وخيارات مربكة تنتظر البعثة!
وزير إسرائيلي يهدّد بالحرب وضغط أميركي لاطلاق الفاخوري.. ولاريجاني في بيروت لدعم عواصم المحور
هدأت عاصفة بيع تذاكر السفر في شركة طيران الشرق الأوسط (MEA)، بعدما تراجعت إدارة الشركة عن بيع تذاكر السفر فقط بالدولار الأميركي، والذي كان مقررا من اليوم، بناء لطلب من الرئيس حسان دياب، ليكون من لممكن ان يبدأ الأسبوع الأوّل بعد الثقة بالحكومة، بهدوء، بانتظار تعاميم مصرف لبنان إلى المصارف، أو انتظار بعثة عن صندوق النقد الدولي، للتباحث في الاستشارة التي يطلبها لبنان، قبل اتخاذالقرار في ما خصَّ التعامل مع استحقاق "اليوروبوندز" في العام 2020، وسط خيارات حكومية مربكة.
مع الإشارة، إلى ان نهاية الأسبوع حفلت بإعلان الرئيس سعد الحريري إنهاء "التسوية الرئاسية" مع التيار الوطني الحر، و"بق البحصة"، على مسمع ومرأى من حشد سياسي ودبلوماسي وروحي وشعبي لافت، غصت به الباحات الداخلية والخارجية "البيت الوسط"، بعد ظهر الجمعة الماضي، في الذكرى الـ15 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري.
وقبل وصول البعثة، دعت المديرة التنفيذية للصندوق كريستالينا جورجيفا لبنان إلى اتخاذ قرارات مهمة على مستوى سياساته العامة، بعد تأجيله المستمر للقيام بإصلاحات أساسية.. مع الكشف عن معلومات ان صندوق النقد الدولي سيدعم لبنان بـ500 مليون دولار خلال العام 2020 و2021 لدعم الأسر الفقيرة ودعم البنى التحتية.
"اليوروبوند"
الى ذلك، ينتظر لبنان وصول وفد خبراء صندوق النقد الدولي هذا الاسبوع لإتخاذ خياره بالنسبة لدفع سندات اليوروبوند التي تستحق في 9 اذار المقبل بقيمة مليار و273 مليون دولار، علما ان الاتصالات كانت جارية مع صندوق النقد لتسريع وصول الوفد، بالتوازي مع الاجتماعات التي عقدها وزيرا المال غازي وزنة والاقتصاد والتجارة راوول نعمة مع الخبراء اللبنانيين لدرس الخيارت الممكنة.
وقال وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة لـ"اللواء": ان وفد الخبراء من الصندوق سيصل الى بيروت منتصف هذا الاسبوع، للبحث مع المسؤولين في الخيارات المتاحة لمعالجة مسألة سندات اليووروند، وهي خيارات كثيرة باتت معروفة ولازلنا ندرسها، لكنها بحاجة تقنياً الى درس مستفيض لا الى قرار متسرع. فهناك اراء كثيرة ولا بد من التمعن جيداً في الخيار الانسب لمصلحة لبنان.
كما قالت مصادر وزارية اخرى لـ "اللواء": ان خطة عمل الحكومة باتت منجزة بالعناوين العامة ولا سيما حول الوضع المالي ووضع الكهرباء الذي يكلف الخزينة العبء الاكبر من الإنفاق والمديونية، ويجري درس التفاصيل لوضع البرنامج الكامل لحلول كل المشكلات القائمة تدريجياً.فالمطلوب معالجة عشرات الامور دفعة واحدة والوقت ضيق ولا مجال لتضييعه، لذلك ينكب المسؤولون كلّ في قطاعه على العمل بصمت.
وذكرت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لـ"اللواء" ان التوجه الاساسي عند رئيس الجمهورية هو خطة متكاملة شاملة اي comprehensive plan لمعرفة ماهية التداعيات والقرارات التي يمكن اتخاذها في مواضيع استحقاقات اليوربوند في العام 2020. ولفتت الى ان الحكومة في صدد وضع هذه الخطة لان الخطط المتوسطة والطويلة الامد هي من صلاحية الحكومة وفق المادة 65 من الدستور.
ولفتت الى ان الحكومة تستعين بفريق تقني من صندوق النقد الدولي وان لجنة الخبراء ستصل قريبا مع الجهات المقررة لوضع الخطة للدراسة لان ما من قرار نهائي بعد.
واعربت عن اعتقادها ان التوجه العام لدى الدولة مرتبط بنتائج الخطة المطلوب وضعها بمساعدة الجهات الدولية المعنية سواء صندوق النقد الدولي او البنك الدولي.
الى ذلك افيد من مصادر مطلعة ان ثمة توجها عاما يؤشر الى الامتناع عن الدفع لكن المسالة برمتها تتصل بما يمكن ان تخلص اليه استشارة الصندوق ودراسة الخبراء الماليين والحقوقيين من مؤسسات دولية.
ومن أبرز مؤيدي هذا التوجه إلى جانب الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه برّي، الحزب الاشتراكي، حيث رأى عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب فيصل الصايغ، بأن الوضع المالي لا يحتمل تسديد سندات "اليوروبوند" ولا مفر من إعلان Monatorium، عبر تأجيل الدفع والبدء بالتفاوض مع الدائنين لإعادة هيكلة الدين وتخفيض نسبة الفوائد عليه، على ان يترافق ذلك مع خطة إصلاح جديدة تعتمدها الحكومة، على ان يكون عمادها قطاع الكهرباء وإلغاء ودمج مؤسسات عامة وصناديق وتصغير حجم القطاع العام، وطبعاً وقف الهدر والفساد.
برّي وملف الكهرباء
وكانت طرحت مجدداً خلال الايام القليلة الماضية مسألة حل مشكلة الكهرباء، لا سيما بعد كلام الرئيس بري، الذي قال امام زواره: انه سيتولى شخصياً هذه المشكلة وستكون قضيته الاولى ولن يتركها للمماطلة. مشيراً الى انه سيطرح العديد من المقترحات للحل، وان أحد الحلول المؤقتة هو اعتماد تجربة كهرباء زحلة في الاقضية، عبر تكليف شركة خاصة محترمة بتركيب مولدات تتولى توليد الطاقة 24 ساعة يومياً، بانتظار الحل النهائي المتمثل بانشاء المعامل الجديدة.
وفي هذا المجال، نقل موقع الانباء "الالكتروني" عن مصادركتلة "التنمية والتحرير"، "أن الرئيس بري سيعمل على خطين في هذا الملف.?الأول لا- مركزي عبر دعوة اتحادات البلديات في كافة المناطق اللبنانية للاقتداء بمصلحة كهرباء زحلة من أجل تطوير إنتاج الكهرباء سواءً عن طريق شراء مولدات، أو بواسطة استخدام مضخات المياه لزيادة الطاقة، والتي قد يتم استيرادها من الخارج. والأمر الثاني مركزي، وسيتم?من خلال الضغط على وزارة الطاقة بخصوص تشغيل المعامل المولّدة للكهرباء الموجودة في دير عمار، والجيّة، والزهراني في أقرب وقت، لأنه لن يسكت بعد اليوم عن أي تأخير في هذا الملف، حتى ولو أدى الأمر إلى التدخل شخصياً، لأن وضع الكهرباء لم يعد يُطاق، ومن غير المقبول بقاء الأمور على حالها.
دعوة دياب الى قطر
وعلى صعيد اخر، ذكرت مصادر المعلومات، ان الرئيس حسان دياب تلقى دعوة لزيارة دولة قطر نقلها اليه السفير القطري في بيروت خلال زيارة التهنئة له، ولكن لم يتم تحديد موعدها بعد. فيما لم تؤكد المصادر ما تردد عن تحضيرات في السرايا الحكومية لجولة عربية ودولية ينوي الرئيس دياب القيام بها. وقالت المصادر: ان الجهد منصب الان على معالجة مسألة الوضع المالي والنقدي، وكل الاجتماعات التي يُجريها الرئيس دياب تصب في اطار ايجاد حلول للازمة، لا سيما موضوع تسديد سندات "اليوروبوند".وبعد الانتهاء من معالجة الاولويات يتم التحضيرللزيارات الخارجية.
ضغط إقليمي – دولي
وقبيل التحرّك المتوقع لرئيس الحكومة إلى العواصم العربية طلباً للدعم، بدأت معالم ضغوطات إقليمية – دولية على الوضع الداخلي، فوزير الأمن الإسرائيلي نفتالي بيت ألمح إلى ان خيار حرب ثالثة تشنها إسرائيل على لبنان وارد: "طالما كان يريد تجنّب حرب لبنان الثلاثة، لكن قد لا يكون هناك من مفر".
بالتزامن كان السيناتور الديمقراطي الأميركي جين شاهين يُهدّد بمعاقبة الأفراد المتورطين في سجن العميل إلياس الفاخوري والضغط على الحكومة اللبنانية للإفراج عنه، خاصة أنه مصاب بالسرطان، وذلك بالتزامن مع الضغط المستمر الذي تنفذه أسرة الفاخوري على الرئيس الأميركي دونالد ترمب ليتدخل.
في اتجاه آخر، وصل مساء أمس إلى مبنى الطيران العام في مطار رفيق الحريري الدولي- بيروت، رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، على رأس وفد، آتيا من العاصمة السورية دمشق، في زيارة للبنان، تستمر يومين، يلتقي خلالها كبار المسؤولين اللبنانين.
وقال لاريجاني: "طبعا، لبنان هو بلد مؤثر في هذه المنطقة، ولطالما كانت هناك علاقات صداقة ومودة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية اللبنانية الشقيقة، وكما تعرفون فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تسعى دوما، إلى أن ترى لبنان الشقيق بلدا حرا سيدا مستقلا، وفي هذا الإطار، لا يسعني إلا أن أتقدم بالتهنئة والتبريك للبنان الشقيق، نخبا وشعبا وجمهورا، على هذه الجهود الموفقة، التي بذلها، والتي أدت إلى تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة".
واعتبرت مصادر سياسية وصول لاريجاني قبل وصول بعثة صندوق النقد بمثابة إحراج لحكومة الرئيس دياب.
نصر الله: فرصة للحكومة
وفي السياق، كانت لافتة للانتباه، دعوة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، إلى إعطاء الحكومة فرصة بمهلة منطقية ومعقولة، تتجاوز المئة يوم، لتمنع البلد من الانهيار والافلاس والسقوط، كما دعا إلى فصل معالجة الملفات الاقتصادية عن الملفات السياسية طالما ان اللبنانيين مختلفون في الكثير منها، ودعا ايضا إلى الابتعاد عن توجيه الاتهامات لهذا أو ذاك بالنسبة إلى المسؤولية عن تردي الوضع الاقتصادي.
وخصّ السيّد نصر الله الشأن الداخلي اللبناني، الجزء الأخير من كلمته التي ألقاها عصر أمس في ذكرى القادة الشهداء للحزب واربعينية شهداء محور المقاومة، مشدداً على ضرورة معالجة ما يشغل بال النّاس لجهة الوضع المعيشي الاقتصادي والنقدي، ومصير الودائع في المصارف وغلاء الأسعار من دون ضوابط وفقدان بعض السلع وسعر الدولار وازدياد نسبة البطالة وانهيار بعض الشركات وجمود الحركة التجارية وتصريف الانتاجين الصناعي والزراعي، بالإضافة إلى قلق النّاس من انعكاس هذه الأزمة على الشق الأمني وتردي خدمات الدولة، لكنه اكتفى بالتوصيف من دون إعلان أي موقف أو مبادرة باستثناء التأكيد بأننا "كلنا مسؤولون"، وان الحزب "يتحمل مسؤولية معالجة الأزمة لأن البلد للجميع، ومهما كانت التضحيات".
ونوّه نصر الله برئيس الحكومة حسان دياب والوزراء لشجاعتهم على تحمل المسؤولية لا الهروب منها، متمنياً للحكومة النجاح، مؤكداً انه سيدعمها وسيقف إلى جانبها ولن نتخلى عنها، لافتا النظر، إلى انه في حال فشلت الحكومة في مهمتها فليس من السهل ان يأتي أحد على حصان أبيض لتشكيل أخرى، في إشارة واضحة إلى ان الانهيار سيطال الوطن وليس على مستوى القوى السياسية الداعمة للحكومة، الا انه رفض بشدة تسمية الحكومة بحكومة "حزب الله" معتبرا ان ذلك لا يؤذي الحزب لكنه يؤذي لبنان وامكانيات معالجة علاقاته العربية والدولية، من دون ان يعطي توضيحات عن سبب أذية لبنان.
الحريري: انتهاء التسوية
وفيما تجنّب السيّد نصر الله الحديث في الشأن السياسي الداخلي، بدا واضحا في المقابل، ان الرئيس سعد الحريري في ذكرى استشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، قرّر الإبقاء على ربط النزاع مع "حزب الله"، على الرغم من اتهام نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان "ميليشيا" الغدر الإيرانية باغتياله، فلم يأت الحريري على أية إشارة إليه، لكنه حصر نيرانه في اتجاه "التيار الوطني الحر" حليف الحزب، مقابل بروز ملامح بين مكونات هذا الفريق ما زالت تحتاج إلى الكثير من الجهد والاتصالات، فالتحية التي وجهها رئيس "المستقبل" لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، لم تكن مثلها لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي لم تكن مشاركة حزبه في المناسبة على قدر تطلعات الفريق المستقبلي، وسيكون لجعجع اليوم موقف توضيحي في هذا الشأن.
وفي كل حال، فإن مشهد الاحتفال بذكرى 14 شباط كان مختلفا عن مشاهد السنوات الأربع عشرة الماضية، مرّت، وهي تميّزت بإحيائها في"بيت الوسط" لرمزيته في ظل انقسام سياسي حاد في البلد وازمة مالية اقتصادية اجتماعية استثنائية، وتبدل في صورة التحالفات بحيث غاب قادة الصف الاول لقوى الرابع عشر من اذار عن المناسبة كما درجت العادة خلال السنوات المنصرمة، في مقابل حضور ديبلوماسي لافت ان كان عربيا او غربيا واميركيا.
وكما كان متوقعا فإن الرئيس الحريري كانت له في المناسبة فرصة لاطلاق المواقف العالية السقف، وهو وضع النقاط على الحروف حول كثير من القضايا الدقيقة والمصيرية، واعلن وبشكل صريح انتهاء التسوية الرئاسية، وأسرد وقائع تعلن لاول مرة ،حيث اعتبر بعض المراقبين بأنه "بق البحصة" بعد ان تحرر من مسؤولياته الرسمية كرئيس للسلطة التنفيذية، وفجر كل القنابل في وجه شريكه الثاني في التسوية، لكن شظاياها أصابت في شكل خاص الرئيس عون، لا سيما في حديثه عن الرئيسين: الأصلي والظل، رغم ان ما قاله معروف لدى عامة النّاس الذين باتوا يعرفون خفايا اللعبة السياسية اللبنانية، لكن صدور هذا الكلام عن رئيس حكومة سابق له وقع آخر، وان كان لا يُمكن القول في السياسة ان كل شيء انتهى بين الرئيسين.
ولم يتناول الحريري في كلمته فقط الأوضاع السياسية والاقتصادية بل تطرق إلى البيت الداخلي للتيار الأزرق، امام حشد سياسي ودبلوماسي وديني وشعبي لافت، غصت به الباحات الداخلية والخارجية لـ"بيت الوسط"، فيما كانت الإشكالات تتجدد وقائعها قر ب الضريح، بين مناصري "المستقبل" وشبان من الانتفاضة، الذين وصفوا أنفسهم "بالمنشقين" عن تيّار "المستقبل"
واشغل هجوم الحريري على التيار العوني، ولو انه لم يسم الوزير السابق جبران باسيل بالاسم، مكتفيا بوصفه الرئيس "الظل"، جبهة تكتل "لبنان القوي" الذي انبرى نوابه في الرد على خطاب الحريري، في مقدمهم الوزير باسيل الذي سارع الرد على الحريري، معتبرا انه "ذهب بعيدا في الانتقاد وبالنهاية سوف يرجع، لكن الفرق ان طريق العودة ستكون طويلة وصعبة عليه".
ولم يشأ الحريري الرد عليه، مكتفياً بالقول ان المناسبة هي للذكرى.
قرار "الميدل ايست"
على صعيد آخر، تحوّلت قضية تسعير تذاكر السفر بالدولار إلى "زوبعة في فنجان" مع إعلان شركة طيران الشرق الأوسط إلغاء قرارها السابق ببيع البطاقات بالدولار حصراً، ابتداً من اليوم، والتي أعادت إلى الأذهان قرار وزارة الاتصالات السابق بفرض تسعيرة على اتصالات الواتس اب، بناءً لطلب الرئيس دياب الذي تواصل مع رئيس مجلس إدارة الشركة محمّد الحوت، ومع الرئيس عون، الذي أعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، بأنه طلب توحيد التسعير للبطاقات بالليرة اللبنانية.
وشهد مكتب الحجوزات التابع للشركة ازدحاماً لشراء تذاكر سفرهم بالليرة، ثم خف الازدحام تدريجياً بعد تراجع الشركة عن قرارها.
تزامناً، دعت لجنة مكافحة الفساد في "التيار الوطني الحر" إلى تحرك امام مبنى مصرف لبنان في الحمراء بعد ظهر الخميس المقبل، من أجل المطالبة باستعادة الأموال المنهوبة إلى الخارج ووجوب معرفة كامل الحقائق في هذا الملف.
وأوضحت اللجنة المركزية للاعلام في التيار، انه بعد تراجع شركة طيران الشرق الأوسط عن قرار الدفع فقط بالدولار، لم يعد للاخبار الذي كان سيتقدم به التيار إلى النيابة العامة اليوم معنى، لكن التيار سيتابع تحركاته في اتجاه تصحيح السياسات المالية والنقدية المتبعة.
سجال بستاني – خليل
وليلاً، اندلعت مواجهة سجالية بين وزير الطاقة السابقة ندى البستاني التي اتهمت أطرافاً سياسية منها حركة "أمل" بعرقلة خطة الكهرباء التي وافقت عليها في مجلس الوزراء، عبر وزارة المالية، ولم يتأخر وزير المال السابق علي حسن خليل إذ ردّ واعداً برد مطوّل، واتهم الوزيرة بالتعمية، وباعلان ما طلب منها ان تعلنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
قرار عدم الدفع بات وشيكاً
في غضون أقل من أسبوعين، من المرجّح أن يعلن لبنان قراراً بعدم دفع سندات اليوروبوندز المستحقة في 9 آذار المقبل والبدء بالتفاوض مع الجهات الدائنة، وسط حملة من التهويل، أبرز أضلعها مؤسسة "آشمور" وحاكم المصرف رياض سلامة
وسط الانهيار والفوضى، يرتفع الصراخ والسجال، سراً وعلناً، بشأن التخلّف عن دفع سندات اليوروبوندز أو دفعها، والتي تستحق في 9 آذار المقبل. وكعادة اللبنانيين، تُترك القرارات، إن وجدت، إلى …ما بعد وقوع الاستحقاقات. لكنّ هذا ليس ما يجري، على الأقل هذه المرّة، فيما خصّ قرار التخلّف عن دفع السندات. فالجلسة "العاصفة" التي عُقدت في القصر الجمهوري الأسبوع الماضي بحضور الرؤساء الثلاثة وحاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف، ولو أنها تركت انطباعاً عاماً عن عدم وصولها إلى قرار حاسم، إلّا أنها كانت محطة مفصلية باتخاذ قرار ضمني بعدم الدفع، بين الرؤساء الثلاثة والمرجعيات السياسية الأخرى، وترك معالجة الأمور التقنية لجلسات مع ممثلي صندوق الدولي، الذين من المفترض أن يحضروا إلى لبنان الأسبوع المقبل.
وعلى ما تؤكّد معلومات "الأخبار"، فإن استشارة صندوق النقد الدولي هدفها المساعدة على تجاوز مرحلة ما بعد التخلّف عن دفع السندات والتفاوض مع الدائنين. ولن يكون تركيز عملها على خيار الدفع، طالما أن الخيار وقع على تأمين القمح والدواء والوقود قبل أي شيء آخر لحفظ أمن اللبنانيين، لا سّيما أن دفعات يوروبوندز أخرى تستحق في نيسان وحزيران المقبلين.
ويمكن القول إن حملة التهويل التي تقودها شخصيات ووسائل إعلام مرتبطة بالقطاع المصرفي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، العدو الأول لقرار عدم الدفع، وتخويف اللبنانيين من مخاطر خطوة كهذه فعلتها أكثر من مئة دولة قبل لبنان، سببها شعور المصرفيين الجشعين بوجود حسم في هذا التوّجه لدى الرؤساء الثلاثة، بينما هم يعوّلون على دفع الدولة للسندات لتحقيق أرباح طائلة، يقدّرها المصرف المركزي بـ80 مليون دولار، بينما يقدّرها مرجع رئاسي بنحو 200 مليون دولار أميركي.
وتركز حملة التهويل الإعلامي، التي ظهرت في أوضح وجوهها خلال برنامج "صار الوقت" الذي يقدمه الإعلامي مارسيل غانم على قناة أم. تي. في. الأسبوع الماضي، على الإيحاء بأن الجهات الدائنة تستطيع في حال التخلف عن الدفع حجز طائرات ميدل إيست أو وضع اليد على أملاك للبنان في الخارج أو مباني سفارات يملكها لبنان أو حسابات مصرفية للسفارات. وهذا الأمر تصفه مصادر سياسية بارزة بأنه أكاذيب. وتؤكّد المصادر أن تلك الجهات المصرفية، وبعد أن قامت بالاتفاق ضمناً مع دائنين أجانب لشراء سنداتها "شكليّاً"، تحاول الضغط فقط لضمان حصصها ورفع أسعار السندات التي انخفض سعرها إلى 40 سنتاً في المرحلة الأخيرة (دفع الديون يعني تسديد 100 دولار لكل سند يبلغ ثمنه اليوم 40 دولاراً!).
وتقول المصادر إن شركة ميدل إيست هي شركة خاصة، لا يمكن الحجز عليها بأي شكل من الأشكال بسبب ديون على الدولة اللبنانية، وهناك سابقة حصلت قبل عشر سنوات، بعد قيام شركة "هوختيف" الألمانية، من جرّاء نزاع مع مجلس الإنماء والإعمار، بالاستحصال على قرار بالحجز على طائرة ميدل إيست في مطار اسطنبول. وعندها انقضى الأمر خلال ساعات قليلة بعد إثبات ملكية الشركة.
وبدا لافتاً أمس ما نشرته صحيفة فايننشال تايمز، حول ما دار في عشاء نظّمه بنك أوف أميركا في لندن الشهر الماضي، بحضور عدد من حاملي السندات اللبنانية. وبحسب الصحيفة، قام أحد حاملي السندات، بيمكو ياكوف آرنوبولين، بتوبيخ مؤسسة آشمور التي يملكها المليونير مارك كومبز، ومركزها في العاصمة البريطانية وتملك سندات بحوالى مليار دولار (400 مليون دولار من قيمة استحقاق آذار)، بسبب ما "سماه ضغوط المؤسسة على بيروت لدفع السندات في ظلّ واقع البلاد الصعب". ووجّه آرنوبولين انتقاداته إلى ممثلة الشركة لاريسّا بابوشكين، معتبراً أن المؤسسة لا تتصرف بمسؤولية بالضغط على حكومة لبنان"، وأن "المؤسسة تحاول أن تسوّق وتدعم موقفها وتدفع البلد إلى الإفلاس". ولم يكتفِ آرنوبولين بذلك، بل اتّهم المؤسسة بابتزاز باقي حاملي السندات، الذين لا يمانعون أن يقوم لبنان بعدم الدفع والتفاوض معهم، لدفعهم إلى شراء حصصها مقابل توقّفها عن ممارسة الضغوط وتعقيد الوضع.
ولا توصف "آشمور"، وهي شركة استثمار في الأسواق المالية والسندات، بـ"الصندوق الشرس" أو كما يعرف به هذا النوع من الصناديق بـ"آكلة الجيف". وهذا ما أثار استغراب المتابعين للأسواق المالية من التصرف العدائي لـ"آشمور"، متوقّعين أن يكون هذا الضغط سببه علاقة المؤسسة الوثيقة بحاكم المصرف المركزي والمصرفي أنطون الصحناوي.
وفي ظلّ هذه الأجواء، انتقل الصراع بين التيار الوطني الحرّ وسلامة من خلف الكواليس وبعض الانتقادات الإعلامية، إلى الشارع، مع إعلان التيار الوطني الحرّ التظاهر رفضاً لسياسات الحاكم يوم الخميس المقبل، في خطوة تصعيدية تزيد الضغط على سلامة الذي لا يزال يتمسك بسياساته السابقة. وبرزت الإشارة الأولى في قرار انتقال الصراع من الخفاء خلال كلمة النائب جبران باسيل في المجلس النيابي، وحديثه عن مصرف لبنان، وقوله إنه يجب أن يكون في خدمة الدولة وليس العكس، ثمّ تبعها الموقف أمس، بردّ ناري على قرار شركة ميدل إيست بحصر قبض بطاقات السفر بالدولار الأميركي، قبل التراجع عن القرار، مغرّداً: "من زمان وأنا بطالب بخفض سعر بطاقات سفر MEA من دون تجاوب. هيدا اسمو احتكار، اليوم بعد حصر قبول الدفع بالدولار هيدا اسمو مخالفة للقوانين، وبطالب التيار إنو يقدّم إخبار ويتحرك"، مضيفاً: "بذكّر إنو ما أخذنا جواب من الحاكم (حاكم المصرف المركزي) عن التحويلات المالية للخارج".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النهار
أول غيث الدعم الحكومي … إيراني "التيار الوطني الحر" يلتحق بـ"مجموعة المصرف"
لم يستطع الهم الاقتصادي المتفاقم يوماً بعد آخر، وفي ظل تطورات معيشية دراماتيكية تثقل كاهل اللبنانيين، حجب الازمة السياسية المتفاقمة أيضاً، والتي ترخي بظلالها على الوضع المالي، اذ تنعدم الثقة الدولية بالقدرة اللبنانية على تجاوز الخلافات والاتفاق على مكافحة الفساد والتزام خطط اصلاحية كفيلة بانقاذ الوضع، خصوصاً ان لبنان يرفض الى اليوم الاستعانة بصندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية، الا من باب المساعدة التقنية، أي الاستشارية التي سيقدمها وفد الصندوق الدولي الذي يصل الى بيروت في اليومين المقبلين. علما ان الاستشارة وحدها تؤخر الحلول في انتظار مراقبة قدرة لبنان على القيام بخطوات جدية وفاعلة.
سياسياً، لا شك في ان خطاب الرئيس سعد الحريري الجمعة الماضي في ذكرى اغتيال والده الشهيد رفيق الحريري سيترك تداعياته السياسية على المرحلة المقبلة، وربما على المدة المتبقية من عمر الولاية الرئاسية للرئيس ميشال عون التي تجاوزت نصفها، بحسم الحريري موت التسوية الرئاسية، مع ما سيرافق المرحلة المقبلة من "مناوشات" سياسية ظهرت أولى معالمها في يوم الذكرى، بالاشكالات المفتعلة في ساحة الشهداء، من "ابناء الصف الواحد"، في تحرك مشبوه استمر يومين ليعكر أجواء مهرجان "بيت الوسط". والى ذلك، تتوقع أوساط "مستقبلية" ان تتعامل السلطة مع الحريري والفريق المعارض بنوع من التضييق بدأت نذره تظهر في غير موقع وادارة، ومن المرجح ان تتضاعف كلما ازداد منسوب المعارضة والتنسيق في هذا المجال.
من جهة أخرى، بدا واضحاً ان رغبة رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل في التوجه الى المعارضة لم تكن محض مصادفة عبّر عنها للرئيس نبيه بري خلال مفاوضات تأليف الحكومة، عندما اقنعه الاخير بالعودة عن الفكرة لكونه وتياره محسوبين على العهد، وتالياً لا يمكنهما المشاركة والمعارضة في آن واحد. لكن يبدو ان المزايدة على "المعارضات" التي تعمل حتى الآن من دون تنسيق من خارج حكومة اللون الواحد، والانتفاضة الشعبية في الشارع، تدفع باسيل الى الشارع، بعدما بدأ تقويم المرحلة السابقة التي كان فيها وزيراً والتي ارتدت عليه سلبا. لذا كان اعلان مفاجئ امس من التيار بالتحرك في "اتجاه تصحيح السياسات المالية والنقدية المتبعة. فبعدما أرسل تكتل لبنان القوي كتاباً الى حاكم مصرف لبنان للمطالبة بإجراء تحقيق لكشف الحقائق في ملف الاموال المهرّبة الى الخارج واستعادتها، وبعد مطالبة باسيل مصرف لبنان في نهاية 2019 بوجوب كشف الاموال المهربة وبتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في جلسة الثقة الاخيرة، ومع استمرار تهريب الاموال الكبيرة من قبل المحظيين والنافذين مع حرمان اللبنانيين حقهم في سحب رواتبهم وودائعهم المتواضعة، تدعو لجنة مكافحة الفساد في التيار الوطني الحر القطاعات المعنية والمتضررة الى تحرك أمام مصرف لبنان في الخامسة عصر الخميس 20 شباط من أجل المطالبة باستعادة هذه الاموال المهربة الى الخارج ووجوب معرفة كامل الحقائق في هذا الملف".
ويذكر ان "مجموعة المصرف" التي تتحرك في اتجاه مصرف لبنان، تضم مجموعات يسارية غالبها منشق عن الحزب الشيوعي، وجماعات اخرى مقربة من "حزب الله".
لاريجاني في بيروت
في غضون ذلك، ما كاد الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله يدعو الى عدم تسمية "حكومة مواجهة التحديات" بـ "حكومة حزب الله"، لان من شأن ذلك ان يلحق بها الضرر دولياً واقليمياً، كانت بيروت تستقبل رئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران علي لاريجاني الذي وصل ليلاً على رأس وفد يضم عدداً من الشخصيات البرلمانية والسياسية، في زيارة رسمية تستغرق يومين، يلتقي خلالها كبار المسؤولين.
وتأتي زيارة بيروت بعد دمشق التي التقى فيها الرئيس بشار الاسد، وسيهنئ لاريجاني المسؤولين اللبنانيين بتشكيل الحكومة الجديدة ويؤكد دعم لبنان حكومة وشعباً ومقاومة، وسيكرر استعداد ايران للدعم الامني والاقتصادي وكذلك في مجال النفط والكهرباء. وهي عروض سبق لطهران ان اعلنت عنها سابقاً ولم يتمكن لبنان الرسمي من التعامل معها بايجابية في ظل الحظر المفروض على ايران.
وزيارة لاريجاني هي الاولى لمسؤول ايراني لبيروت منذ بدء الانتفاضة في 17 تشرين الاول الماضي، كما منذ بعد اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني ، وبعد تأليف الحكومة الجديدة. وسيكون اول مسؤول اجنبي يقدم التهنئة للحكومة ورئيسها، في ظل غياب شبه مطلق لاي مسؤول عربي أو غربي أبدى رغبة في زيارة بيروت في وقت قريب. وسيكون لزيارة لاريجاني وقع أقرب الى السلبية أمام المجتمعين العربي والدولي، كما انه سيعرض حكومة لبنان لاحراج في ظل ازمة خانقة مالية واقتصادية يقابلها عدم القدرة على التعاون مع طهران في كل المجالات.
السندات
اقتصادياً، لا يزال الجدل مستمراً في أوساط خبراء الاقتصاد بين مؤيد ومعارض لسداد لبنان سندات "الاوروبوندز" المستحقة في اذار المقبل، وقبل حسم الحكومة قرارها، لجأت المصارف، الحاملة في الأساس لنحو 60 في المئة من قيمة الإصدار، الى بيع سنداتها لصناديق خارجية بأسعار أدنى بما بين 20 و30 في المئة، بعدما بلغتها معلومات عن توجه الحكومة الى دفع المستحق لحاملي السندات الأجانب مقابل عملية مبادلة لحاملي السندات المحليين، فارتفعت نسبة الأجانب الى 80 في المئة ، ما جعل الدولة في وضع محرج حيال القرار الذي ستتخذه. وفي رأي مصادر وزارية بارزة ان هذا الامر يشكل عاملاً مسيئاً يضع لبنان في موقع تفاوضي صعب جداً، اذا اتخذت الحكومة قراراً بإعادة هيكلة الدين. ورأت ان هذا الامر يرتب مسؤولية كبيرة على السلطات النقدية من أجل وضع حد لهذه المسألة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمهورية
الحكومة لحسم "اليوروبوند"… والحراك لحماية الودائع
تنطلق الحكومة اليوم في اسبوعها الثاني بعد نيلها الثقة لتحضير الخطوات العملية للبدء بالمعالجة الفاعلة للأزمة الاقتصادية والمالية التي تُشغل اللبنانيين وتثير المخاوف من الانهيار، متسلّحة بالمواقف السياسية الداعمة لها، والتي عبّر عنها صراحة امس الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بدعوته الجميع الى اعطائها "فرصة منطقية معقولة لتمنع الانهيار والسقوط". في مواجهة الدعوات الى شيطنتها، التي يُطلقها البعض في هذا الصدد، مستنداً الى بعض المواقف الخارجية الضبابية إزائها. فيما يُنتظر ان يشكّل الحراك الشعبي الرقيب الدائم على الحكومة لدفعها الى الانجاز، والتي لم يمحضها الثقة، وسيبدأ اليوم جولة جديدة من الاعتصامات والتحرّكات والضغط لإستصدار قرار بحماية الودائع المصرفية واسترجاع مبلغ الـ 27 مليار دولار التي حُوّلت الى الخارج العام الفائت.
يبدأ الاسبوع الجاري اقتصاديا ومالياً من حيث انتهى الاسبوع الفائت، في التركيز على ملف استحقاق اليوروبوند في 9 آذار المقبل، والقرار الذي ستتخذه الحكومة حيال الدفع، او طلب التأجيل، وبدء التفاوض مع المقرضين.
والى ذلك، يُتوقّع ان يطفو الى السطح موضوع التعاون مع صندوق النقد الدولي الذي يصل وفد منه الى بيروت لتقديم الدعم التقني، بناء على طلب لبنان مشورة الصندوق حيال معالجة الأزمة المالية الحادة. وبناء على ما سيعرضه صندوق النقد، يمكن ان تتطوّر الامور لاحقاً، لجهة اتخاذ قرار بالتعاون مع هذه المؤسسة الدولية لرسم ودعم وتنفيذ خطة انقاذ شاملة يحتاجها لبنان بإلحاح وسرعة.
وفي معلومات لـ"الجمهورية"، انّ لبنان يعمل على تكوين ملفه في شأن سندات اليوروبوند، ليس كمسألة منفصلة عن وجوه الأزمة الاقتصادية المتفاقمة على اكثر من مستوى للبحث مع وفد صندوق النقد في ما يجب اتخاذه من قرارات لمواجهة الوضع والخروج من النفق. ولفتت مصادر مطلعة، الى انّ الأزمة على الابواب وانّ البتّ بالدفعة الأولى من سندات اليوروبوند في التاسع من الشهر المقبل لا يمكن البحث فيه بمعزل عن الدفعتين الأخريين، فمصيرهما واحد ولا يمكن تجزئته، وهو ما يفرض ضرورة اتخاذ قرار سريع وغير متسرّع.
في المقابل، قالت المصادر نفسها لـ"الجمهورية"، انّ ممثلي صندوق النقد الدولي في بيروت انجزوا الدراسات الأولية ووُضعت على خط التشاور مع إدارة الصندوق تمهيداً لمفاوضات مجدية وسريعة في بيروت، لأنّ الوقت لا يسمح بكثير من التريث والتمهل في اتخاذ القرار الحاسم سلبًا ام ايجابًا.
الكهرباء
والى ذلك، يُنتظر ان تولي الحكومة ملف الكهرباء اهتماماً كبيراً في سياق معالجة الازمة المالية، لانّ هذا الملف هو في رأي الجميع المسبب الرئيسي للأزمة، حيث يستنزف مالية الدولة ملياري دولار سنويًا منذ سنوات طويلة. وفي هذا الصدد، يردّد رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره "أنّ أي معالجة نقدية، ووقف تفاقم الأزمة وتنامي الدين، لا تستقيم ابدًا من دون إيجاد حل جذري للكهرباء".
ويؤكّد أنّه ذاهب الى معركة الكهرباء، وأنّ قراره ان "لا صوت في المرحلة المقبلة، يعلو فوق صوت معركة توفير الكهرباء، بأسرع ما يمكن وبأرخص ما يمكن". معتبراً "أنّ الحل الأمثل لهذه المشكلة، هو بناء معملين دائمين للكهرباء، ومن الآن نقول لا للبواخر، لانّها جرصة، ولا للحلول الموقتة في ملف الكهرباء، لأنّ الموقت دائم في لبنان".
الحريري والتسوية
وكان الرئيس سعد الحريري نعى الجمعة الماضي خلال الذكرى الخامسة عشرة لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري "التسوية الرئاسية"، مؤكّداً أنّه تعامل مع رئيسين واضطر الى أن يتعامل مع "رئيس الظلّ" ليحمي الاستقرار مع "الرئيس الأصلي"، قاصداً بـ"الرئيسين" رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل من دون ان يسمّيهما.
وخلال الذكرى التي حضرها حشد ديبلوماسي عربي واجنبي تصدّره السفير السعودي وليد البخاري والسفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد، نفى الحريري ما قيل من انّ الرياض وواشنطن كانتا وراء خروجه من رئاسة الحكومة، وهاجم "عقلية حروب الإلغاء" التي يشنُّها البعض، قائلاً: "ساعة يريدون إلغاء "القوات اللبنانية" والحزب الإشتراكي والحَراك، والآن يريدون إلغاء الحريرية وتيار "المستقبل" "إي فشرتو". وكرّر تأكيد ثبات التحالف بينه وبين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
الرياض
في سياق متصل، كان لافتاً أمس ما قاله نائب وزير الدفاع السعودي الامير خالد بن سلمان في تغريدات له عبر "تويتر": "استشهد قبل ??عاماً رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. كان قائداً وطنياً مصلحاً، قاد مسيرة اعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار في وطنه وابتعث الآلاف من ابناء شعبه من مختلف الطوائف. اغتالته ميليشيات الغدر الإيرانية التي ضاقت ذرعاً به وبمشروع النهضة الوطني الذي كان يدافع عنه، فهي لا تعرف الّا ثقافة الدمار".
واضاف: "رحل رفيق الى جوار ربه، وستبقى رؤيته ومشروعه الوطني الذي يصبو لتحقيق الاستقرار والازدهار والتعايش في مواجهة مشاريع الميليشيات الطائفية التي لا تؤمن بالوطن ولا كرامة المواطن".
لاريجاني في بيروت
وفي غضون ذلك، وصل الى بيروت مساء أمس رئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران علي لاريجاني على رأس وفد من الشخصيات البرلمانية والسياسية، وذلك في زيارة رسمية تستمر يومين يلتقي في خلالها المسؤولين الكبار.
وعلمت "الجمهورية"، انّ لاريجاني سيبدأ لقاءاته الرسمية اليوم، والتي ستشمل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة حسان دياب، كذلك سيلتقي الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
وقال لاريجاني لدى وصوله: "لبنان هو بلد مؤثر في هذه المنطقة، ولطالما كانت هناك علاقات صداقة ومودة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية اللبنانية الشقيقة، وكما تعرفون فإنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تسعى دوما، إلى أن ترى لبنان الشقيق بلداً حراً سيداً مستقلاً، وفي هذا الإطار، لا يسعني إلّا أن أتقدّم بالتهنئة والتبريك للبنان الشقيق، نخباً وشعباً وجمهوراً، على هذه الجهود الموفقة، التي بذلها، والتي أدّت إلى تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة. وسنسعى على الدوام، إلى أن تكون العلاقات الثنائية، بين البلدين الشقيقين، علاقات ممتازة".
ولوحظ انّ زيارة لاريجاني للبنان جاءت غداة أزاحة "حزب الله" الستار عن تمثال لقائد فيلق القدس السابق في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، في بلدة مارون الراس الحدودية جنوب لبنان. إذ انتشر فيديو عبر مواقع التواصل الإجتماعي للحظة إزاحة هذا الستار، حيث يظهر سليماني منتصباً، خلفه علم فلسطين ويشير إليها بإصبعه، فتوالت على الاثر التعليقات المؤيّدة منها والمعارضة.
الحرب الثالثة
وبرز امس موقف اسرائيلي يرجح احتمال نشوب حرب ثالثة مع لبنان، إذ تحدث أمس وزير الأمن الإسرائيلي نفتالي بينت عن طريقة تعامله مع التهديدات على الجبهتين الجنوبية والشمالية مع قطاع غزة ولبنان، فقال في مقابلة مع إذاعة الجيش: "أريد بشدة تجنّب حرب لبنان الثالثة، لكن قد لا يكون هناك خيار". وعند سؤاله عن تعامله مع حماس في غزة، أجاب: "لا أنوي أن أُنزل إلى هناك وأرسل قوات إلى هناك..لا نريد العودة إلى الهاوية التي استمرت 51 يوماً (عام 2014)".
"فرصة معقولة"
وفي جديد المواقف السياسية، كان البارز نهاية الاسبوع تشديد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في الذكرى السنوية لـ"القادة الشهداء" على انّ "هناك إجماعاً على صعوبة الوضع، لذا يجب فصل الملفات الاقتصادية عن الملفات السياسية، لأننا في الملفات السياسية مختلفون في الكثير منها"، داعياً الى "إعطاء الفرصة لهذه الحكومة بمهلة منطقية ومعقولة، لتمنع الانهيار والإفلاس والسقوط. إذ في حال فشلت، ليس من السهل أن يأتي أحد على حصان أبيض لتشكيل أخرى"، وإلى "وضع المزايدات وتصفية الحسابات السياسية جانباً، لأن لا انتخابات قريبة"، منبّهاً إلى أنّ "الفشل نتائجه على مستوى الوطن وليس على الأحزاب السياسية الداعمة للحكومة فقط".
ونبّه من أنّ "التحريض عبر تسمية الحكومة بأنّها حكومة "حزب الله" يؤذي لبنان وعلاقاته العربية والدولية. "حزب الله" يدعم هذه الحكومة ويريد نجاحها، لكنّ الجميع يعلم أنّها ليست حكومة "حزب الله" ومن الكذب توصيفها بأنّها حكومة "حزب الله"، فإنّ هذا الأمر لا يؤذينا بل يؤذي البلد".
وتوجّه نصرالله إلى القوى السياسية المعارضة للحكومة، قائلاً: "أتركوا هذه الحكومة تعمل، رغم أننا نتطلّع إلى أكثر من ذلك، فتعالوا وساعدوها لأنّها إذا استطاعت إنقاذ لبنان من الانهيار فهي تقدّم خدمة كبيرة للّبنانيين". وشدّد على ضرورة "معالجة ما يُشغل بال الناس وخصوصاً الوضع المعيشي والاقتصادي والنقدي"، وقال: "كلنا مسؤولون".
معضلة "الميدل ايست"
من جهة ثانية، كاد قرار تجاري اتخذته شركة طيران الشرق الاوسط ("الميدل ايست") امس، يتحوّل أزمة تداخلت فيها الابعاد السياسية بالحسابات المالية. وبدا واضحاً انّ جهات سياسية حاولت تصفية حساباتها مع ادارة الشركة الوطنية، مستفيدة مما اعتبرته ثغرة يمكن النفاد منها لتنفيذ الضربة. هذه الثغرة ظهرت من خلال القرار الذي اتخذته الشركة بحصر تسعير وقبض ثمن بطاقات السفر بالدولار. وجاء هذا القرار في الاساس لمعالجة مشكلتين:
– المشكلة الاولى تتعلّق بما أثارته مكاتب السفر والسياحة لجهة المطالبة بتوحيد معايير دفع ثمن بطاقات السفر، حمايةً للقطاع.
– المشكلة الثانية ترتبط بتراجع عائدات شركة "الميدل إيست"، بسبب تراجع الحركة نتيجة الأزمة الاقتصادية في البلد، ونتيجة الخسائر المستجدة التي تتكبّدها الشركة جراء الفارق في سعر الدولار الرسمي والدولار في السوق الموازية. اذ انّ استمرار قبض الشركة بالليرة، مقابل دفع فواتيرها بالدولار، يزيد من الضغط على وضعها المالي.
لكن قرار توحيد الاسعار بالدولار أثار عاصفة اعتراض شعبية، تلقفتها قوى سياسية واستغلتها لركوب الموجة. وكان يُتوقّع ان تتحول القضية أزمة وطنية تدفع بها قوى سياسية نحو مزيد من التأزيم لتحقيق مكاسب مزدوجة، على المستوى الشعبي للظهور بمظهر المدافع عن حقوق الناس، وعلى المستوى السياسي لتوجيه ضربة الى ادارة الشركة المحسوبة في رأي هذه القوى على الرئيس سعد الحريري.
وهذه المشهدية قرأها رئيس الحكومة حسان دياب، واستشف مخاطرها اذا لم تُهمد في مهدها، وقرّر التدخّل السريع طالباً من "الميدل ايست" التراجع عن قرار التسعير والقبض بالدولار. وهذا ما حصل فوراً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نداء الوطن
لا مساعدات اقتصادية أوروبية من دون الدخول في برنامج الصندوق"
فرنسا لحكومة دياب: لا مفرّ من صندوق النقد
على بُعد أيام من وصول وفد صندوق النقد الدولي إلى بيروت منتصف الأسبوع الجاري، للبحث في تقديم "مساعدة تقنية" للبنان بناءً على طلب حكومته الجديدة، وبينما يلفّ ملف استحقاق "اليوروبوند" أجواء ضبابية تحت وطأة عدم اتضاح قرار الجانب اللبناني حتى الساعة إزاء السداد من عدمه، تلفت مصادر فرنسية متابعة للملف اللبناني إلى أنّ "امتناع الحكومة اللبنانية عن تسديد مستحقات دينها في آذار المقبل لا يمكن أن يحصل من دون وضع خطة بذلك مع صندوق النقد الدولي"، مشددةً في المقابل على أنّه لم يعد هناك من مفرّ أمام لبنان سوى الدخول في برنامج الصندوق.
وفي هذا المجال، تؤكد المصادر الفرنسية لـ"نداء الوطن" أنه "في حال لم يعد لدى لبنان المال الكافي لدعم كلفة الاستيراد بالعملة الأجنبية وعندما لم يعد أمام الدولة إلا أن تستخدم من احتياطها لتسديد دينها فذلك يعني أنّ الحكومة اللبنانية مجبرة على الدخول في برنامج مع صندوق النقد الدولي لأنّ هذا البرنامج هو الكفيل بفتح كل أبواب المساعدات من باقي المؤسسات الدولية"، وأضافت: "الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال لديه برامج مساعدات اقتصادية لكن لا يمكن تقديمها للبنان إلا في حال دخل في برنامج مع صندوق النقد الدولي".
وإذ تشير إلى أنّ "حزب الله لا يرغب بدخول الحكومة اللبنانية في برنامج مع صندوق النقد الدولي لأنه يعتبر أنّ تدخل الصندوق سيكون بمثابة استعمار مالي للبلد"، تكشف المصادر أنّ "باريس أبلغت المسؤولين في لبنان عدم إمكانية الحصول على أي مساعدة مالية من الاتحاد الأوروبي إلا بعد الدخول في برنامج مع صندوق النقد، خصوصاً وأنّ الوضع المالي والاقتصادي بلغ من السوء درجة متقدمة لم تترك سوى حل وحيد سيفرض نفسه على لبنان وهو القبول ببرنامج صندوق النقد الدولي".
وبينما من المعلوم أن الولايات المتحدة لديها حق الفيتو في مجلس إدارة الصندوق الدولي كونها تملك أكثر من 17في المئة من الحصص في هذا المجلس حيث للأوروبيين 24في المئة من الحصص، تعلّق المصادر الفرنسية على دعوة رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب صندوق النقد للاستشارة التقنية حول خطة الإنقاذ فتقول: "الاستشارة ليست قراراً والموقف الفرنسي لا يقول بأن تعمد باريس إلى دفع لبنان نحو الدخول في برنامج مع صندوق النقد الدولي ولكنها مدركة أنّ المؤسسة الوحيدة الموجودة لإيجاد حلول لمصاعب ميزان المدفوعات هي صندوق النقد الدولي الذي يمكنه أن يعمل بشكل مشترك مع البنك الدولي وبالتالي من الطبيعي أن يقترب لبنان من اعتماد مثل هذا الحل لأنه ببساطة لا يملك أي بديل آخر"، وأردفت: "لو كانت الحكومة اللبنانية تعتمد على دعم من الدول أو الصناديق العربية للخروج من الانهيار لكانت استغنت عن حل صندوق النقد الدولي، لكن حتى الآن لم تظهر الدول الخليجية أي دعم لحكومة دياب، وحتى إذا كانت فرنسا أو ألمانيا تريدان أن تساعدا لبنان لكنهما لا تستطيعان المساعدة إلا في تمويل بعض الصادرات وليس في تعويض ميزان المدفوعات".
وإزاء هذا الواقع، ترى المصادر الفرنسية أنّ "الوضع المالي الحقيقي في لبنان غير معروف لدى الخارج سوى أن البنك المركزي حتى الآن اختار تسديد الديون وتمويل الاحتياجات الضرورية، وبالتالي إذا لم يعد لدى البنك المركزي السيولة اللازمة لتمويل سيولة المصارف التي تقلصت بشكل انعكس سلباً على سحوبات العملاء من ودائعهم، فالنتيجة ستكون أنّ غضب الناس سيتزايد في الشارع وبالتالي من الطبيعي أن يطالبوا بعدم تسديد الدين اللبناني، غير أنّ عدم التسديد يتطلب ترتيبات معينة وفي الوقت الحاضر لم يعد أمام لبنان إلا خيار الدخول في برنامج مع صندوق النقد الدولي في غياب الدعم المالي العربي". وتختم: "إذا قرر لبنان الدخول في هذا البرنامج فسيكون ذلك مرتبطاً حكماً بعدة ملفات أساسية كالكهرباء والضرائب والخدمات العامة نظراً لكون سياسات صندوق النقد ترتكز على الاقتصاد الحر وبالتالي سيطلب الصندوق الخصخصة وغيرها من الإجراءات التي لا يحبذها "حزب الله" لكن في نهاية المطاف هناك في لبنان حالياً اقتصاد غير رسمي وستكون الحكومة اللبنانية مجبرة على إدخاله في هيكلية الاقتصاد الرسمي".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرق
الميديل ايست تستجيب لعون ودياب فتعود عن التذاكر بالدولار و"التيار الوطني الحر" يدعو للتظاهر مع الشيوعيين ضد مصرف لبنان
تابع رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب، قضية قرار شركة طيران الشرق الأوسط، تسعير بطاقات السفر بالدولار الأميركي، واستوضح رئيس مجلس إدارة الشركة حول حيثيات القرار في هذا الوقت، وأجرى اتصالا مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بهذا الخصوص.
ولب دياب من رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، إلغاء قرار تسعير بطاقات السفر بالدولار الأميركي. واعلنت دائرة العلاقات العامة في شركة "الميدل إيست"، إلغاء المؤتمر الصحافي الذي كان مقررا أن تعقده الشركة عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم "لشرح الأسباب التي أدت إلى اتخاذ قرار قبض ثمن التذاكر بالدولار الأميركي".
وصدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية البيان الآتي:
عطفاً على البيان الصادر عن نقابة اصحاب مكاتب السفر والسياحة حول توحيد تسعير بطاقات السفر، اوضح مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية ان الرئيس ميشال عون، بعد مراجعته من النقابة، طلب توحيد التسعير لبطاقات السفر من خلال تطبيق القوانين اللبنانية بحيث يكون التسعير بالليرة اللبنانية.
وتعقيباً على بيان رئاسة الجمهورية، أوضح نقيب مكاتب السياحة والسفر جان عبود، في حديث لموقع mtv، أنّ "لا علاقة للدولرة بشكرنا رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون الذي كثّف جهوده لإيجاد حلّ لأسعار تذاكر السفر".
وأكّد أنّ "توحيد التعاطي بالدولار الأميركي ينعكس علينا إيجابياً لكن يبدو أن هناك قوانين تمنع البيع بالدولار للمستهلك وهنا تكمن المشكلة".
وكانت أعلنت شركة طيران الشرق الأوسط "الميدل إيست"، أنّه "اعتباراً من اليوم ، ستقوم جميع شركات الطيران العاملة في لبنان، ومن ضمنها طيران الشرق الاوسط بقبول الدفع فقط بالدولار الاميركي".
وستقبل جميع بطاقات الدفع بالإضافة الى الشيكات المصرفية، بشرط أن تكون العملية بالعملة الأجنبية.
وسيكون في إمكان المسافرين تسديد رسوم الحمولة الزائدة ورسوم تعديل الحجز بالليرة اللبنانية في مطار رفيق الحريري الدولي.
ومنذ اعلان الخبر، امتلأت مواقع التواصل بتعليقات من الناشطين والسياسيين بمن فيهم وزراء ونواب ونقابة اصحاب مكاتب السفر.
وكانت ردود فعل عديدة اعقبت القرار الذي عادت شركة طيران الشرق الاوسط قد ألغته ان التيار الوطني الحر دعا للتـظاهر امام مصرف لبنان احتجاجاً… ما دفع الى التساؤل عن التناغم بين التيار والحزب الشيوعي؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأنباء
قرارات السلطة تعكس تخبطها… وإيران أول الفاتحين للعهد الحكومي
بعد أسبوع على نيل الحكومة الثقة لا مؤشرات حتى الساعة بأنها حسمت خيارها بوضع الإصبع على الجرح تمهيداً للشروع بمعالجة الأزمة الاقتصادية التي تحوّلت الى أزمات متلاحقة، من أزمة الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار الى أزمة جديدة تمثلت أمس بقرار شركة طيران الشرق الأوسط "ميدل إيست" وشركات السفر بيع التذاكر بالدولار حصراً، ما استدعى بعد ردة الفعل الشعبية الرافضة عودة الشركة عن قرارها بتدخل من رئيس الحكومة حسان دياب؛ مع تسجيل فضيحة في خلفيات القرار تمثلت في التضارب الواضح بين تأكيد نقابة أصحاب مكاتب وشركات السياحة والسفر دور رئيس الجمهورية ميشال عون في القرار، وبين مزايدات التيار الوطني الحر في رفضه.
في غضون ذلك أقرّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بثقل الأزمة المالية والاقتصادية وتداعياتها على المواطنين، وبعجز الحكومة وفريقه السياسي عن معالجتها؛ داعيا الى تشكيل لجنة من الموالاة والمعارضة لإنقاذ الوضع الاقتصادي من الانهيار والطلب من الجميع مساعدة الحكومة، وذلك بالتزامن مع وصول رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني إلى لبنان على رأس وفد نيابي في زيارة لافتة والسبب المعلن تقديم التهاني للحكومة الجديدة وإجراء مشاورات مع الرؤساء الثلاثة؛ ثم الى لقاء يجمعه بعدد من الشخصيات اللبنانية والفلسطينية الدائرة في الفلك الايراني، بالإضافة طبعاً الى لقائه المرتقب مع نصرالله.
وصول لاريجاني الى بيروت تزامن مع أيضاً زيارة وفد من صندوق النقد الدولي للقاء المسؤولين اللبنانيين من أجل التباحث معهم في موضوع تسديد مستحقات لبنان في "يوروبوندز" في التاسع من أذار، وإمكانية جدولة هذه الديون أو تقسيطها. هذا في حين يؤكد خبراء اقتصاديون لـ"الأنباء" أن "لا حل للازمة الاقتصادية الا بالتخلّص من نظام المحاصصة وتطبيق الحد الأدنى من مبدأ النأي بالنفس، لأن الاقتصاد اللبناني مكشوف على أزمات المنطقة خاصة الأزمة السورية وتوقف الصادرات الى الدول العربية".
و في هذا السياق، اعتبر عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ميشال موسى في حديث مع "الأنباء" ان الازمة الاقتصادية "عميقة وليست طارئة، وهي نتيجة لتراكمات طويلة ولا يمكن أن تُحل بكبسة زر"، قائلا "المطلوب اليوم وقف الانهيار لتبني الحكومة على هذا الموقف،فهي لا تستطيع ان تحلّ الأزمة بهذه السرعة ولكن توجد مؤشرات لتصحيح العلاقة بين المصارف والمواطنين بما يريحهم، والتي يجب ان تكون عاملا مساهما لتنشيط الحل لأن هناك تداعيات كثيرة تفرض معالجاتها قبل تفاقمها".
وعن الموقف من قرار بيع بطاقات السفر بالدولار ومن ثم الرجوع عنه، رأى موسى أنه "في ظل هذه الازمة المستفحلة فإن كل فريق يفكّر في قطاعه وربما وجد هذا القطاع نفسه أمام واقع غير عادي أجبره على هذه الخطوة؛ لكن حسناً فعلت الشركة انها تراجعت عنها قبل أن تتحوّل الى أزمة كما حال باقي الازمات".
وأضاف موسى: "البلد يمرّ بظرف صعب ولا بد من اتخاذ اجراءات انقاذية قد تكون مؤلمة بعض الشيء ولكن في نهاية المطاف لا بد منها". وعن مطالبة نصرالله بتشكيل لجنة من الموالاة والمعارضة لإنقاذ البلد من الانهيار، تمنى موسى ان "تُشكّل هذه اللجنة بأسرع وقت ممكن لأننا كلنا في مركب واحد واذا غرق المركب غرق الجميع"، متمنياً "تحييد الخلافات السياسية عن الأزمة الاقتصادية التي يجب أن تأخذ مسارها في توحيد المساحة لإراحة المواطنين، فالازمة التي نعيشها تعني كل الناس والحل يتطلب جهودا من الجميع".
مصدر في "القوات اللبنانية" أمل عبر "الأنباء" أن "لا تكون الازمات الاقتصادية المتلاحقة وارتفاع سعر الدولار وما جرى في موضوع بطاقات السفر مقدمة للاجراءات الموجعة التي لوّحت الحكومة بها"، متمنيا أيضا ألا تطال الطبقات الفقيرة.
وفي تعليقه على كلام نصرالله، قال مصدر "القوات" إنه "لو التزم حزب الله بمبدأ النأي بالنفس لما كنا وصلنا الى ما نحن فيه اليوم، فكل حكومات الوحدة الوطنية تشكلت تحت هذا العنوان، فماذا كانت النتيجة؟ هل توقف مزراب الهدر؟ بالطبع لم يتوقف لأنه كان هناك سياسة تقوم على نهب المال العام، والمضحك المبكي ان سالبي المال العام أصبحوا يحاضرون بالعفة".
مصادر تيار "المردة" أكدت لـ"الأنباء" انها "مع أي مبادرة لإنقاذ الوضع الاقتصادي من الانهيار، أكان عبر لجنة تتشكل من الموالاة والمعارضة كما يطالب السيد نصرالله، أو من خلال خطوات تتخذها الحكومة، فالمهم وقف التدهور ووضع حد لارتفاع سعر الدولار وعدم تفاقم الأزمة".
من جهته، القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش أكد في حديث لـ"الأنباء" عدم وجود سيولة لدى مصرف لبنان ولدى المصارف تكفي ليكون هناك رؤية اقتصادية لتطبيقها, ولا توجد معطيات تؤكد ان مالية الدولة بخير، كما ان الدول التي قد تساعد لبنان لم ترد منها حتى الساعة اشارات ايجابية بهذا الخصوص، وهذا يعني ان الأزمة تتفاقم ولا قدرة للحكومة على المعالجة.
علوش رأى أن "اللجنة التي يطالب بها نصرالله كانت موجودة عبر الحكومة السابقة، فلماذا لم يبادر الى الانقاذ قبل وصول البلد الى الانهيار؟ واذا كان جادا بالفعل في هذا المطلب فعليه ان يسحب الثقة من الحكومة ويبادر الى تشكيل حكومة وحدة وطنية ولا حل غير ذلك".
وعن استعداد الرئيس سعد الحريري للقيام بجولة على الدولة القادرة على مساعدة لبنان، أوضح علوش ان الحريري لا يمكنه القيام بشيء إلا بتكليف رسمي من رئيس الجمهورية والحكومة. كما لم يتوقّع علّوش لقاء قريبا قد يجمع الحريري والرئيس ميشال عون بسبب تصرفات الحاكم بأمره جبران باسيل "فلا عون قادر على التحرر من باسيل ولا باسيل قادر على الخروج من الهزيمة، وكل المؤشرات تنذر بالأسوأ والازمة لم تبدأ بعد".