اللواء
هل تذهب الحكومة مع الخطة الإقتصادية.. والبحث مستمر!
روكز يكسر «دوامة الصمت» وينتفض على الصفقات.. والمصروفون من الأميركية مأساة إضافية
هل بدأ الوضع الداخلي يخرج عن السيطرة؟ على صعيد الإصابات بالكورونا، يتجه الوضع إلى التفشي، إذا سجل إصابة 101 شخص أمس، وسط تكرر الارشادات على لسان وزير الصحة وسواه من الوزراء، والإعلان عن إجراءات صارمة بدءاً من الاثنين.. مع تشديد الفحوصات في مطار رفيق الحريري الدولي..
على صعيد التقنين، يضع اللبنانيون أيديهم على قلوبهم، من فقدان مادة «المازوت» الحيوية لتشغيل المولدات الخاصة، والعائدة للبلديات واتحاد البلديات، لسدّ العجز، الذي يظهر يوماً بعد يوم في أداء مؤسسات كهرباء لبنان، ويجعل تصريحات وزير الطاقة، بلا معنى، ما دامت لا تقترن بالتنفيذ.
مجلس الوزراء
هذه النقاط، وسواها ستكون على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل، والتي ستعقد في بعبدا، بدءاً من الكهرباء، والتقنين، والسلة الغذائية.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان انعقاد الجلسة مؤشر الى امكانية طرح موضوع التدقيق المالي التشريحي او الـ forensic audit من زاوية المعلومات التي سيقدمها وزير المال غازي وزني عن شركتين جديدتين لتكليفهما بالتدقيق على ان هناك امكانية لطرح مواضيع تتصل بالوضع المالي والنقدي في البلاد.
ولفتت المصادر الى ان الأزمات تحاصر الحكومة والمعالجات السريعة غائبة لأكثر من سبب وهذه المواضيع ستحضر في لقاء وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان الى بيروت منتصف الأسبوع المقبل (الاربعاء) مشيرة الى الوزير الفرنسي سيتسنى له لقاء المسؤولين اللبنانيين والأطلاع عن كثب على الأوضاع والسؤال عن تأخير الأصلاحات.
ودعت المصادر الى انتظار ما قد يخرج عن هذه الزيارة لاسيما ان رئيس الدبلوماسية الفرنسية قد يكرر دعم بلاده للبنان لكنه سيطلب ان يساعد لبنان نفسه من خلال الأسراع في اجراءات معينة تعيد الثقة به.
سياسياً، ووفقا لمعلومات «اللواء» ثمة تسليماً بفشل الحكومة الحالية، والبحث يجري، على صيغة سياسية، مقبولة، لتشكيل حكومة سياسية، قادرة على احداث صدمة في الجدران المقفلة، وإعادة وضع المعالجات على السكة، بحيث تتوقف الانهيارات المتسارعة على كل الأصعدة.
وفي هذا الإطار، استقبل الرئيس سعد الحريري، النائب علي حسن خليل، موفداً من الرئيس نبيه برّي، لتقييم الوضع، والتشاور في ما يمكن القيام به، وسط معلومات اكدتها مصادر مطلعة لـ «اللواء» ان المساعي تتجه لإعادة ترتيب العلاقات بين التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل وتيار «المستقبل» برئاسة الرئيس الحريري، وصولاً إلى التفاهم على حكومة سياسية، تتمكن من مواجهة «الوضع الخطير» وفقا لمصادر، قبل الانفجار الكبير..
الخطة: تعديل أم بديل؟
والأبرز، مالياً، الاتفاق الداخلي بين الجهات المعنية: الحكومة، المجلس، وزارة المال، المصارف، مصرف لبنان، على خطة اقتصادية بديلة، بعدما تنكرت الحكومة لخطتها، واستقال مدير عام المالية آلان بيفاني احتجاجاً.
وكشفت مصادر وزارية النقاب عن توجه حكومي لاعادة النظر بخطة الإنقاذ الحكومية بعد الاخذ بالعديد من الملاحظات والتعديلات المفيدة التي تبلور موقفا لبنانيا موحدا بين كل المعنيين بالداخل بدءا من الحكومة والمصرف المركزي وجمعية المصارف بما يساعد على تسريع عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي اكثر من السابق، ويؤمل يؤدي التوجه الجديد الى خاتمة إيجابية لمصلحة لبنان بالنهاية.
الا ان المصادر المذكورة اعترفت ان بعض العوائق التي واجهتها الخطة الاساسية كاجراء الاصلاحات المطلوبة في الكهرباء والتهرب الضريبي والجمركي وتقليص حجم مصاريف الدولة ككل، ما تزال غير محسومة ولا بد من اتخاذ قرارات سريعة بخصوصها لاعطاء صدقية بايجابية الحكومة باقرارها والسير فيها حتى النهاية لانه من دون تحقيق ذلك ستبقى الخطة الانقاذية الموعودة تدور في حلقة مفرغة ولن تصل الى النهايات المطلوبة لوضعها موضع التنفيذ العملي.
ولفتت المصادر الى سلسلة اجتماعات مالية متوقعة ستعقد طوال الاسبوع المقبل بالسراي الحكومي للتوصل الى صياغات جديدة للخطة ثم بلورتها ووضعها في صيغتها النهائية.
وفي السياق، يدرس المستشار المالي للبنان لازارد المجيء إلى لبنان الأسبوع المقبل، ليرى وفقا لمصدر مالي إمكانية تعديل الخطة الحكومية، والتوصل إلى تسوية مقبولة لصندوق النقد الدولي، استناداً إليها..
وقال مصدر آخر، إن هدف زيارة لازارد هو «كيف يمكننا محاولة تعديل الخطة الحكومية لنرى ما إذا كان بمقدورنا التوصل إلى أمر مجد لصندوق النقد الدولي وللأطراف الأخرى اللبنانية». وامتنع لازارد عن التعليق.
وقال المصدران إن كليري جوتليب ستين اند هاملتون التي تتولى دور المستشار القانوني ستزور البلاد أيضا.
وحذر صندوق النقد لبنان الاثنين الماضي من أن محاولات تقليص الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية لن تؤدي إلا إلى إبطاء التعافي.
ومن جهتها، لفتت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا إلى أن «لبنان في وضع اقتصادي صعب جداً ويحتاج للقيام بإصلاحات صعبة لتجاوز أزمته».
وقالت جورجيفا في حديث للجزيرة: «أناشد اللبنانيين للعمل على وحدة الهدف لنتخذ إجراءات إعادة التوازن للاقتصاد».
وأضافت: «نواصل انخراطنا مع الحكومة اللبنانية لكننا لم نتوصل بعد إلى اتفاق ولم نحقق بعد أي تقدم في المفاوضات مع لبنان لكننا سنبقى ملتزمين معه».
وكشفت مصادر مالية، عن محادثات بين وزارة المال ومصرف لبنان والمصارف للتوصل إلى مقاربة مقبولة حول الخسائر.
إلى ذلك، وحسب مصادر متابعة، أظهر تدقيق وزارة المال بالحسابات من 1993 الى 2017 مبالغ مجهولة المصير بأكثر من 27 مليار دولار اي ما يشكل ثلث الدين العام.
ولفتت المصادر أيضاً إلى أن «تقرير ديوان المحاسبة عن قطع حساب 2017 يعطي املا بإمكانية الوصول الى محاسبة وان التدقيق ممكن ويحتاج لإرادة ومتابعة وهو ما بدأناه في لجنة المال العام 2010 واعطى نتائجه».
وعلق وزير المال السابق علي حسن خليل لـ«لبنان24» على نتيجة التدقيق المالي لحسابات الدولة اللبنانية والتي كشفت عن مبالغ بقيمة 27 مليار دولار مجهولة المصير بين العامين 1993 و2017 بما يلي:
«1- التقرير نحن الذي قمنا باعداده، والحديث حالياً عن مثل هذه الارقام هو مبكر، لانه لم يتم الحديث بعد عن رقم في ديوان المحاسبة بل جرى الحديث عن الفجوة القائمة.
2- ديوان المحاسبة الآن يتولى هذا الملف، ولنرى النتيجة.
3- وعن كشف ومحاسبة المرتكبين قال: «هذا بحث آخر.. وعندما يتم معرفة ما حصل كل أحد يجب أن يتحمل مسؤوليته».
بعبدا ترد على شنيكر
وفي ما يشبه الرد على تصريحات مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شنيكر، الرافضة لخطة الحكومة إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، قال الرئيس ميشال عون ان لبنان «متمسك بعودة هؤلاء النازحين إلى بلادهم، لا سيما المناطق السورية الآمنة»، مشيرا إلى ان الدولة السورية ترحب بهذه العودة، ولم يحدث ان تعرض العائدون من لبنان، بأي أذى بشهادة المنظمات الدولية التي تابعت هذه العودة».
وبقي كلام البطريرك الماروني مار بشار بطرس الراعي بإلقاء اللوم على حزب الله في انهيار الاقتصاد اللبناني، وذلك في أشدّ انتقاداته المباشرة.
وألقى الراعي باللوم على دور حزب الله في الحكومة في وقف مصدر حيوي للمساعدات من الدول الغربية والخليجية. ونقل التقرير عنه قوله «لهذا السبب ندفع الثمن».
لكن في التعليقات التي نشرتها إذاعة الفاتيكان، قال إن حزب الله «يهمش الدولة ويعلن الحرب والسلام أينما شاء»، مشيرا إلى سوريا وغيرها من الصراعات في المنطقة. كانت المقابلة بتاريخ 15 يوليو تموز ونقلتها محطات إذاعية.
الاحتجاجات تتوسّع
والحدث الاحتجاجي، كان أمس، في ساحتين رياض الصلح والشهداء، حيث تجمع مناصرو «جبهة الانقاذ الوطني»، التي يقف على رأسها النائب العماد شامل روكز مع عدد من العمداء والعسكريين المتقاعدين، وحركة «مواطنون ومواطنات في دولة»، التي يتولى منصب الأمين العام فيها الوزير السابق شربل نحاس، وذلك، بعيد الرابعة من بعد ظهر أمس، تحت عنوان: «البديل موجود»، بما يعني إفلاس السلطة القائمة كلها..
وطالب المعتصمون بـ«حكومة انتقالية بصلاحيات استثنائية ترسي شرعية الدولة المدنية وحكومة لا تحاصصية ولا تكنوقراط ولا عسكرية»، ورفعوا العلم اللبناني، إلى جانب علم المؤسسة العسكرية، ولافتة حملت عبارة: «السلطة سقطت».
وقال النائب روكز خلال التجمع في ساحة الشهداء: «الخيانة ان أرى الصفقات وابقى ساكناً وانسى القضية الأكبر، والتي هي قضية شعب ووطن. والخيانة ان أكون مسؤولا على مدى سنوات واتهم غيري بالفشل بتهمة «ما خلوني اشتغل»، وهذا اشرف له ان يستقيل ويفسح المجال لمن يريد ان يعمل».
قال أمين عام «مواطنون ومواطنات في دولة» الوزير السابق شربل نحاس لـ«الجديد» خلال مشاركته في تظاهرة «البديل موجود» في ساحة الشهداء: المنظومة السياسية انتهت واليوم لا وجود للحكومة والسلطة تعطلت كلياً والمجتمع مهدد».
وشدد نحاس على ان «لبنان اليوم بحاجة الى دولة»، مضيفاً: «الحاجة ملحة اليوم لقلب ميزان القوى..».
وذهب الضابط المتقاعد جورج نادر إلى أبعد من ذلك، إذ دعا إلى خطوات موجعة، من بينها العصيان المدني، من أجل إسقاط المنظومة الحاكمة.
وفي سياق اتساع دائرة الاعتراض الشعبي، انضم النائب سيزار معلوف إلى تحرك النائب روكز، وأعلن انه بدءاً من يوم غد الأحد صباحاً، سيقوم بإقفال طريق ضهر البيدر، منذ السابعة وحتى اشعار آخر، داعياً «اهلي في البقاع إلى مشاركتي للوقوف بوجه ظلم واستهتار الدولة، بمحافظة البقاع، وحرمانها من الخدمات الإنمائية».
نكبة المصروفين من مستشفى الجامعة
على ان الجرح الأكبر، على جهة صرف العاملين في المستشفيات، ما حلّ بالقطاع الصحي، وفي «صرح استشفائي عريق» بتعبير نقابة الممرضين والممرضات، في إشارة إلى مستشفى الجامعة الأميركية، حيث تجمع المصروفون، وعددهم بتراوح بين 800 عامل وممرض و1000، والذين لم يتمكن بعضهم من حجب دموع مأساة البطالة التي تنتظره، مع عائلته واولاده، فضلاً عن خسارته لنظام الاستشفاء والمعالجة..
واعتبرت نقابة الممرضين الخطوة قفزة في المجهول، متخوفة من كارثة تنذر القطاع الصحي، داعية إدارة الجامعة لاعداة النظر بالقرار..
2700
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 101 اصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 2700.
وفي اتصال مع «اللواء» اوضح عضو لجنة متابعة الوقاية من كورونا مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية الدكتور وليد خوري ان لا نية بإقفال القطاعات او المطار انما ثمة حاجة الى التشدد في المراقبة من قبل البلديات على ان محاضر ضبط بحق المخالفين ستحرر اذ انه عندما يرتفع عداد كورونا يوميا فذاك ليس بأمر جيد ومن هنا نكرر الدعوة الى اتخاذ إجراءات الوقاية والألتزام بالتباعد الأجتماعي وارتداء الكمامات وهذا مطلوب من جميع المؤسسات التي اعادت فتح أبوابها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
تكرار الحرائق الغامضة في منشآت حيويّة بين أميركا وإيران يثير أسئلة حول حرب أمنيّة
دعوات الراعي لم تكمل أسبوعها فتثير الانقسام الطائفيّ.. وتفشل بإقناع بعبدا
الكهرباء والدولار وكورونا ثلاثيّة الحكم الشعبيّ على الحكومة بعيداً عن السياسة
في المشهد الدولي تتحدث مصادر أمنية ذات خبرة في مراحل الحروب الباردة، عن حرب استخبارية متصاعدة بين طهران وواشنطن، تجد ترجمتها في الحرائق الغامضة المتنقلة في كل من إيران والولايات الأميركية، والتي كان أبرزها تفجير في منشأة نطنز النووية الإيرانية، وحريق البارجة الأميركية العملاقة في سان دييغو، وبعد تفجيرات غامضة في شمال طهران في منشأة صحيّة وفي منشأة لتعبئة الغاز، حريقان في ولايتين أميركيتين في معامل الطاقة في شيكاغو وأنديانا. وقالت المصادر إن أغلب الظن أن تكون هذه الأحداث المتلاحقة بصورة تنفي الصدقية للتفسيرات الطبيعية لأحداث مماثلة، تعبيراً عن تجاذب تفاوضيّ غير مباشر يجري حول قواعد اشتباك جديدة لإدارة النزاع في المنطقة لم تنضج بعد.
وقالت المصادر إنها تستبعد وضوح صورة التعامل الأميركي مع لبنان تحت أي سقف محدد قبل أن تتبلور الأطر التي ستحكم المواجهة بين طهران وواشنطن، فليس صحيحاً ما يعتقده الفرنسيون الذين وصل وزير خارجيتهم جان ايف لودريان إلى بيروت، من أن الأميركيين سلموا بنظريتهم بفصل تعافي لبنان عن المواجهة مع إيران، بل الأصح أن الأميركيين زادوا الربط بين الملفين، ولذلك فتحوا نافذة لتجميد يمكن لفرنسا الحضور خلاله، لأن مواصلة الضغط وفقاً للسقوف القديمة سيرتب نتائج سلبية كبيرة والسقوف الجديدة لم تتبلور بعد. وفي هذا الإطار وضعت المصادر، كل الكلام الصادر عن مسؤولي صندوق النقد الدولي حول مصاعب التوصل لتفاهم لمساعدة لبنان وإعلان البقاء في التفاوض، ومثله الكلام العربي عن الإيجابية والحاجة للدرس، ومثلهما ما تتوقعه المصادر من زيارة وزير خارجية فرنسا، تحت شعار لن نترككم وحدكم، لكن عليكم مساعدة أنفسكم كي نساعدكم.
وتحت عنوان مساعدة اللبنانيين لأنفسهم رسمت بكركي ما تعتقد أنه ما يطلبه دعاة هذا الخطاب من اللبنانيين، أي إشهار ابتعادهم عن حزب الله ومطالبة الدولة ورموزها بالفعل نفسه، لإدراك عدم واقعية مطلب الحياد رغم كل ما يتمّ تسويقه من أسباب موجبة لا تقنع أصحابها فكيف ستقنع الآخرين. فالمشكلة كانت وستبقى حول ما تريده واشنطن من المنطقة التي يعيش لبنان في قلبها، وهل يقدر على تلبيتها، وفي المقدمة قضية توطين اللاجئين الفلسطينيين، والحدود البحرية للبنان وثروات الغاز والنفط، فهل يقدر صاحب دعوة الحياد على الحصول على ضمانات في هذين الملفين الوجوديين؟
قبل أن يمرّ أسبوع على دعوة البطريرك بشارة الراعي للحياد وتوضيحاته لمفهومه، تسببت الدعوة بتظهير الانقسام الطائفيّ حولها، بإعلان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى رفضها، بينما دأبت بكركي على التداول الهادئ بما تراه مناسباً في مواجهة الأزمات، قبل تظهيره علناً، وغالباً يتم التظهير العلني ببيان يصدر عن قمة روحية، ومن ثم عن موقف مساند لرئاسة الجمهورية بصفتها الموقع اللبناني والمسيحي الأول الذي تحرص بكركي على التناغم معه، بدا بعد توضيحات صدرت عن بعبدا أن الأمرين مستحيلان.
على مستوى الأداء الحكومي قال مرجع نيابي إنه بعيداً عن السياسة والحروب المعلنة والمضمرة، فإن التركة الثقيلة ومحاولات التعطيل لم تعد حججاً يقبلها المواطن اللبناني الذي يضع أمامه جداول ثلاثة أرقام، عدد إصابات كورونا، وسعر صرف الدولار، وعدد ساعات التقنين الكهربائي، ويضع للحكومة علامة نهاية اليوم على أساس جمع هذه الأرقام، فكلما انخفض الرقم نالت الحكومة شهادة النجاح وكلما زاد المجموع نالت الحكومة شهادة بالفشل. ودعا المرجع إلى وضع خطط عملية ثابتة وغير قابلة للتأرجح في مواجهة هذه التحديات الثلاثة لتحقيق تقدم مضطرد، ومراجعة التقدم يومياً من دون الحاجة للاجتماعات المطولة التي ليست، بعددها وطول مدتها، مؤشراً على الإنجاز بنظر المواطن العادي.
واستكمل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حملة التصعيد تحت عنوان «الحياد» عبر سلسلة نشاطات ومواقف سياسيّة تتماهى مع الضغوط الأميركيّة ضد حزب الله ولبنان، بحسب وصف مصادر مراقبة للشأن السياسي.
وأشار الراعي إلى أنه «يتألم بالعمق عندما يرى كيف يتألّم لبنان»، ورأى أن «لبنان بات بلداً منحازاً فأصبحنا معزولين عن العالم كله».
وأوضح الراعي في تصريح من وادي قنوبين أن «الحياد ليس فكرة منه ولا ترفاً منه إنما هو الكيان اللبناني»، وقال: «عندما كان لبنان محايداً مع الميثاق الوطني أعلن حياده تجاه الغرب وتجاه الشرق لذلك عاش كل اللبنانيين الازدهار والنمو والبحبوحة واليوم كلنا نعيش الفقر والحرمان»، وأضاف: «كلنا أصبحنا فقراء بلا كرامة شحاذين وهذا ليس لبنان وليست صورة لا المسلم ولا المسيحي»، وأكد أن «حياد لبنان يساعد الجميع وهو من أجل الجميع ولن نتراجع عن المطالبة به». ولفت إلى «أننا لسنا أمام مشهد سياسي إنما عودة إلى الجذور اللبنانية والحضارة اللبنانية ولن نتخلى يوماً عن حضارتنا وكياننا وهويتنا».
وفيما أبدت مصادر سياسية مسيحية عدة استغرابها للمواقف المستجدة التي تدلي بها بكركي المفترض أن تحافظ على موقع وسطي بين مختلف الأطياف اللبنانية لكونها صرحاً وطنياً جامعاً، أكدت مصادر مقربة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن تصريح الراعي «لا يمثل أجواء اللقاء الذي حصل بين الرئيس والراعي»، مشدّدة على أن «كلام الراعي لا يمكن أن يكون صرخة في وادي ويجب أن تترافق مع توافق أو مواكبة، ونحن حريصون على دوره وعدم استغلاله سياسياً».
ويزور رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب الديمان اليوم، بحسب معلومات «البناء» في زيارة هي الأولى من نوعها، حيث يلتقي دياب الراعي ويتخلل اللقاء «استعراض للتطورات المحلية على كافة المستويات منذ تشكيل الحكومة العتيدة وواقع الازمات الاقتصادية والمالية والمعيشية والنقدية وتصدي الحكومة لها ضمن الامكانات المتاحة والصعوبات التي تواجهها، ومن المتوقع أن يدلي الرئيس دياب بسلسلة مواقف بعد لقائه الراعي».
في موازاة ذلك، تشد وطأة الأزمات الحياتية اليومية على المواطنين من تأرجح سعر صرف الدولار في السوق السوداء الى ارتفاع اسعار السلع الى التقنين القاسي للتيار الكهربائي في مختلف المناطق الى تفاقم أزمة البطالة والضائقة المعيشية ما يفترض بالحكومة والوزراء مضاعفة الجهود لإيجاد الحلول السريعة للتخفيف من معاناة المواطنين. وأشارت مصادر السراي الحكومية لـ»البناء» الى أن «الاجتماعات والجهود مستمرة حتى ايجاد الحلول رغم الامكانات المحدودة وشدة الازمات وتواطؤ بعض القوى السياسية والمالية والمصرفية الداخلية والضغوط الخارجية»، لافتة الى أن «الازمات صعبة ومتشعبة والحلول تصطدم بمقاومة أصحاب المصالح السياسية والمالية، لكن الحكومة مصمّمة على متابعة جهودها والازمات على طريق الحل لا سيما الكهرباء والغلاء وسعر الصرف»، داعية الى ترقب تطبيق اتفاق السلة الغذائية الذي سينعكس ايجاباً على سوق الاسعار والصرف». وجدد وزير الطاقة ريمون غجر تأكيد أن أزمة الكهرباء في طريقها الى الحل.
وفي مؤشر سلبي على الواقع الاقتصادي الذي تمر به البلاد، قررت ادارة مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت صرف حوالي 800 موظف. على أن تصرف ايضاً آخرين من الجامعة الأميركية. وطلبت ادارة المستشفى دعم القوى الأمنية لتلاوة قرار صرف لمئات الموظفين. وأثار قرار الجامعة سخطاً شعبياً وتعاطفاً مع الموظفين المصروفين الذين عبروا عن غضبهم بالدموع. ورسم تساؤلات حول حقيقة الواقع المالي في الجامعة، ما يعزز الربط بين قرار الجامعة صرف مئات الموظفين وبين تصاعد الضغوط الاميركية الخارجية على الحكومة وعلى لبنان؟ فهل يمكن الربط ايضاً بين هذا القرار وبين كلام رئيس الجامعة الاميركية فضلو خوري منذ أيام بأن هذه الحكومة هي أسوأ حكومة… ووصفت مصادر القرار بالسياسي وليس قراراً مالياً ادارياً ما يطرح السؤال: هل اتخذت ادارة الجامعة الأوضاع الاقتصادية والمالية وأزمة الدولار ذريعة لصرف الموظفين كأداة ضغط على الحكومة ومواكبة الضغوط الاميركية على لبنان؟
وفي هذا السياق، كشف مصدر ديبلوماسي واسع الاطلاع أنه يتم حالياً «التحضير للائحة عقوبات طويلة ستشمل لبنانيين ليس فقط من الذين يتماهون على المستوى السياسي مع النظام السوري بل شركات ورجال أعمال وجمعيات وسياسيين لديهم علاقات اقتصادية تجارية مع سورية».
وبدأت الفضائح المالية بالظهور في نتائج التدقيق الذي قامت به وزارة المالية بالحسابات من العام 1993 الى 2017 والذي أظهر مبالغ مجهولة المصير بأكثر من 27 مليار دولار أي ما يشكل ثلث الدين العام. ولفت مصدر نيابي لـ»البناء» الى أن «التدقيق في الحسابات في وزارة المال بدأ منذ فترة طويلة منذ تولي الوزير السابق علي حسن خليل وزارة المال وحتى مع الوزيرة السابقة ريا الحسن حيث تبين لديها أن هناك خللاً في المالية وهذا في عام 2010. وقالت الحسن هذا الأمر في اجتماع للجنة المال آنذاك وقالت أيضاً إن بعض الحسابات لا يوجد لها إلا قصاصات ورقية من دون أي توضيح وفي تفاصيل الكثير من الهبات والقروض، وبالتالي أمر طبيعي أن تصل الامور الى فضائح عندما يتم التدقيق والمتابعة، أضاف المصدر.
على صعيد مالي آخر، كشفت مصادر «البناء» أن اجتماعات السراي المالية أحرزت تقدّماً نوعياً حول الخطة الحكومية، وأشارت الى أن «البحث تركز في الاجتماعات على إعادة النظر بخطة الحكومة ببعض جوانبها والتوافق على الأرقام والخسائر وكيفية توزيعها وليس بالضرورة دمج الخطتين، بل سيصار الى اعتماد الخطة والأرقام الأقرب الى الواقع والتي يمكن تطبيقها على الورق لا نظرياً فقط وتوزع الخسائر بطريقة عادلة لا تلحق الضرر بقطاع او جهة على حساب أخرى».
ونقلت زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه قوله لـ»البناء» تأكيده «أهمية وحدة الموقف الوطني لنكون قادرين على الانتصار في اي مواجهة على اي مستوى من المستويات لا سيما على الضغوط الخارجية والتهديدات الاسرائيلية والانقسام الداخلي حول بعض الملفات السياسية والمالية»، وأبدى بري ارتياحه للتقدم في النقاشات حول الخطة المالية والأرقام والخسائر، آملاً أن تقدم الحكومة رؤية موحدة لتكون منطلقاً لخرق جدار الجمود في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي».
وتترقب الساحة الداخلية زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى بيروت الأربعاء المقبل وما ستحمله من مواقف لا سيما في ما خص حثّ الدولة على ترتيب امورها والاقلاع في الإصلاحات. ويجري لودريان سلسلة لقاءات مع الرؤساء الثلاثة في زيارة تستمر لأيام وذلك بعد جولته على دول عدة في المنطقة. ولفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن «الزيارة تشكل جولة استطلاع وتحفيز الحكومة اللبنانية على اتخاذ خطوات مفترض ان نكون تجاوزناها تتعلق بالإصلاحات وخاصة الكهرباء كما سيذكر الضيف الفرنسي المسؤولين بشروط مؤتمر سيدر».
وأكد الرئيس ميشال عون ان «لبنان متمسك بعودة النازحين الى بلادهم، لا سيما الى المناطق السورية الآمنة، التي لم تعد تشهد قتالاً، خصوصاً أن الدولة السورية ترحب بهذه العودة، وتوفر للعائدين الدعم والرعاية الضروريين، ولم يحصل ان تعرض العائدون من لبنان لأي أذى بشهادة المنظمات الدولية التي تابعت هذه العودة».
وبعدما تراجع زخم الشارع في الأسابيع القليلة الماضية الى حد كبير لا سيما بعد زيارة السفيرة الاميركية الى السراي الحكومي، شهدت ساحة الشهداء تجمعاً شعبياً لمجموعة من العسكريين المتقاعدين وتجمع مواطنون ومواطنات في دولة رفضاً للواقع المرير والتعبير عن الرغبة بالتغيير وعدم اليأس وتخللته كلمات للنائب العميد شامل روكز والوزير السابق شربل نحاس.
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 101 إصابة بـ«كورونا»، رفعت العدد التراكمي إلى 2700.
وأعلن وزير الصحة العامة حمد حسن أن «موضوع اصابات كورونا أخذ منحى جدياً وعلينا الالتزام بالكمامة ومن الاثنين سنتخذ إجراءات صارمة وكل مصاب سيُعزَل، بالإضافة إلى إجراءات جديدة في المطار». وفي حديث تلفزيوني كشف أنه « ابتداءً من يوم الإثنين مراكز الحجز الإلزامي ستبدأ باستقبال الحالات خصوصاً أن نصف الأسرّة في المستشفيات يشغلها مصابون بالفيروس».
وعن ارتفاع عدد الإصابات، أوضح أن «عدد الإصابات مرتفع لأنه منذ 1 تموز فتحنا البلد ومع هذا الأمر زادت الحالات، فقمنا بالإعتماد على الحجر المنزلي الإلزامي»، متأسفا لأن «البعض لم يلتزم». ولفت حسن إلى أنه «حصل نقاش في لجنة الادارة والعدل حول صلاحية وزير العدل تجاه النيابات العامة ولا يمكنني أن أحل محل النيابات العامة وهذه مسؤولية القضاة وأتمسك باستقلالية السلطة القضائية».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
سلامة وصفير يديران فريق الحكومة الماليّ
المصارف تعود إلى نغمة الدعم وإدارة أملاك الدولة
أمام تهرّب المصارف من تحمّل مسؤولياتها وتراجع الحكومة تحت ضغوط حاكم المصرف المركزي رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، تعود نغمة «إدارة» أملاك الدولة لتعويض الخسائر على حساب الدولة والمودعين
ما بعد التفاهم الثلاثي بين الرئيس نبيه بري والوزير السابق جبران باسيل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ليس كما قبله. عملياً، نجح سلامة وفريقه السياسي والمصرفي والإعلامي والإداري في إطاحة خطة التعافي الحكومية. أو أقلّه، في جعل النقاش حولها يعود إلى نقطة الصفر. وهو ما جعل اللجنة المختصة بالشأن المالي تجتمع في السرايا برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب ويحضرها وزراء وحاكم مصرف لبنان ونوابه وجمعية المصارف وعدد من المستشارين، وتعيد النظر في مناقشة كل الخطة الحكومية. هذا الأمر تم التوافق عليه في آخر اجتماع لها أول من أمس، عندما اتُّفق على الشروع في إطلاق ورشة اجتماعات مفتوحة مطلع الأسبوع المقبل، بغية التوصل إلى قرارات، لكي تُصاغ خطة الحكومة بطريقة مختلفة. واتفق الحاضرون، على أن ينجز وزير المالية، في غضون عشرة أيام، مناقشة مكتب الاستشارات القانوني وشركة «لازارد»، في أمر الخطة والتفاوض مع الدائنين، وتقديم التوصيات لأجل التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وذلك قبل العودة إلى الحكومة لإقرار برنامج عمل يقوم على خطة جديدة.
وتعكس الخلفية التي تدار بها الأمور الآن، ضعفاً وتراجعاً واضحين في موقف الحكومة بدءاً من رئيسها إلى بقية العاملين فيها، وخصوصاً، لناحية التسليم بأن حاكم مصرف لبنان هو من يقرر السياسات النقدية ولا يمكن لأحد التدخل في عمله، وأن برامج العمل الخاصة بالقطاع المصرفي محصورة به دون غيره، وأنه لا إمكانية حتى، لإقرار قوانين تفرض آلية لاستيفاء أي أموال من المصارف لمصلحة الخزينة العامة.
التعديلات الرئيسَة انطلقت من اعتبار الأرقام التي وردت في الخطة الأولى «غير واقعية» ومن أن «الحديث عن توقع عشرة مليارات دولار من صندوق النقد و11 ملياراً من برنامج سيدر و10 مليارات من الأموال المنهوبة، كلها لا تفيد في العلاج». كذلك اعتبار أن احتساب الأكلاف أو الخسائر بالعملة الصعبة تمّ على «أساس سعر الدولار القديم أي 1500 ليرة، وهذا لم يعد واقعياً»، ما يجعل اعتماد السعر الفعلي «يقلّص حجم الخسائر بالدولار الأميركي إلى حدود الثلث».
التنازل الآخر، يتعلق بمعركة استرداد الفوائد التي دُفعت من خلال الهندسات المالية التي أجراها المصرف المركزي خلال خمس سنوات، إذ يرى الفريق الحكومي أنه «تبين أنه لا يمكن إنجاز هذه الخطوة قانوناً، وأنه من شبه المستحيل القيام بهذه الخطوة التي تتعارض مع القوانين كافة ويمكن أن ترتب على المصارف والمصرف المركزي خسائر كبيرة». وهذا الأمر معروف، ولذلك فإن استعادة فوائد الهندسات المالية تحتاج إلى إقرار قانون في مجلس النواب، وهو ما يرى الفريق الحكومي استحالته. لكن التوجّه الجديد هو نحو «إقرار قانون ضريبي جديد يعمل بمفعول رجعي ويتيح استرداد نحو 15 مليار دولار تُحسم من قيمة الودائع الكبيرة». ويتحدث الفريق الحكومي عن أن «الخطة لن تسامح المصارف إزاء الارتكابات والأخطاء» وأن المصارف «ستخسر حكماً كامل رأسمالها وسوف تكون مضطرة لإعادة رسملة نفسها حتى لو أدى ذلك إلى إعلان بعض المصارف إفلاسها».
لكن القطبة غير المخفية هنا، هي عودة سلامة وجمعية المصارف إلى نغمة «دعم القطاع المصرفي باعتباره درّة التاج في الاقتصاد»، وأن ذلك «يتم من خلال تولي مصرف لبنان عملية إعادة الهيكلة بما في ذلك عمليات الدمج». لكن «الأهم هو توفير التمويل المطلوب على شكل قروض يقدمها مصرف لبنان إلى هذه المصارف على أن تسددها خلال فترة زمنية قصيرة». كذلك «يتعهد المصرف المركزي بضمان استعادة هذه القروض، مع عدم ترك القطاع مفتوحاً بالطريقة التي كان يدار فيها، وإضافة إلى أن مصرف لبنان سيفرض على المصارف عدم أخذ فوائد على توظيفات المصارف الموجودة لديه لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات وهذه العملية تعفي المصرف من دفع نحو عشرة مليارات دولار كفوائد».
لكن المشكلة تعود إلى النقطة المركزية، حول ما تسميه المصارف «مسؤولية الدولة في سداد الديون، وأن الأمر يتعلق بأصول الدولة». وبينما لمس مصرف لبنان والمصارف أن الحكومة ليست في وارد بيع الأصول، انتقل هذا الفريق إلى الخطة البديلة والتي تقول: «بأن يجري تكليف شركات من القطاع الخاص إدارة مرافق الدولة المنتجة لمدة 15 سنة، على أن يتم استخدام العائدات لأجل سداد ديون الدولة لمصرف لبنان كي يسددها بدوره إلى المصارف التي ستتمكن حينذاك من دفع أموال المودعين، وأن تحصل هذه الشركات على عائد إدارة من دون أن تملك أي حصة في الشركات التابعة للدولة».
وفيما من المفترض عقد اجتماع قريب للجنة تبحث فيه ملف الخصخصة، نُقل عن الرئيس دياب قوله إنه «لن تتم خصخصة أي قطاع منتج في الدولة، والبحث سيكون مفصلاً حول أي مقترح بهذا الخصوص».
لماذا تماطل وزارة الطاقة في حل أزمة المازوت؟
من جهة ثانية، ليس مفهوماً بعد الأسباب التي تحول دون توفّر مادة المازوت في البلاد، مع المعلومات الأكيدة عن قيام الشركات بتخزين المادة وحجبها عن المحطات والمواطنين. وبحسب ما علمت «الأخبار» فإن الشركات تستمر في تخزين المادة، وبيعها فقط في السوق السوداء وبأسعارٍ عالية، من دون الاهتمام بأي رقابة حكومية، وتحديداً من وزارة الطاقة. وجرى في الأسابيع الأخيرة التركيز على التهريب نحو سوريا، فيما لم يتمّ القيام بأية إجراءات حقيقية لمعرفة مخزون الشركات، لإزاحة الصورة عن الأزمة الحقيقية في لعبة الاحتكار وتحقيق الأرباح الهائلة، إذ أن الشركات المستوردة، والتي تحتكر المادة اليوم، سبق لها أن اشترت مادة المازوت حين كانت أسعار النفط متدنية، واليوم تعوّل على ارتفاع أسعارها في المستقبل لمضاعفة أرباحها والتعويض عن تراجع الأرباح الذي سبّبه انهيار سعر الصرف، في استغلال واضح للمواطنين.
وتكبر الأسئلة حول دور وزارة الطاقة في ضبط السوق وإجبار الشركات على بيع مخزونها وتعويض النقص الحاصل وعمليات إذلال المستهلكين أمام محطات الوقود، والتقنين العالي لدى أصحاب مولدات الكهرباء الذين يجدون بدورهم صعوبة في الحصول على المازوت بالسعر الرسمي. وثمة خشية من دور خفي لوزارة الطاقة، في استمرار الأزمة وارتفاع سعر المازوت بهدف تثبيت السعر العالي ورفع الدعم عن المازوت بطريقة مقنّعة، قبل إقراره رسمياً، بذريعة مكافحة التهريب والتخزين.
الراعي والحياد: حكاية إبريق الزيت
بدوره، زاد البطريرك بشارة الراعي على عناوين الانقسام في البلد عنواناً جديداً هو «الحياد»، من دون أن يشرح كيف يمكن للبنان أن يكون محايداً والعدو الإسرائيلي يبذل كلّ جهده لتهديده كل يوم. ويظهر طرح الراعي وكأن مشكلة اللبنانيين ولبنان في موقعه خصماً وندّاً للعدو الإسرائيلي، وليس أن نظام المحاصصة الفاشل الذي أدار البلاد منذ حوالى مئة عام، فشل في إنتاج أي سلطة وطنية حقيقية، ووصل به الأمر إلى حالة انهيار كاملة وفقدان المودعين اللبنانيين أموالهم في المصارف التي راكم أصحابها الثروات. فكيف يمكن لدولة هشّة وضعيفة، أن تمارس الحياد وهي مستهدفة وفاقدة للسيادة ولا تملك قرارها؟ بل كيف يمكن لدولة لا تستطيع محاسبة مسؤولٍ واحد فيها إلّا ويحتمي خلف طائفته؟ وللراعي مآثر في هذا الخصوص، ولا سيّما تحويله أي محاسبة لسلامة، مسّاً بالموارنة وبلبنان في أصل وجوده؟
قبل يومين، بدا لقاء الراعي مع الرئيس ميشال عون، عنواناً لمحطّة جديدة، اتفق فيها الطرفان على تخفيف الاحتقان لا زيادته. إلّا أن تصريحات الراعي التي نشرتها «الفاتيكان نيوز»، ظهرت تصعيداً غير مبرّر ضد حزب الله، وانقلاباً على التفاهم مع عون، قبل أن تعود البطريركية وتسرّب أن المقابلة جرت قبل لقاء بعبدا.