اللواء
زجّ القضاء بادعاءات من لون واحد يهدّد بابتلاع التهدئة
صوان يدّعي على دياب و3 وزراء.. ودفوع شكلية من الضباط وسلامة لم يحضر إلى مكتب عون
تقدمت خيارات الاشتباك الداخلي على ما عداها مهددة بابتلاع التهدئة، وادخلت مساعي تأليف الحكومة في مجهول الانتظار الممل، والمتعب، منذرة بانقسام، غير مسبوق، لا بالشكل ولا بالمضمون، في تاريخ لبنان الحديث، قبل الطائف وبعده، ويحمل في طياته مخاطر تفاقم هذا الانقسام، ليطال ربما «النظام القائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها»، وفقا لما جاء في البند «هـ» من مقدمة الدستور.
واذا كان المجتمع اللبناني عانى من الأداء السيئ، الذي حمل ويلات في النقد والغلاء والبطالة، والانهيارات المتتالية، وصولا الى انفجار 4 آب الماضي في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، وتحرك الشارع مطالباً بالمحاسبة، إلّا ان المشهد المريب يتعلق بما يتضح، على الأرض، من انه زجّ للقضاء بادعاءات من «لون واحد» تستهدف فريقاً سياسياً او اكثر بحد ذاته، ربما يكون من الاسباب الكامنة وراءه ما له علاقات بالعقوبات الاميركية على قطب نيابي معروف، والذي كما يقال أنشأ «غرفة للأوضاع»، تتخذ ما يلزم من قرارات بفتح الملفات والضغط بالسير بها، ولو أدى الامر الى اقحام تأليف الحكومة بمتاهات الضياع، والإرجاء وطرح الشروط، تارة المعيارية، وتارة الميثاقية، الى آخر هذه المعروفة الممجوجة، والثقيلة في آن معاً..
وعليه تمثلت الخطوة الكبيرة غير المسبوقة أمس بإدعاء المحقق العدلي القاضي فادي صوان، ربما للمرة الاولى، في تاريخ لبنان الحديث، على رئيس حكومة وثلاثة وزراء مرة واحدة. على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، ووزير المال السابق والنائب في كتلة التنمية والتحرير علي حسن خليل، وكذلك علي وزير الاشغال السابق غازي زعيتر، والنائب عن بعلبك- الهرمل، اضافة الى وزير الاشغال السابق يوسف فنيانوس.
وجاء قرار الادعاء، بعد ساعات قليلة من استبقال الرئيس ميشال عون رئيس مجلس القضاء الاعلى واعضاء المجلس، ورئيس مجلس شورى الدولة، وبعد 4 اشهر ونيف على انفجار مرفأ بيروت الذي تسبب بمقتل اكثر من مئتي شخص وإصابة اكثر من 6500 آخرين بجروح. وألحق أضراراً جسيمة بالمرفأ وبعدد من أحياء العاصمة، مشرداً عشرات آلاف العائلات من منازلها التي تضررت أو تهدّمت. وتحقق السلطات اللبنانية في الانفجار الذي عزته إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم لسنوات في أحد عنابر المرفأ من دون اجراءات وقاية.
وقال مصدر قضائي لـ «فرانس برس» إن المحقق العدلي ادعى على كل من دياب وخليل وزعيتر وفنيانوس «بعد التثبت من تلقيهم عدة مراسلات خطية تحذّرهم من المماطلة في إبقاء نترات الأمونيوم في حرم مرفأ بيروت، وعدم قيامهم بالإجراءات الواجب اتخاذها لتلافي الانفجار المدمّر وأضراره الهائلة».
وأفاد المصدر أن المحقق العدلي «أطلع مكتب رئيس الحكومة حسان دياب على فحوى الادعاء، وأبلغه أنه سينتقل يوم الاثنين المقبل إلى السرايا الحكومي لاستجوابه كمدعى عليه، وفقاً لما ينص عليه قانون أصول المحاكمات الجزائية». كذلك، جرى تحديد جلسات تحقيق الأسبوع المقبل أيضاً «لاستجواب» الوزراء الثلاثة «كمدعى عليهم» في قصر العدل.
والمسؤولون الأربعة هم أول سياسيين يدعي عليهم المحقق العدلي في قضية المرفأ التي جرى بموجبها توقيف 25 شخصاً على الأقل من كبار المسؤولين عن إدارة المرفأ وأمنه.
ويُعد هذا أول ادعاء رسمي على رئيس حكومة أثناء ممارسته مهامه. واستقالت حكومة دياب على خلفية الانفجار لكنّها لا تزال تصرّف الأعمال لعدم تشكيل حكومة جديدة إلى حدّ الآن. وفي أول تعليق على قرار صوان، أعلن مكتب دياب أن الأخير «مرتاح الضمير وواثق من نظافة كفه وتعامله المسؤول والشفاف مع ملف انفجار مرفأ بيروت». وتبين بعد الانفجار أن الأجهزة الأمنية ومسؤولين سابقين وحاليين عدة كانوا على علم بمخاطر تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت. وفي 20 تموز، تلقى دياب ورئيس الجمهورية ميشال عون رسالة من جهاز أمن الدولة حول «الخطر» الذي يشكله وجود كميات ضخمة من تلك المادة في المرفأ. وأعلن جهاز أمن الدولة، الذي كان أجرى تحقيقاً عن المواد المخزنة، بعد الانفجار أنه «أعلم السلطات بخطورتها». وكان دياب، الذي استمع له المحقق العدلي في أيلول، أول من عزا الانفجار مباشرة بعد وقوعه إلى 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم كانت مخزنة في العنبر رقم 12 في المرفأ منذ ست سنوات.
وأوضح المكتب الاعلامي أن دياب أبلغ صوان جوابه، مؤكداً أنه «يحترم القانون ويلتزم الدستور» الذي اتهم صوان بـ«خرقه» وبـ«تجاوز مجلس النواب». وأضاف أن دياب «قال ما عنده في هذا الملف ونقطة على السطر».
وكان صوان طلب من المجلس النيابي التحقيق مع وزراء حاليين وسابقين للاشتباه بارتكابهم مخالفات أو جرائم على صلة بالانفجار بعد مطالعة أعدّتها النيابة العامة التمييزية ورأت فيها أنّ ملاحقة الوزراء على مخالفات أو جرائم محتملة ارتكبوها خلال تولّيهم مهامهم الوزارية تقع ضمن اختصاص المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وأوضح المصدر القضائي أن صوان، وبعدما رفض البرلمان الاستجابة لطلبه، «ادعى على دياب والوزراء الثلاثة، بجرائم جزائية تقع ضمن صلاحيته واختصاصه، ومنفصلة عن المسؤولية السياسية التي طلب من مجلس النواب التحقيق بشأنها».
وحذرت جهات قانونية من أن «يبقى كل هذا محاولة لتهدئة الرأي العام ما لم يترافق مع تحقيقات جدية حول مسؤولية هؤلاء وسواهم من وزراء لم يتم استدعاؤهم بعد».
وتقدمت نقابة محامي بيروت قبل أكثر من شهر بمئات الشكاوى الجزائية أمام النيابة العامة التمييزية باسم المتضررين. ودعا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى ملاحقة باقي المسؤولين في القضية وعدم الاكتفاء بالمسؤولين الأربعة، خصوصاً ان كميات نيترات الأمونيوم خزنت في المرفأ منذ 2014.
والادعاء جاء بـ«جرم الاهمال والتقصير والتسبب بوفاة وإيذاء مئات الاشخاص».
وتحددت مواعيد استجواب الوزراء كمدعى عليهم، الاثنين والثلاثاء والاربعاء من الاسبوع المقبل.
ماذا عن الاسبوع المقبل؟
وفي وقت، لم يعرف مدى الالتزام بمواعيد الاستجواب «للمدعى عليهم»، فهم ان مجلس النواب يدرس الموقف من استجواب نائبين منه دون رفع الحصانة عنهما.
ويراجع النائب خليل، لهذه الجهة مجلس النواب،ولم يتخذ قراراً بعد بالحضور امام المجلس العدلي. وانتقد القضاء ونقيب المحامين من اعطاء اذن او رأي قانوني.
وقال: المحقق العدلي قرر فجأة ان يستنسب باختيار رئيس حكومة واحد و3 وزراء للإدعاء عليهم، من اصل 4 رؤساء حكومات و11 وزيراً.
وانكر النائب خليل اي دور له كوزير للمال في قضية انفجار مرفأ بيروت، مستغرباً ما وصفه بـ«تناقض موقف صوان ما يخالف الدستور والقانون».
وسجلت اول حالة تضامن مع وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية، ان «حسان دياب ليس لقمة سائغة، ولا فشة خلق لأحد، وكذلك فعل وزير الداخلية بحكومة تصريف الاعمال محمد فهمي، الذي قال: الرئيس دياب له في القصر من مبارح العصر».
ورأى «اللقاء التشاوري» في بيان، أن «قرار المحقق العدلي القاضي فادي صوان استجواب رئيس الحكومة حسان دياب كمدعى عليه بجرم الإهمال والتقصير في مجزرة انفجار مرفأ بيروت، هو قرار مريب ومشوب بكثير من الخفة والارتجال».
وإذ أيد «محاسبة ومساءلة الجميع دون خطوط حمر»، رأى أن «استهداف الرئيس دياب على هذا النحو دون سواه، فيه الكثير من الانتقائية والكيدية، كما يبطن شبهة استسهال المس بموقع رئيس مجلس الوزراء باعتبار ان شاغله ليس من أمراء الطوائف، وهذا ما لا نرضى به بأي حال من الأحوال».
دعم مجلس القضاء
ودعم مجلس القضاء الاعلى بقوة قرار الادعاء الذي صدر عن القاضي صوان، وجاء في بيان له:
«تأسيسا على البيان الذي أصدره مجلس القضاء الأعلى بتاريخ 5/8/2020، الذي عاهد فيه الشعب اللبناني، العمل من دون هوادة على أن تنجز التحقيقات في ملف الانفجار الذي وقع في 4/8/2020 بمرفأ بيروت، وعطفا على البيانين تاريخ 24/9/2020 و7/11/2020، الصادرين عن المحقق العدلي القاضي فادي صوان، اللذين تم من خلالهما إطلاع الرأي العام على ما قام به في الملف المذكور. ويهم المحقق العدلي التأكيد مجدداً أن التحقيق يتم بدقة وتأن مع ما يتطلبه ذلك من احترام للأصول القانونية والعلمية التي تحكم هذا النوع من الجرائم.
كما أنه يوضح الآتي:
– أنه أرسل كتابا مرفقا بمستندات، إلى المجلس النيابي بتاريخ 24/11/2020، اعتبر فيه أنه يتبين من التحقيقات الاستنطاقية التي قام بها، وجود شبهات جدية تتعلق ببعض المسؤولين الحكوميين، وذلك إفساحا في المجال أمام المجلس، لممارسة ما يعود له من صلاحيات بهذا الشأن، مع احتفاظه -أي المحقق العدلي -، بممارسة ما يعود له من صلاحيات في الموضوع عينه. وتم الجواب على الكتاب المذكور في 26/11/2020، من قبل هيئة مكتب مجلس النواب، بما مفاده عدم إيجاد أي شبهة بالنسبة إلى الأشخاص الوارد ذكرهم فيه حسب المستندات المرسلة، وأن المجلس ملزم تطبيق القانون الرقم 13/90 المتعلق بأصول المحاكمات امام المجلس الأعلى المنصوص عنه في المادة 80 من الدستور.
واشار البيان الى انه وردت من نقابة المحامين شكاوى جديدة بلغ عددها 142.
واول المرحبين بقرار صوان، كان نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف الذي قال في بيان له: ان يدعي حضرة المحقق العدلي في قضية تفجير المرفأ على رئيس حكومة وثلاثة وزراء سابقين، ورئيس جهاز أمني، فهذا حدث لا يمكن أن يمر مرور الكرام. وقد سبق وناشدناه مرارا وتكرارا وطالبناه بالإدعاء على من بينتهم التحقيقات من معنيين سياسيين وأمنيين وغيرهم من المرتكبين، مهما علا شأنهم، مؤكدين أن المحقق العدلي هو الصالح لتعقب هؤلاء، وأن لا حصانات دستورية ولا قانونية ولا سياسية لأحد»، واصفاً الخطوة بالشجاعة، وهي بصيص أمل، مؤكداً على دعمه الكلي له، داعياً لان تكر السبحة.
سلامة يمتنع
ولم يحضر، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى مكتب النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، لاستيضاحه حول ملف الهدر الحاصل في الدولار المدعوم.
وعزا محامي مصرف لبنان شوقي قازان ومدير المالية للمصرف مازن حمدان، اللذان حضرا الى مكتب عون عدم الحضور الى حائل امني، على ان يحدد موعد لاحق،لا يعلن عنه مسبقاً في الاعلام.
على الارض، وفي محيط منزل الحاكم سلامة في الرابية، اعتصم مناصرون للتيار الوطني الحر مساء امس ممن يطلقون على انفسهم اسم «الحرس القديم»، وأطلقوا هتافات ضده مطالبين بمحاربة الفساد،وأشعلوا إطارات السيارات لقطع الطريق. وقامت قوة أمنية من الجيش وقوى الأمن الداخلي بتأمين الحماية للمنزل ومنع المحتجين من اقتحامه ومواصلة قطع الطريق.
وفي اطار قضائي متصل، امهل قاضي التحقيق الاول في بيروت شربل ابو سمرا الضباط الثمانية ان يقدموا دفوعهم الشكلية خلال اسبوع، وحدد موعد جلسة في 8 ك2 المقبل، وذلك على وقع تظاهرة لمحامين قدموا اوراق الدعوى بتهمة الاثراء غير المشروع.
الحكومة: عودة الجمود
على صعيدالحكومة افادت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أنه لم تسجل أمس اتصالات جديدة في الملف الحكومي وأكدت أنه ما خص طرح الرئيس الحريري فهو قدم تشكيلة حكومية مكتملة من ١٨ وزيرا إلى رئيس الجمهورية الذي بدوره سجل ملاحظات بشأنها حيث تبين له أن المعايير في توزيع الحقائب على الطوائف غير واحدة بل أكثر من معيار كما أن الحريري لم يتواصل مع بعض الكتل بدليل أنها أشارت إلى أنها لم تسأل في موضوع الأسماء ولم تقدم الأسماء بالتالي وما وضعه الحريري في تشكيلته لم يضم أسماء منها.
ولفتت المصادر إلى أن الحريري تدخل في وضع أسماء الوزراء المسيحيين ورفض أي تدخل في أسماء الوزراء السنّة والشيعة وهذا الأمر يقود إلى خلل في المعايير التي تعتمد مؤكدة أن طرح الرئيس عون يراعي وحدة المعايير ويدعو إلى التشاور مع رؤساء الكتل ويؤمن التوازن داخل الحكومة لأن ما يهم رئيس الجمهورية ألا تحصل استقالات من الحكومة بعد تأليفها خصوصا أذا لم تُسأَل الكتل قبلا عن ممثليها كما أنه يتخوف من أن تحجب الكتل النيابية الثقة عن الحكومة في المجلس النيابي لافتة إلى أن عون الذي يريد أن تحصن الحكومة الجديدة وأن تتوافر لها المعطيات لتواجه الاستحقاقات دفعه إلى لفت نظر الحريري في الطرح الذي تقدم به إلى هذه النقاط وهو ينتظر جوابا من الرئيس المكلف على الملاحظات التي ابداها.
لكن مصادر متابعة ذكرت ان صمت الرئيس الحريري لن يطول، وبانتظار رد الرئيس عون على تشكيلة الحريري، سيكون هذا موقف، ويبنى على الشيء مقتضاه، في ضوء اتصالات مفتوحة بين رؤساء الحكومات، لاتخاذ الموقف المناسب.
واعتبرت مصادر سياسية ان قيام الرئيس الحريري بتقديم التشكيلة الحكومية الى الرئيس عون اول من امس، قد فاجأ الفريق الرئاسي برمته، لانه لم يكن يتوقع ان يقدم الحريري على هذه الخطوة بعد سلسلة الشروط التعجيزية التي طالبه بتحقيقها كأحد الشروط الاساسية لتسهيل الموافقة على التشكيلة الحكومية من قبل عون بالتحديد.
ولذلك وجد هذا الفريق نفسه محرجا امام الداخل والخارج معا، لان الحريري وضع مسؤولية التشكيل على عاتق رئيس الجمهورية تحديدا. وهذا الواقع سيرتب مساءلة على الرئاسة الاولى اذا لم تبت بهذه التشكيلة ضمن الاطر الدستورية. ولذلك حاول هذا الفريق من خلال اعلانه ان عون زود الحريري بطرح متكامل لتاليف الحكومة،ان يتملص من مسؤولية التشكيلة الوزارية ويعيد رميها باتجاه الحريري من جديد. وهذا يعني عدم رغبة هذا الفريق بتسهيل تشكيل الحكومة العتيدة في الوقت الحاضرالا في حال التسليم بشروطه واهمها، حصوله على الثلث المعطل بالحكومة وتخويله تسمية وزرائه وتحديد الوزارات التي يشغلونها. وبالرغم من ان الاسلوب الذي اتبعه الفريق المذكور مكشوف ولا ينطلي على احد وبالتالي فان رئيس الجمهورية ملزم باعطاء رده على التشكيلة التي قدمها الحريري. الا ان هذه السلبية بالتعاطي تعني في رأي المصادر، ان هذا الفريق لا يريد تشكيل حكومة جديدة حاليابالرغم من الحاح المجتمع الدولي واللبنانيين عموما للاسراع بعملية التشكيل نظرا للحاجة الملحة اليها.وفي المقابل تضيف الاستنسابية في الملاحقات القضائية وفتح الملفات لسياسيين وغيرهم من خصوم العهد مؤشرات سلبية تؤكد بأن هذا الفريق لا يريد تشكيل حكومة جديدة في الوقت الحالي لمواصلة امساكه بالسلطة بوجود الحكومة المستقيلة، ومتذرعا بحجج وشروط غير منطقية لتبرير موقفه،بالرغم من الحاجة الملحة لتشكيل هذه الحكومة لاجل وقف الانهيار على كل المستويات.
ونفت مصادر القصر الجمهوري لـ«اللواء» ما تردد عن ان الرئيس عون قدم للرئيس الحريري تشكيلة حكومية مقابل التشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف اوضحت المصادر انه خلال زيارته يوم الإثنين إلى قصر بعبدا أعطى الحريري إشارات توحي بأنه عاد إلى المنطق السليم بتشكيل الحكومة وفقا للدستور أي بالشراكة الكاملة مع رئيس الجمهورية، لكن ما جرى في لقاء الامس هو أنه سلّم الرئيس عون تشكيلة وزارية من 18 اسماً. واللافت أن الحريري سمّى جميع الوزراء بمن فيهم تسعة وزراء مسيحيين من دون التشاور مع الرئيس عون كما سمى بالنيابة عن حزب الله من دون التشاور معه ايضا وكذلك بالنسبة الى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط.
وقالت: كان امام الرئيس عون خيارين:
الاول: ان يتمهل ليعرف او يتحرى عن الاسماء الواردة في تشكيلة الحريري وان يبحث في التوازنات.
ثانيا: ان يقدّم للحريري تصوره للحكومة.
واضافت المصادر، اتجه عون الى الخيار الثاني، لا سيما بعدما نال الحريري وزارتي الداخلية والعدل، وترك وزارة الطاقة عالقة للاتفاق بشأنها بينه وبين عون والجانب الفرنسي.
وردا على سؤال، اوضحت المصادر انه انطلاقا مما طرحه الحريري لا تأليف للحكومة، فلا يمكن للرئيس المكلف ان يتصرف على قاعدة «اشهد انني بلّغت» … ولا يمكنه وضع رئيس الجمهورية في الزاوية، ولا يمكنه التحرر من عبء تحمل المسؤولية قبل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت بعد نحو عشرة ايام.
بدوره، غرد رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال ارسلان: يبدو ان هناك تسليما من بعض المعنيين بتقليص حجم الدروز في التمثيل الحكومي الى النصف علما ان لا علم لدينا بتغييرات اممية من حكومة الرئيس دياب الى اليوم. كل ما تحتاجه الطائفة لتحصين حقوقها هو وحدة الموقف في المطالب كما سبق ودعونا اليه مرارا والتمثل بالثنائي الشيعي كما دعا الرئيس بري».
142187
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 1778 اصابة جديدة بفايروس كورونا، و14 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي الى 142187 اصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
صوّان يستضعف دياب ويُعقّد مفاوضات التأليف: الحكومة لن تُبصر النور قريباً
ادّعاء المحقّق العدليّ في جريمة المرفأ: استضعاف حسان دياب
المغلف الأبيض الذي حمله الرئيس سعد الحريري إلى بعبدا، أول من أمس، لم يكن كافياً لرؤية الدخان الأبيض في الملف الحكومي. كلّ طرف متمسك بـ«تشكيلته»، حتى لو كان الثمن هو المزيد من التدهور الاقتصادي. وأتى ادّعاء القاضي فادي صوان على الرئيس حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس وغازي زعيتر ليزيد من تعقيد مفاوضات التأليف، بما يحول دون ولادة الحكومة قريباً.
رئيس الجمهورية ينتظر رد رئيس الحكومة المكلّف، ورئيس الحكومة المكلّف ينتظر رد رئيس الجمهورية. كل طرف حرّر نفسه من المسؤولية عن أي تأخير إضافي في تشكيل الحكومة، محملاً إياها للطرف الآخر. الرئيس سعد الحريري عندما قدّم تشكيلته كان يدرك أن رئيس الجمهورية لن يوافق عليها، والرئيس ميشال عون كان يدرك أن الحريري لن يلتزم بـ«المعايير الموحّدة» التي سبق أن أكد عليها، كعنوان لتشكيل الحكومة. ذلك يقود إلى الاستنتاج أن الرسالة الفعلية لمشهد بعبدا، لم تكن موجّهة سوى للطرف الفرنسي، على أعتاب زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون: اللهم إنّا حاولنا.
أمس لم يطرأ أي جديد سوى تأكيد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للمؤكد: الدخان الأبيض بشأن تشكيل الحكومة لن يصدر قريباً. مع ذلك، وبالشكل حصراً فإن عون ينتظر من الحريري دراسة الاقتراحات المقدّمة، على أن يُتابع التشاور لمعالجة الفروقات بين الطروحات. والحريري ينتظر عون الذي «وعد بدراسة التشكيلة» التي قُدمت له على أن يجري اللقاء مجدّداً.
بين الانتظارين، على الأقل اتفق الطرفان على أن لقاء آخر يجب أن يجمعهما. لكن ذلك لا يلغي أن الهوة كبيرة بينهما. بالنسبة إلى الحريري، هو قدّم تشكيلة تراعي المبادرة الفرنسية لناحية ضمها لوزراء اختصاصيين وغير منتمين إلى الأحزاب، وبالنسبة إلى عون، التشكيلة ينقصها أن تراعي تمثيل الأحزاب وموافقة الكتل المختلفة، إضافة إلى مراعاة التوزيع الطائفي للحقائب.
لكنّ مصادر الحريري التي رأت في الموقف العوني عودة إلى نقطة الصفر، أو إلى ما قبل المبادرة الفرنسية، تؤكد أن لا مجال للعودة لتمثيل الأحزاب ولا مجال لحصول أي طرف على الثلث المعطل. وبالنسبة إلى مصادر قريبة من بعبدا، فإن التشكيلة يعيبها أن الحريري لم يأخذ برأي الكتل المعنية بالتشكيل، ولا سيما الطاشناق ووليد جنبلاط وحزب الله، وبالتالي فإن رئيس الجمهورية، من منطلق صلاحياته الدستورية، طالب الرئيس المكلف بمعالجة الخلل في التشكيلة المقدمة. ما تراه بعبدا صلاحيات، يصرّ بيت الوسط على اعتباره «مخالفة دستورية». لكن بعيداً عن توصيف طرح عون، فإن مصادر مطلعة تعتبر أن السؤال حالياً هو: هل هنالك مسعى لتحسين الشروط من كل طرف، بما يؤدي في النهاية إلى صدور مراسيم التشكيلة، أم أن المشهد انتهى عند هذا الحد؟ المسألة مرهونة بمدى استعداد كل طرف للتراجع عن موقفه. الحريري لا يمكن أن يلتزم بما يريده عون، لكنه حكماً لن يمانع التفاهم معه على بعض التعديلات في الأسماء أو الحقائب ربما، لكن مع الحفاظ على روحية التشكيلة. هل يحصل ذلك، الأيام المقبلة ستوضح مصير التشكيلة التي أُودعت لدى رئاسة الجمهورية، إما أن يوافق رئيس الجمهورية على توقيع مراسيم تشكيلها، بعد أن يتفاهم مع الحريري على بعض التعديلات غير الجوهرية، وإما أن يرفضها، فتعود الأمور إلى ما أبعد من نقطة الصفر.
الأمور أعقد من أن تنتهي بـ«الدخان الأبيض». في عملية التشكيل كل طرف يسعى لاستعمال ما أمكنه من أسلحة. ولذلك، لم يتردد خصوم النائب جبران باسيل في وضع ادّعاء المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ، القاضي فادي صوان، على الرئيس حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس وغازي زعيتر، في خانة الكباش الحكومي، الذي لن يؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد. ويرى خصوم باسيل أن هذا الادعاء – الذي حُصِر بوزير من حركة أمل وآخر من تيار المردة، وبرئيس حكومة غير محميّ طائفياً وسياسياً، ولم يشمل رؤساء حكومات سابقين ووزراء من أحزاب أخرى – ليس سوى محاولة من رئيس التيار الوطني الحر لتوسيع مروحة الملاحقات القضائية التي يستخدمها ضد مناوئيه. ويعتقد كل من حركة أمل وتيار المردة والحزب التقدمي الاشتراكي أن التيار الوطني الحر، وبعد الخسائر الشعبية التي مُني بها طوال العام الفائت، يقود هجمة مضادة، عبر القضاء، سعياً إلى منع خصومه من جعله الخاسر الأول من الانتفاضة الشعبية كما من الانهيار. وادعاء صوان لا ينفصل عن هذا السياق، بحسب معارضي باسيل. وبحسب مصادر معنية بالشأن الحكومي، فإن كلاً من أمل والمردة والاشتراكي، سيجدون في ادّعاء صوان، وباقي الملفات القضائية المفتوحة (المهجرين، قيادة الجيش السابقة…)، سبباً إضافياً لدعم موقف الحريري في مواجهة عون وباسيل.
قراءة تسخر منها مصادر التيار، معتبرة أن مفتاح حل عقدة تأليف الحكومة موجود في جيب سعد الحريري، ويمكن للأخير أن يفرج عن الحكومة متى أراد.
في شتى الأحوال، تبقى الخلاصة أن مشاورات تأليف الحكومة، المعقّدة أصلاً، ازدادت تعقيداً.
ادّعاء المحقّق العدليّ في جريمة المرفأ: استضعاف حسان دياب
انقضت أشهرٌ أربعة على تولّي القاضي فادي صوّان دور المحقق العدلي في تفجير المرفأ. لم يُقدّم إضافةً جديدة على التحقيق الذي أُجري في وسائل الإعلام. يسير على هدي الإعلام في اتّهاماته. يحاول ما استطاع إرضاء الرأي العام. ورغم أنّه لم يكشف جديداً في التحقيقات، إلا أنّ صوّان قرّر أن يرفع سقف الادّعاء ليحصد تصفيقاً أكبر لحماية نفسه من الهجوم على أدائه المهزوز، ولو كان ذلك على حساب المظلومين من الضعفاء الذين لا سند سياسياً لهم (مقال رضوان مرتضى).
يوم أمس، طلب صوّان الاستماع إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزير المال السابق علي حسن خليل ووزيرَي الأشغال السابقين يوسف فنيانوس وغازي زعيتر كمدعىً عليهم، إضافة إلى المدير العام لأمن الدولة، اللواء طوني صليبا، الذي استجوبه على مدى ٣ ساعات كمدعى عليه أيضاً. يرى كثيرون، من حقوقيين وسياسيين ومواطنين، أن المحقق فعل الصواب بادعائه على أربعة مسؤولين سياسيين ومسؤول أمني. لكن ماذا عن الآخرين؟ لم يُفهم لماذا اختار صوّان رئيس حكومة حالياً و٣ وزراء سابقين. إن كان رئيس الحكومة الحالي مرتكباً أو مهملاً أو مُقصّراً، فإنّ ذلك يعني حُكماً أنّ وزراء في حكومته سيكونون مرتكبين ومقصّرين أيضاً. وإذا كانت المسؤولية تقع على عاتق الوزراء السابقين، فلماذا استثنى رؤساء الحكومات السابقين؟
الثابت بما لا يرقى إليه الشكّ أنّ المحقق العدلي الخائف استضعف حسّان دياب ليستجوبه كمدعى عليه. صوّان الذي لم يجرؤ سابقاً على رفض طلب «وزير عدل القصر» سليم جريصاتي بسحب ملف جريمة قبرشمون منه، لجأ حينذاك إلى الشكوى لزملائه القضاة بأنّه أُكرِه على التخلّي عن الملف! صوّان نفسه ارتعدت فرائصه أمام «هجمة» إعلامي كشف فيها عن قرار موافقته على طلب نقل المدير العام للجمارك بدري ضاهر إلى سجن يتبع للجمارك، فسارع إلى التراجع وإصدار قرار معاكس.
يسعى صوان وراء «السبق»/ «القطفة» إعلامياً ليحمي نفسه، ليس عبر تحقيق العدالة إنما عبر إيجاد كبش فداء. المحقق العدلي الذي يهاب الإعلام قرر توقيف أشخاص لا ذنب لهم ليظهر أمام الملأ بمنظر القوي، لكن تداعيات الظلم الذي يرتكبه انقلبت عليه. لقد استضعف صوّان ٣ ضبّاط من دون أن يجرؤ على المساس برؤسائهم. فإن كان الضابط جوزيف الندّاف يستحق السجن، فإن مقتضى العدالة أن يُسجن رئيسه اللواء طوني صليباً. وإن كان ضابطا الأمن العام شربل فواز وداوود فيّاض مقصّرَين، فإنّ الأَولى مساءلة مديرهم العام اللواء عباس إبراهيم. والظلم على ضابطَي الأمن العام المسجونَين واضح. لا صلاحية للأمن العام بمحتويات العنابر في المرفأ، ولا بحركة البضائع. عملها محصور في حركة الأفراد دخولاً إلى لبنان وخروجاً منه. كما أنّ الضابطين الموقوفين أديا واجبهما على أكمل وجه بتحرير أكثر من ثلاثين مراسلة بخصوص قضية نيرتات الأمونيوم.
لماذا لم يستدع صوّان قائد الجيش السابق جان قهوجي؟ وماذا عن رئيس الأركان السابق وليد سلمان الذي وقّع بالإنابة عن قهوجي مقترحاً عرض نيترات الأمونيوم على شركة الشمّاس علّها تشتري البضاعة المحتجزة في المرفأ؟ فضيحة غير مسبوقة بتوقيع قيادة الجيش. أوَليست المسؤولية موصولة لكونها متمادية؟ لماذا لم يُستدعَ قائد الجيش الحالي جوزيف عون لسؤاله عن عدم التحرّك لإزالة النيترات من المرفأ بعد تقرير أمن الدولة؟ أوَليس واجب قيادة الجيش تولّي التحقيق في قضية من هذا الحجم؟ ماذا عن القضاء؟ لماذا تجاهل أن أطنان نيترات الأمونيوم التي انفجرت في المرفأ يوم 4 آب، لم تُنقل من الباخرة إلى العنبر الرقم 12، قبل ست سنوات، إلا بأمر قاضٍ لم يتّخذ قرار إتلافها ولا بإعادة تصديرها؟ لماذا لم يتحرّك صوان في وجه قضاة هيئة القضايا التي لم تُكلّف نفسها الإجابة على عدد من المراسلات في هذا الملف الخطير؟
حدّد صوّان نهار الإثنين المقبل موعداً لاستجواب رئيس الحكومة الحالي والوزراء الثلاثة السابقين كمدعى عليهم في قضية انفجار مرفأ بيروت، وذلك بعدما استمع الى المدير العام لأمن الدولة طوني صليبا في مسألة تأخر جهاز أمن الدولة في إجراء التحقيق الأولي في وجود مادة النيترات داخل العنبر الرقم 12 بمرفأ بيروت. كما سأله عن الجهات التي أبلغها صليبا بمضمون تقريره. ورغم أنّ المصادر القضائية تؤكد أنّ صوّان لم يسمح لصليبا بالجلوس لنحو ثلاث ساعات، إلا أنّ النيتجة كانت خروج المدير العام لأمن الدولة حرّاً، والإبقاء على ضابط أدنى رتبة منه موقوفاً للشهر الرابع على التوالي.
تجدر الإشارة إلى أنّه عقب قرار القاضي صوان صدر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال بيان قال فيه إنه «مرتاح الضمير وواثق من نظافة كفّه وتعامله المسؤول والشفاف مع ملف انفجار المرفأ. ويستغرب هذا الاستهداف الذي يتجاوز الشخص إلى الموقع، وحسان دياب لن يسمح باستهداف موقع رئاسة الحكومة من أي جهة كانت». وأضاف البيان أن المحقق العدلي تبلّغ جواب دياب على طلب الاستماع إلى إفادته مؤكداً أنه «رجل مؤسسات ويحترم القانون ويلتزم الدستور الذي خرقه صوان وتجاوز مجلس النواب». وختم بيان دياب بالقول بأنه قال ما عنده في هذا الملف ونقطة على السطر. كما غرّد رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي: «لا تستقيم العدالة بمكيالين وحق ذوي ضحايا تفجير المرفأ معرفة الحقيقة ومحاسبة الضالعين في الجريمة. فكيف يمكن اعتماد الانتقائية في الملاحقة وإغفال ما قاله رئيس الجمهورية من أنه قرأ التقارير التي تحذر من وجود مواد خطرة بالمرفأ. الحق كلٌّ لا يتجزأ وليس استهداف أشخاص بعينهم افتراء». ومن المتوقع أن يثير قرار صوان الادعاء على دياب والوزراء السابقين الكثير من الغبار السياسي والقضائي. وبصرف النظر عن التسييس وسوء أداء المحقق العدلي، يبقى أن في قرار القاضي صوان أمس إيجابية كبرى يُبنى عليها مستقبلاً، وهي تثبيت حق القضاء، مرة جديدة، في ملاحقة رؤساء حكومات ووزراء، رغم الحصانة التي يجري التذرّع بها للإفلات من العقاب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
لقضاء يحتلّ المشهد بادعاء صوان على دياب واستدعاء غادة عون لسلامة وملاحقة قهوجي ومعاونيه
مجلس القضاء الأعلى يدعم اتهامات المحقّق العدلي… ومخاوف سياسيّة من التحقيق الفرنسيّ
دياب: استهداف للموقع و«قلتُ ما عندي ونقطة عالسطر»
خليل: مستعدّ لرفع الحصانة
سيطرت الملفات القضائية على المشهد السياسي والإعلامي يوم أمس، ويبدو أنها ستملأ فراغ التقدم الصعب في المسار الحكومي، وفيما كانت مسارات قضائية تواجه تعقيدات أدّت الى إرجاء دعوات المثول أمام القضاء لقائد الجيش السابق جان قهوجي، واعتذار حاكم المصرف المركزي عن الحضور أمام القاضية غادة عون لظروف أمنية، بينما كان منزله يتعرّض لحصار المتظاهرين ليلاً، كان الملف الأول في الواجهة هو ما صدر عن المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت، القاضي فادي صوان، والبيان الذي صدر عن مجلس القضاء الأعلى مساندة للاتهامات التي وجّهها صوان، وطالت رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس.
في ردود الفعل المعنيين ظهر موقف لدياب يعتبر الاتهام اعتداء على موقع رئاسة الحكومة، معلناً رفض المثول أمام المحقق العدلي واستقباله، بقوله انه قال ما عنده أمامه سابقاً ونقطة عالسطر، بينما نقلت مصادر قريبة من دياب استياءه من انتقائية الاتهام لرئيس حكومة واحد من أربعة كان قد اشار الى مسؤوليّتهم في كتابه الى المجلس النيابي، وكأن المطلوب كبش محرقة، فوقع الاختيار على دياب لأنه الوحيد بين رؤساء الحكومات المتعاقبين الذي لا يلعب اللعبة الطائفية والمذهبية، والذي لا يمثل امتداداً لمشروع خارجي. وقالت المصادر اذا كانت الأمور الورقيّة هي التي حركت الاتهام باعتبار دياب قد تلقى مراسلة حول وجود هذه المواد في المرفأ قبل ايام من الانفجار فإن ما فعله هو ما يجب أن يفعله، بمعزل عن الزيارة التي ليس مهماً إن تمّت ام لم تتم، لأن دياب طلب تقريراً مفصلاً من الخبراء عن هذه المواد ليتخذ القرار المناسب، ووقع الانفجار قبل وصول هذا التقرير إليه، بينما قبعت هذه المتفجّرات بوجود رؤساء حكومات سابقين لسنوات ولم يتمّ حتى الاستماع إليهم حول معرفتهم أو مسؤوليتهم.
النائب علي حسن خليل طرح أسئلة مشابهة لأسئلة المصادر المقرّبة من دياب، فقال «كان هناك تناقض واضح بموقف المحقق العدلي، ولا يصحّ أن يوجه كتاباً للمجلس النيابي ويقول بأن هناك شبهة على 4 رؤساء حكومات و11 وزيراً، بينهم كل وزراء العدل والأشغال والمال السابقون، ويدّعي على رئيس حكومة و3 وزراء». وشدّد على أن «المستندات المرفقة لهذه الإحالة لا تتضمن أي اتهام جدي، وأنا لم يرد اسمي بأي شكل من الأشكال سوى برسالة الإحالة الى مجلس النواب، التحقيق وإرساله عبر التمييزي الذي يحيله الى مجلس النواب، فكيف يستنسب المحقق العدلي اختيار رئيس حكومة و3 وزراء بجنحة الإهمال؟ هل هذا الأمر له علاقة بإشارة للناس بأنه اتهم سياسيين من الصف الأول؟ أم أن مسؤوليته الذهاب للتحقيق العادل؟». وأوضح خليل أنه «على القاضي صوان أن يعرف مَن أتى بالبضائع وحرسها 7 سنوات، وعلينا أن نسأل عن مَن تأخّر عن المبادرة عندما أبلغ أمن الدولة تقريره، ومساءلة الجميع من أعلى الهرم الى أسفله، من رئيس الجمهورية والمجلس الأعلى للدفاع ووزراء العدل والدفاع والداخلية وصولاً الى أصغر موظف، وأنا لا أعمّم بل أقول إن هناك خللاً بالإجراءات الدستورية بتجاوز المحقق العدلي صلاحياته، وإن كان يعتقد غير ذلك لم يكن ليراسل مجلس النواب». واعتبر أن دوره كوزير مال بالمعالجة «صفر»، موضحاً أنه «إن كان هناك دور للجمارك فتتصرّف لأن لها صلاحية مطلقة، ولا مخاطبة مع وزير المال بهذا الشأن، فكل ما له علاقة بي أن مدير عام الجمارك السابق أرسل كتاباً الى جانب هيئة القضايا وليس الى الوزير شخصياً، وأنا أحلته اليه، وأنا أسأل، أين وزارة العدل والقضاة؟ فالقضية بدأت بإذن قضائي للتفريغ ولم تعط إذناً قضائياً بالتصدير لنيترات الأمونيوم». وشدّد خليل على أنه «لا يجب أن نضحك على أهالي الضحايا، ونحن جاهزون أن نقوم بمعركة إحقاق الحق لأهالي الشهداء»، مشيراً الى أن «ندرس الذهاب الى الجلسة الأسبوع القادم، وأنا سأراجع مجلس النواب وأتخذ القرار القانوني المناسب بالوقت المناسب سوف اتبع الاصول القانونية وأنا مستعد لرفع الحصانة على رأس السطح في سبيل إحقاق العدل والحق». وأسف خليل بشدة لأن هناك «مزيداً من الحزن على ما وصلنا اليه في هذا القضاء والتردّي في الموقف الذي يجب ان يكون محصناً بالقانون والدستور»، وأشار رداً على سؤال عن تصريحات نقيب المحامين ملحم خلف الى أن «اركان العدالة اليوم وأبسط قواعد التزام العمل النقابي، هي حماية المنتسبين اليها أو السؤال او التدقيق قبل الافتراض انه أعطى رأياً او اذناً بالموضوع».
من جهتها، أبدت مصادر حقوقية القلق من الإشارة التي ربطت بين مسار التحقيق العدلي من جهة والمعلومات التي تضمّنها بيان مجلس القضاء الأعلى حول التنسيق مع التحقيق الفرنسي واحتمال السير بفرضيات جديدة في تفسير التفجير من خلال الحديث عن نتائج لن تظهر قبل شهر شباط ما يُعيد إلى الذاكرة ما رافق التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ويفتح العين على المخاوف السياسية التي يثيرها اللون الواحد سياسياً للمدّعى عليهم كحلفاء للمقاومة في ظل اتهامات سياسية رفعت على أصحابها دعاوى قضائيّة مؤخراً.
الادعاء على دياب ووزراء سابقين
وفيما بقيت أبواب التأليف الحكومي مقفلة على الحلول رغم الحركة «بلا بركة» التي يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري باتجاه بعبدا لتبرئة ذمّته أمام الفرنسيين قبيل عشرة أيام من زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفي خضم المواجهة بين مصرف لبنان والطبقة السياسية والمالية التي تدعمه وبين الشعب اللبناني في موضوع رفع الدعم، سجل يوم أمس، جملة أحداث أمنية وقضائية قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المواجهة على محاور عدّة. وفي خطوة فاجأت الأوساط السياسية والقضائية والشعبية، ادعى قاضي التحقيق العدلي في جريمة المرفأ فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس في تفجير مرفأ بيروت في آب الماضي. وذلك بعدما استمع صوان الى مدير عام أمن الدولة طوني صليبا لثلاث ساعات في قصر العدل وحقق معه في تأخر أمن الدولة في إجراء التحقيق الأولي في وجود نيترات الأمونيوم.
ردّ الرئيس دياب لم يتأخر، فقد أشار مكتبه الإعلاميّ في بيان الى أن «رئيس الحكومة مرتاح الضمير وواثق من نظافة كفه وتعامله المسؤول والشفاف مع ملف انفجار مرفأ بيروت. ويستغرب هذا الاستهداف الذي يتجاوز الشخص إلى الموقع، ولن يسمح باستهداف موقع رئاسة الحكومة من أي جهة كانت». وأُلحِق به بيان ثانٍ قال فيه: «تبلغ المحقق العدلي القاضي فادي صوان جواب الرئيس دياب على طلب الاستماع إلى إفادته»، مؤكداً أنه رجل مؤسسات ويحترم القانون ويلتزم الدستور الذي خرقه صوان وتجاوز مجلس النواب، وأنه قال ما عنده في هذا الملف ونقطة على السطر».
وفسّرت مصادر متابعة للملف بيان رئاسة الحكومة بأن الرئيس دياب لن يمثل أمام القاضي صوان وبالتالي لن تعطي دوائر القصر الحكومي موعداً لصوان لكي يجري التحقيقات مع رئيس الحكومة لأن دياب قال كل ما عنده خلال الإدلاء بإفادته أمام صوان ولم يعُد لديه ما يقوله». وأوحى بيان رئاسة الحكومة الى أنها شعرت بخلفيه هذا الادعاء باستهداف سياسي للرئيس دياب شخصياً ولموقع رئاسة الحكومة».
وتساءلت مصادر عن سبب صمت دار الفتوى حيال استهداف رئاسة الحكومة في حين كانت تسارع الى إصدار بيانات الرفض لحماية رؤساء حكومات سابقين كالرئيس فؤاد السنيورة الذي سبق واعتبرته خطاً أحمر. فهل لو كان المدّعى عليه السنيورة أو الحريري لكانت دار الفتوى تصرّفت كما تصرّفت الآن في الادعاء على دياب؟ كما تساءلت لماذا اقتصر الادعاء على دياب من دون رؤساء الحكومات السابقين الذين دخلت باخرة الأمونيوم في عهودهم الى لبنان كالرئيسين تمام سلام وسعد الحريري؟
وإذ أبدى أساتذة في القانون لـ»البناء» استغرابهم حيال قرار صوان ولم يجدوا تفسيراً قانونياً له، لفتت مصادر قانونية أخرى لـ»البناء» إلى أن «وجود انقسام في الآراء القانونية بين فريق يعتبر اختصاص المجلس النيابي لاتهام رؤساء الوزراء والوزراء بالإخلال بالواجبات المترتبة عليهم ومن ثم محاكمتهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وفريق يعتبر أن اختصاص البرلمان في اتهامهم اختصاص جوازي وليس حصرياً، لأن المادة 70 من الدستور استخدمت عبارة «لمجلس النواب أن يتهم»، بمعنى أنه خيار لا احتكار، وهو الرأي الأكثر تماسكاً وقوة، وبناءً عليه، يبدو أن قاضي التحقيق العدلي اتبع رأي الفريق الثاني، فيكون لرئيس الحكومة والوزراء السابقين في حال الادعاء عليهم، أن يتقدموا أمامه بمذكرات دفوع شكلية ويبت بها قاضي التحقيق العدلي، ولهم أن يكرروا هذه الدفوع امام المجلس العدلي الذي تكون له الكلمة الحاسمة». فيما شددت مصادر نيابية لـ»البناء» على أن موضوع الادعاء على الرؤساء والوزراء وإحالتهم الى المحاكمة من صلاحية المجلس النيابي.
كما ردّ النائب علي حسن خليل على صوان بالقول «كنا دوماً تحت سقف القانون وأصوله ونثق بأنفسنا وممارستنا لمسؤوليتنا. نستغرب تناقض موقف المحقق العدلي بما يخالف الدستور، واستطراداً نقول: لا دور لي كوزير للمال في هذه القضية. محضر التحقيق يشهد ولنا تعليق مفصل آخر لتبيان كل الخلفيات والحقائق».
مطاردة سلامة بعد تخلّفه عن جلسة الاستجواب
في المقابل وفيما اتهمت مصادر سياسية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بافتعال قضية رفع الدعم للتماهي مع الضغوط السياسية على رئيس الجمهورية وحزب الله بموضوع تأليف الحكومة من خلال الدفع لانفجار اجتماعيّ ضد رفع الدعم، لم يحضر سلامة إلى جلسة الاستفسار التي دعته إليها القاضية غادة عون في ملف الصيارفة والدولار المدعوم وأرسل كتاب اعتذار قال فيه إنّه لم يمثل بسبب ظروف أمنيّة. وأبدت القاضية عون تفهّمها واستمعت إلى مدير العمليات النقدية في مصرف لبنان مازن حمدان.
وبحسب مصادر إعلامية فقد تقدم سلامة عبر وكيله القانوني بكتاب معذرة لأسباب أمنية مبدياً استعداده للمثول أمامها والادلاء بإفادته في موعد لاحق لا يسرب توقيته للإعلام، الأمر الذي تفهّمته القاضية عون. وقد استمعت القاضية عون مطولاً الى إفادة مدير العمليات النقدية في مصرف لبنان مازن حمدان حول ملف الدولار المدعوم وكيفية توزيعه من قبل الصيارفة.
واتهمت مصادر متابعة سلامة ووزير الاقتصاد راوول نعمة بهدر الاحتياط النقدي في المصرف المركزي من خلال دعم السلة الغذائية المؤلفة من 300 سلعة التي تتضمّن 160 صنفاً لا يبتاعه الفقراء أصلاً كالكاجو والجبنة الفرنسية وغيرها»، وتساءلت: هل هذا جزء من مخطط استنزاف الاحتياطيّ النقديّ للدفع الى مزيد من الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي وبالتالي لكي يصبح لبنان جاهزاً للخضوع السياسي للخارج؟».
وكان سلامة تعرّض مساء أمس، لحملة مطاردة في أكثر من منطقة من مجموعات شعبية حاشدة. فقد انطلقت مواكب متعدّدة من مجموعات «الحرس القديم» (قدماء التيار الوطني الحر) من أكثر من منطقة باتجاه الرّابية لإقفال كلّ الطّرق على حاكم مصرف لبنان.
وحاول الشبان قطع الطريق أمام «شاركوتييه عون» في الرابية لمنع سلامة من الوصول إلى منزله. وعمد البعض الآخر إلى إقفال مداخل الرابية بالإطارات المشتعلة. وقطعت عناصر من قوى الأمن والجيش الطريق أمام المتظاهرين لمنعهم من الوصول إلى منزل سلامة في الرابية.
وأفادت معلومات أن سلامة عاد أدراجه بعد قطع الطريق أمامه من قبل مجموعات في الرابية. وأطلق المشاركون في الوقفة الاحتجاجية هتافات مندّدة بسلامة، وعملت القوى الأمنية على صدّ المحتجين بالقوة.
وتوجّهت مجموعات غير حزبيّة من أكثر من منطقة لمساندة قدماء «التيار»، وحاولوا اقتحام منزل حاكم «المركزي» في الرابية قبل أن تصل تعزيزات إضافية لقوى الأمن الداخلي لمحاولة صدّ المتظاهرين أمام منزل سلامة. وعمل الجيش اللبناني على فتح الطريق في الرابية بالقوة بعد إقفالها بالإطارات المشتعلة.
توازياً، كانت مجموعة أخرى تلاحق سلامة في منزله في منطقة الصفرا.
إرجاء التحقيق مع قهوجي
وأرجأ قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت شربل ابو سمرا الى 8 كانون الثاني المقبل النظر في ادعاء النيابة العامة الاستئنافية في جرم الإثراء غير المشروع، على 8 ضباط الذين حضر منهم مدير المخابرات السابق ادمون فاضل ومعه وكيلته المحامية كارول الراسي، واللواء عبد الرحمن شحيتلي ومعه وكيله المحامي منير الزغبي والعميد جورج خميس والعميد محمد الحسيني ومعه وكيله المحامي بلال الحسيني والمقدم المتقاعد احمد الجمل ومعه وكيله المحامي ربيع زين الدين.
ولم يحضر كل من قائد الجيش السابق جان قهوجي وحضر عنه المحامي كريم بقرادوني وعن العميد عامر الحسن حضر وكيله المحامي مروان ضاهر وعن العميد كميل ضاهر حضر المحامي مارك حبقة. وتم الإرجاء بعدما استمهل المدعى عليهم لتوكيل محامين ووكلاء عدد منهم لتقديم دفوع شكلية وأمهل ابو سمرا المحامين الذين طلبوا الاطلاع على الملف، مدة اسبوع لتقديم مذكرات دفوعهم.
في سياق قضائي آخر، أعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان أنها «تمكنت من ضبط عسكريين من عديدها يشتبه باختلاسهم أموالاً عامة. على اثره، قام الجهاز المختص في المديرية بإجراء التحقيقات اللازمة بإشراف النيابة العامة التي أشارت بختم التحقيق وايداعها الملف».
وأثنى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على الأداء المتميز والدقة في التحقيقات التي أجريت بإشراف القضاء المختص، والتقيد بالأصول والقواعد القانونية.
وفيما حذّر اللواء إبراهيم أمس الأول من خطر عمليات اغتيال وتفجيرات إرهابية، دهمت دورية من مديرية المخابرات تؤازرها قوة من الجيش في منطقة طرابلس – شارع الكنائس، محلاً لبيع البرادي واللوحات الفنية وأوقفت صاحبه المدعو (ع.ش)، حيث عثرت بداخله على مخزن يحتوي كمية كبيرة من الأسلحة الحربية والذخائر المختلفة والقنابل اليدوية والمتفجرات.
عون: لن أفرط بصلاحيات الرئاسة
على الصعيد الحكومي، لم تدفع خطوة الحريري الأخيرة بعملية تأليف الحكومة الى الأمام ولم تشكل صيغة الحريري التي سلّمها لعون منطلقاً للبناء عليه في إكمال الجسم الحكومي. بل أكدت مصادر متابعة للملف الحكومي لـ»البناء» أن «الحكومة باتت أبعد مما كانت عليه قبل تقديم الحريري التشكيلة لعون لأن موضوع الحكومة دخل في إطار حقوق الطوائف والميثاقيّة والتي لم تكن مطروحة سابقاً». وكشفت أن «الحريري سمّى جميع الوزراء المسيحيين ولم يترك لرئيس الجمهورية حق اختيار الوزراء المحسوبين عليه فضلاً عن الوزراء الذين يمثلون تكتل لبنان القوي»، مشيرة الى أنه «ومن ضمن الوزراء خمسة يدرك الحريري أنها أسماء مستفزة للرئيس عون والتيار الوطني الحر»، لافتة إلى أن «خطوة الحريري هدفها إحراج الرئيس عون لإخراجه من المعادلة الحكومية وبالتالي فرض توقيع حكومة الأمر الواقع تحت ضغط الظروف الاقتصادية الصعبة وانفجار الشارع وتحميله مسؤولية تأخّر ولادة الحكومة أمام الشعب اللبناني وأمام الفرنسيين قبيل عشرة أيام من زيارة ماكرون الى لبنان».
لكن مصادر مقرّبة من بعبدا أكدت لـ»البناء» أن «الرئيس عون لن يوقع تشكيلة حكومية تفرط بما تبقى من صلاحيات للرئاسة الأولى ويعتبر عون والمحيطون به أن ما قام به الحريري خطوة استفزازية وتساهم في الإطاحة بصلاحيات المركز المسيحي الأول في الدولة الذي يقسم على الدستور».
وكان لافتاً أن القوات اللبنانية لاذت بالصمت ولم تعلق على الموضوع لا من قريب ولا من بعيد، ومرد ذلك بحسب المصادر الإحراج الذي تواجهه القوات حيال مسألة استهداف موقع رئاسة الجمهورية، فإذا أيدت الحريري تحت عنوان تأييدها حكومة الاختصاصيين غير الحزبيين فتكون بذلك ارتضت استهداف صلاحيات وموقع رئاسة الجمهورية، أما في حال رفضت أداء الحريري مع رئاسة الجمهورية فسيصب في خانة دعم رئيس الجمهورية، وهذا ما لا تريده القوات التي تدعم سياسية عزل وتطويق عون».
كما خلصت مصادر قريبة من القصر الجمهوري إلى أن ما حمله الحريري إلى بعبدا يؤكد بانه «لا يتصرف على أساس تشكيل الحكومة بل على أساس افتعال مشكل مع أكثر من طرف بما يؤخر التشكيل». كما لفتت الى ان «الحريري قدم تشكيلة متكاملة لم يصر مسبقاً التشاور بشأنها مع رئيس الجمهورية»، واوضحت المصادر انه «خلال زيارته يوم الاثنين إلى قصر بعبدا أعطى الحريري إشارات توحي بأنه عاد إلى المنطق السليم بتشكيل الحكومة وفقاً للدستور أي بالشراكة الكاملة مع رئيس الجمهورية، لكن ما جرى في لقاء الامس هو أنه سلّم الرئيس عون تشكيلة وزارية من 18 اسماً من دون التشاور مع أحد».
ورداً على سؤال، اوضحت المصادر «انه انطلاقاً مما طرحه الحريري لا تأليف للحكومة، فلا يمكن للرئيس المكلف ان يتصرّف على قاعدة «اشهد انني بلّغت» ولا يمكنه وضع رئيس الجمهورية في الزاوية، ولا يمكنه التحرر من عبء تحمل المسؤولية قبل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت بعد نحو عشرة ايام».
وأشارت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ»البناء» أن الحريري لم يتشاور مع الحزب بشأن الوزيرين المحسوبين عليه».
وبرز تصعيد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بقوله عبر «تويتر»: «يبدو أن الدخان الأبيض حول الحكومة لن يصدر قريباً نتيجة مزيد من الاختبارات لاعتماد الـ vaccine الافضل لعلاج الأزمة، ومن جهة اخرى وكوني أفرط بحقوق الطائفة فإنني أفوض حماة الديار بتحصيلها بحدّ السيف من لبنان الى سورية الى فلسطين الى المهاجر والى الصين حيث فراغ كبير في قضاة المذهب”.
أما رئيس “الحزب الديمقراطي اللبناني” النائب طلال أرسلان فقال: “يبدو أن هناك تسليماً من بعض المعنيين بتقليص حجم الدروز في التمثيل الحكومي الى النصف علماً ان لا علم لدينا بتغييرات أممية من حكومة الرئيس دياب الى اليوم. كل ما تحتاجه الطائفة لتحصين حقوقها هو وحدة الموقف في المطالب كما سبق ودعونا اليه مراراً، والتمثل بالثنائي الشيعي كما دعا الرئيس بري”.