“الحشيشة الحلال” في المغرب تؤذي الجزائر وتمول الإرهاب وتنعش التطبيع مع “إسرائيل”؟

“الحشيشة الحلال” في المغرب تؤذي الجزائر وتمول الإرهاب وتنعش التطبيع مع “إسرائيل”؟

"أرق" للمخرجة اللبنانية ديالا قشمر …
"زيارة غير عادية" لرئيس الصين إلى روسيا
الدولة العثمانية ليست خلافة

تصاعدت “حرب المخدرات” التي تشن ضد الجزائر انطلاقاً من المملكة المغربية. ويعتبر تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين المملكة والكيان الصهيوني، السبب المستجد لهذا التصعيد، إلا أنه لا يحجب الأسباب الأخرى، وأهمها : تشريع حكومة “الإخوان” و”نظام المخزن” في الرباط لزراعة المخدرات وإدماجها في الإقتصاد الوطني، وتدفق الدخل المالي من هذه الزارعة في ميزانيات شبكات الإرهاب التكفيري في الجزائر وبقية دول المغرب العربي والساحل الإفريقي.

 

الحشيشة أو “الكيف” الحلال!

صنف التقرير السنوي الذي أصدره “مكتب الأمم المتحدة لمحاربة المخدرات والجريمة”، المملكة المغربية في صدارة قائمة دول العالم المنتجة لمخدر الحشيشة / “الكيف أو القنب الهندي في عام 2020”[1]. وبحسب تقرير دولي ـ حكومي نشر عام 2003، فإن زراعة الحشيشة تتركز في المناطق الريفية الفقيرة بالأقاليم المغربية الشمالية، وأن مردودها يعلو بأضعاف مردود زراعة الحبوب، لا سيما الشعير، مع أنها تحدث خراباً اجتماعياً  وبيئياً جسيما[2].    

تتفق معلومات هذا التقرير الرسمي مع أنباء صحفية عن تحول تلك المناطق إلى سجن كبير يضم عشرات ألوف المواطنين المطلوبين أمام القضاء المغربي، بسبب انخراطهم في اقتصاد المخدرات. وتختلف التقديرات لعدد هؤلاء المطلوبين، ما بين 30 ألفاً، بحسب مصادر غربية[3]، إلى “50 ألفاً من سكان [شمال المغرب]” يعانون من المتابعات القضائية بسبب زرعهم لهذه النبتة” المحظورة، وفق ما يذكر حكيم بن مشماس، عن حزب الأصالة والمعاصرة[4].

ويشير قرار حكومة سعد الدين العثماني بتشريع قطاع المخدرات حالياً، إلى مدى اقتران العامل السياسي بزراعة المخدرات وإنتاجه وتسويقه. إذ لوحظ في أوقات مبكرة من التاريخ الحديث للمملكة المغربية، أن هذه الزارعة المفسدة للتنمية، قد ازدهرت برعاية الإحتلال الفرنسي منذ عام 1906. لكنها أضمحلت في عهد جمهورية الريف (1921 ـ 1926)[5]، لأنها تتنافى وقيم المقاومة الوطنية بشأن مقومات السيادة والإستقلال.

بعيد رحيل المحتلين الفرنسيين، واستقلال دولة المغرب، باتت زراعة المخدرات جزءاً من الإقتصاد السياسي للحكم الملكي[6]. ولذلك، تحذر أوساط مغربية من أن قرار حكومة “الإخوان” التي يرأسها سعد الدين العثماني بتشريع زراعة “الحشيشة”، قد أخرج بارونات المخدرات من عتمة الجريمة ليوسعوا نفوذهم الإجتماعي والإقتصادي، بعد عقود من تدبير مصالحهم الإجرامية بحماية أجهزة “المخزن”[7] وسلطته الطاغية.

ويخشى المعارضون لقرار الحكومة “الإخوانية” بإنتاج “حشيشة حلال”، من “توسع رقعة زراعة المخدرات، وتفاقم ظاهرة الاتجار فيها واستهلاكها” بين مواطني المملكة المغربية وخصوصاً الشباب. ويرون أن “القانون بصيغته الحالية [حسبما قرره الحكم “الإخواني”]، مضرٌ بمصلحة مزارعي الحشيشة الصغار ويضعهم تحت رحمة المستثمرين الكبار، مذكرين بما حدث في بعض الدول أميركا اللاتينية التي قررت تقنين زراعة النبتة”[8] المخدرة.

تبين سياسة “الإخوانيين” المغاربة بشأن المخدرات “الحلال”، أن سلطتهم، “المنتخبة” وفق شروط “الدمقرطة” أو “ديموقراطية السوق”[9]، تطيع برنامج القوى النيوليبرالية وأهدافها الإجتماعية والسياسية “العالمية”. فالحكومة “الإخوانية” صوتت العام الماضي لصالح قرار صدر عن الأمم المتحدة يشرع إنتاج شتول “القنب الهندي” لأغراض المعالجة الطبية مع أن “المخدرات في المغرب، هي وباء يهتك الشباب”[10]. كما أن هذا القرار “العالمي”، الذي أيدته حكومة الرباط، هو في أصله، مثار انقسام عميق بين أعضاء الأمم المتحدة أنفسهم، حيث لم يحظ إلا بموافقة 27 دولة مقابل رفض 25 دولة له[11].

إن طاعة “الإخوان” المغاربة للنيوليبرالية ذات الديناميات الإمبريالية ـ الصهيونية، صعَّدت “حرب المخدرات” ضد الجزائر، ومنحت الإرهاب التكفيري في دول الساحل مصدر تمويل سخي، أولاً. كما وسعت القاعدة الإقتصادية للتطبيع السياسي والأمني، بين النظام الملكي الرجعي في المغرب وبين حكومة النظام الصهيوني المحتل في فلسطين، ثانياً.

 

هيئة تحرير موقع الحقول

‏الثلاثاء‏، 09‏ رمضان‏، 1442، الموافق ‏20‏ نيسان‏، 2021

 

[1]  تقرير منشور على  صفحة الراديو البريطاني يوم 13 آذار/ مارس الجاري، 2021، تحت عنوان : بسبب القنب الهندي.. النقاش يشتد في المغرب وبن كيران يجمد عضويته.

[2]  “المغرب : بحث حول القنب الهندي 2003”. تقرير شامل حول زراعة مخدر الحشيشة / الكيف في المغرب، صادر عن الأمم المتحدة والمملكة المغربية في كانون الأول/ ديسمبر 2003.

[3]  تقرير منشور على  صفحة الراديو البريطاني يوم 13 آذار/ مارس الجاري. مرجع سابق.

[4]  تقرير من الرباط منشور على صفحة تلفزيون “سيأنأن” الأميركي، يوم 11 تموز/يوليو 2015، وهو بعنوان : زراعة الحشيش بالمغرب.. بين واقع مؤلم للفلاحين وإصرار حكومي على رفض التقنين

[5]  “المغرب : بحث حول القنب الهندي 2003″. راجع الصفحات : 37 ـ 40.

[6]  المرجع السابق.

[7]  تقرير منشور على  صفحة الراديو البريطاني يوم 13 آذار/ مارس الجاري. مرجع سابق.

[8]  المرجع السابق.

[9]  في آخر أنباء “الدمقرطة” : وجه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في مطلع الأسبوع الجاري بياناً إلى نواب برلمان جورجيا. وقد تضمن نداءً مشتركاً ذكر أن الإصلاحات المؤسسية يمكن أن تكون خطوة هامة للتنمية الديمقراطية في جورجيا وفي صالح المواطنين. ورأى البيان الأوروـ أميركي أن الهدف هو القضاء المستقل، وتحسين العمليات الانتخابية ، والبرلمان الذي يعكس أصوات الشعب. ورد ذلك في تقرير إخباري بعنوان : رئيس المجلس الأوروبي يتوجه إلى جورجيا مع بوادر هدوء حدة الأزمة هناك. منشور في موقع صحيفة الشروق المصرية يوم 20 نيسان / أبريل 2021.

[10]  تقرير منشور على صفحة الراديو الألماني 7 آب / أغسطس 2016، تحت عنوان : “المخدرات في المغرب … وباء يهتك بالشباب في صمت مطبق!”.

[11]  تقرير منشور في موقع عربي بوست، يوم 7 كانون الأول / ديسمبر 2020، تحت عنوان : هو المُصدِّر لأوروبا ومزارعوه مهدَّدون بالسجن.. هل يستجيب المغرب إلى تقنين زراعة القنب الهندي؟.

Please follow and like us: