الاخبار
اسرائيل تهدد لبنان وتستجدي المقاومة: خذوا ما تطلبون وجمدوا تهديد ايلول
تأخر عودة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين إلى المنطقة لا يعني أن الأمور معقدة، وليس دليلاً على فشل المفاوضات. بل على العكس، ثمة مؤشرات كثيرة تدل على أن العدو بات في موقع المقر بمطالب لبنان، وكل التواصل القائم حالياً يركز على فكرة أساسية، وهي أن إسرائيل تريد ضمانة بتجميد حزب الله تهديده بضرب المنشآت في حال تعذر الاتفاق قبل منتصف أيلول. وصار مؤكداً لمطلعين في بيروت أن العدو بعث برسائل واضحة، عبر من يمكنه إيصالها إلى المقاومة، بأنه قبل بمطالب لبنان، ويحتاج إلى أسابيع قليلة لإنجاز اتفاق يرضي لبنان، وكل ما يريده الآن ضمانة من حزب الله بأن تهديد منتصف أيلول تعطل أو جمد. علماً أن الجميع ينتظر ما قد يعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه اليوم لمناسبة افتتاح معلم جنتا ضمن فعاليات احتفالات الحزب بمرور أربعين عاماً على انطلاقته.
المقاومة، من جانبها، تنظر بحذر شديد إلى كل ما يصل من جانب العدو، وهي ليست في وارد تقديم أي ضمانات قبل أن تتلقى الحكومة اللبنانية معطيات ونسخاً مكتوبة وواضحة وحاسمة حيال مطلبي الحقوق والترسيم وبدء الشركات العالمية العمل في كل الحقول اللبنانية.
وفي هذا السياق، كشف موقع «واللا» العبري أمس عن قرار بتوجه مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، للبحث في موضوع الحدود البحرية مع لبنان. ويبدو أن إسرائيل أكثر استعجالاً لحل سريع بينما يهتم الجانب الأميركي بتداعيات الاتفاق على الوضع في لبنان حيث لا ترغب واشنطن بمنح حزب الله صورة نصر جديدة، وهذا الأمر قد يؤدي إلى لعبة مماطلة وتسويف ما يبقي احتمالات المواجهة العسكرية لا تزال قائمة بقوة.
وكان لافتاً أمس، أن قوات الاحتلال أرسلت طيرانها للقيام بطلعات فوق مناطق الجنوب، بعد وقت قصير من نقل موقع «واللا» كلاماً لوزير الحرب بني غانتس، وكلام آخر لمصادر رفيعة في المؤسسة الأمنية تضمن إشارة إلى تقدير بإمكان أن يلجأ حزب الله إلى «عمل إرهابي» ضد المنشآت الغازية الإسرائيلية، الأمر الذي يصعب تصوره إلا في حالة التسويف أو رفض الحق اللبناني أو المماطلة إلى حين فرض حقائق على الأرض، عبر بدء استخراج الغاز من كاريش.
لكن التحذير الإسرائيلي كما جاء، حمل في مضمونه تهديداً بأن أي مبادرة قد يقدم عليها حزب الله، سيتبعها رد إسرائيلي، وأن جيش العدو لن يتردد في الرد. أما غانتس فقد راكم على التهديد بما يمكن أن ينقل التموضع من الدفاع إلى الهجوم، إذ تحدث عما يشير إلى إمكان أن تبادر إسرائيل نفسها إلى الاعتداء «في حال تلقينا معلومات استخبارية مبكرة عن عملية يريد (حزب الله) شنها ضد إسرائيل».
بالتالي، عاد الجميع إلى السؤال المركزي: هل يشهد شهر أيلول المقبل، أو قبله وفقاً لتقديرات لا يمكن استبعادها، تصعيداً عسكرياً؟ أو تشهد المدة المتبقية اتفاقاً على تمكين لبنان من ثروته الغازية وحده البحري؟
إسرائيل تذعن وتطلب ضمانات
في ما يتعلق بالاتصالات الجارية بعيداً من الأضواء، علمت «الأخبار» أن العدو قبل بالمطالب اللبنانية لناحية تثبيت الخط 23 من جهة، وحق لبنان الكامل في حقل قانا من جهة ثانية. لكن ما هو أضافهم، يتعلق بأن العدو يريد الحصول على تفاهمات سريعة تشمل ضمانات بأن حزب الله لن يبادر إلى أعمال عسكرية ضد منشآته البحرية في حال تأخر الاتفاق لأسابيع إضافية. مع العلم أن الحكومة الإسرائيلية تتعرض لضغوط ذات طابع اقتصادي من الشركات العاملة في الحقول أو التي تريد استخراج الغاز لبيعه في أوروبا، وهذه الشركات تعتقد بأن على العدو إنجاز الترتيبات التي تسمح ببدء العمل في حقل كاريش كونه يحتوي على كميات تعد للتصدير فيما الكميات التي تنتج من الحقول الأخرى تحتاجها إسرائيل داخلياً.
عملياً تدرك حكومة العدو أن ما تطلبه الشركات العالمية، وما يحتاجه أمنها الاقتصادي، هو ضمان عدم حصول توتر وتعرض الاستقرار الأمني في المنطقة للخطر، لأنه سينسف كل الأعمال. ولذلك تبدو حكومة العدو مضطرة للتوصل إلى تفاهمات تؤمن لها عدم استهداف المقاومة للمنشآت أو الشركات العاملة في الحقول المقابلة لشواطئ فلسطين المحتلة. وتعطل عمليات التنقيب والاستخراج كما تعطل حركة الملاحة في البحر المتوسط. كما تبين من المعطيات الواردة من الخارج أن حكومة العدو تريد مساعدة أميركية وأوروبية وعربية في الحصول على ترتيبات واضحة تحول دون حصول أي عمل خلال شهر أيلول المقبل. وتردد أن بعض الشركات هددت بسحب كل سفنها أو المنشآت الموجودة والعاملين فيها ما لم تحصل على ضمانات أكيدة من حكومة العدو ومن حزب الله بعدم حصول المواجهة.
وبحسب المعطيات المتداولة، فإن العدو يدرس الموقف من زاوية نزع فتيل الانفجار. ولذلك بعث برسائل واضحة تقول بأن «إسرائيل مستعدة لوقف فوري وشامل لكل أعمال التنقيب والاستخراج في حقل كاريش وكل الحقول الأخرى مقابل إعلان حزب الله سحب تهديده بتوجيه ضربات خلال شهر أيلول». وتتمة الموقف الإسرائيلي تتصل بأن «أميركا تتعهد بالتوصل إلى اتفاق متكامل يشمل ترسيم الحدود وتحديد الحقوق الخاصة بالجانبين إضافة إلى توفير الضمانات الأكيدة بأن يبدأ العمل في جميع الحقول بشكل مواز بين لبنان وإسرائيل».
وبحسب المعطيات، فإن هذا التقدم في التفاوض غير المباشر، يستهدف في المرحلة الأولى تخفيف درجة التوتر في المنطقة، والتزام العدو بالخطوات التي تجعل حزب الله يدرس الموقف عله يعيد النظر في برنامج عمله الذي يشتمل على تهديد واضح بتوجيه ضربات قال الجيش الإسرائيلي لحكومته إنه لا يضمن منعها وإنه يتوقع أن تكون قاسية ومؤثرة بمعزل عن أي رد على حزب الله.
البناء
مناورات روسيّة صينيّة… وتداول أوروبيّ خليجيّ بتمويل صندوق ضمانات الاتفاق النوويّ
الترسيم يعود إلى المربع الأول بعد رفض المقاومة للتأجيل: تساوي خيارَيْ المواجهة والحلّ
نصرالله يتحدّث اليوم في عيد الانتصارَين… «القومي»: المقاومة قوّتنا وسنقطع اليد التي تمتدّ إليها
بدأت قوات صينية بالتوجه الى روسيا للمشاركة في مناورات سنوية يجريها الجيشان، لكنها تحمل هذه المرة بعداً خاصاً في ظل التوترات الروسية الأميركية والصينية الأميركية، حيث عبرت واشنطن بلسان الناطق بلسان خارجيتها نيد برايس من تزايد مستوى التعاون والتنسيق العسكري بين موسكو وبكين، وتقرأ مصادر عسكرية في المناورات هذه السنة تعبيراً عن إرادة الحكومتين الروسية والصينية بالمضي قدماً في تمتين أواصر التحالف المتعدد الوجوه الذي يجمع البلدين اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، في سياق التطلعات المشتركة لمواجهة الهيمنة الأميركية وبناء عالم متعدد الأقطاب.
في المنطقة لا يزال التفاؤل سمة التعليقات التي ترتبط بمصير التفاوض غير المباشر بين واشنطن وطهران حول شروط التفاهم على آليات رفع العقوبات وعودة إيران الى التزاماتها النوويّة، بينما تشكل الضمانات التي تطلبها إيران لقاء احتمال تكرار الانسحاب الأميركي من الاتفاق العقدة الأساسيّة، سواء لجهة مطالبة إيران بالاحتفاظ بما تعتبره مكتسبات المرحلة السابقة نووياً، بحيث تستطيع العودة إلى حيث كانت قبل العودة الى الاتفاق من الزاوية النووية عندما تنسحب أميركا، وتقترح إيران تخزين اليورانيوم المخصب واجهزة الطرد المركزي تحت رقابة دولية موثوقة داخل إيران، مقابل المطالبة الأميركية بإتلاف الكميات المخصبة من اليورانيوم وتفكيك أجهزة الطرد المركزي التي تتجاوز العدد والأنواع المسموح بها بموجب الاتفاق. وعلى مستوى الضمانات تطلب إيران ضماناً مالياً كبيراً يمكنها الوصول اليه بصورة تلقائية في حال الانسحاب الأميركي كتعويض عن الأضرار التي ستلحق بها جراء الانسحاب. وتحدّثت مصادر أوروبية عن مشاورات أوروبية خليجية بتمويل صندوق مخصص للضمانات، وترشّح قطر لتكون مقر هذا الصندوق.
لبنانياً، يعود ملف الحدود البحرية الى الواجهة مع انتظار وصول الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين إلى بيروت، في ظل معلومات متداولة عن تبلّغه رفض المقاومة سحب تهديدها باستهداف منصات الغاز الإسرائيلية في حال انقضى شهر أيلول دون الوصول إلى حل نهائيّ يضمن حقوق لبنان بالترسيم والتنقيب والاستخراج، بعدما عرض الإسرائيليون فرضية تأجيل الترسيم والاستخراج من حقل كاريش معاً الى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية، فيما تعتقد مصادر مقرّبة من المقاومة أن الاسرائيلي اذا نجح بالتأجيل سيعيد الكرة مرة أخرى ويبقى لبنان في حال الانتظار، فيما يقوم الاحتلال بالاستخراج والبيع من حقوله الأخرى، ولذلك فإن المقاومة تحسبت سلفاً عبر ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لهذه الفرضية فوضعت معادلة كاريش وما بعد كاريش، كي تقول إنه إما ان يتمكن لبنان من استخراج الغاز أو لا يتمكن أحد من الاستخراج. ومع العودة إلى هذا المربع في المفاوضات تقول المصادر إن فرص التوصل إلى حل تتساوى مع احتمالات المواجهة.
حول الترسيم وغيره يتحدّث اليوم السيد نصرالله في ذكرى انتصار المقاومة في حرب تموز 2006 وانتصارها على الإرهاب، راسماً أجوبة المقاومة ومعادلاتها، بينما قال في الموضوع نفسه نائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية، إن المقاومة هي قوة لبنان، مضيفاً «سنقطع اليد التي تمتد إليها».
ويطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم بذكرى الانتصارين الأول على العدو الإسرائيلي في آب 2006، والثاني على التنظيمات الإرهابية في الجرود الشمالية والشرقية، ويتطرّق خلالها الى جملة ملفات داخلية وخارجية أبرزها ملف تأليف الحكومة والأوضاع الاقتصادية وترسيم الحدود الجنوبية البحرية.
وإذ من المنتظر أن يزور الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين لبنان أواخر الشهر الحالي حاملاً معه الرد الإسرائيلي على المقترح اللبناني، أشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن لملف الترسيم ثلاثة احتمالات: الأول أن تتفق حكومة الاحتلال والمعارضة ويتم تجاوز الإجراءات القانونية أمام توقيع اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان وينزع فتيل التوتر وينتقل البحث الى ملف استخراج الغاز والنفط من البلوكات اللبنانية.
الاحتمال الثاني: تجميد أعمال استخراج الغاز من حقل كاريش بسبب الانقسام الحاصل في حكومة العدو بين فريق يدعو لإنجاز الترسيم لكونه مكسباً لـ»إسرائيل»، وفريق آخر يرى بأن الترسيم يحتاج إلى قانون في الكنيست وبالتالي تأجيل الاستخراج الى ما بعد الانتخابات في تشرين المقبل، وفي هذه الحال قد يؤجل حزب الله مساره العسكريّ طالما أن العدو أوقف أعمال الاستخراج في كاريش.
الاحتمال الثالث: أن يكابر العدو ويبدأ بالاستخراج في الأول من أيلول ويضرب بعرض الحائط كل الخطوط الحمر وتهديدات المقاومة، وبالتالي تتدحرج الأمور الى الحرب العسكرية. وهذا خيار مستبعد، وفق المصادر بسبب الإرباك الذي يعانيه جيش الاحتلال من القيادة الى الجنود وكذلك اهتزاز الجبهة الداخلية بعد حرب غزة الأخيرة، فضلاً عن الظروف الإقليمية والدولية التي لا تخدم «إسرائيل».
وفيما يراهن العدو على أن تنجح مناوراته التفاوضية بضغط من الوسيط الأميركي بإجبار لبنان على التراجع والتسليم بالأمر الواقع الذي يفرضه الاحتلال، تحدثت أوساط رسميّة لـ»البناء» عن «اتفاق بين الرؤساء الثلاثة على التمسك بحقوق لبنان السياديّة مهما كانت الظروف والأثمان وعدم التنازل تحت أي اعتبار أو ضغوط خارجية»، مشدّدة على أن «الجيش اللبنانيّ والمقاومة يقفان خلف الدولة في هذه المعركة».
وفي سياق ذلك، شدّد نائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، وائل الحسنية في كلمة له خلال احتفال حزبي في منطقة رادار بيصور، على حق لبنان في استخراج الغاز والنفط من حقوله البرية والبحرية، وهذه فرصته للخروج من الأزمة الاقتصادية، وهو يحتاج الى كل عناصر قوته لتكريس هذا الحق، متوجهاً الى من يراهن على إنهاء المقاومة، بأنه واهم، «فالمقاومة هي قوتنا وسنحميها بأشفار العيون وسنقطع اليد التي ستمتدّ إليها».
كما توجه الحسنية للعدو اليهودي بالقول: «إن لبنان قوي بمقاومته التي الحقت بك الهزيمة، وفي أية مواجهة مقبلة، سترى أيها العدو آلاف المقاومين الاستشهاديين من أمثال سناء محيدلي ووجدي الصايغ، يحوّلون جنودك ومرتزقتك الى أشلاء».
وفي شأن آخر، طالب الحسنية الحكومة اللبنانية بتحمل مسؤولياتها كاملة، والمسؤولين في الدولة باجتراح الحلول لكل الأزمات. واعتبر أن «نتائج الانتخابات النيابية التي حصلت مؤخراً في لبنان، عزّزت الانقسامات الطائفية والمذهبية، وأوصلت بعض النواب الذين يجاهرون بموقفهم المناهض لعناصر قوة لبنان. وهذا البعض، لا يوفر فرصة إلا ويستهدف المقاومة وسلاحها». مشدداً على أن «المقاومة خيار صائب، ونهج ثابت راسخ، وهي أحد عناصر قوة لبنان، ومَن يمسّ هذه المقاومة بغدر وسوء، إنما يخدم العدو الصهيونيّ».
وأكد الحسنيّة أننا «نريد رئيساً للجمهورية في لبنان، بمواصفات وطنية وسيادية، وليس بوصفات الحياد. فالرئاسة للوطنيّين الذين يلتزمون بثوابت لبنان وخياراته الوطنية».
بدوره، اعتبر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، أننا «بعد 30 سنة من دخول حزب الله العمل النيابي نزداد ثقة بأنفسنا لأننا السياديون الحقيقيون في هذا البلد، ونزداد اطمئناناً بأن الخيار الأجدى لحماية البلد هو المقاومة، وواثقون بقدرة شعبنا، وفرحة ساعة بانتصار يستعيد فيها شعبنا فيه كرامته وعزته تساوي كل الكيد والمعاناة التي مارستها السلطة خلال سنوات، وهذا ما يتيح للمقاومة أن تجدّد شبابها لأنها واثقة بهذا الشعب».
ولفت رعد في مقابلة تلفزيونيّة الى أن «تجربتنا النيابية تؤكد أن هذا النظام تجب إعادة النظر فيه، وعلى الأقل اعادة نظر بروحية ما اتفق عليه في اتفاق الطائف، ونحن لا نريد أن نغير النظام كلياً، وحضورنا في المجلس النيابي يستدعي مشورتنا من كل صاحب طرح إن كان يريد أن يمرّره الى المجلس النيابي، وذلك حسب تقديرنا للمصلحة الوطنية».
في غضون ذلك، لم يسجل الملف الحكومي أي خطوة جديدة بعد اللقاء الأخير بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، ومن المتوقع أن يعقد الرئيسان لقاء آخر في الأيام القليلة الماضية لاستكمال البحث بالتركيبة الحكومية. لكن جهات مواكبة لمشاورات التأليف لفتت لـ»البناء» الى أنه لم يُصرْ الى تذليل العقد القديمة الجديدة التي تواجه التأليف لا سيما عقدة وزارة الطاقة واستبدال بعض الوزراء لا سيّما الاقتصاد والمهجرين والشؤون الاجتماعية، وعلى الرغم من أن المعنيين بالتأليف يستشعرون دقة المرحلة وخطورة الدخول في الفراغ الرئاسي في ظل حكومة تصريف الاعمال، فإن الخلاف مستمر بين أولوية تأليف حكومة جديدة أم تعويم الحكومة الحالية أو الدخول بحكومة تصريف الأعمال الى الفراغ الرئاسي إن حصل، أو الإسراع بعقد المشاورات الداخلية والخارجية للاتفاق على رئيس جديد للجمهورية.
وتخلص الجهات للتشكيك بإمكانية تأليف حكومة جديدة قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية على الرغم من الحاجة الماسة اليها، لكن لم يظهر اجتماع أول أمس جدية وإيجابية تمهدان لاستيلاد حكومة بالمدى المنظور وقبل الدخول بالمهلة الدستورية لانتخاب الرئيس وبالمهلة المحددة لبدء العدو الإسرائيلي استخراج الغاز من كاريش.
وتؤشر كثافة الاجتماعات الحكومية واللجان الوزارية التي يعقدها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي الحكومي، على أن أمد تأليف حكومة جديدة سيطول، لذلك يعمل ميقاتي على تفعيل حكومته على مستوى اللجان الوزارية وليس على مستوى مجلس الوزراء.
الى ذلك، يرتفع منسوب التوتر ونبرة الخطاب السياسي على مسافة أيام من دخول البلاد بالمهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، والمرشحة للارتفاع أكثر كلما اقتربنا من موعد الاستحقاق بسبب حدة الخلاف بين الأطراف المسيحية أولاً وعلى الساحة الوطنية ثانياً، لا سيما على خط القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، الذي أشار رئيسه النائب جبران باسيل الى أن «غيرنا يستعمل حقّه بالتعطيل كي يمنع وصول من لا يتمتع بالمواصفات التي طرحها»، مشيراً الى «أننا حراس الحقوق والجمهورية في وجه شياطينها». وأضاف في فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي: «نحن متساوون بالجوع ولكن يجب أيضاّ ان نكون متساوين بالحقوق».
وسط هذه الأجواء السياسية المشتعلة، تتجه الأوضاع الاقتصادية والمالية الى مزيد من التأزم والانهيارات في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار الى ما فوق 33 ألف ليرة للدولار الواحد في السوق السوداء وتوجه الحكومة الى اتخاذ إجراءات قاسية وغير شعبية لن تصيب الا الطبقات الفقيرة لا سيما الفئات الوظيفية التي ستتجه الى الإضراب العام والمفتوح وربما الى العصيان المدني وفق ما تتوعّد مصادر القطاع العام بحسب معلومات «البناء»، والتي كشفت أن إقرار الدولار الجمركي سيؤدي الى انعكاسات خطيرة جداً على المواطنين لجهة الأسعار، ومستغربة ربط الحكومة رفع رواتب الموظفين بإقرار الدولار الجمركي.
إلا أن وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام طمأن الى أنّ «موضوع الدولار الجمركي الـ20 ألف ليرة ليس رسميًا، وسيتبيّن هذا الأمر خلال الساعات المقبلة بين وزير المالية يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة». ولفت الى أنّ «هناك تخوّفا من قيام التجار بتخزين المواد التي كانت على سعر الـ 1500 للدولار الجمركي ونحن بدورنا الرقابي نقوم بواجبنا وننتظر قوائم من التجار للمواد التي قاموا بشرائها سابقًا على سعر الـ 1500».
وتساءل خبراء اقتصاديون عبر «البناء» عن لجوء الحكومة الى رفع الدولار الجمركي حوالي 15 ضعفاً وعدم رفعه تدريجياً للجم أي ارتفاع لأسعار السلع والمواد الغذائية، وكذلك رفع الدولار الجمركي ورفع دولار الموازنة من دون إقرار الموازنة وتحديد الأرقام النهائية للجباية والنفقات وتحديد حجم الخسائر المالية عبر خطة التعافي المالي ولمعرفة الاحتياطات الحقيقية لمصرف لبنان وحجم الديون وللبدء بتوزيع الخسائر وبالتالي وضع خطة إنقاذ».
وأمهلت لجنة المال والموازنة النيابية الحكومة «الحكومة ووزارة المالية مهلة أخيرة حتى الأسبوع المقبل لتزويدنا بالأرقام الحقيقيّة للجباية والنفقات وعلى ضوء ما سيأتينا نبني على الشيء مقتضاه على صعيد الموازنة والدولار الجمركي يحدّد في الحكومة ونريد معرفة أثره المالي».
وأوضح رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان بعد الاجتماع على أننا «نريد تعزيز إمكانيات الدولة، ولكن في الوقت نفسه الأخذ بعين الاعتبار وضع الناس».
بدوره، لفت عضو كتلة «التنمية والتحرير» النّائب علي حسن خليل، بعد اجتماع اللجنة إلى أنّ «الدولار الجمركي من صلاحيّة الحكومة بالكامل، وفقًا لقانون الموازنة الّذي صدر عام 2018، والّذي يُعطي للحكومة حقّ التّشريع الجمركي لمدّة خمس سنوات تنتهي عام 2023». وشدّد على ضرورة «تقديم دراسة حول الأثر الاجتماعي على حياة النّاس، وتكلفة هذا الأمر على رواتب ومخصّصات القطاعَين العام والخاص، وأثره على حياة النّاس وعلى التضخم أو الركود، الّذي يمكن أن يسبّبه على الوضع الاقتصادي».
وكان ميقاتي استقبل بحضور وزير الطاقة والمياه وليد فياض، وفداً من البنك الدولي برئاسة المدير الاقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي جان كريستوفر كاريه. وتم خلال اللقاء البحث بمشاريع البنك في لبنان. وكشف فياض أننا «شعرنا منذ نحو ثلاثة أشهر ببرودة من ناحية البنك الدولي في التعاطي مع ملف الطاقة».
على صعيد آخر، أفادت وسائل إعلامية أن «حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تقدم بطلب رد النائب العام الاستئنافي في بيروت زياد أبو حيدر المحال أمامه ملف سلامة من قبل النيابة العامة التمييزية».
وذكرت أن «الوكلاء القانونيين لرياض سلامة تقدّموا نهار الثلاثاء بطلب مخاصمة دولة ضد النائب العام الاستئنافي في بيروت زياد بو حيدر بسبب رأي بو حيدر حول عدم اختصاصه البت في هذا الملف ما يعني أن أي إجراء مستقبلي سيناقض قناعاته والمبادئ الاساسية للعمل القضائي».