البناء
اللبنانيون تائهون مع ضياع حقيقة 4 آب والتلاعب بالتحقيق… وإرباك بعد تذاكي الحكومة المالي
عين الحلوة بين مخرز الاشتباكات ورمد التهدئة… معلقة على حبال الأيدي الخفية والعبث والفشل
نصرالله في تأبين النابلسي: كان مؤسساً في النهضة والمقاومة… أميركا سبب مصائبنا… كفى تزويراً
تحلّ ذكرى انفجار مرفأ بيروت الثالثة وأهالي الضحايا موزعين وفق انتماءاتهم السياسية والطائفية في المطالبة بالحقيقة والعدالة، وفقاً لجغرافيا اصطياد الانفجار الأرواح والضحايا، وكم كان كل لبناني غير مصاب بمرض عضال العصبية الطائفية أو متورط بالفساد أو صاحب مصالح سياسية على حساب انتمائه الوطني، أن يكون هناك تحقيق نزيه قادر على انتزاع ثقة الجميع بحياد وصدق سعيه لكشف الحقيقة، بأن يقول للبنانيين مَن جاء بالنترات ومَن خزّنها وكيف عبرت على تفتيش اليونيفيل التي تتولى التنفيذ الصارم للقرار 1701، الذي نصت ملحقاته التنفيذية واتفاقاته التنفيذية مع الدولة اللبنانية على تحريم دخول نترات الأمونيوم الى لبنان عبر مرافئه البحرية التي تحرسها وتراقبها وحدات أممية، وماذا عن دور قيادة الجيش التي تولت النصح ببيع النترات بدلاً من وضع اليد عليها، وعن القضاء الذي أمر بتخزين النترات، ثم بعدها سيكون طبيعياً الانتقال الى البحث في مسؤوليات التقصير الوظيفي على مستوى الرؤساء والوزراء والمدراء، فلا تستثني من الذين تولوا المسؤولية طوال الفترة الممتدة من تاريخ السماح بدخول النترات إلى تاريخ انفجارها، لا أن تنتقي من هؤلاء جميعاً من ينتمون الى لون سياسي واحد، وتتجاهل المهمة الرئيسية للتحقيق حول كيفية وصول النترات ومَن سهّل إدخالها وتخزينها، فيصبح التحقيق القضائي مجرد تصفية حساب داخلية وخارجية تستخدم آلام الضحايا، لتحقيق مآرب سياسية، فيضيع التحقيق ويضيع الحق وتضيع العدالة.
مع مرارة المشهد في السنة الثالثة للانفجار، وفيما اللبنانيون على موعد مع استقرار نقدي، وانتقال سلس في حاكمية مصرف لبنان، من الحاكم السابق الى الحاكم الجديد بالوكالة وسيم منصوري، وسقوط أكذوبة دبّ الذعر من انهيار في سعر الصرف، شهد ملف التحقيق مع الحاكم السابق للمصرف رياض سلامة تطوراً تمثل في نظر الهيئة الاتهامية باستئناف هيئة القضايا في وزارة العدل لقرار قاضي التحقيق ترك الحاكم السابق رهن التحقيق، مطالبة بتوقيفه، بينما دخل تذاكي الحكومة مالياً في تطبيق اتفاقها مع الحاكم بالوكالة لجهة إرسال مشروع قانون الى مجلس النواب القوننة للاستدانة من مصرف لبنان، ومحاولة استبدال المشروع الحكومي باستدراج اقتراح نيابي تسبب بإرباك المشهد، وطرح احتمالات سلبية، قالت مصادر حكومية إنها تبددت مع تكليف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لوزير المال يوسف خليل إعداد مشروع قانون وفقاً للاتفاق مع الحاكم بالوكالة وسيم منصوري.
في مخيم عين الحلوة يتخبّط السكان العالقون بين سندان تجدد الاشتباكات ومطرقة التهجير، فيما الهدنة الهشة تترنح كل لحظة مهدّدة بالسقوط، وسط مساع مستمرة لتثبيت التهدئة، والمخيم معلق على حبال خطط خفية للتفجير والتهجير يتحدث عنها كثيرون، والفشل السياسي للفصائل الفلسطينية، والعبث العسكري لمسلحين فقدوا البوصلة والحسّ بالخجل من التخريب والتشويش على مشهد بطولات فلسطين وشرف السلاح المقاوم.
عن انفجار مرفأ بيروت واشتباكات مخيم عين الحلوة تحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في حفل تأبين الراحل العلامة الشيخ عفيف النابلسي، عارضاً لمراحل سيرة الراحل، ودوره كمؤسس في النهضة الإسلامية المعاصرة، ودوره القيادي المؤسس في المقاومة، مستخلصاً أن الحقيقة المحورية الحاكمة لأحداث المنطقة ولبنان هي أن أميركا سبب مصائبنا، مستعرضاً مثالاً من ملف الكهرباء في لبنان وسورية والعراق، وكيف تحول السياسات الأميركية بين المواطنين وبين حقهم بأن ينعموا كأي إنسان في هذا العالم بالحصول على الكهرباء، ليتحدّث عن ضياع الحق والحقيقة في انفجار مرفأ بيروت، بسبب تزوير الحقائق وتوجيه الاتهامات وفق المصالح السياسية، وصولاً لما يجري في مخيم عين الحلوة ومحاولات التزوير لاتهام حزب الله بالمسؤولية عنه.
وأشار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى أنّه في «الذكرى السنوية الثانية للوعد الأميركي بالكهرباء للبنان، لكن حتى الآن الكهرباء لم تصل، بسبب المنع الأميركي للغاز المصري والكهرباء الأردنية»، مؤكدًا أن الأميركيين هم الذين يمنعون الكهرباء عن لبنان بحجة «قانون قيصر».
وذكّر السيد نصر الله بأنّ حزب الله جاء بالهبة الإيرانية المجانية إلى لبنان، لكن أميركا منعت الحكومة اللبنانية من قبول هذه الهبة، موضحًا أنّ «كل المعاناة التي يعاني منها الشعب السوري، هي أيضًا بسبب العقوبات الأميركية وما يسمى بـ»قانون قيصر»، مشيرًا في هذا السياق أيضًا إلى أن «الاحتلال الأميركي هو الذي يمنع الحكومة السورية من الوصول إلى حقول النفط والغاز شرق الفرات وينهبها».
ولفت إلى أن «مصادر كثيرة يُمكن أن تدرّ مالًا وفيرًا على الخزينة اللبنانية، وعندما نسأل لماذا لا تقومون بها يأتي الجواب بأنّ السفارة الأميركية تمنع ذلك ولا تقبل به وأنه ممنوع»، مضيفًا «نحن نفتخر عندما يقال عنّا إننا من محور الممانعة، لأن ذلك يعني أننا لسنا عبيدًا أو أدوات عند السفارة الأميركية بل شرفاء وسادة»، متابعًا «إذا أردنا الحل في لبنان يجب أن نخرج من هذا الخضوع للأميركي والتسلط والتذلل للسفارة الأميركية والأميركيين».
وأوضح أنّ «الولايات المتحدة الأميركية تمنع العراق من دفع ثمن الغاز للحكومة الإيرانية كي تقوم إيران بقطع الكهرباء عن العراق، ويقال بالتالي إن الإيرانيين يقطعون الكهرباء عن العراقيين». كما شدد نصرالله على أنّ «العائق الأساسي أمام انتهاء الحرب في اليمن هو الجانب الأميركي»، لافتًا إلى أنّ «إمكانية حلّ الدولتين في فلسطين يتلاشى، ومن ينتظر الأميركي في السياسة والاقتصاد والقيم سينتظر هذه القيم الشاذة».
وأوضح السيد نصرالله في الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، الى أنه «في اللحظة الأولى لانفجار المرفأ خرجت بعض القنوات الخبيثة لتقول، إن حزب الله هو من فجّر المرفأ، وكانت الناس لمَّا تعلمْ بعد ما حصل»، مؤكدًا أنّ «من ضيّع الحقيقة في مسألة انفجار المرفأ هو من سيّس هذه القضية». وأكد أن «السبب الحقيقي لضياع الحقيقة في تفجير مرفأ بيروت هو لجوء البعض إلى ربط القضية بالأحداث الإقليمية»، مضيفًا أنّ «الأميركيين سيأخذوننا إلى واقع مؤلم وكارثي في ظل التدخل الكبير والهيمنة الاميركية في لبنان».
وتطرق السيد نصرالله إلى الأحداث المؤسفة في مخيّم عين الحلوة، فلفت إلى أنّ هناك من يقول ــ ومن بينهم التلفزيون ذاته الذي اتهم حزب الله بانفجار المرفأ – بأن ما يحصل في مخيم عين الحلوة سببه حزب الله، واصفًا هذه الاتهامات بـ»التافهة»، وقال: «نحن لسنا مسؤولين عن معركة عين الحلوة لا من قريب ولا من بعيد.. نحن ضد هذا الاقتتال ونعمل على حلّه»، مناشدًا جميع الأطراف المعنيين وقف الاقتتال في مخيم عين الحلوة.
في غضون ذلك، يخيم الهدوء الحذر على مخيم عين الحلوة بعد ليلة حامية من الاشتباكات التي استعملت فيها لأول مرة الأسلحة الصاروخية واستهدفت شظاياها قلب مدينة صيدا والجوار. وسجلت خروقاً عدة لاتفاق وقف إطلاق النار، حيث اندلعت اشتباكات مساء أمس قبل أن يعود الهدوء إلى المخيم حتى ما قبل منتصف ليل أمس.
وكشفت جهات أمنية مطلعة لـ»البناء» عن «دخول مئات من المسلحين وكميات كبيرة من السلاح والذخائر الى المخيم منذ أشهر عدة وكانت قيادات التنظيمات المتطرفة تنتظر الضوء الأخضر الخارجي لتفجير الوضع الأمني في المخيم، ولذلك تتوقع الجهات تكرار الاشتباكات حتى تحقيق الأهداف الأمنية والسياسية من فتح هذه المعركة»، وقدرت الجهات الأمنية عدد المسلحين الذين ينتمون للتنظيمات الاسلامية المتطرفة بـحوالي 500 عنصر يتقاضى كل واحد منهم بين 1000 و2000 دولار شهرياً، كما قدرت «إنفاق حوالي 3 ملايين دولار يومياً أسلحة وذخائر وعتاد، ما مجموعه 15 مليون دولار خلال الخمسة أيام الماضية، ما يكشف بشكل واضح وجود تمويل خارجي من إحدى الدول العربية لتنفيذ مخطط أميركي، يستهدف توريط الجيش اللبناني بالمعركة لفرض رئيس جمهورية بذريعة ضبط الأمن في لبنان، ويُعيد طرح ملف السلاح الفلسطيني في المخيمات ووجود اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات ودمجهم في المجتمع اللبناني من خلال منحهم حق التملك والعمل لشطب حق العودة في أي تسوية أميركية لحل الدولتين».
لكن مصادر عسكرية استبعدت لـ»البناء» «دخول الجيش اللبناني في المعركة لأسباب عدة سياسية وأمنية وعسكرية واقتصادية، لا سيما أن لا قرار حكومياً وسياسياً بتكليف الجيش بهذه المهمة، كما أن مخيم عين الحلوة يختلف من كل الجهات عن مخيم نهر البارد فهو أكبر المخيمات ودخوله دونه صعوبات جغرافية وأمنية وعسكرية، فضلاً عن أن مخيم عين الحلوة يضمّ عدة فصائل فلسطينية أغلبها لا يعتبر معادياً للجيش، كما أن الرأي العام الفلسطيني لا يشكل بيئة حاضنة للتطرف لاستهداف الجيش اللبناني، فضلاً عن أن مدينة صيدا والقرى المحيطة بالمخيم تشكل بيئة حاضنة للجيش اللبناني وتحول دون أي خروقات واختراقات أمنية تستخدم ضد الجيش».
وأشار أمين سر حركة «فتح» في لبنان اللواء فتحي أبو العردات، في تصريح بعد اجتماع هيئة العمل الفلسطيني المشترك الذي انعقد في مقر الاتحادات في صيدا، الى أن «قتل المسلم أصعب عند الله من هدم الكعبة»، مشدداً على أن «البشر أغلى من الحجر، فالناس تتكلم عن هدم البيوت وليس عن السبب بهدمها».
وسأل: «الحجر يُبنى لكن من يعوّض الأمهات عن فقد أولادهن؟ ومن يعوّض النساء عن فقد أزواجهن على أيدي هذه العصابات الداعشية الصهيونية؟». وأكد أن «الارهابيين سرطان اذا لم يستأصل الآن سيتمدّد»، معتبرا اننا «أمام اختبار لوقف إطلاق النار ونعمل عليه بكل جهد».
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية قد بعث برسالتين الأولى الى رئيس مجلس النواب نبيه بري والثانية الى السيد نصرالله يؤكد خلالها دعم جهود وقف إطلاق النار، والطلب من بري ونصرالله بذل الجهود لوقف إطلاق النار في عين الحلوة.
بدوره، تابع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الوضع في المخيم عبر اتصال هاتفي أجراه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. كما أجرى ميقاتي اتصالين للغاية ذاتها بعضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد وسفير فلسطين أشرف دبور، وتلقى اتصالاً من هنية.
وقال ميقاتي: «من غير المسموح ولا المقبول ان تعتبر التنظيمات الفلسطينية الارض اللبنانية سائبة فتلجأ الى هذا الاقتتال الدموي وتروّع اللبنانيين لا سيما منهم أبناء الجنوب الذين يحتضنون الفلسطينيين منذ اعوام طويلة». وشدد ميقاتي على «ان الجيش، كما سائر القوى الأمنية اللبنانية سيقومون بالدور المطلوب في سبيل ضبط الأمن ووقف الاقتتال».
وجزم قائد الجيش العماد جوزاف عون خلال كلمة له خلال حفل افتتاح معرض صوَر في اليرزة، أنّ «قرارنا واضح وحاسم بمنع المساس بالاستقرار والسلم الأهلي، مهما كانت التضحيات أو العواقب. نريد لشعبنا الذي يعاني أن ينعم أقله بالأمن والأمان وأن نرد عنه خطر الإرهاب والمخدرات. نريد للمغتربين والسياح أن يكونوا مطمئنين، لأن الجيش ساهر على الأمن».
الى ذلك تحل الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت مع استمرار طمس الحقيقة وتعطيل التحقيقات في الملف بسبب تلكؤ مجلس القضاء الأعلى عن بتّ ملف القاضي طارق بيطار الذي جمد عمله بسبب رفع الدعاوى عليه، وسط غضب كبير يسود أهالي الضحايا من القاضي بيطار والقضاء ومن قوى سياسية ووسائل إعلام عملوا جميعاً على تضليل الرأي العام وحرف مسار التحقيق واستثمار الدماء وأهالي الضحايا خدمة لأهداف سياسية ومالية داخلية وخارجية.
وأعلن المتحدث باسم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت إبراهيم حطيط أن القاضي بيطار متآمر على قضيتنا ولا نريده بدليل أننا رفعنا عليه أكثر من دعوى، وللأسف رُدّت بالشكل. وأبدى حطيط أشدّ الاستغراب كيف تُرد دعوى أولياء دم بالشكل دون الدخول الى المضمون. وبالتالي فالصراع السياسي الذي حصل جعل القضاء معطلًا بأكمله.
وفي موقف يحمل أكثر من علامة استفهام وأبعاد سياسية ويتلاقى مع ما قاله السيد نصرالله أمس، من الاستثمار الأميركي والخارجي للانفجار، أعلنت لجنة الخارجيّة في الكونغرس الأميركي، في رسالة وقّعها رئيس اللّجنة السّيناتور جايمس ريتش، موجّهة إلى الرّئيس الأميركي جو بايدن، في الذّكرى الثّالثة لانفجار مرفأ بيروت، أنّ «على الإدارة الأميركية استخدام كلّ الوسائل الدّبلوماسيّة المتاحة، لتقديم المصالح الأميركيّة، وإلّا سيسقط لبنان في قبضة إيران».
واعتبرت أنّ «ما جرى في الجلسات الأخيرة لانتخاب رئيس لبناني، أثبت أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري هو مجرّد امتداد لـ»حزب الله»، واستخدم الإجراءات البرلمانيّة لمنع انتخاب رئيس للجمهوريّة»، مرحّبةً بـ»المطالبات الصّادرة في أوروبا، لفرض عقوبات على بري».
وشدّدت اللّجنة على «ضرورة مواصلة دعم الجيش اللبناني، لكونه المؤسّسة الوحيدة الّتي لا تزال قادرة على لعب دور رادع بوجه حزب الله».
وتخوفت مصادر مطلعة لـ»البناء» من استمرار الأميركيين من استثمار ملف المرفأ واستغلال أهالي الضحايا، متوقعة حصول أحداث أمنية خلال احياء ذكرى 4 آب اليوم وفي الأيام المقبلة.
في المواقف السياسية جدد البطريرك بشارة الراعي دعم مطلب الأهالي المحق بتشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق تساعد المحقق العدلي بإنجاز مهمته.
ولفت رئيس تيّار «المردة» سليمان فرنجية، في تصريح عبر مواقع التّواصل الاجتماعي، إلى أنّ «ثلاث سنوات على كارثة انفجار مرفأ بيروت ومطلبنا واحد، حقيقة كاملة غير منتقصة وبعيدًا عن التّسييس، إنصافًا لأرواح الشّهداء ولذويهم وللبنان».
بدوره، أشار رئيس «التيار الوطني الحر» النّائب جبران باسيل، إلى أنّ «منذ 20 شهرًا، توقّف التّحقيق بانفجار العصر في مرفأ بيروت. كشف الجريمة واجب، وإحقاق العدالة واجب، لكي يحاكَم المسؤولون وترتاح أرواح الضّحايا ويتعزّى الأهالي وتتبرّأ ذمّة الأبرياء، ويَحفظ القضاء سمعته، وتحمي الدّولة كرامة شعبها؛ وتسترجع ثقة النّاس ودول العالم فيها». وشدّد، في تصريح عبر مواقع التّواصل الاجتماعي، على أنّه «إذا الأمر يقتضي تحقيقًا دوليًّا، فليكن»، مؤكّدًا أنّ «لبنان لا يمكن أن يبقى بلد الفساد وسرقة أموال الدّولة والنّاس، وبلد الجرائم غير المسبوقة، وفي النّهاية المجرم والمرتكب يفلت من العقاب».
على صعيد آخر، عقد مجلس الوزراء جلسة أمس، برئاسة ميقاتي في السرايا، لمتابعة البحث في مشروع قانون الموازنة. وطلب من وزير المالية إجراء الاتصالات اللازمة من أجل اتخاذ كل الإجراءات التي تسهّل عمل حاكمية مصرف لبنان وإيجاد الصيغة المناسبة لإقرار ما يجب إقراره في أسرع وقت وان يوافي مجلس الوزراء بالنتيجة تباعاً.
وقرّر تكليف وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال امين سلام بإجراء كل ما يلزم لشراء كمية القمح وفقاً لقرض متفق عليه مع البنك الدولي، كما وافق مجلس الوزراء على عرض وزير الاتصالات وتعديل تعرفة رسوم بعض الخدمات الهاتفية».
بدوره، اعلن القرم بعد الجلسة، «زيادة تعرفة الاتصالات الثابتة والانترنت من هيئة أوجيرو سبعة أضعاف». وقبل الجلسة، قال وزير المال يوسف الخليل: لا مشروع قانون للاقتراض في الجلسة وأعتقد أن الموازنة تحتاج الى جلسة إضافية ونعمل جميعنا على إيجاد حل للرواتب والحاجات الأخرى نهاية الشهر.
ويعقد مجلس الوزراء جلسةً الاثنين المقبل في السّراي الحكومي، لمتابعة البحث في مشروع قانون الموازنة للعام 2023، إضافةً إلى البحث في عدد من البنود.
على مقلب آخر، أعلن وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حميه أن سفينة التنقيب «ترانس أوشن» ستصل إلى المياه الإقليمية اللبنانية بتاريخ 14 آب الحالي»، وأوضح في تصريح لـ»سبوتنيك» أنه «بحسب معلومات إدارة قطاع البترول ووزارة الطاقة اللبنانية وشركة «توتال»، ستصل باخرة التنقيب ترانس أوشن إلى البلوك رقم 9 في المياه الإقليمية اللبنانية بتاريخ 14 آب الحالي لبدء عمليات الحفر والتنقيب عن الثروة النفطية».
وأشار حمية إلى أن «عملية الحفر تبدأ بنهاية شهر أب وننتظر النتائج التي وعدنا بها قبل نهاية العام 2023 إن كان لبنان بلداً نفطياً بالفعل أم لا»، موضحاً أن «ملف التنقيب والحفر المسؤولة عنه وزارة الطاقة، أما وزارة الأشغال العامة والنقل فهي الذراع اللوجستي لعملية التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9».
قضائياً، أصدرت الهيئة الاتهاميّة المناوبة في بيروت، المؤلّفة من القاضية ميراي ملاك رئيسة والقاضيَين محمد شهاب وفاطمة ماجد، قرارًا بقبول الاستئناف المقدّم شكلًا من رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، وفسخ قرار قاضي التّحقيق الأوّل بالإنابة في بيروت شربل أبو سمرا، والقاضي بترك المدّعى عليه حاكم مصرف لبنان السّابق رياض سلامة؛ ودعوته إلى جلسة الأربعاء المقبل في 9 آب الحالي.
وكان قد أنهى أبو سمرا أمس، استجواب سلامة، وتركه رهن التّحقيق.
من جهتها، استأنفت أمس رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، بواسطة وكيلتها القانونيّة المحامية برتا نعيم، قرار أبو سمرا القاضي بترك سلامة، وطلبت من الهيئة الاتهاميّة في بيروت توقيفه لأسباب عدّدتها في الاستئناف.
الأخبار
لغم ميقاتي في مشروع الاقتراض: بيع أصول الدولة
السياسة الأكثر رواجاً في بيروت الآن هي «شراء الوقت». الجميع يمضون في هذه اللعبة، بانتظار انتهاء العطلة الصيفية (شهر آب) وعودة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف – لودريان إلى بيروت أيلول المقبل. وسطَ هذا الستاتيكو الهشّ تزداد التعقيدات مُنذرةً بأزمة شاملة وخروج الوضع عن السيطرة، وليسَ أدلّ على المصير الذي ينتظر البلاد من الإدارة العبثية لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
ولا تزال مشكلة قوننة إقراض الحكومة تتفاعل، فبعد أن وعدَ الوزراء بإعطاء موقفهم النهائي من مسوّدة مشروع القانون الذي وزّعه عليهم ميقاتي خلال جلسة الثلاثاء الماضي قبلَ أن يعود ويرمي الكرة في مجلس النواب دافعاً إلى تقديم اقتراح قانون من النواب يجيز للحكومة الاقتراض، استكمل ميقاتي أمس محاولاته خلع المسؤولية عن ظهره، وطلب خلال الجلسة الوزارية من وزير المال يوسف خليل التواصل مع نواب الحاكم الأربعة لتحديد الطريق الأسلم لتغطية موافقتهم، إن كان من الحكومة أو من مجلس النواب. بينما يبدو الأمر مستحيلاً لسببيْن: الأول، السجال القائم حول مبدأ التشريع في ظل الفراغ الرئاسي، والثاني متصل بمصدر إعادة الأموال كما هو مذكور في نص المسوّدة. في هذا الإطار قالت مصادر وزارية إن «ميقاتي لم يناقش الموضوع في الجلسة مع الوزراء، وإنه تلقّى اتصالات من جهات حكومية لطلب تأجيل البحث، كونها لا تزال تدرس موقفها». ولفتت المصادر إلى أن «قوننة الاقتراض تفتقر للنصاب السياسي والدستوري في الحكومة كما في مجلس النواب. فلا الرئيس نبيه بري يريد أن تكون الهيئة العامة ممرّاً لهذا القانون، ولا حزب الله يؤيّد ذلك. حتى التيار الوطني الحر الذي أبلغ رئيسه جبران باسيل أعضاء في المجلس المركزي أنه يدعم مطلب النواب الأربعة، لكنّ موافقته أيضاً مشروطة بتمرير قوانين إصلاحية» (موازنة عام 2023، وقانون إعادة هيكلة المصارف، وإعادة الانتظام المالي، والكابيتال كونترول).
لا اتصالات سياسية حقيقية وجدّية بين القوى السياسية. وحده الحوار بين حزب الله والتيار الوطني يستكمل مسيرته وفقاً للتأكيدات الصادرة عن الطرفين
وقالت مصادر نيابية إن «أياً من الكتل النيابية لن تتجرّأ على تشريع سحب أموال المودعين حالياً»، خصوصاً أن «لا ضمانات من الحكومة لإعادتها». ورغمَ أن مشروع القانون الآتي من الحكومة أكّد أنها ستُستعاد، قالت المصادر إن هناك ثغرة متعلّقة بإعادة الأموال خلال 18 شهراً، حيث تشير المسوّدة إلى تأمينها من مداخيل الدولة أو تدخّل مصرف لبنان بائعاً وشارياً للعملات الأجنبية أو من أصول الدولة. وهذه الأخيرة هي المشكلة، ولا يُمكن التسليم بها ولا طرحها يبدو منطقياً، إذ هناك الكثير من الأسئلة المتعلقة بهذه الأصول ووفقَ أي صندوق، خاصة أنه لم يحدد عن أي أصول يتحدث كما لم تجر الموافقة بعد على ما يُسمى الصندوق الائتماني. وعليه بدأت أوساط سياسية تتخوّف من الذهاب إلى الشلل الكامل في حال امتناع المركزي عن إقراض الحكومة، وبالتالي فإن كل مدفوعات الدولة ستتوقف بما ينذر بكارثة، بينما عادَ الكلام عن إمكانية طلب بري من النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري الاستقالة .
أمّا بشأن الملف الرئاسي، فقد تراجعت بورصة التوقّعات حيال ما سيكون عليه الوضع بعد حوالي شهر، خاصة أن لا اتصالات سياسية حقيقية وجدّية بين القوى السياسية. وحده الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر يستكمل مسيرته وفقاً للتأكيدات الصادرة عن الطرفين. وأكّدت مصادر مطّلعة أن مقترحات باسيل لم تكن محل نقاش بانتظار أن يرسل رئيس التيار مقترحاته للقوانين التي يقترح إقرارها قبل التسوية الرئاسية، ولا سيما في ما يتعلق بمشروعَي اللامركزية الإدارية والصندوق الائتماني. بينما تقول مصادر في التيار إن «الأول باتَ منجزاً، وهو استند إلى مشروع اللامركزية المقدّم عام 2014 مع إدخال بعض التعديلات عليه، بينما لا يزال الثاني يحتاج إلى وقت».
في موازاة ذلك، طلب لودريان من القوى اللبنانية إعداد ورقة شروط للحوار ومواصفات لرئيس الجمهورية وإرسالها إليه. على أن يستخدمها لإعداد ما يفترضه جدول أعمال منطقي ومقبول من جميع الأطراف، على أن يحسم لاحقاً فكرة ما إذا كان الحوار سيكون على طاولة واحدة أو أن يتم على شكل مفاوضات ثنائية أو ثلاثية بين القوى المعنية. وهو موقف مرتبط بحوارات جارية مع أطراف رافضة للحوار مثل «القوات اللبنانية».
COMMENTS