اليمن ما بعد وقف الحرب على غزة : جهوزية للجولة القادمة

اليمن ما بعد وقف الحرب على غزة : جهوزية للجولة القادمة

“حتى لا يطير الغاز” في مصر ..
الوساطة الفرنسية والتصعيد الإسرائيلي
الصين وأزمة أوكرانيا: لا يمكن ضمان الأمن الإقليمي من خلال توسيع الكتل العسكرية

كتبتالأستاذة نوال النونو / صنعاء : يتحضر اليمن لمواجهة كل السيناريوهات المقبلة في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وبلغة واضحة لا لبس فيها، وبكل ثقة وتأكيد، رسم السيد عبد الملك الحوثي معالم المرحلة المقبلة، واستراتيجية اليمن للتعامل مع المستجدات، ولا سيما ما يتعلق بالعدوان الصهيوني على قطاع غزة، مؤكداً أن “اليد على الزناد”، وأن العدو الصهيوني إذا عاد إلى التصعيد، ولم يلتزم بهذا الاتفاق، فإن العمليات العسكرية اليمنية ستعود من جديد لإسناد غزة.

هذه فيما يتعلق بهذه المرحلة، أما بخصوص الاستراتيجية، والمدى البعيد، فإن السيد الحوثي قد ربط المصير اليمني بالمصير الفلسطيني، وبمعنى أوضح فإن أي عدوان صهيوني على فلسطين، سيكون اليمن حاضراً في المعركة، وبإسناد أكبر مما حدث في هذه الجولة، ولهذا يطلق السيد الحوثي عبارته الشهيرة “لستم وحدكم، فالشعب اليمني معكم حتى تحرير كل فلسطين”، وفي هذا تأكيد على أن اليمن الذي خاض هذه المرحلة من الصراع والإسناد مع فلسطين، قد أسس لنفسه قاعدة ذهبية، بأنه سيكون حاضراً في الجولات القادمة، ولن يترك فلسطين للهمجية الصهيونية.

مواصلة النفير العام وتطوير القدرات العسكرية

وبموازاة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، يؤكد السيد عبد الملك الحوثي أنهم سيواصلون تطوير القدرات العسكرية، معللاً ذلك بأن العدو سيسعى إلى تطوير قدراته العسكرية للاستعداد للمعركة المقبلة، ولهذا يبين السيد عبد الملك أن المسار هو مسار تطوير وتصنيع، وعمل في كافة المجالات، لأن الأعداء لا يهدأون، وهم سيبذلون كل جهد ضد فلسطين والجبهات المساندة في محور المقاومة، مؤكداً أن ما حدث هي جولة من جولات الصراع، وأنه لا بد من جولة قادمة، وهي حتمية، وعلينا الاستعداد الجيد لها.

ولهذا، ومنذ الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة، أوقف اليمن عملياته العسكرية في عمق كيان العدو، وفي البحر الأحمر، كما أطلق سراح طاقم سفينة “جلاكسي ليدر” والذين كانوا محتجزين لديه منذ الاستيلاء على السفينة الإسرائيلية في 19 نوفمبر 2023م، لكنه يمضي في الوقت ذاته في التأهيل والتدريب، ولم يوقف مسار التعبئة العسكرية للشعب اليمني، مؤكداً أن هذا المسار سيكون بوتيرة أعلى وأقوى من ذي قبل.

ويمكن القول إن اليمن استطاع خلال معركة “طوفان الأقصى” تدريب أكثر من مليون يمني على القتال، في دورات نوعية أقيمت في عدد من المحافظات اليمنية، ولكل موظفي الدولة، ما يعني أن الجميع الآن بات في وضعية القتال، ولديه خبرة في كيفية التعامل مع الأسلحة، وفي تكتيكات الدفاع عن النفس، والهجوم، والتعامل مع كافة الوسائل القتالية.

 

الاستعداد لأي سيناريوهات أخرى

وبناء على ما سبق، يدرك اليمن أن هناك مخاطر كبيرة ومتعددة في طريقه، وأن الأعداء الأمريكيين والإسرائيليين، والتحالف السعودي يترصده، ويبحث عن فرصة للانتقام منه، وأن السعودية وعدم جنوحها للسلام لا تزال تشكل الخطر الأكبر خلال المرحلة المقبلة.

ما يؤكد على هذا الكثير من الدلائل والمؤشرات، من أبرزها عدم التوقيع على خارطة الطريق التي كانت منجزة قبل معركة “طوفان الأقصى”، وصعود دونالد ترامب إلى السلطة، وهو عامل مشجع للمملكة للمضي في إيذاء اليمن، والاستمرار في العدوان عليه.

مساء الأربعاء الماضي، وبعد اتصال جرى بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أصدر الأخير قراراً بإعادة تصنيف “أنصار الله” منظمة أجنبية إرهابية، وهو قرار كان قد اعتمده ترامب في الأيام الأخيرة لفترة الرئاسية السابقة، وعند صعود بايدن تم شطبه، والآن يتم إعادته من جديد.

غير مستبعد أن يكون ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد رمى مجموعة من الاشتراطات على طاولة ترامب، مقابل منحه مبلغ 600 مليار دولار كما يتم تداوله، ومن ضمن ذلك، تصنيف “أنصار الله” على لائحة الإرهاب، لكن ما لا يدركه السعودي والأمريكي، أن المخاطر والأضرار على اليمن ليست كبيرة، وأن واشنطن تتعامل بالفعل مع “أنصار الله” باعتبارهم “إرهابيين”، وهي تفرض عليهم عقوبات من وقت إلى آخر، وآخرها العقوبات على البنوك الداخلية في صنعاء.

لقد وضع بن سلمان نفسه مرة أخرى داخل الصندوق، وفضل البقاء في أعلى الشجرة، غير مستوعب للأحداث والدروس التي حدثت في معركة “طوفان الأقصى” والإسناد اليمني فيها، معتقداً أن أمريكا ترامب، ليست كأمريكا بايدن، وأنها ستتعامل مع اليمن بكل قوة وبطش.. لكن السؤال الذي يمكن أن يوجه لبن سلمان: وماذا فعلت أمريكا في اليمن منذ عدوانها في 12 يناير 2024م؟ وماذا فعلت حاملات الطائرات والبوارج وطائرات الشبح وقاذفات بي 52؟

كل المراقبين للأحداث بما فيهم الخبراء والمحللين الأمريكيين أنفسهم يؤمنون أن أمريكا فشلت في اليمن منذ أكثر من عام، كما فشل التحالف السعودي الإماراتي خلال 10 سنوات، هذا يعني أن أي مغامرة سعودية قادمة في اليمن لن تفلح، وسيكون مصيرها الفشل، والضرر الكبير للطاقة السعودية، وهو ما أكد عليه عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي الذي قال قبل أيام في تصريح صحفي إن لدى اليمن الآن صواريخ دقيقة لا تخطئ هدفها، وأن على السعودي أن يتعقل، وألا يغامر في سوء تقدير جديد باليمن.

كل التوقعات أن يعود الاصطدام السياسي من جديد بين اليمن والسعودية في الفترة المقبلة، فاليمن لا يزال في حالة حصار سعودي، فالسعودية لا تسمح سوى برحلات محدودة عبر مطار صنعاء من  وإلى الأردن، كما أن ملف الأسرى لا يزال معطلاً، وملف صرف رواتب الموظفين وتعويض اليمنيين من الحرب متوقف،  وهذه الملفات لا يمكن السكوت عليها اطلاقاً من قبل القيادة اليمنية التي صبرت كثيراً على النظام السعودي، ولذا نرى أن اليمن مقبل على تطبيق المعادلة التي أطلقها السيد عبد الملك الحوثي قبل فترة “المطار بالمطار” و”البنوك بالبنوك”، وعلى الباغي تدور الدوائر.

نوال النونو، صحفية عربية من اليمن

‏الجمعة‏، 09‏ شعبان‏، 1446 الموافق ‏07‏ شباط‏، 2025

Please follow and like us:

COMMENTS